الإعجاز العلمي في أحاديث في عجب الذنب
مقدمة:
خلق الله تعالى
الإنسان في أحسن تقويم، وجعل خلقه هذا آية دالة على عظيم قدرته وبديع صنعه،
ولهذا نجد الأمر منه سبحانه وتعالى للإنسان بالنظر والتفكر في خلقه، يقول
الله تعالى: ﴿فَلْيَنظُرِ الْإِنسَانُ مِمَّ خُلِقَ﴾ [الطارق: 5]؛ وكل هذا لكي يتعرف الإنسان على ربه تعالى ويشهد بأنه الإله الحق.
وقد جاءت نصوص
من الكتاب والسنة لترشد الإنسان إلى بعض أسرار خلقه وتعينه على النظر
والتفكر، ومن ذلك أحاديث (عجب الذنب) التي أخبر فيها النبي الكريم صلى الله
عليه وآله وسلم عن حقائق علمية بالغة الأهمية، وهي أن الإنسان يركب خلقه
من عجب الذنب وذلك عند تكون الجنين، وأن هذا العظم لا يبلى، بل يركب
الإنسان ويعاد خلقه منه يوم القيامة.
وفي هذا البحث
سنتعرض لهذه الأحاديث بشيء من التوضيح، وبيان ما توصل إليه العلم الحديث في
هذه المسألة، ومن ثم إظهار وجه الإعجاز فيها بمطابقتها للحقائق العلمية
الحديثة.
الأحاديث التي جاء فيها الإخبار عن عجب الذنب:
جاءت بعض الأحاديث مخبرة عن عجب الذنب، فمنها ما جاء عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «كُلُّ ابْنِ آدَمَ يَأْكُلُهُ التُّرَابُ إِلَّا عَجْبَ الذَّنَبِ مِنْهُ خُلِقَ وَفِيهِ يُرَكَّبُ»(1).
ومن ذلك أيضاً ما جاء عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
«إِنَّ فِي الْإِنْسَانِ عَظْمًا لَا تَأْكُلُهُ الْأَرْضُ أَبَدًا فِيهِ
يُرَكَّبُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، قَالُوا: أَيُّ عَظْمٍ هُوَ يَا رَسُولَ
اللَّهِ؟، قَالَ: عَجْبُ الذَّنَبِ»(2).
والعَجْبُ بالسكون: وهو العظمُ الذي في أَسفل الصُّلْب عند العَجُز(3).
يقول النووي:
"قوله: (عجب الذنب) هو بفتح العين وإسكان الجيم أي العظم اللطيف الذي في
أسفل الصلب، وهو رأس العصعص، ويقال له: (عجم) بالميم، وهو أول ما يخلق من
الآدمي، وهو الذي يبقى منه ليعاد تركيب الخلق عليه"(4).
ومن خلال الأحاديث السابقة نجد أنها أشارت إلى ثلاثة أمور:
1- أن الإنسان يبدأ خلقه في مرحلة التكوين من عجب الذنب.
2- أن عجب الذنب لا يبلى ولا تأكله الأرض.
3- منه يعاد خلق الإنسان يوم القيامة.
عجب الذنب (الشريط الأولي) في ضوء علم الأجنة:
أوضح علم الأجنة الحديث أن عجب الذنب هو الشريط الأولي Primitive Streak
حيث إن هذا الشريط الأولي هو الذي يتكون إثر ظهوره الجنين بكافة طبقاته
وخاصة الجهاز العصبي، ثم يندثر هذا الشريط ولا يبقى منه إلا أثر فيما يسمى
عظم العصعصي (عجب الذنب).
تكوين الشريط الأولى:
يبدأ
تكون الجنين عندما يصل المنوي القادم من ماء الرجل، فيدخل إلى البويضة
ويقوم بتلقيحها، فتتكون النطفة الأمشاج (الزيجوت)، وبعد ذلك تبدأ في عملية
الانقسام إلى خليتين وكل خلية تنقسم إلى خليتين وهكذا يستمر الانقسام
وتكاثر الخلايا في الجنين، وفي اليوم السابع أو السادس بعد التلقيح تبدأ
النطفة الأمشاج في الانغراس في جدار الرحم، وتستمر في عملية الانقسام
وتكوين الخلايا حتى تتمايز إلى كتلتين من الخلايا هما:
أولاً: الكتلة الخارجية:
وهي تحتوي على الخلايا الآكلة Cytotrophoblasts
التي تقضم جدار الرحم وتثبت الكرة الجرثومية فيه، كما أنـها تسمح بتغذية
الكرة الجرثومية مما يتكون حولها من الدماء والإفرازات الموجودة في غدد
الرحم.
