لا تطعم أولادك إلا من حلال

إعلان الرئيسية


لا تطعم أولادك إلا من حلال
إنّ الحمد لله نحمده و نستعينه ونستغفره ونستهديه، ونعوذ بالله تعالى من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا. من يهده الله فلا مُضلّ له ومن يضلل فلا هادي له .وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له, جل عن الشبيه والمثيل والكفء والنظير. وأشهد أن سيدنا وقدوتنا وإمامنا وقائدنا محمد بن عبد الله صل الله وسلم عليه وعلى آله الطيبين الطاهرين، وأصحابه الغر الميامين ما ذكره الذاكرون الأبرار، وما تعاقب الليل والنهار. ونسأل الله تعالى أن يجعلنا جميعا من صالحي أمته, وأن يحشرنا يوم القيامة في زمرته.
أما بعد :أيها المسلمون،
يقول الله تعالى:[يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وقودها الناس والحجارة..]
 ويقول الله أيضا:{ والبلد الطيب يخرج نباته بإذن ربه، والذي خبث لا يخرج إلا نكدا} الاعراف 57
كذلك بيت الأسرة المسلمة، يلزم أن يكون بلدا طيبا يخرج نباته باذن ربه، ذرية طيبة مباركة، صالحة مصلحة.
عباد الله! إنّ الرزق بالأبناء هبة ربانية، وليس استحقاقا، أو مكافأة لعمل، أو تحيل أو أي سبب. وهو نعمة عظيمة من المنعم الوهاب {ولله ملك السماوات والأرض يخلق ما يشاء يهب لمن يشاء إناثا ويهب لمن يشاء الذكور، أو يزوّجهم ذكرانا وإناثا، ويجعل من يشاء عقيما، انه عليم قدير} وهم من زينة الحياة {المال والبنون زينة الحياة الدنيا} وذلك بقدر ما يتصفون بالصلاح والاستقامة فيكونون قرة أعين لآبائهم، و الاّ فهم مصدر فتنة و شقاء، ولقد تعددت أدعية الأنبياء والمرسلين يسألون الله تعالى الذرية الصالحة، كقول ابراهيم الخليل عليه السلام:{ رب هب لي من الصالحين، فبشرناه بغلام حليم} ودعاء زكرياء { رب لا تذرني فردا وأنت خير الوارثين. فاستجبنا له ووهبنا له يحيا وأصلحنا له زوجه..} إن الأبناء عطاء رباني كريم يستوجب الشكر، لا باللسان وحده، ولكن بما هو أعمق وأبلغ، وهو إحسان تربيتهم على ما ير ضي الله تعالى، ويجعلهم بررة صالحين، وبذلك يكونون حقا قرة أعين، كما هو مطلب عباد الرحمن المؤمنين :{ والذين يقولون ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين إماما} وإنما تقر الأعين بصلاحهم وطاعتهم لله تعالى.
أيها الإخوة الكرام إنّ صلاح الأولاد يعتمد أولا على توفيق الله تعالى -بلا شك- لكنه يعتمد ثانيا على ما يبذله الأب وتبذله الأم في سبيل إصلاح هؤلاء الأولاد.
قد نلقي باللائمة على التلفاز والفيديو والانترنيت والشارع والرفقة السيئة والإعلام الفاسد عموما، وكل أولائك عوامل مدمرة لأبنائنا ولا ريب. لكن السبب أعمق......
لقد جاء رجل إلى عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) يشكو اليه عقوق ابنه وسوء معاملته، فهم عمر بتأنيب الغلام الذي بادره يقول: يا أمير المؤمنين، اذا كان للوالد حقوق على ولده، أليس للولد على والده حقوق؟ قال عمر: بلى، قال: فما هي؟ قال: أن يحسن اختيار أمه، ويحسن تسميته، وأن يعلمه الكتاب. فقال الغلام: أما أبي فانه لم يفعل شئا من ذلك. فان أمي أمة زنجية يعيرني بها، وقد سماني \"جعل\" ( خنفساء) ولم يعلمني شيئا من القرآن. فالتفت عمر الى الرجل يقول : جئت تشكو عقوق ابنك وقد عققته قبل أن يعقك وأسأت اليه قبل أن يسيئ اليك) .
فالخطأ الأول هنا أيها المسلمون لا شك أنه من الوالد والله يا عباد الله هذا الأب لو كان قد اهتم بولده اهتماما جيدا ورباه تربية جيدة منذ صغره؛  فإنه لكان استمتع بالبر أولا في حياته وبالخير بعد مماته. فلقد ذكر النبي - صلى الله عليه وسلم-  أن عبدا يرفع له في الجنة درجات فيقول يا رب لما رفعتني هذه الدرجة وما عندي عمل يبلغني إياها؟ فيقال له: هذا بدعاء ولدك الصالح لك من بعدك.
