الرباط – «القدس العربي»: في ظل تداعيات انتشار جائحة فيروس كورونا، احتفل العالم ككل سنة في اليوم العالمي لحرية الصحافة، الذي يشكل مناسبة لتقييم أوضاع الصحافة والإعلام في بلدان العالم، بناء على مبادئ ومؤشرات، وفضح كافة أشكال الانتهاكات والمضايقات، التي تطال حرية الصحافة، مع حث الحكومات على حماية الصحافيين وضمان سلامتهم وصيانة استقلالية الإعلام.
وكانت الجمعية العامة للأمم المتحدة، قد اعتمدت هذا اليوم سنة 1993، بناء على توصية اعتمدتها الدورة 26 للمؤتمر العام لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة «اليونيسكو»، استجابة لدعوة الصحافيين الأفارقة، والتي تضمنها «إعلان ويندهوك» بشأن تعددية وسائل الإعلام خلال السنة ذاتها.
وكانت الجمعية العامة للأمم المتحدة، قد اعتمدت هذا اليوم سنة 1993، بناء على توصية اعتمدتها الدورة 26 للمؤتمر العام لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة «اليونيسكو»، استجابة لدعوة الصحافيين الأفارقة، والتي تضمنها «إعلان ويندهوك» بشأن تعددية وسائل الإعلام خلال السنة ذاتها.
« الصحافة بدون خوف أو محاباة»
تحت شعار «الصحافة بدون خوف أو محاباة»، يأتي الاحتفال في هذه الذكرى خلال هذه السنة وسط تدابير استثنائية احترازية فرضها تفشي فيروس كوفيد 19 المستجد، ومنها تقييد حرية التنقل ومتطلبات الحجر الصحي المنزلي. غير أن كل ذلك، لا يمكن في أي شكل من الأشكال أن يستخدم – كما أكدت مفوضية حقوق الإنسان – ذريعة لتقييد الحصول على المعلومات، والحد من حرية التعبير والحق في الانتقاد.
وفي سياق هذا الواقع الجديد، الذي فرضته تداعيات فيروس كورونا، يشكل الإعلام الحر، دعامة أساسية، لمحاربة تفشي جائحة كورونا، ويوفر في المقابل، منصة للتواصل بين الأطباء والخبراء، وتقاسم المعلومات، كما أوضحت مؤخرا مفوضة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان ميشيل باشيليت، التي اعتبرت أن المحافظة على تدفق المعلومات مسألة حيوية في الجهود المبذولة لمحاربة الوباء.
واعتبارا لأهمية التقارير الموثوقة والدقيقة، في ظل الحجر الصحي المنزلي، فإن المفوضة الأممية، لاحظت أن بعض مواقف وتصريحات بعض المسؤولين السياسيين عبر العالم، التي تستهدف الإعلامين «خلقت بيئة معادية لسلامة الصحافيين، وتؤثر على قدراتهم على القيام بعملهم».
بالإضافة الى تأثيرها على الصحة والاقتصاد، كشفت الجائحة – حسب مفوضية حقوق الإنسان- النقاب وترويع الصحافيين المهنيين الذين يشككون في الأرقام والاحصائيات الرسمية خاصة المتعلقة بحالات الإصابات والوفيات بسبب فيروس كورونا.
وقد رصد المعهد الدولي للصحافة، في هذا الصدد 130 انتهاكا مزعوما في حق وسائل الإعلام منذ بداية تفشي فيروس كوفيد 19، واعتقال نحو 40 صحافيا، بسبب نشر تقارير تنتقد تدابير مكافحة كورونا، فضلا عن فرض أكثر من 50 حالة قيود، فرضت على الحصول على المعلومات، مع تسجيل ارتفاع في الرقابة والأخبار الزائفة.
ويشكل تفشي فيروس كورونا في بعض جوانبه – حسب تقارير منظمات دولية – تهديدا إضافيا لحرية الصحافة في العديد من بلدان العالم التي يلجأ بعضها الى فرض رقابة صارمة على طريقة تعامل الإعلام مع موضوع الوباء، وهو ما عكسه بصفة عامة تدني المؤشر السنوي لحرية الصحافة المعتمد من لدن منظمة «صحافيون بلا حدود» في تصنيف مستوى حرية الصحافة على الصعيد العالمي .
