الأسطورة فاطنة بنت الحسين

إعلان الرئيسية

الصفحة الرئيسية الأسطورة فاطنة بنت الحسين

الأسطورة فاطنة بنت الحسين


في  بداية الثلاثينيات شاءت الأقدار أن تنجب منطقة سيدي بنوربجهة دكالة عبدة صاحبة الصوت الذي سيحمل طبع تربة عبدة في غنائها. خرجت إلى الوجود فاطنة بنت الحسين التي تأثرت منذ صغرها بصورة واحدة من ألمع الفنانات الشعبيات آنذاك، الشيخة الغالية. بدأت القصة  حين جاءت الشيخة الغالية لإحياء أحد الأفراح بمنطقتها، بمظهر امرأة متفردة ذات حضور و كاريزما وعز. إندهشت فاطنة بنت الحسين بهذه الواقعة وبرؤية امرأة كالغالية تسوق سيارة في ذلك الوقت، وكذلك الاهتمام الذي والإحترام الذي حضيت به من طرف الناس. بعيد ذلك رسمت فاطنة لنفسها هدفا وهو أن تصبح في يوم من الأيام شيخة مثل الشيخة الغالية، لتشد بعد ذلك الرحال إلى مدينة اليوسفية بعد تجربة زواج لم تدم طويلاً. تتلمذت فاطنة بنت الحسين على يد ألمع شيخات وشيوخ العيطة كالشيخة خدوج العبدية وزوجها الشيخ المحجوب وغيرهم. كانت تلك خطواتها الأولى نحو صناعة صورتها كـ “ديفا” وأسطورة فن العيطة.
بعد عقد من الزمن، انتقلت الشيخة فاطنة بنت الحسين للعمل مع مجموعتها الرئيسية، مجموعة ولاد بن عكيدة: بوشعيب عازف الكمنجة، وميلود عازف العود، وبوجمعة عازف الدربوكة أو الإيقاع، إلى جانب الشيخات زينب مسيكة والهاترة وسعاد البيضاوية، والشيخة حفيظة زوجة بوشعيب بن عكيدة والشيخة الطباعة/الرئيسية. سجلت فاطنة مع هذه المجموعة ما يزيد على 200 تسجيل من العيوط/العيطات والأغاني الشعبية. تميزت تسجيلاتها الأولى بكونها تقتصر على أغاني العيطة بمختلف أنماطها حيث أبدعت فاطنة من خلالها وبرهنت أن صوتها البدوي الخشن والحاد قادر على أداء العيطة بشكلها الحقيقي بل فاق أداءهل كل التوقعات وتألقت كشيخة طباعة تطبع الكلام بطبع الأرض رغم أنها لم تكن بنف التوفيق في غناءها للعيطة البيضاوية/المرساوية كعيطة حضرية/مدينية تحتاج لصوت أقل خشونة و حدة. وكمثال على روائع الشيخة فاطنة بنت الحسين و مجموعة ولاد بنعكيد عيطة حاجتي فكريني، وهي من نظم الشاعرة والشيخة خربوشة بصوت الديفا فاطنة بنت الحسين.

بعد ذلك بدأت المجموعة بإعادة توزيع مقطوعات كانت تؤدى بآلة الكنبري وكذا أغاني أخرى لفرق نسائية بالوسط القروي، كأغنية مولاي عبد الله التهامي السالمي التي تصف طريق وزيارة وطقوس موسم مولاي عبد الله أمغار بنواحي مدينة الجديدة، وتشبه هذه التحفة الغنائية في موضوعها أغنية الليلة الكبيرة للمغني المصري سيد مكاوي التي يصف فيها المولد، أو أغنية شعيبة يا وليدي التي تعود للثنائي قرزوز ومحراش والتي تسرد قصة القبض على شاب يدعى شعيبة بسبب كمية من الكيف كانت بحوزته.

لم تخرج أغاني الشيخة فاطنة بنت الحسين عن اللون البدوي المحض رغم توزيعها بشكل مختلف وإدماج آلات وتقاسيم مغايرة عن هذه البيئة القروية كآلتي العود والكمنجة، مما يجعلها أغاني شعبية ذات نمط نستطيع أن نقول عنه أنه إحياء للنموذج العيطي. ورغم اتساع طيف نماذج التطوير والتأثر في الأغنية الشعبية، لكن الشيخة فاطنة بنت الحسين بكاريزمتها وحضورها القوي وصوتها الصداح كانت بدون شك من آخر علامات الفخر في الغناء العيطي.
إن كان قد حق لأوائل الشيخات الإفتخار بمواجهة السلطة المخزنية أو المستعمر فإن الأسطورة فاطنة بنت الحسين أحيت ورسخت الفخر بالهوية والطبع البدويين اللذان يحملهما صوتها المنفرد، فبتسجيلها وتخليدها لكم كبير من العيوط قد نالت الشرعية التاريخية واستحقت لقب الأسطورة كخزان لحفظ التراث ثم بعد ذلك كنموذج للتطوير بأغانيها الموسمية. أليست هي من قال “راني سجلت لا تقولو مت”
-معازف بتصرف

التصنيفات:
تعديل المشاركة
Back to top button