الحمد لله وحده والصلاة والسلام الأتمان الأكملان على من لانبي بعده وبعد فهذا الموضوع اصبح مطروحا بكثرة والناس فيه نوعان نوع لايهمه إلا مدى تقدم العلم ونوع يسأل عن مدى هذا التقدم في نظر الشرع ولهذا النوع الأخير جمعت هذا الموضوع المشعب من عدة منتديات اختصرته اختصارا يلم بالفائدة ومن جملة المصادر أيضا التي اعتمدتها " خطب الشيخ محمد حسان " حفظه الله قلت فيما جمعت
( حكم الاستنساخ البشري ) >
ما هو حكم استنساخ البشر ؟ وما هو حكمه من ناحية النسب والزواج والميراث وغيرها من الأحكام الأسرية ؟؟؟
الجواب : ( الحمد لله ، لقد خلق الله الإنسان في أحسن تقويم ، وكرمه غاية التكريم فقال عز من قائل : ( ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلاً ) الإسراء /70 ، زيَّنه بالعقل ، وشرفه بالتكليف ، وجعله خليفة في الأرض واستعمره فيها ، وأكرمه بحمل رسالته التي تنسجم مع فطرته بل هي الفطرة بعينها لقوله تعالى : ( فأقم وجهك للدين حنيفاً فطرت الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله ذلك الدين القيم ) الروم /30 وقد حرص الإسلام على الحفاظ على فطرة الإنسان سوية من خلال المحافظة على المقاصد الكلية الخمسة : الدين والنفس والعقل والنسل والمال ، وصونها من كل تغيير يفسدها ، سواء من حيث السبب أم النتيجة ، يل على ذلك الحديث القدسي الذي أورده القرطبي من رواية القاضي إسماعيل : ( إني خلقت عبادي حنفاء كلهم ، وإن الشياطين أتتهم فاجتالتهم عن دينهم .. إلى قوله : - وأمرتهم أن يغيروا خلقي ) تفسير القرطبي 5/389
وقد علّم الله الإنسان ما لم يكن يعلم ، وأمره بالبحث والنظر والتفكر والتدبر مخاطباً إياه في آيات عديدة : ( أفلا يرون ) ، ( أفلا ينظرون ) ، ( أولم ير الإنسان أنا خلقناه من نطفة ) ( إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون ) ( إن في ذلك لآيات لقوم يعقلون ) ( إن في ذلك لذكرى لأولى الألباب ) ( اقرأ باسم ربك الذي خلق ) .
والإسلام لا يضع حجراً ولا قيداً على حرية البحث العلمي ، إذ هو من باب استكناه سنة الله في خلقه ، ولكن الإسلام يقضي كذلك بأن لا يترك الباب مفتوحاً بدون ضوابط أمام دخول تطبيقات نتائج العلمي إلى الساحة العامة بغير أن تمر على مصفاة الشريعة ، لتمرر المباح وتحجز الحرام ، فلا يسمح بتنفيذ شيء لمجرد أنه قابل للتنفيذ ، بل لا بد أن يكون علماً نافعاً جالباً لمصالح العباد ودارئاً لمفاسدهم ، ولابد أن يحافظ هذا العلم على كرامة الإنسان ومكانته والغاية التي خلقه الله من أجلها ، فلا يتخذ حقلاً للتجريب ، ولا يعتدي على ذاتية الفرد وخصوصيته وتميزه ، ولا يؤدي إلى خلخلة الهيكل الاجتماعي المستقر أو يعصف بأسس القرابات والأنساب وصلات الأرحام والهياكل الأسرية المتعارف عليها على مدى التاريخ الإنساني في ظلال شرع الله وعلى أساس وطيد من أحكامه .وقد كان مما استجد للناس من علم في هذا العصر ، ما ضجت به وسائل الإعلام في العالم كله باسم الاستنساخ ، وكان لابد من بيان حكم الشرع فيه ، بعد عرض تفاصيله من قبل نخبة من خبراء المسلمين وعلمائهم في هذا المجال .
تعريف الاستنساخ :
من المعلوم أن سنة الله في الخلق أن ينشأ المخلوق البشري من اجتماع نطفتين اثنتين تشتمل نواة كل منهما على عدد من الصبغات ( الكروموسومات ) يبلغ نصف عدد الصبغات التي في الخلايا الجسدية للإنسان ، فإذا اتحدت نطفة الأب ( الزوج ) التي تسمى الحيوان المنوي بنطفة الأم ( الزوجة ) التي تسمى البييضة ، تحولتا معاً إلى
2
نطفة أمشاج أو لقيحة ، تشمل على حقيبة وراثية كاملة ، وتمتلك طاقة التكاثر ، فإذا انغرست في رحم الأم تنامت وتكاملت وولدت مخلوقاً مكتملاً بإذن الله ، وهي في مسيرتها تلك تتضاعف فتصير خليتين متماثلتين فأربعاً فثمانياً .. ثم تواصل تضاعفها حتى تبلغ مرحلة تبدأ عندها بالتمايز والتخصص ، فإذا انشطرت إحدى خلايا اللقيحة في مرحلة ما قبل التمايز إلى شطرين متماثلين تولد منهما توأمان متماثلان ، وقد أمكن في الحيوان إجراء فصلٍ اصطناعي لأمثال هذه اللقائح ، فتولدت منها توائم متماثلة ، ولم يبلّغ بعد عن حدوث مثل ذلك في الإنسان ، وقد عد ذلك نوعاً من الاستنساخ أو التنسيل ، لأنه يولد نسخاً أو نسائل متماثلة ، وأطلق عليه اسم الاستنساخ بالتشطير .
وثمة طريقة أخرى لاستنساخ مخلوق كامل ، تقوم على أخذ الحقيبة الوراثية الكامل على شكل نواة من خلية من الخلايا الجسدية ، وإيداعها في خلية بييضة منزوعة النواة ، فتتألف بذلك لقيحة تشتمل على حقيبة وراثية كاملة ، وهي في الوقت نفسه تمتلك طاقة التكاثر ، فإذا غرست في رحم الأم تنامت وتكاملت وولدت مخلوقاً مكتملاً بإذن الله ، وهذا النمط من الاستنساخ الذي يعرف باسم ( النقل النووي ) أو الإحلال النووي للخلية البييضية ) وهو الذي يفهم من كلمة الاستنساخ إذا أطلقت وهو الذي حدث في النعجة " دوللي " . على أن هذا المخلوق الجديد ليس نسخة طبق الأصل ، لأن بييضة الأم المنزوعة النواة تظل مشتملة على بقايا نووية في الجزء الذي يحيط بالنواة المنزوعة . ولهذه البقايا أثر ملحوظ في تحوير الصفات التي ورثت من الخلية الجسدية ، ولم يبلَّغ أيضاً عن حصول ذلك في الإنسان .
فالاستنساخ إذن هو : توليد كائن حي أو أكثر إما بنقل النواة من خلية جسدية إلى بييضة منزوعة النواة ، وإما بتشطير بييضة مخصبة في مرحلة تسبق تمايز الأنسجة والأعضاء .
ولا يخفى أن هذه العمليات وأمثالها لا تمثل خلقاً أو بعض خلق ، قال عز وجل : ( أم جعلوا لله شركاء خلقوا كخلقه فتشابه الخلق عليهم قل الله خالق كل شيء وهو الواحد القهار ) الرعد /16 ، وقال تعالى : ( أفرأيتم ما تمنون ، أأنتم تخلقونه أم نحن الخالقون ، نحن قدرنا بينكم الموت وما نحن بمسبوقين ، على أن نبدل أمثالك وننشأكم في ما لا تعلمون ، ولقد علمتم النشأة الأولى فلولا تذكرون ) الواقعة /58-62 . وقال سبحانه : ( أولم ير الإنسان أنا خلقناه من نطفة فإذا هو خصيم مبين ، وضرب لنا مثلاً ونسي خلقه قال من يحي العظام وهي رميم ، قل يحييها الذي أنشأها أول مرة وهو بكل خلق عليم ، الذي جعل لكم من الشجر الأخضر ناراً فإذا أنتم منه توقدون ، أوليس الذي خلق السماوات والأرض بقادر على أن يخلق مثلهم بلى وهو الخلاق العليم ، إنما أمره إذا أراد شيئاً أن يقول له كن فيكون ) يس /77-82 .
وقال تعالى : ( ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين ، ثم جعلناه نطفة في قرار مكين ، ثم خلقنا النطفة علقة فخلقنا العلقة مضغة فخلقنا المضغة عظاماً فكسونا العظام لحماً ثم أنشأناه خلقاً آخر فتبارك الله أحسن الخالقين ) المؤمنون /12-14 .
وبناء على ما سبق من البحوث والمناقشات الشرعية التي طرحت :
قرر المجلس ما يلي : 3
أولاً : تحريم الاستنساخ البشري بطريقتيه المذكورتين أو بأي طريقة أخرى تؤدي إلى التكاثر البشري .
ثانياً : إذا حصل تجاوز للحكم الشرعي السابق فإن آثار تلك الحالات تعرض لبيان أحكامها الشرعية .
ثالثاً : تحريم كل الحالات التي يقحم فيها طرف ثالث على العلاقة الزوجية سواء أكان رحماً أو بييضة أم حيواناً منوياً أم خلية جسدية للاستنساخ .
رابعاً : يجوز شرعاً الأخذ بتقنيات الاستنساخ والهندسة الوراثية في مجالات الجراثيم وسائر الأحياء الدقيقة والنبات و الحيوان في حدود الضوابط الشرعية بما يحقق المصالح ويدرأ المفاسد ) ( مجمع الفقه الإسلامي ص 216-220. (http://www.islam-qa.com/)
هل خلقوا نعجة بالفعل؟
اصطاد العلمانيون في الماء العكر، وخرجوا علينا بكلمات خبيثة، خرج علينا من يقول: انتهت أسطورة الأمومة!!! وخرج علينا من يقول: لم تعد هناك حاجة لدور ملُحٍّ للرجل!!! وخرج علينا من يقول: لقد آن الأوان للعذراء التي لم تتزوج أن تختار طفلاً بالصفات الوراثية التي تشاء! دون الزواج بأي رجل على وجه الأرض!!! وخرج علينا من العلمانيين من يقول: لقد أحدثت النعجة (دوللي) انقلاباً في كل الموازين والمقاييس!!! اسمع! انقلاباً في كل المقاييس والموازين البيولوجية والأخلاقية والدينية، منذ أن خرجت إلى النور في يوليو الماضي، فجعلت الإنسان في حَيْص بَيْص، هكذا يقول: فجعلت الإنسان في حيص بيص؛ وذلك لسبب واحد وهو: أنها ولدت بدون أب!! ونسي العالم المجنون المخدوع أن الله خلق عيسى بدون أب! وخلق آدم بدون أم وأب! وصار العالم والعلمانيون يطبلون ويزمرون: انتهى عالم الشرع والدين، وليس هناك مجال للخطباء الذين يصرخون على المنابر أن يتكلموا بعد اليوم، لماذا؟! لقد خلق العلماء نعجة!! كذب وخداع، فما الذي حدث؟ ركزوا معي جيداً لتقفوا على حقيقة ما حدث، وليمتلئ قلبك الآن بعظمة الملك، وجلال الملك، وقدرة الملك جل جلاله.
كل ما حدث أنهم أخذوا خلية -وركز معي جيداً، فلن أسمح لك أن تنصرف إلا بعد أن تسمع الموضوع بكاملة وإلا فوالله لا عذر لك إن اختل الإيمان في قلبك من كلام العلمانيين -وهذه الخلية الحية أخذوها من ثدي نعجة- ومنطقة الثدي تسمى: ((active area)) أي: منطقة نشطة، وهذه الخلية الحيوانية تحتوى على اثنين وخمسين كروموسوماً، والكروموسوم: هو الذي يحمل الصفات الوراثية كلها، وهذه الخلية لا يمكن على الإطلاق أن تتكون إلا إذا التقى الحيوان المنوي بالبويضة، فإذا خصبت البويضة بالحيوان المنوي وتجمعت الكروموسومات من الحيوان المنوي ومن البويضة تكونت الخلية، والحيوان المنوي يحتوي على ستة وعشرين كروموسوماً في الشواذ، والنواة في البويضة تحتوي على ستة وعشرين كروموسوماً، فإذا ما اجتمع هذا العدد في الحيوان المنوي مع هذا العدد في نواة
4
البويضة وخصبت البويضة، تكونت الخلية التي تحتوي على (52) كروموسوماً، هذا في الحيوان.
أما الخلية في الإنسان: فإنها تتكون من ستة وأربعين كروموسوماً، (23) كروموسوماً في الحيوان المنوي للرجل، و(23) كروموسوماً في بويضة المرأة، فإذا لقح الحيوان المنوي البويضة تجمعت كل هذه الأعداد من الكروموسومات التي تحمل كل الصفات الوراثية في الحيوان أو في الإنسان، ماذا صنع هذا الفريق العلمي في أسكتلندا؟ أخذوا خلية من نعجة تتكون من (52) كروموسوماً، ثم في المرحلة الثانية: أخذوا بويضة من نعجة ثانية، وهذه البويضة لم تخصب بحيوان منويّ أي أنها: تحتوي على (26) كروموسوماً فقط، واستطاعوا بإبرة دقيقة تصنع بالكمبيوتر أن يأخذوا حمض الـ: (DN
الجواب) الذي يحمل كروموسومات هذه البويضة، فأصبحت البويضة بسائلها فقط دون حمض الـ: (DNالجواب) أي: بدون الكروموسومات، ووضعوا الخلية الأولى التي جاءوا بها من النعجة الأولى إلى جوار البويضة التي حصلوا عليها من النعجة الثانية، وعن طريق الحث الكهربائي اندمجت الخلية في هذه البويضة، وبعد ستة أيام نقلوا البويضة التي وضعوا بداخلها الخلية -التي تحتوي على جميع الصفات- إلى النعجة الثالثة، وبدأ الحمل يسير في رحم النعجة الثالثة حتى وضعت النعجة نعجة تشابه النعجة الأم، أي: التي أخذوا منها الخلية الأولى.هذا هو كل ما حدث في الاستنساخ.
الرد على من يظن أن البشر خلقوا نعجة
أقول بعد هذا البيان: هل يدعي عاقل يحترم نفسه ويحترم عقله أنهم خلقوا نعجة؟!! إن الخلق إيجاد من عدم، وليس تركيب مكونات هي أصلاً من خلق الملك.
وأنا أتحدى أمام هذا الجمع أن يخلق علماء الهندسة الوراثية حيواناً منوياً واحداً، أو أن يخلقوا بويضة، أو أن يخلقوا خلية.لماذا ذهبتم إلى الخلية -التي هي أصلاً من خلق الملك- فأخذتموها وأجريتم عليها التجارب؟!! لماذا لم توفروا على أنفسكم هذا الجهد الهائل، وهذه المليارات الطائلة، وتخلقوا خلية من أول الأمر تحمل الصفات الوراثية التي تريدونها؟!! فالخلية خلق مَنْ؟! والحيوان المنوي خلق مَنْ؟! والبويضة خلق مَنْ؟! { ذَلِكُمُ اللَّهُ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ } [الأنعام:95]، وأنا أتحدى علماء الهندسة الوراثية على وجه الأرض وأقول لهم: أيهما أيسر: أن نستنسخ إنساناً جديداً أم أن نبقي حياة إنسان يعيش بيننا؟!
