من ذاكرة "الطب" الرياضي بابن جرير زمن الهواية "الفولانتية": عيسى الهابي ( بابا): عاشق الفريق وطبيب الأرواح والأجساد. بقلم عبد الكريم التابي

إعلان الرئيسية

الصفحة الرئيسية من ذاكرة "الطب" الرياضي بابن جرير زمن الهواية "الفولانتية": عيسى الهابي ( بابا): عاشق الفريق وطبيب الأرواح والأجساد. بقلم عبد الكريم التابي

من ذاكرة "الطب" الرياضي بابن جرير زمن الهواية "الفولانتية": عيسى الهابي ( بابا): عاشق الفريق وطبيب الأرواح والأجساد. بقلم عبد الكريم التابي

 


 

هناك من الناس من يفد على بلدة ما، فيرتدي قناعا يعينه على قضاء مآربه بالتزلف لهذه الجهة أو تلك، ولا يعنيه من أمر تلك البلدة إلا ما يتحصله منها مما يزيد في تسمين الرصيد البنكي ونسج علاقات مصطنعة الغرض منها تيسير ما تعسَّر من أغراض ومآرب. وهناك من الناس من يُدخل رأسه في جلبابه غير آبه بالمكان الجديد الذي لا يغير مما كان عليه قبل الحلول عليه. وهناك من الناس من يفد على بلدة ما، فيسكن قلوب أهلها بلا تكلف ولا استئذان، ولا يحتاج كثير عناء وجهد ليبني جسورا من العلاقات في سلاسة وانسياب.
والحاج عيسى الهابي موضوع ذاكرتنا اليوم، هو واحد من الصنف الثالث الذي يصدق عليهم: إن المحبين الصادقين إذا دخلوا أرضا، زرعوها بالورد والعطر. عيسى الذي خرج إلى الدنيا زمن الحرب العالمية الثانية بآىسفي، اشتغل ممرضا بوزارة الصحة منذ سنة 1964 بالمركز الصحي أولاد حسون الجنوبي ـ دوار الحجر ـ ، بعد ثمان سنوات قضاها هناك، سيلتحق بالمركز الصحي بجماعة ابن جرير القروية سنة 1972 أي في ذلك الزمن البنكريري المغبر ذي الطابع شبه القروي إن لم نقل ذي الطابع القروي بشكل مستقيم. هناك سيمضي عيسى مساره المهني الذي عايش فيه كثيرا من الأطباء والممرضين والممرضات، كما عايش كثيرا من الضعف والهشاشة في بنيات الاستقبال والتجهيزات والموارد البشرية، وخاصة كثيرا من الضعف والهشاشة في ساكنة البلدة والوافدين عليها من مختلف الدواوير المجاورة.
سيشيع اسم عيسى على ألسنة زوار المركز الصحي التي تشكل النساء النسبة الأوفر كما هي الحال في كثير من المستوصفات والمراكز الصحية والمستشفيات في المغرب، ولاشك أنه بحكم تلك العلاقة اليومية والاحتكاك المتواصل، قد يكون عيسى يعرف أسماء معظم الوافدين والوافدات على المركز كما يعرف مقار سكناهم ومراجعهم السوسيو اقتصادية ونزوعاتهم النفسية.
وإذا كان المنصب الوظيفي لعيسى كممرض مشهور بابن جرير، قد ساهم في صنع تلك الصورة الجميلة التي يحفظها كثير من الناس عنه لمرونته في تعامله مع الوافدين والوافدات على المركز كغيره ممن لا يمكن أن يسقطوا من ذاكرة الناس من بعض الأطباء والممرضين والممرضات، فإن عيسى الهابي سيدخل قلوب جمهور آخر من الناس غير زوار السبيطار، جمهور الكرة والملاعب، وخاصة جمهور فريق البلدة الأول (شباب الرحامنة قبل أن يتحول إلى شباب بنكرير) الذي نسج معه علاقة روحانية غريبة تسمو على المهمة التي شغلها داخله.
التحق الحاج عيسى بفريق الشباب سنة 1980 كممرض يسهر على تقديم العلاجات وتتبع حالة المصابين حسب الإمكانيات الضئيلة أو شبه المنعدمة في زمن الهواية ذلك الذي كانت عديد من الفرق تدبره بالصينية وعاونو الفرقة. ارتبط عيسى بصفته تلك بكل المكاتب المسيرة التي تعاقبت على تسيير فريق الشباب من الأستاذ عبيد عبد الصادق والحاج عبد الكبير الصغيري ومحمد المنصوري ومحمد العيادي ومحمد بنيونس وغيرهم. في مساره ذلك شهد عيسى كثيرا من الأحداث والنوادر والقفشات التي لا تنسى، والتي يشترك معه في صناعتها وسردها اليوم بعد أن أصبحت جزءا من الذكريات، كثير ممن عرف عيسى عن قرب، وتعرف إليه عن قرب، كما عاش داخل الفريق ومعه لحظات من الفرح والانتصار ولحظات أخرى من الخيبة والانكسار. تلك اللحظات بتلك التعبيرات العفوية والتفاعل الصادق، هي التي تبين مدى انصهار عيسى الوجداني في البلدة التي يفرح لأفراحها ويحزن لأحزانها.
بعيدا عن الجانب المهني والرياضي، وقريبا من الجانب الاجتماعي الإنساني، يبقى عيسى واحدا ممن يضفون الحميمية في كل مجمع يكون حاضرا فيه، وخاصة مع من يشاركهم فيما تبقى من العمر في المساءات الدافئة جوار شجيرات الأرنج على الرصيف المحاذي لتلك الزاوية التي جعل منها مركزا للهلال الأحمر يقدم فيها بعض الإسعافات بعد إحالته على التقاعد.

(الصورة لعيسى من المدرجات يتابع إحدى مباريلت الفريق الذي لسنين طويلة).

التصنيفات:
تعديل المشاركة
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

لست ربوت

Back to top button