الخصال الحميدة والأفعال الذميمة ـ الشيخ عبد الحميد امين رحمه الله

إعلان الرئيسية

الصفحة الرئيسية الخصال الحميدة والأفعال الذميمة ـ الشيخ عبد الحميد امين رحمه الله

الخصال الحميدة والأفعال الذميمة ـ الشيخ عبد الحميد امين رحمه الله

 

الخصال الحميدة والأفعال الذميمة ـ }}
الحمد لله الذي هذب أخلاق المؤمنين بالشيم الرفيعة والهمم العالية وذم أفعال المترفين نحمده حمدا يليق بجلال وجهه وعظيم سلطانه ونصلي ونسلم على الرحمة المهداة والنعمة المهداةصلى الله عليه وسلم تسليما مباركا. وبعد موضوع اليوم {الخصال الحميدة ..> أيها الناس إن المجتمع الذي تسوده الرحمة ويكسوه الوقار ويعظم فيه الشيخ الكبير ويرحم فيه الطفل الصغير ويعرف فيه للعلم والعلماء قدرهم زيادة على التحلي بخلق الصدق والعدل والصبروالوفاء والبر والإيثار والأمانة والورع والعفة والحياء والرفق والتواضع وما إلى ذلك من الفضائل التي إذا انتشرت في المجتمع كانت سببا في عمرانه وازدهاره فسمو ورقي المجتمعات يقاس بسمو ورقي القيم والأخلاق السائدة ـ لهو المجتمع الراقي ولو تدنى اقتصاده وقل دخل أفراده .وإن المجتمع الذي تسوده العصبية المقيتة والحزبية البغيضة والتكتل الأعمى والنفاق وتعدد الوجوه والصيد في الماء العاكر وإشاعة الفاحشة واتهام الأبرياء وانتشار الأمية والزهد في العلم وغير ذلك من الأفعال القبيحة والأفعال الشنيعة التي إذا صادفت رواجا في مجتمع متنكب عن الصدق والعلم وقريب من الرعونة ـ لهو المجمتع الذي مصيره إلى الزوال مهما يكن من بريق وزخرف الأشكال والبنيان .أيها الناس إن الذي نعيشه من أحداث جسام في مجتمعاتنا الإسلامية مرده إلى بزوغ فجر الجهل فيه وإن تقدم تكنلوجيا .إن الاستقرار النفسي الذي ساد القرون الذهبية كان الحكم والفصل هو الأخلاق التي مصدرها الكتاب والسنة بفهم السلف ..ولما تعددت المشارب والأهواء والمذاهب كل أراد أن يلوي أعناق النصوص مسايرة لمذهبه فحلت على المجتمع الإسلامي لعنة التشرذم والتفرق حتى جاء القرن والعشرين والأمة مثخنة بجراحات الصليبية ابتليت بالاستعمار فأنتج ذلك عصارة أخرى تجرعنا من خلالها السم والعلقم وبعد هذه المحنة ظهرت نهضة مباركة غيرأنه سرعان ما أخذت حذو الفروق الكلامية أحيانا . ترى من بعضهم ممن فقد صوابه من يحييي في الناس سنة الجاهلية الأولى يلبس لبوس الدين ويتقنع بقناع الخاشعين وعند التمحيص والغربلة تشم منه ريح العجرفة والغلظة والقسوة والتمسك بالرأي العقلي والدعوة إليه يحب من أجله ويبغض .قلل الله من أمثال هؤلاء وأبدل هذه الأمة بمن يجمعها على المصدرين الكتاب والسنة على فهم سلفنا الصالح من أمثال مالك بن أنس إمام دار الهجرة وغيره إنه سميع مجيب . والآن وبعد هذه الجولة السريعة أعود بحضراتكم إلى مايلي: أولا الخصال الحميدة وهي : 1ـ >المؤمن إلف مألوف عن عطاء ، عن جابر ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « المؤمن إلف مألوف ، ولا خير في من لا يألف ، وخير الناس أنفعهم للناس »مسند الشهاب .