الجواب
أن نبقي حياة إنسان يعيش بيننا، فلا نحتاج إلى نواة ولا إلى خلية ولا إلى تجارب ولا إلى سنوات ولا إلى مليارات.نتحدى الدنيا وعلماء الهندسة الوراثية في أمريكا وبريطانيا وأسكتلندا وإيطاليا والصين وفى كل الأرض نتحداهم أن يخلدوا ( بيل كلينتون ) أو ( جون ميجور ) أو ( نتنياهو )، نتحدى العالم كله.{ وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِينْ مِتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ * كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ } [الأنبياء:34-35].
اسمع أيها الموحد لربك؛ ليمتلئ قلبك إيماناً بالله، اسمع لقول الله: { يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَابًا وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ } هل تصدقون الله؟! هذا كلام ربنا، { لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَابًا وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئًا لا يَسْتَنقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ * مَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ } [الحج:73-74].
السؤال
أريد أن أعرف الرأي الديني في عمليه الاستنساخ ؟ وبعض المعلومات العلمية
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد ثارت ضجة كبيرة في الآونة الأخيرة عندما طلع علينا علماء الأحياء فقالوا إنهم استطاعوا أن يخلقوا (يستنسخوا) شاة من شاة أخرى وأن الطريق أصبح مهيئا لاستنساخ البشر حسب الطلب. وحقيقة الأمر أن علماء الأحياء عبثوا ببويضة ملقحة وانتزعوا منها النواة وحقنوها بخلية حية من شاة أخرى، فظنوا أن الخلية الحية انقسمت ونشأ الجنين منها وتخلقت الشاة من هذه الخلية. والذي حدث هو الآتي. -الحصول على بويضة من شاة واستخرجت منها النواة -الحصول على خلية أخرى عادية من شاة واستخرجت منها النواة -وضع نواة الخلية العادية في البويضة -وضع البويضة في رحم الأم فتم تكاثرها إلى أن أنجبت الأم شاة. وتمت هذه العملية بعد إجراء أكثر من ثلاثمائة عملية دمج للحمض النووي المأخوذ من خلايا ضرع مع بويضات مخصبة من نعاج وكلها قد فشلت وربما أنتجت مسوخاً لم يعلن عنها. يقول الدكتور عبد الخالق محمد: إن استنساخ خلايا آدمية بالغة باستخدام التقنية آنفة الذكر لا يزال مستحيلا والمحاولات التي أجريت كلها باءت بالفشل وهي في مهدها والمحاولات القليلة التي نجحت كانت نتيجتها مخلوقات بالغة التشويه. وهناك طريق آخر للاستنساخ غير الطريق السالفة: وهي طريق التوائم وذلك أن الإنسان في البداية خلية واحدة تنقسم إلى خليتين ثم إلى أربع وقد تمكن العلماء من فصل الخلية التي نتجت عن انقسام الخلية الأم إلى اثنين وعزلهما إلى آخر هذه العملية التي بآت بالفشل أيضاً. وهذا العبث في الأجنة بالطريقتين ليس خلقا ولا استحداثاً للإنسان أو الحيوان ولن يكون شأن الإنسان شأن النبات يتكاثر بجزء من أعضائه أو نسيجه أو براعمه لأن شأن الحيوان شأن آخر. وعندما يشاء الله فإن البويضة الملقحة وحدها هي التي تنقسم فيها الخلايا إلى مجموعات عاملة كل مجموعة تعرف طريقها ومكانها وهذا التحول إنما هو من صنع الله تعالى: (هو الذي يصوركم في الأرحام كيف يشاء ) [آل عمرآن: 6]وهو تعالى الذي يتقل
بالخلق من طور إلى طور قال تعالى: ( ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين ثم جعلناه نطفة في قرار مكين ثم خلقنا النطفة علقة فخلقن العلقة مضغة فخلقنا المضغة عظاماً فكسونا العظام لحماً ثم أنشأناه خلقاً آخر فتبارك الله أحسن الخالقين) [المؤمنون:12/14] وهذا السعي الحثيث لخلق الإنسان والحيوان من غير الطريق الذي وضعه الله تعالى سعي قديم عبثي إفسادي وهو نتاج للمعتقد المدون في التوراة المحرفة مأخوذ عن كفار الرمان الأقدمين الذي يقول: إن صراعاً بين الإنسان والإله منذ القدم وإن الإله قهر الإنسان لأنه حاز العلم وأن الإنسان استطاع أن يسرق شعلة المعرفة من الإله وبذلك أصبح كإلاله عارفاً الخير والشر. ولن يستطيعوا أن يخلقوا نوعاً جديداً فهو مستحيل لأنه ليس من اختصاص البشر بل محاولة الاستغناء بالذكر عن الأنثى والأنثى عن الذكر لن يكون . ( فمن أظلم ممن افترى على الله كذباً ليضل الناس بغير علم إن الله لا يهدي القوم الظالمين) [الأنعام: ٍ144] ولن يخلقوا نوعاً جديداً من النباتات ولا الفاكهة، فقد حاول بعض الباحثين في علم النباتات الخلط بين جينات البطاطس والطماطم فأخرجوا ثمرة سامة. إنه العبث والفساد. قال تعالى : ( أأنتم تخلقونه أم نحن الخالقون ) [الواقعة:59]( أأنتم تزرعونه أم نحن الزارعون) [الواقعة:64] إن العبث بخلق الإنسان جريمة كبرى لن تبوء إلا بالفشل والخسران. والعلم عند الله.المفتي: مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقي
حكم الاستنساخ البشري
((أولاً: عن جواز أصل العملية أو عدمه شرعاً لو تم تخليق إنسان بهذه الطريقة؟ وبأية شروط لو كانت؟))
ج1/ الظاهر إباحة إنتاج الكائن الحي بهذه الطريقة أو غيرها مما يرجع إلى استخدام نواميس الكون التي أودعها الله تعالى فيه والتي يكون في استكشافها المزيد من معرفة آيات الله تعالى وعظيم قدرته ودقة صنعته، استزادة في تثبيت الحجة وتنبيهاً عل صدق الدعوة، كما قال عزّ من قال : (سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق أو لم يكف بربك أنه على كل شيء شهيد).
ولا يحرم من ذلك إلا ما كان عن طريق الزنى، ويلحق به على الأحوط وجوباً تلقيح بويضة المرأة بحيمن الرجل الأجنبي تلقيحاً صناعياً خارج الرحم، بحيث ينتسب الكائن الحي لأبوين أجنبيين ليس بينهما سبب محلل للنكاح.
أمّا ما عدا ذلك فلا يحرم في نفسه، إلا أن يقارن أمراً محرماً كالنظر لما يحرم النظرإليه، ولمس ما يحرم لمسه، فيحرم ذلك الأمر.
وقد سبق أن وَرَدنا استفتاء حول هذا الموضوع من بعض الاخوة الذين يعيشون في بريطانيا، عند قيام الضجة الإعلامية العالمية حوله بين مؤيد ومعارض، وقد أُشير فيه لبعض الأمور التي سبقت كمحاذير يتوهم منها التحريم وهي:
1 ـ إنتاج الكائن الحي خارج نطاق الأسرة:
ولم يتضح الوجه في التحريم من أجل ذلك، حيث لا دليل في الشريعة على حصر مسار الإنسان في انتاجه بسلوكه الطرق الطبيعية المألوفة، بل رقي الإنسان إنما هو باستحداث الطرق الأُخرى واستخدام نواميس الكون المودعة فيه التي يطلعه الله عليها بالبحث والاجتهاد، والاستزاده في طرق المعرفة، كما لادليل على حصر انتاج الانسان وفي ضمن نطاق الأسرة، ولا سيما بعد خلق الإنسان الأول من طين، ثم خلق نبي الله عيسى (عليه السلام) من غير أب، وخلق ناقة صالح وفصيلها على نحو ذلك كما تضمنته الروايات.
2 ـ إن هذه العملية تسبب مشاكل أخلاقية كبيرة، إذ من الممكن أن يستخدمها المجرمون للهروب من العدالة.
وهذا كسابقه لا يقتضي التحريم، فإن الإجرام وإن كان محرماً إلا أن فعل ما قد يستغله المجرم ليس محرماً، وما أكثر ما يقوم العالم اليوم بإنتاج وسائل يستخدمها المجرمون وتنفعهم هذه العملية، ولم يحطر ببال أحد تحريمها.
وربما كان انتفاع المجرمين بمثل عملية التجميل أكثر من انتفاعهم بهذه العملية، فهل تحرم عملية التجميل لذلك؟!
وفي الحقيقة أن ترتب النتائج الحسنة أو السيئة على مستجدات الحضارة المعاصرة تابع للمجتمع الذي نعيش فيه ويستغلها، فإذا كان مجتمعاً مادياً حيوانياً كانت النتائج إجرامية مريعة، كما نلمسه اليوم في نتائج كثير من هذه المستجدات في المجتمعات المتحضرة المعاصرة.
3 ـ إن نجاح هذه العملية قد تسبقه تجارب فاشلة تفسد فيها البويضة قبل أن تنتج الكائن الحي المطلوب.
فإن كان المراد بذلك أن إنتاج الكائن الحي لما كان معرضاً للفشل كان محرماً لأنه يستتبع قتل البويضة المهيأة لها وهو محرم كإسقاط الجنين.
فالجواب: إن المحرم عملية قتل الكائن الحي المحترم الدم، أو قتل البويضة الملقحة التي هي في الطريق إلى الحياة، وذلك بمثل تعمدالإسقاط، وليس المحرم على المكلف عملية إنتاج كائن حي يموت قبل إن يستكمل شروط الحياة من دون أن يكون له يد في موته.
فيجوز للإنسان أن يتصل بزوجته جنسياً إذا كانت مهيأة للحمل، وإن كان الحمل معرضاً للسقوط نتيجة عدم استكمال شروط الحياة له، بسبب قصور الحيمن أو البويضة، أو عدم تهيؤ الظرف المناسب لاستكمال الجنين نموه وكسبه للحياة.
وعلى كل حال لا نرى مانعاً من العملية المذكورة، إلا أن تتوقف على محرم كالنظر لما يحرم النظر إليه ولمس ما يحرم لمسه وغير ذلك
حكم الإستنساخ من الناحية الشرعية في غير الإنسان :
الإستنساخ من النّاحية العلميّة النظريّة و التطبيقيّة لا نجد له معارضا شرعيّا في أيّ نصّ من نصوص الشريعة الإسلاميّة ما دام ذلك يتعلّق بمصلحة الإنسان ذاته أو بمصلحة غيره ، و بما يحقّق المصلحة العامّة و الخاصّة لكلّ البشر ، و بما لا يغيّر من خلق الله سبحانه و تعالى في منهج سير الحياة طبقا للنواميس الطبيعيّة التي أرادها الله سبحانه لتحقيق الخير للبشرية جمعاء..
و لاستمرار الخلافة البشرية في عمارة هذا الكون إلى أن يشاء الله ؛ و ذلك لأنّ كلّ ما في هذا الكون المخلوق إنّما هو مسخّر لخدمة الإنسان.
وقد خلقه الله تعالى لهذا الغرض ، و يدلّ على ذلك قول الله تبارك و تعالى :
﴿ و سخّر لكم ما في السماوات و ما في الأرض جميعا منه ﴾
الجاثية: 13.
و آيات كثيرة تتحدث عن تسخير هذا الكون للإنسان .
و ما دام الإنسان يعمل فيما استُخلف فيه في حدود هذا الاستخلاف الشرعيّ ، و يتصرّف فيما ملك فيه في حدود هذا الإذن الذي ورد في قوله تعالى :
﴿ هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعا منه ﴾
سورة البقرة : 29.
فإنّ عمله مشروع و تصرّفه صحيح بشرط أن يحافظ على الأمانة التي كُلّف بحملها .
و على ذلك ، فلا قيد على حريّة العلماء و الباحثين في مجال الهندسة الوراثية و الاستنساخ في النبات و الحيوان بما فيه مصلحة البشرية ، و بما لا يؤثر بالسلب على التوازن المنشود الذي خلقه الله تعالى ، و أراد للحياة به أن تستقيم بمنهج سليم ليحيا عليها ، و يعيش كلّ خلق الله أجمعين و برحمته و عطفه آمنين.
و في جميع الأحوال لا بدّ أن تُراعى قواعد الرأفة و الرحمة بالحيوان ، و قواعد الحكمة في هذه التجارِب لصالح البشريّة .
الاستنساخ البشريّ وأحكامه الطبيّة و العمليّة في الشريعة الإسلاميّة : د. نصر فريد..ص 8-10.
لقد خلق الله تعالى الانسان في أحسن تقويم، و كرّمه غاية التكريم ..زيّنه بالعقل ، و شرّفه بالتكليف ، و جعله خليفة في الأرض ..
علّمه ما لم يكن يعلم ، و أمره بالبحث و النظر ..
و الإسلام لا يضع قيدا على البحث العلمي ..و لكنّ الإسلام كذلك لا يترك الباب مفتوحا بدون ضوابط أمام دخول تطبيقات نتائج البحث العلمي على الساحة العامة بغير أن تمرّ على مصفاة الشريعة : فتمرّر المباح ، و تحجز الحرام.
فلا يسمح بتطبيق شيء لمجرد أنه قابل للتنفيذ : بل لا بد أن يكون علما نافعا جالبا لمصالح العباد ، دارئا لمفاسدهم ، و لا بد أن يحفظ هذا العلم كرامة الإنسان ، و مكانته و الغاية التي خلقه الله من أجلها ..فلا يُتَّخذ مجالا للتجريب ، و لا يعتدي على ذاتية الفرد و تميّزه .
.................................................. .........................................
فما هو الاستنساخ ؟
الاستنساخ: عبارة عن أخذ خليّة جسديّة من كائن حيٍّ تحتوي على كافة المعلومات الوراثيّة وزرعها في بويضة مفرّغة من مورثاتها، ليأتي الجنين مطابقاً تماماً في كلّ شيء للأصل،( وهو الكائن الأوّل الذي اُخذت منه الخليّة). وبالتعبير العلمي: إنّ هذا الكائن الجديد قد تمّ تغيير حامضه النووي في البويضة بعد انتزاع الحامض النووي من
الكائن الأصلي وزراعته (في طريقة مختبريّة) في البويضة التي أنتجت الكائن الجديد.
وأصل الفكرة بدأت في ألمانيا في العقد الثالث من القرن العشرين ; يوم قرّر الحزب النازي بقيادة هتلر خلق عرق متميّز، لكنّ التقنية المتوفرة آنذاك خذلته.
ثمّ جاءت نقطة التحوّل عام (1960 م) يوم استطاع العلماء استنساخ النباتات. وفي عام (1993 م) تمكّن علماء أميركيون من استنساخ توأم من بويضة، لكنّ كلّ واحد من التوأم هذا لم ينمُ إلاّ لحدود (38) خليّة فقط
قبل أن يموت الجنينان الصغيران.
