الحمد لله الواحد الأحد الفرد الصمد الذي لم لم يلد ولم يولد له الحمد والثناء الجميل لانحصي ثناء عليه سبحانه من حكيم حميد رحيم ودود ونصلي ونسلم على من أرسله الله رحمة للعالمين وهاديا للثقلين بشيرا ونذيرا صلى الله عليه ومن وىلاه إلى يوم يوم الدين وبعد : موضوعنا اليوم < خصائص يوم الجمعة > أيه المومنون إن الشريعة الإسلامية أبانت عن فضائل في الأوقات والليالي والأزمان والشهور ليغتنمها المتسابقون إلى ربهم فمن الأوقات ساعة الجمعة ومن الليالي ليلة القدر ومن الأزمان القرون الثلاثة الفاضلة قرن الحبيب المصطفى ثم الذي وليه ثم من وليه ومن الشهور شهر رمضان .هذا وإن خطبة الجمعة أيها الناس تتكرر كل أسبوع ، ففي العام الواحد يستمع المصلي لاثنتين وخمسين (52) خطبة ، وحين يعتني بها الخطيب ، ويرتب موضوعاتها يقدم للمستمع مادة متكاملة ، إنها تمثل دورة مكثفة مستمرة ، وهذا التكرار والاستمرار في كل الظروف ، وفي جميع الفصول والمواسم ، له دور كبير في إرساء المفاهيم الإسلامية ، وتقليل الشر والفساد ، ورفع مستوى الخير والصلاح ، والحث على الفضائل ، فإن تنوع الموضوعات لخطبة الجمعة يجعلها تستوعب متطلبات الوعي لدى المسلم المواظب على حضور هذه الخطبة ، فهناك الموضوعات السياسية التي تبصر المسلم بواقع أمته ، وهموم مجتمعه ، وحقوق إخوانه المسلمين ، وواقع الأقليات المسلمة في البلاد الأخرى ، وهناك الموضوعات الاجتماعية التي تتناول حياة المسلم في جوانبها الاجتماعية المتنوعة ، وعلاقات المسلم المختلفة ، وهناك الموضوعات الأخلاقية التي تسمو بخلق المسلم وتزكي سلوكه ، وهناك الموضوعات المتعلقة بتصحيح العقيدة ، وتجنب الشرك بأنواعه وألوانه ، وما يصون إيمانه ، ويحمي جناب التوحيد عنده ، وهناك الموضوعات التي تبصر المسلم بفقه دينه ، ومعرفة الأحكام الشرعية في شؤون حياته المختلفة
وما يجنبه من الوقوع في الحرام ، وما يسخط الله تعالى..+والحاصل أن لخطبة الجمعة آثارا ملموسة في واقع النالس :وهكذا فإنها باستمرارها وتكرارها ، وبتنوع موضوعاتها ذات آثار عظيمة في تربية الأمة ، وتصحيح عقيدتها ، وتقويم مسلكها ، وتجنيد طاقاتها لخدمة عقيدة الإسلام ، ونصرة دين الله عز وجل .وقد أجري بحث توصيفي في مصر عن أثر خطبة الجمعة ، فكانت نتائجه على النحو التالي) :
أفاد 78% من المصلين أنهم يتأثرون تأثرا دائما بما يقوله الخطيب ، وذكر 71% أنهم يلتزمون دائما بما يقوله الخطيب .واتفق مع أحد خطباء المساجد على أن يخطب عن الربا ، فأجرى استفتاء قبل الخطبة وبعدها كانت نتيجته كما يلي :
(أ) 85% كانوا يعرفون المفهوم الصحيح للربا ، وبعد الخطبة ارتفعت النسبة إلى 97% .(ب) 33% كانوا يعرفون عقوبة المرابي ، وبعد الخطبة ارتفعت النسبة إلى 59% .(ج) 71% كانوا يعلمون أن البنوك المصرية تتعامل بالربا ، وبعدها ارتفعت النسبة إلى 94% .(د) 55% كان يفضل الاستثمار في البنوك الإسلامية ، وبعد الخطبة ارتفعت النسبة إلى 64% .(هـ) نتيجة الخطبة : 34% سينصحون الآخرين بترك الربا ، 31% سيقاومون أي عمل ربوي .
2423\
إن نتيجة هذا البحث قد لا تختلف اختلافا يذكر ، لو أجري في بلاد إسلامية أو مدن إسلامية ، أو أحياء إسلامية أخرى ، وهذا يؤكد الأثر الكبير الملموس لخطبة الجمعة قي المجتمعات الإسلامية ، ودورها في تبصير المسلمين بعظمة دينهم ، وسماحة شريعتهم .ولا ريب أن النسبة تتأثر ارتفاعا أو انخفاضا من بلد لآخر ، ومن حي لآخر تبعا لأهمية الموضوع ، والأفكار المطروحة فيه ، ثم قدرة الخطيب وبراعته في تحريك القلوب واستمالتها ، وإخلاصه وصدقه فيما يقول .اهـ خطبة الجمعة ودورها في تربية الأمة: لعبد الغني أحمد جبر مزهر..فإذا كانت هذه هي ثمرة آثار الخطبة على الواقع فإنها اكتسبت تلك القوة الربانية من اليوم التي وقعت فيه فإنه يوم عظيم وفضله جليل وخصائصه متعددة فمن فضائل هذا اليوم الأغر أن الله تعالى يضاعف الأجر لمن حضرها بكل خطوة أجر سنة ففي سن أبي داود "عن أَوْس بْن أَوْسٍ الثَّقَفِي قال سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ مَنْ غَسَّلَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَاغْتَسَلَ ثُمَّ بَكَّرَ وَابْتَكَرَ وَمَشَى وَلَمْ يَرْكَبْ وَدَنَا مِنْ الْإِمَامِ فَاسْتَمَعَ وَلَمْ يَلْغُ كَانَ لَهُ بِكُلِّ خُطْوَةٍ عَمَلُ سَنَةٍ أَجْرُ صِيَامِهَا وَقِيَامِهَا. وكما يضاعف الأجر يوم الجمعة تكفر فيه الذنوب،ففي مسند أحمد \ عَنْ سَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ قَالَ قَالَ لِي النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَتَدْرِي مَا يَوْمُ الْجُمُعَةِ قُلْتُ هُوَ الْيَوْمُ الَّذِي جَمَعَ اللَّهُ فِيهِ أَبَاكُمْ قَالَ لَكِنِّي أَدْرِي مَا يَوْمُ الْجُمُعَةِ لَا يَتَطَهَّرُ الرَّجُلُ فَيُحْسِنُ طُهُورَهُ ثُمَّ يَأْتِي الْجُمُعَةَ فَيُنْصِتُ حَتَّى يَقْضِيَ الْإِمَامُ صَلَاتَهُ إِلَّا كَانَ كَفَّارَةً لَهُ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجُمُعَةِ الْمُقْبِلَةِ مَا اجْتُنِبَتْ الْمَقْتَلَةُ...ولعظم شأن يوم الجمعة وفضل حضورها كان صلى الله يستقبلها بأزهى ما عنده من ثياب مخصصة لهذا اليوم .ففي سنن البيهقي \ عن جابر بن عبد الله ان رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يلبس برده الأحمر في العيد والجمعة>...