إن خلق الألفة والإحساس بالدفء من كمال رقي الأمم يسعد فيه الفقير والغني على حد سواء فكيف يعكر الجو عندما تحس بأنك محمي من طرف الجيران والإخوان إذا سافرت حفظوك وإذا حضرت عظموك هذا هوالمجتمع الذي بنا عليه الإسلام دولته فاول خطوة قام بها الحبيب المصطفى لما هاجر إلى المدينة هو الإيخاء بين المهاجرين والأنصار حتى لايتقيأ الأصاحب سنة الجاهلية فكان المهاجري يرى كأن المدينة ملك له وأهم من هذا القلوب فكان الحنان يتدفق من الأنصار تجاه المهاجرين أين هذا في أمتنا اليوم التي أحيت الحزبية المقيتة .روى البخاري. قَالَ أَبُو جُحَيْفَةَ آخَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ
{1113}
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ سَلْمَانَ وَأَبِي الدَّرْدَاءِ وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ لَمَّا قَدِمْنَا الْمَدِينَةَ آخَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنِي وَبَيْنَ سَعْدِ بْنِ الرَّبِيعِ> وعن عَبْدالرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لَمَّا قَدِمْنَا الْمَدِينَةَ آخَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنِي وَبَيْنَ سَعْدِ بْنِ الرَّبِيعِ فَقَالَ سَعْدُ بْنُ الرَّبِيعِ إِنِّي أَكْثَرُ الْأَنْصَارِ مَالًا فَأَقْسِمُ لَكَ نِصْفَ مَالِي وَانْظُرْ أَيَّ زَوْجَتَيَّ هَوِيتَ نَزَلْتُ لَكَ عَنْهَا فَإِذَا حَلَّتْ تَزَوَّجْتَهَا قَالَ فَقَالَ لَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ لَا حَاجَةَ لِي فِي ذَلِكَ هَلْ مِنْ سُوقٍ فِيهِ تِجَارَةٌ قَالَ سُوقُ قَيْنُقَاعٍ قَالَ فَغَدَا إِلَيْهِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ فَأَتَى بِأَقِطٍ وَسَمْنٍ..> البخاري ..إن الأخوة لما تمكنت من الصحابة غدا السخاء بالأعز سهلا .أمااليوم فكثيرا من المسلمين لايتطلعون لهبات الجيران ولا عطايا الإخوان ولكنهم يفرحون إذا لم تمسسهم منهم الألسنة اللاذعة.والخبث المبيت ال ماأصدق الشاعر :
وعين الرضا عن كل عيب كليلة ...كما أن عين السوء تبد المساويا .
2>>ـ المومن من خلقه الإيثار لقوله تعالى { ويوثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة > . وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ إِنِّي مَجْهُودٌ فَأَرْسَلَ إِلَى بَعْضِ نِسَائِهِ فَقَالَتْ وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ مَا عِنْدِي إِلَّا مَاءٌ ثُمَّ أَرْسَلَ إِلَى أُخْرَى فَقَالَتْ مِثْلَ ذَلِكَ حَتَّى قُلْنَ كُلُّهُنَّ مِثْلَ ذَلِكَ لَا وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ مَا عِنْدِي إِلَّا مَاءٌ فَقَالَ مَنْ يُضِيفُ هَذَا اللَّيْلَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ فَقَامَ رَجُلٌ مِنْ الْأَنْصَارِ فَقَالَ أَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ فَانْطَلَقَ بِهِ إِلَى رَحْلِهِ فَقَالَ لِامْرَأَتِهِ هَلْ عِنْدَكِ شَيْءٌ قَالَتْ لَا إِلَّا قُوتُ صِبْيَانِي قَالَ فَعَلِّلِيهِمْ بِشَيْءٍ فَإِذَا دَخَلَ ضَيْفُنَا فَأَطْفِئْ السِّرَاجَ وَأَرِيهِ أَنَّا نَأْكُلُ فَإِذَا أَهْوَى لِيَأْكُلَ فَقُومِي إِلَى السِّرَاجِ حَتَّى تُطْفِئِيهِ قَالَ فَقَعَدُوا وَأَكَلَ الضَّيْفُ فَلَمَّا أَصْبَحَ غَدَا عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ قَدْ عَجِبَ اللَّهُ مِنْ صَنِيعِكُمَا بِضَيْفِكُمَا اللَّيْلَةَ> رواه مسلم قال النووي رحمه الله هَذَا الْحَدِيث مُشْتَمِل عَلَى فَوَائِد كَثِيرَة ، مِنْهَا مَا كَانَ عَلَيْهِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَهْل بَيْته مِنْ الزُّهْد فِي الدُّنْيَا وَالصَّبْر عَلَى الْجُوع وَضِيق حَال الدُّنْيَا ، وَمِنْهَا أَنَّهُ يَنْبَغِي لِكَبِيرِ الْقَوْم أَنْ يَبْدَأ فِي مُوَاسَاة الضَّيْف وَمَنْ يَطْرُقهُمْ بِنَفْسِهِ فَيُوَاسِيه مِنْ مَاله أَوَّلًا بِمَا يَتَيَسَّر إِنْ أَمْكَنَهُ ، ثُمَّ يَطْلُب لَهُ عَلَى سَبِيل التَّعَاوُن عَلَى الْبِرّ وَالتَّقْوَى مِنْ أَصْحَابه ، وَمِنْهَا الْمُوَاسَاة فِي حَال الشَّدَائِد . وَمِنْهَا فَضِيلَة إِكْرَام الضَّيْف وَإِيثَاره .إن الإيثار منقبة عظيمة إذا عمت في المجتمع قلت فيه الظغائن والمدلهمات . 3>> ومن خلقه التحلي بخلق الصدق .والصدق هو مطابقة الخبر للواقع وهو نصيحة وأمانة وخلق من أخلاق سلفنا الصالح وضده الكذب وهو خيانة لما رواه البخاري قال <ص><كبرت خيانة أن تحدث أخاك حديثا هو لك مصدق وأنت له كذب>والصدق أيها الناس من ثماره أنه يغرس في كيان المجتمع الثقة وإذا ما تعود الناس على الصدق في جميع مجالات الحياة فإن ذلك من أمارات حياة الأمة قال من لا ينطق عن الهوى :<لا تزال هذه الأمة بخير ما إذا قالت صدقت وإذا حكمت عدلت وإذا استرحمت رحمت >حديث صحيح.المعجم الكبير للطبراني . والصدق أثقل شيء في ميزان الله:لقوله ص>:<لا تكذب ولك الجنة>رواه ابن حبان ولما كانت منزلة الصدق الجنة فهو دليل على حب الله ورسوله قال <ص>:<من أحب أن يحبه الله ورسوله فليصدق الحديث وليؤد الأمانة ولا يؤذ جاره>رواه البيهقي فالصدق فطرة خيرة مغروسة في نفس كل إنسان يرتاح لها ويطمئن لها ولذا نفي رسول الله الكذب عن المؤمن واعتبره صادقا أبدا إذ هو والإيمان لا يفترقان .عَنْ صَفْوَانَ بْنِ سُلَيْمٍ أَنَّهُ قَالَ : قِيلَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيَكُونُ الْمُؤْمِنُ جَبَانًا فَقَالَ نَعَمْ {1114}