ثانياً: الكتلة الداخلية:
التي منها يتكون الجنين بإذن الله تعالى، وهذه بدورها تنقسم إلى ورقتين:
1- خارجية وتدعى الإكتودرم Ectoderm
2- داخلية تدعى الإنتودرم Ectoderm
ففي اليوم
الثامن من التلقيح تظهر طبقة الإنتوردم الداخلية، ويظهر شق صغير أعلى
الطبقة الإكتودرمية الخارجية مكوناً بداية تجويف الأمنيون (السلي)، ويكون
سقف تجويف السلي من الخلايا الآكلة بينما قاعدته من خلايا الإكتودرم.
وفي اليوم التاسع يمتد من خلايا الطبقة بخلايا الإنتودرم شريط من الخلايا ويتصل بخلايا الميزودرم الخارجية Extra Embryonic Mesoderm مكوناً كيس المخ الأولي primary Yolk Sac.
وفي اليوم الثالث عشر تنمو من الخلايا الآكلة الخارجية Cytotrophoblasts نتوءات تعرف بحملات الغشاء المشيمي Chorionic Villi التي تثبت كيس الجنين بالرحم، ثم تتفرع بعد ذلك مثل فروع الشجرة.
كما تنمو خلايا الإنتودرم الداخلية مكونة كيس المخ الثاني والذي يصغر الكيس الأولي بكثير.
وفي نـهاية الأسبوع الثاني يكون الجنين ممثلاً بقرصين متلاحقين:
1- القرص الخارجي (الإكتودرم) ويكون قاع تجويف الأمنيون.
2- القرص الداخلي (الإنتودرم) الذي يكون سقف تجويف كيس المخ.
ويلتصق القرصان في الجزء الأمامي أو ما سيعرف لاحقاً بجهة الرأس Cephalic Portion نتيجة ثخانة خلايا الإنتودرم، وتعرف هذه المنطقة باسم الصفيحة سالفة القلب Prochordal Plate. وكذلك يلتصق القرصان في المنطقة المؤخرية (الذيلية) Caudal Portion مكونة صفيحة Cloacal Plate مستقبلاً.
وفي اليوم
الرابع عشر يستطيل القرصان حتى يأخذا الشكل الكمثري فيكون الجزء العريض هو
الجزء الأمامي بينما يدق الجزء المؤخري، وتنشط خلايا الإكتودرم في الجزء
المؤخري مكونة الشريط الأولي Primitive Streak
الذي يظهر لأول مرة في اليوم الخامس عشر منذ بدء التلقيح. ويظهر انقسام
سريع ونمو متكاثر في الشريط الأولي وتهاجر الخلايا يمنة ويسرة بين طبقة
الإكتودرم الخارجية وطبقة الإنتوردم الداخلية مكونة طبقة جديدة هي الطبقة
المتوسطة (الميزودم) Mesoderm(5).
ونتيجة لظهور
الشريط الأولي يبدأ تكون الجهاز العصبي والنوتوكورد(سالفة العمود الفقري)،
كما تتكون الطبقة المتوسطة(الميزودرم)، ويشهد الجنين بداية تكوين الأعضاء.
أما عند غياب أو
عدم تكون الشريط الأولى فإن هذه الأعضاء لا تتكون وبالتالي لا يتحول القرص
الجنيني البدائي إلى مرحلة تكون الأعضاء بما فيها الجهاز العصبي.
ولأهمية هذا
الشريط الأولي فقد جعلته لجنة وارنك البريطانية (المختصة بالتلقيح الإنساني
والأجنة) العلامة الفاصلة بين الوقت الذي يسمح فيه للأطباء والباحثين
بإجراء التجارب على الأجنة المبكرة الناتجة عن فائض التلقيح الصناعي في
الأنابيب (الأطباق)، فقد سمحت اللجنة بإجراء هذه التجارب قبل ظهور الشريط
الأولي ومنعته منعاً باتاً بعد ظهوره على اعتبار أن ظهور هذا الشريط يعقبه
البدايات الأولى للجهاز العصبي(6).
