

اليوم وبعد مرور حوالي 64 سنة على هذه اللحظة التاريخية المجيدة وبعد قطع الدولة المغربية عدة أشواط في إتجاه بناء حداثي يتماشى والمحيط الجغرافي ومرتبط بترسانة قانونية دولية تعتبر حقوق الإنسان وملحقاتها خطوطا حمراءا لايمكن تجاوزها في إحترام مبدئي للحقوق والواجبات لازالت العديد من مناطق هذا الوطن الحبيب تعيش خارج المنظومة
ربما قد يتساءل العديد من القراء عن هذه التوطئة أو المقدمة وعلاقتها بسياق الحديث عن الفساد بالرحامنة طبعا المناسبة شرط لكون هذا الفساد تفوح منه روائح المؤامرة الدنيئة التي قد يعتبرها البعض في البداية تهمة ثقيلة لكم بعض تفاصيلها
إبن جرير لطالما تغنى بها جوقة المطبلين ولم يبقى لهم وصف في المديح التكسبي إلا وظفوه سموها مدينة المستقبل بعدها مدينة البوليتيكنيك ثم الذكية بعدها الشمسية بعدها الطاقية وربما هو الوصف الدقيق والأقرب للحقيقة حيث تخفي رأسها وسط (الطاقية) للإختباء عن أبنائها وتتنكر لهم دون إستحياء أو خجل وبين حقيقة معزوفة الجوقة وحقيقة إبن جرير تبقى أكبر دوار بالرحامنة تحت رحمة المؤامرة وعبث البلاطجة
طيلة عقود والساكنة بهذه البقعة المنكوبة تنظر إلى المستقبل بتفاؤل نتيجة طول سنوات القحط الإجتماعي وإنعدام فرص التشغيل أمام الخطاب التيئيسي الذي روجت له بعض علوج البلطجية فيما سبق بالإظافة للإقصاء الممنهج لحملة مشاريع التنمية من أبناء القبيلة على عكس التسهيلات التي تمنح لكل وافد على المنطقة دون أية عراقيل ولنا في المشاريع والدعم العملاق المقدم في هذا المجال أكبر الأدلة على أقوالنا
اليوم إبن جرير تعيش حالة إستثناء وفوضى لم يسبق لتجمع سكني بحجمها أن عرفها مركز القرية معروف بخمسة شوارع فقط وهي القلب النابض والمتنفس الوحيد للساكنة وللأسف ملكها العمومي تم السماح فيه وتفويته لأخطبوط من التجار الذين لاتربطهم بالقبيلة إلا الأرباح السريعة أما جمالية المدينة إن تبث فعلا تواجد هذا المصطلح فهو أمر لايعنيهم إطلاقا
الأمير مولاي عبد الله الشارع الأكثر رواجا بالمركز وهو السبب الرئيسي في نعتنا بصفة عدم التمدن والحضارة لكوننا نتجول ونسير وسط الطريق والحقيقة أننا نستحق ذلك لكون حقوقنا تركناها للغير حتى نشتم بها وعوض أن نتقدم بالشكايات تلو الأخرى بعد تعرضنا للإصابات بسبب تغيير المعالم الهندسية أو تعرض بعضنا لسرقات بسبب الإزدحام الناتج عن الإغلاق اللاقانوني لبعض الممرات بالشارع العام نلتزم الصمت ونرجح كفة الإنسانية والتعاطف على ذواتنا هذا الشارع اليوم يعرف تجاوزات خطيرة من حيث الإستيلاء على الملك العام فعديد الدكاكين في تصاميمها لاتتجاوز 30 مترا مربعا بينما تستغل أكثر من 100 مترا مربعا أخرى مما يفرض السير في الطريق بالنسبة للراجلين وهناك بعض التجار الذين أغلقوا عدة ممرات قانونية دون خوف سواء من القانون أو ممن يعهد لهم تطبيقه وفي حديث مطول مع مجموعة من التجار الرحامنة الشرفاء والباعة الذين تهمهم مصلحة هذه البقعة الطاهرة أكدوا نيتهم في الإستعداد التام والتفاعل الإيجابي لتحرير الملك العمومي بهذا الشارع حيث إعتبر بعضهم أن قانون الطوارئ والتدابير المتخذة سابقا تعد فرصة ذهبية للحد من العشوائية ولتغيير لغة المخزن بعد التجاوز المرحلي لفترة الوباء الكوروني
الوجه الآخر للتسيب الخطير والتصرف اللامقبول في الأملاك العمومية هو الذي خطط له في فترة الحجر الصحي ومن باب النكتة قال لي أحد الأصدقاء " هذا كورونا في بن جرير كلشي حبس إلا القهاوي حبسو السربايا وبداو تبنايت " وهذا تجاوز سيفتح نقاشات طويلة حتما ستسقط معها رؤوس الميليشيا التي خططت لهكذا أعمال مع توفر ظروف التشديد ألستم من قلتم أننا في مرحلة حرب ؟ والمتعارف عليه أن الجرائم وقت الحرب لها خصوصياتها وحيثياتها قد تصل حد المؤامرة التي إستغلت إنشغالات رجال السلطة بالجائحة وإستنفاذهم معظم طاقاتهم الإيجابية وعوض تقديم يد العون لهم قامت مافيات المشاريع بتوسعتها على شاكلة المستوطنات حيث ضربت كل المواثيق الحقوقية والبيئية بعرض الحائط بعد غلق الرصيف في وجه المارة وضم بعض مغروساته وتزيينها بمادة الجبص دون حسيب أو رقيب و التفاصيل عن القيمة المالية الضخمة التي تم تخصيصها لإصلاح هذه المقاهي هي دليل قاطع على كون العمليات تمت بأريحية وثقة فوق اللزوم ولكل راغب في التأكد أو مشاهدة حلقة مثيرة من المسلسل " الملك العمومي بإبن جرير بين الواقع والخيال" عليه فقط توفير ثمن إرتشاف فنجان قهوة بدون سكريات كي لاتصيبه بعد بداية العرض وحتى لا يظن بعض المنتخبين والمسؤولين أننا في غفلة عن تجاوزاتهم التي تدخل في نفس السياق بل هو مجرد تكتيك لعدم إحساس القراء والمتتبعين بالملل ولنا عودة في موضوع الملك العمومي من بوابة المقاهي التي أغلقت الرصيف نهائيا وكذا التي حولت أعمدة الكهرباء الإسمنتية إلى أدرع لشاشات البلازما العملاقة دون إغفال الذين إستبدلوا زليج الأرصفة بما راق لهم في إختياراتهم وكأن الشارع ملكهم وحدهم
ختاما وليس أخيرا نتمنى صادقين ألا ينجر المسؤولون ترابيا في سيناريوهات جبر الخواطر على حساب الحقوق المكفولة للساكنة بمقتضيات الدستور أما الشلة النائمة المعنية بتدبير الشأن المحلي فهي غارقة حاليا في تطاحنات داخلية وتسابق نحو تشكيل أقطاب وربما قد تجد في حالة التسيب والسطو على الملك العمومي تقوية لحظية لصفوفها في الإستحقاقات المقبلة مادام شعارهم الخالد "الغاية تبرر الوسيلة "
تحرير
عبد الغني رشيق
لست ربوت