وفي عام (1995 م) تمكّن العلماء اليابانيون في دمج خليّة جنينيّة مع خليّة جسديّة عن طريق تيّار كهربائي ليحصلوا لأوّل مرّة في تاريخ الإنسان على نسل لم يتم بالمعاشرة الجنسيّة (أي عن طريق تلقيح البويضة بالحيوانات المنوية ) وقبل عامين من العام (1997) تمكّن الأميركيون في ولاية تكساس من استنساخ (40) عجلاً عن طريق دمج خليّة جنينيّة وبويضة، وهذا الاُسلوب أقلّ أهميّة من الاُسلوب الياباني، أو اُسلوب البروفسور(بات ويلموث) في أدنيرة الذي أنتج (النعجة دولي) مع خبراء من معهد روزلين في مدينة أدنيرة البريطانيّة.
حيث كان ذلك في السابع والعشرين من شهر شباط لعام 1997 م حيث نشرت مجلة -(Nature) أي الطبيعة- ذات المستوى العلمي الرفيع تقريرا علميا لفريق بحث سكوتلندي يعلن عن ولادة أول كائن حي من الثديات (الحيوانات اللبونة) بالإستنساخ كما أن المجلة خصصت غلافها لصورة هذا الكائن الذي هو نعجة اسكتلندية أطلق عليها الفريق العلمي اسم (دوللي) -وسيمر الحديث عنها بالتفصيل إن شاء الله-
وما إن التقطت وسائل الإعلام هذا النبأ العلمي حتى اهتز العالم بأكمله تقريبا ، آلاف المصورين والصحف والمجلات الإعلامية والعلمية والإذاعات المرئية والمسموعة كلها سابقت للحديث عن دوللي ، رؤساء دول وحكومات عديدة طلبوا من لجانهم العلمية تقارير مستعجلة عن هذا الحدث .
عدد كبير من الباحثين المرموقين عالميا في فروع البيولوجيا (علم الأحياء) ،عقدوا مؤتمرات صحفية أوتحدثوا لوسائل الإعلام عن وجهات نظرهم في الإستنساخ حاضرا ومستقبلا ، وعوضا عن أن يعالج الإعلام حاضر الحدث كتجربة وظاهرة, ، ركز بشدة على إمكان استنساخ الإنسان وما رافق ذلك من تصورات وفرضيات ، وضع بعضها مصير البشرية على كف بيولوجيا الإستنساخ من باحثين وأدوت وطرائق ،ولقداستثار هذا الرعب الخفي هلعا حقيقيا كامنا دفع ببرلمان النرويج مثلا أن يقترع (دون طويل انتظار ) على قانون يحرم الإستنساخ البشري وكذلك (استنساخ الكائنات الحية الراقية ) بأغلبية (88)صوت مقابل (صوتين)
فقط عارضا هذا القانون ، كما إن البرلمان الأوربي في مدينة ستراسبورغ (ويضم أعضاء منتخبين يمثلون دول الإتحاد الأوربي الخمس عشرة) طلب إلى دوله سن قوانين تحريم الإستنساخ البشري0
فما هي حقيقة الأمر ؟ هل إن استنساخ دوللي يمثل فعلا ثورة علمية كبرى ستترك آثارا عميقة في تطور البشرية ، أم أن الفكر البشري أصبح سطحيا إلى درجة تهزه فيها وسائل الإعلام المعاصر بحيث تجعله يفقد توازنه ولو إلى حين- ؟
استنساخ النعجة دوللي
لقد كانت النعجة دوللي أول كائن حي ثدي أو( حتى فقاري )تم استنساخه بدءا من نواة خلية ضرعية (يعتقد) أنها خلية متمايزة (أي تقوم بوظيفة معينة إفرازية –هنا- بسبب تراكم بروتينات التمايز فيها كونها موجودة في طور النمو أي خرجت من الدورة الخلوية .
إن الفريق الاسكتلندي استنسخ في العام الذي سبق عام استنساخ دوللي (1996م) ولكن الاستنساخ كان عن طريق نواة أخذت من خلايا القرص الجنيني لمرحلة الأريمة (مباشرة قبل وصول الجنين إلى الرحم ،ويكون عمره في هذه المرحلة ستة أيام ) بعد زرعها في الزجاج وتكوين خط خلوي ثابت من هذه الخلايا الجنينية كلية القدرة أو كلية الإمكان فاستنسخ نعجتين هما ( موراغ و ميغان ) وهذه التجربة هي التي هيأت لاستنساخ دوللي في العام التالي .
في الحقيقة نستطيع القول بأنه إذا ما تأكدت صحة تجربة دوللي فسيصبح بالإمكان إلغاء دور الذكر في هذا النمط من التوالد اللاجنسي ، ومع أن الاستنساخ يقتصرحاليا ووفقا لهذه التقنية على الإناث (لأن الخلية أتت من ضرع نعجة في الثلث الثالث من الحمل ) فإن فريق معهد روزلين لا يشك بأنه بلإمكان استنساخ ذكور من خلايا أخذت من ذكر بالغ ، ولكن لا يمكن بأي حال من الأحوال ، الاستغناء عن الأنثى ، ذلك أنها تزود الخلية البيضية والرحم للحمل ، ولكن يحتمل الاستغناء عن مرحلة الاغتراس المؤقت في بوق مغلق النهايتين بسبب التقدم السريع الذي تحققه تقنية زرع الأجنة في الزجاج . وبديهي أن زرع الخلايا الجسدية للبالغ يتيح استنساخ عشرات آلاف الأفراد ، علما بأن تفاوت تراكيز المواد البسيطة التي تدخل في تركيب وسط الزرع ، قد يكون له دور ما في التأثير (تنشيطا أو تثبيطا ) على الحالة الفيزيائية الكيميائية ( بما في ذلك البنية الفراغية ثلاثية البعد للجزيئات الكبريتية والبروتينات والحموض النووية خاصة ، كما ويجب الأخذ بعين الاعتبار تأثير اختلاف بعض أنواع المواد من وسط زرع إلى وسط آخر )
يمكن البرهان في جمل جينية معينة على أن اختلاف تركيز الغلوكوز يتحكم في المصير التمايزي للخلية ، بحيث تعطي نمطين خلويين متبايني الوظيفة .
ومهما يكن من أمر فإن ولادة دوللي وقبلها موراغ وميغان تعد حدثا علميا ذا أهمية كبيرة ومع أن نسبة نجاح تجارب عام 1997م كانت متدنية أيضا
- أربع نعاج من أصل 385 تجربة اندماج لخلايا من القرص الجنيني لجنين عمره تسعة أيام النسبة المئوية تساوي 0.9
ونعجتان من أصل 172 تجربة اندماج لخلايا الأرومة الليفية من جنين عمره 26 يوم النسبة المئوية 1.6 ودوللي من أصل 277 تجربة اندماج خلايا ضرعية النسبة المئوية تساوي 0.36 -
فإن الانعكاسات العلمية والاقتصادية (إذا ما أمكن تكرار تجربة دوللي بمخابر أخرى) ستكون بعيدة المدى .
حكم الاستنساخ من الناحية الشرعية :
إن قضية الاستنساخ قضية كبيرة، وعمل علمي مبهر، أنهى الاعتقاد الذي كان موجوداً بأنه لا يمكن أن تحمل الأنثى إلا بتخصيب بيضتها بحيوان منوي من الذكر، فقد أصبح الآن من السهل الاستغناء عن الحيوان المنوي عند الذكر، وتقوم بعمله نواة من خلية غير حيوان منوي توضع في البييضة بدلاً من النواة المنزوعة منها، سواء أكانت هذه الخلية من أنثى أخرى غير الأنثى صاحبة البييضة، أم الأنثى نفسها صاحبة البييضة، أو كانت النواة التي ستوضع في البييضة من خلية من خلايا ذكر ليست حيواناً منوياً. وسماه العلماء استنساخاً، لأن المولود سيكون طبق للأصل الذي أخذت من خليته (النواة التي زرعت في البييضة بدلاً من نواتها المنزوعة)، فإذا كانت النواة الموضوعة أخذت من أنثى فسيكون المولود أنثى طبقاً للأنثى صاحبة النواة المستجلبة بكل صفاتها الوراثية، وإذا كانت النواة التي زرعت أخذت من ذكر فسيكون المولود ذكراً طبقاً للذكر صاحب النواة المستجلبة أيضاً بكل صفاته الوراثية. وهناك صورة أخرى للاستنساخ البشري لم يستغن العلماء فيها عن دور الحيوان المنوي كما في ولادة النعجة دوللي ، بل هي محاولة لولادة أكثر من مولود يشتركان أو يشتركون في نفس الصفات الوراثية كالتوائم، ذلك عن طريق تخصيب البييضة بالحيوان المنوي في طبق خارج الرحم،
فيتبين مما ذكرناه أن الاستنساخ يمكن أن يتخذ أربع صور، ونحدد الصور الأربع مرة ثانية فيما يأتي: الصورة الأولى: أن تكون النواة الموضوعة بدلاً من النواة المنزوعة من بييضة الأنثى هي نواة من خلية أنثى غيرها. الصورة الثانية: أن تكون النواة الموضوعة هي نواة من خلية الأنثى نفسها.
الصورة الثالثة: أن تكون النواة الموضوعة هي نواة من خلية ذكر.
الصورة الرابعة: يتم في المعمل تخصيب البييضة بالحيوان المنوي.
ونبين الحكم الشرعي في هذه الصور الأربع، بحسب ما يغلب علىالظن، وهو رأي قابل للصواب والخطأ،وذلك كما قال الشافعي رضي الله عنه( رأيي صواب يحتمل الخطأ ورأي غيري خطأ يحتمل الصواب) ، وكما قال أبو حنيفة رضي الله عنه)علمنا هذا رأي، وهو أحسن ما قدرنا عليه، فمن أتانا بخير منه قبلناه).
الصورة الأولى: أن تكون النواة الموضوعة في بييضة الأنثى من خلية أنثى أخرى ولا نرى إباحتها، بل هي حرام للأدلة الآتية: الدليل الأول: القياس ، من المعلوم أن القياس هو أحد مصادر التشريع في الإسلام، وهو المصدر الرابع في الترتيب بعد القرآن، والسنة، والإجماع. ومعنى القياس : إثبات مثل حكم معلوم في معلوم آخر لاشتراكهما في علة الحكم عند المثبت ، والقياس يؤدي إلى تحريم الصورة الأولى من صور الاستنساخ، وهي الاستنساخ عن طريق أخذ نواة من خلية أنثى لتوضع في بييضة أنثى بعد نزع نواتها ثم الزرع النهائي في الرحم. ولتوضيح القياس هنا، أنه من المعلوم أن الاستمتاع الجنسي بين أفراد النوع الواحد لا يجوز شرعاً. فقد حرمت الشريعة الاستمتاع الجنسي بين الأنثى والأنثى، وهو ما يعرف بالسحاق، وحرمت الاستمتاع الجنسي بين الذكر والذكر وهو ما يعرف باللواط. فبالقياس على هذا نقول: لا يجوز الإنجاب عن طريق نواة من خلية أنثى موضوعة في بييضة أنثى غيرها، لأنه إذا كان مجرد الاستمتاع الجنسي بين أفراد النوع الواحد حراماً، فإن الإنجاب بين أفراد النوع الواحد يكون حراماً من باب أولى. ومما يوضح ذلك ويؤكده أن من المعروف أن الاستمتاع الجنسي بين الرجل ومحارمه حرام شرعاً، كأمه، وخالته، وعمته، وبنته، فهل من المتصور أن يكون الإنجاب حلالاً من إحدى المحارم؟! إن الإنجاب بالتأكيد يأخذ حكم الأولولية في التحريم. الدليل الثاني: سد الذرائع وهي قاعدة أصولية معروفة في علم أصول الفقه الإسلامي، ومعناها منع الوسائل التي يمكن أن يتوصل بها إلى أمر محرم في غالب الأحوال، وإن كانت نفس الوسائل حلالاً، والأخذ بمبدأ ( سد الذرائع ) ثابت في المذاهب الفقهية، وإن لم يصرح به، وقد أكثر منه الإمامان: مالك ، وأحمد ، وكان دونهما في الأخذ به الإمامان: أبو حنيفة والشافعي، ولكنهما لم يرفضاه جملة، ولم يعتبراه أصلاً قائماً بذاته في الاستدلال، ومنع الضرر في الشريعة يؤدي إلى القول بعدم إباحة الاستنساخ البشري بين أنثى وأنثى، وذلك لأن هذه الطريقة ستؤدي إلى ولادة بنت ليس لها أب فتنشأ نشأة الطفل الذي لا يعرف له والداً، وهذا ضرر نفسي لها،
في كثير من الحالات متألمين نفسياً، والأطفال اللقطاء يكونون في حالة نفسية سوية في الغالب،
والضرر ممنوع كما بينا. ومن المشاهد أن الأطفال الذين يولدون يتامى، أو ييتمون في صغرهم يكونون
حتى إذا كبروا وجاء وقت علموا فيه أن الأسرة التي كانت تؤويهم وتنسبهم إليها ليست أسرتهم الحقيقية، وأنه
لا يوجد للواحد منهم أب معروف أو أم معروفة، تعرضوا للهزات النفسية العنيفة التي تؤدي بهم إلى ارتكاب
جرائم في المجتمع. فالأسباب التي تؤدي إلى الاضطرابات النفسية للأطفال متعددة، منها أسباب عضوية، ومنها أسباب نفسية، ومن أهم هذه الأسباب تعرض الطفل للحياة مع أحد الوالدين فقط، سواء أكان ذلك نتيجة للانفصال بين الوالدين، أم الهجرة، أم الوفاة. فكذلك هذه البنت المولودة بهذه الطريقة في الاستنساخ غالباً ستتعرض للألم النفسي لأنها ليس لها والد ولا عم، ولا جد من جهة الأب، بل هي عند بلوغها سن الزواج لن تكون في الغالب مفضلة عند الكثيرين من الشباب الراغبين في الزواج فما الذي يدفع شاباً للزواج من فتاة ليس لها أب ولا عم، ويكون أولاده منها ليس لهم جد من ناحية الأب، وفي نفس الوقت يوجد كثيرات غيرها ممن ينتمين إلى عائلات فيها الأفراد الكثيرون ذكوراً وإناثاً، فقد يؤدي ذلك هذا إلى عنوستها.
الدليل الرابع( حديث ) (دع ما يريبك إلى ما لا يريبك) والاستدلال بهذا الحديث مبني على أن العلماء لم يعطونا ببحوثهم وتجاربهم الكلمة الأخيرة للاطمئنان على سلامة المولود بطريقة الاستنساخ، وخلوه من أي تشوه شكلي أو سلوكي، فمن المحتمل أن يجيء المولود وهو يحمل عيباً أو أن يكون قصير العمر نظراً لسن الخلية التي أخذت منها النواة المستجلبة، أو أن هذه الطريقة في الإنجاب ستعطينا مولوداً غير طبيعي السلوك، وهذا مما يجب أن ننأى عنه، وأن لا نجعل البشر مجالاً لحقول التجارب غير مأمونة الجوانب. هذه الأدلة الأربعة التي نرى أنها تؤدي إلى عدم القول بإباحة الاستنساخ البشري بوسيلة أخذ نواة من خلية أنثى لتوضع في بييضة أنثى أخرى، بدلاً من النواة التي نزعت منها.