والآن أيها وبعد هذه الجولة العامة عن خطبة الجمعة فلنشرع بحول الله في خصائص هذا اليوم يوم الجمعة المبارك
الخصيصة الأولى \ أن صلاة صبحها أفضل الصلوات عند الله فقد أخرج البيهقي في الشعب مرفوعا: "إن أفضل الصلوات عند الله صلاة الصبح يوم الجمعة في جماعة".عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ بن الْجَرَّاحِ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : مَا مِنَ الصَّلَوَاتِ صَلاةٌ أَفْضَلُ مِنْ صَلاةِ الْفَجْرِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فِي الْجَمَاعَةِ ، وَمَا أَحْسَبُ مَنْ شَهِدَهَا مِنْكُمْ إِلا مَغْفُورًا لَهُ.المعجم الكبيرللطبراني
الخصيصة الثانية من خصائص الجمعة أن الله طبع على قلب من تركهاففي سنن أبي داود عَنْ أَبِي الْجَعْدِ الضَّمْرِيِّ وَكَانَتْ لَهُ صُحْبَةٌ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ تَرَكَ ثَلَاثَ جُمَعٍ تَهَاوُنًا بِهَا طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قَلْبِهِ
الخصيصةالثالثة من خصائص الجمعة أن الله تعالى يكفر ذنوب من حضرهاففي مسند أحمد \ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ تَوَضَّأَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَأَحْسَنَ الْوُضُوءَ ثُمَّ أَتَى الْجُمُعَةَ فَدَنَا وَأَنْصَتَ وَاسْتَمَعَ غُفِرَ لَهُ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجُمُعَةِ وَزِيَادَةُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ قَالَ وَمَنْ مَسَّ الْحَصَى فَقَدْ لَغَا". وفي رواية: "ومن لغا وتخطى رقاب الناس كانت له ظهرا". وأخرج البخاري عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا يغتسل رجل يوم الجمعة ويتطهر ما استطاع من طهر ويمس من طيب بيته ثم يخرج فلا يفرق بين اثنين ثم يصلي ما كتب له ثم ينصت إذا تكلم الإمام إلا غفر له ما بينها وبين الجمعة الأخرى".
2424\
الخصيصة الرابعة ساعة الإجابة التي أخبر بها النبي صلى الله عليه وسلم.ففي المعجم الكبير للطبري \عَنْ مَيْمُونَةَ بنتِ سَعْدٍ، أَنَّهَا قَالَتْ: أَفْتِنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ، عَنْ صَلاةِ الْجُمُعَةِ. قَالَ:فِيهَا سَاعَةٌ لا يَدْعُو الْعَبْدُ فِيهَا رَبَّهُ إِلا اسْتَجَابَ لَهُ. قُلْتُ: أَيَّةُ سَاعَةٍ هِيَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟، قَالَ:ذَلِكَ حِينَ يَقُومُ الإِمَامُ>قال ابن القيم في الزاد "قَدْ اخْتَلَفَ النّاسُ فِي هَذِهِ السّاعَةِ هَلْ هِيَ بَاقِيَةٌ أَوْ قَدْ رُفِعَتْ ؟ عَلَى قَوْلَيْنِ حَكَاهُمَا ابْنُ عَبْدِ الْبَرّ وَغَيْرُهُ وَاَلّذِينَ قَالُوا : هِيَ بَاقِيَةٌ وَلَمْ تُرْفَعْ اخْتَلَفُوا هَلْ هِيَ فِي وَقْتٍ مِنْ الْيَوْمِ بِعَيْنِهِ أَمْ هِيَ غَيْرُ مُعَيّنَةٍ ؟ عَلَى قَوْلَيْنِ . ثُمّ اخْتَلَفَ مَنْ قَالَ بِعَدَمِ تَعْيِينِهَا : هَلْ هِيَ تَنْتَقِلُ فِي سَاعَاتِ الْيَوْمِ أَوْ لَا ؟ عَلَى قَوْلَيْنِ أَيْضًا وَاَلّذِينَ قَالُوا بِتَعْيِينِهَا اخْتَلَفُوا عَلَى أَحَدَ عَشَرَ قَوْلًا . قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ رَوَيْنَا عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُ أَنّهُ قَالَ هِيَ مِنْ طُلُوعِ الْفَجْرِ إلَى طُلُوعِ الشّمْسِ وَبَعْدَ صَلَاةِ الْعَصْرِ إلَى غُرُوبِ الشّمْسِ . الثّانِي : أَنّهَا عِنْدَ الزّوَالِ ذَكَرَهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْ الْحَسَنِ الْبَصْرِيّ وَأَبِي الْعَالِيَةِ . الثّالِثُ أَنّهَا إذَا أَذّنَ الْمُؤَذّنُ بِصَلَاةِ الْجُمُعَةِ قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ رَوَيْنَا ذَلِكَ عَنْ عَائِشَة َ رَضِيَ اللّهُ عَنْهَا . الرّابِعُ أَنّهَا إذَا جَلَسَ الْإِمَامُ عَلَى الْمِنْبَرِ يَخْطُبُ حَتّى يَفْرُغَ قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ رَوَيْنَاهُ عَنْ الْحُسْنِ الْبَصْرِيّ . [ ص 377 ] الْخَامِسُ قَالَهُ أَبُو بُرْدَةَ هِيَ السّاعَةُ الّتِي اخْتَارَ اللّهُ وَقْتَهَا لِلصّلَاةِ . السّادِسُ قَالَهُ أَبُو السوار الْعَدَوِيّ وَقَالَ كَانُوا يَرَوْنَ أَنّ الدّعَاءَ مُسْتَجَابٌ مَا بَيْنَ زَوَالِ الشّمْسِ إلَى أَنْ تَدْخُلَ الصّلَاةُ . السّابِعُ قَالَهُ أَبُو ذَر ّ إنّهَا مَا بَيْنَ أَنْ تَرْتَفِعَ الشّمْسُ شِبْرًا إلَى ذِرَاعٍ . الثّامِنُ أَنّهَا مَا بَيْنَ الْعَصْرِ إلَى غُرُوبِ الشّمْسِ قَالَهُ أَبُو هُرَيْرَةَ وَعَطَاءٌ وَعَبْدُ اللّهِ بْنُ سَلَامٍ وَطَاوُوسٌ حَكَى ذَلِكَ كُلّهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ . التّاسِعُ أَنّهَا آخِرُ سَاعَةٍ بَعْدَ الْعَصْرِ وَهُوَ قَوْلُ أَحْمَدَ وَجُمْهُورِ الصّحَابَةِ وَالتّابِعِينَ . الْعَاشِرُ أَنّهَا مِنْ حِينِ خُرُوجِ الْإِمَامِ إلَى فَرَاغِ الصّلَاةِ حَكَاهُ النّوَوِيّ وَغَيْرُهُ . الْحَادِيَ عَشَرَ أَنّهَا السّاعَةُ الثّالِثَةُ مِنْ النّهَارِ حَكَاهُ صَاحِبُ " الْمُغْنِي " فِيهِ . وَقَالَ كَعْبٌ لَوْ قَسّمَ الْإِنْسَانُ جُمُعَةً فِي جُمَعٍ أَتَى عَلَى تِلْكَ السّاعَةِ . وَقَالَ عُمَرُ إنْ طَلَبَ حَاجَةً فِي يَوْمٍ لَيَسِيرٌ . وَأَرْجَحُ هَذِهِ الْأَقْوَالِ قَوْلَانِ تَضَمّنَتْهُمَا الْأَحَادِيثُ الثّابِتَةُ وَأَحَدُهُمَا أَرْجَحُ مِنْ الْآخَرِ.
