دخل أو يكاد يكون معظم التلاميذ قد ولجوا أقسامهم في انتظار أن تأخذ العملية المدرسية برمتها طريقها نحو الأمام ..نحو التحصيل والمثابرة والإجتهاد والإرتقاء والتحول المجتمعي بشكل من الأشكال .
صليت اليوم بواحد من المساجد القريبة من بيتنا ،وكعادتي آتي متأخرا وأسند وجهي إلى جهة الغروب متكئا على سور المسجد ،على اعتبار أن داخله يكون ممتلئا وأركانه غاصة بالمصلين ،فأضطر كعبد متواضع ستأكل عظامه يوما ما "دابة الأرض" (سورة سبإ).أن أجلس إليها بالقرب من الذين افترشوا ما جاؤوا به من بيوتهم ليصلوا عليه..فيهم الشباب والأطفال والرجال وجلهم فقراء مستضعفون حالهم كحالي شكلا ،إنما بمضمون مختلف بعض الشيء ؟ !
انتبهت إلى درس اليوم وكان حول مؤسسة الأسرة والمدرسة ودورهما في مستقبل الأجيال بهذا البلد ،والدرس جيد في هذا المقام وهذه الأيام .
استمعت كالعادة بنكهة تفسيرية اجتماعية فلسفية ذات أبعاد رمزية دلالية مادية وتاريخية وأخلاقية ..انتهى الإمام وانتهينا معه من يوم جمعة في انتظار جمعة قادمة ودرس أخر .
غادرت وكالعادة بحثت عن ما سأتناوله في مقال للرأي ، لأنه يصعب اختيار الموضوع الذي يغرقك لأيام وساعات في التفكير ..وتتصفح كثيرا وتقرأ وتنام وتتوجع تم تأتيك فكرة مصابة بالكساح أو مجنونة. فتختار الأسهل والأبسط والأضمن..فليس كل ما نتخيله نستطيع الكتابة بشأنه حتى ولو كان دو حجة بين الناس ووجيها ..هناك ضوابط لكل شيء.
تذكرت وأنا آفل و راجع حديث الإمام عن مؤسسة المدرسة والأسرة ،وعدت مباشرة إلى "بيير بورديو" واستبليت" و"بودون" ،وأمم من المفكرين الاجتماعيين الذين تناولو ا هاتين المؤسستين .وتذكرت كراسي المدرج والأساتذة الذين درسونا بشكل معزول كل مادة بأستاذ - المؤسسات الاجتماعية والمؤسسات السياسية - في مسلك علم الاجتماع ..وقلت بأن العلوم يمكنها أن تخرج من الجامعة إلى المسجد إلى أدنى الأرض ومن تم إلى أعلاها في إطار معين وأدوار محددة ..وأن الكل يمكنه أن يتفاعل في هذا المضمار مع صعوبة الفصل بين ما هو خاضع للعلم بنظرياته .وما هو مرور للكرام ودرس في الأخلاق والتمرين على التواصي بالحق داخل البنيات التي يؤطرها اليوم الهاجس الاقتصادي والسياسي والثقافي والأمني ،ومجال واسع من التخصصات والإهتمامات النظرية والمهنجية العلمية الواسعة .
