"إذا نجحتم أنا معكم، وإذا فشلتم فسأذبحكم ". هكذا كان رد الجنرال محمد أوفقير ، عندما عرض عليه ضباط مدرسة اهرمومو العسكرية المشاركة معهم في محاولة الإنقلاب على ملك المغربي الحسن الثاني عام 1971.. وفي الأخير فشل الإنقلاب ، ووفى أوفقير بوعده .. فمن يكون جنرال الدم محمد أوفقير؟.
ولد في عام 1920 في قرية صغيرة تدعى عين الشعير نواحي بوعرفة شرق المغرب، لأسرة كبيرة تضم ستة عشر أخ وأخت . كان والده قاطع طريق، ويقال أن ذاك الوالد هو من علمه وسائل التعذيب وزرع فيه السادية التي طغت على شخصيته فيما تبقى من حياته . لم يلج إلى التمدرس إلى في سن متأخرة، قبل أن يغادر صوب مدينة الدار البيضاء وهناك إلتحق بالمدرسة العسكرية التي كانت تحت يد الفرنسيين . عند تخرجه إلتحق بالجيش الفرنسي وصار قناصا عندهم ، ليشارك في الحرب العالمية الثانية . أذهل أوفقير الضباط الفرنسيين لإستبساله وصرامته، ما جعله يرتقي دراجات ، حتى تلقى وسام صليب الحرب بعدما قضى سنتين في إيطاليا ، ثم انتقل مع الجيش الفرنسي إلى الهند الصينية ، ليعود إلى المغرب ليغدوا مقربا من الجنرال "دوفان" قائد الجيش الفرنسي بالمغرب الذي قتل في مايو آيار 1945 أربعين ألف مغربي ممن خرجوا مطالبين بالإستقلال . ولأن الفجر يطلع مهما طال سواد الليل ، فقد غادرت فرنسا المغرب عام 1956 لتستقل المملكة أخيرا وتعود إلى سابق عهدها ، إلا أن محمد أوفقير لم يرحل مع مواكب الفرنسيين.
بعد استقلال المغرب ؛ شغل أوفقير منصب مدير الأمن الوطني للمملكة ، ودشن أول جرائمه بعد قمع انتفاضة الريف في شمال البلاد عام 1958 حيث كان الردع وحشيا . ثم ما لبث حتى كبر أوفقير مع بديات الستينات حيث أصبح وزيرا للداخلية في أواخر عهد الملك محمد الخامس ، ثم مطلع عهد جديد للملك الشاب الحسن الثاني.
يقول الملك الحسن الثاني عن أوفقير في حوار مطول مع الكاتب والصحفي الفرنسي "إيرك لوران" نشر في في كتاب ذاكرة ملك :
يمكن القول أن أوفقير فرض علينا، فهو لم يكن الضابط المغربي الوحيد الذي عمل في صفوف القوات الفرنسية ، حيث وجدنا أوفقير عند عودتنا من المنفى عام 1955بانتظارنا أثناء نزلنا من الطائرة، وقام بسلام علينا وأخذ مكانه جنب سائق السيارة كأحد الضباط المرافقين لنا.. وبعد ذالك وجدناه في صفوف الحرس الملكي، وبنسبة لي ؛ أنا فقط ورتثه عن أبي، ولم يكن تجمعني به أي علاقة.. لا أعرف إذا كان أوفقير فرض علينا قضاءا وقدرا ؛ أو أن شخص ما هو الذي فرضه علينا .