[ دَلِيلُ مَنْ قَالَ بِأَنّ سَاعَةَ الْإِجَابَةِ مِنْ جُلُوسِ الْإِمَامِ إلَى انْقِضَاءِ الصّلَاةِ ]
الْأَوّلُ أَنّهَا مِنْ جُلُوسِ الْإِمَامِ إلَى انْقِضَاءِ الصّلَاةِ وَحُجّةُ هَذَا الْقَوْلِ مَا رَوَى مُسْلِمٌ فِي " صَحِيحِهِ " مِنْ حَدِيثِ أَبِي بُرْدَةَ بْنِ أَبِي مُوسَى أَنّ عَبْدَ اللّهِ بْنَ عُمَرَ قَالَ لَهُ أَسَمِعْتَ أَبَاك يُحَدّثُ عَنْ رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فِي شَأْنِ سَاعَةِ الْجُمُعَةِ شَيْئًا ؟ قَالَ نَعَمْ سَمِعْتُهُ يَقُولُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ يَقُولُ " هِيَ مَا بَيْنَ أَنْ يَجْلِسَ الْإِمَامُ إلَى أَنْ تُقْضَى الصّلَاةُ " . [ ص 378 ] ابْنُ مَاجَهْ وَالتّرْمِذِيّ مِنْ حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ الْمُزَنِيّ عَنْ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ قَالَ إنّ فِي الْجُمُعَةِ سَاعَةً لَا يَسْأَلُ اللّهَ الْعَبْدُ فِيهَا شَيْئًا إلّا آتَاهُ اللّهُ إيّاهُ " قَالُوا : يَا رَسُولَ اللّهِ أَيّةُ سَاعَةٍ هِيَ ؟ قَالَ " حِينَ تُقَامُ الصّلَاةُ إلَى الِانْصِرَافِ مِنْهَا .[ تَرْجِيحُ الْمُصَنّفِ بِأَنّهَا بَعْدَ الْعَصْرِ مَعَ أَدِلّتِهِ ]
وَالْقَوْلُ الثّانِي : أَنّهَا بَعْدَ الْعَصْرِ وَهَذَا أَرْجَحُ الْقَوْلَيْنِ وَهُوَ قَوْلُ عَبْدِ اللّهِ بْنِ سَلَامٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ وَالْإِمَامِ أَحْمَدَ وَخَلْقٍ . وَحُجّةُ هَذَا الْقَوْلِ مَا رَوَاهُ أَحْمَدُ فِي " مُسْنَدِهِ " مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ أَنّ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ قَالَ إنّ فِي الْجُمُعَةِ سَاعَةً لَا يُوَافِقُهَا عَبْدٌ مُسْلِمٌ يَسْأَلُ اللّهَ فِيهَا خَيْرًا إلّا أَعْطَاهُ إيّاهُ وَهِيَ بَعْدَ الْعَصْر .وَرَوَى أَبُو دَاوُد وَالنّسَائِيّ عَنْ جَابِرٍ عَنْ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ قَالَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ اثْنَا عَشَرَ سَاعَةً
2425\
فِيهَا سَاعَةٌ لَا يُوجَدُ مُسْلِمٌ يَسْأَلُ اللّهَ فِيهَا شَيْئًا إلّا أَعْطَاهُ فَالْتَمِسُوهَا آخِرَ سَاعَةٍ بَعْدَ الْعَصْر
الخصيصة الخامسة من خصائص الجمعة أن الله تعالى أمن من عذاب القبر من مات يومها أو ليلتها ".في مسند أحمد\ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِي قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ مَاتَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ أَوْ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ وُقِيَ فِتْنَةَ الْقَبْرِ. وأخرج الترمذي عن ابن عمرو قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما من مسلم يموت ليلة الجمعة أو يوم الجمعة إلا وقاه الله فتنة القبر".
الخصيصة السادسة من خصائص الجمعة أنه يوم المغفرة فعن أنس رضي الله عنه قال: "إن الله تبارك وتعالى ليس بتارك أحدا من المسلمين يوم الجمعة إلا غفر له". قال الألباني هذا الحديث ( موضوع ).وعليه فلا يعتمد على هذه الخصيصة ولا تعد من ماقب يوم الجمعة
الخصيصة السابعة من خصائص الجمعة أنها تشفع لأهلها يوم القيامة فعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله يبعث الأيام يوم القيامة على هيئتها ويبعث الجمعة زهراء منيرة وأهلها يحفون بها كالعروس تهدى إلى كريمها تضيء لهم يمشون في ضوئها ألوانهم كالثلج بياضا وريحهم يسطع كالمسك يخوضون في جبال الكافور ينظر إليهم الثقلان لا يطرقون تعجبا حتى يدخلوا الجنة لا يخالطهم أحد إلا المؤذنون المحتسبون".صحيح ابن خزيمة
الخصيصة الثامنة من خصائص الجمعة أنه سيد الأيام روى مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ
أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ خَيْرُ يَوْمٍ طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ يَوْمُ الْجُمُعَةِ فِيهِ خُلِقَ آدَمُ وَفِيهِ أُدْخِلَ الْجَنَّةَ وَفِيهِ أُخْرِجَ مِنْهَا وَلَا تَقُومُ ". وأخرج ابن أبي شيبة عن لبابة بن المنذر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن يوم الجمعة سيد الأيام وأعظمها عند الله وهو أعظم عند الله من يوم الأضحى ويوم الفطر فيه خمس خلال: فيه خلق الله آدم وفيه أهبط الله آدم إلى الأرض، وفيه توفى الله آدم، وفيه ساعة لا يسأل الله العبد فيها شيئا إلا أعطاه ما لم يسأل حراما، وفيه تقوم الساعة ما من ملك مقرب ولا سماء ولا أرض ولا رياح ولا جبال ولا بحر إلا وهن يشفقن منه يوم الجمعة".
ويوم الجمعة يوم المزيد فقد أخرج الشافعي في الأم عن أنس بن مالك قال: "أتى جبريل بمرآة بيضاء فيها نكتة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما هذه؟ قال هذه الجمعة فضلت بها أنت وأمتك، فإن الناس لكم فيها تبع اليهود والنصارى ولكم فيها خير وفيها ساعة لا يوافقها مؤمن يدعو الله بخير إلا استجيب له وهو عندنا يوم المزيد. قال النبي صلى الله عليه وسلم وما المزيد؟ قال: إن ربك اتخذ في الفردوس واديا أفيح فيه كثب مسك فإذا كان يوم الجمعة انزل الله فيه ناسا من الملائكة وحوله منابر من نور عليها مقاعد النبيين وحف تلك المنابر بمنابر من ذهب مكللة بالياقوت والزبرجد عليها الشهداء والصديقون فجلسوا من ورائهم على تلك الكثب، فيقول الله أنا ربكم قد صدقتكم وعدي فسلوني أعطكم
.
2426\
فيقولون ربنا نسالك رضوانك فيقول قد رضيت عنكم ولكم علي ما تمنيتم ولدي المزيداهـ \خطب حديثة
الخصيصة التاسعة: الغسل يوم الجمعة ففي سنن النساءي\ عَنْ أَوْسِ بْنِ أَوْسٍ
عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ غَسَّلَ وَاغْتَسَلَ وَغَدَا وَابْتَكَرَ وَدَنَا مِنْ الْإِمَامِ وَلَمْ يَلْغُ كَانَ لَهُ بِكُلِّ خُطْوَةٍ عَمَلُ سَنَةٍ صِيَامُهَا وَقِيَامُهَا>>
العاشرة: مس الطيب.ففي مصنف أبي شيبة \ عن سليمان الخير أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (لا يغتسل الرجل يوم لجمعة ويتطهر بما استطاع من طهوره وادهن من دهنه أو مس طيبا من بيته ثم راح فلم يفرق بين اثنين ثم صلى ما كتب الله له ثم انصت إذا تكلم الامام إلا غفر له ما بينه وبين الجمعة الاخرى).
