لقضاء
فقه السنة النبوية |
تمهيد
اختلفت
مصالح الناس منذ القدم فكانت المنازعات بينهم، فكان لابد من فصل بينها
ليأخذ صاحب الحق حق ويضرب بيد الظالم وهذه هي وظيفة القضاء.
أولا: التعرف بالقضاء
أـ لغة:
قضى، قضاءً بمعنى حكم.
والقضاء لفظ مشتك من معانيه مايلي:
- إحكام الشيء وإمضائه، قال تعالى: ﴿وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إسْرائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيرًا﴾ [الإسراء، 4].
- الإرادة: قال تعالى: ﴿قَالَتْ
رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي وَلَدٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ قَالَ
كَذَلِكِ اللَّهُ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ إِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا
يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ﴾ [آل عمران، 47].
- الإلزام: ﴿وَقَضَى
رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا
إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا
تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا
كَرِيمًا﴾ [الإسراء، 23]
- الفراغ من الشيء والانتهاء منه: ﴿ يَا
صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَمَّا أَحَدُكُمَا فَيَسْقِي رَبَّهُ خَمْرًا
وَأَمَّا الْآَخَرُ فَيُصْلَبُ فَتَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْ رَأْسِهِ قُضِيَ
الْأَمْرُ الَّذِي فِيهِ تَسْتَفْتِيَانِ ﴾ [يوسف،41].
- الأداء: فيقال قضى دينه إذا أدّاه.
- الحكم: فيقال قضى القاضي في المسألة أي حكم فيها.
ب- اصطلاحا:
يراد بالقضاء: قطع النزاع بين الخصوم بالأحكام الشرعية.
ثانيا: أهمية القضاء
1.فصل الخصومات وقطع المنازعات وإنهاء الخلاف بين الخصوم.
2.تطبيق الحكم الشرعي في القضية المعروضة.
3.حفظ الحقوق وحماية المستضعفين والمظلومين، قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: [إنه لا ينفع تكلم بحق لا نفاذ له]، قال الإمام أحمد: [لابد للناس من حكم، أتذهب حقوق الناس].
4.إقامة العدل، وبه يستقر المجتمع ويستتب الأمن ويسود النظام وترقى الدولة ويدوم الملك، فالعدل أساس الملك، يقول الثعالبي: "...من
مال إلى الحق مال إليه الخلق، إذا رعيت فاعدل، فالعدل يصلح الرعية...
الظلم مسلبة للنعم، والبغي مجلبة للنقم... وأنفذ السهام دعوة المظلوم، من
طال عدوانه زال سلطانه... شر الناس من كفل الظلوم وخذل المظلوم".
قال أبو بكر الصديق رضي الله عنه في أول خطبة حين تولى الخلافة: "الضعيف فيكم قوي عندي حتى آخذ الحق له، والقوي فيكم ضعيف عندي حتى آخذ الحق منه إن شاء الله".
قال القاضي ابن فرحون المالكي: "علم القضاء من أجلّ العلوم قدرا، وأعزها مكانا، وأشرفها ذكرا، لأنه مقام علي ومنصب نبوي، به الدماء تعصم...".
ثالثا: القضاء في القرآن الكريم
ورد لفظ القضاء والحكم ومشتقاتهما في مواضيع عديدة منها:
﴿يَا
دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ
النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ
اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ
شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ﴾ [ص، 26].
﴿إِنَّ
اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا
وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ
اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا﴾ [النساء، 58].
﴿وَأَنِ
احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ
وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ
إِلَيْكَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ
يُصِيبَهُمْ بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ
لَفَاسِقُونَ ﴾ [المائدة، 49].
﴿إِنَّا
أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ
بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ وَلَا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيمًا ﴾ [النساء، 105].
﴿فَلَا
وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ
ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ
وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾ [النساء، 65].
رابعا: القضاء في السنة النبوية
- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا حسد إلا في اثنتين: رجل آتاه الله مالا فسلطه على هلكته في الحق، وآخر آتاه الله الحكمة فهو يقضي بها ويعمل بها) [رواه البخاري ومسلم وأحمد وابن ماجه والبيهقي]، فجعل الرسول صلى الله عليه وسلم منصب القضاء من النعم التي يغبط صاحبها.
- عن جابر رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (كيف تقدس أمة لا يؤخذ من شديدهم لضعيفهم) [رواه ابن حبان]، زهو تحذير من الإخلال بقيمة العدل التي تقتضي إنصاف المظلوم من ظالمه.
عن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (إذا حكم الحاكم فاجتهد ثم أصاب فله أجران، وإذا حكم فاجتهد ثم أخطأ فله أجر) [متفق عليه]، فالقاضي حين يحكم بعد اجتهاده فأجره على الله إن أصاب أو أخطأ.
