بالأمس القريب كانت قبيلة الرحامنة الشامخة مضرب الأمثال في الشهامة وصلابة مواقف رجالاتها حتى نعتوهم بمساخيط السلطان وسرقة نعله رغم أن كل التفاصيل الحقيقية للحادث كانت خارج منطقة نفوذهم اليوم لم يتجرأ أحدهم على وخز دواب العربات التي تعرقل سيرهم بالشارع ولا حتى التنديد بالتصرفات الرعناء لمحتلي الملك العمومي بكل أسف وتذمر أصبحوا منبطحين أكثر من اللازم وينتظرون من يتمم هتك عرضهم بكل حميمية سادية غير مشروطة ومن هنا يتوجب الوقوف الإجباري على كل الحيثيات والظروف المرتبطة بهذه السلوكيات الجديدة التي أوصلت غالبيتهم إلى قمة الإنبطاح
النموذج المعروض للقراء من أكبر مركز بالإقليم أو كما أسميه قرية العجائب والغرائب نظرا لعدم قدرتها على الإنفصال عن قوقعة البداوة المتجسدة في نقع الأتربة وأساطيل العربات وظاهرة رعي المواشي وهي مظاهر لصيقة ومرتبطة بشكل وثيق بالحيز الجغرافي للقرية علما أن مجموعة من القرى قد قطعت أشواطا متقدمة في التنمية المجالية
وفي نوستالجيا الأربعينية الأخيرة نسترجع بكم الذاكرة عبر ثلاثة تجارب تدبيرية بالمجلس الجماعي المنتقل من القروي إلى الحضري شكلا لاجوهرا حيث تناوبت عليه ثلاثة أحزاب الحركة الشعبية والتجمع الوطني للأحرار والأصالة والمعاصرة وكل التجارب كانت لها سلبياتها وهذا لاينكره أحد وكانت لها يد فيما وصل إليه حال القرية الآن سواءا بقلة معرفة أو بسوء نية لكن اليوم الوضع أكثر سوءا وقتامة مما مضى ترى ماهي الأسباب الخفية وراء ذلك ؟ وماهي الجهة المستفيذة بالدرجة الأولى من هذا العبث ؟
وعلى الرغم من إنتقاذنا للمجالس السابقة ففترات ولاياتها لم تعرف مشاريع عملاقة بالعدد الهائل الذي نراه اليوم وحتى لا يصاب سكان المجلس النائم بالغرور فهي ليست من تمويلهم ولا حتى بفكرهم وإنما هي فلسفة جديدة بتذبير ملكي شمل مختلف مدن المملكة وقطع أشواطا كبرى بالعديد منها إلا هذه القرية المنكوبة التي لا زالت تنتظر خروج مشاريعها العملاقة لحيز الوجود بعد طول إنتظار ومعظم التحركات الآنية ماهي إلا شطحات إحمائية يائسة من طرف بلاطجة العصر لإستمالة جهلة الساكنة إعتمادا على جحافل المنبطحين الذين لاتربطهم بالقبيلة إلا الأوراق الزرقاء وأكباش الأضحية وبيض المحاضن
الحقائق تحيلنا دوما على قول السلف الصالح "ديالي ماتبقى ووجهي ماتنقى" ومن غيره الجرار الذي أغرق القرية بالديون وجرها للهلاك والمنطق أنه آلة مجالات خدماتها الدوار لا سواه ومع الرجوع لقوانين السير والجولان سندرك جيدا لماذا يمنع سير الجرار وسط المدن ؟ ولماذا يشترط في سيره بالطرقات أن يبقي على عجلتين في قارعة الطريق ؟
في عهد المجالس السابقة لم يكن للصحافة الصفراء المرقية وجود وحتى رجالات السلطة كانت لهم مواقف مغايرة عكس مانراه اليوم منابر التهليل والتبراح أكثر من مكاتب المصالح والخدمات غالبيتهم دون المستوى الثانوي وهي إشارة كفيلة بأن الإضافة مستحيلة من جهتهم على مستوى التثقيف ونقل الحقائق كما أن أعمدة البعض منهم التحريرية عبارة عن نسخ كلي أو إملاء من سيدات بيوتهن والكلام هنا بالدلائل القطعية وليس للمزايدة ومن أراد التفاصيل ممن يهمهم الأمر فليتقدم بدون توجس ولنا جرأة الإفصاح عن الشخوص