ما سمعته بالدرس هو ملامسة الجوانب الأساسية في منهاج أي أمة تريد أن تزدهر ،وما عرفته بالجامعة علم قائم تؤسسه الأطروحات الغارقة منذ عقود في تفسير وتأويل وتبيان ماذا وكيف ومن؟ واستحالة الإحاطة العمومية بكل الأجوبة وقبلها الأسئلة المطروحة ..تناسيت وربطت الخط بدماغي بالأمس ،عندما ذهبت لشراء محفظة صغيرة وسألت عن ثمنها ووجدته لا يقل عن 80 درهما. "16 عشر ميا دريال"
وربطت بين أوضاع مجتمعية على مستوى إقليم قد لا يكفي فيه بالنهاية إجتماع المدير الإقليمي ،وتقديم النصيحة إلى المؤسسات وأربابها ومدرائها وباقي المصالح التابعة إلى نيابته بكل أقسامها ..وأن جمعيات الآباء لا تكفي في إسناد المهمات إلى بعضها البعض ولا جمع الانخراط من ذوي التلاميذ.. الآباء والأمهات والقربى ..وأن الأكاديمية وأدوارها وإصلاح دورات المياه والأقسام ومد الأسوار وتوفير الحراس الخاصين بالدراجات وملء خزانات النقل المدرسي الذي يتكلف حمل رجال الغد كله لا يكفي ؟
مع أنه ضروري إلى حد ما ..وهنا طرح لدي موضوعان سأتناولهما بالتدقيق .واحد وهو أنه قبل كل النصائح إلى الأسرة كمؤسسة قائمة بذاتها ،وقبل نصائح المدراء وباقي المتدخلين في العملية ..عملية إنتاج أو "إعادة الإنتاج" Reproductionبتعبير "بيير بورديو" علينا معرفة أن أصغر محفظة تساوي 80 درهما .
وعادة الأحلام فينا لها وجاهتها وشرعيتها لتتحقق لأنه ليس في اللسان عظم ..وليس في القلب موانع .بل هناك "الدافعية الإنسانية" إلى إمكانية أن يطير البشر إلى سبع سموات ..إنما الجاذبية إلى الأرض ملخص أساسي بأنه علينا أولا البحث في الواقع عن حجم الذين يريدون تدريب أبنائهم على الأقسام وليس لديهم ثمن محفظة جديدة..ثمن كراس وأقلام وبقية "المقدية " التي هي أغلى اليوم من اللحم بالنسبة للذين لم يتذوقوه إلا بالأعياد ..ومع ذلك عليهم إنكار طعمه والبحث عن الموارد لشراء لوازم المدرسة.
وهنا لدي انطباع أن كل المنتمين إلى مؤسسة الأسرة يريدون شق الطرق إلى مؤسسة المدرسة إنما كيف ؟
يحتاج الإنسان إلى النزول إلى المكتبات وسؤال كم تعادل ورقة بكامل لوازم طفل سيدخل القسم الأول الإبتدائي العمومي ..؟لا كلام عن المدارس الخاصة والأروضة وغيرها ..إن عدم شعور الجميع كأطفال بالقدرة على ولوج القسم بنفس "الرضا الذاتي " يصنع ما يطلق عليه في علم النفس ب"الخطاطة الذهنية" لدى الفرد الذي يصبح في سن معينة منتجا لأفكار بشكل" آلي" انطلاقا من تجاربه بالماضي ..راض أو حاقدا على المؤسسات الاجتماعية وأظن أن الباحثين في علم الإجتماع والنفس يعرفون مقاصدي جيدا .
خذ مثلا أنه وإلى غاية اليوم ستجد المتسامحين بحكم جهود أبائهم في اقتناء محفظة لهم كل بداية موسم لا تزال روائحها في "اللاشعور "الفرويدي ثابتة عندهم ..ولا يزالون قادرين على استرجاع تلك الرائحة بكثير من الرضا والإمتنان للوالد ..إنما الذين مشوا بأكياس "التحميرة " سيتذكرون أن جزءا مهدورا من طفولتهم ،حتى لو أصبحوا سفراء ووزراء إنما لا يقوم الوضع الراهن اعتلال عقدة "الطفولة ".
