جاك بيرك… عالم الاجتماع الفرنسي الذي استغل استعمار المغرب لتغيير كليشيهات أوروبا عن العرب والإسلام 1\2 دانية الزعيمي

إعلان الرئيسية

الصفحة الرئيسية جاك بيرك… عالم الاجتماع الفرنسي الذي استغل استعمار المغرب لتغيير كليشيهات أوروبا عن العرب والإسلام 1\2 دانية الزعيمي

جاك بيرك… عالم الاجتماع الفرنسي الذي استغل استعمار المغرب لتغيير كليشيهات أوروبا عن العرب والإسلام 1\2 دانية الزعيمي

                                                                                       يقول عن نفسه: “لست مؤرخا ولا رحالة أو حتى مستعربا، أنا أرفض كل هذه التوصيفات. كل ما هنالك، أني وقعت يوما في حب منطقة وشعوبها وتاريخها، ورحت أحاول دراستها، دون أي رغبة في أن أكون مستشرقا بالمعنى المهني للكلمة”.
ويستطرد، مؤكدا، “إنني بالأحرى، مناضل في سبيل تقريب الضفتين حول الحوض المتوسط، وأهدف إلى تعريف قرائي، الفرنسيين منهم خاصة، عما هي حقيقة الإسلام بعيدا عن أي أفكار جاهزة أو كليشيهات”.
هكذا يعرف، بكثير من الإيجاز، جاك بيرك، نفسه. وهكذا سنحاول استعراض شذرات من حياته التي وهبها لتغيير نظرة الأوروبيين للجنوب المسلم، في سنوات كانوا لا ينظرون إليه، إلا كمستعمرات.

فرنسي الجنسية، جزائري المولد

ولد جاك بيرك بقرية فرندة بوهران الجزائرية سنة 1910. أمضى فيها طفولته، قبل أن ينتقل إلى الجزائر العاصمة. مع أنه ابن مراقب مدني في الإدارة الفرنسية، إلا أنه، وفي سن صغيرة، بدأ يلمس معارضته للسياسات الاستعمارية.

انتقل بيرك بعد ذلك إلى فرنسا، سنة 1930، لمتابعة دراسته، تحديدا بجامعة السربون، تخصص علم الاجتماع. صادف ذلك احتفالات بالذكرى المئوية لضم/استعمار الجزائر وتنظيم المعرض الكولونيالي، فاعتبرها “صفعة” لما يؤمن به، على حد تعبيره.
معارضته لسياسة بلاده في المغرب، ستجعل الإدارة الفرنسية تبعده كمراقب مدني إلى جبال الأطلس، حيث سيستغل الفرصة ليجري أبرز أبحاثه الاجتماعية.
بعد سنتين، آثر أن يترك دراسته. مع أنه، بذلك القرار، أثار خيبة والديه، فقد فضل أن يعوض فترة الدراسة بالخدمة العسكرية بالمغرب في 1934، إلا أنه لم يكن ليعلم حينذاك، أن القدر يخبئ له أن يعيش هناك زهاء 20 عاما.
اجتاز بيرك مباراة المراقبة المدنية بعد ذلك، فعين مراقبا على ثلاث قرى قبل أن يستقر به المقام بفاس سنة 1937. ولعل هذه الفترة كان لها بالغ الأثر في الاحتكاك بأهل المغرب، فكان ذلك منطلق ابتعاده عن منطق الإدارة الاستعمارية الذي رأى أنه يجانب كثيرا وعود التحديث.

من الخدمة العسكرية إلى دراسة قبيلة مغربية

معارضته لسياسة بلاده في المغرب، ستجعل الإدارة الفرنسية تبعده، دائما كمراقب مدني، إلى جبال الأطلس. لكنه هناك انتهز الفرصة ليدرس، كما تعلم الأمازيغية أيضا، ثم أجرى واحدة من أهم دراسته، تلك التي تضمنها كتابه “البنى الاجتماعية في الأطلس الكبير”.