ومن لم يجد طيباً فعليه أن يتطيب من طيب أهله؛ كما قال عليه الصلاة والسلام، والعجيب أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- يوم الجمعة كان يتطيب على ما آتاه الله تعالى من طيب، وسواءً تطيب أم لم يتطيب فهو طيب، فقد جاء في حديث أم حرام بنت ملحان لما دخل عليه الصلاة والسلام ونام في بيتها، فجمعت عرقه من جبينه صلى الله عليه وسلم في قارورة وقالت: هو أطيب الطيب.ويقول أهل العلم: كان عرقه صلى الله عليه وسلم يتحدر كالجمان -أي الدر- وكان يوجد منه الطيب سواء تطيب أم لم يتطيب. ...في هذا الحديث: الدهن.وهل هو الدهن المعروف لدينا أم غير ذلك؟ يقول ابن حجر : الدهن إما الطيب وإما الدهن المعروف السائر.ولكن كأن الظاهر من الحديث أنه هو الطيب
الخصيصة الحادية عشرة.: السواك.قال ابن القيم : له ميزة يوم الجمعة على غيره من الأيام، وقد ورد في السواك أحاديث لو جمعت لأصبحت مجلداً بتحقيقها وتخريجها وشرحها.يقول عليه الصلاة والسلام: { السواك مرضاة للرب مطهرة للفم } كما عند النسائي و ابن خزيمة ، ويقول: { لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل وضوء } أو { عند كل صلاة } ويقول حذيفة : { كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام من الليل شاص فاه بالسواك }.وروى البخاري\عن أَنَس قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَكْثَرْتُ عَلَيْكُمْ فِي السِّوَاكِ>
وعند أحمد بسند صحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (حق على كل مسلم الغسل والطيب والسواك يوم الجمعة).
فيوم الجمعة يستحب -بل يتأكد كثيراً- أن يتسوك المسلم وأن يكثر من السواك فيه؛ لأنه مطهرة للفم مرضاة للرب، وعدد ابن القيم من فوائده ما يقارب اثنين وثلاثين فائدة، و ابن حجر يوافق على ثمانية عشرة، وأما بعضها فمحتمل وليس ظاهراً.
قال \الشيخ عائض القرني \وأما السواك والإمام يخطب فلا ينبغي، وليس بجائز ولا وارد، وقد قاسه أهل العلم على اللعب بالحصى، ومن فعله فقد لغا، ولا يحق له ذلك.
الخصيصة الثانية عشرة.استحباب كثرة الصلاة والسلام على الرسول صلى الله عليه وسلم ليلة الجمعة ويومها:فعن أوس بن أوس رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من أفضل أيامكم يوم الجمعة: فيه خلق آدم وفيه قبض وفيه النفخة وفيه الصعقة فأكثروا علي من الصلاة فيه فإن صلاتكم معروضة علي) قالوا:
2427\
يا رسول الله وكيف تعرض عليك صلاتنا وقد أرمت؟ (1) فقال: (إن الله عزوجل حرم على الارض أن تأكل أجساد الانبياء) رواه الخمسة إلا الترمذي.
قال ابن القيم: يستحب كثرة الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في يوم الجمعة وليلته لقوله.(أكثروا من الصلاة علي يوم الجمعة وليلة الجمعة) ورسول الله صلى الله عليه وسلم سيد الانام ويوم الجمعة سيد الايام فللصلاة عليه في هذا اليوم مزية ليست لغيره، مع حكمة أخرى وهي أن كل خير نالته أمته في الدنيا والاخرة فإنها نالته على يده فجمع الله لامته بين خيري الدنيا والاخرة فأعظم كرامة تحصل لهم فإنما تحصل يوم الجمعة.فإن فيه بعثهم إلى منازلهم وقصورهم في الجنة وهو يوم المزيد لهم إذا دخلوا الجنة.وهو عيد لهم في الدنيا، ويوم يسعفهم الله تعالى بطلباتهم وحوائجهم ولا يرد سائلهم، وهذا كله إنما عرفوه وحصل لهم بسببه وعلى يده فمن شكره وحمده، وأداء القليل من حقه صلى الله عليه وسلم أن يكثروا من الصلاة عليه في هذا اليوم وليلته.اهـ فقه السنة
الخصيصة الثالثة عشرة تنظيف الشعر وتقليم الأظافر؛ وهو يشمل شعر الجسم الذي يؤخذ إلا اللحية فإن أخذها حرام، لكن كالشارب وغيره من فضلات الجسم فإنها تؤخذ، وتقلم الأظافر، ولا أعلم أنه يصح حديث في أخذها يوم الجمعة أو يوم الخميس؛ لأن فيها حديثين ضعيفين؛ حديث يوم الجمعة وهو حديث سفيان الثوري ، وحديث يوم الخميس، وكلاهما ضعيف،....في صحيح ابن حبان \ عن أبي هريرة ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : « الفطرة خمس : تقليم الأظافر ، وقص الشارب ، والاستحداد) ، والختان ، ونتف الإبط> ++الفطرة : السنة ، والخلقة الأولى ، والطبيعة السليمة لم تشب بعيب ، ودين الله : الإسلام
+++ قلم : قص+++ الاستحداد : حلق شعر العانة
الخصيصة الرابعة عشرة: لبس الجديد.روى البخاري عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّهُ رَأَى حُلَّةَ سِيَرَاءَ تُبَاعُ عِنْدَ بَابِ الْمَسْجِدِ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ لَوْ اشْتَرَيْتَ هَذَا لِيَوْمِ الْجُمُعَةِ وَلِلْوَفْدِ إِذَا قَدِمُوا عَلَيْكَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا يَلْبَسُ هَذِهِ مَنْ لَا خَلَاقَ لَهُ فِي الْآخِرَةِ }. حُلَّة سِيَرَاء )بِكَسْرِ السِّين وَفَتْح التَّحْتَانِيَّة مَمْدُود نَوْع مِنْ الْبُرُود فِيهِ خُطُوط يُخَالِطهُ حَرِير.وعن ابن سلام رضي الله عنه أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول على المنبر يوم الجمعة: (ما على أحدكم لو اشترى ثوبين ليوم الجمعة سوى ثوبي مهنته) .رواه أبو داود وابن ماجه. المهنة: الخدمة، روى البيهقي عن جابر أنه كان للنبي صلى الله عليه وسلم برد يلبسه في العيدين والجمعة.وفي الحديث استحباب تخصيص يوم الجمعة بملبوس غير ملبوس سائر الايام.اهـ فقه السنة.وقال تعالى: { يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ } [الأعراف:31] فالزينة هي أحسن ما يلبس المؤمن لبيت الله عز وجل، ولحضور الجمعة التي هي عيد المسلمين.في فقه السنة فعن جعفر بن محمد عن أبيه عن جده أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يلبس برد حبرة في كل عيد.>رواه الشافعي والبغوي. برد حبرة: نوع من برود اليمن. وقال ابن القيم: وكان صلى الله عليه وسلم يلبس لهما أجمل ثيابه وكان له حلة يلبسها للعيدين والجمعة.كان من هديه صلى الله عليه وسلم
2428\
أن يلبس للمناسبات حقها ولبوسها فإن كان صلى الله عليه وسلم جالساً مع أصحابه لبس عليه الصلاة والسلام ما تيسر من لباس، وإن أتى في الجمعة لبس الفاخر، يقول ابن عباس : [[ خرج صلى الله عليه وسلم يوم العيد في حلة حمراء، فوالله ما رأيت أجمل منه ]]. ويقول البراء بن عازب : { صلى بنا صلى الله عليه وسلم في حلة حمراء ورأيت ساقيه كالجمارتين (قلب النخلة) من البهاء؛ فقرأ بنا والتين والزيتون، فوالله ما سمعت صوتاً أحسن من صوته } وقد قيل:البس لكل حالة لبوسها إما نعيمها وإما بوسها.وفي المعركة يلبس درعاً وربما لبس درعين ولذلك كان صلى الله عليه وسلم سيد المتوكلين وأعرف بحقائق الأمور، فمن أراد أن يقتدي فعليه بمحمد صلى الله عليه وسلم في لباسه وفي طعامه وفي شرابه.