فَقِيلَ لَهُ أَيَكُونُ الْمُؤْمِنُ بَخِيلًا فَقَالَ نَعَمْ فَقِيلَ لَهُ أَيَكُونُ الْمُؤْمِنُ كَذَّابًا فَقَالَ لَا>رواه مالك وهذا لا يعني تهوين البخل والجبن لقوله <ص><لا يجتمع شح وإيمان في قلب رجل مسلم>حديث صحيح رواه النسائي.. ومحاسن الصدق كثيرة فإن من بركاته أن يغرس الثقة والطمأنينة بين الناس في حين أن الكذب يثير الشكوك والظنون ويزعزع أفراد المجتمع ومن هنا جاء الأمر بالصدق في عدة آيات من آيات إله وأحاديث من أحاديث الرسول <ص>فمن الآيات:قوله تعالى<<ياأيها الناس آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين>وقوله <فلو صدقوا الله لكان خيرا لهم>وقوله <والذي جاء بالصدق وصدق أولئك هم المتقون> وقوله رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه> .ومن الأحاديث قوله<ص>:<عليكم بالصدق فإن الصدق يهدي إلى البر وإن البر يهدي إلى الجنة وما يزال الرجل يصدق ويتحرى الصدق حتى يكتب عند الله صديقا وإياكم والكذب فإن الكذب يهدي إلى الفجور وإن الفجور يهدي إلى النار وما يزال الرجل يكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذابا >رواه مسلم 4>> ومن خلقه الحياء وهو في زماننا أندر من الكبريت الأحمر ويكفي في شرف الحياءوفضله أنه شعبة من شعب الإيمان عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الْإِيمَانُ بِضْعٌ وَسَبْعُونَ شُعْبَةً وَالْحَيَاءُ شُعْبَةٌ مِنْ الْإِيمَانِ> مسلم عِمْرَانَ بْنَ حُصَيْنٍ قَالَ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْحَيَاءُ لَا يَأْتِي إِلَّا بِخَيْرٍ> البخاري وروى مسلم قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْحَيَاءُ خَيْرٌ كُلُّهُ قَالَ أَوْ قَالَ الْحَيَاءُ كُلُّهُ خَيْرٌ>.ونقيض الحياء فحش في القول وجفاء في الكلام وغلظة في الأخلاق.لما تقلص الحياء في الأمة شقيت وأتبعت ونتج عن ذلك هذا الجفاء بين الأسر والإخوان وسكان الحي بل أصبحت القبلات لايستحيى منهاوالمعاكسات ديدن التقدم وكشف العورة عين الحضارة إن المسلم اسوته في ذلك من لاينطق عن الهوى عن أبي سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ يَقُولُا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَشَدَّ حَيَاءً مِنْ الْعَذْرَاءِ فِي خِدْرِهَا وَكَانَ إِذَا كَرِهَ شَيْئًا عَرَفْنَاهُ فِي وَجْهِهِ> مسلم . البخاري . الْعَذْرَاء الْبِكْر ، لِأَنَّ عُذْرَتَهَا بَاقِيَة ، وَهِيَ جِلْدَة الْبَكَارَة . وَالْخِدْر سِتْر يُجْعَل لِلْبِكْرِ جَنْب الْبَيْت . ففي الحديث فَضِيلَة الْحَيَاء ، وَهُوَ مِنْ شُعَب الْإِيمَان ،في الفتح : قوْله " فِي خِدْرهَا "بِكَسْرِ الْمُعْجَمَة أَيْ فِي سِتْرهَا ، وَهُوَ مِنْ بَاب التَّتْمِيم ، لِأَنَّ الْعَذْرَاء فِي الْخَلْوَة يَشْتَدّ حَيَاؤُهَا أَكْثَر مِمَّا تَكُون خَارِجَة عَنْهُ ، لِكَوْنِ الْخَلْوَة مَظِنَّة وُقُوع الْفِعْل بِهَا ، فَالظَّاهِر أَنَّ الْمُرَاد تَقْيِيده بِمَا إِذَا دُخِلَ عَلَيْهَا فِي خِدْرهَا لَا حَيْثُ تَكُون مُنْفَرِدَة فِيهِ اهـ