هذه الدراسة الأنثربولوجية سيجريها بيرك على قبيلة سكساوة (نواحي امنتانوت) لاعتبارات عدة، أبرزها أن المنطقة لم تعرف أي تدخل للسلطات الاستعمارية حتى سنة 1927، ومن ثمة، لم تكن بنيتها وعلاقات أفرادها قد تغيرت، مثلما حدث مع مناطق أخرى فقدت استقلاليتها وخضعت لمطالب الإقامة العامة، بفعل العلاقات التي كانت تربط بين القواد والإدارة الاستعمارية.
جاك بيرك أسس عام 1991 معهدا للعلوم الاجتماعية في المغرب، يحمل اسمه، ويعنى بإنتاج أطر مغربية متحررة من التبعية العلمية لفرنسا.
بعد أن غادر المغرب سنة 1953 أياما قليلة قبل نفي الملك محمد الخامس، عاد إلى باريس وناقش بحثه عن قبيلة “سكساوة” كأطروحة دكتوراه، فذاع صيته في الأوساط الأكاديمية والثقافية، ثم كلفته منظمة اليونيسكو بالذهاب إلى مصر قصد إجراء بحوث ميدانية.
لم يلبث في مصر كثيرا حتى عاد إلى فرنسا مرة أخرى، سنة 1955، حيث التحق بمؤسسة “كوليج دو فرانس”، التي عمل فيها مدرسا وكانت حينذاك تضم عمالقة أساتذة الفلسفة والأدب في فرنسا، أمثال كلود ليفي ستراوس، وميشال يقول عن نفسه: “لست مؤرخا ولا رحالة أو حتى مستعربا، أنا أرفض كل هذه التوصيفات. كل ما هنالك، أني وقعت يوما في حب منطقة وشعوبها وتاريخها، ورحت أحاول دراستها، دون أي رغبة في أن أكون مستشرقا بالمعنى المهني للكلمة”.
ويستطرد، مؤكدا، “إنني بالأحرى، مناضل في سبيل تقريب الضفتين حول الحوض المتوسط، وأهدف إلى تعريف قرائي، الفرنسيين منهم خاصة، عما هي حقيقة الإسلام بعيدا عن أي أفكار جاهزة أو كليشيهات”.
هكذا يعرف، بكثير من الإيجاز، جاك بيرك، نفسه. وهكذا سنحاول استعراض شذرات من حياته التي وهبها لتغيير نظرة الأوروبيين للجنوب المسلم، في سنوات كانوا لا ينظرون إليه، إلا كمستعمرات.

فرنسي الجنسية، جزائري المولد

ولد جاك بيرك بقرية فرندة بوهران الجزائرية سنة 1910. أمضى فيها طفولته، قبل أن ينتقل إلى الجزائر العاصمة. مع أنه ابن مراقب مدني في الإدارة الفرنسية، إلا أنه، وفي سن صغيرة، بدأ يلمس معارضته للسياسات الاستعمارية.

انتقل بيرك بعد ذلك إلى فرنسا، سنة 1930، لمتابعة دراسته، تحديدا بجامعة السربون، تخصص علم الاجتماع. صادف ذلك احتفالات بالذكرى المئوية لضم/استعمار الجزائر وتنظيم المعرض الكولونيالي، فاعتبرها “صفعة” لما يؤمن به، على حد تعبيره.
معارضته لسياسة بلاده في المغرب، ستجعل الإدارة الفرنسية تبعده كمراقب مدني إلى جبال الأطلس، حيث سيستغل الفرصة ليجري أبرز أبحاثه الاجتماعية.
بعد سنتين، آثر أن يترك دراسته. مع أنه، بذلك القرار، أثار خيبة والديه، فقد فضل أن يعوض فترة الدراسة بالخدمة العسكرية بالمغرب في 1934، إلا أنه لم يكن ليعلم حينذاك، أن القدر يخبئ له أن يعيش هناك زهاء 20 عاما.
اجتاز بيرك مباراة المراقبة المدنية بعد ذلك، فعين مراقبا على ثلاث قرى قبل أن يستقر به المقام بفاس سنة 1937. ولعل هذه الفترة كان لها بالغ الأثر في الاحتكاك بأهل المغرب، فكان ذلك منطلق ابتعاده عن منطق الإدارة الاستعمارية الذي رأى أنه يجانب كثيرا وعود التحديث.