حكم الصورة الثانية أما الصورة الثانية، وهي الإنجاب عن طريق أخذ نواة من خلية امرأة لتوضع في بييضة هذه المرأة ذاتها فحكمها الفقهي نفس حكم الصورة الأولى، وهو القول بعدم الإباحة. والأدلة على هذا الحكم هي نفس أدلة الحكم في الصورة الأولى عدا دليل القياس.
حكم الصورة الثالثة الصورة الثالثة من الاستنساخ البشري هي أن يكون الإنجاب عن طريق أخذ نواة من خلية ذكر لتوضع في بييضة امرأة، بدلاً من النواة التي نزعت من هذه البييضة، والحكم هنا فيه تفصيل لأنه إما أن تكون النواة المستجلبة مأخوذة من رجل أو من غير الإنسان من ذكور الحيوانات، والرجل إما أن يكون زوجاً لهذه المرأة أو غير زوج لها فإذا كانت النواة من غير الإنسان من ذكور الحيوانات فلاشك في تحريم هذا العمل
لأن هذا عبث وتشويه لخلق الله عز وجل
فلو قدر لهذا العمل العبثي أن ينتج عنه مولود - وهو مجرد احتمال - فإنه بكل تأكيد سيكون مخلوقاً آخر، له صفات أخرى غير الصفات الإنسانية، يشهد لهذا ويؤكده ما يحدث عندما يتم التلقيح بين الحمار والفرس، فإن الفرس إذا حملت من الحمار لم يكن الناتج حصاناً أو فرساً، أو حماراً، وإنما يكون مخلوقاً آخر، له صورة وطبيعة أخرى تختلف عن صورة وطبيعة الخيل والحمير، وهذا المخلوق الآخر هو البغل، وشاءت قدرة الله عز وجل أن تكون البغال عقيمة لا تصلح للإنجاب،
فلا يجوز تعريض الإنسان لمثل هذا العبث الذي من المحتمل أن ينتج عنه مخلوق له طباع تختلف عن طباع الإنسان. وأما إذا كانت النواة المستجلبة مأخوذة من رجل وكما بينا إما أن يكون زوجاً لهذه المرأة أو ليس زوجاً لها. فإذا كان غير زوج لها فلا تشكيك أيضاً في تحريم هذا العمل، وهو في معنى الزنا، والزنا من المحرمات المقطوع بها في صريح آيات القرآن الكريم، وأحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإجماع الأمة، وهو يؤدي إلى اختلاط الأنساب المحرم شرعاً. وقلنا إنه في معنى الزنا، لأنه ليس زنا حسياً فجريمة الزنا لم تتوفرأركانها لأنه لا توجد مباشرة بين رجل وامرأة، لكنه يؤدي إلى ما يؤدي إليه الزنا من اختلاط الأنساب الذي منعه الشارع، بل منع الشرع أن ينسب الإنسان إلى غير أبيه، فحرم التبني بقوله تعالى: {وما جعل أدعياءكم أبناءكم ذلكم قولكم بأفواهكم والله يقول الحق وهو يهدي السبيل. ادعوهم لآبائهم هو أقسط عند الله فإن لم تعلموا آباءهم فإخوانكم في الدين ومواليكم}]الأحزاب : 4،5[ وهذا الحكم واضح فلا يجوز الإنجاب بين رجل وامرأة إلا إذا كان بينهما عقد زواج مستوف لأركانه وشروطه التي بينتها أدلة الشرع، فالأسرة هي الطريق الوحيد للنسل وما عدا هذا يمنعه الإسلام ويجرمه، وهو أمر واضح ولا يحتاج إلى كثير من إعمال الفكر والاجتهاد وإنما الذي يحتاج إلى إعمال الفكر والاجتهاد هو ما إذا كانت النواة التي وضعت في بييضة المرأة قد استجلبت من زوجها.
ويقول الدكتور محمد رأفت عثمان يجب أن نتوقف فلا نفتي بالجواز ولا بالحرمة فيما لو كانت النواة التي يراد وضعها في بييضة المرأة هي نواة من خلية أخذت من زوجها الذي لا يزال حياً، والتوقف ليس غريباً في مجال بيان الأحكام الشرعية من علماء الفقه الإسلامي عليها فالمصادر الشرعية تنقل لنا في مواضع متعددة توقف العلماء في بيان الحكم الشرعي في القضية المطروحة، ولا يعاب هذا على العالم الذي توقف في هذه القضية، بل هذه محمودة تدل على جواز الهجوم على الفتوى دون استناد قوي لدليل شرعي وغلبة ظن
- على الأقل - بصحة ما يفتي به الفقيه. والتوقف يحدث عندما يجد الفقيه أن القضية المطروحة لإبداء الرأي فيها، تتعارض فيها الأدلة - بحسب الظاهر - ولم يستطع الفقيه أن يجمع بين هذه الأدلة المتعارضة ظاهرياً، أو يرجح بعضها على الآخر، أو لم يتضح له دليل في القضية المطروحة يستند إليه في بيان الحكم الشرعي، لأن الأحكام الشرعية لابد لها من الاستناد إلى مصدر من مصادر التشريع في الإسلام.
و رأي التوقف في المسألة التي نتكلم فيها، وهي ما إذا كانت النواة التي يراد وضعها في بييضة المرأة هي نواة من خلية من خلايا زوج هذه المرأة الذي لا زال حياً، فلا نفتي بإباحة طريقة الإنجاب اللاجنسي بين الزوجين،( رأي محمود) ولا نقول بتحريمها ، ولا نفتي الآن بالقول بإباحتها وذلك لأنه لايعلم الحال التي سيكون عليها المولود، هل سيكون إنسان طبيعي الخلقة والسلوك والتفاعل الصحي مع من حوله وما حوله أم لا. قد تكون هذه الطريقة مؤدية إلى وجود إنسان ليس سوياً في أية ناحية من النواحي المهمة في حياة الإنسان، فنكون بذلك قد تسببنا في إيجاد إنسان لن يكون هو نفسه سعيداً في حياته، ولن يسعد الآخرون بوجوده، فلنتربص ماذا ستسفر عنه بحوث العلماء وتجاربهم، فهم ماضون فيها، لن يثنيهم عن هدفهم في الاستنساخ البشري كوابح من دين أو أخلاق، أو قانون، فالذي يريد منهم أن يستمر في إجراء تجاربه وأبحاثه في معمله يستطيع ذلك بعيداً عن عيون الناس، ودون أن يشعر به أحد منهم، لكن ديننا الإسلامي يمنعنا من الأعمال غير مأمونة الجوانب، التي يمكن أن تنتج شراً، في إيجاد إنسان ليس سوي الفطرة، والخلقة، والسلوك، والتصرف المحمود حيال ما يحيط به، فلنراقب ما ينتج من أبحاثهم وتجاربهم - التي لا نوافق عليها أصلاً، لكنهم يمارسونها - فإذا كانت تجاربهم وأبحاثهم في مجال الاستنساخ في عالم الإنسان قد أنتجت إنساناً لا تشوبه شائبة في خلقته أو طبيعته، أو سلوكه، ولن يضار - نتيجة لذلك - في حياته بأي نوع من الأضرار، سواء أكانت أضرار عضوية أم نفسية، ولن يسبب ذلك أي ضرر لغيره ففي هذه الحال يمكن أن يكون محل نظر في البحث عن الحكم الشرعي في هذا العمل. ويطرح د. محمد عثمان إذا ما أثبتت تجارب علماء الغرب أن الطفل المولود بطريقة الاستنساخ لا تشوبه شائبة ما، فيتصوره حكماً قابلاً للمناقشة من العلماء في كافة التخصصات العلمية التي يمكن أن يكون لها صلة بهذا الموضوع.
إن الزوج الذي لا يستطيع الإنجاب بالطريق الطبيعي هل له أن يتبع طريقة الإنجاب اللاجنسي، بأخذ نواة من إحدى خلاياه هو شخصياً، لتوضع في بييضة زوجته بدلاً من النواة التي نزعت من هذه البييضة، يبدو أن هذا الزوج له الحق في هذه الطريقة، ولكنه لم يفتي بذلك، بل يتوقف عند هذا الرأي ويرى أن يعرض مثل هذا السؤال للمناقشة من قبل علماء متخصصين في علوم الطب، والبيولوجيا، والاجتماع، وعلم النفس، والقانون، والفقه الإسلامي، ولقد ذكرت علم الفقه الإسلامي في آخر العلوم التي ذكرها ليبين أن الفقهاء عليهم أن يعرفوا أولاً ما يقوله العلماء الكاشفون لإيجابيات أو سلبيات هذا التطور العلمي المذهل، ولا يجوز أن يتسرع الفقيه في إظهار ما يراه بحسب اجتهاده من أحكام شرعية إلا بعد تصور وفهم واضح جلي لا لبس فيه لحقيقة القضية التي يراد التعرف على الحكم الشرعي فيها، فالذي يبين من جوانب عند متخصص قد لا يبين عند متخصص آخر، وعالم الإنسان لابد من الاحتياط الشديد في مجاله، وهذا ما حدا الكثيرين من العلماء والمفكرين على أن يطالبوا بتحريم الاستنساخ في عالم الإنسان، ومطالبة الدول بوضع القوانين التي تجرم هذا النوع من الأبحاث، فقد حذر القاضي مايكل كيربي من أضرار أبحاث الجينات على حقوق الإنسان والتنوع البشري، وطالب جميع الدول بأن تضع من التشريعات القومية ما يحرم الاستنساخ البشري تماماً تمهيداً للتوصل إلى معاهدة دولية ملزمة في هذا الصدد، وبين أنه بدون التزام أخلاقي وقانون حازم سيتاح للعلماء التلاعب بالخريطة الجينية للسلالات البشرية، والقضاء على التنوع البشري الحالي. وأوضح في بعض ندواته حول الإستنساخ أن الاضطهاد والإهمال كانا أخطر أعداء البشرية قبل خمسين عاماً، أما الآن فتهدد الإنسان أبحاثه العلمية بشأن الجينات الناقلة للصفات الوراثية.
حكم الصورة الرابعة الصورة الرابعة كما سبق بيانها هي إكثار من أجنة تتشابه تشابهاً كاملاً كالتوأم السيامي، وأرى أن نتريث بل نتوقف في الحكم، فأرى أنه لابد من الرجوع إلى أساتذة الاجتماع والطب والقانون وغيرهم حتى نتأكد في النهاية أن الوليد لن يكون معرضاً للتشويه التكويني والسلوكي ولن يسبب مشاكل اجتماعية نتيجة وجود أفراد تتشابه في الشكل تشابهاً تاماً، ,أثر ذلك في مجال الجرائم، بل وفي مجال الأحوال الشخصية. أما في مجال النبات والحيوان فالمجال فيه فسيح رحب، فكل ما يؤدي إلى مصلحة الإنسان في هذا المجال مباح، مادام بعيداً عن تغيير لخلق الله لمجرد العبث لا بقصد تحقيق المنافع للإنسان، وذلك لأن كل ما في الكون خلق مسخراً لمصلحة الإنسان، كما نطقت بهذا آيات الكتاب الكريم، قال تعالى:{هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعاً}]البقرة:29[،وقال عز وجل:{وسخر لكم ما في السموات وما في الأرض جميعاً منه}]الجاثية:12 [وأما التجارب العبثية فلا نقول بإباحتها شرعاً، كالتجارب التي تجري بالفعل الآن في الغرب لجعل الرجل يحمل بدلاً من المرأة، وهو الامتداد التجريبي لما يحدث الآن في تجارب الاستنساخ البشري . أما التجارب العلمية التي يقصد بها تحقيق مصلحة الإنسان وزيادة نفعه فلا تكون ممنوعة،
مادامت مضبوطة بالضوابط الشرعية العامة. والإنسان من قديم أجرى تلقيحاً بين نوعين من الحيوان هما: الخيل والحمير فنتج عن هذا نوع حيواني آخر هو البغال، ومع هذا لم ينكره الشرع ، بل كانت البغال نوعاً من أنواع الحيوانات التي بين الله عز وجل أنها من نعم الله علينا، قال تبارك وتعالى:{ والخيل والبغال والحمير لتركبوها وزينة ويخلق ما لا تعلمون}]النحل :8[ ، وعالم الحيوان لا تحكمه القواعد الأخلاقية التي تحكمنا نحن البشر في العلاقات الجنسية، فلا توجد جريمة الزنا في عالم الحيوان، ولا يحرم اختلاط الأنساب فيه ولا توجد قيود ولا ضوابط في تزويج ذكور الحيوانات بإناثها، كالضوابط التي تحكم الإنسان في الزواج، كتحريم الزواج من بعض النساء، كالأمهات، فالتجارب في هذا المجال فيها سعة ليست موجودة في عالم الإنسان، فمجال التجارب في عالم الحيوان واسع رحب، ومجال النبات أوسع كذلك من الحيوان، ففي عالم الحيوان مثلاً يمكن أن تحقن البقرة الحلوب بهرمون البرولاكتين وهو المسئول عن إنتاج اللبن في الأبقار، وهو يشبه إلى حد كبير هرمون النمو، وبهذا يمكن أن تتضاعف كميات الألبان التي تجود بها الأبقار . وقد أعلن باحثون أمريكيون عن ولادة زوج من العجول المتطابقة جينياً يمكنها توفير الدواء للإنسان من خلال ألبانها، وقال الدكتور جيمس روبل والدكتور ستيفن ستيك في مؤتمر في مدينة بوسطن الأمريكية أن زوج لعجول أطلق عليه( جورج ) و( شارلي) نتج عن تجربة عملية للمزج بين الهندسة الوراثية والاستنساخ، وأن الأبقار الناتجة عن هذه التجارب ستدر ألباناً غنية بالبروتينات التي يمكن أن تسهم في علاج كثير من الأمراض. وأشار العالمان إلى أن استنساخ البقر عملية أكثر أهمية من استنساخ النعجة ( دوللي) نظراً إلى كميات الألبان الغزيرة المتوافرة في الأبقار .
ويأمل العلماء في أن تتطور عمليات استنساخ الأبقار في المستقبل لتصبح إناث الأبقار بمثابة مصانع حية، لإنتاج الدواء .
الخاتمة :
إن التطور العلمي أمر بالغ الأهمية ، وهو مفيد إذا كان محققا خيرا أو نفعا للإنسان ، وضار أو ممنوع إذا كان مؤديا لشر أو ضرر بالإنسان ، لأن المعرفة العلمية يجب أن لا تكون على حساب الإنسان ، لأن الإنسان أكرم مخلوقات الله ، وأهم جدا من المعرفة العلمية ، حتى ولو أمكن استنساخ طفل معافى سليم من الأمراض ، أو تقديم ما يحتاج إنسان لقلب أو كبد أو كلية من إنسان مستنسخ عنه.
وعلى ضوء هذا البحث يمكن الحكم على الأستنساخ من خلال المبادئ التالية :
1- نحن نقدر العلم والعلماء ، ولا نقف في مواجهة إنجازات المختبرات والتجارب العلمية ،ولكن بشرط توجيه العلم نحو خير الإنسان ومصلحته ، وتحقيق التنمية والتطور، والرفاه ، والسلام ، والأمان للعالم كله ، ولا نتعجل بالقول بالمنع أو التحريم خلافا لما يتصور بعض المهاجمين للعلماء بأنهم لا يعرفون سوى مقدمات الصلاة وغيرها من العبادات .