لنأخذ أطفال الرحامنة نموذجا ..سيتوزع داخل الفصل بين هذا الذي هو جديد من رأسه إلى أخمص قدميه ،وهذا الذي هو مرقع من كل جانب ..الأجيال الحالية ليست هي التي مشت إلى الأقسام عقودا خلت ونجحت ..لأن التفاوت لم يكن بالقدر نفسه ..اليوم علينا أن نرتب كل شيء وهناك الإمكانيات الموضوعة رهن الإشارة إنما كيف لها سبيلا ؟
في الخطاب الأخير للعاهل المغربي الملك محمد السادس تحدث عن الفئة القليلة في خطاب العرش وضرورة تجديد النموذج التنموي المغربي حين قال "ويعلم الله أنني أتألم شخصيا، ما دامت فئة من المغاربة، ولو أصبحت واحدا في المائة، تعيش في ظروف صعبة من الفقر أو الحاجة"
بالنسبة إلينا فالخطاب حمل بين طياته الحاجة الماسة إلى أطر تنتج حلولا وأفكارا ،والتعديل الحكومي المرتقب يروم الذهاب في اتجاه إعطاء المسؤوليات لمن يستطيع إنتاج الحلول بهذا البلد المحتاج إلى أبنائه .عودوا إلى نص الخطاب فهو مليء بالرسائل والوضوح والحكم وما يجب فعله في كل مؤسسات الدولة والمؤسسات المنتخبة .
لأقول أن مؤسسة الأسرة بالنهاية طامعة وطامحة إلى أن يعتلي أبنائها الكراسي من المهد إلى اللحد في جو للمعرفة لا ينتهي ..ومؤسسة المدرسة هي الأخرى مرحبة بفكرة أن يكون في جوفها أطفال بررة من أجل غد مشرق ..وهنا يحضرني أول بيت كتب على مدخل المدرسة الجديدة التي درست فيها الأقسام الأولى حيث يقول أحمد شوقي :
أنا المدرسة اجعلني كأم لا تمل عني
ولا تفزع كمأخوذ من البيت إلى السجن
والقصيدة معروفة بكاملها ،وأعتقد أن المدارس والأسر كمؤسستين أساسيتين في كل الدنيا لا ينقصهما العطف الأبدي إلى يوم القيامة .
إنما علينا أن تخيل أنفسنا في هذا البلد وأنه علينا بتجديد الروح كالتي سرت يوما في هذا البلد بعد استقلاله ،وشق طريق الوحدة ذي الأبعاد الرمزية الكبرى ..علينا أن نعيد صرح البناء من خلال مشاركتنا للغير القادرين على البوح بحاجة أبناهم إلى العجين والأقلام الملونة والمسطرة والمثلث ..فالأدوات بالنسبة للطفل بالقسم الأول هي بين الألعاب التي يعشق ،والتي تركها في البيت ومنعه منها يعد كارثة ..وبين ضمان تلك الأدوات بقسم جديد وكل شيء جديد قد يضعه في مقدمة المثابرين والمجتهدين والناجحين أو العكس ،ويعد بكثير من العطاء الجيد ،الذي يعيد إلى مؤسسة الأسرة والمدرسة وهجهما الذي أشار الخطيب بأن السنوات الأخيرة واليوم نعاني من انتشار الجريمة وما إلى ذلك ..مع أن الأمر إذا توسعنا يحتاج إلى محاضرات وجامعيين ومهتمين وعلماء لفك الظواهر وكذلك إلى أنثروبولجيين ...
في الختام بالرحامنة هناك الفوسفاط الذي يمنح بشكل غير "ممدود" وعليه بالمنح ،وأعتقد أنه لا يبخل .إنما عليه أسوة بما تناقلته وسائل الإعلام بإقليم الجديدة ومساهمته بمليار من أجل التعليم هناك ..بالرحامنة لا يحتاج الرقم إلى ملايير ..بل يمكن أن تتقدم المديرية الإقليمية للتعليم التي على رأسها أن يفهم أن الأمر لا يتوقف عند حدود الكرسي والابتسامة في الندوات واللقاءات ..الأمر ومطلب ملك البلاد أن يتوفر لدينا أفراد بإمكانهم العطاء ..ولو كان الأمر مجرد صور وكليشهات وتصفيق وتوزيع ابتسامات ..لوجدنا صور العثماني وحكومته وتصريحاته شفيعا له بكونه يشتغل ،وأن المغرب معه في أحسن الأحوال..وأن لا حاجة إلى تعديل حكومي ولجنة لتجديد النموذج التنموي .