في المجالس السابقة لم يكن هذا العدد الهائل من الجمعيات الريعية التي تم تفريخها في أجنحة الظلام لأغراض شخصية بمباركة بلطجية الجرار المكلفون بتذبير الشأن المحلي إن لم نقل التبذير حيث كل مظاهر التنافي القانونية إضافة للجهل التام بالقوانين التنظيمية لها مما يجعل دور المجتمع المدني الفعال في خبر كان ولاغرابة أن يكونوا عبارة عن قطع أحجار لحظية فقط ولنا في جمعيات المستشارات نماذج صارخة لا تتطلب شروحات مفصلة لمعرفتها
هي إشارات مقتضبة الغرض منها إيصال رسائل حية مشفرة لغالبية النخب التي يعتبر سكوتها سببا رئيسيا في مآل الوضع بإنزوائها وتراجعها وإفساحها المجال لجيل الرويبضة لممارسة عنتريته المرحلية ومن المشاهد المقززة بهذه القرية النرجسية الزائدة لمن كانوا بالأمس يتوهمون أنفسهم مناضلين صناديد وبمجرد تذوقهم الفتات حتى إبتلعوا ألسنتهم وخروا ساجدين لو كنتم تحملون صفات النضال الحقيقية لما تركتم جمعيات المشاريع الكبرى تحت رحمة العوانس والهاربات اللائي همشن جيلا بأكمله من بني جلدتكم ألا توجد بينكم سيدات قادرات على تأدية المهام بكل حزم هي أمور نرويها عليكم رغم علمنا اليقين بأن صفة النضال الحقيقية تقايضونها خلسة بجلسات حميمية وتستبدلون مواقفها بأطباق النهم بكل رعونة ووقاحة حتى أصبحت تدويناتكم تهدف لإمتصاص غضب المتضررين المرتقب أو ترهيب ماتبقى من شرفاء القرية
الأحداث المؤلمة أصبحت ماركة مسجلة في بلدة إستباحت كرامتكم بتواطئ مع شرذمة الأوغاد البشرية التي لاتربطها بالقرية سوى عمليات النهب المقنع والمصلحة الفردانية كانت حتى الأمس القريب مرفوضة بالقطع بداية من مدبري الشأن المحلي رغم كونهم كانت لهم مساوئ عديدة فشرف القبيلة كان من أولوياتهم بحكم أصولهم المتجدرة بها وإنتمائهم لهذه القرية التي ترثي حالها بشكل يومي والبلطجية منتشون بما إقترفته أياديهم الدموية
النفايات تحاصر الساكنة كل الجهات قنوات الصرف الصحي في إنفجارات مستمرة المشاريع معطلة حتى الملكية منها لم تحترم مواعيدها المحددة الإستصلاحات بدون مواكبة وتتبع المؤسسات التعليمية تلفض أبنائها جراء بنياتها الغير ملائمة لأعداد المتمدرسين أزقة الأحياء تعيش تحت رحمة الحفريات والغبار المتطاير الشبيه بمواسم التبوريدة حتى أعمدة الإنارة منتصبة وحيدة تبكي ظلم بني البشر قبل ظلام القدر محطة الصحة الطرقية قمة العبث بفعل التطاحنات الخفية للتسابق نحو البيت الأبيض الملك العمومي تم تفويته بالكامل للغرباء عن القرية والباقي تمت إضافته لمقاهي المستشارين والجميل في الرواية كلها خدمات المراكز خضعت لترجيح كفة التفويت من بوابة العشق الممنوع لقوام حاملات الطائرات
ختاما وليس أخيرا لازال الكثير من الأسرار والحقائق المتعلقة بمظاهر اللامسؤولية في هذه القرية وحتى يبلغ الهدي محله أعيد بكم ذاكرة الفرجة في الزمن الجميل على نغمات الجدات في الأعراس حين رؤيتهم لعريس جديد مرتقب لإحدى بناتهم بمقطوعة "سير لدوارك آه علاش جاي لدوارنا"
تحرير عبد الغني رشيق
لست ربوت