النص القرائي:

إعلان الرئيسية



  1.                                           ضرورات لا حقوق

هناك سؤال مشروع ومطروح في الساحة الإسلامية: أين يلتمس المسلم المعاصر دلك السياج الفكري الذي يستطيع بإقامته حماية الحقوق الإنسانية، التي تكفل له تحقيق جوهرة إنسانيته، وازدهار طاقاته و ملكاته، والنهوض بواقع أمته وحضارته في العصر الحديث؟ ... أين يلتمس المسلم المعاصر هدا السياج؟
إن الحقوق الإنسانية ضرورات فطرية للإنسان، من حيث هو إنسان. وإسلامنا هو دين الفطرة التي فطرنا الله عليها، فمن الطبيعي و البديهي أن يكون الكافل لتحقيق هده الحقوق... ومن ثم أن يكون المصدر الطبيعي لمن يريد التماس هدا السياج.
إننا نجد الإسلام قد بلغ في الإيمان بالإنسان، من حيث هو إنسان، وفي تقديس حقوقه إلى الحد الذي تجاوز بها مرتبة الحقوق عندما أعتبرها ضرورات، ومن ثم ادخلها في إطار الوجبات! فالمأكل، والملبس، والمسكن والأمن... و الحرية في الفكر والاعتقاد و التعبير...والعلم والتعليم...والمشاركة في صياغة النظام العام للمجتمع... كل هده الأمور، هي في نظر الإسلام ليست فقط حقوقا للإنسان، من حقه أن يطلبها ويسعى في سبيلها، ويتمسك بالحصول عليها... وإنما هي ضرورات واجبة لهذا الإنسان، بل أنها واجبات عليه أيضا.
إنها ليست مجرد حقوق من حق الفرد أو الجماعة أن يتنازل عنها أو عن بعضها، وإما هي ضرورات إنسانية-فردية كانت أو جماعية-ولا سبيل إلى حياة الإنسان بدونها، حياة تستحق معنى الحياة. ومن ثم فان الحفاظ عليها ليس مجرد حق للإنسان،  بل واجب عليه أيضا... يأثم هو ذاته فردا أو جماعة - إدا هو فرط فيها، ودلك فضلا على الإثم الذي يلحق كل من يحول بين الإنسان وبين تحقيق هده الضرورات. إنها ضرورات لابد من وجودها، ومن تمتع الإنسان بها وممارساته لها، كي يتحقق له المعنى الحقيقي للحياة. وإذا كان العدوان على الحياة من صاحبها بالانتحار، أو من الآخرين بالقتل، جريمة كاملة ومؤثمة، فكذلك العدوان على أي من الضرورات اللازمة لتحقيق جوهر هذه الحياة.
بل إن الإسلام ليبلغ في تقديس هده الضرورات الإنسانية الواجبة إلى الحد الذي يراها الأساس الذي يستحيل قيام الدين بدون توافرها للإنسان، فعليها يتوقف الإيمان ومن ثم التدين بالدين.
  د. محمد عمارة

بطاقة تعريفية بالكاتب محمد عمارة:

نشأته ودراسته
بعضا من  مؤلفاته
ولد الدكتور محمد عمارة بريف مصر مركز قلين محافظة كفر الشيخ في عام 1931، حفظ القرآن الكريم وجوده وهو طفل بكتاب القرية، بدأت تتفتح وتنمو اهتماماته الوطنية والعلمية وهو صغير، وكان أول مقال نشرته له صحيفة مصر الفتاة بعنوان جهاد عن فلسطين، حصل على  الدكتوراه في العلوم الإسلامية تخصص فلسفة إسلامية بكلية دار العلوم جامعة القاهرة عام 1975 والماجستير في العلوم الإسلامية تخصص فلسفة إسلامية-كلية دار العلوم-جامعة القاهرة 1970م والليسانس في اللغة العربية والعلوم الإسلامية-كلية دار العلوم-جامعة القاهرة 1965م.
التفسير الماركسي للإسلام.
المعتزلة ومشكلة الحرية الإنسانية.
معالم المنهج الإسلامي.
الإسلام والمستقبل.
نهضتنا الحديثة بين العلمانية والإسلام.
معارك العرب ضد الغزاة.
الغارة الجديدة على الإسلام.
معركة المصطلحات بين الغرب والإسلام.
القدس الشريف رمز الصراع وبوابة الانتصار.




