الانتحار
عمليات انتحارية :
الانتحار : هو تعدي الإنسان على نفسه ، أي أن يقتل الإنسان نفسه متعمداً ، وهذا العمل كبيرة من كبائر الذنوب ، وقتل النفس ليس حلاً للخروج من المشاكل التي يبثها الشيطان ، والوساوس التي يلقيها في النفوس ، ولو لم يكن بعد الموت بعث ولا حساب لهانت كثير من النفوس على أصحابها ، ولكن بعد الموت حساب وعتاب ، وقبر وظلمة ، وصراط وزلة ، ثم إما نار وإما جنة ، ولهذا جاء تحريم الانتحار بكل وسائله من قتل الإنسان نفسه ، أو إتلاف عضو من أعضائه أو إفساده أو إضعافه بأي شكل من الأشكال ، أو قتل الإنسان نفسه بمأكول أو مشروب . ولهذا جاء التحذير عن الانتحار بقول ربنا جلت قدرته وتقدست أسماؤه حيث قال : { ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما * ومن يفعل ذلك عدواناً وظلماً فسوف نصليه ناراً وكان ذلك على الله يسيراً } ، وقال تعالى : { ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة } . وقال تعالى : " ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق . . . إلى قوله تعالى : " ومن يفعل ذلك يلق أثاماً * يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهاناً " ، وكذلك جاء التحذير في سنة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم حيث روى أبو هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من قتل نفسه بحديدة فحديدته في يده يتوجأ بها في بطنه في نار جهنم خالدا مخلدا فيها أبدا ، ومن شرب سماً ، فقتل نفسه فهو يتحساه في نار جهنم خالدا مخلدا فيها أبدا ، ومن تردى من جبل فقتل نفسه فهو يتردى في نار جهنم خالدا مخلدا فيها أبدا " [ رواه مسلم ] .
شخصية المنتحر:
تتكون
الشخصية التي تقدم على الانتحار من تركيبة من الصفات تجعلها قابلة لتنفيذ هذا
الجرم الفظيع. تتميز تلك الشخصية بالإحساس باليأس والإحساس بأن آلامه النفسية أقوى
من قدرته على الاحتمال والاستمرار.
هناك
العديد من العوامل التي يمكن أن تضيف إلى خطورة إقدام شخص ما على قتل نفسه. أحد
هذه العوامل هو الاضطرابات النفسية. فحسب تقرير لمنظمة الصحة العالمية فإن ما بين
6-15% من مرضى الاضطرابات النفسية –خاصّة الاكتئاب- يقدمون على الانتحار، بالإضافة
إلى 7-15% من مدمني الكحوليات و4-10% من مصابي انفصام الشخصية schizophrenics.
كما
أظهرت الدراسات الحديثة التي تمت على الشباب المنتحرين أن 20-50% منهم كانت لديهم
اضطرابات في الشخصية متمثلة في الاضطراب الاجتماعي للشخصية antisocial personality disorder
والشخصية المتكلّفة والشخصية النرجسية وبعض الصفات الشخصية مثل الاندفاع والعنف.
هذا بالإضافة إلى زيادة نسب الانتحار بين المصابين باضطراب الذعر والمصابين
باضطرابات التغذية مثل فقدان الشهية العصبي anorexia nervosa والشره
المرضي .bulimia
هناك
أيضا زيادة في خطورة الإقدام على الانتحار بين المصابين بالأمراض المزمنة مثل مرضى
الصرع والسرطان والإيدز. وكشفت الإحصائيات العالمية أيضا أن هناك بعض العوامل
الاجتماعية التي لها علاقة مهمة بالانتحار، فينتشر الانتحار بين الرجال أكثر منه
بين النساء في جميع دول العالم ما عدا الصين؛ حيث تزيد نسبة انتحار النساء عنها في
الرجال. أما بالنسبة لعامل السن فينتشر الانتحار عادة بين كبار السن (فوق سن 65)
والشباب بين (15-30 عام) إلا أن الدراسات الحديثة أظهرت أيضا زيادة في نسب انتحار
الرجال متوسطي العمر.
المطلقون
والأرامل والعزاب أيضا أكثر عرضة من المتزوجين للإقدام على الانتحار؛ حيث يبدو من
الدراسات أن الزواج يحافظ على الرجال خاصة من خطورة الانتحار وعلى النساء بدرجة
أقل.
معلومة
قد تبدو طريفة وغريبة في نفس الوقت هي أن هناك بعض المهنيين أكثر عرضة لخطر
الانتحار مثل الأطباء البشريين والجراحين البيطريين والصيادلة وأطباء الأسنان
والفلاحين! ويقول تقرير منظمة الصحة العالمية: إنه لا يوجد أية أسباب واضحة لهذه
الظاهرة العجيبة إلا أن سهولة الحصول على مواد قاتلة وضغوط العمل والانعزال
الاجتماعي والمشاكل المادية قد يكون لها علاقة ما بهذه الظاهرة.
آخر
العوامل التي قد تزيد خطورة الانتحار لدى بعض الأفراد حسب ورودها في تقرير منظمة
الصحة هي البطالة والغربة بسبب الهجرة وسهولة التوصّل لطريقة لقتل النفس وكثرة
الضغوط النفسية.
تقرير
آخر يشير إلى أن 30% من حالات الانتحار عامة للشواذ جنسيا، كما أن إدمان المخدرات
قد يشوّش الإدراك مؤديا أيضا إلى الإقدام على الانتحار.
الإسلام وظاهرة الانتحار:
أما الإسلام، فإنه يحرم الإقدام على
قتل النفس. يقول الله تعالى: (ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق) –الأنعام
151. كما يقول تعالى: (ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيماً) –النساء 29.
فيعتبر ديننا الحنيف أن حياة الإنسان أمانة لديه، ليس له الحق في إنهائها بل عليه
المحافظة عليها حتى يستردها صاحبها وهو الله عز وجل. ويحث الإسلام المسلم على
الصبر ويخبرنا بجزائه: (إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب) –الزمر 10. كما
يخبرنا أن جميع ما يصيب المسلم خير له حيث يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"عجبا لأمر المؤمن إن أمره كلّه خير، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن: إن أصابته
سرّاء شكر فكان خيرا له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له". كما يقول صلى
الله عليه وسلم: "ما يصيب المسلم من نصب ولا وصب ولا همّ ولا حزن ولا أذى ولا
غمّ، حتى الشوكة يشاكها إلا كفّر بها من خطاياه". وهكذا ينجلي دور الإيمان
بالله والإيمان بالقدر والتجلد بالصبر على المصائب في المحافظة على استقرار المسلم
النفسي، وبالتالي حسن أدائه في مواجهة ابتلاءات الحياة المستمرة، والتي ليس من
شأنها إلا رفع الدرجات في حالة صحة المواجهة.