وهديه في الجمعة أنه كان يلبس أفخر اللباس، حتى أنهم أهدوا إليه حلة لما رأوا منه العناية بلباس الجمعة -ولكنه حرمها- وقد كانت ترعد وتبرق وتزبد من حسنها ومن منظرها ومن زخرفتها، والصحابة ما كانوا يعهدون هذه الألوان رضوان الله عليهم، بل كانوا في فقر وفي حاجة ومشقة، وأما هذه فإنها لباس الملوك، فأتوا يلمسونها ويمشون أيديهم وأصابعهم عليها، فأخذ الرسول صلى الله عليه وسلم يتبسم، وعلم أن الدنيا تافهة وقال: روى البخاري عن أَنَس رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ أُهْدِيَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جُبَّةُ سُنْدُسٍ وَكَانَ يَنْهَى عَنْ الْحَرِيرِ فَعَجِبَ النَّاسُ مِنْهَا فَقَالَ وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَمَنَادِيلُ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ فِي الْجَنَّةِ أَحْسَنُ مِنْ هَذَا}.سعد بن معاذ هو الشهيد الكبير الذي اهتز له عرش الرحمن؛ أبو عمرووما اهتز عرش الله من موت هالك سمعنا به إلا لـ سعد أبي عمرواهـ دروس للشيخ عائض القرني
الخصيصة الخامسة عشرة: التبكير،يندب التبكير إلى صلاة الجمعة لغير الإمام.قال علقمة: خرجت مع عبد الله ابن مسعود إلى الجمعة فوجد ثلاثة قد سبقوه فقال: رابع أربعة وما رابع أربعة من الله ببعيد، إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (إن الناس يجلسون يوم القيامة على قدر ترواحهم إلى الجمعات الاول ثم الثاني ثم الثالث ثم الرابع، وما رابع أربعة من الله ببعيد) رواه ابن ماجه والمنذري.
وعن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (من اغتسل يوم الجمعة غسل الجنابة ثم راح فكأنما قرب بدنة ومن راح في الساعة الثانية فكأنما قرب بقرة، ومن راح في الساعة الثالثة فكأنما قرب كبشا أقرن ومن راح في الساعة الرابعة فكأنما قرب دجاجه، ومن راح في الساعة الخامسة فكأنما قرب بيضة.فإذا خرج الامام حضرت الملائكة يستعمون الذكر) رواه الجماعة إلا ابن ماجه.
وذهب الشافعي وجماعة من العلماء إلى أن هذه الساعات هي ساعات النهار فندبوا إلى الرواح من أول النهار وذهب مالك إلى أنها أجزاء ساعة واحدة قبل الزوال وبعده، وقال قوم هي أجزاء ساعة قبل الزوال.وقال ابن رشد: وهو الاظهر لوجوب السعي بعد الزوال.اهـ فقه السنةقال أبو شامة رحمه الله أن السلف كانوا يبكرون لصلاة الجمعة وكانوا يذهبون إليها بعد صلاة الفجر حاملين السرج ممتلئة بهم الطرقات وقال الإمام الزركشي:إن من أول أحدث المتأخرون من التغيير في صلاة الجمعة أنهم يتأخرون في المجيء إليها ولقد أدركنا السابقين يأتي أحدهم إلى صلاة الجمعة بيده السراج يعني يأتي إليها قبل أن تطلع الشمس اهـ
وفي البخاري: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا كَانَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ وَقَفَتْ الْمَلَائِكَةُ عَلَى بَابِ الْمَسْجِدِ يَكْتُبُونَ الْأَوَّلَ فَالْأَوَّلَ وَمَثَلُ الْمُهَجِّرِ كَمَثَلِ
2429\
الَّذِي يُهْدِي بَدَنَةً ثُمَّ كَالَّذِي يُهْدِي بَقَرَةً ثُمَّ كَبْشًا ثُمَّ دَجَاجَةً ثُمَّ بَيْضَةً فَإِذَا خَرَجَ الْإِمَامُ طَوَوْا صُحُفَهُمْ وَيَسْتَمِعُونَ الذِّكْرَ".
وقال عبد الله بن مسعود: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إن الناس يجلسون من الله يوم القيامة على قدر رواحهم إلى الجمعات الأول والثاني والثالث".
الخصيصة الخامسة عشرة: الدنو من الإمام، والدنو من الإمام قيل: إذا كان يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر ويستفاد من خطبته، وأما سفيان الثوري فله تنظير آخر، قال: أما الظالم فلا يدنى منه، وكان يصلي فيأتي في آخر الناس، فقالوا له: ما لك؟ قال: أدنو من هذا الظالم، يسفك الدماء، ويلعب بالأموال، ويأمر بالمنكر، وماذا أستمع؟!ونقل مرة أن سعيد بن جبير صلى مع الحجاج فصلى في آخر الناس، فقام الحجاج على المنبر يسرد خطباً طوالاً في مدح بني أمية، وخالات بني أمية وعماتهم، فكان سعيد بن جبير يصلي إيماءً، فلما انتهت الجمعة قال له بعض الناس: ما لك؟ قال: أخر علينا الجمعة فصليت ظهراً إيماءً ثم صليت معه.وقال الحسن البصري في الحجاج : يخطب بنا خطب الواعظين، ويلبس لباس الفساق، ويقرأ القرآن على لخم وجذام، ويبطش بطش الجبارين فنعوذ بالله من ذلك والغرض من الدنو من الإمام الفائدة وطلب الحكمة والموعظة؛ وحتى يلين القلب ويتأثر بذكر الله.
روى النساءي\عَنْ أَوْسِ بْنِ أَوْسٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ غَسَّلَ وَاغْتَسَلَ وَغَدَا وَابْتَكَرَ وَدَنَا مِنْ الْإِمَامِ وَلَمْ يَلْغُ كَانَ لَهُ بِكُلِّ خُطْوَةٍ عَمَلُ سَنَةٍ صِيَامُهَا وَقِيَامُهَا>
الخصيصة السادسة عشرة: الإنصات للإمام؛ فقد جاء عند أحمد و أبي داود : { ومن لغا فلا جمعة له } وهي زيادة ضعيفة، لكن جاء في الصحيح: { من مس الحصى فقد لغا } وزيادة: { لا جمعة له } اختلف فيها أهل العلم، لأنها لم تصح، وهي عند أبي داود و أحمد بسند ضعيف.وأما السواك والإمام يخطب فلا ينبغي، وليس بجائز ولا وارد، وقد قاسه أهل العلم على اللعب بالحصى، ومن فعله فقد لغا، ولا يحق له ذلك. وفي : خطبة الجمعة ودورها في تربية الأمة لعبد الغني أحمد جبر مزهر\\ :وجوب الإنصات الذي يميز الحاضرين في خطبة الجمعة ، فقد أمر الحاضر للخطبة بالإنصات للخطيب ، بحيث إنه نُهي أن يتكلم مع جليسه بكلمة ولو كانت خيرا ، فلا يقول له : أنصت ، وعدم جواز تشميت العاطس ، ورد السلام على الأرجح ، ولا يمس الحصى ، أي لا يأتي بأي قول أو فعل يقدح في تمام الإنصات والاستماع حتى يكون كامل الاستعداد للتلقي والإفادة مما يسمع ، فإن الاستماع سلم الوعي والفهم ، قال تعالى : { الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ } [الزمر- 18] .وقال جل وعلا في شأن موسى عليه السلام : { وَأَنَا اخْتَرْتُكَ فَاسْتَمِعْ لِمَا يُوحَى } [طه- 13] .قال وهب بن منبه : أدب الاستماع سكون الجوارح ، وغض البصر ، والإصغاء بالسمع ، وحضور العقل ، والعزم على العمل ، وذلك هو الاستماع لما يحب الله (1) .وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن يخطب الجمع أمر من يستنصت له الناس . قال البخاري (رحمه الله) : (باب
2430\
الإنصات للعلماء) ثم روى حديث جرير ابن عبد الله (رضي الله عنه) « أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له في حجة الوداع : " استنصت الناس " ، فقال : " لا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض » (1) . رواه البخاري (العلم- 121) ومسلم (الإيمان- 118) .