الإستهلاك اليومي الجارف للصور وأطنان التنميق والدعاية الفارغة وأي وسيلة أخرى لا يغني عند الدولة التي لديها أجهزتها وخبرائها ومجالها الحيوي لمعرفة من عليه البقاء ومن علي أن يروح إلى حال سبيله أو إلى أي مكان من مسؤولي هذا البلد .
المغرب يريد أفراد همهم البحث عن الحلول في كل شبر..والمجلس الإقليمي بالرحامنة عليه مسؤولية التنمية القروية وما سواها من اختصاصات رئيسه الدستورية الواسعة ،و سنتناول هذه المؤسسة في مقال قادم سنسعى فيه إلى تفكيك رصين لأدوارها انطلاقا من الظهير الشريف المؤرخ ب7 من يوليوز 2015 بتنفيذ القانون التنظيمي رقم 112.14 المتعلق بالعمالات والأقاليم .. فأسلوب تعاطيها يذكرني ب"بابا الفاتيكان" الصمت والمباركة ولا شيء سواهما .
الرحامنة بإمكانها أن تحصي المتمدرسين بالمعطيات الميدانية ..الراسبين والناجحين والهدر وما لا أفهم فيه ،إنما يفترض أن الجهات الوصية لديها الأرقام ..الرحامنة اليوم فيها جامعة وعلى الناشئة هنا أن تتعلم كي تدخلها بجدارة ،والجماعات المنتشرة بتراب هذا الإقليم عليها أن تبحث في كل شبر عن من ليس لديه إمكانية شراء محفظة جديدة كما يفعلون في مواسمهم .ويستطيعون جمع مؤونة التبن وأكل الأفراس والخيول وشربهم وبارودهم ولحم الذبائح للفرسان وكراء الخيام .. والتنشيط وجلب الفرق الموسيقية والخيالة والإنفاق بكرم سياسي لدواعي تهمهم ..عليهم ببدل نفس الجهود ..وعلى البرلمانيين ببدل نفس الجهود وجر المبادرات من أجل الإعانة في توفير دخول مدرسي ناجح للأسر المعوزة الفقيرة ،دون الحديث على أن رقم 36 ألف درهم شهريا يمكن تلطيف الأجواء بجزء قليل منها ،ومساعدة الذين يحتاجون من باب التضامن الآلي والحكامة المحلية بما تيسر.ولأن أبا وأما يسرها أن ترى ابنها ذاهب إلى القسم عائد منه كأقرانه..كون محفظة ب80 درهما تستحق منها ومنه نفس الاهتمام ..
انتبهت إلى درس اليوم وكان حول مؤسسة الأسرة والمدرسة ودورهما في مستقبل الأجيال بهذا البلد ،والدرس جيد في هذا المقام وهذه الأيام .
استمعت كالعادة بنكهة تفسيرية اجتماعية فلسفية ذات أبعاد رمزية دلالية مادية وتاريخية وأخلاقية ..انتهى الإمام وانتهينا معه من يوم جمعة في انتظار جمعة قادمة ودرس أخر .
غادرت وكالعادة بحثت عن ما سأتناوله في مقال للرأي ، لأنه يصعب اختيار الموضوع الذي يغرقك لأيام وساعات في التفكير ..وتتصفح كثيرا وتقرأ وتنام وتتوجع تم تأتيك فكرة مصابة بالكساح أو مجنونة. فتختار الأسهل والأبسط والأضمن..فليس كل ما نتخيله نستطيع الكتابة بشأنه حتى ولو كان دو حجة بين الناس ووجيها ..هناك ضوابط لكل شيء.
