محمود درويش: ذاك العاشق الفلسطيني الذي جعل قلوب الناس جنسية له

إعلان الرئيسية

الصفحة الرئيسية محمود درويش: ذاك العاشق الفلسطيني الذي جعل قلوب الناس جنسية له

محمود درويش: ذاك العاشق الفلسطيني الذي جعل قلوب الناس جنسية له

                                                                                                                                                          شكرا لتونس ،
 أرجعتني من حبها سالما
فبكيت بين نسائها في المسرح البلدي
حين تملص المعنى من الكلمات
كنت أودع الصيف
 كما يودع شاعر أغنية غزلية
ماذا سأكتب ؟؟؟
بعدها لحبية أخرى إذا أحببت ؟؟؟
في لغتي دوار البحر
في لغتي رحيل غامض من صور
لا  قرطاج تكبحه
 ولا ريح البرابرة الجنوبيين

كنّا هناك في المسرح البلدي وكان يلقي كلماته بسحر خرافي وحضور لا يضاهى.
كنا نصغي بشغف ولهفة ولم نكن نعلم انه القصيد الأخير والأمسية الأخير وان العاشق الفلسطيني كان يودعنا وينثر كلماته  العاشقة الأخيرة في حب تونس التي بادلته الحب بأكثر منه.
كنا تحت وقع السحر والدهشة وكان درويش يودعنا كنا مثقلا بأوجاع الوطن  وكان قلبه الجميل مترعا  بحكايات كثيرة لم تكتمل احتضنا ورحل ذات صيف.
لا احد منا نحن أو هو كان يدرك أننا نقف على حافة الفراق الأبدي كانت خطواته واثقة ولكنها ثقيلة كان مرهقا ولكن تأثيره لا حدود له في الذين حضروا أمسيته الأخيرة في المسرح البلدي بتونس.
هو درويش الذي حمل ألينا فلسطين صورة ورمزا /  وطنا وقضية /  ذاكرة وحاضرا / ملحمة وهوية يتقاطع فيها الشعري والواقعي.
لم يعرف الشعر أجمل ولا أروع من درويش
مالح طعم الشعر والأغنيات في غياب  سيد الكلمات الذي تربطنا  به رابطة  الحبر والوطن.


عشر سنوات مرت على رحيله ذاك الرحيل الفاجعة الذي صدمنا يوم 9 أوت أغسطس  2008 وتناقلته وكالات الأنباء وسط ذهول وصدمة وكأننا نظن أن الشعراء لا يرحلون وربما كنا نعتقد في لاوعينا أن هذا الكائن الجميل خالد. لكن القلب المترع بالوجع أرهقه اثر العملية الجراحية فرحل في مستشفى بالولايات المتحدة الأمريكية.
وبعد غربة دامت عقود ومنفى يسلمه إلى منفى عادت رفاته لتستقر أخيرا في الوطن المسلوب فنبت قبره في تلك الأرض ويزهر ” كزهر اللوز أو أبعد ” تاركا الشعر العربي يتيما كما عشاقه.
ووحده مارسيل خليفة بكاه ورثاه بشكل اسر وهو يردد باكيا ومحتضنا جثمانه : “ احبك أكثر”



هو درويش الذي نحت معرفتنا بفلسطين التي تحولت  من قطعة ارض على خارطة مسلوبة  إلى أنشودة وقصيدة. وهو الشاعر الذي شكل وجداننا ووعينا.
هو المخلص للقصيدة التي لم يرتض لها شريكا ولم يترك مجالا لأحد لينافسها على عرش قلبه ولم يدع مكانا لغيرها في وقته فقد منحها عمرها بسخاء.
ومنحه الشعر المجد والخلود فلم يعرف شاعر من شعراء الضاد بعد المتنبي إشادة نقدية وإعجابا جماهيريا منقطع النظير غير درويش حتى نزار قباني لم يكن شعره يروق لكثير من الأكاديميين رغم جماهيرته الواسعة.

مع المفكر الفلسطيني ادوارد سعيد


كيف نشفى من حب درويش ؟؟؟  سؤال يبحث عن إجابة تائهة  واستعارة من شعره العظيم وهو القائل في وداع تونس التي قال انه البلد الوحيد الذي خرج منه الفلسطينيون غير مطرودين وودعهم أهله بالورود والدموع :

كيف نشفى من حب تونس الذي فينا مجرى النفس
لقد رأينا في تونس من الألفة و الحنان والسند السمح ما لم نره في أي مكان آخر
لذلك نخرج منها كما لم نخرج من أي مكان آخر
نقفز من حضنها إلى موطئ القدم الأول
في ساحة الوطن الخلفية
بعدما تجلت لنا فيها
في البشر و الشجر و الحجر
صور أرواحنا المعلقة كعاملات النحل على أزهار السياج البعيد
فهل نقول لك شكرا
لم اسمع عاشقين يقولان شكرا
و لكن شكرا لك لأنك أنت من أنت
حافظي على نفسك يا تونس
سنلتقي غدا على ارض أختك فلسطين
هل نسينا شيئا وراءنا
نعم نسينا
تلفت القلب
وتركنا فيك خير ما فينا
تركنا فيك شهداءنا الذين نوصيكم بهم خيرا

التصنيفات:
تعديل المشاركة
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

لست ربوت

Back to top button