ولسنا أيضا نبادر إلى التكذيب وإنكار معطيات الاستنساخ كما تورطت بعض الهيئات الدينية في الإفتاء في السعودية ، لأن ذلك ممكن في النبات والحيوان والإنسان ، كما تدل التجارب العلمية التي جوبهت بمعارضة شديدة منذ السبعينات في هذا القرن ،من قبل مختلف الأوساط الاجتماعية والفكرية والدينية .
2 - إن الاستنساخ بالصورة التي قرأناها وشرحها المختصون، ينافي ظاهرة الازدواج، أو سنة الزوجية في هذا الكون الذي نعيش فيه.فالناس خلقهم الله أزواجاً من ذكر وأنثى، وكذلك الحيوانات والطيور والزواحف والحشرات، بل كذلك النباتات كلها.بل كشف لنا العلم الحديث أن الازدواج قائم في عالم الجمادات، كما نرى في الكهرباء ظاهرة الموجب والسالب، بل إن الذرة – وهي وحدة البناء الكوني كله – تقوم على إلكترون وبروتون، أي شحنة كهربائية موجبة، وأخرى سالبة، ثم النواة ، والقرآن الكريم يشير إلى هذه الظاهرة حين يقول{وخلقناكم أزاوجا } ]النبأ:8 [ {وأنه خلق الزوجين الذكر والأنثى من نطفة إذاتمنى}]النجم:45/46[، ويقول {ومن كل شيء خلقنا زوجين لعلكم تذكرون }]الذاريات:49[، ولكن الاستنساخ يقوم على الاستغناء عن أحد الجنسين، والاكتفاء بجنس واحد، حتى قالت إحدى النساء الأميركيات: سيكون هذا الكوكب بعد ذلك للنساء وحدهن .وهذا ضد الفطرة التي فطر الله الناس عليها، فالإنسان بفطرته يحتاج إلى الجنس الآخر، ليس لمجرد النسل، بل ليكمل كل منهما الآخر، وإذا كان كل من الرجل والمرأة في حاجة إلى صاحبه ليسكن إليه، وتقوم بينهما المودة والرحمة، فإن ذريتهما أشد ما تكون حاجة إليهما، أي إلى جو الأسرة، إلى الأمومة الحانية، وإلى الأبوة الراعية إلى تعلم الفضائل من الأسرة، فضائل المعاشرة بالمعروف، والتفاهم والتناصح والتباذل، والتعاون على البر.وقد علم الناس أن أطول الطفولات عمراً هي الطفولة البشرية التي تمتد لسنوات، يكون الطفل فيها في حاجة إلى أبويه وإلى أسرته مادياً وأدبياً، ولا تتم تربية الطفل تربية هوية مكتملة إلا في ظل أبوين يحبانه ويحنوان عليه، وينفقان الغالي والرخيص حتى يكتمل نموه، وهما في غاية السعادة بما يبذلان لأولادهما، دون منّ ولا أذى.والاستنساخ لا يحقق سكن كل من الزوجين إلى الآخر، كما لا يحقق الأسرة التي يحتاج الطفل البشري إلى العيش في ظلالها وحماها، واكتمال نموه تحت رعايتها.
وأخيرا فإني أحب القول بأن الإسلام لم يقف في يوم من الأيام في طريق العلم والبحث واكتشاف المجهول بل لاتوجد آيه قرآنيه تدعو إلى الاستزادة من شي مثلما تدعو إلى الإستزادة من العلم حيث يقول الله تعالى {وقل ربي زدني علما } ]طه : 114[ ولكن العلم شأن كل شيء في هذه الحياة ، سلاح ذو حدين يستعمل في النافع فنحصل منه على الخير ويستعمل في الضار فنحصل منه على الشر والطائفة الرائيلية تريد باستخدام تقنية الاستنساخ أن تبعد الناس عن عبادة الله وتنطلق بهم إلى فكرة الإلحاد لتخدم بذالك مصالحهم ومصالح الشياطين في آن واحد ، وهذه الأفكار لن يتأثر بها إلا ذوو القلوب الإيمانية الضعيفة والعقول المتخلفة التي لا تفقة من الدين إلا اسمه ، أما المسلم المتمسك بعقيدته ، سواء كان في العالم الشرقي أم في العالم الغربي ، فالقرآن دحض وسيدحض كل دعاوي الشرك والإلحاد إلى يوم الدين .
أرجو من الله تعالى أن أكون قد وفقت في عرض هذه القضية عرضا حسنا لأن هذا البحث يحتاج إلى مزيد من الدراسات المتعمقة وذلك لسعة هذا الميدان وتشعب أبحاثه وأنا على يقين بأن عملي هذا هو قطرة في بحر فباب الاستنساخ هو باب جديد من أبواب العلم الحديث مازال في بداياته الأولى والمستقبل أمامه بكل أبعاده ونحن لا نعلم إلى ما سيؤول إليه حاله مستقبلا أسأل الله أن يثبت المؤمنين على دينهم وأن يجعلنا من أتباع دينه ، الداعين بدعوة نبيه صلى الله عليه وسلم الفائزين يوم القيامة برحمته ورضوانه ، إنه سميع قريب مجيب .
قال حميد أمين هذا الموضوع اختصرته من عدة مقالات من عدة منتديات ومن خطب الشيخ محمد حسان أيضا
فما هو الاستنساخ ؟
الاستنساخ: عبارة عن أخذ خليّة جسديّة من كائن حيٍّ تحتوي على كافة المعلومات الوراثيّة وزرعها في بويضة مفرّغة من مورثاتها، ليأتي الجنين مطابقاً تماماً في كلّ شيء للأصل،( وهو الكائن الأوّل الذي اُخذت منه الخليّة). وبالتعبير العلمي: إنّ هذا الكائن الجديد قد تمّ تغيير حامضه النووي في البويضة بعد انتزاع الحامض النووي من
الكائن الأصلي وزراعته (في طريقة مختبريّة) في البويضة التي أنتجت الكائن الجديد.
وأصل الفكرة بدأت في ألمانيا في العقد الثالث من القرن العشرين ; يوم قرّر الحزب النازي بقيادة هتلر خلق عرق متميّز، لكنّ التقنية المتوفرة آنذاك خذلته.
ثمّ جاءت نقطة التحوّل عام (1960 م) يوم استطاع العلماء استنساخ النباتات. وفي عام (1993 م) تمكّن علماء أميركيون من استنساخ توأم من بويضة، لكنّ كلّ واحد من التوأم هذا لم ينمُ إلاّ لحدود (38) خليّة فقط
قبل أن يموت الجنينان الصغيران.
وفي عام (1995 م) تمكّن العلماء اليابانيون في دمج خليّة جنينيّة مع خليّة جسديّة عن طريق تيّار كهربائي ليحصلوا لأوّل مرّة في تاريخ الإنسان على نسل لم يتم بالمعاشرة الجنسيّة (أي عن طريق تلقيح البويضة بالحيوانات المنوية ) وقبل عامين من العام (1997) تمكّن الأميركيون في ولاية تكساس من استنساخ (40) عجلاً عن طريق دمج خليّة جنينيّة وبويضة، وهذا الاُسلوب أقلّ أهميّة من الاُسلوب الياباني، أو اُسلوب البروفسور(بات ويلموث) في أدنيرة الذي أنتج (النعجة دولي) مع خبراء من معهد روزلين في مدينة أدنيرة البريطانيّة.
حيث كان ذلك في السابع والعشرين من شهر شباط لعام 1997 م حيث نشرت مجلة -(Nature) أي الطبيعة- ذات المستوى العلمي الرفيع تقريرا علميا لفريق بحث سكوتلندي يعلن عن ولادة أول كائن حي من الثديات (الحيوانات اللبونة) بالإستنساخ كما أن المجلة خصصت غلافها لصورة هذا الكائن الذي هو نعجة اسكتلندية أطلق عليها الفريق العلمي اسم (دوللي) -وسيمر الحديث عنها بالتفصيل إن شاء الله-
وما إن التقطت وسائل الإعلام هذا النبأ العلمي حتى اهتز العالم بأكمله تقريبا ، آلاف المصورين والصحف والمجلات الإعلامية والعلمية والإذاعات المرئية والمسموعة كلها سابقت للحديث عن دوللي ، رؤساء دول وحكومات عديدة طلبوا من لجانهم العلمية تقارير مستعجلة عن هذا الحدث .
عدد كبير من الباحثين المرموقين عالميا في فروع البيولوجيا (علم الأحياء) ،عقدوا مؤتمرات صحفية أوتحدثوا لوسائل الإعلام عن وجهات نظرهم في الإستنساخ حاضرا ومستقبلا ، وعوضا عن أن يعالج الإعلام حاضر الحدث كتجربة وظاهرة, ، ركز بشدة على إمكان استنساخ الإنسان وما رافق ذلك من تصورات وفرضيات ، وضع بعضها مصير البشرية على كف بيولوجيا الإستنساخ من باحثين وأدوت وطرائق ،ولقداستثار هذا الرعب الخفي هلعا حقيقيا كامنا دفع ببرلمان النرويج مثلا أن يقترع (دون طويل انتظار ) على قانون يحرم الإستنساخ البشري وكذلك (استنساخ الكائنات الحية الراقية ) بأغلبية (88)صوت مقابل (صوتين)
فقط عارضا هذا القانون ، كما إن البرلمان الأوربي في مدينة ستراسبورغ (ويضم أعضاء منتخبين يمثلون دول الإتحاد الأوربي الخمس عشرة) طلب إلى دوله سن قوانين تحريم الإستنساخ البشري0
فما هي حقيقة الأمر ؟ هل إن استنساخ دوللي يمثل فعلا ثورة علمية كبرى ستترك آثارا عميقة في تطور البشرية ، أم أن الفكر البشري أصبح سطحيا إلى درجة تهزه فيها وسائل الإعلام المعاصر بحيث تجعله يفقد توازنه ولو إلى حين- ؟
استنساخ النعجة دوللي
لقد كانت النعجة دوللي أول كائن حي ثدي أو( حتى فقاري )تم استنساخه بدءا من نواة خلية ضرعية (يعتقد) أنها خلية متمايزة (أي تقوم بوظيفة معينة إفرازية –هنا- بسبب تراكم بروتينات التمايز فيها كونها موجودة في طور النمو أي خرجت من الدورة الخلوية .
إن الفريق الاسكتلندي استنسخ في العام الذي سبق عام استنساخ دوللي (1996م) ولكن الاستنساخ كان عن طريق نواة أخذت من خلايا القرص الجنيني لمرحلة الأريمة (مباشرة قبل وصول الجنين إلى الرحم ،ويكون عمره في هذه المرحلة ستة أيام ) بعد زرعها في الزجاج وتكوين خط خلوي ثابت من هذه الخلايا الجنينية كلية القدرة أو كلية الإمكان فاستنسخ نعجتين هما ( موراغ و ميغان ) وهذه التجربة هي التي هيأت لاستنساخ دوللي في العام التالي .
في الحقيقة نستطيع القول بأنه إذا ما تأكدت صحة تجربة دوللي فسيصبح بالإمكان إلغاء دور الذكر في هذا النمط من التوالد اللاجنسي ، ومع أن الاستنساخ يقتصرحاليا ووفقا لهذه التقنية على الإناث (لأن الخلية أتت من ضرع نعجة في الثلث الثالث من الحمل ) فإن فريق معهد روزلين لا يشك بأنه بلإمكان استنساخ ذكور من خلايا أخذت من ذكر بالغ ، ولكن لا يمكن بأي حال من الأحوال ، الاستغناء عن الأنثى ، ذلك أنها تزود الخلية البيضية والرحم للحمل ، ولكن يحتمل الاستغناء عن مرحلة الاغتراس المؤقت في بوق مغلق النهايتين بسبب التقدم السريع الذي تحققه تقنية زرع الأجنة في الزجاج . وبديهي أن زرع الخلايا الجسدية للبالغ يتيح استنساخ عشرات آلاف الأفراد ، علما بأن تفاوت تراكيز المواد البسيطة التي تدخل في تركيب وسط الزرع ، قد يكون له دور ما في التأثير (تنشيطا أو تثبيطا ) على الحالة الفيزيائية الكيميائية ( بما في ذلك البنية الفراغية ثلاثية البعد للجزيئات الكبريتية والبروتينات والحموض النووية خاصة ، كما ويجب الأخذ بعين الاعتبار تأثير اختلاف بعض أنواع المواد من وسط زرع إلى وسط آخر )
يمكن البرهان في جمل جينية معينة على أن اختلاف تركيز الغلوكوز يتحكم في المصير التمايزي للخلية ، بحيث تعطي نمطين خلويين متبايني الوظيفة .
ومهما يكن من أمر فإن ولادة دوللي وقبلها موراغ وميغان تعد حدثا علميا ذا أهمية كبيرة ومع أن نسبة نجاح تجارب عام 1997م كانت متدنية أيضا
- أربع نعاج من أصل 385 تجربة اندماج لخلايا من القرص الجنيني لجنين عمره تسعة أيام النسبة المئوية تساوي 0.9
ونعجتان من أصل 172 تجربة اندماج لخلايا الأرومة الليفية من جنين عمره 26 يوم النسبة المئوية 1.6 ودوللي من أصل 277 تجربة اندماج خلايا ضرعية النسبة المئوية تساوي 0.36 -
فإن الانعكاسات العلمية والاقتصادية (إذا ما أمكن تكرار تجربة دوللي بمخابر أخرى) ستكون بعيدة المدى .
حكم الاستنساخ من الناحية الشرعية :
إن قضية الاستنساخ قضية كبيرة، وعمل علمي مبهر، أنهى الاعتقاد الذي كان موجوداً بأنه لا يمكن أن تحمل الأنثى إلا بتخصيب بيضتها بحيوان منوي من الذكر، فقد أصبح الآن من السهل الاستغناء عن الحيوان المنوي عند الذكر، وتقوم بعمله نواة من خلية غير حيوان منوي توضع في البييضة بدلاً من النواة المنزوعة منها، سواء أكانت هذه الخلية من أنثى أخرى غير الأنثى صاحبة البييضة، أم الأنثى نفسها صاحبة البييضة، أو كانت النواة التي ستوضع في البييضة من خلية من خلايا ذكر ليست حيواناً منوياً. وسماه العلماء استنساخاً، لأن المولود سيكون طبق للأصل الذي أخذت من خليته (النواة التي زرعت في البييضة بدلاً من نواتها المنزوعة)، فإذا كانت النواة الموضوعة أخذت من أنثى فسيكون المولود أنثى طبقاً للأنثى صاحبة النواة المستجلبة بكل صفاتها الوراثية، وإذا كانت النواة التي زرعت أخذت من ذكر فسيكون المولود ذكراً طبقاً للذكر صاحب النواة المستجلبة أيضاً بكل صفاته الوراثية. وهناك صورة أخرى للاستنساخ البشري لم يستغن العلماء فيها عن دور الحيوان المنوي كما في ولادة النعجة دوللي ، بل هي محاولة لولادة أكثر من مولود يشتركان أو يشتركون في نفس الصفات الوراثية كالتوائم، ذلك عن طريق تخصيب البييضة بالحيوان المنوي في طبق خارج الرحم،
فيتبين مما ذكرناه أن الاستنساخ يمكن أن يتخذ أربع صور، ونحدد الصور الأربع مرة ثانية فيما يأتي: الصورة الأولى: أن تكون النواة الموضوعة بدلاً من النواة المنزوعة من بييضة الأنثى هي نواة من خلية أنثى غيرها. الصورة الثانية: أن تكون النواة الموضوعة هي نواة من خلية الأنثى نفسها.
