يُعتبَر التقرير الصحفي نوعاً رئيسياً من أنواع الأعمال الصحفية. وهو عبارة عن مثال في عالم الصحافة: فالتقرير الصحفي الجيد يجمع في طيّاته جميع أنواع الأعمال الصحفية الأخرى. يجب أن يكون هناك تناغم بين الشكل والمضمون، وأن تتمّ مُعالجة الموضوع المُتناوَل بشكل جيّد ومُتقن. إنه تمرين صعب ولا يحتمل التفاهة بل يفترض على الصحفي أن يكون متمكّناً من كافة تقنيات التحرير.
المفاتيح الثمانية للحصول على تقرير صحفي جيّد
1. فكرة جيّدة
من أجل لفت الانتباه، يجب في البداية سرد قصّة مبتكرة. تتمثّل الخطوة الأولى الواجب القيام بها في إيجاد الفكرة الجيدة، أي تلك التي لا تملكها بقيّة الصحف. في زوبعة الأخبار، نجد أحياناً هذه الفكرة عندما نلجأ إلى البحث “عكس التيّار”. حطّ يوليوس قيصر رحاله في بريطانيا؟ كلّ العالم يركّز على المخطط الذي أعدّه للمعركة، وقواته المسلحة، وأهدافه الجيوسياسية، وطموحاته الشخصية؟ المبعوثون الخاصّون التابعون إلى الصحافة الرومانية والغاليّة يتدفّقون نحو شاطئ دوفر؟… أنا سأقوم بالعكس! سوف أذهب لأرى، على الأرض، ما هي ردات فعل البريتون، هؤلاء “البربر”….”أبيع” فكرتي إلى مدير التحرير في الصحيفة التي أعمل لصالحها، وهذا الأخير يفرح مسبقاً…
2. توثيق جيّد
للتمكّن من فهم ما سوف نراه، حين نذهب لتحضير تقرير صحفي في مكان نجهله، يجب على الأقل أن تكون لدينا فكرة عمّا ينتظرنا هناك… لكن، أنا لا أعلم شيئاً عن هؤلاء البريتون “البربر”. كيف يمكنني أن أكتب عنهم أموراً إيجابيّة؟ إذاً، سآخذ وقتي لجمع المعلومات عنهم قبل أن أتوجّه للقائهم. وإلاّ، ما أن أَصِل إلى المكان، هناك احتمال أن أغفل أكثر الأمور المثيرة للاهتمام.
3. صور ومشاهد من الحياة
التقرير الصحفي عبارة عن حياة الأشخاص. حين أَصِل عند البريتون، عليّ أن أجعل الأشخاص يتكلّمون، والبحث عن أكثر الأشخاص ثرثرةً، وأكثرهم مشاكسةً وإثارة للاهتمام، عليّ أن أجعلهم يتحدّثون عن يوليوس قيصر وعن رحلته. يجب أن أدوّن بخط اليد الكثير ممّا أراه وأسمعه؛ سأسجّل المحادثات على مسجّل للصوت (بعد الحصول على موافقة الأشخاص الذين أحاورهم)؛ وأتنبّه، قبل كلّ مقابلة، إلى ضرورة الحصول على معلومات لتحديد كلّ شخص من الأشخاص الذين أحاورهم: الإسم، الشهرة، العمر، المهنة، لون العيون، لون الشعر، الميزات… وأدوّن كذلك كافّة التفاصيل الوصفية التي قد تلزمني لأظهرهم أثناء قيامهم بأعمالهم: هنا، محل حدادة؛ هناك محل بقالة، “حانة”،…
4. الأصوات، الألوان، الروائح
التقرير الصحفي عبارة عن إطار حياة الأشخاص. كل حواسي في حالة تأهّب. أسجّل الأصوات، والألوان، والروائح لإعادة إحيائها في نصّي. سأصف كلّ شخص في عالمه المهني. يجب أن ينقل نصّي القارئ إلى حيث يستطيع رؤية وسماع وتحسُّس نفس الأمور التي عشتها أنا.
5. زاوية الهجوم
ألتمس شعوراً مهيمناً ممّا أراه وأسمعه وأشعر به لدى احتكامي بالبريتون ومعرفة استعداداتهم للحرب: حملة قيصر لن تكون انتصاراً سهلاً؛ إنّ البريتون يتوقّعون أن يحطّ رحاله وسيواجهونه من خلال شكل جديد من أشكال العصابات…بدعم من الإستكتلنديينّ! هذا سبق صحفي: إنه بريتانيكس، قائد البيروتون، الذي أخبرني بذلك! لقد غادر الإسكتلنديون هايلاند لشنّ هجوم مُباغت على قيصر حين يقوم بحاصرة لندن. هذه هي زاوية الهجوم بالنسبة لي! “قيصر سيقع مباشرةً في المغطس الاسكتلندي!”…
6. جملة اجتذابية جيدة
التقرير الصحفي الجيد عبارة عن فكرة جيدة تتجسد في أشخاص أقوياء وتعبّر عن نفسها من خلال تعابير مثقلة بالمعاني. بوتانيكس وفّر لي، من خلال إجاباته على أسئلتي، ما يلزم للإعداد جملة اجتذابية جيدة. هو قائد البريتون، سأضعه في المقدّمة وسأبدأ نصّي بإحدى أهمّ الجمل التي تفوّه بها:”لقد وصل قيصر في قارب لكنّه سيغادر سباحةً!…”. من بعدها سوف أقوم بوصفه في بضعة أسطر كي أعدّ الديكور قبل أن أقدّم بقية تصريحاته في سياق النصّ.
7. سلك ناقل جيّد
التقرير الجيد عبارة عن سلك ناقل صلب يمتدّ بين جملة اجتذابية جيدة وخاتمة جيدة. ستُشكّل التصريحات التي أدلى بها بريتانيكس أمامي سلكاً ناقلاً بالنسبة لي. سأعدّ بنية النصّ عبر إدراج الاقتباسات، والأوصاف، والصور الصغيرة، والشهادات وملاحظاتي التحليلية حول استراتيجية وإمكانيات البريتون وحلفائهم.
8. خاتمة جيدة
ما مِن تقرير صحفي جيّد يأتي بدون خاتمة جيدة. الخاتمة التي سأعتمدها في النصّ الذي أعدّه بخصوص سفرتي عند البريتون ستكون متماثلة مع الجملة الاجتذابية. سأترك الكلمة الأخيرة إلى بريتانيكس: “هؤلاء الرومان مجانين…”