- عن بُريدة رضي الله عنه قال: قال رسول لله صلى الله عليه وسلم: (القضاة
ثلاثة: اثنان في النار، واحد في الجنة، رجل عرف الحق فقضى به فهو في
الجنة، ورجل عرف الحق فلم يقض به، وجار في الحكم فهو في النار، ورجل ل يعرف
الحق فقضى للناس عن جهل فهو في النار) [رواه ابن ماجه، والترمذي، والنسائي، وأبو داوود].
عن عائشة رضي الله عنها قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (يدعى بالقاضي العادل يوم القيامة فيلقى من شدة الحساب ما يتمنى أنه لم يقض بين اثنين في عمره) [رواه ابن حبان].
والحديثان الأخيران يحذران من الحكم بالباطل عمدا أو جهلا.
خامسا: القضاء في عهد الرسالة
أول
من باشر القضاء في الإسلام هو النبي صلى الله عليه وسلم، فقد كان يقضي بين
المتخاصمين ويحكم بينهم، وذلك بأمر من رب العزة في قوله تعالى: ﴿فَلَا
وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ
ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ
وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾ [النساء، 65]، ويقول النبي عليه الصلاة والسلام: (إنكم تختصمون إلي، ولعل بعضكم أن يكون ألحن[1] بحجته من بعض فأقضي له على نحو مما أسمع منه، فمن قطعت له من حق أخيه شيئا فلا يأخذه، فإنما أقطع له به قطعة من النار) [رواه البخاري ومسلم].
ولما
اتسعت رقعة الدولة الإسلامية أرسل النبي صلى الله عليه وسلم إلى بعض ولاة
الأقاليم وعهد إليهم بالقضاء منهم: علي بن أبي طالب رضي الله عنه الذي عهد
إليه القضاء باليمن ودعا له بقوله: (اللهم اهد قلبه، وسدد لسانه)، ثم قال له: (إذا تقاضى إليك رجلان فلا تقض للأول حتى تسمع كلام الآخر...) [رواه الترمذي وقال: حديث حسن]، أو (إذا جلس بين يديك الخصمان فلا تقضين حتى تسمع من الآخر كما سمعت من الأول، فإنه أحرى أن يتبين لك القضاء).
سادسا: القضاء في عهد الخلافة الراشدة
أ- في عهد أبي بكر الصديق رضي الله عنه:
كان يباشر القضاء فضلا عن الحكم وإدارة شؤون الرعية، ويساعده في مهمة
القضاء ولاته في مختلف الأقاليم، وبعدما أسند القضاء إلى عمر بن الخطاب رضي
الله عنه في المدينة المنورة، وظل سنتين لا يأتيه الخصوم لما عرف عنه من
شدة في الحق.
ب- في عهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه:
اتسعت رقعة الدولة في عهده وتوسعت أعباء الولاة ومهامهم، فصل عمر بين
القضاء والولاية العامة (بين السلطتين القضائية والتنفيذية) فعين قضاة في
الأقاليم غير الولاة، فولىّ أبا الدرداء قضاء المدينة، والقاضي شريحا قضاء
البصرة وأبا موسى الأشعري قضاء الكوفة وعثمان بن قيس بن أبي العاص قضاء
مصر.
ج- في عهد عثمان بن عفان رضي الله عنه: هو
أول من خصص دارا للقضاء يقصده الخصوم، وقد كان القضاة في عهدي أبي بكر
وعمر يمارسون قضاءهم بالمساجد، من أشهر القضاة في عهده: زيد بن ثابت
بالمدينة، أبو الدرداء بدمشق، كعب بن سور البصرة، شريح بالكوفة، يعلى بن
أمية باليمن، عثمان بن قيس بن أبي العاص بمصر.
د- في عهد علي بن أبي طالب رضي الله عنه: لقد
عُرِف عنه القضاء منذ عهد الرسول صلى الله عليه وسلم وشهد له بذلك أمير
المؤمنين عمر رضي الله عنه ، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال عمر بن
الخطاب: [أقضانا علي]، وعن سعيد بن المُسَيَّب قال: [كان عمر يتعوّذ بالله من مُعضلة ليس فيها أبو حسن[2]].
سابعا: صفات القاضي
فصلت الكتب الفقهية في الشروط الخاصة بالقاضي وصفاته لخطورة مهمته، وأثرها في دنيا الناس والأمم، وأهم ما ذكر فيها ما يلي:
1. العلم
2. القدرة على إنفاذ الحكم
3. الورع
4. احتمال الأذى
5. مشاورة ذوي الرأي
6. العدل
7. الأمانة
8. معرفة عادات الناس وأعرافهم
ثامنا: الإثبات أمام القضاء
هي الوسائل والأدلة التي تساهم في تطبيق العدل وإحقاق الحق، قال النبي عليه الصلاة والسلام: (لو يُعطى الناس بدعواهم، لادعى أناس دماء رجال وأموالهم، البينة على من ادعى، واليمين على من أنكر) [رواه مسلم]،
ومن القواعد المقررة شرعا التي يجب أن يراعيها القاضي "الأصل براءة
الذمة"، "كل متهم بريء إلا أن تثبت إدانته"، أما بالنسبة لطرق الإثبات منها
ما يلي:
1.الإقرار: وهو اعتراف الإنسان على نفسه في مجلس القضاء بدون إكراه مادي أو معنوي، والمرء مؤاخذ بإقراره.