.ثانيا : الأفعال الذميمة فمنها 1]]ـ النعرات الطائفية الضيقة التي ما استفادت منها الأمة إلا مزيدا من التمزق والتدهور والبعد إن العض على المبدإ العقلي الوضعي قد ينهك قوى الأمة الكبيرة ويفتت قواها ألا ترون معي كم من دماء تسيل في بلاد المسلمين من أجل هذه النعرات الضيقة .وهذه النعرات أصبحت اليوم تنخر كيان الأمة فعلى المستوى الدولي لم نرفي ظل التكتلات إلا مزيدا من البعد بين شعوب الأمة حتى انقسمت إلى عرب وعجم وعرب وبربر وعلى مستوى الدين انقسم الناس إلى مفهومات شتى جزأت الدين إلى مبادئ بدأنا نلمس آثارها في تصرفات بعض الأفراد خصوصا عوام هذه الفئات الذين اكتفوا من العلم بالقشور حتى خيل لبعضهم أن مراجعة الكتب مضيعة للوقت وبعضهم يرى في العلم هو حكايات الأحاجي وبعضهم وبعضهم والأدهى من هذا تنافر أصحاب هذه المبادئ
{1115}
وعلى مستوى بيوت الله تلاحظ العجب صفوف متراصة وقلوب مبعثرة ووجوه مقنعة لبست لبوس الدين وهي في الحقيقة ما هي إلا أجسام لم تستفد من الصلاة إلا الحركات .ولما وقع كل ماأشرنا له في مدينة المصطفى هب وصور هذا السلوك الأرعن بجيفة تتناثر منها الديدان فعن جَابِر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ غَزَوْنَا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ ثَابَ مَعَهُ نَاسٌ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ حَتَّى كَثُرُوا وَكَانَ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ رَجُلٌ لَعَّابٌ فَكَسَعَ أَنْصَارِيًّا فَغَضِبَ الْأَنْصَارِيُّ غَضَبًا شَدِيدًا حَتَّى تَدَاعَوْا وَقَالَ الْأَنْصَارِيُّ يَا لَلْأَنْصَارِ وَقَالَ الْمُهَاجِرِيُّ يَا لَلْمُهَاجِرِينَ فَخَرَجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ مَا بَالُ دَعْوَى أَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ ثُمَّ قَالَ مَا شَأْنُهُمْ فَأُخْبِرَ بِكَسْعَةِ الْمُهَاجِرِيِّ الْأَنْصَارِيَّ قَالَ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَعُوهَا فَإِنَّهَا خَبِيثَةٌ>البخاري ومسلم .2]]ـ منها الحسد وهو من الأخلاق المشينة في المسلم وغيره لأنه يتنافى مع حب الخير والإيثار ولا يصدر إلا من نفس مريضة. وقلب خبيث وكيف لايكون خبيثا وفيه اعتراض على الرب في مربوباته قال تعالى : أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِه [ النساء : 54 ] وقال النَّبيُّ : (( لا تباغضوا ولا تحاسدوا ولا تدابروا ولا تقاطعوا وكونوا عباد الله إخواناً ، ولا يحلُ لمسلم أنْ يهجر أخاه فوق ثلاث )مسلم . والحسد من نتائج الحقد ، والحقد من نتائج الغضب ، والحسد يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب . ومن سلّم الله قلبه من الحسد والغل على الآخرين فقد أُعطي خيراً عظيماً ، 3]]ـ ومن الأفعال الذميمة الحقد وهو صفةٌ ذميمةٌ ذمها الإسلام ، وهي صفة تذمها الفطرة السليمة ، والحقد : أنْ يلزم قلبك استثقال أخيك المسلم والبغضة إليه ، والنفار منه وأنْ يدوم ذلك ويبقى .. ومن أضرار الحقد أيضاً أنَّه مدعاةٌ إلى الهجر والمقاطعة أو الإعراض. عن الزبير بن العوام أنَّ النَّبيَّ قال : (( دبَّ إليكم داء