يكتب الصحفي والكاتب الفرنسي "جيل بيرو " عن شهادة الضابط والمعارض السابق مؤمن الديوري بعدما وجد نفسه في مركز تعذيب يدعى "دار المقرئ" يعود ﻟـ محمد أوفقير :
خيل إلي أني في قاع بئر ، طرقت مسامعي تنهدات مستمرة ، وصرخات متأوهة وسعال، وأصوات رجال ونساء وأطفال ، كنت مستعدا أن أدفع أي ثمن لقاء أن أعرف ما يحدث حولي ، أخيرا رفع الحارس العصابة على عيني ؛ ﻏﻼﻟﺔ ﺳﻮﺩﺍﺀ ﺗﻤﻮﺟﺖ ﺑﻀﻊ ﻟﺤﻈﺎﺕ ﺃﻣﺎﻡ ﻋﻴﻨﻲ . ﺑﺪﺍ ﻟﻲ ﺃﻧﻨﻲ ﺃﺭﻯ ﻛﺎﺋﻨﺎﺕ ﺑﺸﺮﻳﺔ ﻣﻌﻠﻘﺔ ﻣﻦ ﺃﺭﺟﻠﻬﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺴﻘﻒ ورأﺳﻬﺎ ﺇﻟﻰ ﺍﻷﺳﻔﻞ . ﻓﻜﺮﺕ ﺃﻥ ﻋﻴﻨﻲ ﻗﺪ ﻏﺸﻴﺘﺎ ﻻﻧﺘﻘﺎﻟﻬﻤﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﻈﻠﻤﺔ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻨﻮﺭ . ﺧﻼﻝ ﺩﻗﻴﻘﺔ ﺳﺘﻌﻮﺩ ﺭﺅﻳﺘﻲ ﻭﺍﺿﺤﺔ ﻭﺳﺄﺟﺪ ﻫﺆﻻﺀ ﺍﻷﺷﺨﺎﺹ ﺟﻠﻮﺳﺎ ﺃﻭ ﻭﻗﻮﻓﺎ . ﻟﻸﺳﻒ ، ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻣﺎ ﺭﺃﻳﺖ ﺧﻄﺌﺎ ﺃﻭ ﺧﺪﻳﻌﺔ ، ﻓﺎﻟﺼﻮﺭ ﺣﻘﻴﻘﻴﺔ ﻓﻌﻼ ، ﺟﺪ ﺣﻘﻴﻘﻴﺔ . ﺭﺟﺎﻝ ﻭﻧﺴﺎﺀ ﻣﻘﻴﺪﻭﻥ ﻭﻣﻌﻠﻘﻮﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﺴﻘﻒ ﺑﻘﻴﻮﺩ ﺣﺪﻳﺪﻳﺔ ﺭبﻄﺖ ﺇﻟﻰ ﺣﺒﻞ . ﻭﻋﻠﻰ ﺍﻷﺭﺽ ﺃﻃﻔﺎﻝ ﻳﺮﻓﻌﻮﻥ ﺭﺅﻭﺳﻬﻢ ﻧﺤﻮ ﺃﻣﻬﺎﺗﻬﻢ ﻭﺁﺑﺎﺋﻬﻢ ، ﻭﻫﻢ ﻳﻨﺘﺤﺒﻮﻥ ﻭﻗﺪ ﺃﺿﻨﺎﻫﻢ ﺍﻟﺘﻌﺐ ﻭﺍﻟﺒﻜﺎﺀ . ﻭﺟﻮﻫﻬﻢ ﺍﻟﺼﻐﻴﺮﺓ ﻣﺘﺴﺨﺔ ﺑﺎﻟﺪﻣﻮﻉ ، ﻭﺍﻟﻤﺨﺎﻁ ﻳﺴﻴﻞ ﻣﻦ ﺃﻧﻮﻓﻬﻢ . ﻻ ﻋﻤﺮ ﻟﻬﺬﻩ ﺍﻟﻜﺎﺋﻨﺎﺕ ﺍﻟﺼﻐﻴﺮﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﺑﺪﺕ ﻗﺮﻳﺒﺔ ﻣﻦ ﺍﻻﺣﺘﻀﺎﺭ ، ﻟﻬﺆﻻﺀ ﺍﻷﻃﻔﺎﻝ ﺍﻟﺮﺍﻛﻌﻴﻦ ﺃﻭ ﺍﻟﺠﺎﻟﺴﻴﻦ ﺍﻟﻘﺮﻓﺼﺎﺀ ﻓﻲ ﺑﺮﻙ ﻣﻦ ﺍﻟﺪﻡ ﻭﺍﻟﻘﻲﺀ . ﺭﺍﺋﺤﺔ ﺭﻫﻴﺒﺔ ﻣﻦ ﻧﺘﻦ ﺻﻌﺪﺕ ﺇﻟﻰ ﺣﻠﻘﻲ ، ﺷﻌﺮﺕ ﺑﺎﻟﻐﺜﻴﺎﻥ ﻭﺍﻟﺮﻏﺒﺔ ﺑﺎﻟﻘﻲﺀ . ﻣﻨﺬ ﻛﻢ ﻣﻦ ﺍﻷﻳﺎﻡ ﻭﺍﻟﻠﻴﺎﻟﻲ ﻳﺘﺨﺒﻄﻮﻥ ﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﻜﺎﻥ؟..
