أثر الشاشات الرقمية على تطور دماغ الطفل الاستاذ: عمر خيري.

إعلان الرئيسية

الصفحة الرئيسية أثر الشاشات الرقمية على تطور دماغ الطفل الاستاذ: عمر خيري.

أثر الشاشات الرقمية على تطور دماغ الطفل الاستاذ: عمر خيري.

 


منذ ملايين السنين والإنسان يعتمد على دماغه لحل المشاكل والصعاب والتحديات التي يلاقيها داخل وسط العيش.وتعتبر عملية التفاعل مع البيئة إحدى أهم الآليات التكيف البيئي للإنسان في حياته اليومية، بداية منذ صناعة الحجر والخشب والعظام والمعادن وصولا إلى الصناعات التكنولوجيات الحديثة، كتكنولوجيات الإعلام والتواصل، مثل التلفاز واللوحات الإلكترونية والحاسوب والهاتف الذكي وتطبيقاته في التواصل الاجتماعي كالفيسبوك والواتساب والأنستاغرام إلخ.

فالدماغ مبرمج جينيا على الثبات لضمان استمرار القدرات العقلية المكتسبة كالكلام والمنطق والمقارنة والتحليل والتركيب .... ومبرمجا جينيا كذلك، لاكتساب قدرات عقلية جديدة كالقراءة والكتابة والحساب، من خلال مرونته العصبية: بالتشكل وإعادة التشكل حسب الحاجة لذلك.
وفي هذا الإطار يأتي تكيف دماغ الإنسان من خلال بناء دارات عصبية جديدة للحصول على معلومات خارجية ومعالجتها بالسرعة المطلوبة من أجل إنجاز المهمات الجديدة، باستعمال الآلات والأجهزة التكنولوجية الجديدة الضرورية لذلك.
فمثلا المنطقة العصبية قبل الحركية والحركية الموجودة في قشرة الدماغ قد تعرف تطورا في بنيتها ووظيفتها بفعل النشاط المعلوماتي المكثف أثناء المناولات الكثيرة والسريعة للأطفال وهم يقومون بألعاب الفيديو.
في حين تعرف القشرة الدماغية للفص الجبهي الأمامي ضمورا ملحوظا كما أن الدارة العصبية للمكافأة المسؤولة عن إفراز هرمون الدوبامين الباعث عن المتعة واللذة والنشوة والدافعية والتحفيز السلوك تعرف بدورها اضطرابا نتيجة كثرة النشاط الإفرازي لهذا الهرمون بفعل BIG DATA او الوفرة المعلوماتية لدرجة التخمة المعرفية مما يولد حاجة مضاعفة ومتصاعدة للمنتوج الرقمي يؤدي إلى الإدمان الرقمي وخاصة على ألعاب الفيديو .
هذا النشاط الإدماني للدارة العصبية للمكافئة يعطل جزئيا أو كليا المناطق العصبية الموجودة في الجبهة الأمامية للدماغ المسؤولة عن اللغة نطقا وقراءة وكتابة وعن العمليات العقلية المنطقية وعن التركيز والانتباه والكبح والتخطيط والنقد ...أو ما يطلق عليه الوظائف التنفيذية الواعية للدماغ او الوظائف العليا، في حين تنشط المناطق العصبية للدماغ أو ما يطلق عليه الدماغ الحوفي اواللامبي، الآلي واللاواعي فتكون النتيجة إقبال الأطفال على أنشطة عصبية سريعة وبسيطة وسطحية لا يستطيع الدماغ تثبيتها وترسيخها وتخزينها ومن هنا يأتي ضعف الذاكرة على الأطفال المدمنين على الشاشات الرقمية.
هناك عامل آخر يساهم في ضعف الذاكرة ويتجلى في سلوك البحث عن المعلومة في الذاكرة الخارجية:ذاكرة الآلة الرقمية وليس من خلال استرجاعها من الذاكرة الداخلية: الذاكرة البيولوجية العصبية للطفل.
بالإضافة للتأثير السلبي للشاشات الرقمية على الذاكرة الشخصية للطفل هناك تأثير سلبي آخر يمس التركيز والانتباه والذي قد يصل إلى حالة اضطراب TDAH اضطراب عوز التركيز مع او بدون فرط الحركة. إن تعدد المهام خلال الحفظ أو إنجاز الفروض أو أثناء الاختبارات أو التحصيل الدراسي بشكل عام، بحيث يقوم الطفل بالنشاط الدراسي وفي نفس الوقت يلقي نظرة على الفيسبوك والوتساب والرسائل الإلكترونية بشكل متكرر يشتت انتباهه ويؤثر سلبا على تركيزه بفعل هذا القصف المعلوماتي المكثف الذي يؤدي إلى اضطراب في وظيفة الربط الدماغي.