الأمم قبلكم الحسدُ والبغضاءُ ، والبغضاء هي الحالقة لا أقول : تحلق الشعر ، ولكنْ تحلق الدين ، والذي نفسي بيده لا تدخلوا الجنَّة حتى تؤمنوا ولا تؤمنوا حتى تحابوا أفلا أنبئكم بما يثبت ذالكم أفشوا السلام بينكم ))ومن أضراره أيضاً أنَّه يدفعك إلى أنْ تتكلم في أخيك المسلم بما لا يحل ، وقد يؤول بك ذلك إلى الكذب عليه أو غيبته وإفشاء سره وهتك ستره ، بل ربما دفعك ذلك إلى الوشاية به بما يؤول إلى قتله ، 4]]ـ الكذب وهو آفةٌ سيئةٌ من آفات اللسان ، وهذه الآفة من أقبح الأمراض النفسية ، إذا لم يسارع صاحبها بالعلاج ، أودى به إلى النار ، وبئس القرار ، قال تعالى : وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُون . [ البقرة : 10 ] والكذب من كبائر الذنوب وفيه أضرارٌ عظيمة ، ومن أضراره : إحداث الريبة عند الإنسان – والريبة هي التهمة والشك –والكذب يجعل الإنسان يقع في خصلة من خصال المنافقين . والمنافقون في الدرك الأسفل من النار قال النَّبيُّ : (( أربعٌ من كن فيه كان منافقاً خالصاً ، ومن كانت فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من نفاق حتى يدعها : إذا أؤتمن خان ، وإذا حدث كذب ، وإذا عاهد غدر ، وإذا خاصم فجر> البخاري ومسلم ..ومن آثار الكذب قلب الحقائق ؛ لأنَّ الكذب يصور الحق باطلاً والباطل حقاً ، ولو لم يكن في الكذب سوى أنَّه يؤدي إلى النار لكفاه سوءاً ، قال النَّبيُّ : (( إنَّ الكذب يهدي إلى الفجور وإنَّ الفجور يهدي إلى النار ، وإنَّ الرجل ليكذب حتى يكتب عند الله كذاباً>البخاري ومسلم .5]]ـ النميمة وهي نقل الكلام بين الناس لجهة الإفساد ؛ فيذهب إلى شخص ويقول : قال فيك فلان كذا وكذا ، من أجل الإفساد بينهما وإلقاء العداوة والبغضاء بين المسلمين .وحقيقة النميمة : إفشاء السر وهتك الستر عما يكره {1116}
كشفه . وقال : (( إنَّ من شر الناس من يدعه الناس اتقاء فحشه>البخاري ومسلم . والنمام منهم . وقال تعالى : وَلا تُطِعْ كُلَّ حَلاَّفٍ مَهِينٍ هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ . [ القلم : 10 - 11 ] وهي من أسباب عذاب القبر وعذاب النار ، فقد قال النَّبيُّ : (( لا يدخل الجنَّة نمام>البخاري ومسلم ، وروى ابن عباس رضي الله عنهما : أنَّ رسول الله مر بقبرين فقال : (( إنَّهما ليعذبان ، وما يعذبان في كبير ، بلى إنَّه كبير : أما أحدهما ، فكان يمشي بالنميمة ، وأما الآخر فكان لا يستتر من بوله>>البخاري ومسلم .6]]ـ النفاق: وهو إظهار الخير وإسرار الشر، وهو أنواع: اعتقادي، وهو الذي يخلد صاحبه في النار، وعملي وهو من أكبر الذنوب، وفسر ابن عباس قوله تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الآخِرِ وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ} يعني: المنافقين ولقد نبَّه الله، سبحانه، على صفات المنافقين لئلا يغترّ بظاهر أمرهم المؤمنون، فيقع بذلك فساد عريض من عدم الاحتراز منهم، ومن اعتقاد إيمانهم، وهم