تذكرت وأنا آفل و راجع حديث الإمام عن مؤسسة المدرسة والأسرة ،وعدت مباشرة إلى "بيير بورديو" واستبليت" و"بودون" ،وأمم من المفكرين الاجتماعيين الذين تناولو ا هاتين المؤسستين .وتذكرت كراسي المدرج والأساتذة الذين درسونا بشكل معزول كل مادة بأستاذ - المؤسسات الاجتماعية والمؤسسات السياسية - في مسلك علم الاجتماع ..وقلت بأن العلوم يمكنها أن تخرج من الجامعة إلى المسجد إلى أدنى الأرض ومن تم إلى أعلاها في إطار معين وأدوار محددة ..وأن الكل يمكنه أن يتفاعل في هذا المضمار مع صعوبة الفصل بين ما هو خاضع للعلم بنظرياته .وما هو مرور للكرام ودرس في الأخلاق والتمرين على التواصي بالحق داخل البنيات التي يؤطرها اليوم الهاجس الاقتصادي والسياسي والثقافي والأمني ،ومجال واسع من التخصصات والإهتمامات النظرية والمهنجية العلمية الواسعة .
ما سمعته بالدرس هو ملامسة الجوانب الأساسية في منهاج أي أمة تريد أن تزدهر ،وما عرفته بالجامعة علم قائم تؤسسه الأطروحات الغارقة منذ عقود في تفسير وتأويل وتبيان ماذا وكيف ومن؟ واستحالة الإحاطة العمومية بكل الأجوبة وقبلها الأسئلة المطروحة ..تناسيت وربطت الخط بدماغي بالأمس ،عندما ذهبت لشراء محفظة صغيرة وسألت عن ثمنها ووجدته لا يقل عن 80 درهما. "16 عشر ميا دريال"
وربطت بين أوضاع مجتمعية على مستوى إقليم قد لا يكفي فيه بالنهاية إجتماع المدير الإقليمي ،وتقديم النصيحة إلى المؤسسات وأربابها ومدرائها وباقي المصالح التابعة إلى نيابته بكل أقسامها ..وأن جمعيات الآباء لا تكفي في إسناد المهمات إلى بعضها البعض ولا جمع الانخراط من ذوي التلاميذ.. الآباء والأمهات والقربى ..وأن الأكاديمية وأدوارها وإصلاح دورات المياه والأقسام ومد الأسوار وتوفير الحراس الخاصين بالدراجات وملء خزانات النقل المدرسي الذي يتكلف حمل رجال الغد كله لا يكفي ؟
مع أنه ضروري إلى حد ما ..وهنا طرح لدي موضوعان سأتناولهما بالتدقيق .واحد وهو أنه قبل كل النصائح إلى الأسرة كمؤسسة قائمة بذاتها ،وقبل نصائح المدراء وباقي المتدخلين في العملية ..عملية إنتاج أو "إعادة الإنتاج" Reproductionبتعبير "بيير بورديو" علينا معرفة أن أصغر محفظة تساوي 80 درهما .
وعادة الأحلام فينا لها وجاهتها وشرعيتها لتتحقق لأنه ليس في اللسان عظم ..وليس في القلب موانع .بل هناك "الدافعية الإنسانية" إلى إمكانية أن يطير البشر إلى سبع سموات ..إنما الجاذبية إلى الأرض ملخص أساسي بأنه علينا أولا البحث في الواقع عن حجم الذين يريدون تدريب أبنائهم على الأقسام وليس لديهم ثمن محفظة جديدة..ثمن كراس وأقلام وبقية "المقدية " التي هي أغلى اليوم من اللحم بالنسبة للذين لم يتذوقوه إلا بالأعياد ..ومع ذلك عليهم إنكار طعمه والبحث عن الموارد لشراء لوازم المدرسة.
وهنا لدي انطباع أن كل المنتمين إلى مؤسسة الأسرة يريدون شق الطرق إلى مؤسسة المدرسة إنما كيف ؟
يحتاج الإنسان إلى النزول إلى المكتبات وسؤال كم تعادل ورقة بكامل لوازم طفل سيدخل القسم الأول الإبتدائي العمومي ..؟لا كلام عن المدارس الخاصة والأروضة وغيرها ..إن عدم شعور الجميع كأطفال بالقدرة على ولوج القسم بنفس "الرضا الذاتي " يصنع ما يطلق عليه في علم النفس ب"الخطاطة الذهنية" لدى الفرد الذي يصبح في سن معينة منتجا لأفكار بشكل" آلي" انطلاقا من تجاربه بالماضي ..راض أو حاقدا على المؤسسات الاجتماعية وأظن أن الباحثين في علم الإجتماع والنفس يعرفون مقاصدي جيدا .