وقد توصلت الدراسات التي أنجزت في عدة دول كفرنسا وكندا والولايات المتحدة الأمريكية وعلى رأسها الأكاديمية الأمريكية لطب الأطفال، إلى أن الإدمان على الشاشات الرقمية يؤدي إلى التأخر في الكلام، وضعف التركيز والذاكرة، والانغلاق الذاتي الداخلي، الذي يتسبب في ضعف أو غياب التواصل الاجتماعي بشكل يشبه اضطراب التوحد، والاندفاع والعنف ( الضرب والعض والخدش والتمرغ) وضعف الشخصية مما يسهل التلاعب بعقول الأطفال، بالإضافة إلى ضغف الاستقلالية الذاتية، وكلها عوامل مسؤولة على اضطرابات الشخصية عند الأطفال والذي يؤدي الى ارتفاع نسبة الفشل الدراسي.
وبناءا على ذلك، فإن أي شخص يعارض او يحول دون تحقيق الطفل لإشباعه الإدماني الرقمي يعتبر خصما أو عدوا يجب مواجهته أو تجنبه أو الهروب منه خارجيا أو داخليا من خلال الابتعاد عنه او تجنب التواصل معه او الإنكفاء على الذات، وقد يصل الامر الى ممارسة العنف على كل من يعارض رغباته او نزواته الادمانية الرقمية كالضرب والعض والركل الخ وهي الظاهرة التي يعاني منها الأساتذة والآباء.
وقد خلصت نتائج هذه الدراسات والأبحاث إلى التوصيات التالية:
اعتبار الإدمان الرقمي عند الأطفال مشكلا صحيا.
اعتبار اللعب عند الأطفال المقرون بالتقليد استراتيجيات تعلمية محببة بامتياز على غرار صغار كل الثدييات بفعل النشاط الإفرازي لهرمون الدوبامين من طرف دارة المكافأة الموجودة في الدماغ.
منع الأطفال خلال السنتين الأولتين من استعمال الشاشات الرقمية لأنها فترة حساسة (ما يطلق عليها فترة النوافذ المشرعة) ولا فائدة منها في ما يخص نموه الذهني.
السماح للأطفال ما بعد السنة الثانية والى الخامسة باستعمال الشاشات الرقمية لساعة واحدة، وساعتين بالنسبة للأطفال ما بين الخامسة والحادية عشرة.
استعمال الشاشات الرقمية ذات المضمون التربوي.
مصاحبة الأبوين للأطفال خلال هذا الاستعمال خلال السنوات الاولى.
عدم السماح للأطفال باستعمال الشاشات الرقمية خلال تناول الوجبات الغذائية.
تقاسم الشاشات الرقمية في الفضاء المنزلي بين الاباء وابنائهم.
التمييز بين الاستعمال التعليمي والتكويني بهذه الشاشات الرقمية والاستعمال الترفيهي، حيث أن كثير من المدارس بعدة دول تستعمل هذه التكنولوجيات داخل الفصل بشكل تربوي منظم ومراقب ومنتج.
تجنب المنع والحرمان الكلي للأطفال ما بعد السنتين الأولتين، اعتبارا للأهمية التربوية والتكوينية والتعليمية والترفيهية لهذه الوسائل مع المراقبة والتوجيه والتنظيم أثناء الاستعمال: فالسيارة جاءت قبل مدونة السير بحيث أن الأخيرة جاءت لتنظيم استعمال الأولى وليس لمنع استعمالها.
انطلاقا من كل ما ذكر ونظرا لخطورة واستفحال الظاهرة، فإنني أنصح الآباء والأساتذة الذين سيلاحظون هذه الاضطرابات المشار إليها أعلاه، الاستعانة بالمختصين لمعالجة الأمر قبل استفحاله.
ملحوظة ساتقاسم معكم فيديو في الموضوع .
الاستاذ: عمر خيري.

التصنيفات:
تعديل المشاركة
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

لست ربوت

Back to top button