من ذاكرة مقرات الأحزاب السياسية بابن جرير: منظمة العمل الديمقراطي الشعبي/ (الحزب الاشتراكي الموحد).بقلم عبد الكريم التابي

إعلان الرئيسية

الصفحة الرئيسية من ذاكرة مقرات الأحزاب السياسية بابن جرير: منظمة العمل الديمقراطي الشعبي/ (الحزب الاشتراكي الموحد).بقلم عبد الكريم التابي

من ذاكرة مقرات الأحزاب السياسية بابن جرير: منظمة العمل الديمقراطي الشعبي/ (الحزب الاشتراكي الموحد).بقلم عبد الكريم التابي

ربما تحتوي الصورة على: ‏‏‏سماء‏ و‏نشاطات في أماكن مفتوحة‏‏‏ أن يتوفر اليوم فرع حزبي على مقر، فذلك إنجاز نضالي لا يستهان به. أتحدث عن الأحزاب التي لا تعتمد سوى على مشاهرات مناضليها).
وجود مقر معلوم لحزب سياسي أو ما تبقى من شاهد على ذلك الحزب، لا يعني المكان فقط بالمعنى الفيزيكي، بل هو تاريخ ناطق بأحداث وقرارات وتقديرات واختلافات واحتكاكات، وحميمية وحماسة وفرح وغناء وحلم، وإحباط وتذمر ودسائس ومؤامرات، وصور ولوحات ولافتات ولوائح خشبية وأخرى من الورق المقوى، ووثائق ومسودات وبيانات وبلاغات ومحاضر ومهملات، ونقاش واعتراض ونقط نظام واحتجاج وتحفظ ومقاطعة وامتناع، واستقالة وإقالة وتجميد عضوية وطرد وتزكية لهذا العضو وذاك المرشح وإحجام عن هذا وذاك، وغضب وانسحاب وعودة وعناق، ورحيل وانحراف، وكل هذا وغيره في الحزب الحي النشيط الذي يتساوى فيه الأعضاء في الواجبات والحقوق، وفي الحزب الذي يكون المقر ملكا جماعيا مشتركا للجميع يساهم فيه ذلك الجميع بمشاهرات شهرية تقتطع من قوت الأبناء وهي أوجب واجبات الالتزام الحزبي. أما إذا كان المقر مرتبطا بشخص واحد يتكفل بتسديد كل نفقاته من سومة الكراء إلى فاتورة استهلاك الماء والكهرباء، ففيه زاويتا نظر مختلفتان، وذلك أمر آخر سنعرض له في مقام آخر.
وإذا كان من شيء ميز المشهد الحزبي بابن جرير خلال السبعينيات والثمانينيات والتسعينيات، هو حرص الأحزاب التي كانت تنشط ساعتها، وخاصة منها أحزاب الاستقلال والاتحاد الاشتراكي والطليعة والمنظمة والتقدم والاشتراكية، على أن يكون لها مقر تجتمع فيه هيئاتها المحلية، وتنظم فيه الأنشطة المختلفة، وتقام فيه العروض السياسية والثقافية المغلقة على المناضلين أو المفتوحة على العموم.
ولأن موضوع ذاكرة المقرات، لم يوح إلي به شيطان الذاكرة إلا صبيحة هذا اليوم، فإن ما كان متوفرا بين يدي، هو ذاكرة مقرات حزب عشت فيها وأعرف تفاصيلها وأركانها وسياقاتها وما جرى فيها، ومازال محفوظا في ثقوب جدرانها وحبات غبارها وصدى صراخها أحيانا وعذوبنها ورقتها أحيانا أخرى.
ظهر حزب منظمة العمل الديمقراطي ( بابن جرير) الذي اندمج مع مكونات يسارية أخرى نتج عنها ما يعرف اليوم بالحزب الاشتراكي الموحد الذي تقود أمانته العامة الرفيقة نبيلة منيب، قي بداية صيف سنة 1992، وكان أول مقر شهد على ميلاد هذا الحزب الوليد بابن جرير، هو محل السكنى الذي تعود ملكيته إلى المناضل الاستقلالي السي عبد القادر الحنين والذي يوجد بحي النهضة جوار منازل السي لحسن الوردي وعائلة الدرقاوي (أمين) وعياد الصوابني.
في هذا المقر كان تأسيس الفرع المحلي للمنظمة بحضور الرفيقين بنسالم حبيبي والمرحوم محمد أطلس بلحاج عضوي اللجنة المركزية آنذاك، ومنه انطلق فاعل يساري جديد بالمنطقة بعد أن تم انتخاب لجنة المنطقة في منزل كاتب هذه السطور على رأس كتابتها الرفيق المصطفى مصطلح الذي كان له دور في استئجار المقر بحكم العلاقة التي كانت تربطه بمالكه السي عبد القادر الحنين.
وسيشهد نفس المقر أول نشاط سياسي جماهيري مفتوح أطره الرفيق الشهيد عبد السلام المؤذن بحضور أحد وجوه اليسار الجديد بالمنطقة الفقيد الرفيق محمد الموفق البركة. كما كانت نغمات أوتار العود تنبعث من أنامل الصديق عبد الجليل الحمزاوي وكأنها تشارك المنظمة انطلاقتها.