بعض الشعوب لديها رمزية خاصة للانتحار
كما هو عند اليابانين. يحرم الإسلام
قتل النفس بأي حال من الأحوال ويشير إلى أن حياة الإنسان ليست ملكا له وبالتالي لا
يجوز التحكم بها من قبله. على الرغم من ذلك فإن حالات انتحار لغرض قتل الأعداء تم
عملها بشكل كثير في فلسطين والعراق في الآونة الأخيرة لقتل المحتل وقد اختلف علماء
المسلمين على شرعيتها إلا أن الكثير من العلماء اباحوه.
الانتحار محرم في الإسلام لقول الله تعالى
في القرآن {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُمْ
بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلاَّ أَن تَكُونَ تِجَارَةً عَن تَرَاضٍ مِّنكُمْ وَلاَ
تَقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيماً }النساء29
فالنفس ملك لله وليس لأحد أن
يقتل نفسه ولو زعم أن ذلك في سبيل الله (1)
روي عن أبو هريرة في صحيح مسلم : من
قتل نفسه بحديدة فحديدته في يده يتوجأ بها في بطنه في نار جهنم خالدا مخلدا فيها
أبدا، ومن شرب سما فقتل نفسه فهو يتحساه في نار جهنم خالدا مخلدا فيها أبدا، ومن
تردى من جبل فقتل نفسه فهو يتردى في نار جهنم خالدا مخلدا فيها أبدا.
أسباب الأنتحار
· والباقي
وهو 65% يرجع إلى عوامل متعددة مثل التربية وثقافة المجتمع والمشاكل الأسرية أو
العاطفية والفشل الدراسي والآلام والأمراض الجسمية او تجنب العار أو الإيمان بفكرة
أو مبدأ مثل القياك بالعمليات الانتحارية
ملاحظات على الانتحار
·
الذين يحاولون الانتحار ثلاثة
أضعاف المنتحرين فعلا
·
المنتحرون ثلاثة أضعاف القتلة
·
محاولات الانتحار أكثر بين
الإناث
·
الانتحار الفعلي أكثر بين
الذكور
·
أكثر وسائل الانتحار استخداما
عند الإناث الأدوية والحرق وعند الذكور الأسلحة النارية
·
تقل نسبة الانتحار بين
المتزوجين ومن لهم أطفال
·
أعلى نسبة انتحار في العالم
في الدول الأسكندنافية
·
خمس المنتحرين يتركون رسائل
وعلامات تشير إلى انتحارهم
·
تقل نسب الانتحار في الحروب
والازمات العامة
أهم
الاسباب التي تدفع المراهقين الى الانتحار:
تجمع الدراسات في تحليل أسباب
الانتحار لدى المراهقين، على وجود أسباب كثيرة ومتنوعة تختلف باختلاف الأفراد
واختلاف البيئة الاجتماعية والظروف التي يعيش فيها الفرد. ويتبين من هذه الدراسات
أن أهم الأسباب التي تدفع المراهقين الى الانتحار أو محاولة الانتحار هي:
أ_
أسباب ظرفية: يمكن ربطها بالأحداث التي يعيشها المراهق، انطلاقاً من الأحداث
البسيطة الى الأحداث الأشد خطورة، وهي تتعلق في أكثرها بنظام العلاقات القائمة بين
المراهق وأهله من جهة، وعلاقاته بالآخرين من جهة ثانية. ويمكن تحديد هذه الأحداث
بالشكل التالي: المنع المفروض على المراهق في البقاء خارج المنزل لوقت متأخر، رفض
الأهل تحقيق بعض من متطلباته، قصور الأهل المادي لشراء ما يرغب به، المشاحنات مع
الرفاق، الفشل الدراسي، علاقة فاشلة مع الجنس الآخر، ادخاله في مدرسة داخلية،
انهيار وضع الأسرة الاجتماعي _ الاقتصادي، فقدان شخص عزيز، وخصوصاً الأب أو أحد
المقربين.
ب_ أسباب اجتماعية: يمكن تصنيفها بنوعين:
ب_ أسباب اجتماعية: يمكن تصنيفها بنوعين:
1_ أسباب عائلية:
_
التفكك العائلي
_
انعدام الأمن والعاطفة نتيجة عوامل مختلفة أهمها: تعاطي الأب أو الأم الكحول.
_ المشاحنات بين الزوجين _غياب أحد الوالدين _ موت الوالدين أو أحدهم_ مرض الأهل الطويل.
ولقد استأثر الاهتمام في دراسة الأسباب العائلية بمشكلة غياب الأب انطلاقاً من فكرة أن سلطة الأب وعاطفة الأم هما الركنان الأساسيان في توازن العلاقات الأسرية. فالسلطة ليست قمعاً دائماً، بل هي أيضا سند ودعم عاطفي. فالأب الذي لا يعرف إلا القساوة، ولا يستطيع تأكيد ذاته إلا من خلال الصراخ والعقاب الجسدي، لا يمكنه أن يفرض السلطة العادلة والثابتة، فينشأ الأبناء على فكرة السلطة القاسية والقمعية، وعندما يصلون الى مرحلة المراهقة فانهم يستجيبون بطريقة عدوانية مماثلة.
_ المشاحنات بين الزوجين _غياب أحد الوالدين _ موت الوالدين أو أحدهم_ مرض الأهل الطويل.
ولقد استأثر الاهتمام في دراسة الأسباب العائلية بمشكلة غياب الأب انطلاقاً من فكرة أن سلطة الأب وعاطفة الأم هما الركنان الأساسيان في توازن العلاقات الأسرية. فالسلطة ليست قمعاً دائماً، بل هي أيضا سند ودعم عاطفي. فالأب الذي لا يعرف إلا القساوة، ولا يستطيع تأكيد ذاته إلا من خلال الصراخ والعقاب الجسدي، لا يمكنه أن يفرض السلطة العادلة والثابتة، فينشأ الأبناء على فكرة السلطة القاسية والقمعية، وعندما يصلون الى مرحلة المراهقة فانهم يستجيبون بطريقة عدوانية مماثلة.
التحليل الفرويدي: اعتبر ان وظيفة الأب ذات أهمية كبيرة في مرحلة المراهقة، أولاً للخروج نهائياً من "الأوديب" ثم ثانياً من أجل تكامل الاستقلالية واعادة تنظيم الواقع الذاتي. والخلل في الصور العائلية في مجموعها، في الوقت الذي يحصل فيه انبعاث جديد للشحنات السابقة، يمكن أن يكون له التأثير الكبير على مصير الميل الاندثاري القومي في هذه المرحلة.