الصورة الثالثة: أن تكون النواة الموضوعة هي نواة من خلية ذكر.
الصورة الرابعة: يتم في المعمل تخصيب البييضة بالحيوان المنوي.
ونبين الحكم الشرعي في هذه الصور الأربع، بحسب ما يغلب علىالظن، وهو رأي قابل للصواب والخطأ،وذلك كما قال الشافعي رضي الله عنه( رأيي صواب يحتمل الخطأ ورأي غيري خطأ يحتمل الصواب) ، وكما قال أبو حنيفة رضي الله عنه)علمنا هذا رأي، وهو أحسن ما قدرنا عليه، فمن أتانا بخير منه قبلناه).
الصورة الأولى: أن تكون النواة الموضوعة في بييضة الأنثى من خلية أنثى أخرى ولا نرى إباحتها، بل هي حرام للأدلة الآتية: الدليل الأول: القياس ، من المعلوم أن القياس هو أحد مصادر التشريع في الإسلام، وهو المصدر الرابع في الترتيب بعد القرآن، والسنة، والإجماع. ومعنى القياس : إثبات مثل حكم معلوم في معلوم آخر لاشتراكهما في علة الحكم عند المثبت ، والقياس يؤدي إلى تحريم الصورة الأولى من صور الاستنساخ، وهي الاستنساخ عن طريق أخذ نواة من خلية أنثى لتوضع في بييضة أنثى بعد نزع نواتها ثم الزرع النهائي في الرحم. ولتوضيح القياس هنا، أنه من المعلوم أن الاستمتاع الجنسي بين أفراد النوع الواحد لا يجوز شرعاً. فقد حرمت الشريعة الاستمتاع الجنسي بين الأنثى والأنثى، وهو ما يعرف بالسحاق، وحرمت الاستمتاع الجنسي بين الذكر والذكر وهو ما يعرف باللواط. فبالقياس على هذا نقول: لا يجوز الإنجاب عن طريق نواة من خلية أنثى موضوعة في بييضة أنثى غيرها، لأنه إذا كان مجرد الاستمتاع الجنسي بين أفراد النوع الواحد حراماً، فإن الإنجاب بين أفراد النوع الواحد يكون حراماً من باب أولى. ومما يوضح ذلك ويؤكده أن من المعروف أن الاستمتاع الجنسي بين الرجل ومحارمه حرام شرعاً، كأمه، وخالته، وعمته، وبنته، فهل من المتصور أن يكون الإنجاب حلالاً من إحدى المحارم؟! إن الإنجاب بالتأكيد يأخذ حكم الأولولية في التحريم. الدليل الثاني: سد الذرائع وهي قاعدة أصولية معروفة في علم أصول الفقه الإسلامي، ومعناها منع الوسائل التي يمكن أن يتوصل بها إلى أمر محرم في غالب الأحوال، وإن كانت نفس الوسائل حلالاً، والأخذ بمبدأ ( سد الذرائع ) ثابت في المذاهب الفقهية، وإن لم يصرح به، وقد أكثر منه الإمامان: مالك ، وأحمد ، وكان دونهما في الأخذ به الإمامان: أبو حنيفة والشافعي، ولكنهما لم يرفضاه جملة، ولم يعتبراه أصلاً قائماً بذاته في الاستدلال، ومنع الضرر في الشريعة يؤدي إلى القول بعدم إباحة الاستنساخ البشري بين أنثى وأنثى، وذلك لأن هذه الطريقة ستؤدي إلى ولادة بنت ليس لها أب فتنشأ نشأة الطفل الذي لا يعرف له والداً، وهذا ضرر نفسي لها،
في كثير من الحالات متألمين نفسياً، والأطفال اللقطاء يكونون في حالة نفسية سوية في الغالب،
والضرر ممنوع كما بينا. ومن المشاهد أن الأطفال الذين يولدون يتامى، أو ييتمون في صغرهم يكونون
حتى إذا كبروا وجاء وقت علموا فيه أن الأسرة التي كانت تؤويهم وتنسبهم إليها ليست أسرتهم الحقيقية، وأنه
لا يوجد للواحد منهم أب معروف أو أم معروفة، تعرضوا للهزات النفسية العنيفة التي تؤدي بهم إلى ارتكاب
جرائم في المجتمع. فالأسباب التي تؤدي إلى الاضطرابات النفسية للأطفال متعددة، منها أسباب عضوية، ومنها أسباب نفسية، ومن أهم هذه الأسباب تعرض الطفل للحياة مع أحد الوالدين فقط، سواء أكان ذلك نتيجة للانفصال بين الوالدين، أم الهجرة، أم الوفاة. فكذلك هذه البنت المولودة بهذه الطريقة في الاستنساخ غالباً ستتعرض للألم النفسي لأنها ليس لها والد ولا عم، ولا جد من جهة الأب، بل هي عند بلوغها سن الزواج لن تكون في الغالب مفضلة عند الكثيرين من الشباب الراغبين في الزواج فما الذي يدفع شاباً للزواج من فتاة ليس لها أب ولا عم، ويكون أولاده منها ليس لهم جد من ناحية الأب، وفي نفس الوقت يوجد كثيرات غيرها ممن ينتمين إلى عائلات فيها الأفراد الكثيرون ذكوراً وإناثاً، فقد يؤدي ذلك هذا إلى عنوستها.
الدليل الرابع( حديث ) (دع ما يريبك إلى ما لا يريبك) والاستدلال بهذا الحديث مبني على أن العلماء لم يعطونا ببحوثهم وتجاربهم الكلمة الأخيرة للاطمئنان على سلامة المولود بطريقة الاستنساخ، وخلوه من أي تشوه شكلي أو سلوكي، فمن المحتمل أن يجيء المولود وهو يحمل عيباً أو أن يكون قصير العمر نظراً لسن الخلية التي أخذت منها النواة المستجلبة، أو أن هذه الطريقة في الإنجاب ستعطينا مولوداً غير طبيعي السلوك، وهذا مما يجب أن ننأى عنه، وأن لا نجعل البشر مجالاً لحقول التجارب غير مأمونة الجوانب. هذه الأدلة الأربعة التي نرى أنها تؤدي إلى عدم القول بإباحة الاستنساخ البشري بوسيلة أخذ نواة من خلية أنثى لتوضع في بييضة أنثى أخرى، بدلاً من النواة التي نزعت منها.
حكم الصورة الثانية أما الصورة الثانية، وهي الإنجاب عن طريق أخذ نواة من خلية امرأة لتوضع في بييضة هذه المرأة ذاتها فحكمها الفقهي نفس حكم الصورة الأولى، وهو القول بعدم الإباحة. والأدلة على هذا الحكم هي نفس أدلة الحكم في الصورة الأولى عدا دليل القياس.
حكم الصورة الثالثة الصورة الثالثة من الاستنساخ البشري هي أن يكون الإنجاب عن طريق أخذ نواة من خلية ذكر لتوضع في بييضة امرأة، بدلاً من النواة التي نزعت من هذه البييضة، والحكم هنا فيه تفصيل لأنه إما أن تكون النواة المستجلبة مأخوذة من رجل أو من غير الإنسان من ذكور الحيوانات، والرجل إما أن يكون زوجاً لهذه المرأة أو غير زوج لها فإذا كانت النواة من غير الإنسان من ذكور الحيوانات فلاشك في تحريم هذا العمل
لأن هذا عبث وتشويه لخلق الله عز وجل
فلو قدر لهذا العمل العبثي أن ينتج عنه مولود - وهو مجرد احتمال - فإنه بكل تأكيد سيكون مخلوقاً آخر، له صفات أخرى غير الصفات الإنسانية، يشهد لهذا ويؤكده ما يحدث عندما يتم التلقيح بين الحمار والفرس، فإن الفرس إذا حملت من الحمار لم يكن الناتج حصاناً أو فرساً، أو حماراً، وإنما يكون مخلوقاً آخر، له صورة وطبيعة أخرى تختلف عن صورة وطبيعة الخيل والحمير، وهذا المخلوق الآخر هو البغل، وشاءت قدرة الله عز وجل أن تكون البغال عقيمة لا تصلح للإنجاب،
فلا يجوز تعريض الإنسان لمثل هذا العبث الذي من المحتمل أن ينتج عنه مخلوق له طباع تختلف عن طباع الإنسان. وأما إذا كانت النواة المستجلبة مأخوذة من رجل وكما بينا إما أن يكون زوجاً لهذه المرأة أو ليس زوجاً لها. فإذا كان غير زوج لها فلا تشكيك أيضاً في تحريم هذا العمل، وهو في معنى الزنا، والزنا من المحرمات المقطوع بها في صريح آيات القرآن الكريم، وأحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإجماع الأمة، وهو يؤدي إلى اختلاط الأنساب المحرم شرعاً. وقلنا إنه في معنى الزنا، لأنه ليس زنا حسياً فجريمة الزنا لم تتوفرأركانها لأنه لا توجد مباشرة بين رجل وامرأة، لكنه يؤدي إلى ما يؤدي إليه الزنا من اختلاط الأنساب الذي منعه الشارع، بل منع الشرع أن ينسب الإنسان إلى غير أبيه، فحرم التبني بقوله تعالى: {وما جعل أدعياءكم أبناءكم ذلكم قولكم بأفواهكم والله يقول الحق وهو يهدي السبيل. ادعوهم لآبائهم هو أقسط عند الله فإن لم تعلموا آباءهم فإخوانكم في الدين ومواليكم}]الأحزاب : 4،5[ وهذا الحكم واضح فلا يجوز الإنجاب بين رجل وامرأة إلا إذا كان بينهما عقد زواج مستوف لأركانه وشروطه التي بينتها أدلة الشرع، فالأسرة هي الطريق الوحيد للنسل وما عدا هذا يمنعه الإسلام ويجرمه، وهو أمر واضح ولا يحتاج إلى كثير من إعمال الفكر والاجتهاد وإنما الذي يحتاج إلى إعمال الفكر والاجتهاد هو ما إذا كانت النواة التي وضعت في بييضة المرأة قد استجلبت من زوجها.
ويقول الدكتور محمد رأفت عثمان يجب أن نتوقف فلا نفتي بالجواز ولا بالحرمة فيما لو كانت النواة التي يراد وضعها في بييضة المرأة هي نواة من خلية أخذت من زوجها الذي لا يزال حياً، والتوقف ليس غريباً في مجال بيان الأحكام الشرعية من علماء الفقه الإسلامي عليها فالمصادر الشرعية تنقل لنا في مواضع متعددة توقف العلماء في بيان الحكم الشرعي في القضية المطروحة، ولا يعاب هذا على العالم الذي توقف في هذه القضية، بل هذه محمودة تدل على جواز الهجوم على الفتوى دون استناد قوي لدليل شرعي وغلبة ظن
- على الأقل - بصحة ما يفتي به الفقيه. والتوقف يحدث عندما يجد الفقيه أن القضية المطروحة لإبداء الرأي فيها، تتعارض فيها الأدلة - بحسب الظاهر - ولم يستطع الفقيه أن يجمع بين هذه الأدلة المتعارضة ظاهرياً، أو يرجح بعضها على الآخر، أو لم يتضح له دليل في القضية المطروحة يستند إليه في بيان الحكم الشرعي، لأن الأحكام الشرعية لابد لها من الاستناد إلى مصدر من مصادر التشريع في الإسلام.
و رأي التوقف في المسألة التي نتكلم فيها، وهي ما إذا كانت النواة التي يراد وضعها في بييضة المرأة هي نواة من خلية من خلايا زوج هذه المرأة الذي لا زال حياً، فلا نفتي بإباحة طريقة الإنجاب اللاجنسي بين الزوجين،( رأي محمود) ولا نقول بتحريمها ، ولا نفتي الآن بالقول بإباحتها وذلك لأنه لايعلم الحال التي سيكون عليها المولود، هل سيكون إنسان طبيعي الخلقة والسلوك والتفاعل الصحي مع من حوله وما حوله أم لا. قد تكون هذه الطريقة مؤدية إلى وجود إنسان ليس سوياً في أية ناحية من النواحي المهمة في حياة الإنسان، فنكون بذلك قد تسببنا في إيجاد إنسان لن يكون هو نفسه سعيداً في حياته، ولن يسعد الآخرون بوجوده، فلنتربص ماذا ستسفر عنه بحوث العلماء وتجاربهم، فهم ماضون فيها، لن يثنيهم عن هدفهم في الاستنساخ البشري كوابح من دين أو أخلاق، أو قانون، فالذي يريد منهم أن يستمر في إجراء تجاربه وأبحاثه في معمله يستطيع ذلك بعيداً عن عيون الناس، ودون أن يشعر به أحد منهم، لكن ديننا الإسلامي يمنعنا من الأعمال غير مأمونة الجوانب، التي يمكن أن تنتج شراً، في إيجاد إنسان ليس سوي الفطرة، والخلقة، والسلوك، والتصرف المحمود حيال ما يحيط به، فلنراقب ما ينتج من أبحاثهم وتجاربهم - التي لا نوافق عليها أصلاً، لكنهم يمارسونها - فإذا كانت تجاربهم وأبحاثهم في مجال الاستنساخ في عالم الإنسان قد أنتجت إنساناً لا تشوبه شائبة في خلقته أو طبيعته، أو سلوكه، ولن يضار - نتيجة لذلك - في حياته بأي نوع من الأضرار، سواء أكانت أضرار عضوية أم نفسية، ولن يسبب ذلك أي ضرر لغيره ففي هذه الحال يمكن أن يكون محل نظر في البحث عن الحكم الشرعي في هذا العمل. ويطرح د. محمد عثمان إذا ما أثبتت تجارب علماء الغرب أن الطفل المولود بطريقة الاستنساخ لا تشوبه شائبة ما، فيتصوره حكماً قابلاً للمناقشة من العلماء في كافة التخصصات العلمية التي يمكن أن يكون لها صلة بهذا الموضوع.
إن الزوج الذي لا يستطيع الإنجاب بالطريق الطبيعي هل له أن يتبع طريقة الإنجاب اللاجنسي، بأخذ نواة من إحدى خلاياه هو شخصياً، لتوضع في بييضة زوجته بدلاً من النواة التي نزعت من هذه البييضة، يبدو أن هذا الزوج له الحق في هذه الطريقة، ولكنه لم يفتي بذلك، بل يتوقف عند هذا الرأي ويرى أن يعرض مثل هذا السؤال للمناقشة من قبل علماء متخصصين في علوم الطب، والبيولوجيا، والاجتماع، وعلم النفس، والقانون، والفقه الإسلامي، ولقد ذكرت علم الفقه الإسلامي في آخر العلوم التي ذكرها ليبين أن الفقهاء عليهم أن يعرفوا أولاً ما يقوله العلماء الكاشفون لإيجابيات أو سلبيات هذا التطور العلمي المذهل، ولا يجوز أن يتسرع الفقيه في إظهار ما يراه بحسب اجتهاده من أحكام شرعية إلا بعد تصور وفهم واضح جلي لا لبس فيه لحقيقة القضية التي يراد التعرف على الحكم الشرعي فيها، فالذي يبين من جوانب عند متخصص قد لا يبين عند متخصص آخر، وعالم الإنسان لابد من الاحتياط الشديد في مجاله، وهذا ما حدا الكثيرين من العلماء والمفكرين على أن يطالبوا بتحريم الاستنساخ في عالم الإنسان، ومطالبة الدول بوضع القوانين التي تجرم هذا النوع من الأبحاث، فقد حذر القاضي مايكل كيربي من أضرار أبحاث الجينات على حقوق الإنسان والتنوع البشري، وطالب جميع الدول بأن تضع من التشريعات القومية ما يحرم الاستنساخ البشري تماماً تمهيداً للتوصل إلى معاهدة دولية ملزمة في هذا الصدد، وبين أنه بدون التزام أخلاقي وقانون حازم سيتاح للعلماء التلاعب بالخريطة الجينية للسلالات البشرية، والقضاء على التنوع البشري الحالي. وأوضح في بعض ندواته حول الإستنساخ أن الاضطهاد والإهمال كانا أخطر أعداء البشرية قبل خمسين عاماً، أما الآن فتهدد الإنسان أبحاثه العلمية بشأن الجينات الناقلة للصفات الوراثية.
