شاءت ارادة الله أن ألتقي صدفة وبدون سابق موعد مع احد المنتخبين في مقهاي المفضل المركب لاحتساء قهوة الصباح كما العادة . كان الجو داخل المقهى كئيبا كما العادة ، موسيقى تصدح من صوت التلفاز ، النادل يسارع الخطى لجلب فنجان هنا و براد إتاي هناك . بعض الجالسين يدخنون والبعض الآخر مرتبط بهاتف يسبح من خلال عبر ارجاء الكون بدون وجهة اوهدف .
فجأة يقتحم علينا فضاءنا الكئيب هذا رجل شديد بياض الوجه بجلباب أبيض ناصع و حذاء ابيض لم تمسسه ذرة تراب . عم المكان صمت عميق لم يكسره سوى صوت النادل الذي فرح كثيرا عند رؤية المنتخب و بدون شعور صاح :
" مرحبا الريس ، غبرتي علينا ، شحال هادي ماشفناكش"
يسلم عليه الرئيس سلاما باردا و يبرر غيابه بكثرة الالتزامات هنا وهناك وأنه لا يجد الوقت حتى لنفسه و لعائلته ، ليرد عليه النادل
" ايوا الله يحسن عوانك ، مرحبا ، اش غاتشرب اسي الريس و اليوم راه على حسابي"
رد عليه صديقي الرئيس : " واخا بلاتي نجلس بعدا وجيب ليا الجريدة الله يحفظك "
التفت المنتخب الدي الف ان يناديه الاخرون بالرئيس يمنة و يسرة ولم يعره أي من الجالسين أي اهتمام بحكم عدم اهتمامهم به أو لأنهم أصلا لا يكثرثون به لانه تنكر لهم مند ان انتخبوا ونسي حرفته بالشارع الرئيسي.
بحث الرئيس عن طاولة ليجلس فيها وفي تلك الأثناء لاحظ وجودي وبحكم طول المدة التي لم نلتقي فيها ، أحس بنوع من الإحراج ورغبة في الإعتذار .
جلس الرئيس بجانبي ورائحة أفخر العطور تفوح منه ، وضع أمامه هاتفين من النوع الممتاز و سماعات أذن بيضاء و مفاتيح سيارة فاخرة .
كانت قهوتي السوداء المرة على وشك الانتهاء ، ولمرارتها تأبى الا أن تبقى في فنجاني لأطول مدة .
سألته عن الحال والأحوال و الأموال . فأما الأحول فقال أنها ليست بخير وبدا في سرد المعيقات و الموبقات و العثرات وأما الأموال فقال إنها في ازدياد و الحمد لله ،انه تمكن من شراء شقتين و بناء منزل فخم ومبلغ محترم في الحساب. والابناء يتابعون تعليمهم بالمدارس الحرة و تنقلهم سيارة المجلس لمتابعة دروسهم هروبا من الازدحام داخل سيارات النقل المدرسي
نادى على النادل الذي ناوله جريدة اليوم وطلب منه أن يقدم له براد أتاي بلا سكر . استغربت من طلبه حيث أن صديقي مولع بكل ماهو لذيذ. فكيف لا يشرب الشاي بالسكر أم أنها خدعة من خدعه المعهودة .
فكرت مليا في فتح نقاش مع صديقي الرئيس حول ملفات ساخنة و مواضيع هامة في حياة الناس. لاحظت أنه منهمك في قراءة صفحة الطبخ و الموضة والرياضة بالجريدة.
رن هاتف صديقي الرئيس ، نظر الى الشاشة وتغيرت ملامح محياه وتبعثرت تقاسيم وجهه. أجاب بسرعة وبهدوء و صوت خافت : " أنا في القهوة ، أنا جاي دابا"
هم صديقي الرئيس بالمغادرة ، فنبهته أنه لم يشرب ولو كأس من البراد الذي جلبه النادل . رد علي منهزما : " شكون خلاك تشرب أتاي ولا السم ، ........."
غادر صديقي الرئيس دون آداء ثمن البراد فأقسمت بأشد الأيمان أنني سأودي عنه ليعلم النادل و البارمان و صاحب المقهى والزبناء أنني لن أترك صديقي الرئيس عرضة لألسنة الناس.
بقيت لمدة قليلة بالمقهى، أحسست فيها بنشوة النصر لأنني أخيرا باستطاعتي أن أطمئن أن صديقي الرئيس لا يختلف عن الصورة التي لطالما رسمتها في مخيلتي قبل وبعد أن أصبح رئيسا.
فليعش صديقي الرئيس وليتيقن أنني في انتظاره مجددا بالمقهى المعتاد فلدي حديث طويل معه .
.
ملاحظة : صديقي الرئيس قد تكون أي شخصية عادية أو عمومية تخيلتها وليست بالضرورة شخصا .معينا
لست ربوت