يضيف "جيل بيرو" عن مؤمن الديوري وما تعرض له من السادي أوفقير :
" ﺍﻗﺘﺮﺏ محمد أوفقير ﻣﻦ ﻣﺆﻣﻦ ﺩﻳﻮﺭﻱ ، ﻭﻫﻮ ﻣﺮﺑﻮﻁ ﺇﻟﻰ ﻋﻤﻮﺩ ﻭﺷﻖ ﺍﻟﺠﺎﻧﺐ ﺍﻷﻳﺴﺮ ﻣﻦ ﻇﻬﺮﻩ ﺑﺨﻨﺠﺮ ، ثم ﺃﺧﺮﺝ ﻣﻦ ﺟﻴﺒﺔ ﻗﻄﻌﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻠﺢ ﻭﻏﺮﺯﻫﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺠﺮﺡ ﻭﻏﻄﺎﻩ ﺑﻠﺼﻘﺔ ﻣﺸﻤﻌﺔ . ﻭﺍﻧﺘﻈﺮ ﺍﻟﻨﺘﻴﺠﺔ . ﺗﺼﺒﺐ ﺟﺴﻢ ﺩﻳﻮﺭﻱ ﻋﺮﻗﺎ ، ﻭﺟﻒ ﺭﻳﻘﻪ ، ﺧﻴﻞ ﻟﻪ ﻗﺮﺏ ﺍﺣﺘﻀﺎﺭﻩ . ﻭﻗﺎﻝ ﺑﻌﺪ ﺫﻟﻚ : ﻛﻨﺖ ﻣﺴﺘﻌﺪﺍ ﺃﻥ ﺃﻗﺪﻡ ﻋﻴﻨﻲ ﻟﻘﺎﺀ ﺷﺮﺑﺔ ﻣﺎﺀ.
ﺍﻧﻬﺎﺭ مؤمن ﻭﺍﻋﺘﺮﻑ ﻓﻲ ﺍﻟﺪﺭﺟﺔ ﺍﻟﺨﺎﻣﺴﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﻌﺬﻳﺐ . ﺷﺎﻫﺪ ﺑﻌﺪ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺠﻨﺮﺍﻝ ﺃﻭﻓﻘﻴﺮ ﻭﻗﺪ ﺍﻗﺘﺮﺏ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﻘﻴﺐ ﺻﻘلي ﻣﻦ ﺍﻟﻘﻮﺍﺕ ﺍﻟﻤﺴﻠﺤﺔ ﺍﻟﻤﻠﻜﻴﺔ ، وﺃﺣﺪ قدﺍﻣﻰ ﺍﻟﻤﻘﺎﻭﻣﻴﻦ . قطع ﻭجهه ﺇﺭﺑﺎ : ﻣﺰﻕ ﺷﻔﺘﻴﻪ ، ﺛﻢ ﻗﻄﻊ ﺇﺣﺪﻯ أذﻧﻴﻪ ، ﻓﺎﻷﺫﻥ ﺍﻷﺧﺮﻯ ، ﻭﺟﺪﻉ ﺃﻧﻔﻪ . ﺃﺧﻴﺮﺍ ﻏﺮﺯ ﺧﻨﺠﺮﻩ ﻓﻲ ﻋﻨﻘﻪ . ﻗﺎﻝ ﻟﺪﻳﻮﺭﻱ : ﻫﺬﻩ ﻫﻲ ﺍﻟﺪﺭﺟﺔ ﺍﻟﺴﺎﺑﻌﺔ ، ﺗﻠﻚ ﻻ ﻳﺨﺮﺝ ﺃﺣﺪ ﻣﻨﻬﺎ ﺣﻴﺎ . ﺛﻢ حول ﻭﺟﻬﻪ ﻟﻴﺘﻘﻴﺄ .
ويضيف مؤمن أنه شاهد أوفقير يقتل رجل المطافئ من الدار البيضاء المعروف بـ لحسن المقاوم السابق :
كان لحسن معلقا في السقف برجل واحدة . إنه شكل جديد من التعذيب . فتقدم أوفقير وهو يحمل خنجرا بيده ؛ فشق بطنه فانطلقت أحشائه ، وبضربة أخرى قطع الحبل فسقط لحسن على الأرض ، تحطمت فقراته الرقابية ، ثم أخرج الحراس الجثة . كانوا يدفنون الجثث قرب جدع شجرة البرتقال في الحديقة .
