الحمد لله الواحد الأحد الفرد الصمد خلق فسوى وقدر فهدى نحمده حمدا يليق بجلال وجهه وعظيم سلطانه ونصلي ونسلم على الرحمة المهداة والنعمة المسداة سيدنا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه . وبعد أيها المسلمون موضوع اليوم{الحفاظ على البيئة}. البيئة هبة عظيمة من المولى فلنحافظ على هذا الهواء النقي الذي نستنشق منه ما يعود علينا بالعافية والنفع ولنحافظ على الأماكن العمومية لتبقى صالحة لمكان الاجتماع حتى لا نضر أنفسنا ونضر غيرنا لأن الإسلام أيها الناس دعا إلى النظافة والمحافظة على الصحة وذلك لا يكون إلا بالمحافظة على البيئة فإذا تلوثت بما يفسدها أصاب الضرر الجميع وهلك الناس .وإذا كان يتبادر إلى الأفهام وجوب المحافظة على البيئة الحسية وهي المحيط التي نعيش حوله فإن البيئة المعنوية لاينبغي أن تغيب عن أذهاننا وهي بيئة القلوب فإنها الأهم لحياة المرء فإن تدنست بالذنوب ظهر أثرها على البيئة الحقيقية لذا ينبغي أن تأمل الحديث الآتي : ففي سنن الترمذي عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَزَلَ الْحَجَرُ الْأَسْوَدُ مِنْ الْجَنَّةِ وَهُوَ أَشَدُّ بَيَاضًا مِنْ اللَّبَنِ فَسَوَّدَتْهُ خَطَايَا بَنِي آدَمَ>قَالَ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ : إِنَّ الْخَطَايَا إِذَا أَثَّرَتْ فِي الْحَجَرِ الصَّلْدِ فَتَأْثِيرُهَا فِي الْقَلْبِ أَشَدُّ .والبيئةكما عرفها العلماء :هي المحيط الذي يعيش فيه الإنسان وجميع الكائنات الحية ويشمل الماء والهواء والتربة والغذاء وهذا التعريف يفضي إلى نموذجين وهما : 1ـ البيئة الطبيعية 2ـ والبيئة البشرية والحضارية .... ولكون البيئة الطبيعية هي من أجمل النعم وأعظمها دعا الله تعالى إلى الاعتبار بقصة {سبأ}: التي سلب أهلها الاستمتاع بتلك البقعة الطيبة فبدلت رفاهيتهم إلى خشونة وأمنهم إلى إلى خوف واستقرارهم إلى تشريد . وتحولت تلك الجنان الفيحاء إلى صحراء تتناثر فيها الأشجار البرية الخشنة قال تعالى:{فأَعْرَضُوا فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ وَبَدَّلْنَاهُمْ بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَوَاتَيْ أُكُلٍ خَمْطٍ وَأَثْلٍ وَشَيْءٍ مِنْ سِدْرٍ قَلِيلٍ}.سبأ الآية \16
والمقصود من ذكر قصتهم:تحذير الناس من كفران النعمة فيستبدلوا نعم الله وءالاءه بكفرانها والعمل على تقويضها وعدم الحفاظ عليها
والمقصود من ذكر قصتهم:تحذير الناس من كفران النعمة فيستبدلوا نعم الله وءالاءه بكفرانها والعمل على تقويضها وعدم الحفاظ عليها
مع العلم أيها الناس أن الحبيب المصطفى رتب الأجر الكثير على الذين لهم مساهمة في الغرس والتشجير ففي مسلم عن جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُول
2\\
دَخَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى أُمِّ مَعْبَدٍ حَائِطًا فَقَالَ يَا أُمَّ مَعْبَدٍ مَنْ غَرَسَ هَذَا النَّخْلَ أَمُسْلِمٌ أَمْ كَافِرٌ فَقَالَتْ بَلْ مُسْلِمٌ قَالَ فَلَا يَغْرِسُ الْمُسْلِمُ غَرْسًا فَيَأْكُلَ مِنْهُ إِنْسَانٌ وَلَا دَابَّةٌ وَلَا طَيْرٌ إِلَّا كَانَ لَهُ صَدَقَةً إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ>..