أما في خصوص الجمعة ، فقد قال صلى الله عليه وسلم : « " إذا قلت لصاحبك أنصت والإمام يخطب يوم الجمعة فقد لغوت » (2) . رواه البخاري (الجمعة- 394) ، ومسلم (الجمعة- 851) .
قال ابن القيم (رحمه الله) : الخاصة التاسعة- أي : من خصائص الجمعة- الإنصات للخطبة إذا سمعها وجوبا في أصح القولين ، فإن تركه كان لاغيا ، ومن لغا فلا جمعة له (3) . زاد المعاد ( 1 / 377) ، والحديث رواه أحمد ( 1 / 93) وأبو داود (أبواب الجمعة- 1051) من حديث علي رضي الله عنه : « ومن لغا فليس له في جمعته تلك شيء » ، وفي إسناده مولى امرأة عطاء الخراساني ، وهو مجهول ، وابن ماجه من حديث أبي بن كعب (إقامة الصلاة- 1111) وإسناده صحيح كما في الزوائد .
وعن ابن عباس (رضي الله عنهما) قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « " من تكلم يوم الجمعة والإمام يخطب فهو كمثل الحمار يحمل أسفارا ، والذي يقول له أنصت ، ليست له جمعة » (4) . رواه أحمد (5 / 143) ورواه أحمد (5 / 198) من حديث أبي الدرداء ، وقال الحافظ في البلوغ كتاب الصلاة ، باب صلاة الجمعة (حديث 479) إسناده لا بأس به .
فأين خطبة الجمعة التي يجب الإنصات فيها من غيرها من الخطب والمحاضرات ، والندوات التي قد يعم اللغط والتهامس أوساط الحاضرين فيها .
الخصيصة السابعة عشرة: قراءة سورة الكهف، والحديث الوارد فيها رواه الدارقطني و البيهقي بسند صحيح، يقول عليه الصلاة والسلام:{ من قرأ سورة الكهف يوم الجمعة أو ليلة الجمعة أضاء له نور تلك الليلة } وفي رواية: { وغفر له ذنبه } وهذا الحديث صححه بعض أهل العلم وبعضهم حسنه، فليس بضعيف بل هو صحيح فتقرأ سورة الكهف ليلة الجمعة؛ أي: من مغرب الشمس ليوم الخميس إلى غروب الشمس من يوم الجمعة، فمن أراد أن يقرأ قبل الصلاة فله ذلك، ومن أراد أن يقرأ بعد الصلاة فله ذلك أيضاً، وفي تلك الليلة -ليلة الجمعة- حتى يكتب الله له عظيم الأجر فعلى المؤمن أن يحافظ على هذا.اهـ عائض القرني
الخصيصة الثامنة عشرة: كثرة الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم.فقد صح عنه صلى الله عليه وسلم في حديث معاذ بن أوس أنه قال:{ أكثروا علي من الصلاة ليلة الجمعة ويوم الجمعة فإن صلاتكم معروضة علي قالوا: كيف يا رسول الله وقد أرمت؟! -أي: فنيت وبلي جسمك بعد الموت- قال: إن الله حرم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء } وبعضهم يقول: { والشهداء } ولكن لم أر هذه الزيادة، فاللفظة الصحيحة الثابتة (أجساد الأنبياء) أما الشهداء فلا أعرف إلا قوله سُبحَانَهُ وَتَعَالَى: { وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ } [آل
2431\
عمران:169].وما هي أحسن الصيغ في الصلاة والسلام عليه صلى الله عليه وسلم؟ قال ابن تيمية : إن أحسن الصيغ هي الصيغة التي نقولها في التحيات: (اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، وبارك على محمد وعلى آله محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد) لكن ابن تيمية رحمه الله وهم في هذا الحديث وقال: لا يقول: (كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم) وإنما يقول: (كما صليت على آل إبراهيم وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على آل إبراهيم) وأما (كما صليت على إبراهيم، وكما باركت على إبراهيم) فليست بواردة.ورد عليه ابن حجر في الفتح وقال: بل صحت كما في معجم الطبراني ، وهذا وهم من ابن تيمية ، ثم أتى بالحديث.والشاهد: أن هذه أحسن صيغة في الصلاة والسلام عليه صلى الله عليه وسلم.ومن أحسن الكتب التي ألفت في الصلاة والسلام عليه صلى الله عليه وسلم: كتاب لـ أبي إسماعيل القاضي المالكي اسمه: فضل الصلاة والسلام عليه صلى الله عليه وسلم ، وأحسن منه وأجود كتاب ابن القيم جلاء الأفهام في فضل الصلاة والسلام على خير الأنام صلى الله عليه وسلم، وذكرها أهل العلم كما في الأذكار للإمام النووي ، وفي كتاب عمل اليوم والليلة لـ أبي بكر بن السني ، و عمل اليوم والليلة للنسائي .