ولد في عام 1920 في قرية صغيرة تدعى عين الشعير نواحي بوعرفة شرق المغرب، لأسرة كبيرة تضم ستة عشر أخ وأخت . كان والده قاطع طريق، ويقال أن ذاك الوالد هو من علمه وسائل التعذيب وزرع فيه السادية التي طغت على شخصيته فيما تبقى من حياته . لم يلج إلى التمدرس إلى في سن متأخرة، قبل أن يغادر صوب مدينة الدار البيضاء وهناك إلتحق بالمدرسة العسكرية التي كانت تحت يد الفرنسيين . عند تخرجه إلتحق بالجيش الفرنسي وصار قناصا عندهم ، ليشارك في الحرب العالمية الثانية . أذهل أوفقير الضباط الفرنسيين لإستبساله وصرامته، ما جعله يرتقي دراجات ، حتى تلقى وسام صليب الحرب بعدما قضى سنتين في إيطاليا ، ثم انتقل مع الجيش الفرنسي إلى الهند الصينية ، ليعود إلى المغرب ليغدوا مقربا من الجنرال "دوفان" قائد الجيش الفرنسي بالمغرب الذي قتل في مايو آيار 1945 أربعين ألف مغربي ممن خرجوا مطالبين بالإستقلال . ولأن الفجر يطلع مهما طال سواد الليل ، فقد غادرت فرنسا المغرب عام 1956 لتستقل المملكة أخيرا وتعود إلى سابق عهدها ، إلا أن محمد أوفقير لم يرحل مع مواكب الفرنسيين.
بعد استقلال المغرب ؛ شغل أوفقير منصب مدير الأمن الوطني للمملكة ، ودشن أول جرائمه بعد قمع انتفاضة الريف في شمال البلاد عام 1958 حيث كان الردع وحشيا . ثم ما لبث حتى كبر أوفقير مع بديات الستينات حيث أصبح وزيرا للداخلية في أواخر عهد الملك محمد الخامس ، ثم مطلع عهد جديد للملك الشاب الحسن الثاني.
يقول الملك الحسن الثاني عن أوفقير في حوار مطول مع الكاتب والصحفي الفرنسي "إيرك لوران" نشر في في كتاب ذاكرة ملك :
يمكن القول أن أوفقير فرض علينا، فهو لم يكن الضابط المغربي الوحيد الذي عمل في صفوف القوات الفرنسية ، حيث وجدنا أوفقير عند عودتنا من المنفى عام 1955بانتظارنا أثناء نزلنا من الطائرة، وقام بسلام علينا وأخذ مكانه جنب سائق السيارة كأحد الضباط المرافقين لنا.. وبعد ذالك وجدناه في صفوف الحرس الملكي، وبنسبة لي ؛ أنا فقط ورتثه عن أبي، ولم يكن تجمعني به أي علاقة.. لا أعرف إذا كان أوفقير فرض علينا قضاءا وقدرا ؛ أو أن شخص ما هو الذي فرضه علينا .