خذ مثلا أنه وإلى غاية اليوم ستجد المتسامحين بحكم جهود أبائهم في اقتناء محفظة لهم كل بداية موسم لا تزال روائحها في "اللاشعور "الفرويدي ثابتة عندهم ..ولا يزالون قادرين على استرجاع تلك الرائحة بكثير من الرضا والإمتنان للوالد ..إنما الذين مشوا بأكياس "التحميرة " سيتذكرون أن جزءا مهدورا من طفولتهم ،حتى لو أصبحوا سفراء ووزراء إنما لا يقوم الوضع الراهن اعتلال عقدة "الطفولة ".
لنأخذ أطفال الرحامنة نموذجا ..سيتوزع داخل الفصل بين هذا الذي هو جديد من رأسه إلى أخمص قدميه ،وهذا الذي هو مرقع من كل جانب ..الأجيال الحالية ليست هي التي مشت إلى الأقسام عقودا خلت ونجحت ..لأن التفاوت لم يكن بالقدر نفسه ..اليوم علينا أن نرتب كل شيء وهناك الإمكانيات الموضوعة رهن الإشارة إنما كيف لها سبيلا ؟
في الخطاب الأخير للعاهل المغربي الملك محمد السادس تحدث عن الفئة القليلة في خطاب العرش وضرورة تجديد النموذج التنموي المغربي حين قال "ويعلم الله أنني أتألم شخصيا، ما دامت فئة من المغاربة، ولو أصبحت واحدا في المائة، تعيش في ظروف صعبة من الفقر أو الحاجة"
بالنسبة إلينا فالخطاب حمل بين طياته الحاجة الماسة إلى أطر تنتج حلولا وأفكارا ،والتعديل الحكومي المرتقب يروم الذهاب في اتجاه إعطاء المسؤوليات لمن يستطيع إنتاج الحلول بهذا البلد المحتاج إلى أبنائه .عودوا إلى نص الخطاب فهو مليء بالرسائل والوضوح والحكم وما يجب فعله في كل مؤسسات الدولة والمؤسسات المنتخبة .
لأقول أن مؤسسة الأسرة بالنهاية طامعة وطامحة إلى أن يعتلي أبنائها الكراسي من المهد إلى اللحد في جو للمعرفة لا ينتهي ..ومؤسسة المدرسة هي الأخرى مرحبة بفكرة أن يكون في جوفها أطفال بررة من أجل غد مشرق ..وهنا يحضرني أول بيت كتب على مدخل المدرسة الجديدة التي درست فيها الأقسام الأولى حيث يقول أحمد شوقي :
أنا المدرسة اجعلني كأم لا تمل عني
ولا تفزع كمأخوذ من البيت إلى السجن
والقصيدة معروفة بكاملها ،وأعتقد أن المدارس والأسر كمؤسستين أساسيتين في كل الدنيا لا ينقصهما العطف الأبدي إلى يوم القيامة .
إنما علينا أن تخيل أنفسنا في هذا البلد وأنه علينا بتجديد الروح كالتي سرت يوما في هذا البلد بعد استقلاله ،وشق طريق الوحدة ذي الأبعاد الرمزية الكبرى ..علينا أن نعيد صرح البناء من خلال مشاركتنا للغير القادرين على البوح بحاجة أبناهم إلى العجين والأقلام الملونة والمسطرة والمثلث ..فالأدوات بالنسبة للطفل بالقسم الأول هي بين الألعاب التي يعشق ،والتي تركها في البيت ومنعه منها يعد كارثة ..وبين ضمان تلك الأدوات بقسم جديد وكل شيء جديد قد يضعه في مقدمة المثابرين والمجتهدين والناجحين أو العكس ،ويعد بكثير من العطاء الجيد ،الذي يعيد إلى مؤسسة الأسرة والمدرسة وهجهما الذي أشار الخطيب بأن السنوات الأخيرة واليوم نعاني من انتشار الجريمة وما إلى ذلك ..مع أن الأمر إذا توسعنا يحتاج إلى محاضرات وجامعيين ومهتمين وعلماء لفك الظواهر وكذلك إلى أنثروبولجيين ...