ملاحظة النص واستكشافه:
            العنوان:
مركب إسنادي يتألف من كلمتين تتوسطهما أداة نفي تلغي ما بعدها وتقرر ما قبلها، فكأنها تصحح مزاعم البعض باعتبار شيء ما حقا وتحثهم على اعتبار هذا الشيء ضروريا، لكن السؤال المطروح هنا هو: ما هي هذه الأشياء الضرورية التي ليست حقوقا؟
بداية النص:
تنسجم مع الجزء الثاني من العنوان لأنها اشتملت عل كلمة (حقوق) التي وردت في صيغة سؤال حول كيفية حماية الإسلام لحقوق الإنسان.
نهاية النص:
تنسجم مع الجزء الأول من العنوان (ضرورات) لتكرار هذه الكلمة فيها، كما أنها تجيب عن السؤال المطروح في بداية النص، فالإسلام – حسب هذه النهاية - حافظ على حقوق الإنسان بجعلها ضرورات لا مجرد حقوق.
نوعية النص:
مقالة تندرج ضمن مجال القيم الإسلامية ذات بعد إنساني حقوقي تحسيسي للمفكر الإسلامية.
فهم النص:
الشرح اللغوي:
- السياج: الحاجز.
- تكفل: تضمن.
- اَلْمَلَكَةُ: استعداد عقلي خاص لتناول أعمال صغيرة معينة بمهارة.
- فطرية: غريزية طبيعية.
- يأثم: يذنب.
الفكرة المحورية للنص:
يحاول الكاتب من خلال النص إثبات بعض الحقوق وجعلها ضرورات تحدد جوهر وقيمة الإنسان. وهذه الضرورات فطرية للإنسان لا يمكن التخلي عنها إلى درجة التقديس ويجعل من التدين أساسا لبلوغها.
الأفكار الأساسية:
ü      تساؤل الكاتب عن السياج الفكري الذي يلتمسه المسلم المعاصر لتحقيق جوهره.
ü      الإسلام دين الفطرة من الطبيعي إذن أن يكون الكافل لترسيخ الحقوق التي اعتبرها ضرورات فطرية للإنسان.
ü      تقديس الإسلام لحقوق الإنسان فجعلها ضرورات واجبة له وعليه.
ü      اعتبر الكاتب العدوان على الحقوق الإنسانية بمثابة العدوان على الحياة لأن الإسلام كرم الإنسان ووفر له جميع الحقوق والواجبات.
الحقول الدلالية:
الألفاظ والعبارات المرتبطة بالحقوق
الألفاظ والعبارات المرتبطة بالقيم الدينية
لحقوق الإنسانية – تحقيق هذه الحقوق – تقديس حقوقه – الواجبات – الحرية – النظام – الحفاظ عليها…
الإيمان – الإسلام ليبلغ في تقديس – التدين بالدين – هي في نظر الإسلام – المعنى الحقيقي للحياة…
الدلالة:
يدل هذان الحقلان الدلاليان على أن القيم الدينية لا تتعارض مع حقوق الإنسان، بل تعززها وتؤكدها.
ملامح الحجاج في النص:
ينبني النص على منطق حجاجي يرفض من خلاله الكاتب فكرة ويقدم فيه فكرة بديلة، ويمكن توضيح هذا المنطق في الجدول التالي:
الفكرة المرفوضة
عمليات البرهنة
الفكرة المقترحة أو البديلة
حقوق الإنسان مجرد حقوق.
- النفي: (ضرورات لا حقوق).
- التأكيد: (حماية الحقوق- إن الحقوق - هذه الحقوق – ضرورات فطرية - إنما هي ضرورات – إننا نجد…).
- التمثيل: (فالمأكل، والملبس، والمسكن…).
حقوق الإنسان هي ضرورات وليست مجرد حقوق.
التركيب والتقويم:
يؤكد الكاتب عل أهمية حقوق الإنسان في الإسلام، فهي ليست مجرد حقوق يستفيد منها المسلم بل هي ضرورات مقدسة تستوجب التمسك بها والعمل على حمايتها، وعدم التفريط فيها. ولهذا الغرض  شرع الدين الإسلامي مجموعة من الأحكام لحماية هذه الحقوق من أي انتهاك، وتنظيمها لتحقيق سعادة الإنسان في الدنيا والآخرة.
يتضمن النص قيمة حقوقية / إسلامية تتجلى في كون الإسلام سباقا إلى إقرار حقوق الإنسان وتنظيمها والحفاظ عليها.
. (الإسلام وحقوق الإنسان، ضرورات لا حقوق) عالم المعرفة. العدد 89 (ماي 1985). ص: 7-14-15 (بتصرف).

تعديل المشاركة
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

لست ربوت

Back to top button