من منكم لازال يتذكر مسيرة احتجاجية للحفاة في شوارع العاصمة؟. مسيرة شباب رائع أرهق وزارة الداخلية في لعبة شبيهة بلعبة توم وجيري في شوارع وأزقة العاصمة…
شباب طفح به الكيل، لكنه لم يستطع الاستسلام لقدر البطالة وواقع “بّاك صاحبي” وواقع الرسكلة المهنية le recyclage، حيث تحول أغلبهم إلى “بروليتاريا رثة” كما كنا نسمي ذلك تهكما…
واقع مر تحول فيه أصحاب الشواهد العليا إلى بائعي سجائر بالتقسيط، وبائعي منظفات ومعجون أسنان أو”فراشة” في الشوارع والأزقة، لكنهم لم يستسلموا…
كان ذلك حدثا طريفا تحول الى مادة دسمة في الصحف اليومية…
على إثر يوم شاق من النضال نال فيه التعب والجوع من الشباب… استسلموا جميعا لنوم عميق في المعتصم الليلي… فما كان من الداهية البصري، إلا أن خطرت له فكرة جهنمية… وهي سرقة أحذية هؤلاء المساكين، إمعانا في قهرهم بعد أن قهروه بالاستماتة في المواجهة والنضال دون كلل أو ملل …
وقع الحدث على إثر يوم شاق من النضال، نال فيه التعب والجوع من الشباب المعطل خلال سلسلة معارك يومية مع قوى القمع في الشوارع وأمام مقرات الوزارات… حيث استسلموا جميعا لنوم عميق في المعتصم الليلي وهم في حالة عياء شديد…
فما كان من الداهية البصري، الذي كانت عينه لا تغفل عن أية صغيرة أو كبيرة، إلا أن خطرت له فكرة جهنمية… وهي سرقة أحذية هؤلاء المساكين، إمعانا في قهرهم بعد أن قهروه بالاستماتة في المواجهة والنضال دون كلل أو ملل …
عندما استيقظوا صباحا وتفطنوا للمقلب قرروا… أن مسيرة الألف ميل نحو الوظيفة العمومية تبدأ بخطوة حافية، فزادت معاركهم شراسة مع ما كان يسمى بـ “أم الوزارات”…
الآن… أغلب هؤلاء الشباب والشابات الرائعين، نجحوا في الالتحاق بالوظيفة العمومية في مختلف القطاعات، واستطاعوا توفير لقمة العيش لهم وعائلاتهم بكرامة. وقد نالوا تعاطف المجتمع والإعلام رغم كيد الكائدين.
كانوا بحق أشاوس سليلي تربية الاتحاد الوطني لطلبة المغرب ممن ينعتونهم ظلما بالعدميين.
يحسب لهؤلاء لا لغيرهم من الانتهازيين من أصحاب الرسائل الخفية والمعلنة” المتعاونة”، أنهم انتزعوا حقوقهم بالنضال، وحولوا شارع محمد الخامس أمام البرلمان ومقر الاتحاد العام للشغل إلى محج موسمي للاحتجاجات الأكثر شراسة وإصرارا في مواجهة السياسات الاقصائية لأغلب أبناء الفقراء بدون تمييز، لأنهم استطاعوا أن يؤسسوا أكبر إطار جماهيري مدني جمعوي بنفس نقابي احتجاجي… وهو “الجمعية المغربية لحملة الشهادات المعطلين”. حيث استطاع كثير من أبناء الشعب المغربي من خلاله الحصول على شغل بكرامة …
في أشد حالات الحزب ضعفا وتراجعا…. ظل “زعيمهم” وفيا لخطه التأسيسي القائم على عرض “الخدمات” لأولياء نعمته، منذ رسالته للبصري إلى… أن أصبح يقوم اليوم باللايفات لإرسال رسائله “الخدماتية” المبايعة لمن يهمهم الأمر…
اما أصحاب الرسائل والصفقات السياسية من تحت الطاولة، الذين كانوا يصطادون في المياه العكرة للنيل من شرفاء المغرب، فماذا قدموا لأبناء الشعب المغربي؟
ماذا قدم زعيمهم “بنزيدان ” كما أصبح اسمه الرمزي لدى المواطن العادي، نسبة إلى نهجه غير المسبوق في الزيادات في الأسعار والضرائب …إلخ؟
إنه يهرب من سؤال تقديم الحصيلة أو”الحصلة”، فلا يجد ما يتباهى به أمام المغاربة من إنجازات… غير أنه هو من” نظف” الشارع من كل الأشكال الاحتجاجية، وقضى على كل نفس احتجاجي بالإضراب للشغيلة والموظفين، رغم أنه حق دستوري لا غبار عليه… بل إنه قضى حتى على أحلام فتح باب الترقي الاجتماعي والوظيفة العمومية أمام أبناء القاع، خارج الانتهازية الحزبية لأبناء الأهل والعشيرة وثقافة “التبنديق”…
في المقابل… فتح الباب أمام التأسيس لنهج الوظيفة بالعقدة، خدمة للرأسمالية المتوحشة. بل إنه حتى وهو في أشد حالات الحزب ضعفا وتراجعا…. تهزه عواصف الفضائح المتوالية، ظل وفيا لخطه التأسيسي القائم على عرض “الخدمات” لأولياء نعمته، منذ رسالته للبصري الى… أن أصبح يقوم اليوم باللايفات لإرسال رسائله “الخدماتية” المبايعة لمن يهمهم الأمر…
لست ربوت