هذا إذا كان الولد صالحا، أمّا إذا كان الولد –والعياذ بالله- فاسدا فإن ورّثه أبوه مالا ما زاده هذا إلا عتوا ونفورا. فمهما تلي على الولد قوله تعالى[وَقَضَى رَبُّكَ أَلاّ تَعْبُدُوا إِلا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا } [الإسراء]، لا يهمه. ومهما تلي عليه قوله: [واعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانً} [النساء]، وما ذكره الله - تعالى - في كثير من الآيات من بر الوالدين تجد أن الولد لا يتاثر بهذا لماذا؟ لأنه ما عنده إيمان يجعله يتأثر. من الذي يضع هذا الإيمان بعد مشيئة الله تعالى وإذنه وتوفيقه؟ الذي يزرعه في قلب هذا الولد هو ما يفعله الأب له من تحفيظه القرآن وتربيته على ذلك وغير ذلك.
قد يزعم أكثرنا، انهم لم يقصروا في شيء من لوازم وضرورات عيش أبنائهم، في المسكن والمطعم والملبس والعلاج والتعليم والترفيه. ولكن كيف؟ أكثر الآباء لا يهتمّون كثيرا بالكيّف، فهو لا يهمه هل أطعم أهله من مال حلال أم لا! وهذا ضروري جدا في مستقبل أولادك.
لا حظوا معي هذا الحديث الشريف الذي يقوله الحبيب الطبيب - صلى الله عليه وسلم - (( إن الله طيب لا يقبل إلا طيبا،  وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين فقال - عزّ وجل:[يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا]، ثم ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يرفع يديه إلى السماء، ((ولقد أشار الحديث إلى ثلاث حالات هي مظنات لاستجابة الدعاء وهي: 1- السفر. 2- حالة الشعث. 3- رفع اليدين. ((((يمد يديه الى السمآء يارب يارب ومطعمه حرام ومشربه حرام وملبسه حرام وغذي بالحرام فأنّى يستجاب له؟؟!! )) لاحظ من الذي غذاه بالحرام يا جماعة؟ الذي غذاه بالحرام هو: أبواه. لما كان الطفل صغيرا يطعمه ويسقيه من أموال محرمة. يأتي له باللحم ويأتي وبالدجاج ويملأ بطنون أولاده من الحرام؟
يقول: كيف يستجاب لمن نبت جسده من حرام؟ من أموال اليتامى ظلما؟ من مال الربا؟ من مال مسروق؟ ممن يشتري أغراضا مسروقة؟ ممن يغتصب حقوق الناس؟ أراضيهم؟ بضائعهم؟ أي غرض من أغراضهم... فأنى يستجاب لذلك!!؟؟ وهذا الولد وإن رفع يده لكي يدعو لوالده الميت فلا يستجاب له ولا يصل دعاؤه إليه. وهذا مفهوم ظاهر الحديث.
عباد الله! أوصي نفسي وإياكم بتقوى الله. لقد رزق الله كل واحد منا أولادا ذكورا وإناثا،  فلنجتهد في تربيتهم وتقويمهم، لأن ذلك واجب وعبادة عظيمة، وفي ذلك صلاح المجتمع، أعاننا الله على ذلك، وما ذلك على الله بعزيز. ولنذكر قول النبي الكريم صلى الله عليه وسلم:( كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته ).
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم. أقول ما تسمعون، وأستغفر الله العظيم لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب وخطيئة؛ فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبــــة الثــانيــــة
اللغة الثانية   
جعلني الله وإياكم ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه. أولئك الذين هداهم الله وأولئك هم أولو الألباب.
اللهم هب لنا من أزواجنا وذريتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين إماما. اللهم بارك في أولادنا ووفقهم. اللهم ارزقهم الحكمة والعلم النافع وزين أخلاقهم بالحلم وأكرمهم بالتقوى. اللهم ارزقهم المعلم الصالح والصحبة الطيبة, اللهم اجعلهم ممن تحبهم ويحبونك، اللهم ارزقهم حبك وحب نبيك وحب كل من يحبك وحب كل عمل يقربهم الى حبك. اللهم جنبهم الفواحش ما ظهر منها وما بطن، وأعذهم من شر الشيطان الرجيم. اللهم أعنا على تربيتهم و تأديبهم، وارزقنا برّهم.
أيها المؤمنون إن الله أمركم بأمر بدأه بنفسه فقال جل من قائل عليما (إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً).
اللهم صل وسلم وبارك وانعم وزد على رسولك ونبيك محمد بن عبد الله وعلى آله. وارض اللهم عن خلفائه الراشدين: أبي بكر وعمر وعثمان وعلي، وعن سائر الصحابة والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
عباد الله إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون. فاذكروا الله العظيم الجليل يذكركم واشكروه على نعمه يزدكم، ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون.

التصنيفات:
تعديل المشاركة
Back to top button