في بلدي، وفي عز احتفالهم بمناسبات يفترض أنها وطنية ويفترض أنها تحتفي بهم، يكتشف المغاربة عادة، أنهم يحملون وصف “الرعايا”.
في تلفزاتهم وقنواتهم وفي كل الخطاب الرسمي الذي يرافق المناسبة حينها، يكتشف المغاربة أنهم رعايا، وأنهم لا يحتفلون بتلك المناسبة كمواطنين، بل… فقط يسعدون بها لأنهم رعايا، وأن تلك السعادة التي يشعرون بها… هي فقط منحة، ما كانت لتتحقق لهم، لولا أن الأقدار منحتهم شرف أن يكونوا… رعايا.
تعودنا في بلدي … أن نكون أنصاف حقيقة،
أنصاف مواطنين،
وأنصاف رعايا،
وتعودنا في المقابل أن نكون كذبة.
حتى وصف رعية في بلدي، صار يحيل على بشر من “الدرجة الثانية” … أما الصفوف الأولى، فهي لرعاع أتقنوا اللعبة.
وتعودنا أن نواجه كل معضلات البلد بـ… أنصاف حلول.
… وتعودنا أن نعيش نصف حياة… بكامل الموت.
لكن…
في عز خيباتنا… في عز أنصاف الوطن الذي كان “ممنوحا” لنا، كان فينا أمل كامل، وكان بنا حلم كامل.
كان… في بلد الرعايا، أفكار حرة تسمو على نصف الموت، وكان بيننا، نساء ورجال ترجموا قول المغاربة الطيبين “رجل ونص”، فكنا في عز نصف الوطن، نمتلك كل الوطن، وكنا… في نصف حياة نعمر دهرا، وكانت السجون والمعتقلات… وطنا يستحق الحياة.
لكن…
لأن بعضهم استكثر علينا ذلك، انتهينا إلى حيث لا نصف حياة ولا نصف وطن… ولا نصف كذبة حتى.
انتهينا إلى حيث نهاية صبرنا، كائن مثل بنكيران، يعيش “تحت البغل وفوق الحمار”، ليحمل معه كل أحلام البلد إلى ما تحت “الدحش”… “الدحش اللي خاصو بزاف باش يولي أصلا… حمار”
وانتهينا… إلى حيث أخنوش بديل …
بديل ديالاش؟ … بديل لقائم، هو وحزبه وتاريخ فبركة حزبه… وكل الجوقة التي ترقص اليوم في حضرته، هويته وحمضه النووي.
وانتهينا… إلى حيث نزار البركة رقم، والعنصر … “باقي كاين”.
… انتهينا إلى حيث النهاية اسمها “إدريس لشكر”… وليس بعد إدريس لشكر شيء. حتى الخواء ينعدم.
انتهينا إلى حيث النسيان… اسمه بنعبد الله.
ومع كل هذا الخواء…
لم يشفع للرعايا شيء،
كان لابد للرعايا من عنوان… من “نخبة” تقودهم إلى حيث ليس تحت الرعايا إلا… الرعاع.
والرعاع اليوم، “نخبة”…
يختلفون، فنكتشف بهم ومعهم، عدد المسروقات التي اقترفوها في ما بينهم، وعدد السرقات التي مارسوها ضدنا… نكتشف في اختلافهم مع بعض، أنهم فاوضوا في السر، وعقدوا الصفقات في السر، وأخذوا الثمن في السر…. وأنهم باعونا والبلد في العلن.
و”قادة”،
وأصحاب قرار.
حتى وصف رعية في بلدي، صار يحيل على بشر من “الدرجة الثانية” … أما الصفوف الأولى، فهي لرعاع أتقنوا اللعبة.
رعاع… تملكوا أراضي المغاربة بثمن رمزي… كما هو رمزي وصف الكارثة هنا بمنحة لخدام الدولة، إذ دولة تتحول إلى تاجر عقار، وتفوت ما ليس ملكها لمن لا يستحق تملكه… يصعب أن تكون دولة.
رعاع… استولوا على خيرات الرعايا، في البر والبحر… في مقالع الحجر والرمل وما في بطن الأرض والبحر.
رعاع… حولتهم السياسة إلى “شناقة مواقف”، وحولهم الخواء إلى كبار ملاك… وأصحاب ثروة.
رعاع…نكتشفهم بين الفينة والأخرى، حين يختلفون في ما بينهم… فيظهر المسروق…
يختلفون، فنكتشف بهم ومعهم، عدد المسروقات التي اقترفوها في ما بينهم، وعدد السرقات التي مارسوها ضدنا… نكتشف في اختلافهم مع بعض، أنهم فاوضوا في السر، وعقدوا الصفقات في السر، وأخذوا الثمن في السر…. وأنهم باعونا والبلد في العلن.
أن الذي كان يربط بينهم… تمويلات من هنا ومشاريع من هناك… وكثير من مناصب وزعت على المقاس.
نكتشف… في كل مرة، أنه كلما اختلف اللصوص، ظهر المسروق.
رعاع… تملكوا أراضي المغاربة بثمن رمزي… كما هو رمزي وصف الكارثة هنا بمنحة لخدام الدولة، إذ دولة تتحول إلى تاجر عقار، وتفوت ما ليس ملكها لمن لا يستحق تملكه… يصعب أن تكون دولة.
وأنه … كلما ظهر المسروق، ظل السارق حرا.
وظل ضحية السرقة… مسروقا.
لكن…
لحسن الحظ، لازال في هذا البلد بعض من أمل.
لازال فيه بعض من نصف حقيقة… وكذبة ونصف.
وسط كل هذا الخراب الذي يجاورنا، شاءت الأقدار أن تمنحنا بعضا من فرح.
فحين يضرب برلماني من “البام” رئيس حزبه “بنشماس” بـ “راس” لأنه لم يوف بوعده له في تقسيم غنيمة المناصب في البرلمان. حين يرسل البرلماني رئيس حزبه إلى المستعجلات لأنه لم يحترم صفقة تقسيم الغنيمة…
حينها فقط، تقول … كان بيننا وبين الهاوية خطوة، فخطوناها…
وحين تعلم أن وزير الكراطة أوزين، الذي تعيله سياسيا حماته… قد أصبح أخيرا مستقلا عن حماته، لأنه تعارك بالأيدي مع برلماني من حزبه… بسبب تقسيم غنيمة مناصب أجهزة البرلمان…
حينها فقط تقول…
لقد انتهى زمن الرعايا
وانتهى زمن الرعاع…
انتهى الزمن الذي كان المسروق يظهر حين يختلف السارقون.
انتهى… زمن الخواء والعدم، إذ ليس بعد الخواء شيء.
… وهذا بعض من كلام.
لست ربوت