ب_ أسباب اجتماعية: تظهر الدراسات على أن مستوى الأسرة الاجتماعي _ الاقتصادي والمستوى الثقافي ليس لهما تأثير كبير في دوافع الانتحار لدى المراهقين. فلقد تبين من هذه الدراسات ان المراهقين الذين ينتحرون أو يحاولون الانتحار ينتمون الى جميع الطبقات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية بشكل متعادل. وكذلك عامل السكن الذي يؤثر فقط في حال شكل انعكاساً لمآزم عاطفية.
فالسبب الاجتماعي الأكثر تأثيراً يرجع الى الفشل المدرسي الذي يعيشه المراهق كجرح نرجسي عميق. ومما يزيد في خطورة هذا العامل، موقف الأهل الذين يسقطون الآمال على ابنائهم ويأملون تحقيق ما لم يتمكنوا من تحقيقه من خلالهم. فيلجأون الى استعمال القمع والقوة للوصول الى ما يبتغون.
وهكذا، فان الفشل المدرسي يشكل نقطة التقاء ظروف سلبية وشكل خاص من التوظيف والتأثير القمعيين.
ج_ الانتماء الى جماعات الرفاق
ان عجز
المراهق عن الانخراط في مجموعة ما، أو بمعنى آخر، عزلة المراهق الاجماعية، هي
ظاهرة ترجع في الواقع الى مرحلة الطفولة. وهذا العزل الاجتماعي يتخذ أشكالاً
مختلفة:
_ العزل نتيجة لشعور المراهق بضعفه وعجزه عن تحمل المنافسة ضمن المجموعة.
_
العزل نتيجة للنظر الى المجموعة على أنها ليست بذي فائدة، وان الانتماء اليها لا
يعود عليه بأي نفع.
_
وأحياناً يكون العزل نتيجة لشعور المراهق بأنه لا يملك الحق في ترك أهله لأنه يشعر
بالارتياح معهم.
_
فاستمرار العلاقة الطفلية السابقة بين المراهق وأمه، وظهور الأب كأول غريب في
علاقة الأم/ الطفل،
واستحالة
تخطي العلاقة الثلاثية، تشكل جميعها العوامل التي تفسر عدم امكانية التنشئة
الاجتماعية.
من المعلوم اليوم ان الانتماء الى عُصب الأحداث، له نتائج ايجابية بالنسبة الى المراهق:
_ ينزع
عن المراهق الميل الى الاندثار الذاتي من خلال تفريغ العدوانية في تصرفات جماعية.
_ يعزز ويقوي الميول "اللبيدية"، وبالتالي يعزز الأواليات الدفاعية ضد شحنات الاندثار والموت.
_ اتحاد الطاقات يقوي مشاعر الحماية ضد اتحاد الأخطار الخارجية المتأتية من عالم الراشدين.
هكذا فان العزل الاجتماعي يعيق تشكل الأوليات الدفاعية ضد الميول الاندثارية.
_ يعزز ويقوي الميول "اللبيدية"، وبالتالي يعزز الأواليات الدفاعية ضد شحنات الاندثار والموت.
_ اتحاد الطاقات يقوي مشاعر الحماية ضد اتحاد الأخطار الخارجية المتأتية من عالم الراشدين.
هكذا فان العزل الاجتماعي يعيق تشكل الأوليات الدفاعية ضد الميول الاندثارية.
د_ أسباب نفسية
ان بعض
الخصائص النفسية تظهر بشكل ثابت، وتبين خاصية مزدوجة: قدمها وتثبيتها.
1_ خصائص المزاج: التي أساسها ليس الخور بل شكل من أشكال الكآبة وعدم الرضى المستمرين والعميقين اللذين يسترهما نشاط زائد ظاهري. واستجابات الخيبة والخجل هي أكثر شيوعاً من مشاعر الذنب. ان هذه الخصائص جميعها ذات علاقة بقلق منتشر من نمط سلفي لا يشبه مطلقاً قلق الخصاء بسبب خاصيته الكثيفة التي لا لبس فيها ولا بروز. ان المراهق الذي لا يعرف إلا قانون "الكل أو لا شيء" يمكن ن يكشف عن مزاج ضعيف.
1_ خصائص المزاج: التي أساسها ليس الخور بل شكل من أشكال الكآبة وعدم الرضى المستمرين والعميقين اللذين يسترهما نشاط زائد ظاهري. واستجابات الخيبة والخجل هي أكثر شيوعاً من مشاعر الذنب. ان هذه الخصائص جميعها ذات علاقة بقلق منتشر من نمط سلفي لا يشبه مطلقاً قلق الخصاء بسبب خاصيته الكثيفة التي لا لبس فيها ولا بروز. ان المراهق الذي لا يعرف إلا قانون "الكل أو لا شيء" يمكن ن يكشف عن مزاج ضعيف.
2_ اضطراب الارصان: الذي هو في الأساس اضطراب ناتج عن عجز في التفكير والتعبير اللفظي للمُعاش العاطفي والانفعالي. وبشكل عام فان هذا الاضطراب شبيه بالاضطرابات التي تلاحظ عند الجانحين وفي بعض الاضطرابات النفسبدنية ، ويؤلف حلقة من الحلقات التي تربط هذين النمطين من السلوك. والانتحار يتعلق بهذين النمطين، أولاً كفعل وثانياً كتدمير ذاتي.
ان
اعتماد المراهق العقلنة لا يمنع وجود هذا الاضطراب. فالعقلنة عادة، وبفعل وظيفتها
الدفاعية والنمائية، هي مرحلة من مراحل النمو الارصاني، وهي مشحونة بالعاطفة ولها
تأثير في تنظيم الانفعال. ولكنها هنا، على العكس، تبنى على فراغ، والكلمات لا تحمل
أي شحنة عاطفية.
3_ تنظيم مثال الأنا: يظهر أيضاً خصائص نفسية. فالأمر يتعلق بمثال "أنا" سلفي وعظامي مع خصائصه الطبيعية: مطلب المطلق _غياب أو عدم كفاية في التغير. ويمكن الاشارة هنا الى العجز عن التكامل الزمني، إذ إن الزمن المُعاش بالنسبة للمراهقين الذين يقدمون على الانتحار لا يحتوي لا على فكرة الماضي ولا الحاضر ولا المستقبل. وفي الوقت نفسه، سلوك الانتظار الذي ينظم الفعل، والذي يشكل سلوكاً مؤجلاً يصبح سلوكاً لا يحتمل.
ان هذه
الاضطرابات ليست بالضرورة اضطرابات مكثفة، ويمكن أن تظل خفية، ولكنها في الواقع
متجذرة بعمق. وهي تُصاحب بعدم امكانية تحمل الصدّ، وشدة الأحباط تترجم درجة العذاب
والألم أمام العجز في امكانية التأثير على الواقع للتوصل الى اشباع الرغبات.
