على مرمى حجر من محطة القطار ،رأى احميدةالنور في بيت متواضع،بحي شعبي على غرار اترابه من ابناء الحي ،حيث قضى طفولته راكضا وراء عجلة بلاستيكية او مداعبا لكرة بلاستيكية بشبه ملعب برحبة الغنم ،يتطاير غباره ورائحة مخلفات البشر والبهائم تزكم الانوف ، وبجانب الملعب تنتشر برك ماء ملوث متدفق من مجزرة سوق الثلاثاء ، وغير بعيد مجموعة من الاطفال منهم من يتسلق جدار السوق حافيا وآخرون يحملقون في السيارات والحافلات التي تمر وسط المدينة عبر الطريق الرئيسية من مراكش الى البيضاء، وهكذا تعاقبت ايام طفولة احميدة حتى بلغ سن التمدرس ،حيث كانت توقظه امه كل صباح ،قيقضم الخبز الحرفي قضما مع جرعات شاي بارد،ثم يمتشق محفظتة البلاستيكية. وينتعل صندالة من الميكا ،فيخرج راكضا نحو مدرسة افريقيا للبنين المتاخمة لدوار اجلود باري ، حيث قضى مرحلة التعليم الابتدائي ،لينتقل الى الكوليج ، ثم الى الثانوية الجديدة لتتوقف مسيرته الدراسية ،ويعود الى حيه الفقير على غرار العديد من اقرانه الدين فشلوا في متابعة دراستهم ، ليقضيون بياض نهارهم متسكعين بين ازقة الحي الجديد وسواد ليله في السمر وتناول ما تيسر لهم من سجائر رديئة ولعب الورق تحت أشعة المصباح الكهربائي الوحيد في الحي ،غير مكثرين بصيحات با صالح الذي يتوسل اليهم الابتعاد عن شرفة بيته والسماح له بالنوم للاستراحة من تعب عمل يوم شاق في ورشة اعداد الياجور ،الا ان أعلن عن اكتشاف منجما للفوسفاط بضواحي الميدينة ، حيث ستعرف المدينة هجرة قروية ومانجم عنها من رواج تجاري وظهور احياء جديدة شكلت ملاذا للمهاجرين من قراهم بحثا عن العمل (دوار القرع ،دوار ميلودة،دوار اسحية ....) فانشرت عبر جنبات الشارع الرئسي بالحي الجديد اصناف مختلفة من الباعة ، وفتحت دكاكين جديدة وظهرت حرفا متنوعة ،فبدا الشارع غاصا بالمارة والمتبضعين،مما حفز العديد منشباب المدينة على ركوب نفس المغامرة ،فاختاروا اماكن بالشارع لممارسة التجارة ،حيث ربطوا علاقات مع التجار والمتبضعين من المارة ،في مدينة انهكها الجراد الاصفر واتباعه من المنبطحين الذين فضلوا مصالحهم الشخصية على المصلحة العامة ،باستثناء بعض المتمردين الدين شقوا عصا الطاعة وتمردوا على الصفر واتباعهم وتخندقوا في مسار الرافضين للانبطاح رغم ما كان يقدمه هامان المرحلة من اغراءات اسالت لعاب العديد من المهرولين على اختلاف اصنافهم ، حتى سطعت شمس الشاريو مبشرة بغد جديد ومغرية الساكنة بركوبه نحو ميلاد مدينة المستقبل والمشاريع المختلفة ،فهرولت الساكنة جميعها باستثناء اولئك الدين ظلوا مراوحين مكانهم وما بدلوا تبديلا ،ولم تنطل عليهم دعوة دعاة العهد الجديد وما يقدمونه من وعود وامال مستقبليية ، فاختار احميدة دون تردد ركوب الشاريو رفقة زمرة ممن كانوا الى عهد قريب يرفعون شعارات تنادي بالتغيير وينظمون وقفات احتجاجية ، ناعتين اياهم بالعدميين واعداء التغيير ،فعبدت الطريق لحميدة وصار يتسلق المراتب والدرجات ، يجالس كبار المدينةويرفض الجلوس لارادل القوم وضعفائها ،فاشترى كوستيما ازرق و مقججة عنق رمادية وحداء اسود وصرت تراه يجوب ازقة ودواوير المدينة. حاشدا الشباب والنساء والكهول ،وحاثا الجميع على الانخراط في معركة التغيير وازاحة الصفر وأشباههم الدين بسطوا نفودهم على المدينة لعقود وعاثوا فيها خرابا وفسادا بلغة. وعطلوا عجلة التنمية بلغة حميدة محفزا الجميع على ركوب الشاريو بفضل ما جاد به أصحاب الشكارة من مال ووعود وهدايا وغيرها ،ومبشرا بالفتح العظيم ، ليصبج نجم المدينة المبحوث عنه من طرف فقرائها والمقرب من طرف متملقيها ، فاصبح محبوب الخاصة والعامة. وصار الآمر والناهي بل المشرع في أمور كثيرة .
لست ربوت