/www.nadorcity.com هل كانت صدفة أن يتحول شخص عادي، وفقير بدأ حياته من الصفر، إلى أكبر مزود خمور في السوق المغربية والعالمية وأحد أكبر مزود خمور في السوق المغربية والعالمية وأحد أكبر أثرياء المملكة؟!
صحيح أنه لم يكن يحفظ عن ظهر قلب الكلمات السرية لمغارة "علي بابا"، حيث في داخلها الثراء والثروة والعيش الرغيد، لكنه ربما وجد كلمات سر ثروته منحوتة بين عناقيد الكروم التي زرعها أول مرة. فحياة إبراهيم زنيبر، بدأت من السوق الأسبوعي لمدينة سيدي قاسم، أو كما كانت تسمى قبل الاستقلال "بتي جو PETIT-GENT" لتصل إلى احتكار 80 في المائة من سوق النبيذ الأحمر في المغرب، واحتلال مراتب متقدمة في لائحة أثرياء البلد، كان إبراهيم زنيبر ابن مدينة سلا، يساعد والده الطاهر زنيبر في بيع الحبوب والصوف في سوق الخميس بسيدي قاسم... في العشرينيات من القرن الماضي، بعد أن تأزم بهم الوضع الاجتماعي وساءت أحوالهم المعيشية في مدينة سلا. سيشتري إبراهيم أراضي فلاحية سنة 1956 كانت في ملكية عقيد فرنسي متقاعد، الذي خصصها لتربية الخيول والمواشي، كانت تضم كوخا عاديا، يفتقد إلى ضروريات العيش، خصوصا دورة المياه. شراء زنيبر لهذا العقار الذي تبلغ مساحته 750 هكتارا، أتى بعد وساطة أحد زبنائه السابقين، لكن الغريب أن زنيبر لم يدفع ولا سنتيما واحدا في شراء هذه الأراضي، بل استفاد من قرض منحته له خزينة المملكة في تلك الفترة، كما اقترض من بنك "الشركة المغربية للقروض والأبناك" التي تعد السلالة الأولى لمجموعة "التجاري وفا بنك" حاليا، لشراء الآلات والمعدات الفلاحية، ليبدأ زنيبر بذلك في تأسيس إمبراطوريته شيئا فشيئا، قبل أن يأتي على الأخضر واليابس في سوق الخمور المغربية، إذ سيؤسس أول شركة له متخصصة في إنتاج وتسويق الخمر سنة 1964 بإسم "لي سيباج دومكناس" و"لي سيباج دو بولمان (كاستل)" لتصل إلى 85 ألف و400 هيكتولتر من الخمر، بعدها سيشتري زنيبر سنة 2001 من خلال مجموعته الاقتصادية "ديانا هولدينغ" مجموعة "إيبرطيك" الفرنسية والشركات الأربع التي تضمنها، تبعها فتح شركاته لفروع لها في العديد من مدن المملكة منها الدار البيضاء، أكادير، الرباط، مكناس، مراكش، وجدة، طنجة والجديدة، وحتى في بعض الدول الأجنبية، كبلجيكا والولايات المتحدة الأمريكية، هولندا، فرنسا، كندا، ألمانيا واليابان.
هذا النمو المضطرد للمجموعة الاقتصادية "ديانا هولدينغ" مكنها من احتكار 85 في المائة من سوق الخمور بالمغرب، محققة رقم معاملات يفوق المليار درهم، ويعود هذا الرقم إلى كون "ديانا هولدينغ"، تنتج 25 مليون قنينة سنويا، مليون منها يوجه للأسواق الخارجية كفرنسا والولايات المتحدة الأمريكية واليابان... وتتوفر المجموعة على وحدتين للتعليب: إحداهما لإنتاج الخمور العادية، تنتج تسعة آلاف قنينة في الساعة، والثانية لإنتاج عشرة آلاف قنينة كل ساعة من الأنواع المسجلة ك"كروان" و"بني مطيط", تتولى توزيع هذه المنتوجات 8 وكالات جهوية تابعة للمجموعة الاقتصادية، ورغم النافسة الشديدة من طرف الشركة الفرنسية "كاستل"، التي تعمل بالمغرب منذ 1994 وتنتج 100 ألف هيكتولتر، فإن مبيعاتها في المغرب لا تتجاوز مليوني و700 ألف قنينة بالمغرب، خصوصا وأن مجموعة زنيبر في جهة مكناس تافيلالت وحدها تحتكر 70 في المائة من الإنتاج الوطني، وهو ما جعل أرباح مجموعه الاقتصادية السنوية من منتوجات النبيذ الأحمر تحتكر 70 في المائة من الإنتاج الوطني، وهو ما جعل أرباح مجموعته الاقتصادية السنوية من منتوجات النبيذ الأحمر والشمبانيا تزيد على 225 مليار سنتيم.