الخصيصة التاسعة عشرة: ألا يفرق المصلي بين اثنين، وأنه من الإيذاء وأنه أمر مستقبح، وللخطيب أن يتكلم ويرد على من يفعل ذلك.روى البخاري عنْ سَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ قَالَ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَغْتَسِلُ رَجُلٌ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَيَتَطَهَّرُ مَا اسْتَطَاعَ مِنْ طُهْرٍ وَيَدَّهِنُ مِنْ دُهْنِهِ أَوْ يَمَسُّ مِنْ طِيبِ بَيْتِهِ ثُمَّ يَخْرُجُ فَلَا يُفَرِّقُ بَيْنَ اثْنَيْنِ ثُمَّ يُصَلِّي مَا كُتِبَ لَهُ ثُمَّ يُنْصِتُ إِذَا تَكَلَّمَ الْإِمَامُ إِلَّا غُفِرَ لَهُ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجُمُعَةِ الْأُخْرَى
وروى أبو داود \عَنْ أَبِي الزَّاهِرِيَّةِ قَالَ كُنَّا مَعَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُسْرٍ صَاحِبِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَجَاءَ رَجُلٌ يَتَخَطَّى رِقَابَ النَّاسِ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُسْرٍ جَاءَ رَجُلٌ يَتَخَطَّى رِقَابَ النَّاسِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْطُبُ فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اجْلِسْ فَقَدْ آذَيْتَ
الخصيصة العشرون: لا يتخطى الصفوف، قال صلى الله عليه وسلم: { اجلس فقد آنيت وآذيت }أي : تأخرت وآذيت.في معرفة السنن والآثار للبيهقي أخبرنا أبو سعيد قال : حدثنا أبو العباس قال : أخبرنا الربيع قال : قال الشافعي : « وأكره تخطي رقاب الناس يوم الجمعة ، لما فيه من الأذى لهم وسوء الأدب » وقد روي عن الحسن مرسلا ، أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى رجلا يتخطى رقاب الناس ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : « اجلس ، فقد آنيت وآذيت » . قال : وروي عن أبي هريرة أنه قال : « ما أحب ترك الجمعة ولي كذا وكذا ، ولأن أصليها بظهر الحرة أحب إلي من أن أتخطى رقاب الناس » قال أحمد : أما الرواية فيه عن النبي صلى الله عليه وسلم فقد روي ذلك عنه موصولا عن أبي الزاهرية ، عن عبد الله بن بسر : « جاء رجل يتخطى رقاب الناس ورسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب ،
2432\
فقال له : » اجلس ، فقد آذيت وآنيت « وقد أخرجه أبو داود في السنن>اهـ آنيت : تأخرت
الخصيصة الواحدة والعشرون: السنة بعد الجمعة، قال ابن عمر كما في الصحيحين : { حفظت من رسول الله صلى الله عليه وسلم عشر ركعات؛ ركعتين بعد الجمعة، وركعتين قبل الظهر، وركعتين بعده، وركعتين بعد المغرب، وركعتين بعد العشاء، وركعتي الفجر في بيته }.وزاد مسلم : { وركعتين بعد الجمعة في بيته } لكن يقول عليه الصلاة والسلام في حديث أبي هريرة في صحيح مسلم :{ إذا صليتم بعد الجمعة فصلوا بعدها أربعاً } فكيف نجمع بينهما؟ قال ابن تيمية : الجمع بينهما أنه من صلى في بيته فليصلِّ ركعتين، ومن صلى في المسجد بعد الجمعة فليصل أربعاً.وهذا من أحسن ما جمع به بين الحديثين.وقالوا: كان الرسول صلى الله عليه وسلم يصلي أربعاً بعد الجمعة في المسجد.
الخصيصة الثانية والعشرون: الاهتمام بساعة الاستجابة؛وقد مر الكلام عليها في الخصيصة الرابعة قال عائض \و الصحيح أنها في آخر ساعة من ساعات الجمعة، وهناك من قال بأنها من جلوس الخطيب إلى أن تقضى الصلاة، والحديث في مسلم ، وبعض أهل العلم ضعفه كـ ابن تيمية و الدارقطني .ويقول ابن حجر : فيها ثلاثة وأربعون قولاً ثم أوردها في فتح الباري ؛ ولذلك فلا هجرة بعد الفتح. وفي فقه السنة\وقال أحمد بن حنبل: أكثر الاحاديث في الساعة التي يرجى فيها إجابة الدعاء أنها بعد صلاة العصر ويرجى بعد زوال الشمس.وأما حديث مسلم وأبي داود عن أبي موسى رضي الله عنه أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول في ساعة الجمعة: (هي ما بين أن يجلس الإمام) يعني على المنبر (إلى أن تقضي الصلاة) فقد أعل بالاضطراب والانقطاع.
الخصيصة الثالثة والعشرون: الصدقة يوم الجمعة.ولها فضل، ولا أعلم فيها حديثاً، لكن قال ابن القيم في كتابه زاد المعاد : وكان شيخ الإسلام -يعني ابن تيمية - إذا أتى ليصلي تصدق بصدقة قبل صلاة الجمعة، فقلت له في ذلك، فقال: إن الله أمر بالصدقة عند مناجاة الناس لرسوله صلى الله عليه وسلم فقال: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً } [المجادلة:12] ومناجاة الله أولى، وذلك يوم الجمعة فنتصدق.وهذا يسمع، ولكن يتوقف حتى يثبت حديث ويصح، ومن تصدق فهو مأجور مشكور، لكن لا نعتبرها من السنن؛ لأنه من كلام ابن تيمية ، والعلماء يستشهد لآرائهم ويحتج لآرائهم، ولا يحتج بآرائهم لتصبح أدلة، فإن الذي يؤخذ كلامه ولا يرد هو محمد صلى الله عليه وسلم، والذي يؤخذ من كلامه ويرد هم من سواه صلى الله عليه وسلم.اهـ عائض القرني.
الخصيصة الرابعة والعشرون: المشي إلى الصلاة على الرجل، وقد فضلها أهل العلم على الركوب، وكان هدي الصحابة المشي إلى الجمعة، وقد جاء في السنن : { بشر المشائين في الظُلم } وقوله: (في الظلم) وارد على الغالب وليس قيداً مخصصاً؛ فإنه إذا وردت صفة ليست لعلة مطلقة في الوصف فإنها للتغليب فحسب، ويسمى هذا قيداً أغلبياً كقوله سُبحَانَهُ وَتَعَالَى: { وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ } [النساء:23] فقوله:
2433\
(اللاتي في حجوركم) قيد أغلبي، وإذا كانت الربيبة في غير الحجر فلها أيضاً نفس الحكم، وقوله صلى الله عليه وسلم:{ إذا التقى المسلمان بسيفيهما } فالسيف هنا قيد أغلبي، فليس لهما أن يلتقيا بمسدسيهما وببندقيتهما، وكذلك المشاءون إلى المساجد سواء في الليل أو في النهار.اهـ عائض القرني .في الفواكه الدواني\ ومن المستحبات أيضا المشي لها في الغدو لما رواه البخاري حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ الْأَنْصَارِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَبَايَةُ بْنُ رِفَاعَةَ قَالَ أَدْرَكَنِي أَبُو عَبْسٍ وَأَنَا أَذْهَبُ إِلَى الْجُمُعَةِ فَقَالَ سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ مَنْ اغْبَرَّتْ قَدَمَاهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ حَرَّمَهُ اللَّهُ عَلَى النَّارِ> في الفتح \ وَأَوْرَدَهُ هُنَا لِعُمُومِ قَوْلُهُ " فِي سَبِيل اللَّه " فَدَخَلَتْ فِيهِ الْجُمُعَة ، وَلِكَوْنِ رَاوِي الْحَدِيث اِسْتَدَلَّ بِهِ عَلَى ذَلِكَ . وَقَالَ اِبْن الْمُنِير فِي الْحَاشِيَة : وَجْه دُخُول حَدِيث أَبِي عَبْس فِي التَّرْجَمَة مِنْ قَوْلُهُ " أَدْرَكَنِي أَبُو عَبْس " لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ يَعْدُو لَمَا اِحْتَمَلَ وَقْت الْمُحَادَثَة لِتَعَذُّرِهَا مَعَ الْجَرْي ، وَلِأَنَّ أَبَا عَبْس جَعَلَ حُكْم السَّعْي إِلَى الْجُمُعَة حُكْم الْجِهَاد .وَلَيْسَ الْعَدْو مِنْ مَطَالِب الْجِهَاد فَكَذَلِكَ الْجُمُعَة ، اِنْتَهَى .