وأحياناً الاحباطات المتلاحقة يمكن أن تأخذ شكل النقد الذاتي الذي يخفي متطلبات
على مستوى مثال الأنا. ولا شك ان الميل المطلق والمتطلبات تجاه الذات نجدها لدى
جميع المراهقين. ولكن المراهقين الذين يحاولون الانتحار يتميزون بأن مثال
"الأنا" السلفي لديهم يظهر قبل البلوغ، واثناء المراهقة يلاحظ من خلال
تثبيته وصلابته وعدم تأثيره التدريجي بواسطة اختيار الواقع. فكل مجابهة مع الواقع
ليست عامل تطور، بل جرح وتعزيز لوضعيات سلفية.
ح_ عدم كفاية الأواليات الدفاعية الطبيعية
ان هذه الخاصية هي احدى السمات الأكثر ثباتاً لدى جميع الأحداث الذين يقدمون على الانتحار. فالمراهق يملك وسائله الدفاعية ضد جروحه النرجسية وما يتعرض له مثال "الأنا" وفقدان الموضوع. ومن أهم هذه الوسائل أواليتان ولكنهما غير كافيتين:
1_ حركية التوظيفات: اننا نجد لدى جميع المراهقين الذين يقدمون على الانتحار العجز في رفع التوظيف عن الموضوع المخيب أو الضائع. وبالرغم من العذاب الذي يشعر به المراهق فانه يبقي على توظيفاته ويكرر تصرفاته ويجتر خيبته ويغلق ذاته عن كل ما هو آخر. بتثبيت خاص يشكل انحرافاً في عملية المراهقة الطبيعية.
2_ أوالية الاسقاط: تجاه هذا التباعد الذي يشعر به ما بين رغباته وطموحاته المثالية من جهة والامكانيات المتواضعة المتوفرة له من جهة ثانية يستجيب المراهق عادة، بواسطة أوالية دفاعية اسقطاية. وبحسب مستوى طموحه فانه يبني مشاريع وأنظمة نظرية تهدف الى جعل الواقع، لاحقاً، يتوافق مع الصورة المثالية التي كونها عن هذا الواقع، أو أنه يستجيب من خلال المحاولة في تعديل الواقع مباشرة بواسطة الانتقال الى الفعل الذي يمكن أن ينتهي بالجنوح.
ان هذه الأوالية لدى المراهق الذي يقدم على الانتحار، تكون معطلة أو غير كافية أو لا وجود لها على الاطلاق. فاما ان يوجه عندئذ عدوانيته مباشرة تجاه ذاته، واما ان يحاول التأثير على الواقع في مرحلة أولى من خلال الانتقال الى الفعل. ولكن امام الاحباط الذي يصيبه فانه يتخلى عن ذلك ويوجه الى ذاته الفعل العدواني.
كيف
نساعد الشباب المعرضين لخطر الانتحار؟
تعتبر
قضية الانتحار من أكثر المشكلات الإنسانية التي نالت قدراً كبيراً من البحث
والمناقشة, فهذه المشكلة قديمة قدم البشرية, ولقد اعتبر الفلاسفة اليونانيون وعلى
رأسهم (طاليس) الانتحار عملا غير أخلاقي يضر بالمجتمع والعائلة.. ومازالت هذه
المشكلة ترافقنا حتى يومنا هذا وستبقى ملازمة للبشرية
تفيد الدراسات الحديثة أن نصف مليون شخص يموتون سنوياً في العالم نتيجة للانتحار وبمعدل منتحر لكل دقيقة تمر. ومعدل الانتحار السنوي هو معيار للدلالة على مدى انتشار الانتحار في مجتمع ما. وأشارت الدراسات أيضا إلى تزايد الانتحار بين الشباب, وهذا يدل على تفاقم هذه المشكلة وتزايد مشكلات الشباب التي تؤدي إلى الانتحار.
تفيد الدراسات الحديثة أن نصف مليون شخص يموتون سنوياً في العالم نتيجة للانتحار وبمعدل منتحر لكل دقيقة تمر. ومعدل الانتحار السنوي هو معيار للدلالة على مدى انتشار الانتحار في مجتمع ما. وأشارت الدراسات أيضا إلى تزايد الانتحار بين الشباب, وهذا يدل على تفاقم هذه المشكلة وتزايد مشكلات الشباب التي تؤدي إلى الانتحار.
واهتم علم النفس والطب النفسي بمشكلة الانتحار حيث تبين أن الانتحار هو عدوان موجه نحو الذات لأن الشخص لا يستطيع لسبب ما أن يوجه عدوانيته باتجاه المجتمع أو باتجاه شخص آخر. ولقد عرف عالم الاجتماع دوركهايم الانتحار بأنه (كل حالات الموت التي تنتج بشكل مباشر أو غير مباشر من فعل سلبي أو إيجابي ينفذه الضحية بنفسه وهو يعرف أن هذا الفعل يصل إلى هذه النتيجة أي (الموت).
أسباب
الانتحار
إن
السلوك الانتحاري هو سلسلة الأفعال التي يقوم بها الفرد محاولا من خلالها تدمير
حياته بنفسه دونما تحريض من آخر أو تضحية لقيمة اجتماعية ما. ولذلك يعتبر من الصعب
جداً وضع أسباب محددة للانتحار, فكل الدراسات القديمة والحديثة أجمعت على تضافر
العوامل النفسية والاجتماعية والطبية فيما بينها لحدوث الفعل الانتحاري, وتعتبر
الأمراض النفسية والاضطرابات العصابية والذهانية من المسببات الرئيسية للانتحار,
ولكن فرويد (عالم النفس المشهور) أشار إلى أن الانتحار هو توجيه العدوانية الكامنة
بالشخص ضد ذاته, أي أن هناك أزمة نرجسية يعاني منها الفرد تتجلى في اضطراب التوازن
عنده بين العالم المثالي المنشود والعالم الواقعي المعيش.
وقد
يكون جو البيت المحطم من أهم الأسباب المؤدية للانتحار, والبيت المحطم يعني الأسرة
أو العائلة المفككة الأوصال والمتنافرة الأفراد, إذ تبين أن الذين فقدوا والديهم
قبل سن الخامسة كانوا الغالبية بين المنتحرين وخاصة في عمر الشباب.
وأكدت الدراسات أن الرجال أكثر انتحارا من النساء, ولكن النساء يكثر انتحارهن في أعمار الشباب بين 20 ـ 29 سنة.
ويزداد
إقدام الشباب على الانتحار في فصلي الخريف والربيع من السـنة, وكأن هناك علاقة ما
بين خصـــائص هذين الفصلـين ونفسية المنتحرين.