يكتب الصحفي والكاتب الفرنسي "جيل بيرو " عن شهادة الضابط والمعارض السابق مؤمن الديوري بعدما وجد نفسه في مركز تعذيب يدعى "دار المقرئ" يعود ﻟـ محمد أوفقير :
خيل إلي أني في قاع بئر ، طرقت مسامعي تنهدات مستمرة ، وصرخات متأوهة وسعال، وأصوات رجال ونساء وأطفال ، كنت مستعدا أن أدفع أي ثمن لقاء أن أعرف ما يحدث حولي ، أخيرا رفع الحارس العصابة على عيني ؛ ﻏﻼﻟﺔ ﺳﻮﺩﺍﺀ ﺗﻤﻮﺟﺖ ﺑﻀﻊ ﻟﺤﻈﺎﺕ ﺃﻣﺎﻡ ﻋﻴﻨﻲ . ﺑﺪﺍ ﻟﻲ ﺃﻧﻨﻲ ﺃﺭﻯ ﻛﺎﺋﻨﺎﺕ ﺑﺸﺮﻳﺔ ﻣﻌﻠﻘﺔ ﻣﻦ ﺃﺭﺟﻠﻬﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺴﻘﻒ ورأﺳﻬﺎ ﺇﻟﻰ ﺍﻷﺳﻔﻞ . ﻓﻜﺮﺕ ﺃﻥ ﻋﻴﻨﻲ ﻗﺪ ﻏﺸﻴﺘﺎ ﻻﻧﺘﻘﺎﻟﻬﻤﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﻈﻠﻤﺔ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻨﻮﺭ . ﺧﻼﻝ ﺩﻗﻴﻘﺔ ﺳﺘﻌﻮﺩ ﺭﺅﻳﺘﻲ ﻭﺍﺿﺤﺔ ﻭﺳﺄﺟﺪ ﻫﺆﻻﺀ ﺍﻷﺷﺨﺎﺹ ﺟﻠﻮﺳﺎ ﺃﻭ ﻭﻗﻮﻓﺎ . ﻟﻸﺳﻒ ، ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻣﺎ ﺭﺃﻳﺖ ﺧﻄﺌﺎ ﺃﻭ ﺧﺪﻳﻌﺔ ، ﻓﺎﻟﺼﻮﺭ ﺣﻘﻴﻘﻴﺔ ﻓﻌﻼ ، ﺟﺪ ﺣﻘﻴﻘﻴﺔ . ﺭﺟﺎﻝ ﻭﻧﺴﺎﺀ ﻣﻘﻴﺪﻭﻥ ﻭﻣﻌﻠﻘﻮﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﺴﻘﻒ ﺑﻘﻴﻮﺩ ﺣﺪﻳﺪﻳﺔ ﺭبﻄﺖ ﺇﻟﻰ ﺣﺒﻞ . ﻭﻋﻠﻰ ﺍﻷﺭﺽ ﺃﻃﻔﺎﻝ ﻳﺮﻓﻌﻮﻥ ﺭﺅﻭﺳﻬﻢ ﻧﺤﻮ ﺃﻣﻬﺎﺗﻬﻢ ﻭﺁﺑﺎﺋﻬﻢ ، ﻭﻫﻢ ﻳﻨﺘﺤﺒﻮﻥ ﻭﻗﺪ ﺃﺿﻨﺎﻫﻢ ﺍﻟﺘﻌﺐ ﻭﺍﻟﺒﻜﺎﺀ . ﻭﺟﻮﻫﻬﻢ ﺍﻟﺼﻐﻴﺮﺓ ﻣﺘﺴﺨﺔ ﺑﺎﻟﺪﻣﻮﻉ ، ﻭﺍﻟﻤﺨﺎﻁ ﻳﺴﻴﻞ ﻣﻦ ﺃﻧﻮﻓﻬﻢ . ﻻ ﻋﻤﺮ ﻟﻬﺬﻩ ﺍﻟﻜﺎﺋﻨﺎﺕ ﺍﻟﺼﻐﻴﺮﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﺑﺪﺕ ﻗﺮﻳﺒﺔ ﻣﻦ ﺍﻻﺣﺘﻀﺎﺭ ، ﻟﻬﺆﻻﺀ ﺍﻷﻃﻔﺎﻝ ﺍﻟﺮﺍﻛﻌﻴﻦ ﺃﻭ ﺍﻟﺠﺎﻟﺴﻴﻦ ﺍﻟﻘﺮﻓﺼﺎﺀ ﻓﻲ ﺑﺮﻙ ﻣﻦ ﺍﻟﺪﻡ ﻭﺍﻟﻘﻲﺀ . ﺭﺍﺋﺤﺔ ﺭﻫﻴﺒﺔ ﻣﻦ ﻧﺘﻦ ﺻﻌﺪﺕ ﺇﻟﻰ ﺣﻠﻘﻲ ، ﺷﻌﺮﺕ ﺑﺎﻟﻐﺜﻴﺎﻥ ﻭﺍﻟﺮﻏﺒﺔ ﺑﺎﻟﻘﻲﺀ . ﻣﻨﺬ ﻛﻢ ﻣﻦ ﺍﻷﻳﺎﻡ ﻭﺍﻟﻠﻴﺎﻟﻲ ﻳﺘﺨﺒﻄﻮﻥ ﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﻜﺎﻥ؟..