وعند ظهور الشريط الأولي ونتيجة نشاطه الجم الغزير يظهر الآتي:
1- النوتوكورد (أو الحبل الظهري أو سالفة العمود الفقري) ويمتد إلى جهة الرأس من العقدة الأولية Primitive node والتي تعرف أيضاً بعقدة هانسن(7).
2- يتحول القرص
الجنيني المستدير بظهور الشريط الأولي إلى شكل كمثري، بحيث يمكن تمييز
طرفيه، ويدعي الطرف العريض الجهة الرأسية.. والطرف الدقيق الجهة الذيلية أو
الذنبية.
3- تظهر بداية الجهاز العصبي من الطبقة الخارجية(الإكتودرم) في نـهاية الأسبوع الثالث(20-21 يوماً) مكونة الصفيحة العصبية Neural Plate التي تمتد من جهة الرأس إلى الشريط الأولي وتستطيل هذه الصفيحة وتنثني مكونة الانثناء أو الالتفاف العصبي Neural Folds، وتكوّن الجهة المنخفضة ما يعرف باسم الميزاب العصبي Neural groove. وسرعان ما يلتف هذا الميزاب ليقفل مكوناً أنبوبة تدعى الأنبوبة العصبية Neural tube، وتكون فتحة هذا الأنبوب في طرفيه الرأسي والذيلي، وتدعى الفتحة الرأسية(الفتحة الأمامية العصبية Anterior Neural Pore أو الفتحة المنقارية (Rostral Neuro Pore..
وتقفل الفتحة العصبية الأمامية في اليوم الخامس والعشرين بينما تقفل
الفتحة الخلفية في اليوم السابع والعشرين، وبهذا يقفل الأنبوب العصبي،
ويشكل أغلبية الأنبوب الدماغ بينما يشكل الجزء الأخير(الذنبي) النخاع
الشوكي.
ويتكون الدماغ
في الثلثين العلويين للأنبوب العصبي بينما يتكون النخاع الشوكي في الثلث
الأسفل وذلك من مستوي الكتلة (الرابعة - الخامسة). حيث إن الكتل البدنية Somites الأربع الأولى تكون جزءاً من قاع الجمجمة.
4- تتكون طبقة الميزودرم التي تتكثف حول المحور الجنيني مكونة الكتل البدنية Somites والتي تشكل العمود الفقري والعضلات كما يخرج منها بدايات الأطراف العليا والسفلى.. وهي التي تكون الجهاز الهيكلي والعضلي.
وتنقسم طبقة الميزودرم إلى ثلاثة أقسام:
القسم الأول: الميزودرم بجانب المحور وهو الجزء الملامس لمحور الجنين حيث الحبل الظهري والميزاب العصبي ومنه تتكون الكتل البدنية Somites
والتي تكون أبرز ما في الجنين فيما بين الأسبوع الثالث إلى الخامس، ومنها
يتكون الجهاز الهيكلي والعضلي كما يبرز من تلك الكتل البدنية الطرف العلوي
والطرف السفلي.
القسم الثاني: وهو الجزء المتوسط من هذه الطبقة ويعرف بالميزودرم المتوسط Intermediate Mesoderm، ومنها يخلق الله سبحانه وتعالى الجهاز البولي والتناسلي.
القسم الثالث: وهو الميزودرم الحشوي Lateal Mesoderm وينقسم هذا أيضاً إلى قسمين جداري وحشوي وبينهما تجويف يعرف بالتجويف الجنيني الداخلي Intra Embryonic Ceolom
ويخلق الله سبحانه وتعالى منه غشاء البطن الداخلي وغشاء الرئتين وغشاء
القلب على التوالي، كما يخلق الله سبحانه وتعالى الأوعية الدموية والقلب
وعضلات الجهاز الهضمي من القسم الحشوي.
