يوم أحرج البصري الإدريسي القيطوني
يحكي خالد الجامعي عن واقعة شهدها بنفسه متعلقة بتنظيم الإدريسي القيطوني الذي كان مدير نشر جريدة لوبينيون آنذاك ندوة صحفية رفقة أحمد اليازغي في مقر النقابة الوطنية للصحافة، العجيب أن إدريس البصري كما يحكي الجامعي كان حاضرا رغم أن جريدة الإتحاد الإشتراكي كانت محظورة من طرف وزارة الداخلية ، وعند الانتهاء من الندوة التي أعلن فيها وزير الداخلية رفع الحظر عن الجريدة ، خاطب البصري وهو يهم بالمغادرة الإدريسي القيطوني قائلا « الإدريسي، هل قضيت مصلحتك التي أتيت من أجلها إلى الوزارة صباحا ؟ » فانقبض قلب الرجل وأجابه وملامح الصدمة بادية على محياه « نعم » ليعقب إدريس « إذا احتجت أي شيء فلا تتردد » ، يقول الجامعي » بذلك أحرج البصري، القيطوني إحراجا شديدا وقضى عليه أمام الجميع » .
إدريس البصري ينتصر لرجل خذله موظفوا الداخلية
رغم صبغة التنافر التي طبعت علاقة الصحفيين ، وإدريس البصري ، فمواقف التعاون بين الإثنين ومساحات الإلتقاء بين الرجلين ليست منعدمة ، بل هي حاضرة في غيرما حدث ، نسوق منها قصة الرجل الذي أوشك على الإنتحار لولا تدخل أحد الصحفيين وإدريس البصري ، يحكي أحد صحفي لوبينيون إذ ذاك للمساء » كان لأحدهم مشروع بشراكة مع وزارة الداخلية ، عقب الإنتهاء منه توجه صوب الوزارة ليتسلم نصيبه المتمثل في مبلغ « المليار سنتيم » فاعترض عليه مسؤول في الوزارة طالبا منه رشوة بقيمة مائة مليون سنتيم ، صدم الرجل وأحس بالظلم فأخذ يطرق جميع الأبواب ويراسل كل المسؤولين علهم ينتزعوا له حقه ، للأسف لم يكترث له أحد ، لما أضناه البحث آلَ إليَّ محزونا مكلوما محملا بمجموعة من الرسائل كان قد أرسلها إلى مسؤولين كبار في الدولة وإلى مستشارين للملك ، من بينهم أندري أزولاي الذي بعث هو الآخر برسالة إلى الوزير لم يجبه عليها ، في رسالة الرجل الأخيرة يهدد بالإنتحار إن لم تُحل مشكلته ، نشرت مقالا بينت فيه ضرر الرجل ونبهت وزير الداخلية إلى خطر إقدام الرجل على الإنتحار ، اتصل بي البصري صباح اليوم التالي قائلا بلكنة أهل الشاوية المعهودة « أمالك تاني ، شكون هادا للي خداو ليه فلوسو » ، فشرحت له الموضوع بالتقصيل مما جعله يطلب مني إخبار الرجل بزيارته في مكتبه صباح الغد عند الثانية عشر والنصف زوالا ، أخبرت الرجل فلم يصدق مسمعه وأجابني « أنا لم أرَ في حياتي سيارة البصري ، وأنت تقولي لي إنه يطلبني في مكتبه ، أتسخر مني ؟ » أكدت له الأمر ورفعت همته ، وكذلك فعل ، قدم إليه المخزنيُّ عن الوقت المحدد تماما ليخبره إن الوزير في انتظاره ، يقول الرجل المظلوم « عند دخولي وجدت البصري متوسطا مجموعة من الخدم والموظفين من بينهم الرجل الذي طلب مني الرشوة ، فسلمت وأنا لا أصدق نفسي ، شرحت له الأمر ، فصرخ في وجه الموظفين معاتبا إياهم على التماطل في أداء حق المواطنين ، وأمر في الحين بإحضار المبلغ ، فلم تكد تمر خمس دقائق حتى أحضروا الشيك ، وقبضته ثم شكرته وانصرفت غير مستشعرا ماذا أفعل ولا كيف فعلت » .
البصري يصرخ في مكتبه : « خرج عليا »
حينما كان خالد الجامعي صحفي في جريدة ‘لوبينيون’ كتب مقالا يشخص فيه المشهد السياسي وكانت الإنتخابات التشريعية وشيكة ، المقال تضمن نقذا لاذعا لجميع الأحزاب التي اعتبرها الجامعي صنيعة الدولة ، كما اعتبر الخزن هو المتحكم الوحيد في دواليب الحكم .. أطلع أگديرة البصري على المقال فغضب غضبا شديدا وأمره بمنع نشره ثم أرسل في طلب صاحبه ، فحدث ما يحكيه الجامعي نفسه » بعث إلى البصري مع امعنينوا الذي كان مكلفا بالصحافة في وزارة الداخلية ، فذهبت إليه وشيء من الخوف يكتنفني، عند دخولي مكتب الوزير فاجأني كبر مساحته وبهرتني الهالة المحيطة بالرجل، مايزيد عن خمسة عشر مترا من الباب إلى كرسي البصري كافية لإفشال الزائر وهزمه معنويا ، قال لي أول ما قال، « من أنت ؟ » فأجبته « إنك تعرفني جيدا، أنا خالد الجامعي » جلست على كرسي جد منخفض مقارنة مع كرسي الوزير المرتفع، خاطبني بنبرة منفعلة « بحالك را طحنتهم أنا » قمت من مقعدي ورددت على قول الوزير بجرأة لم يتصور يوما أن أحدا سيخاطبه بها، سيما داخل مكتبه ، وكنت موقنا أنها فرصتي الأخيرة ، لم يتمالك إدريس نفسه فأخذ يصرخ « خرج عليا ، خرج عليا « ، خرجت وأنا أترقب
أن يفعل بي أي شيء ، لكن لحسن الحظ لم يحدث شيء مما وقع في خلدي »
لست ربوت