2. الشهادة (البينة): إخبار صادق في مجلس القضاء من طرف الشهود وهي أمانة لابد من أدائها، ولا يجوز كتمانها، قال الله تعالى: ﴿وَاسْتَشْهِدُوا
شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ
وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ أَنْ تَضِلَّ
إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى وَلَا يَأْبَ
الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا وَلَا تَسْأَمُوا أَنْ تَكْتُبُوهُ صَغِيرًا
أَوْ كَبِيرًا إِلَى أَجَلِهِ ذَلِكُمْ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ
وَأَقْوَمُ لِلشَّهَادَةِ وَأَدْنَى أَلَّا تَرْتَابُوا إِلَّا أَنْ
تَكُونَ تِجَارَةً حَاضِرَةً تُدِيرُونَهَا بَيْنَكُمْ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ
جُنَاحٌ أَلَّا تَكْتُبُوهَا وَأَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ وَلَا
يُضَارَّ كَاتِبٌ وَلَا شَهِيدٌ وَإِنْ تَفْعَلُوا فَإِنَّهُ فُسُوقٌ
بِكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ
شَيْءٍ عَلِيمٌ* وَإِنْ كُنْتُمْ عَلَى سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُوا كَاتِبًا
فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا فَلْيُؤَدِّ
الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ وَلَا
تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ وَمَنْ يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آَثِمٌ قَلْبُهُ
وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ﴾ [البقرة، 282- 283]، ونصاب
الشهادة رجلان أو رجل وامرأتان، وتقبل شهادة النساء بمفردهن في مواضع لا
يطلع عليها الرجال غالبا، مثل شهادة المرأة الواحدة في الرضاع.
3. اليمين: إذا عجز المدعي عن إثبات دعواه وأنكر المدعى عليه الدعوى من حق المدعي أن يطلب من القاضي توجيه اليمين للمدعى عليه.
4. القرائن القاطعة: وهي الأدلة المادية (الحسية)، كالإمضاء على وثائق...
تاسعا: خلاصات
ضرورة
اقتداء قضاء اليوم بالقضاء الناجح والقضاة الناجحين، ومما يجب على القضاة
معرفته رسالة أمير المؤمنين عمر بن الخطاب إلى أبي موسى الأشعري رضي الله
عنهما لما ولاه قضاء الكوفة يقول فيها:
[بسم
الله الرحمن الرحيم، سلام عليك، أما بعد، فإن القضاء فريضة محكمة، وسنة
متبعة، فافهم إذا أدلي إليك، وانفذ إذا تبين لك، فإنه لا ينفع تكلم بحق لا
نفاذ له، آس بين الناس في مجلسك وفي وجهك وقضائك حتى لا يطمع شريف في حيفك،
وييأس ضعيف من عدلك، البينة على من ادعى، واليمين على من أنكر، والصلح
جائز بين المسلمين، إلا صلحا أحلّ حراما، أو حرم حلالا، ومن ادعى حقا غائبا
أو بينه فاضرب له أمدا ينتهي إليه، فإن بينه أعطيته بحقه، وإن أعجزه ذلك
استحللت عليه القضية، فإن ذلك هو أبلغ في العذر وأجلى للعماء، ولا يمنعك
قضاء قضيته فراجعت فيه رأيك، فهديت فيه لرشدك أن تراجع فيه الحق، فإن الحق
قديم لا يبطله شيء، ومراجعة الحق خير من التمادي في الباطل، والمسلمون عدول
بعضهم على بعض إلا مجربا عليه شهادة زور، أو مجلودا في حد، أو ظنينا في
ولاء أو قرابة، فإن الله تعالى تولى من العباد السرائر، وستر عليهم الحدود،
إلا البينات والأيمان، ثم الفهم الفهم فيما أدلي إليك مما ورد عليك مما
ليس في قرآن ولا سنة، ثم قايس الأمور عند ذلك، واعرف الأمثال ثم اعمد فيما
ترى إلى أحبها إلى الله، وأشبهها بالحق، وإياك والغضب والقلق والتأذي
بالناس، والنكر عند الخصومة، فإن القضاء في مواطن الحق مما يوجب الله به
الأجر ويحسن به الذكر، فمن خلصت نيته في الحق - ولو على نفسه -
كفاه الله ما بينه وبين الناس، ومن تزين بما ليس في نفسه شانه الله، فإن
الله تعالى لا يقبل من العباد إلا ما كان خالصا، فما ظنك بثواب عند الله في
عاجل رزقه وخزائن رحمته، والسلام][3].