تقديم إشكالي
أدى تفاقم التراعات داخل القارة الأوربية في خضم التنافس الإمبريالي إلى اندلاع أول حرب عالمية ما بين 1914 و1918م، خسرت فيها الدول الأوربية أزيد من نصف الثروات التي راكمتها طيلة القرن 19م، فترتب عن ذلك فقدان أوربا صدارتها الاقتصادية والمالية.
- فما هي أسباب هذه الحرب؟
- وما هي أهم مراحلها؟
- وفيم تمثلت النتائج التي ترتبت عنها؟
تعددت أسباب الحرب وتنوعت خصائصها
الأسباب الغير المباشرة
تتمثل الأسباب غير المباشر للحرب العالمية الأولى في:
- توتر العلاقات الدولية عند مطلع القرن 20م بسبب توالي الأزمات، كأزمة البلقان، والصراع الفرنسي الألماني حول الحدود، بالإضافة إلى نمو النزعة القومية داخل أوربا وتطلع بعض الأقليات إلى الاستقلال.
- تزايد التنافس الاقتصادي والتجاري بين الدول الامبريالية لاقتسام النفوذ عبر العالم، والسيطرة على الأسواق لتصريف فائض الإنتاج الصناعي والمالي، والتزود بالمواد الأولية.
- دخول الدول الامبريالية في تحالفات ووفاقات سياسية وعسكرية متنافسة ومنها: دول الوفاق الثلاثي (ألمانيا، إيطاليا، والنمسا)، ودول التحالف (روسيا، انجلترا، والولايات المتحدة الأمريكية).
- السباق نحو التسلح بين الدول المتنافسة التي رفعت من نفقاتها العسكرية.
الأسباب المباشرة
اغتيال ولي عهد النمسا فرنسو فردنالند على يد طالب صربي في 28 يونيو 1914م، حيت ستعلن الإمبراطورية النمساوية المجرية الحرب على صربيا. باعتبار أن صربيا محمية روسية ستتدخل روسيا لحمايتها أن قبل يتسع الخلاف، وبذلك بدأت الدول في دخول الحرب تباعا أن إلى تحولت إلى حرب عالمية.
مرت الحرب العالمية الأولى بمرحلتين اثنتين أساسيتين
اندلعت الحرب العالمية الأولى سنة 1914م، وانتهت سنة 1918م بهزيمة الوفاق الثلاثي (ألمانيا، إيطاليا، والنمسا)، بعد أن مرت بمرحلتين متباينتين:
- المرحلة الأولى (1914–1917): تميزت بتفوق وانتصارات دول الوفاق بزعامة ألمانيا مستفيدة من تفوقها العسكري، وأهمية الإستراتيجية الحربية (حرب الخنادق).
- المرحلة الثانية (1917–1918): تميزت بانسحاب روسيا بعد قيام الثورة البلشفية، ودخول الولايات المتحدة الحرب بعد تضرر مصالحها الاقتصادية، فانقلبت الكفة لصالح دول التحالف، ولم تعد ألمانيا تتحمل الحرب فاستسلمت.
وقد تميزت الحرب العالمية الأولى بمجموعة من الخصائص جعلتها تختلف عما سبقتها من الحروب، منها:
- طول مدتها (أكثر من أربع سنوات).
- اشتراك عدة دول من مختلف مناطق العالم في الحرب.
- استخدام أعداد هائلة من الجنود والعتاد الحربي، بالإضافة إلى استخدام أسلحة جديدة لأول مرة كالدبابات، الطائرات الحربية، الخنادق، الغازات السامة...
- تعبئة موارد بشرية واقتصادية هائلة.
خلفت الحرب العالمية الأولى خسائر بشرية واقتصادية ونتائج سياسية
الخسائر البشرية
خلفت الحرب العالمية الأولى خسائر بشرية هامة نتيجة للأسلحة الفتاكة التي استخدمت فيها، وقد تحملت أوربا الجزء الأكبر من هذه الخسائر، مما أدى إلى نزيف بشري ساهم في انخفاض معدل الولادات، وانتشار ظاهرة الشيخوخة، وتراجع نسبة السكان النشطين وما رافق ذلك من آثار نفسية عميقة خاصة بالدول الأوربية، بالإضافة إلى دخول المرأة سوق الشغل نتيجة للطلب المتزايد على اليد العاملة.
الخسائر الاقتصادية
تدمير وتخريب المنشآت الإنتاجية (مصانع، معامل، طرق، مطارات، موانئ ...)، وأراضي زراعية ومنشآت عمرانية (مباني، البنيات التحتية ...)، بالإضافة إلى تراجع الإنتاج وارتفاع الأسعار، وتزايد مديونية الدول المتصارعة لسد تكاليف الحرب، وقد نتج عن ذلك فقدان أوربا لصدارتها الاقتصادية لفائدة قوى اقتصادية صاعدة (الولايات المتحدة الأمريكية واليابان).
النتائج السياسية
انتهت الحرب العالمية الأولى بانهزام دول الوفاق بزعامة ألمانيا، وانتصار دول التحالف مما أدى إلى توقيع عدة معاهدات:
- عقد مؤتمر فرساي سنة 1919 بدون حضور الدول المنهزمة، والتي فرضت المعاهدة شروطا قاسية على ألمانيا المنهزمة، حيث حملت مسؤولية الحرب وإجبارها على دفع تعويض قدر ب132 مليار مارك، واقتطعت أجزاء من أراضيها لصالح البلدان المجاورة، والتقليص من عدد جنودها وانتزاع سلاحها.
- معاهدة سان جرمان مع النمسا سنة 1919: نصت على الاعتراف بانفصال النمسا عن المجر، والاعتراف باستقلال الدول القومية.
- معاهدة تويبي مع بلغاريا 1919م، ومعاهدة تريانون مع المجر1920م واللتان نصتا على اقتطاع أراضي لصالح الدول المجاورة.
أن إلا هذه المعاهدات كانت مخيبة لآمال الدول المنهزمة (دول الوفاق)، حيث فرضت عليها شروط قاسية ساهمت في قيام توتر جديد بين دول أوربا مؤثرة على خريطتها السياسية، حيث انهارت الإمبراطوريات القديمة (الألمانية، الروسية، النمساوية المجرية، العثمانية)، وظهرت دول جديدة (المجر، تشيكوسلوفاكيا، يوغوسلافيا ...).
حاول العالم إعادة بناء السلم العلمي
أسست الدول المنتصرة منظمة دولية سميت بعصبة الأمم في يناير 1920م، والتي حدد هدفها الرئيس في توثيق التعاون بين الدول، وضمان السلم والأمن العالميين بشكل دائم ومستمر، وتتألف عصبة الأمم من عدة أجهزة أهمها: الأمانة العامة، والجمعية العمومية، والمجلس التنفيذي، ومحكمة العدل الدولية، والمكتب الدولي للشغل، والبنك الدولي.
خاتمة
خلفت الحرب العالمية الأولى نتائج كارثية على الدول الأوربية ستعمل على تجاوزها بكل الوسائل، مما سيؤدي إلى اصطدام الدول الأوربية من جديد سنة 1939م في حرب عالمية ثانية.