محمد شكري مؤلف رواية الخبز الحافي من مواليد الريف المغربي (الأمازيغي) عام 1935، ( الناظور – بني شيكر) بعد فشل ثورة الأمير عبد الكريم الخطابي عام 1926.
عندما كانت طنجة تحت الحماية الاسبانية بين الأعوام (1940-1945) خلال الحرب العالمية الثانية، وبعدما استولى الجنرال فرانكو على الحكم في إسبانيا، -والد شكري كان جنديًا مسرحًا من جيش فرانكو-؛ نزح هو ووالدته ميمونة ووالده حدو بن علال و أخوه عبد القادر، بسبب المجاعة إلى طنجة، التي كانت ترتع بالأجانب و الجواسيس، المدينة ذات الثقافات المتنوعة والمكان الوحيد الذي أخلص له ورفض أن يغادره، ومات فيه بالسرطان في المستشفى العسكري سنة 2003. اقرأ أيضًا: الفيلسوفة جوديث بتلر؛ حول أهميَّة الإنسانيَّات ولمَ نقرأ.
هناك كانت بداياته؛ تعلم الدارجة المغربية و قليلاً من الإسبانية والفرنسية، بعدها تنقل بين المغرب والجزائر؛ عمل نادلًا، ماسح أحذية، بائع جرائد، خادمًا، مهرّبًا، بائعًا وبغياً!
رجع إلى طنجة، هناك ابتدأ في سن العشرين رحلة القراءة والكتابة عائدًا مرة أخرى إلى طنجة بعد أن تقاعد من التعليم و تفرغ للعمل الإبداعي.
روايات محمد شكري:
محمد شكري كتب رواية الخبز الحافي عام 1972 ونشرها عام 1982، منعت حتى عام 2000 في بلده المغرب، كما ترجمت لأكثر من أربعين لغة، وقد هدده أصوليون إسلاميون بالقتل على أثرها.
الخبز الحافي من أكثر الروايات العربية أو السير الذاتية مبيعًا في العالم العربي، إذ أنّ محمد شكري كان لديه وكيل أعمال (دي هولاند). ترجم الخبز الحافي من الإسبانية إلى الإنجليزية بول باولز عام 1973 (For Bread Alone)، كما ترجمها إلى الفرنسية الطاهر بن جلون عام 1981 (Le Pain Nu)، وتم تحويلها إلى فيلم عام 2004 للمخرج الإيطالي من أصول عربية رشيد بن حاج. اقرأ أيضًا: 7 من أشهر برامج الأطفال المأخوذة عن روايات عالمية.
رواية الخبز الحافي من صنف أدب الشطار، أو الواقعية القذرة، وهي الجزء الأول من سيرة محمد شكري الذاتية يليها "زمن الأخطاء" (الشطار) ثم الجزء الثالث “وجوه”. النسخة بين يدي هي الطبعة التاسعة لدار الساقي، وهي غير ممنوعة. تتكون الطبعة من 228 صفحة من القطع الصغير الغلاف أسود اللون في المقدم صورة لا أعلم ما إذا كانت صورة محمد شكري، و مؤخر الكتاب يتحدث بإيجاز عن الكتاب وكاتبه. اقرأ أيضًا: تأريخ التمييز العرقي في رواية "عاملة المنزل".
تلخيص رواية الخبز الحافي
في بداية الكتاب مقدمة في صفحتين كتبها شكري عام 1982 ، تختلف لغتها كليًا عن المحتوى. يبدأ الكتاب بالحديث عن الأموات، وينتهي بالحديث عن الأموات. يسرد حياته وعلاقاته مع الآخرين بلغة بسيطة تختلط فيها الدارجة بالفصحى بكلمات من عدة لغات كالإسبانية والفرنسية والأمازيغية.
تبدو في بعض الأحيان ككتابة المسرحيات و تهبط إلى مستويات أقل ما يمكن أن يقال عنها أنها فاضحة وخادشة للحياء بلا هدف مرجو بعد ذكر هذه التفاصيل. ليس هناك جمال في التصوير ولا جمال في اللغة. ليس هناك شيء يحتاج للفهم. وليس هناك هدف سياسي مرجو. التركيز على الدعارة الشخصية، بدون سرد الأسباب وراء دعارة الآخرين يفقد الرواية جزءًا من الحقيقة المهمة التي يتشدق بها شكري، من أن الخبز الحافي سرد لحياة الطبقات السفلى من المجتمع. اقرأ أيضًا: في استخدام الراوي العليم: أورهان باموق وميشيل ويلبيك أمثلة.
التركيز على تفاصيل التفاصيل بدون توظيف للجنس لخدمة الرواية يؤكد لي أن الرواية من الصنف الذي خدمه المنع الذي طالها في العالم العربي أكثر من القراءة. نصيحتي للقارئ؛ لا تضع ساعات من يومك في قراءتها، مشاهدة فيلم أمريكيّ يتحدث عن الطبقات الدنيا والعنف أكثر فائدة منها. اقرأ أيضًا: الإحساس بالنهاية؛ أن تقول كلّ شيء دفعة واحدة.
محمد شكري وعلاقته بالأشخاص والأماكن من حوله:
تحتل علاقة محمد شكري مع والده موقعًا رئيسيًا في رواية الخبز الحافي، الوالد العنيف جسديًا و فكريًا، السكير المقامر الذي يتاجر بنقود عائلته، القاتل الذي يقتل أخاه الصغير عبد القادر ثم يبكي عليه. شبح يطارد شكري حيًا وميتًا ويقوده إلى العزوف عن الزواج والهرب من البيت. كم مرة يقتله شكري في خياله!
أما علاقته بالنساء فتبدأ بأمه التي تحميه وتعطف عليه من جور والده، وأخته التي يدافع عنها بمنطق الشطار. أما علاقته بالنساء بعد ذلك فهي علاقات جنسية محضة أغلبها مع المومسات، وجميعها مؤقتة. علاقته بخادمته هي العلاقة الوحيدة السوية التي تنتهي بأن يترك لها راتبًا يكفيها مدى الحياة. اقرأ أيضًا: تشارلز ديكنز والنّساء اللاتي صنعنَه.
علاقة شكري بالمكان واضحة جداً، فقد أمضى معظم حياته في طنجة و سكن شقته 27 سنة حتى مماته.
لم تكن علاقة شكري بالكتّاب الآخرين حسنة جدًا، فقد عرف فترة التحرر العقلي والجنسي في المغرب وخصوصًا طنجة، كما عرف كتابًا أجانب مناصرين للقضايا العربية؛ كتب عنهم وكتبوا عنه، أهمهم جان جنيه وتنيسي وليامز و بول باولز، هؤلاء كانوا شاذين جنسيًا وعلاقته بهم هي منبع اتهامه بالشذوذ الجنسي (ذكر في كتابه الخبز الحافي أكثر من حالة شذوذ مر بها حتى مع الحيوانات و لكنه مارس الجنس مع النساء أيضًا) فهل كان شكري ثنائي الميول الجنسية؟ اقرأ أيضًا: لماذا يندُر الأدب حول الحقبة الستالينيَّة؟
محمد شكري له علاقة مميزة بمحمد برادة الكاتب المغربي و الناقد المعروف صاحب رواية ( زمن النسيان). أمّا علاقة شكري بالدين فهي غير واضحة المعالم؛ فقد بقي على حالته من السكر وممارسة الرذيلة في الرواية وفي حياته الشخصية. لكنه في لقاء صحفي يذكر أن الحقيقة الوحيدة هي الله.