يضيف "جيل بيرو" عن مؤمن الديوري وما تعرض له من السادي أوفقير :
" ﺍﻗﺘﺮﺏ محمد أوفقير ﻣﻦ ﻣﺆﻣﻦ ﺩﻳﻮﺭﻱ ، ﻭﻫﻮ ﻣﺮﺑﻮﻁ ﺇﻟﻰ ﻋﻤﻮﺩ ﻭﺷﻖ ﺍﻟﺠﺎﻧﺐ ﺍﻷﻳﺴﺮ ﻣﻦ ﻇﻬﺮﻩ ﺑﺨﻨﺠﺮ ، ثم ﺃﺧﺮﺝ ﻣﻦ ﺟﻴﺒﺔ ﻗﻄﻌﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻠﺢ ﻭﻏﺮﺯﻫﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺠﺮﺡ ﻭﻏﻄﺎﻩ ﺑﻠﺼﻘﺔ ﻣﺸﻤﻌﺔ . ﻭﺍﻧﺘﻈﺮ ﺍﻟﻨﺘﻴﺠﺔ . ﺗﺼﺒﺐ ﺟﺴﻢ ﺩﻳﻮﺭﻱ ﻋﺮﻗﺎ ، ﻭﺟﻒ ﺭﻳﻘﻪ ، ﺧﻴﻞ ﻟﻪ ﻗﺮﺏ ﺍﺣﺘﻀﺎﺭﻩ . ﻭﻗﺎﻝ ﺑﻌﺪ ﺫﻟﻚ : ﻛﻨﺖ ﻣﺴﺘﻌﺪﺍ ﺃﻥ ﺃﻗﺪﻡ ﻋﻴﻨﻲ ﻟﻘﺎﺀ ﺷﺮﺑﺔ ﻣﺎﺀ.
ﺍﻧﻬﺎﺭ مؤمن ﻭﺍﻋﺘﺮﻑ ﻓﻲ ﺍﻟﺪﺭﺟﺔ ﺍﻟﺨﺎﻣﺴﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﻌﺬﻳﺐ . ﺷﺎﻫﺪ ﺑﻌﺪ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺠﻨﺮﺍﻝ ﺃﻭﻓﻘﻴﺮ ﻭﻗﺪ ﺍﻗﺘﺮﺏ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﻘﻴﺐ ﺻﻘلي ﻣﻦ ﺍﻟﻘﻮﺍﺕ ﺍﻟﻤﺴﻠﺤﺔ ﺍﻟﻤﻠﻜﻴﺔ ، وﺃﺣﺪ قدﺍﻣﻰ ﺍﻟﻤﻘﺎﻭﻣﻴﻦ . قطع ﻭجهه ﺇﺭﺑﺎ : ﻣﺰﻕ ﺷﻔﺘﻴﻪ ، ﺛﻢ ﻗﻄﻊ ﺇﺣﺪﻯ أذﻧﻴﻪ ، ﻓﺎﻷﺫﻥ ﺍﻷﺧﺮﻯ ، ﻭﺟﺪﻉ ﺃﻧﻔﻪ . ﺃﺧﻴﺮﺍ ﻏﺮﺯ ﺧﻨﺠﺮﻩ ﻓﻲ ﻋﻨﻘﻪ . ﻗﺎﻝ ﻟﺪﻳﻮﺭﻱ : ﻫﺬﻩ ﻫﻲ ﺍﻟﺪﺭﺟﺔ ﺍﻟﺴﺎﺑﻌﺔ ، ﺗﻠﻚ ﻻ ﻳﺨﺮﺝ ﺃﺣﺪ ﻣﻨﻬﺎ ﺣﻴﺎ . ﺛﻢ حول ﻭﺟﻬﻪ ﻟﻴﺘﻘﻴﺄ .
ويضيف مؤمن أنه شاهد أوفقير يقتل رجل المطافئ من الدار البيضاء المعروف بـ لحسن المقاوم السابق :
كان لحسن معلقا في السقف برجل واحدة . إنه شكل جديد من التعذيب . فتقدم أوفقير وهو يحمل خنجرا بيده ؛ فشق بطنه فانطلقت أحشائه ، وبضربة أخرى قطع الحبل فسقط لحسن على الأرض ، تحطمت فقراته الرقابية ، ثم أخرج الحراس الجثة . كانوا يدفنون الجثث قرب جدع شجرة البرتقال في الحديقة .