وأكدت هذه الدراسة أن 18% من الشباب المنتحرين و24% من الفتيات (الشابات) المنتحرات كانوا يعانون خلال حياتهم اليومية من أمراض نفسية يحتل الاكتئاب المرتبة الأولى بين الأمراض النفسية المشخصة لدى المنتحرين.
أشكال
خاصة
أثبتت
الأبحاث والدراسات أن هناك أشكالا خاصة للانتحار, لها مدلولاتها المرضية النفسية
المهمة وأهم هذه الأشكال:
* الانتحار الثنائي: هو الرغبة في الموت مع شخص آخر حيث يقدم الشخصان معا على الانتحار وخاصة المحبوبين والدافع الأساسي للانتحار الثنائي هو الحب.
* الانتحار الموسع: حيث يسبب الشخص المنتحر الموت لشخص آخر أو أشخاص آخرين غير راغبين في الموت. فقد تنتحر الزوجة بالغاز وينجم عن ذلك وفاة زوجها وأطفالها الموجودين معها في المنزل.
* الانتحار الموازن: وهو انتحار هدفه الأساسي إراحة الذات من مرض ما لاشفاء يرجى معه, ومثل هذا النوع من الانتحار يتقبله المجتمع إلى حد ما ومع ذلك فهو قليل الحدوث.
* الانتحار الإيثاري: حيث يقدم المنتحر على قتل زوجته وأطفاله ثم يقدم على الانتحار. وينتشر هذا النوع من الانتحار لدى الأفراد المكتئبين الذين يرون أن الحياة تافهة وبأن بلاء عظيما سيحل بعائلاتهم.
مساعدة واجبة ونصائح نقدمها للشباب:
من المهم جدا تقديم يد العون والمساعدة للأشخاص المعرضين لخطر الانتحار وخاصة إذا كانوا من فئة الشباب عصب الحياة والمجتمع, وذلك عن طريق:
1ـ حماية الفرد من المحيط وإدخاله المشفى عند الضرورة.
2ـ
الترفيه والترويح عن القلق وتأسيس علاقات تتسم بالهدوء والتفهم الكامل له من قبل
المعالج.
3ـ
المراقبة الدائمة وبلطف وعدم تقريع وإيذاء سلوكه الانتحاري.
4ـ
العلاج بالعمل الدءوب واستعمال مضادات الكآبة عند الحاجة.
5ـ عند
الاكتئاب الشديد لا مانع من العلاج بالصدمة الكهربائية.
6ـ
العلاج النفسي والاجتماعي لإعادة ترميم شخصية المصاب من أجل مساعدته في القيام
بدوره المنوط به كعنصر فعال في المجتمع.
7ـ
وأخيرا مراقبة المريض في فترة النقاهة وتعديل ما يمكن تعديله في محيطه الاجتماعي
مدركين بذلك ما المغزى من المحاولة الانتحارية وهي بمنزلة رسالة هادفة تشير إلى
حاجته ليد العون.
ويمكن
لنا فـي نهــاية حديثنـــا أن نبين بأن إقدام شباب مجتمعنا العــربي على الانتحار
لا يأتي من فراغ بل تتعدد العوامل انتحار وأهمها: الكوارث المالية, الفاقة, الفشل
العاطفي ـ صراع الأجيال.
الانتحار على المستوى العالمي
أعلى نسب للانتحار على مستوى العالم
توجد بدول الاتحاد السوفييتي السابق؛ حيث توجد أعلاها على الإطلاق بين رجال
ليثيوانيا بنسبة 73.7 لكل 100,000 رجل ثم روسيا الفيدرالية بنسبة 66.4 لكل 100,000
رجل، ثم بلاّروسيا بنسبة 63.4 لكل 100,000 رجل. تلي دول الاتحاد السوفييتي السابق
في أعلى نسب للانتحار بين الرجال دول المجر وسريلانكا وفنلندا ومولدوفا وسويسرا
ولوكسمبورج. أما بين النساء فأعلى نسب للانتحار توجد في الصين بنسبة 17.9 لكل
100,000 امرأة تليها سريلانكا تليها المجر فليثيوانيا فروسيا الفيدرالية فلاتفيا
فاليابان. أما ما بين الدول العربية التي يوجد لها إحصائيات رسمية في هذا الشأن
فتوجد أعلى النسب في البحرين بنسبة 4.9/100000 رجل ثم الكويت 1.4/100000 رجل ثم
سوريا بنسبة 0.2 /100000 رجل ومصر 0.1/ 100000 رجل وصفر في الأردن. أما بين النساء
فأعلى النسب توجد بالكويت (2.4/100000 امرأة) ثم البحرين (0.5/100000 امرأة) أما
في مصر وسوريا والأردن فالنسبة صفر. وكما يتضح من الخريطة فإن المنطقة
العربية بالإضافة إلى دول جنوب القارة الأمريكية هي الأقل بالنسبة لنسب الانتحار
العالمية.
الجزيره
العربيه من ظاهرة الانتحار
تفاقمت ظاهرة انتحار الشباب
بشكل خطير، فبين الحين والآخر تنشر وسائل الاعلام أنباءً حول اقدام شاب أو فتاة
على التخلص من الحياة بسبب تعرض المنتحر لضغوط عصبية أو مالية أو حتى عاطفية، وان
كانت في معظم حالاتها لا تزيد عن كونها مشكلات عابرة يسهل على الكثيرين استيعابها
في الظروف العادية. وقد اختلف الباحثون والمفكرون في تحليل ظاهرة الانتحار عند
الشباب بعد ان سجلت تزايداً ملحوظاً عند مختلف الشعوب، وخصوصاً الغرب، وينطلق كل
باحث اجتماعي أو نفسي من خلفيته الفكرية في تعديد أسباب الانتحار، فمنهم من اعتبرها
نتيجة للأزمة الاقتصادية التي تجتاح العالم، وآخر يرى أنها نتيجة لحالة مرضية وفريق
ثالث اعتبر أن أسبابها الحقيقية اجتماعية – اقتصادية، في حين يؤكد باحثون آخرون أن
الفراغ الديني هو بالأساس الباعث والدافع إلى انتحار الإنسان، فعلى العكس من ذلك
يحقق الإيمان للإنسان أهدافاً عدة على رأسها الرضا بما قسمه الله والخوف من عقابه،
وهو ما يشكل مانعاً ذاتياً عن قتل النفس مهما تدهورت حالة المرء الاقتصادية أو
الاجتماعية أو حتى النفسية بل أن السعي لنيل رضا الخالق اعتبره الباحثون النفسانيون
من العلاقات الأساسية لكبح جماح الإنسان.