هوايات إبراهيم زنيبر
رغم اقترابه من سن التسعين، لازال إبراهيم زنيبر محافظا على رشاقته، ووسامته التي تغازلها ابتسامة لا تفارق محياه، فهو لم يحتج يوما إلى شرب إكسير الشباب، بل أدرك سرا تعود عليه منذ سنوات عديدة، ففي كل صباح يمارس زنيبر تمارينه الرياضية داخل قاعة بمحل سكناه الفاخر، كما أدمن على ممارسة السباحة لمدة 20 دقيقة، سواء في مسبح تابع لضيعته أو في مسابح أخرى خارج إمبراطوريته، هذا دون أن ينسى نصيبه من رياضة التنس والمشي كل صباح في منتجع ضيعته، هذا بالإضافة إلى اليوغا.
حاول زنيبر بناء ملعب خاص للكولف من تسع حفرات، لكن زوجته "لالة غيثة" كان لها رأي آخر وأجهضت الحلم، وبررت ذلك بكون هذا الملعب سيستهلك الكثير من المياه، وإلى جانب هذه الرياضات، يحب زنيبر الرقص، إذ أنشأ داخل محل إقامته "مرقصا صغيرا لهذه لغاية".
زنيبر سيمضي تقاعده داخل ضيعته
بعد سنوات عديدة من تسييره لمجموعته الاقتصادية "ديانا هولدينغ" يستغل إبراهيم زنيبر بعض فترات العطلة لزيارة أبنائه خارج أرض الوطن، خصوصا أبناؤه من زوجته الثانية "لالة غيثة" سواء في الولايات المتحدة الأمريكية، لندن، وباريس، وفي حالة إشراف إبنه ليث على مجموعته الاقتصادية يفضل زنيبر الرجوع لخلف في صمت بعد عقود من تسييره الناجح لمجموعته، سواء بشكل مباشر، أو عبر عقد لقاءات بالفيديو من مكتبه داخل ضيعته الفخمة مع جميع المسؤولين داخل مجموعته الاقتصادية. واختار زنيبر بشكل مدروس محل تقاعده الذي لن يخرج عن ضيعته في منطقة "حرز الله" القريبة من إقليم الحاجب المحاذية لقلعته الشهيرة "روسلام".
حديقة زنيبر
تكشف الحدائق المتواجدة داخل ضيعة زنيبر التي تجاور محل سكناه عن اهتمام كبير بالتراث المغربي والسعي إلى المحافظة على الذوق الرفيع، حدائق ليست عادية مزينة بأشجار من نخيل والعديد من النافورات، يطغى على تصميمها الطابع الحرفي التقليدي المغربي الصرف، وتتخللها مكتبر للخمر وقلعة "روسلام" التي اعتبرت أول قلعة للخمر في إفريقيا،وتضاهي نظيراتها في باقي دول العالم، تتوفر على قبو أو مخزن يضم ثلاثة آلاف برميل مصنوع من شجر البلوط، مملوء عن آخره، بكميات كبيرة من الخمر، بالإضافة إلى ثلاثة ملايين زجاجة خمر، كما تضم هذه القلعة مرافق تابعة لمصنعه المتطور، إذ تشمل وحدة بأحدث وسائل التكنولوجيا في إنتاج الخمور.
إدريس التولالي عمرو ينسى خير زنيبر
جاء في اعترافات إدريس التولالي الوزير السابق للإسكان للصحف الوطنية أنه كان من أسرة جد فقيرة، وخلال مرحلة الثانوية وبالضبط بعد استقلال المغرب، تم تجميد منحته التي كانت توزع على التلاميذ الفقراء في تك الفترة، وهو ما جعله يعيش كابوسا حقيقيا، سيما مع إصراره على إكمال دراسته ورفضه لكل الوظائف الإدارية التي عرضت عليه، لكن الخير "دائما كيجي بالمرة"، فقد قبلت إدارة الثانوية طلب التحاقه بداخلية المؤسسة، "بناء على تعليمات من العاصمة". كما ظل متعهده، أستاذ مادة الفرنسية، يواصل مجهوده لضمان رعاية مستديمة للفتى، وقد أثمرت عن قبول منظمة اجتماعية تعنى بالفقراء تسمى "نادي روطاري فرع مكناس" احتضانه دراسيا من خلال توفير كل المستلزمات التي تعينه على الاستمرار في مشواره، وكان هذا النادي يتكون من الأعيان الفرنسيين من تجار ورجال أعمال من بينهم مغربي وحيد هو إبراهيم زنيبر أحد أكبر أثرياء الفلاحين وأثرياء المنطقة، مما جعل الوزير السابق يعتبر نفسه محظوظا لأنه كان مدعما على المستوى التعليمي من طرف زنيبر.