وهكذا فإن تكون
الشريط الأولي علامة هامة على بداية تمايز أنسجة الجنين وتكون الطبقات
المختلفة ومنها الأعضاء، والواقع أن ما يعرف بمرحلة تكون الأعضاء Organogenesis
لا تبدأ إلا بعد تكون الشريط الأولى والميزاب العصبي والكتل البدنية
وتستمر من بداية الأسبوع الرابع إلى نـهاية الأسبوع الثامن، بحيث يكون
الجنين في نـهاية هذه الفترة قد استكمل وجود جميع الأجهزة الأساسية فيه،
وتكونت أعضاؤه ولم يبق إلا التفصيلات الدقيقة والنمو(8).
مصير الشريط الأولى Primitive Streak:
إن الشريط
الأولي كما أسلفنا ذو أهمية بالغة؛ لأن نشاطه الجم يؤدي إلى تكون
النوتوكورد(سالفة العمود الفقري)، وإلى تكون الطبقة المتوسطة
الداخلية(الميزودرم Mesoderm)،
ولا يكاد ينتهي الشريط الأولي من مهمته تلك في الأسبوع الرابع حتى يبدأ في
الاندثار ويبقى كامناً في المنطقة العجزية - العصعصية - في الجنين ثم في
المولود، ويندثر ما عدا ذلك الأثر الضئيل الذي لا يرى بالعين المجردة(9).
هذا بالنسبة
للمسألة الأولى التي ذكرتها الأحاديث النبوية وهي أن الإنسان يبدأ خلقه من
عجب الذنب، وننتقل إلى المسألة الثانية التي ذكرت في الأحاديث وهي أن عجب
الذنب لا يبلى.
عجب الذنب لا يبلى:
لقد اكتشف
العلماء أن الذي يقوم بالتخليق والتنظيم لجميع خلايا الجنين هو الشريط
الأولي، وأول من اكتشف ذلك من العلماء هو العالم الألماني الشهير (هانسن
سبيمان) حيث قام بدراسات وتجارب على الشريط الأولي والعقدة الأولية وأكتشف
أن الخيط الأولي والعقدة الأولية هما اللذان ينظمان خلق الجنين وأطلق
عليهما اسم(المنظم الأولي أو المخلق الأولي ¬(Primary Organizer
وقام بقطع الشريط الأولي وزرعه في جنين آخر في المراحل الجنينية المبكرة
في الأسبوع الثالث والرابع فأدى ذلك إلى نمو جنين ثانوي من هذه القطعة
المزروعة في الجنين المضيف؛ حيث تقوم هذه القطعة المزروعة بالتأثير على
البيئة التي حولها والمكونة من خلايا الجنين المضيف، بحيث تؤثر عليها
وتنظمها ويتخلق منها جنين ثانوي مغروساً في جسد الجنين المضيف.
ثم قام هذا
العالم الألماني (سبيمان) عام 1931م بسحق المنظم الأولي وزرعه مرة أخرى فلم
يؤثر السحق حيث نما مرة أخرى وكون محوراً جنينياً ثانوياً رغم سحقه ولم
تتأثر خلاياه.
وفي عام 1933م
قام هذا العالم وعلماء آخرون بغلي المنظم الأولي وزراعته بعد غليه فشاهدوا
أنه يؤدي إلى نمو محور جنين ثانوي بعد غليه ولم تتأثر خلاياه بالغليان،
ولقد نال العالم الألماني (سبيمان) جائزة نوبل عام 1935م على اكتشافه
للمنظم الأولي(10).
وأجريت تجارب
أخرى في نفس المجال وتوصلت إلى نفس النتيجة، ومن ذلك ما أثبته مجموعة من
علماء الصين في عدد من التجارب المختبرية استحالة إفناء عجب الذنب
كيميائياً بالإذابة في أقوى الأحماض، أو فيزيائياً بالحرق، أو بالسحق، أو
بالتعريض للأشعة المختلفة(11)، ولقد قام
الدكتور عثمان جيلان بالتعاون مع الشيخ عبد المجيد الزنداني في رمضان
1424هـ في منزل الشيح عبد المجيد الزنداني في صنعاء بتجربة على العصعص حيث
قاموا وتحت تصوير تلفزيوني بأخذ أحد فقرتين لخمس عصاعص للأغنام وقاموا
بإحراقها بمسدس غاز فوق أحجار ولمدة عشرة دقائق حتى احمرت وتأكدوا من
إحراقها التام بحيث أصبحت حمراء، وبعد ذلك أصبحت سوداء متفحمة فوضعوا القطع
في علب معقمة وأعطوها لأحد أشهر المختبرات في صنعاء (مختبر العولقي).