من الخدمة العسكرية إلى دراسة قبيلة مغربية

معارضته لسياسة بلاده في المغرب، ستجعل الإدارة الفرنسية تبعده، دائما كمراقب مدني، إلى جبال الأطلس. لكنه هناك انتهز الفرصة ليدرس، كما تعلم الأمازيغية أيضا، ثم أجرى واحدة من أهم دراسته، تلك التي تضمنها كتابه “البنى الاجتماعية في الأطلس الكبير”.

هذه الدراسة الأنثربولوجية سيجريها بيرك على قبيلة سكساوة (نواحي امنتانوت) لاعتبارات عدة، أبرزها أن المنطقة لم تعرف أي تدخل للسلطات الاستعمارية حتى سنة 1927، ومن ثمة، لم تكن بنيتها وعلاقات أفرادها قد تغيرت، مثلما حدث مع مناطق أخرى فقدت استقلاليتها وخضعت لمطالب الإقامة العامة، بفعل العلاقات التي كانت تربط بين القواد والإدارة الاستعمارية.
جاك بيرك أسس عام 1991 معهدا للعلوم الاجتماعية في المغرب، يحمل اسمه، ويعنى بإنتاج أطر مغربية متحررة من التبعية العلمية لفرنسا.
بعد أن غادر المغرب سنة 1953 أياما قليلة قبل نفي الملك محمد الخامس، عاد إلى باريس وناقش بحثه عن قبيلة “سكساوة” كأطروحة دكتوراه، فذاع صيته في الأوساط الأكاديمية والثقافية، ثم كلفته منظمة اليونيسكو بالذهاب إلى مصر قصد إجراء بحوث ميدانية.
لم يلبث في مصر كثيرا حتى عاد إلى فرنسا مرة أخرى، سنة 1955، حيث التحق بمؤسسة “كوليج دو فرانس”، التي عمل فيها مدرسا وكانت حينذاك تضم عمالقة أساتذة الفلسفة والأدب في فرنسا، أمثال كلود ليفي ستراوس، وميشال فوكو، وفرانسوا جاكوب. سنة بعد ذلك، سيترك بيرك عمله مرة أخرى، وسيرحل إلى لبنان للإشراف على معهد هناك.

يرى عالم الاجتماع المغربي، عبد الكبير الخطيبي، أن الإنتاجات السوسيولوجية التي تناولت المغرب كموضوع لها لم تكن علمية، إلا بعد سنة 1997، مؤكدا بأنه تخللتها الإيديولوجيا على نحو ما.
لكنه حسب بعض الباحثين، يصعب تقرير ما إذا كان بيرك ينتمي إلى زمرة هؤلاء، باعتبار موقفه من الاستعمار، ولانتصاره للعلم وللمغرب، بل وأيضا لتأسيسه معهدا للعلوم الاجتماعية في المغرب، يعنى بإنتاج أطر مغربية متحررة من التبعية العلمية لفرنسا.فوكو، وفرانسوا جاكوب. سنة بعد ذلك، سيترك بيرك عمله مرة أخرى، وسيرحل إلى لبنان للإشراف على معهد هناك.
يرى عالم الاجتماع المغربي، عبد الكبير الخطيبي، أن الإنتاجات السوسيولوجية التي تناولت المغرب كموضوع لها لم تكن علمية، إلا بعد سنة 1997، مؤكدا بأنه تخللتها الإيديولوجيا على نحو ما.
لكنه حسب بعض الباحثين، يصعب تقرير ما إذا كان بيرك ينتمي إلى زمرة هؤلاء، باعتبار موقفه من الاستعمار، ولانتصاره للعلم وللمغرب، بل وأيضا لتأسيسه معهدا للعلوم الاجتماعية في المغرب، يعنى بإنتاج أطر مغربية متحررة من التبعية العلمية لفرنسا.

التصنيفات:
تعديل المشاركة
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

لست ربوت

Back to top button