منتوجات زنيبر تحتل الصفوف الأولى
تبقى أجمل ذكرى لدى إبراهيم زنيبر فوز منتوجه "راض جميل" بالجائزة الأولى بأحسن نوع من الخمور في العالم، بعد منافسة شرسة مع 5000 منتوج عبر العالم، وفي هذا الإطار ظل زنيبر يحتفل مع طاقمه في برج "إيفيل" في العصمة الفرنسية باريس، خلال حفلة متميزة خصصت لهذا الغرض استمرت إلى الساعات الأولى من صباح اليوم الموالي، كما مكن منتوجه الجديد "تلال المغرب" سنة 2005 من فتح الباب له على مصراعيه أمام الأسواق العالمية، رغم أنه اعتمد على إسم مغربي صرف، استطاع به ضمان حصة مهمة في سوق الخمور في العالم، رغم المنافسة الشديدة لباقي المنتجين الدوليين، وأطلق زنيبر سنة 2007 منتوجه الجديد "لؤلؤة الجنوب" التي اعتبرت من أحسن وأفضل أنواع الشمبانيا في العالم.
زنيبر رجل الخير والتواضع
من النقط الإيجابية التي تحسب لإبراهيم زنيبر، حسب مقربين من الرجل، أنه، على نقيض بعض أثرياء المغرب، خلق لنفسه مكانة متميزة وأعطى عن ذاته انطباعا جيدا يتناقله رواد المقاهي والأماكن العمومية والخاصة في العاصمة الإسماعيلية. فهذا الرجل، حسب قولهم، رغم ثرائه، يظل في غاية اللطف والتواضع لدرجة أن كل من يقابله صدفة، يعتقد أنه من العامة، كما أن علاقته بجميع عماله جد متميزة ومتينة، فحتى خادماته حسن من أوضاعهن القانونية ويتقاضين أجرا محترما، مقارنة مع باقي الخادمات لدى العديد من أثرياء المغرب. وما زاد في رفع أسهم شعبيته لدى ساكنة مكناس، امتلاكه خيرية للأيتام يرعاها من ماله الخاص، إذ يتولى تدريس الأيتام وتشغيلهم، بل حتى تزويجهم، بالإضافة إلى أنه خصص فيلته الفخمة في مدينة بوزنيقة لمجموعة من الأطفال تبناهم، يدرسهم ويتولى تربيتهم حيث يعيشون عيشة الأغنياء لهم خدم وسائق خاص، الكل يحترمه، وحسب ما ورد على لسان بعض الساكنة، فلولا تجارته للنبيذ لكان "ملاك الفقراء".
هدية الحسن الثاني لزنيبر
في منتصف سنوات التسعينيات من القرن العشرين تلقت إمبراطورية زنيبر أكبر صفعة، بعد أن وقع الملك الراحل الحسن الثاني مع عمدة مدينة بوردو الفرنسية "جاك شابان – دلماس" اتفاقية تم من خلالها استفادة ثلاثة من كبار منتجي الخمور في فرنسا من أراضي مغربية بشراكة مع الشركة الفلاحية "صوديا" والقرض الفلاحي المغربي، لكن هذه الصفعة سرعان ما ستزول بعد أن اتصل الملك الراحل بإبراهيم زنيبر، وقال له بالحرف –حسب صحيفة "لوموند" الفرنسية- "لقد نسيتك يا إبراهيم، سأعطيك 1100 هكتار من الكروم، ولن تكون بحاجة إلى البحث عن شركاء من المؤسسة العمومية".
زنيبر والإعفاء الضريبي
بحكم أنه من أباطرة الفلاحة في المغرب، ساهم إبراهيم زنيبر، إلى جانب مجموعة من كبار الفلاحين في المغرب، في تمرير قانون الإعفاء الضريبي للفلاحين، خصوصا وأن فترة الثمانينيات تميزت بالبدايات الأولى القاسية من الجفاف الذي استنكر في المغرب لسنوات طويلة، واضطر زنيبر ورفاقه إلى ملاقاة الملك الراحل الحسن الثاني واستعطافه لتطبيق هذا القانون، بعد أن فشلوا في إقناع البرلمان المغربي في ذلك، وهو فعلا ما تحقق سنة 1984، إذ أعلن الحسن الثاني في خطاب له عن إعفاء الفلاحين المغاربة إلى حدود السنة الماضية، من تسديد الضرائب.