وقام الدكتور
صالح العولقي أستاذ علم الأنسجة والأمراض في جامعة صنعاء بفحصها نسيجياً
وكانت النتيجة مبهرة حيث وجد خلايا عظمة العصعص لم تتأثر ولازالت حية
وكأنها لم تحرق، أما الذي احترق فهو العضلات والأنسجة الدهنية وخلايا نخاع
العظم المصنعة للدم، أما خلايا عظمة العصعص فلم تتأثر(12).
فكل هذه التجارب تؤكد أن عجب الذنب لا يبلى، بل يظل محتفظاً بخصائصه وقدرته على التخليق حتى في أصعب الظروف.
فيه يركب الخلق يوم القيامة:
المسألة الثالثة
التي أخبرت بها الأحاديث هي أن الإنسان يركب خلقه يوم القيامة من عجب
الذنب، ومما يصلح أن يستدل به على هذه المسألة هو أن عجب الذنب بعد أن
يتراجع ويستقر في العصعص فإنه إذا حدث له مؤثر ونما مرة أخرى فإنه ينمو
نمواً يشبه نمو الجنين حيث يبدأ في تكوين الطبقات الأولية الثلاث(الإكتودرم
والميزودرم والإندودرم) تماماً مثل نمو الجنين، وينمو على صورة ورم مسخي،
يشبه الجنين المشوه بحيث تبرز بعض الأعضاء كالقدم واليد-بأصابع وأظافر-
والأعضاء الباقية تكون داخل الورمة، وعند فتح الورم بعد استئصاله فإن
الجراح يجد باقي الأعضاء كالأسنان والأمعاء والعظام والشعر والغدد. ووجود
هذه الخلايا في منطقة العصعص لكي تحفظ البداية البشرية، ويمكن الاستدلال
بهذا على أن الإنسان يركب من عجب الذنب يوم القيامة فمنطقة عجب الذنب تحتوى
على خلايا الشريط الأولي وهي ذات مقدرة شاملة كلية بحيث لو نمت خلية فإنها
تنمو نمواً بحيث تكون جنيناً(13).
هاتان صورتان لجنينين تسبب عجب الذنب فيهما عن هذا الورم المسخي.
وجه الإعجاز:
من خلال
اكتشافات العلم الحديث رأينا أن الإنسان يبدأ خلقه وتركيبه في اليوم الخامس
عشر من عجب الذنب، ويعمل عجب الذنب على تكوين أجزاء جسم الإنسان ثم يرجع
فيستقر في نهاية العمود الفقري في العصعص، وأظهرت التجارب أن عجب الذنب
يبقى محافظاً على خواصه حتى لو تعرض للحرق أو الطحن أو الغلي، وتمكن
العلماء من ملاحظة قدرة عجب الذنب على إعادة عملية التخليق إذا تعرض لبعض
المؤثرات مشكلاً ما يشبه الجنين.
وكل هذه الحقائق
احتوتها الأحاديث النبوية الشريفة ولم تتوصل العلوم التجريبية إلى معرفتها
إلا بعد مئات السنين، وبعد أن تمكنوا من حيازة التقنيات الحديثة وعلى
مراحل مختلفة من تطور هذه التقنيات حتى تمكنوا من الحصول على هذه الحقائق
العلمية التي أخبرنا عنها النبي صلى الله عليه وسلم بلفظ موجز يحوي في
طياته جوامع الكلم، فلا يمكن لعاقل أن يتصور مصدراً لهذه الحقائق العلمية
من قبل أكثر من ألف وأربعمائة سنة غير وحي صادق من الله الخالق الذي خلق
فأبدع، وألهم خاتم أنبيائه النطق بهذه الحقائق ليبقى فيها من الشهادات على
صدق نبوته ورسالته ما يكون ملائماً لكل إنسان في كل عصر وزمان.
إعداد/ عادل الصعدي
مراجعة: قسطاس إبراهيم النعيمي، علي عمر بلعجم