غير أن تخليد ذكرى اليوم العالمي لحرية الصحافة، لا يقتصر فقط على فضح الممارسات والضغوطات التي تستهدف الاعلام، بل يشكل مناسبة للإشادة بالأدوار الطلائعية، التي يقوم بها الصحافيون وتثمين مجهوداتهم وتضحياتهم خاصة في مناطق الحروب والنزاعات في سبيل أخبار الرأي العام والدعوة الى الالتزام بشرف وأخلاقيات المهنة.
وفي سياق هذا الواقع الجديد، الذي فرضته تداعيات فيروس كورونا، يشكل الإعلام الحر، دعامة أساسية، لمحاربة تفشي جائحة كورونا، ويوفر في المقابل، منصة للتواصل بين الأطباء والخبراء، وتقاسم المعلومات، كما أوضحت مؤخرا مفوضة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان ميشيل باشيليت، التي اعتبرت أن المحافظة على تدفق المعلومات مسألة حيوية في الجهود المبذولة لمحاربة الوباء.
واعتبارا لأهمية التقارير الموثوقة والدقيقة، في ظل الحجر الصحي المنزلي، فإن المفوضة الأممية، لاحظت أن بعض مواقف وتصريحات بعض المسؤولين السياسيين عبر العالم، التي تستهدف الإعلامين «خلقت بيئة معادية لسلامة الصحافيين، وتؤثر على قدراتهم على القيام بعملهم».
بالإضافة الى تأثيرها على الصحة والاقتصاد، كشفت الجائحة – حسب مفوضية حقوق الإنسان- النقاب وترويع الصحافيين المهنيين الذين يشككون في الأرقام والاحصائيات الرسمية خاصة المتعلقة بحالات الإصابات والوفيات بسبب فيروس كورونا.
وقد رصد المعهد الدولي للصحافة، في هذا الصدد 130 انتهاكا مزعوما في حق وسائل الإعلام منذ بداية تفشي فيروس كوفيد 19، واعتقال نحو 40 صحافيا، بسبب نشر تقارير تنتقد تدابير مكافحة كورونا، فضلا عن فرض أكثر من 50 حالة قيود، فرضت على الحصول على المعلومات، مع تسجيل ارتفاع في الرقابة والأخبار الزائفة.
ويشكل تفشي فيروس كورونا في بعض جوانبه – حسب تقارير منظمات دولية – تهديدا إضافيا لحرية الصحافة في العديد من بلدان العالم التي يلجأ بعضها الى فرض رقابة صارمة على طريقة تعامل الإعلام مع موضوع الوباء، وهو ما عكسه بصفة عامة تدني المؤشر السنوي لحرية الصحافة المعتمد من لدن منظمة «صحافيون بلا حدود» في تصنيف مستوى حرية الصحافة على الصعيد العالمي .
غير أن تخليد ذكرى اليوم العالمي لحرية الصحافة، لا يقتصر فقط على فضح الممارسات والضغوطات التي تستهدف الاعلام، بل يشكل مناسبة للإشادة بالأدوار الطلائعية، التي يقوم بها الصحافيون وتثمين مجهوداتهم وتضحياتهم خاصة في مناطق الحروب والنزاعات في سبيل أخبار الرأي العام والدعوة الى الالتزام بشرف وأخلاقيات المهنة.
مشروع قانون خارج سياق تحديات محاربة كورونا
وعلى المستوى الوطني المغربي، تتزامن هذه الذكرى، مع الجدل الواسع الذي أثارته تسريبات مشروع قانون حكومي مغربي حول شبكات التواصل الاجتماعي وشبكات البث المفتوح والشبكات المماثلة. وقد أجمعت الآراء المعبر عنها على رفض هذا المشروع، الذي اعتبرته يمس بحرية التعبير، ويتناقض مع مقتضيات الدستور والمواثيق والقرارات الدولية حول حرية الإعلام والاتصال.