حكم الصورة الرابعة الصورة الرابعة كما سبق بيانها هي إكثار من أجنة تتشابه تشابهاً كاملاً كالتوأم السيامي، وأرى أن نتريث بل نتوقف في الحكم، فأرى أنه لابد من الرجوع إلى أساتذة الاجتماع والطب والقانون وغيرهم حتى نتأكد في النهاية أن الوليد لن يكون معرضاً للتشويه التكويني والسلوكي ولن يسبب مشاكل اجتماعية نتيجة وجود أفراد تتشابه في الشكل تشابهاً تاماً، ,أثر ذلك في مجال الجرائم، بل وفي مجال الأحوال الشخصية. أما في مجال النبات والحيوان فالمجال فيه فسيح رحب، فكل ما يؤدي إلى مصلحة الإنسان في هذا المجال مباح، مادام بعيداً عن تغيير لخلق الله لمجرد العبث لا بقصد تحقيق المنافع للإنسان، وذلك لأن كل ما في الكون خلق مسخراً لمصلحة الإنسان، كما نطقت بهذا آيات الكتاب الكريم، قال تعالى:{هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعاً}]البقرة:29[،وقال عز وجل:{وسخر لكم ما في السموات وما في الأرض جميعاً منه}]الجاثية:12 [وأما التجارب العبثية فلا نقول بإباحتها شرعاً، كالتجارب التي تجري بالفعل الآن في الغرب لجعل الرجل يحمل بدلاً من المرأة، وهو الامتداد التجريبي لما يحدث الآن في تجارب الاستنساخ البشري . أما التجارب العلمية التي يقصد بها تحقيق مصلحة الإنسان وزيادة نفعه فلا تكون ممنوعة،
مادامت مضبوطة بالضوابط الشرعية العامة. والإنسان من قديم أجرى تلقيحاً بين نوعين من الحيوان هما: الخيل والحمير فنتج عن هذا نوع حيواني آخر هو البغال، ومع هذا لم ينكره الشرع ، بل كانت البغال نوعاً من أنواع الحيوانات التي بين الله عز وجل أنها من نعم الله علينا، قال تبارك وتعالى:{ والخيل والبغال والحمير لتركبوها وزينة ويخلق ما لا تعلمون}]النحل :8[ ، وعالم الحيوان لا تحكمه القواعد الأخلاقية التي تحكمنا نحن البشر في العلاقات الجنسية، فلا توجد جريمة الزنا في عالم الحيوان، ولا يحرم اختلاط الأنساب فيه ولا توجد قيود ولا ضوابط في تزويج ذكور الحيوانات بإناثها، كالضوابط التي تحكم الإنسان في الزواج، كتحريم الزواج من بعض النساء، كالأمهات، فالتجارب في هذا المجال فيها سعة ليست موجودة في عالم الإنسان، فمجال التجارب في عالم الحيوان واسع رحب، ومجال النبات أوسع كذلك من الحيوان، ففي عالم الحيوان مثلاً يمكن أن تحقن البقرة الحلوب بهرمون البرولاكتين وهو المسئول عن إنتاج اللبن في الأبقار، وهو يشبه إلى حد كبير هرمون النمو، وبهذا يمكن أن تتضاعف كميات الألبان التي تجود بها الأبقار . وقد أعلن باحثون أمريكيون عن ولادة زوج من العجول المتطابقة جينياً يمكنها توفير الدواء للإنسان من خلال ألبانها، وقال الدكتور جيمس روبل والدكتور ستيفن ستيك في مؤتمر في مدينة بوسطن الأمريكية أن زوج لعجول أطلق عليه( جورج ) و( شارلي) نتج عن تجربة عملية للمزج بين الهندسة الوراثية والاستنساخ، وأن الأبقار الناتجة عن هذه التجارب ستدر ألباناً غنية بالبروتينات التي يمكن أن تسهم في علاج كثير من الأمراض. وأشار العالمان إلى أن استنساخ البقر عملية أكثر أهمية من استنساخ النعجة ( دوللي) نظراً إلى كميات الألبان الغزيرة المتوافرة في الأبقار .
ويأمل العلماء في أن تتطور عمليات استنساخ الأبقار في المستقبل لتصبح إناث الأبقار بمثابة مصانع حية، لإنتاج الدواء .
الخاتمة :
إن التطور العلمي أمر بالغ الأهمية ، وهو مفيد إذا كان محققا خيرا أو نفعا للإنسان ، وضار أو ممنوع إذا كان مؤديا لشر أو ضرر بالإنسان ، لأن المعرفة العلمية يجب أن لا تكون على حساب الإنسان ، لأن الإنسان أكرم مخلوقات الله ، وأهم جدا من المعرفة العلمية ، حتى ولو أمكن استنساخ طفل معافى سليم من الأمراض ، أو تقديم ما يحتاج إنسان لقلب أو كبد أو كلية من إنسان مستنسخ عنه.
وعلى ضوء هذا البحث يمكن الحكم على الأستنساخ من خلال المبادئ التالية :
1- نحن نقدر العلم والعلماء ، ولا نقف في مواجهة إنجازات المختبرات والتجارب العلمية ،ولكن بشرط توجيه العلم نحو خير الإنسان ومصلحته ، وتحقيق التنمية والتطور، والرفاه ، والسلام ، والأمان للعالم كله ، ولا نتعجل بالقول بالمنع أو التحريم خلافا لما يتصور بعض المهاجمين للعلماء بأنهم لا يعرفون سوى مقدمات الصلاة وغيرها من العبادات .
ولسنا أيضا نبادر إلى التكذيب وإنكار معطيات الاستنساخ كما تورطت بعض الهيئات الدينية في الإفتاء في السعودية ، لأن ذلك ممكن في النبات والحيوان والإنسان ، كما تدل التجارب العلمية التي جوبهت بمعارضة شديدة منذ السبعينات في هذا القرن ،من قبل مختلف الأوساط الاجتماعية والفكرية والدينية .
2 - إن الاستنساخ بالصورة التي قرأناها وشرحها المختصون، ينافي ظاهرة الازدواج، أو سنة الزوجية في هذا الكون الذي نعيش فيه.فالناس خلقهم الله أزواجاً من ذكر وأنثى، وكذلك الحيوانات والطيور والزواحف والحشرات، بل كذلك النباتات كلها.بل كشف لنا العلم الحديث أن الازدواج قائم في عالم الجمادات، كما نرى في الكهرباء ظاهرة الموجب والسالب، بل إن الذرة – وهي وحدة البناء الكوني كله – تقوم على إلكترون وبروتون، أي شحنة كهربائية موجبة، وأخرى سالبة، ثم النواة ، والقرآن الكريم يشير إلى هذه الظاهرة حين يقول{وخلقناكم أزاوجا } ]النبأ:8 [ {وأنه خلق الزوجين الذكر والأنثى من نطفة إذاتمنى}]النجم:45/46[، ويقول {ومن كل شيء خلقنا زوجين لعلكم تذكرون }]الذاريات:49[، ولكن الاستنساخ يقوم على الاستغناء عن أحد الجنسين، والاكتفاء بجنس واحد، حتى قالت إحدى النساء الأميركيات: سيكون هذا الكوكب بعد ذلك للنساء وحدهن .وهذا ضد الفطرة التي فطر الله الناس عليها، فالإنسان بفطرته يحتاج إلى الجنس الآخر، ليس لمجرد النسل، بل ليكمل كل منهما الآخر، وإذا كان كل من الرجل والمرأة في حاجة إلى صاحبه ليسكن إليه، وتقوم بينهما المودة والرحمة، فإن ذريتهما أشد ما تكون حاجة إليهما، أي إلى جو الأسرة، إلى الأمومة الحانية، وإلى الأبوة الراعية إلى تعلم الفضائل من الأسرة، فضائل المعاشرة بالمعروف، والتفاهم والتناصح والتباذل، والتعاون على البر.وقد علم الناس أن أطول الطفولات عمراً هي الطفولة البشرية التي تمتد لسنوات، يكون الطفل فيها في حاجة إلى أبويه وإلى أسرته مادياً وأدبياً، ولا تتم تربية الطفل تربية هوية مكتملة إلا في ظل أبوين يحبانه ويحنوان عليه، وينفقان الغالي والرخيص حتى يكتمل نموه، وهما في غاية السعادة بما يبذلان لأولادهما، دون منّ ولا أذى.والاستنساخ لا يحقق سكن كل من الزوجين إلى الآخر، كما لا يحقق الأسرة التي يحتاج الطفل البشري إلى العيش في ظلالها وحماها، واكتمال نموه تحت رعايتها.
وأخيرا فإني أحب القول بأن الإسلام لم يقف في يوم من الأيام في طريق العلم والبحث واكتشاف المجهول بل لاتوجد آيه قرآنيه تدعو إلى الاستزادة من شي مثلما تدعو إلى الإستزادة من العلم حيث يقول الله تعالى {وقل ربي زدني علما } ]طه : 114[ ولكن العلم شأن كل شيء في هذه الحياة ، سلاح ذو حدين يستعمل في النافع فنحصل منه على الخير ويستعمل في الضار فنحصل منه على الشر والطائفة الرائيلية تريد باستخدام تقنية الاستنساخ أن تبعد الناس عن عبادة الله وتنطلق بهم إلى فكرة الإلحاد لتخدم بذالك مصالحهم ومصالح الشياطين في آن واحد ، وهذه الأفكار لن يتأثر بها إلا ذوو القلوب الإيمانية الضعيفة والعقول المتخلفة التي لا تفقة من الدين إلا اسمه ، أما المسلم المتمسك بعقيدته ، سواء كان في العالم الشرقي أم في العالم الغربي ، فالقرآن دحض وسيدحض كل دعاوي الشرك والإلحاد إلى يوم الدين .
أرجو من الله تعالى أن أكون قد وفقت في عرض هذه القضية عرضا حسنا لأن هذا البحث يحتاج إلى مزيد من الدراسات المتعمقة وذلك لسعة هذا الميدان وتشعب أبحاثه وأنا على يقين بأن عملي هذا هو قطرة في بحر فباب الاستنساخ هو باب جديد من أبواب العلم الحديث مازال في بداياته الأولى والمستقبل أمامه بكل أبعاده ونحن لا نعلم إلى ما سيؤول إليه حاله مستقبلا أسأل الله أن يثبت المؤمنين على دينهم وأن يجعلنا من أتباع دينه ، الداعين بدعوة نبيه صلى الله عليه وسلم الفائزين يوم القيامة برحمته ورضوانه ، إنه سميع قريب مجيب .
قال حميد أمين هذا الموضوع اختصرته من عدة مقالات من عدة منتديات ومن خطب الشيخ محمد حسان أيضا
( حكم الاستنساخ البشري ) >
ما هو حكم استنساخ البشر ؟ وما هو حكمه من ناحية النسب والزواج والميراث وغيرها من الأحكام الأسرية ؟؟؟
الجواب : ( الحمد لله ، لقد خلق الله الإنسان في أحسن تقويم ، وكرمه غاية التكريم فقال عز من قائل : ( ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلاً ) الإسراء /70 ، زيَّنه بالعقل ، وشرفه بالتكليف ، وجعله خليفة في الأرض واستعمره فيها ، وأكرمه بحمل رسالته التي تنسجم مع فطرته بل هي الفطرة بعينها لقوله تعالى : ( فأقم وجهك للدين حنيفاً فطرت الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله ذلك الدين القيم ) الروم /30 وقد حرص الإسلام على الحفاظ على فطرة الإنسان سوية من خلال المحافظة على المقاصد الكلية الخمسة : الدين والنفس والعقل والنسل والمال ، وصونها من كل تغيير يفسدها ، سواء من حيث السبب أم النتيجة ، يل على ذلك الحديث القدسي الذي أورده القرطبي من رواية القاضي إسماعيل : ( إني خلقت عبادي حنفاء كلهم ، وإن الشياطين أتتهم فاجتالتهم عن دينهم .. إلى قوله : - وأمرتهم أن يغيروا خلقي ) تفسير القرطبي 5/389
وقد علّم الله الإنسان ما لم يكن يعلم ، وأمره بالبحث والنظر والتفكر والتدبر مخاطباً إياه في آيات عديدة : ( أفلا يرون ) ، ( أفلا ينظرون ) ، ( أولم ير الإنسان أنا خلقناه من نطفة ) ( إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون ) ( إن في ذلك لآيات لقوم يعقلون ) ( إن في ذلك لذكرى لأولى الألباب ) ( اقرأ باسم ربك الذي خلق ) .
والإسلام لا يضع حجراً ولا قيداً على حرية البحث العلمي ، إذ هو من باب استكناه سنة الله في خلقه ، ولكن الإسلام يقضي كذلك بأن لا يترك الباب مفتوحاً بدون ضوابط أمام دخول تطبيقات نتائج العلمي إلى الساحة العامة بغير أن تمر على مصفاة الشريعة ، لتمرر المباح وتحجز الحرام ، فلا يسمح بتنفيذ شيء لمجرد أنه قابل للتنفيذ ، بل لا بد أن يكون علماً نافعاً جالباً لمصالح العباد ودارئاً لمفاسدهم ، ولابد أن يحافظ هذا العلم على كرامة الإنسان ومكانته والغاية التي خلقه الله من أجلها ، فلا يتخذ حقلاً للتجريب ، ولا يعتدي على ذاتية الفرد وخصوصيته وتميزه ، ولا يؤدي إلى خلخلة الهيكل الاجتماعي المستقر أو يعصف بأسس القرابات والأنساب وصلات الأرحام والهياكل الأسرية المتعارف عليها على مدى التاريخ الإنساني في ظلال شرع الله وعلى أساس وطيد من أحكامه .وقد كان مما استجد للناس من علم في هذا العصر ، ما ضجت به وسائل الإعلام في العالم كله باسم الاستنساخ ، وكان لابد من بيان حكم الشرع فيه ، بعد عرض تفاصيله من قبل نخبة من خبراء المسلمين وعلمائهم في هذا المجال .
