ابيقور : الجنية حبيبة حمودة . الحلقة 1 ./ . عاطف الرقيبة

إعلان الرئيسية

الصفحة الرئيسية ابيقور : الجنية حبيبة حمودة . الحلقة 1 ./ . عاطف الرقيبة

ابيقور : الجنية حبيبة حمودة . الحلقة 1 ./ . عاطف الرقيبة


 

 

حينما يكون الجو مكفهرا والريح عاصفة والسحب تحجب وجه القمر، تظهر الأشباح والشياطين على هذه الأرض، انهم يعيشون معنا لكن لا نراهم. استرسل لعزيز في حديثه : إنهم يسكنون المنازل المظلمة .. المهجورة .. الوديان و الاجساد أيضا. ظل ابيقور في محور هذه الفقرة يعيش احتمالات!!! يوازن افتراضات ثم فكر بعالم الجن ؟؟؟خطر له كلام كثير كان يسمعه منذ طفولته عن :
المنازل المهجورة المجاورة (لضرك🌵 بن قدور ) يسكنها عدد من الجان. يفعلون أشياء عجيبة ، يقومون باعتراض سبيل المارة أثناء الليل، يأكلون بقايا الطعام المرمي بجنبات واد بوشان ، أحيانا يحدثون ضوضاء صاخبة والغريب أنهم يتقمصون بعض الشخصيات من أبناء حي الجلود و الدوار الجديد .
انتهى فقيه مسجد الحي من رقيته لصديقنا الملقب ب (الخبري) مع ضم الخاء وباء ساكنة ، هو لقب اكتسبه لعلمه الواسع بكل مناحي الحياة في الدوار و إتقانه للمصطلحات الضاربة في عمق البادية .
استفاق الخبري من غشيته ففتح عيناه الجاحظتان ودار بهما حوله فرأى والدته - جدته وأخواله جلوسا تحت قدميه يبكون، ظل شاخصا ببصره هنيهة ،التفت إلى خاله لعزيز، نظر إليه نظرة طويلة ثم طلب منه أن يخرج الجميع وبصوت خافت: ابيقور و الكاجيبي يبقيان بجانبي . بعدما انصرف الجميع قام من مكانه وأغلق باب الغرفة . اخرج ابيقور علبة سجائر من جيب صدر بدلته ناول الكاجيبي سيجارة وللخبري ثانية وله ثالثة . جلسوا إلى جانب بعضهم البعض يدخنون ،الصمت يلف المكان ، جلس الخُبْري على كرسي مصنوع من الجريد يئز . وضع منفضة سجائر على طاولة خشبية متصدعة متهالكة غير آبه .. أو مكترث . سأله الكاجيبي ماذا وقع ؟ جميع سكان الحي يتحدثون عنك صباح اليوم ... !!!!!
الخبري : عند منتصف ليلة أمس عرجت إلى جنبات الواد لتدخين سيجارة ، لكن رغبتي في التدخين كانت تتوق للفافة حشيش تخدر ما تبقى في من أرق حتى أستطيع النوم . وجدت حمودة بالصدفة داخل ( ديبو الياجور ) يدخن الكيف طلبت منه أن يملئ لي ( شقف او اثنين ) . أبدى موافقته شرط أن نبتعد من ( الديبو ) كي لا نقع في قبضة دورية الشرطة التي تزور المكان من وقت لأخر . كان اقتراحه أن نقفز إلى منزل طيني مهجور، بجانب ضرك بن قدور . المبنى قديم جدا ومتهالك ، ذو جو أسطوري. الجدران المطلية بالجير .. واللون الأبيض الباهت .. عليها رسومات صغيرة ، وتواريخ ، وأسماء كثيرة جاءت قبلي إلى هنا .. حيث هذا المكان الموحش أشعل حمودة شمعة في غرفة المنزل،افترشنا قطعا من الكارتون . ناولني السبسي والمطوي ثم استأذنني بأنه سيعود بعد ان يتبول في الغرفة المجاورة . غاب لوقت طويل وعند عودته لم يكن لوحده ، اصطكت اسناني وتسارعت دقات قلبي . عم سكون الليل المكان حتى صار يحلق في السماء وفوق الأرض كغراب أسود ناعق بجناحين كبيرين . اختفى نقيق ضفادع الواد ، وصفير الصراصير وصوت كلب حارس مدرسة إفريقيا الذي ينبح أنثاه ، وصوت أغصان أشجار زيتون بن قدور . لاشيء حي غيري و حمودة ، هواء ممزوج برائحة العفن يملأ أنفي ، يزكمها .. وأنا مازلت في مكاني متجمدا، أتابع هذه المسرحية المرعبة .. والتي لا أدري متى ستنتهي ؟ أو على ما ستنتهي ؟ تختلط الأحداث برأسي ، تتداخل الصور، تتداعى .
شيء ما في صورة امرأة !!!! لها عينان واسعتان ، سوداوتان ،كسواد عتمة الليل، تلمعان كنجمتان . شعرها مموج هائش ،ذات صدر كبير ، بحجم بطيخ شيشاوة . جسمها يملئ باب الغرفة الواسع بطوله وعرضه . تلبس قميص حمودة الرمادي . وقعت عيناي على شكل قدميها اللتان تشبهان أقدام الابل ، فصرخت بكل ما في من قوة . وقفت كل شعرة في رأسي كالمسامير، خانتني قدماي للوقوف والهرب ...استظهرت المعودتين و الفاتحة بالجهر عدة مرات ، كانت الجنية تقفز إلى أعلى وتلتصق بالقصب الموجود في سقف الغرفة . تنشب أظافرها الطويلة كالمخالب في الأرض المسفلتة تحت أقدامي تضرس أسناني .. أراها تسبح حولي وتطير في الهواء. ثم تنسحب خلف حمودة بعدما نهرها وصرخ فيها بأن تبتعد عني .
لا أعلم كيف تسلقتُ سور المنزل للقفز و الخروج من هناك... لا أتدكر سوى حمودة يمسكني من كتفي ويهمس في أذني :
لا تخبر أحدا بما وقع وإلا ستغضب منك وتطاردك أينما كنت... لا تخف لقد أعجبت بك و أسرت لي أنها تريدك زوجا لأختها . ستعطيك المال الذي يكفيك كل يوم .
تدخل الكاجيبي مقاطعا : ها ... الان فهمت لماذا لحمودة ملابس من النوع الفاخر ...يسافر كثيرا و لديه كل ما يريد دون ان يكون له عمل او حرفة يزاولها !!!مممم ...
أضاف الخبري قائلا وهو يؤكد تحليل الكاجيبي : نعم صحيح ، لقد سافرا معا اليوم لمراكش . لتشتري له بعض الملابس و الاحذيه .
أخذ من ابيقور ذلك الحديث ما لم يأخذه في وقته. شعر بالميل لمتابعة الأمر. ما عليه إلا الوقوف على حقيقته. الولوج في طواياه. ليعتبرها مغامرة ما دامت أصبحت تهمه. وعليه التحلي بالشجاعة. الدخول في ذلك المنزل الغريب. عله يحس بوجودهم. على الرغم من معرفته ما يتطلب الامر من تحمل وخوف حتى لو وجد نفسه في صراع مميت مع أشباح طالما كانت تستهويه أخبارهم أو تستفزه أفعالهم.
يتبع .

عاطف الرقيبة 2021 .

التصنيفات:
تعديل المشاركة
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

لست ربوت

Back to top button