فعلى مستوى القانون الدولي والاتفاقيات الدولية، فإن هذا المشروع جانب الصواب، حينما أقحم واضعوه اقحاما غير مبرر لمواد لا تتضمنها بالمرة اتفاقية بودابيست لسنة 2001 حول الجريمة الألكترونية التي تستهدف الحواسب الآلية ونظم المعلومات والتي يبدو أن المشروع الحكومى حاول اعطاء الانطباع بأن اعتماده يندرج في إطار الملائمة مع مقتضياتها، وذلك حينما كان بلاغ لمجلس الحكومة، قد ربطه بما أسماه بـ»التدابير القانونية والمؤسساتية لمكافحة الأنماط المستجدة من الجريمة الأليكترونية من قبيل نشر الأخبار الزائفة، وبعض السلوكات الإجرامية الماسة، بشرف واعتبار الأشخاص أو القاصرين، خاصة في مثل هذه الظرفية، التي يعرفها العالم وتعيشها بلدنا والمرتبطة بتفشي فيروس كوفيد 19» على حد منطوق بلاغ الحكومة.
ومن بين المواد المقحمة، والتي أثارت هذا السخط والاستهجان، المادة 14 التي نصت على عقوبة بالحبس من ستة أشهر الى ثلاث سنوات وغرامة من خمسة آلاف درهم الى 50 ألف درهم أو في إحدى العقوبتين فقط على «كل من قام عمدا بالدعوة الى مقاطعة بعض المنتوجات والبضائع والقيام بالتحريض علانية عن ذلك عبر شبكات التواصل الاجتماعي أو شبكات «نيت» المفتوح. وأيضا المادة 15، من المشروع التي نصت على عقوبة بالحبس من ستة أشهر الى ثلاث سنوات وغرامة من ألفين درهم الى 20 ألف درهم تطال فضلا عن كل من قام عمدا بحمل العموم أو تحريضهم على سحب الأموال من مؤسسات الائتمان أو الهيئات المعتبرة في حكمها، من بث محتوى الكترونيا يتضمن خبرا زائفا من شأنه التشكيك في جودة وسلامة بعض المنتوجات والبضائع وتقديمها على أنها تشكل تهديدا أو خطرا على الصحة العامة والأمن البيئي.
هاتان المادتان لم تتضمنهما لا من قريب أو بعيد اتفاقية بودابيست – المشار اليها – التي حددت ثلاثة أنواع، هي جرائم الاعتداء على الأشخاص، وجرائم تطوير ونشر الفيروسات، وجرائم الإضرار في البيانات.
فالجرائم المتعلقة في استخدام الحواسب الآلية ونظم المعلومات – حسب الاتفاقية – تنص على جرائم الاعتداء والتشهير والإضرار في المصالح الخاصة والعامة وجرائم الأموال وهي التي تستهدف في الخصوص، عناصر أمن المعلومات والمرتبطة بالكومبيوتر وتشمل التزوير والاحتيال، والمحتوى (جرائم دعارة الأطفال) والجرائم المرتبطة بحقوق المؤلف والحقوق المجاورة، والمساهمة في الجرمية والعقوبة (الشروع، المساعدة، التحريض، والمسؤولية المعنوية، ومعايير العقاب).
ولطبيعة الظرفية الراهنة، فإن طرح المشروع والسجال حوله، يعد غير ذي معنى، في هذه المرحلة الدقيقة التي تتطلب توحيد الجهود والارتقاء بمستوى التعبئة الوطنية، لمواجهة تحديات تفشي فيروس كورونا، وفتح نقاش جدي يرتفع عن الحسابات الضيقة، مما يجعل من الحكمة والمنطق، مبادرة الحكومة بالتعجيل في سحب هذا المشروع، ليس فقط لما لقيه من معارضة واسعة عبرت في الفضاء الأزرق فعاليات سياسية ومدنية وفئات عريضة من الرأي العام، وإنما لعدم احترامه لمقتضيات المادة 19 من العهد الدولي الخاص في الحقوق المدنية والسياسية، التي تنص على أن لكل إنسان الحق في حرية التعبير، الذي يشمل الحق في حريته في التماس وتلقي ونقل المعلومات والأفكار من جميع الأنواع، دونما اعتبار للحدود، سواء بالقول أو الكتابة أو بالطباعة أو في قالب فني أو في أية وسيلة أخرى يختارها، فضلا عن خرق الفصل 25 من الدستور الذي ينص على أن «حرية الفكر والتعبير مكفولة في كل أشكالها».