من هنا كان فقهاؤنا من بين ما بوبوا له من بين أبواب الفقه الإسلامي المغارسة وهي أن يعطي الرجل أرضه لآخر ليتولى غرسها بجزء معلوم منها يستحقه بانقضاء المدة المحددة ...بل دعا سيد الخلق إلى العمل على التشجير حتى في حالة يفزع الناس فيها ويذهلون وهو عند قيام القيامة وهذه مبالغة تعني الدعوة إلى التشجير .ففي مسند أحمد عن أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ قَالَ
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنْ قَامَتْ السَّاعَةُ وَبِيَدِ أَحَدِكُمْ فَسِيلَةٌ فَإِنْ اسْتَطَاعَ أَنْ لَا يَقُومَ حَتَّى يَغْرِسَهَا فَلْيَفْعَلْ>
فالتشجير والغرس مما تستلذه العيون وتميل إليه الأذواق لذا كانت الخضرة إحدى الحسنيين التي جمعتهما الدنيا فعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ
عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنَّ الدُّنْيَا حُلْوَةٌ خَضِرَةٌ وإن الله مستخلفكم فيها فينظر كيف تعملون.....> رواه مسلم
وانطلاقا مما جاء من مزايا البيئة ورد الترهيب من الشارع الحكيم في تلويثها:عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ قَالَ
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اتَّقُوا الْمَلَاعِنَ الثَّلَاثَةَ الْبَرَازَ فِي الْمَوَارِدِ وَقَارِعَةِ الطَّرِيقِ وَالظِّلِّ > أبو داود . عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَرْجِسَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى أَنْ يُبَالَ فِي الْجُحْرِ قَالُوا لِقَتَادَةَ مَا يُكْرَهُ مِنْ الْبَوْلِ فِي الْجُحْرِ قَالَ كَانَ يُقَالُ إِنَّهَا مَسَاكِنُ الْجِنِّ}رواه أحمد وأبو داود والنساءي.وعَنْ جَابِرٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ نَهَى أَنْ يُبَالَ فِي الْمَاءِ الرَّاكِدِ>رواه مسلم وغيره ..وروى أبو داود عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ قَالَ :قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اتَّقُوا الْمَلَاعِنَ الثَّلَاثَةَ الْبَرَازَ فِي الْمَوَارِدِ وَقَارِعَةِ الطَّرِيقِ وَالظِّل>. و( الْمَلَاعِن ): جَمْع مَلْعَنَة وَهِيَ مَوَاضِع اللَّعْن
وروى ابن ماجه عن جَابِر بْن عَبْدِ اللَّهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِيَّاكُمْ وَالتَّعْرِيسَ عَلَى جَوَادِّ الطَّرِيقِ وَالصَّلَاةَ عَلَيْهَا فَإِنَّهَا مَأْوَى الْحَيَّاتِ وَالسِّبَاعِ وَقَضَاءَ الْحَاجَةِ عَلَيْهَا فَإِنَّهَا مِنْ الْمَلَاعِنِ
: و من المحافظة علي البيئة التنقيب على المياه لنفع المسلمين وهو من الأعمال التي تبقى بعد الموت:فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِذَا مَاتَ الْإِنْسَانُ انْقَطَعَ عَمَلُهُ إِلَّا مِنْ ثَلَاثٍ صَدَقَةٌ جَارِيَةٌ وَعِلْمٌ يُنْتَفَعُ بِهِ وَوَلَدٌ صَالِحٌ يَدْعُو لَهُ قَالَ أَبُو عِيسَى الترمذي هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ> .
3\\
.و لَمَّا حُصِرَ عُثْمَانُ أَشْرَفَ عَلَيْهِمْ فَوْقَ دَارِهِ ثُمَّ قَالَ : ..... أُذَكِّرُكُمْ بِاللَّهِ هَلْ تَعْلَمُونَ أَنَّ بِئْرَ رُومَةَ لَمْ يَكُنْ يَشْرَبُ مِنْهَا أَحَدٌ إِلَّا بِثَمَنٍ فَابْتَعْتُهَا فَجَعَلْتُهَا لِلْغَنِيِّ وَالْفَقِيرِ وَابْنِ السَّبِيلِ قَالُوا اللَّهُمَّ نَعَمْ وَأَشْيَاءَ عَدَّدَهَا>>قَالَ أَبُو عِيسَى الترمذي هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ غَرِيب ...> ....
أيها الناس إن ديننا يحثنا على النظافة البدنية والمكانية والظاهرة والباطنة وذلك ساعة مناجاة العبد ربه وهذا يوضح أنه يجب التوقي مما يلوث البدن والمكان وفي ذلك أمر بالمحافظة على الرقعة المسكونة ثم مع هذا نرى الكثير يساهم في تشويه جمال البيئة غازات سامة تغزو الجو من جراء تطاير المحروقات وغازات كيماوية يساهم بها الفلاح في حقوله تقتل الجمال الطبيعي كما نرى كثيرا ممن لم يتحضروا أنهم يتعمدون رمي الأزبال والقاذورات بممر الناس وربما يتبولون فيها فيؤذون الساكنة ويتسببون في جلب الحشرات الضارة والروائح الجالبة للتعفن
روى مالك رحمه الله في الموطإ عَنْ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى الْمَازِنِيِّ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ>.
أما من ينحي من طريق المسلمين ما يؤذيهم ويميط الأذى عنهم فجزاؤه الجنة ولذا ورد ما يلي: روى مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَقَدْ رَأَيْتُ رَجُلًا يَتَقَلَّبُ فِي الْجَنَّةِ فِي شَجَرَةٍ قَطَعَهَا مِنْ ظَهْرِ الطَّرِيقِ كَانَتْ تُؤْذِي النَّاسَ..
والحاصل أنه ظهرت في العصر الحديث ملوثات سامة جديدة هي من فعل التصنيع فعلينا جميعا أن نعمل على حفظ أنفسنا بحفظ البيئة التي نعيش فيها
ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم سبحانك ربك رب العزة عما يصفون والحمد لله رب العالمين
لست ربوت