واللافت هذه الأيام الانتشار
الكبير لهذه الظاهرة في بعض الشعوب الإسلامية والعربية التي تعرف بالالتزام
الديني الواضح والتي تحرم دياناتها السماوية فكرة الانتحار، وقد دلت معظم
الدراسات على وجود علاقة ترابط تام بين أغلب حالات المنتحرين وبعض المتغيرات
التي تنحصر في الفقر والبطالة والفشل العاطفي يليه الدراسي ثم الوظيفي، فيما لم
تغفل هذه الدراسات المتغيرات الخطيرة التي طرأت على المنطقة من كثرة الحروب
ومناطق الصراع المشتعل في كثير من البلدان، وظهرت بعض الحالات التي أقدمت على
الانتحار بسبب المرض العقلي أو الجسدي وهذه لا تشمل طائفة كبيرة من المنتحرين.
** انهيار الشباب
تشير الأرقام إلى أن أكثر من
69 % من أعداد المنتحرين كانت لديهم ضغوط اقتصادية قاسية من فقر وبطالة، ويفسر
الباحثون ذلك بأن القلق والكآبة وعدم الاستقرار يزداد بين العاطلين، بل ويمتد هذا
التأثير النفسي على حالة الزوجات، وأنّ هذه الحالات النفسية تنعكس سلبياً على
العلاقة بالزوجة والأبناء، وتزايد المشاكل العائلية. وترى أغلب التحليلات ان السبب
الرئيسي في هذه المشاكل بين العاطلين عن العمل، هو الافتقار الى المال، وعدم توفره
لسد الحاجة، وبناءً على ذلك فإن تعطيل الطاقة الجسدية بسبب الفراغ، لاسيما
بين الشباب الممتلئ طاقة وحيوية ولا يجد المجال لتصريف تلك الطاقة، مما يؤدي الى أن
ترتد عليه تلك الطاقة لتهدمه نفسياً مسببة له مشاكل كثيرة قد تنتهي بقرار التخلص
من الحياة. وهو ما يفسر العلاقة بين الجانب النفسي من الانسان، وبين توفر الحاجات
المادية، وأثرها في الاستقرار والطمأنينة، وأن الحاجة والفقر يسببان الكآبة والقلق
وعدم الاستقرار، وما يستتبع ذلك من مشاكل صحية معقّدة، كأمراض الجهاز الهضمي والسكر،
وضغط الدم، وآلام الجسم، حتى أن هناك مثل شعبي يضرب في بعض المجتمعات العربية
يقول "الجوع كافر" وهو ما يفسر اقدام كثير من الشباب على التخلص من الحياة، ويعرف هذا النوع من الانتحار لدى علماء الاجتماع
بالانتحار "الفوضوي" الذي عادة ما
يحصل إبان الأزمات الاقتصادية والاجتماعية، ويكون وليد الانفعال والغضب أو الإحباط
الذي يعيشه العاطل عن العمل.
** انتحار العرب
ويمثل هذا النوع من الانتحار
ظاهرة مقلقة في السنوات القليلة الماضية في أغلب البلدان العربية بعد تسجيل
البطالة فيها معدلات غير مسبوقة منذ الحرب العالمية الثانية، لأنه بالنسبة لبعض
هؤلاء العاطلين عن العمل يمثل وسيلة لإنهاء معاناة نفسية قاسية. ولعل أخطر
دلالات الاحصائيات التي تهتم برصد ظاهرة الانتحار في المجتمعات العربية تشير إلى
أن أكثر من 78 % ممن يقدمون على الانتحار تنحصر أعمارهم ما بين 17 و40 عاما، وأغلب
دوافع التخلص من الحياة يدخل فيها التدهور الاجتماعي الاقتصادي والفشل في ايجاد
فرصة عمل وهو ما يعني توجيه ضربة قاضية لعصب هذه المجتمعات ومن يقع على عاتقهم
عبء النهضة والتقدم. فتشير الأرقام إلى أن ما بين 11 ألفا و 14 ألف شاب وفتاة
ينتمون لبلدان عربية يحاولون الانتحار كل عام وتتركز أعلى المعدلات في الدول التي تعاني
مشكلات الفقر والبطالة اللتان تهددان سلامة واستقرار هذه المجتمعات، كما تزيد
معدلات الانتحار في المجتمعات التي تعاني من حروب أهلية أو ترزح تحت الاحتلال أو اقتتال
طائفي، فيندفع الشاب أو الفتاة للتخلص من حياته اذا ما فشل في تحقيق سعادته. وتعتبر
مصر من بين اكثر الدول العربية التي تنتشر فيها حوادث انتحار الشباب حيث تشير
الأرقام أن ما بين 750 الى 1200 حادثة انتحار تقع كل عام نسبتها العظمى من الشباب،
وتؤكد المعلومات أن الأسباب تعود بالأساس الى عدم ايجاد فرصة عمل أو التخلص من الديون
المالية، كما تحتل التجارب العاطفية التي تفشل بسبب ضغوط الحياة وارتفاع نفقات
الزواج نسبة ليست بالهينة ضمن دوافع الانتحار بين الشباب. وتأتي في باقي
الترتيب أسباب أخرى مثل الخلافات العائلية بين الأزواج أو فيما بين الأباء وابنائهم،
كما تسجل حوادث الانتحار للتخلص من بطش زوج الأم أو زوجة الأب نسبة مرتفعة تقف كدوافع
خلف انتحار حديثي السن.
كما تنتشر ظاهرة الانتحار في
بعض البلدان العربية مثل اليمن، وتتعلق أسباب التخلص من الحياة في الغالب
بأسباب متشابهة مع أغلب البلدان العربية وان زاد عليها كثرة اقدام الفتيات على
الانتحار بسبب عادات الزواج التي يتم فيها اجبارهن على الزواج من أشخاص غير مرغوب
فيهم مثل أبناء عمومتهن أو أبناء عشيرتهن ولا تملك الفتاة في هذه الحالة سوى
الخضوع لرغبة الأسرة أو وضع نهاية مأساوية للحياة. وتؤكد احصائية حديثة أن معدلات
حالات الانتحار فى اليمن ارتفعت بشكل حاد خلال العامين الماضيين بنسبة تقارب 52
بالمائة. ووفقا للمصادر اليمنية فإن عدد حالات الانتحار والشروع فيه بلغت 825 حالة
بينها 655 حالة انتحار وشروع في الانتحار سجلت خلال الفترة من يناير وحتى نوفمبر
من عام 2002 في محتلف المدن اليمنية. ويتضح أن عدد الحالات التى تم رصدها منذ
العام 1995 وحتى العام 2002 تزيد على 4100 حالة انتحار معظمها لشباب وفتيات لم
يتجاوزوا العقد الثالث من العمر. ويبرر علماء النفس اليمنيون هذه الظاهرة بالظروف
المعيشية الصعبة والاجتماعية المعقده اضافة الى الخلافات الاسرية المتفاقمة.