سيقترن ميلاد الفرع والمقر بقدوم السيد عالي الهمة الذي سيرأس بلدية ابن جرير، وسيكون لقدومه هذا أثر على بعض التقديرات التي توزعت بين أعضاء المنظمة بين متخفظ على أي تعامل معه، وبين من لا يرى مانعا من تقديم الإشارات الإيجابية له، وعلى الرغم من هذا المستجد، فقد حافظ الحزب الوليد على بعض التماسك الهش.
لن يعمر الفرع كثيرا بمنزل السي عبد القادر، وسيرحل إلى محل قرب السوق على مقربة من مقر مجموعة "ولاد" حادة، لم يدم إلا أسابيع معدودة لتعصف به مشاكل ارتبطت بالترشح للانتخابات التشريعية لسنة 1993. ومنه سيشد الفرع الرحال إلى منزل في ملكية آل الموفق عبد الرحيم ومولاي صالح، ويوجد ببلوك كاسطور جوار منزل المرحوم بلقسير وقبالة منزل الأستاذ السي العيادي.
شهد هذا المقر في بداياته الأولى تنظيم أنشطة داخلية وأنشطة مفتوحة من أهمها عرض للرفيق المؤرخ الباحث المصطفى بوعزيز، وعرض آخر للرفيق السابق محمد المريني (العضو الحالي بالمحكمة الدستورية) وعرض ثالث أطره أحمد حرزني السفير المتجول الحالي للمملكة. في ذلك المقر أيضا كانت البدايات الأولى للمفكر سعيد ناشيد الذي كان مستقرا في جزء منه بحكم اشتغاله بإحدى المدارس التابعة لنيابة إقليم القلعة آنذاك، ومنه أصدر أول أعماله ( الإسلام والبديل الحضاري). وفي ذلك المقر، ستعيش المنظمة أقصى وأقسى لحظات التوتر التي انتهت بذلك الانشقاق التراجيدي المؤلم، وستناصر جهة الجماعة المنشقة، وستظل مجموعة قليلة جدا متشبتة بالمنظمة التي كان على رأس أمانتها العامة الرفيق بنسعيد أيت إيدر.
بعد الانشقاق، رحلت العناصر القليلة المتبقية إلى حي افريقيا حيث تم استئجار مقر هناك، استغله فرع الجمعية الوطنية لحملة الشهادات المعطلين لمدة عام كامل أكثر ما استغله الفرع المحلي. وفيه وضعت أسماء المرشحين وتزكيتهم للانتخابات الجماعية، وفيه أيضا تمت تزكية المرشح للانتخابات التشريعية (عبد الجليل معروف).
بعدها تم إخلاء مقر حي افريقيا والانتقال إلى مقر مقابل لصيدلية الوحدة. وفيه وقع حدثان هامان: الأول استقبال الرفيقين المقاومين المنفيين (لحسن زغلول "ولد الكابران" وحسن مرزوق) بعد 35 سنة من الاغتراب القسري في الجزائر، وكان بصحبتهما الرفيق الأمين العام للمنظمة محمد بنسعيد، والمقاوم المرحوم صالح العصامي. والحدث الثاني يتعلق بالاعتصام الشهير الذي خاضه الفرع المحلي للمعطلين قبيل عيد عرش الحسن الثاني سنة 1998 والذي تم فيه إنزال أكبر حشد من القوات العمومية في ذلك الوقت، وكان المعطلون مقيمين في المقر على امتداد عدة شهور. وبإيعاز من السلطة ومساهمة من بعض الرفاق الذين سيغادرون المنظمة بعد ذلك، سيخلى المقر، وسيظل الحزب بدون مأوى إلى حدود سنة 2006، حيث سيلتحق أمين لقمان بابن جرير في إطار الحزب الذي تم توحيده وسمي بالحزب الاشتراكي الموحد) ، وستتم محاولة إعادة إعمار الفرع بتجهيز المقر الموجود في شارع الأمير عبد الله قبالة منزل الصديق عبد الرزاق غفار رئيس نادي شباب ابن جرير لكرة القدم، وستقام فيه بعض الأنشطة، وفيه سيخصص مكتب للجريدة التي سميت ب"أنوال تانسيفت" والتي أصدر منها الفرع عددين من 4000 نسخة وزعت في المغرب جميعه عن طريق شركة "سابريس". وفي المقر أقيم عشاء على شرف الرفيق ابراهيم ياسين بعد تقديمه لعرض سياسي بمجمع الصناعة التقليدية.
بعد قدوم الهمة سنة 2007، ستتحول محاولة إعادة إعمار الفرع المحلي إلى خراب ودمار شاملين مبينين بعد التحاق الأغلبية الساحقة بالوافد القديم/ الجديد، وسيتم إخلاء المقر لصاحبه، ومن تم ظل الفرع بلا مقر إلى اليوم الذي يتحمل فيه جيل شاب مسؤولية قيادة الفرع، وكغيره من فروع أحزاب اليسار، فقد غدا توفير مقر في ظل التحولات العمرانية التي شهدتها "مدينة" ابن جرير مع ما صاحبها من ارتفاع في سومة الكراء منذ قدوم "عاصفة" الجرار، أمرا صعبا على شباب ذوي دخول محدودة جدا.

في المنشور القادم سنلتقي مع ذاكرة مقرات حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية.

التصنيفات:
تعديل المشاركة
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

لست ربوت

Back to top button