كفار في نفس الأمر، وهذا من المحذورات الكبار، أن يظن بأهل الفجور خَيْر،ولقد خافه الجيل الأول قال أبن أبي ملكية أدركت ثلاثين من أصحاب الرسول (ص) كلهم يخاف النفاق على نفسه )) البخاري وقد ورد تحذير القرآن والسنة من النفاق فقد ورد في أكثر من حديث وآية، ومن هذه الأحاديث : عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنَّ أَخْوَفَ مَا أَخَافُ عَلَى أُمَّتِي كُلُّ مُنَافِقٍ عَلِيمِ اللِّسَانِ رواه أحمد والبزار وأبو يعلى ورجاله موثوقون والطبراني والبزار عن عمران بن حصين ورجاله رجال الصحيح والألباني في صحيح الجامع .والحديث له أهمية عظيمة وهو يبين مدى أهمية حرص النبي صلى الله عليه وسلم وخوفه على أمته من المنافقين خاصة إذا كانوا علماء فيخدعون الناس بفصاحتهم. وهذا النوع خطر على الأمة من العدو الخارجي فالمجتمع الإسلامي لم يعرف هذه الظاهرة الذميمة إلا بعد غزوة بدر قال تعالى : (إذ يقول المنافقون والذين في قلوبهم مرض غر هؤلاء دينهم) ومعنى (عليم اللسان) أي فصيح يتقن الكلام ويحسن تنسيقه ليستحوذ على السامع، وهناك قاعدة عند العلماء أن الشيء إذا ذكر بصفة متكررة فهو إما لأهميته حتى لا يغفل عنه الناس وإما لقبحه وخطره على الفرد والمجتمع للتنبيه عليه والتحذير منه، ولقد ذكر النفاق في القرآن في سبعة عشر سورة، قال ابن القيم رحمه الله : كاد القرآن أن يكون كله في شأنهم، من ذلك إن المنافقين في الدرك الأسفل من الناروسئل الحسن أتخاف النفاق قال : وما يؤمنني وقد خافه عمر رضي الله عنه، وكان الحسن يحلف ويقول: بالله الذي لا إله إلا هو ما مضى مؤمن قط ولا بقي إلا وهو من النفاق مشفق ولا مضى منافق ولا بقي إلا وهو من النفاق آمن (من لم يخف النفاق فهو منافق) .ومن مظاهر النفاق: ـ التمظهر بوجوه مقنعة للحديث المتفق عليه في رواية أبي هريرة (تَجِدُونَ النَّاسَ مَعَادِنَ خِيَارُهُمْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ خِيَارُهُمْ فِي الْإِسْلَامِ إِذَا فَقِهُوا وَتَجِدُونَ خَيْرَ النَّاسِ فِي هَذَا الشَّأْنِ أَشَدَّهُمْ لَهُ كَرَاهِيَةً وَتَجِدُونَ شَرَّ النَّاسِ ذَا الْوَجْهَيْنِ الَّذِي يَأْتِي هَؤُلَاءِ بِوَجْهٍ وَيَأْتِي هَؤُلَاءِ بِوَجْهٍ> فبالله كم في زماننا من هذا الصنف ملئت بهم الديار والأمصاروالأحياء والأرياف إن النفاق من الأخلاق الذميمة التي تزرع في المجتمع فقدان الثقة .....والخلاصة أن المؤمن مصلح معطاء ذو قلب كبير يتودد لأهل للإيمان أينما كانوا ولو بعدت بينه وبينهم المسافات. وذو الخلق السيء ضيق المزاج تتجارى به الأهواء .حبه إن حب مبعثر لقلة تتماشى معه في مسالك ضيقة ذات صبغة فئوية ولكثرتها تفرق شمل الأمة وأصبح القرب والبعد من أجلها أسأل الله أن يتدارك هذه الأمة قبل فوات الأوان آمين
عبد الحميد أمين و٤ أشخاص آخرين

التصنيفات:
تعديل المشاركة
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

لست ربوت

Back to top button