فيرى العلماء ان الانتحار عادة ما يكون ناتجا عن افكار قهرية او اكتئاب او عوز او
فشل يفضى الى شعور واعتقاد لدى الشخص المنتحر بان الموت هو اقصر الطرق للتخلص من
مشاكل الحياه".
وفي الأردن هناك تزايد مستمر
أيضا في معدلات الانتحار ويرى علماء الاجتماع هناك ان ضغوط الحياة والتغيرات
الاجتماعية تدفع لتزايدها رغم انها ما تزال خطوة منبوذة استنادا للعقيدة الدينية
الاسلامية وللعادات والموروثات الاجتماعية التي تعتبر قتل النفس بالانتحار من الكبائر
ويقود الى النار. وقد سجلت 59 حالة انتحار خلال شهر واحد بين الشباب قضى خلالها
26 شابا وفتاة، بينما أمكن انقاذ باقي المنتحرين الذين كتبوا على أنفسهم حياة
مأساوية في ظل تشوهات جسدية خطيرة. . وتشير نتائج احدى الدراسات، التي شملت أكثر من
1200 حالة انتحار، إلى أن 81 % من الشباب المنتحرين و42% من الفتيات الشابات
المنتحرات كانوا يعانون خلال حياتهم اليومية من امراض نفسية يحتل الاكتئاب المرتبة
الاولى بين الامراض النفسية المشخصة لدى المنتحرين.
أما في السعودية فقد ذكرت
إحصائية حديثة لوزارة الداخلية ان حالات الانتحار ومحاولة الانتحار تجاوزت 700
حالة قضى خلالها 470 حالة منها 96 حالة في الرياض، 44 حالة في المنطقة الشرقية، 24
حالة في مكة المكرمة، 20حالة في نجران، 19 في عسير، 14 في المدينة المنورة، 11 في
حائل، 8 في جازان، 7 في الجوف، 4 في القصيم، 3 في تبوك والمنطقة الشمالية.
وأشارت إحصائية صادرة عن
وزارة الداخلية الكويتية، إن معدل الانتحار في الكويت ارتفع منذ غزو الكويت، وأظهرت
الإحصائية ارتفاع عدد حالات الانتحار من 27 حالة عام
1991م إلى
43 حالة عام 1992م و56 في العام الثاني ووصل العدد في عام 1997م إلى 51 حالة انتحار، أما عام 2002 فقد شهد أعلى المعدلات حيث قدرت حالات
الانتحار بالمئات وهو ما يدفع إلى التشكيك في
اعتبار الغزو العراقي مسئولا عن ارتفاع معدلات الانتحار والدليل على ذلك أنه رغم
انتهاءه ما زالت المعدلات في تزايد مستمر.
ليس الفقر وحده ولا تفرق
تقارير المنظمات الدولية بين انتشار ظاهرة الانتحار في الدول العربية النامية عنها
في الدول المتقدمة فترى أنها باتت ظاهرة عالمية لا يحدها مكان أو زمان ، وبقراءة
سريعة في انتشار ظاهرة الانتحار في الغرب يتضح أن المسألة تأخذ أبعادا أكثر
خطورة فهي قد لا تتوقف بالأساس على عوامل
اجتماعية من فقر وجهل وبطالة بدليل انتشارها
في دول غنية بطبيعتها، ففي فرنسا ـ على سبيل المثال ـ يحاول نحو 60 ألف مراهق
الانتحار سنوياً، وفي أمريكا يقدم نحو 25 الف شاب وفتاة على الانتحار في العام الواحد.
أما في الصين فإن الانتحار أكثر شيوعاً بين النساء عنه بين الرجال في الصين، وفي
دراسة قام بها باحثون أمريكيون وصينيون ثبت ان الانتحار هو المسؤول الأول عن أكبر عدد
من الوفيات بين الشباب في الصين. وقد أظهرت الإحصاءات أن عشرين بالمائة من عدد
الوفيات بين الشباب الذين تتراوح أعمارهم ما بين الخامسة عشرة والرابعة والثلاثين
عاماً، يموتون منتحرين. ووصلت النسبة إلى ثلاثة وثلاثين بالمائة بين نساء الريف من
نفس الفئة العمرية. ذكر أن الصين هي الدولة الوحيدة في العالم التي يزيد فيها
الانتحار بين النساء عنه بين الرجال. ويؤكد الباحثون أن الانتحار أصبح يمثل مشكلة
اجتماعية ضخمة في الصين، وإن من الأسباب التي ساعدت على انتشار تلك الظاهرة غياب
الرادع الديني، ونقص سبل الرعاية النفسية للفئات الأكثر انتحاراً، إضافة لسهولة
الحصول على المبيدات السامة في المناطق الريفية.
أما في دولة الكيان الصهيوني،
فقد أعلنت وزارة الصحة الاسرائيلية ارتفاع حالات الانتحار في صفوف الشباب
الإسرائيلي، إذ بلغ عدد محاولات الانتحار المبلغ عنها عام
1991 (1204) محاولات،
في حين وصل العدد في عام 1997 إلى 2400 محاولة. وقفز الرقم إلى نحو 6 آلاف محاولة انتحار
نهاية العام المنصرم 2002، واعترفت الوزارة أن الانتحار هو سبب الموت الثاني
من حيث الانتشار والترتيب في وسط الشباب الإسرائيلي الذين تتراوح أعمارهم ما بين
15 و24 عاما وقد عزت دراسات مستفيضة أسباب الانتحار لدى الشباب الاسرائيليين
لدوافع تتعلق باليأس من الحياة في وطن ملتهب وفي ظل اجبارهم على ارتكاب مذابح في
حق شعب أعزل، وهو ما يفسر انتحار الجنود اليهود، بخلاف نشاط المقاومة الفلسطينية
الفدائية وتفعيل العمليات الاستشهادية ضد الاحتلال مما ينشر الفزع والرعب بين
المستوطنين الذين يقررون وضع نهاية لحياتهم بأيديهم.
شهادة نعم .. انتحار لا !!