الخصيصة الخامسة والعشرون\\ عدم إفراد الجمعة بالصوم؛ وبعض العباد الذين لم يطلعوا على النصوص يصومون هذا اليوم ويفردونه، وما علموا أن من داوم على إفراده بالصوم فقد ابتدع في دين الله دخل الرسول صلى الله عليه وسلم على جويرية وهي صائمة، فقال صلى الله عليه وسلم: { أصمت يوماً قبله؟ قالت: لا.قال: أتريدين أن تصومي غداً؟ قالت: لا.قال: فأفطري إذن فأفطرت }.وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة : { نهى صلى الله عليه وسلم أن تخص ليلة الجمعة بقيام من بين الليالي وأن يخص يوم الجمعة بصيام من بين الأيام }.هذه عشرون قضية وخصيصة من خصائص يوم الجمعة؛ إنما ذكرتها لأن البخاري فرقها في الصحيح، وكذلك ابن حجر ، واعتنى البخاري بالتبويب على مسائل أهل الحديث، لا على المسائل التي في كتب الفقه.اهـ باختصار من " دروس للشيخ عائض القرني"
الخصية السادسة والعشرون\\كراهة تخطي الرقاب: حكى الترمذي عن أهل العلم أنهم كرهوا تخطي الرقاب يوم الجمعة وشددوا في ذلك، فعن عبد الله بن بسر رضي الله عنه قال: جاء رجل يتخطى رقاب الناس يوم الجمعة والنبي صلى الله عليه وسلم يخطب فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: (اجلس فقد آذيت وآنيت) أي تأخرت) رواه أبو داود والنسائي وأحمد وصححه ابن خزيمة وغيره.ويستثنى من ذلك الامام أو من كان بين يديه فرجة لا يصل إليها إلا بالتخطي ومن يريد الرجوع إلى موضعه الذي قام منه لضرورة بشرط أن يتجنب أذى الناس.فعن عقبة بن الحارث رضي الله عنه قال: صليت وراء رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة العصر ثم قام مسرعا فتخطى رقاب الناس إلى بعض حجر نسائه ففزع الناس من سرعته، فخرج عليهم فرأى أنهم قد عجبوا من سرعته فقال: (ذكرت شيئا من تبر كان عندنا فكرهت أن يحبسني فأمرت بقسمته) رواه البخاري والنسائي.اهـ فقه السنة
.
2434\
وقال عبد الغني أحمد جبر مزهر في خطبة الجمعة ودورها في تربية الأمة. \\تعد خطبة الجمعة من أهم - إن لم تكن أهم - وسائل الاتصال بالناس ، وأعظمها أثرا ، فهي تتميز عن غيرها من الوسائل كالتلفاز ، والإذاعة ، والهاتف ، وغيرها من وسائل الاتصال الجماهيري بعدة مزايا ، منها :
1- الجو الروحاني الذي تتم فيه الخطبة ، فهي تتم في بيت من بيوت الله تعالى تعمره السكينة ، وتغشاه الرحمة ، ويغمره الخشوع ، وتحفه الملائكة الأطهار ، ففي الحديث الثابت عن أبي هريرة ( رضي الله عنه ) قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « " وما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ، ويتدارسونه بينهم ، إلا نزلت عليهم السكينة ، وغشيتهم الرحمة ، وحفتهم الملائكة ، وذكرهم الله فيمن عنده » رواه مسلم ( الذكر والدعاء) .وهذا ينطبق على خطبة الجمعة ، فالحضور في بيت من بيوت الله ، إما يتلون كتاب الله تعالى قبل الخطبة ، أو يستمعون إلى الخطيب يدارسهم القرآن بتفسير بعض الآيات ، أو بيان بعض الأحكام ، أو توضيح بعض الهدايات ، فتتنزل السكينة عليهم ، وتعمهم رحمة الله تعالى ، وتحيط بهم الملائكة ، ويذكرهم الله تعالى في ملأ خير من ملئهم ، تباهيا بهم ، وتشريفا لقدرهم . وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « " إن لله تعالى ملائكة يطوفون في الطرق يلتمسون أهل الذكر ، فإذا وجدوا قوما يذكرون الله عز وجل تنادوا : هلموا إلى حاجتكم ، فيحفونهم بأجنحتهم إلى السماء الدنيا . . . » الحديث.رواه مسلم ( الذكر والدعاء.وعن أبي هريرة (رضي الله عنه) في فضل التبكير إلى الجمعة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : « " من اغتسل يوم الجمعة غسل الجنابة ، ثم راح فكأنما قرب بدنة . . . » الحديث ، وفيه : « فإذا خرج الإمام حضرت الملائكة يستمعون الذكر ») رواه البخاري (الجمعة- 881) ومسلم (والمراد بقوله : إذا خرج الإمام ، أي خرج للناس وصعد المنبر ، بدليل قوله : يستمعون الذكر ، وحسبك باجتماع تشارك الحضور فيه ملائكة الرحمن يستمعون الخطبة فيه مع المصلين .فمثل هذا الجو الروحاني الخاشع الذي بيت الله مكانه ، وأفضل الأيام زمانه ، وأكرم الحضور حضوره ، لا يتأتى في وسيلة اتصال أخرى .
2- وجوب الإنصات الذي يميز الحاضرين في خطبة الجمعة ، فقد أمر الحاضر للخطبة بالإنصات للخطيب ، بحيث إنه نُهي أن يتكلم مع جليسه بكلمة ولو كانت خيرا ، فلا يقول له : أنصت ، وعدم جواز تشميت العاطس ، ورد السلام على الأرجح ، ولا يمس الحصى ، أي لا يأتي بأي قول أو فعل يقدح في تمام الإنصات والاستماع حتى يكون كامل الاستعداد للتلقي والإفادة مما يسمع ، فإن الاستماع سلم الوعي والفهم ، قال تعالى : { الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ } [الزمر- 18] .
وقال جل وعلا في شأن موسى عليه السلام : { وَأَنَا اخْتَرْتُكَ فَاسْتَمِعْ لِمَا يُوحَى } [طه- 13] .قال وهب بن منبه : أدب الاستماع سكون الجوارح ، وغض البصر ، والإصغاء بالسمع ، وحضور العقل ، والعزم على العمل ، وذلك هو الاستماع لما يحب الله -3 ـ الاتصال المباشر بين الخطيب والمخاطبين ، الأمر الذي يفتقد في كثير من الوسائل الأخرى ، ولا ريب أن هذا الاتصال المباشر أعظم تأثيرا في النفوس
2435\
لقراءة الإنسان من قريب الانفعالات العاطفية والوجدانية التي تحدث لدى الخطيب فيكون أكثر تأثرا بها ، ولما تحدثه المباشرة من المشافهة ، والسؤال ، والحياء ، والمخاطبة
4- شعور المرء وهو يستمع إلى الخطبة أنه في عبادة، وطاعة لله عز وجل ، بل الشعور بأنه يقوم بأداء فريضة من الفرائض وإظهار شعيرة من الشعائر الإسلامية ، مما يميزها عن أي محاضرة ، أو ندوة ونحوها ، وهذا الشعور يضفي على المرء قدرا من المهابة والخشوع ، ويحدث في نفسه قدرا من الطمأنينة والسكينة ، ومزيدا من الرضى والسعادة .5- وجوب حضور المسلمين إليها " فالمسلمون على اختلاف طبقاتهم ، ومستوياتهم التعليمية يحضرون هذه الخطبة ، ويشهدون الصلاة ، فيحضرها المثقف والجاهل ، والمتوسط الثقافة ، والعالم ، ويحضرها الكبير والصغير ، ومن جانب آخر فحضورها ليس مقصورا على الأخيار وحدهم ، فكثير ممن لا يشهد صلاة الجماعة يحضر الجمعة ، وهذا يتيح للخطيب أن يخاطب الجميع ، وأن يتحدث إلى الكثير ممن لا يحضرون المحاضرات والندوات ، ودروس المساجد ، فهي تعد من المجالات القليلة جدا التي يتاح للدعاة من خلالها أن يتحدثوا مع الجميع >..قال حميد أمين\هذا ما يسر الله جمعه وتهذيبه أسأله سبحنه أن يقبلنا ويقيل عثراتنا إنه جود كريم. وسبحانك اللهم .
لست ربوت