فعلى مستوى القانون الدولي والاتفاقيات الدولية، فإن هذا المشروع جانب الصواب، حينما أقحم واضعوه اقحاما غير مبرر لمواد لا تتضمنها بالمرة اتفاقية بودابيست لسنة 2001 حول الجريمة الألكترونية التي تستهدف الحواسب الآلية ونظم المعلومات والتي يبدو أن المشروع الحكومى حاول اعطاء الانطباع بأن اعتماده يندرج في إطار الملائمة مع مقتضياتها، وذلك حينما كان بلاغ لمجلس الحكومة، قد ربطه بما أسماه بـ»التدابير القانونية والمؤسساتية لمكافحة الأنماط المستجدة من الجريمة الأليكترونية من قبيل نشر الأخبار الزائفة، وبعض السلوكات الإجرامية الماسة، بشرف واعتبار الأشخاص أو القاصرين، خاصة في مثل هذه الظرفية، التي يعرفها العالم وتعيشها بلدنا والمرتبطة بتفشي فيروس كوفيد 19» على حد منطوق بلاغ الحكومة.
ومن بين المواد المقحمة، والتي أثارت هذا السخط والاستهجان، المادة 14 التي نصت على عقوبة بالحبس من ستة أشهر الى ثلاث سنوات وغرامة من خمسة آلاف درهم الى 50 ألف درهم أو في إحدى العقوبتين فقط على «كل من قام عمدا بالدعوة الى مقاطعة بعض المنتوجات والبضائع والقيام بالتحريض علانية عن ذلك عبر شبكات التواصل الاجتماعي أو شبكات «نيت» المفتوح. وأيضا المادة 15، من المشروع التي نصت على عقوبة بالحبس من ستة أشهر الى ثلاث سنوات وغرامة من ألفين درهم الى 20 ألف درهم تطال فضلا عن كل من قام عمدا بحمل العموم أو تحريضهم على سحب الأموال من مؤسسات الائتمان أو الهيئات المعتبرة في حكمها، من بث محتوى الكترونيا يتضمن خبرا زائفا من شأنه التشكيك في جودة وسلامة بعض المنتوجات والبضائع وتقديمها على أنها تشكل تهديدا أو خطرا على الصحة العامة والأمن البيئي.
هاتان المادتان لم تتضمنهما لا من قريب أو بعيد اتفاقية بودابيست – المشار اليها – التي حددت ثلاثة أنواع، هي جرائم الاعتداء على الأشخاص، وجرائم تطوير ونشر الفيروسات، وجرائم الإضرار في البيانات.
فالجرائم المتعلقة في استخدام الحواسب الآلية ونظم المعلومات – حسب الاتفاقية – تنص على جرائم الاعتداء والتشهير والإضرار في المصالح الخاصة والعامة وجرائم الأموال وهي التي تستهدف في الخصوص، عناصر أمن المعلومات والمرتبطة بالكومبيوتر وتشمل التزوير والاحتيال، والمحتوى (جرائم دعارة الأطفال) والجرائم المرتبطة بحقوق المؤلف والحقوق المجاورة، والمساهمة في الجرمية والعقوبة (الشروع، المساعدة، التحريض، والمسؤولية المعنوية، ومعايير العقاب).
ولطبيعة الظرفية الراهنة، فإن طرح المشروع والسجال حوله، يعد غير ذي معنى، في هذه المرحلة الدقيقة التي تتطلب توحيد الجهود والارتقاء بمستوى التعبئة الوطنية، لمواجهة تحديات تفشي فيروس كورونا، وفتح نقاش جدي يرتفع عن الحسابات الضيقة، مما يجعل من الحكمة والمنطق، مبادرة الحكومة بالتعجيل في سحب هذا المشروع، ليس فقط لما لقيه من معارضة واسعة عبرت في الفضاء الأزرق فعاليات سياسية ومدنية وفئات عريضة من الرأي العام، وإنما لعدم احترامه لمقتضيات المادة 19 من العهد الدولي الخاص في الحقوق المدنية والسياسية، التي تنص على أن لكل إنسان الحق في حرية التعبير، الذي يشمل الحق في حريته في التماس وتلقي ونقل المعلومات والأفكار من جميع الأنواع، دونما اعتبار للحدود، سواء بالقول أو الكتابة أو بالطباعة أو في قالب فني أو في أية وسيلة أخرى يختارها، فضلا عن خرق الفصل 25 من الدستور الذي ينص على أن «حرية الفكر والتعبير مكفولة في كل أشكالها».
لست ربوت