زنيبر البرلماني ومستشار الملك الحسن الثاني
كعادة الأثرياء المغاربة، استطاع إبراهيم زنيبر، من خلال عضويته في الغرفة الفلاحية بمكناس، أن يضمن له مقعدا في البرلمان المغربي، بعد رفع حالة الاستثناء التي كان أعلن عنها الملك الراحل بعد انتفاضة الدار البيضاء سنة 1965، ومنذ ذلك الوقت بدأ يحصل على الآلاف من الهكتارات من أراضي الدولة لتنويع أغراسه المقسمة بين إنتاج الكروم وباقي أنواع الفواكه، كما حظي زنيبر خلال فترة حكم الحسن الثاني بمنصب مستشار خاص له.
أبناء زنيبر
قبل زواجه ب"لالة غيثة" التي كانت في عهدة أخيه السابق، كان لإبراهيم زنيبر خمسة أبناء من الزوجة الأولى، في حين كان لدى غيثة إبنان فقط، وبعد فترة زواج أنجب زنيبر و"لالة غيثة" ستة أبناء، كما عمل الزوجان على تبني العديد من الأبناء اليتامى بلغ عددهم سبعة يتامى، وإنزالهم منزلة الأبناء الحقيقيين. ليبلغ عدد أبناء زنيبر 20 إبنا. أمام هذا الوضع، عمد زنيبر إلى تقسيم إرثه، رغم أنه لازال على قيد الحياة، وذلك لقطع أي بذرة غيرة بين الأبناء في مهدها، ورغم إقدامه على هذه الخطوة، فإن أحد أبنائه من الزوجة الأولى قطع صلته بالأب زنيبر، وانتقل للعيش في الزاوية البوتشيشية، لكن قرار الإبن بمغادرة الإمبراطورية، جعل رضا وهو ربيب زنيبر وإبن أخيه، يصبح الذراع اليمنى لإمبراطور النبيذ في المغرب، الذي راهن أيضا بشكل كبير على إبنه البكر من "لالة غيثة" يدعى "ليث" الذي كان يدرس في الولايات المتحدة الأمريكية، حيث طالبه في العديد من المرات بالعودة إلى المغرب ليشرف شخصيا على كل مشاريع العائلة، بعد أن تقرر بناء المقر الاجتماعي للمجموعة العملاقة "ديانا هولدينغ" في الرباط، رغم أنه –أي ليث- عاش ضغوطات وإغراءات مالية من طرف شركة أمريكية لها مقر في الصين...
لالة غيثة مولاتي
إن قصيدة الملحون المكناسية "قولو لالة غيثة مولاتي" استوحت كلماتها العذبة ومضامينها الرومانسية من العلاقة المتميزة التي تجمع إبراهيم زنبير بزوجته لالة "غيثة"، فهذه الزوجة لها مكانة خاصة ومتميزة لديه، فلا يستطيع أن يرفض لها طلبا، يستمع لها أكثر من أن يناقشها، فبالإضافة إلى أنها نائبة رئيس مجموعة "ديانا هولدينغ"، إلا أن نجمها سطع بشكل جلي في الأعمال الخيرية والمساعدات الاجتماعية للفئات الفقيرة والمحرومة، ولهذا الغرض أسست "لالة غيثة" مؤسسة "غيثة زنيبر" سنة 1992 لتتكفل بالأطفال اليتامى والمتخلى عنهم، كانت البداية في شكل تعاون إنساني ومالي نشيط مع مستشفى محمد الخامس بمكناس، من أجل توفير الشروط الصحية في قاعات الولادة والتي كانت تتسبب في كوارث إنسانية، ليقتصر عملها حاليا على التكفل شبه التام بمجموعة من الأطفال يقارب عددهم ال400 من الولادة إلى حين بلوغهم سن العشرين في مركز "العش" الذي أنشأته عام 1988، بالطابق الخامس من المستشفى في جزء من الأجنحة الشاغرة. كانت بدايتها ب23 رضيعا أكبرهم سنا كان يبلغ عاما ونصف، وفي إطار شراكة تندرج في إطار المبادرة الوطنية للتنمية البشرية في 2005، أسست "لالة غيثة" مركزا جديدا للجمعية، "ملحق العش" الذي يطمح إلى إيواء ما يزيد عن 200 طفل ومراهق في سن التمدرس، حددت ميزانيته في 2.820.000,00 درهم الأمر الذي مكنها من تغطية مصاريف هذا المركز على المستوى الوطني دون صعوبة
لست ربوت