تحاول دولة الاحتلال الاسرائيلي دائما تشويه صورة المقاومين الفلسطينيين عبر
تصوير منفذي العمليات الاستشهادية ضد المستوطنين اليهود على أنهم ارهابيون أو منتحرون
يائسون من حياة الفقر والانهزام أمام دبابات ومجنزرات الاحتلال وأن العنف والارهاب
طابع أصيل في نفوسهم، فهم يتلذذون بسفك الدماء، وقد ردت أقلام عربية مستنيرة على
هذه الدعاوى المغرضة بتفنيدها وتوضيح الافتراءات التي يتضمنها برنامج الدعاية الصهيونية،
فبداية لا أساس لاتهام الفدائيين باللجوء لهذه العمليات بسبب الجهل والفقر
واليأس وخضوعهم لعمليات غسيل مخ وخير دليل على ذلك أن أغلب الاستشهاديين من خريجي
الجامعات وبينهم المهندسة والطبيب والحاصل على شهادة الماجيستير وجميعهم على وعي
وطني تام بقضية بلادهم ووجود هدف سام يستحق بذل الروح والدماء فداءً للوطن. فأغلب
التسجيلات المصورة للاستشهاديين تدلل على أنهم مقدمون على هذه الخطوة وكلهم اقتناع
تام بأن فناء أجسادهم هو السبيل الوحيد لخلود أرواحهم، وبالتالي لا تنطبق عليهم أي
من الدوافع التي حددها العلماء للانتحار.
الانتحار
في اليمن و احصائياته:
الانتحار في اليمن ظاهرة لها
سماتها ومسبباتها وظروفها الخاصة، ورغم ما يكتنف حالاتها من عموض وما يحيط
المعلومات عنها من تكتم وسرية من قبل الجهات المعنية أحياناً، وعدم دقة هذه
المعلومات أحياناً أخرى، بسبب تردد الكثيرين في الإبلاغ عن مثل هذه الحالات بداعي العيب
والخوف من الفضيحة، فإن المعلومات والمؤشرات والأرقام، جميعها تؤكد ان الظاهرة تشهد
تصاعداً مستمراً خاصة خلال السنوات العشر الأخيرة نتيجة الظروف المعيشية الصعبة
والآزمة الاقتصادية الخانقة التي يمر بها البلد عموماً.
لكن ما يثير قلق ومخاوف
المختصين والمهتمين حول هذه الظاهرة، هو تزايد نسبة إقدام الفتيات أو النساء
المتزوجات على الانتحار مقارنة بالرجال في مجتمع محافظ مثل اليمن الأمر الذي تسعى
"المرأة اليوم" عبر استعراض مجموعة من الإحصاءات والآراء في هذا التحقيق إلى أن تكشف ظروفة وملابساته.
منذ منتصف تسعينات القرن
الماضي وحتى اليوم ومعدلات الجريمة في اليمن تشهد تزايداً مضطرداً. حسب ما
تسجله أرقام وزارة الداخلية اليمنية، حيث تشير إلى أن حالات الانتحار خلال الفترة
ما بين 1995م وحتى يوليو 2001م بلغت 1211 شخصاً من مختلف محافظات الجمهورية..
بينما تبين أن نحو 120حالة انتحار وقعت خلال الآشهر الستة الأوليى فقط من عام
2001م باستخدام الرصاص أو الشنق أو إشعال حريق أو تناول سموم وعقاقير طبية، وكانت
نسبة عدد حالات الانتحار بين النساء 41.7% من إجمالي حالات الانتحار المسحلة.
وتوضح الإحصائيات أن القضايا
الجنائية والحوادث الأمنية المختلفة في اليمن شهدت ارتفاعاً ملحوضاً خلال
السنوات الماضية بلغت نسبة 37%، منها 16% حالة انتحار، بينها فقط 8% حالات انتحار نساء
وفتيات.
وتصاعد معدل الجريمة عام
2004م بنسبة 20.85% عن عام 2003م حيث بلغ عدد الجرائم المسجلة (22575) جريمة حسب
إحصائية صادرة عن وزارة الداخلية.. فيما أشارت مصادر أمنية إلى أن مؤشر حركة
الجريمة خلال العام الماضي 2005م تصاعد بنسبة تجاوزت 9% وإلى ارتفاع معدل ارتكابها
بزيادة رقمية تفوق 2900 جريمة عن العام الماضي.
ورغم ما تكشفه الإحصائيات
والآرقام وتقارير المنظمات الدولية لحقوق الإنسان والجهات الأمنية المعنية من
تصاعد لحالات وحوادث الانتحار في اليمن، إلا انها تفتقر حسب المتخصصين والباحثين.
للمعلومات الدقيقة حول الظاهرة، نتيجة حالة التخفظ الموجودة وعدم تسجيل الكثير
من البلاغات الخاصة بحوادث الانتحار لدى الجهات المعنية وسيطرة (مفهوم العيب
الاجتماعي) لدى الكثيرين، وما يكتنف معظم هذه الحوادث من ملابسات تثير نوعة من الخوف
من الفضائح.
ويواجه الباحثون صعوبة كبيرة
في الحصول على المعلومات الدقيقة الخاصة بالانتحار، خاصة في ظل ما يحاط به مثل
هذا النوع من القضايا والحوادث في الغالب من تكتم وسرية شديدة من قبل الجهات المعنية.
وفيما يرفض الكثير من
المسؤولين والأكاديمين إطلاق صفة (الظاهرة) على حوادث الانتحار في اليمن. ويرون أن
العوامل الاقتصادية من أهم الأسباب المباشرة التي تؤدي الى الإقدام على الانتحار،
يؤكد مسؤولون أمنيون وأكاديميون آخرون أن عدد حالات الانتحار شهدت تزايداً
محلوظاً خلال السنوات الآخيرة حوالي 1470 حالة، منها 316 حالة انتحار خلال الفترة من
1يناير وحتى نهاية نوفمبر عام 2003.
يقول الدكتور محمد الآفندي،
رئيس مركز الدراسات الاستيراتيجية: "إن الشخص الفقير يزداد عنده الإحساس يومياً
بالغين والظلم، فتتولد لديه حالات العداء للآخرين، ويقدم على الانتحار بعد أن يشعر
بالعجز الكامل".. بيد أن الدكتور الافندي يرفض وصف الانتحار
ب"الظاهرة". ويقول: "رغم الأعداد المخيفة لحالات الانتحار، إلا
أنها تظل نسبة ضئيلة ولايمكن وصفها بالظاهرة".
وتسجل أعلى معدلات الانتحار
في اليمن بالمدن الرئيسية التي تطغى عليها حياة المدنية وينتشر فيها الفساد
الأخلاقي، وتغلب فيها المعايير المادية على المعايير الدينية الأخلاقية، لكن
الملاحظ رغم ما يتم حول ظاهرة الانتحار من فعاليات تشمل (ندوات ومؤتمرات وحلقات
نقاشية)، كان آخرها الندوة الوطنية المنعقدة بصنعاء في سبتمبر 2001م بعنوان (ظاهرتا
الاكتئاب والانتحار)، والتي قدم فيها أكثر من 50بحثا علميا تناولت الظاهرتين
بالتحليل والدراسة وبينت أسبابهما وعوامل انتشارهما وسبل معالجتهما، إلا أن ذلك لم يحل
دون تصاعد حوادث الانتحار أو يود إلى التقليل منها.