في الختام بالرحامنة هناك الفوسفاط الذي يمنح بشكل غير "ممدود" وعليه بالمنح ،وأعتقد أنه لا يبخل .إنما عليه أسوة بما تناقلته وسائل الإعلام بإقليم الجديدة ومساهمته بمليار من أجل التعليم هناك ..بالرحامنة لا يحتاج الرقم إلى ملايير ..بل يمكن أن تتقدم المديرية الإقليمية للتعليم التي على رأسها أن يفهم أن الأمر لا يتوقف عند حدود الكرسي والابتسامة في الندوات واللقاءات ..الأمر ومطلب ملك البلاد أن يتوفر لدينا أفراد بإمكانهم العطاء ..ولو كان الأمر مجرد صور وكليشهات وتصفيق وتوزيع ابتسامات ..لوجدنا صور العثماني وحكومته وتصريحاته شفيعا له بكونه يشتغل ،وأن المغرب معه في أحسن الأحوال..وأن لا حاجة إلى تعديل حكومي ولجنة لتجديد النموذج التنموي .
الإستهلاك اليومي الجارف للصور وأطنان التنميق والدعاية الفارغة وأي وسيلة أخرى لا يغني عند الدولة التي لديها أجهزتها وخبرائها ومجالها الحيوي لمعرفة من عليه البقاء ومن علي أن يروح إلى حال سبيله أو إلى أي مكان من مسؤولي هذا البلد .
المغرب يريد أفراد همهم البحث عن الحلول في كل شبر..والمجلس الإقليمي بالرحامنة عليه مسؤولية التنمية القروية وما سواها من اختصاصات رئيسه الدستورية الواسعة ،و سنتناول هذه المؤسسة في مقال قادم سنسعى فيه إلى تفكيك رصين لأدوارها انطلاقا من الظهير الشريف المؤرخ ب7 من يوليوز 2015 بتنفيذ القانون التنظيمي رقم 112.14 المتعلق بالعمالات والأقاليم .. فأسلوب تعاطيها يذكرني ب"بابا الفاتيكان" الصمت والمباركة ولا شيء سواهما .
الرحامنة بإمكانها أن تحصي المتمدرسين بالمعطيات الميدانية ..الراسبين والناجحين والهدر وما لا أفهم فيه ،إنما يفترض أن الجهات الوصية لديها الأرقام ..الرحامنة اليوم فيها جامعة وعلى الناشئة هنا أن تتعلم كي تدخلها بجدارة ،والجماعات المنتشرة بتراب هذا الإقليم عليها أن تبحث في كل شبر عن من ليس لديه إمكانية شراء محفظة جديدة كما يفعلون في مواسمهم .ويستطيعون جمع مؤونة التبن وأكل الأفراس والخيول وشربهم وبارودهم ولحم الذبائح للفرسان وكراء الخيام .. والتنشيط وجلب الفرق الموسيقية والخيالة والإنفاق بكرم سياسي لدواعي تهمهم ..عليهم ببدل نفس الجهود ..وعلى البرلمانيين ببدل نفس الجهود وجر المبادرات من أجل الإعانة في توفير دخول مدرسي ناجح للأسر المعوزة الفقيرة ،دون الحديث على أن رقم 36 ألف درهم شهريا يمكن تلطيف الأجواء بجزء قليل منها ،ومساعدة الذين يحتاجون من باب التضامن الآلي والحكامة المحلية بما تيسر.ولأن أبا وأما يسرها أن ترى ابنها ذاهب إلى القسم عائد منه كأقرانه..كون محفظة ب80 درهما تستحق منها ومنه نفس الاهتمام ..
بقلم : صبري يوسف
لست ربوت