تعريف الاستنساخ :
من المعلوم أن سنة الله في الخلق أن ينشأ المخلوق البشري من اجتماع نطفتين اثنتين تشتمل نواة كل منهما على عدد من الصبغات ( الكروموسومات ) يبلغ نصف عدد الصبغات التي في الخلايا الجسدية للإنسان ، فإذا اتحدت نطفة الأب ( الزوج ) التي تسمى الحيوان المنوي بنطفة الأم ( الزوجة ) التي تسمى البييضة ، تحولتا معاً إلى
2
نطفة أمشاج أو لقيحة ، تشمل على حقيبة وراثية كاملة ، وتمتلك طاقة التكاثر ، فإذا انغرست في رحم الأم تنامت وتكاملت وولدت مخلوقاً مكتملاً بإذن الله ، وهي في مسيرتها تلك تتضاعف فتصير خليتين متماثلتين فأربعاً فثمانياً .. ثم تواصل تضاعفها حتى تبلغ مرحلة تبدأ عندها بالتمايز والتخصص ، فإذا انشطرت إحدى خلايا اللقيحة في مرحلة ما قبل التمايز إلى شطرين متماثلين تولد منهما توأمان متماثلان ، وقد أمكن في الحيوان إجراء فصلٍ اصطناعي لأمثال هذه اللقائح ، فتولدت منها توائم متماثلة ، ولم يبلّغ بعد عن حدوث مثل ذلك في الإنسان ، وقد عد ذلك نوعاً من الاستنساخ أو التنسيل ، لأنه يولد نسخاً أو نسائل متماثلة ، وأطلق عليه اسم الاستنساخ بالتشطير .
وثمة طريقة أخرى لاستنساخ مخلوق كامل ، تقوم على أخذ الحقيبة الوراثية الكامل على شكل نواة من خلية من الخلايا الجسدية ، وإيداعها في خلية بييضة منزوعة النواة ، فتتألف بذلك لقيحة تشتمل على حقيبة وراثية كاملة ، وهي في الوقت نفسه تمتلك طاقة التكاثر ، فإذا غرست في رحم الأم تنامت وتكاملت وولدت مخلوقاً مكتملاً بإذن الله ، وهذا النمط من الاستنساخ الذي يعرف باسم ( النقل النووي ) أو الإحلال النووي للخلية البييضية ) وهو الذي يفهم من كلمة الاستنساخ إذا أطلقت وهو الذي حدث في النعجة " دوللي " . على أن هذا المخلوق الجديد ليس نسخة طبق الأصل ، لأن بييضة الأم المنزوعة النواة تظل مشتملة على بقايا نووية في الجزء الذي يحيط بالنواة المنزوعة . ولهذه البقايا أثر ملحوظ في تحوير الصفات التي ورثت من الخلية الجسدية ، ولم يبلَّغ أيضاً عن حصول ذلك في الإنسان .
فالاستنساخ إذن هو : توليد كائن حي أو أكثر إما بنقل النواة من خلية جسدية إلى بييضة منزوعة النواة ، وإما بتشطير بييضة مخصبة في مرحلة تسبق تمايز الأنسجة والأعضاء .
ولا يخفى أن هذه العمليات وأمثالها لا تمثل خلقاً أو بعض خلق ، قال عز وجل : ( أم جعلوا لله شركاء خلقوا كخلقه فتشابه الخلق عليهم قل الله خالق كل شيء وهو الواحد القهار ) الرعد /16 ، وقال تعالى : ( أفرأيتم ما تمنون ، أأنتم تخلقونه أم نحن الخالقون ، نحن قدرنا بينكم الموت وما نحن بمسبوقين ، على أن نبدل أمثالك وننشأكم في ما لا تعلمون ، ولقد علمتم النشأة الأولى فلولا تذكرون ) الواقعة /58-62 . وقال سبحانه : ( أولم ير الإنسان أنا خلقناه من نطفة فإذا هو خصيم مبين ، وضرب لنا مثلاً ونسي خلقه قال من يحي العظام وهي رميم ، قل يحييها الذي أنشأها أول مرة وهو بكل خلق عليم ، الذي جعل لكم من الشجر الأخضر ناراً فإذا أنتم منه توقدون ، أوليس الذي خلق السماوات والأرض بقادر على أن يخلق مثلهم بلى وهو الخلاق العليم ، إنما أمره إذا أراد شيئاً أن يقول له كن فيكون ) يس /77-82 .
وقال تعالى : ( ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين ، ثم جعلناه نطفة في قرار مكين ، ثم خلقنا النطفة علقة فخلقنا العلقة مضغة فخلقنا المضغة عظاماً فكسونا العظام لحماً ثم أنشأناه خلقاً آخر فتبارك الله أحسن الخالقين ) المؤمنون /12-14 .
وبناء على ما سبق من البحوث والمناقشات الشرعية التي طرحت :
قرر المجلس ما يلي : 3
أولاً : تحريم الاستنساخ البشري بطريقتيه المذكورتين أو بأي طريقة أخرى تؤدي إلى التكاثر البشري .
ثانياً : إذا حصل تجاوز للحكم الشرعي السابق فإن آثار تلك الحالات تعرض لبيان أحكامها الشرعية .
ثالثاً : تحريم كل الحالات التي يقحم فيها طرف ثالث على العلاقة الزوجية سواء أكان رحماً أو بييضة أم حيواناً منوياً أم خلية جسدية للاستنساخ .
رابعاً : يجوز شرعاً الأخذ بتقنيات الاستنساخ والهندسة الوراثية في مجالات الجراثيم وسائر الأحياء الدقيقة والنبات و الحيوان في حدود الضوابط الشرعية بما يحقق المصالح ويدرأ المفاسد ) ( مجمع الفقه الإسلامي ص 216-220. (http://www.islam-qa.com/)
هل خلقوا نعجة بالفعل؟
اصطاد العلمانيون في الماء العكر، وخرجوا علينا بكلمات خبيثة، خرج علينا من يقول: انتهت أسطورة الأمومة!!! وخرج علينا من يقول: لم تعد هناك حاجة لدور ملُحٍّ للرجل!!! وخرج علينا من يقول: لقد آن الأوان للعذراء التي لم تتزوج أن تختار طفلاً بالصفات الوراثية التي تشاء! دون الزواج بأي رجل على وجه الأرض!!! وخرج علينا من العلمانيين من يقول: لقد أحدثت النعجة (دوللي) انقلاباً في كل الموازين والمقاييس!!! اسمع! انقلاباً في كل المقاييس والموازين البيولوجية والأخلاقية والدينية، منذ أن خرجت إلى النور في يوليو الماضي، فجعلت الإنسان في حَيْص بَيْص، هكذا يقول: فجعلت الإنسان في حيص بيص؛ وذلك لسبب واحد وهو: أنها ولدت بدون أب!! ونسي العالم المجنون المخدوع أن الله خلق عيسى بدون أب! وخلق آدم بدون أم وأب! وصار العالم والعلمانيون يطبلون ويزمرون: انتهى عالم الشرع والدين، وليس هناك مجال للخطباء الذين يصرخون على المنابر أن يتكلموا بعد اليوم، لماذا؟! لقد خلق العلماء نعجة!! كذب وخداع، فما الذي حدث؟ ركزوا معي جيداً لتقفوا على حقيقة ما حدث، وليمتلئ قلبك الآن بعظمة الملك، وجلال الملك، وقدرة الملك جل جلاله.
كل ما حدث أنهم أخذوا خلية -وركز معي جيداً، فلن أسمح لك أن تنصرف إلا بعد أن تسمع الموضوع بكاملة وإلا فوالله لا عذر لك إن اختل الإيمان في قلبك من كلام العلمانيين -وهذه الخلية الحية أخذوها من ثدي نعجة- ومنطقة الثدي تسمى: ((active area)) أي: منطقة نشطة، وهذه الخلية الحيوانية تحتوى على اثنين وخمسين كروموسوماً، والكروموسوم: هو الذي يحمل الصفات الوراثية كلها، وهذه الخلية لا يمكن على الإطلاق أن تتكون إلا إذا التقى الحيوان المنوي بالبويضة، فإذا خصبت البويضة بالحيوان المنوي وتجمعت الكروموسومات من الحيوان المنوي ومن البويضة تكونت الخلية، والحيوان المنوي يحتوي على ستة وعشرين كروموسوماً في الشواذ، والنواة في البويضة تحتوي على ستة وعشرين كروموسوماً، فإذا ما اجتمع هذا العدد في الحيوان المنوي مع هذا العدد في نواة
4
البويضة وخصبت البويضة، تكونت الخلية التي تحتوي على (52) كروموسوماً، هذا في الحيوان.
أما الخلية في الإنسان: فإنها تتكون من ستة وأربعين كروموسوماً، (23) كروموسوماً في الحيوان المنوي للرجل، و(23) كروموسوماً في بويضة المرأة، فإذا لقح الحيوان المنوي البويضة تجمعت كل هذه الأعداد من الكروموسومات التي تحمل كل الصفات الوراثية في الحيوان أو في الإنسان، ماذا صنع هذا الفريق العلمي في أسكتلندا؟ أخذوا خلية من نعجة تتكون من (52) كروموسوماً، ثم في المرحلة الثانية: أخذوا بويضة من نعجة ثانية، وهذه البويضة لم تخصب بحيوان منويّ أي أنها: تحتوي على (26) كروموسوماً فقط، واستطاعوا بإبرة دقيقة تصنع بالكمبيوتر أن يأخذوا حمض الـ: (DN
الجواب) الذي يحمل كروموسومات هذه البويضة، فأصبحت البويضة بسائلها فقط دون حمض الـ: (DNالجواب) أي: بدون الكروموسومات، ووضعوا الخلية الأولى التي جاءوا بها من النعجة الأولى إلى جوار البويضة التي حصلوا عليها من النعجة الثانية، وعن طريق الحث الكهربائي اندمجت الخلية في هذه البويضة، وبعد ستة أيام نقلوا البويضة التي وضعوا بداخلها الخلية -التي تحتوي على جميع الصفات- إلى النعجة الثالثة، وبدأ الحمل يسير في رحم النعجة الثالثة حتى وضعت النعجة نعجة تشابه النعجة الأم، أي: التي أخذوا منها الخلية الأولى.هذا هو كل ما حدث في الاستنساخ.
الرد على من يظن أن البشر خلقوا نعجة
أقول بعد هذا البيان: هل يدعي عاقل يحترم نفسه ويحترم عقله أنهم خلقوا نعجة؟!! إن الخلق إيجاد من عدم، وليس تركيب مكونات هي أصلاً من خلق الملك.
وأنا أتحدى أمام هذا الجمع أن يخلق علماء الهندسة الوراثية حيواناً منوياً واحداً، أو أن يخلقوا بويضة، أو أن يخلقوا خلية.لماذا ذهبتم إلى الخلية -التي هي أصلاً من خلق الملك- فأخذتموها وأجريتم عليها التجارب؟!! لماذا لم توفروا على أنفسكم هذا الجهد الهائل، وهذه المليارات الطائلة، وتخلقوا خلية من أول الأمر تحمل الصفات الوراثية التي تريدونها؟!! فالخلية خلق مَنْ؟! والحيوان المنوي خلق مَنْ؟! والبويضة خلق مَنْ؟! { ذَلِكُمُ اللَّهُ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ } [الأنعام:95]، وأنا أتحدى علماء الهندسة الوراثية على وجه الأرض وأقول لهم: أيهما أيسر: أن نستنسخ إنساناً جديداً أم أن نبقي حياة إنسان يعيش بيننا؟!
الجواب
أن نبقي حياة إنسان يعيش بيننا، فلا نحتاج إلى نواة ولا إلى خلية ولا إلى تجارب ولا إلى سنوات ولا إلى مليارات.نتحدى الدنيا وعلماء الهندسة الوراثية في أمريكا وبريطانيا وأسكتلندا وإيطاليا والصين وفى كل الأرض نتحداهم أن يخلدوا ( بيل كلينتون ) أو ( جون ميجور ) أو ( نتنياهو )، نتحدى العالم كله.{ وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِينْ مِتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ * كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ } [الأنبياء:34-35].
اسمع أيها الموحد لربك؛ ليمتلئ قلبك إيماناً بالله، اسمع لقول الله: { يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَابًا وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ } هل تصدقون الله؟! هذا كلام ربنا، { لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَابًا وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئًا لا يَسْتَنقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ * مَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ } [الحج:73-74].
السؤال
أريد أن أعرف الرأي الديني في عمليه الاستنساخ ؟ وبعض المعلومات العلمية
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد ثارت ضجة كبيرة في الآونة الأخيرة عندما طلع علينا علماء الأحياء فقالوا إنهم استطاعوا أن يخلقوا (يستنسخوا) شاة من شاة أخرى وأن الطريق أصبح مهيئا لاستنساخ البشر حسب الطلب. وحقيقة الأمر أن علماء الأحياء عبثوا ببويضة ملقحة وانتزعوا منها النواة وحقنوها بخلية حية من شاة أخرى، فظنوا أن الخلية الحية انقسمت ونشأ الجنين منها وتخلقت الشاة من هذه الخلية. والذي حدث هو الآتي. -الحصول على بويضة من شاة واستخرجت منها النواة -الحصول على خلية أخرى عادية من شاة واستخرجت منها النواة -وضع نواة الخلية العادية في البويضة -وضع البويضة في رحم الأم فتم تكاثرها إلى أن أنجبت الأم شاة. وتمت هذه العملية بعد إجراء أكثر من ثلاثمائة عملية دمج للحمض النووي المأخوذ من خلايا ضرع مع بويضات مخصبة من نعاج وكلها قد فشلت وربما أنتجت مسوخاً لم يعلن عنها. يقول الدكتور عبد الخالق محمد: إن استنساخ خلايا آدمية بالغة باستخدام التقنية آنفة الذكر لا يزال مستحيلا والمحاولات التي أجريت كلها باءت بالفشل وهي في مهدها والمحاولات القليلة التي نجحت كانت نتيجتها مخلوقات بالغة التشويه. وهناك طريق آخر للاستنساخ غير الطريق السالفة: وهي طريق التوائم وذلك أن الإنسان في البداية خلية واحدة تنقسم إلى خليتين ثم إلى أربع وقد تمكن العلماء من فصل الخلية التي نتجت عن انقسام الخلية الأم إلى اثنين وعزلهما إلى آخر هذه العملية التي بآت بالفشل أيضاً. وهذا العبث في الأجنة بالطريقتين ليس خلقا ولا استحداثاً للإنسان أو الحيوان ولن يكون شأن الإنسان شأن النبات يتكاثر بجزء من أعضائه أو نسيجه أو براعمه لأن شأن الحيوان شأن آخر. وعندما يشاء الله فإن البويضة الملقحة وحدها هي التي تنقسم فيها الخلايا إلى مجموعات عاملة كل مجموعة تعرف طريقها ومكانها وهذا التحول إنما هو من صنع الله تعالى: (هو الذي يصوركم في الأرحام كيف يشاء ) [آل عمرآن: 6]وهو تعالى الذي يتقل
بالخلق من طور إلى طور قال تعالى: ( ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين ثم جعلناه نطفة في قرار مكين ثم خلقنا النطفة علقة فخلقن العلقة مضغة فخلقنا المضغة عظاماً فكسونا العظام لحماً ثم أنشأناه خلقاً آخر فتبارك الله أحسن الخالقين) [المؤمنون:12/14] وهذا السعي الحثيث لخلق الإنسان والحيوان من غير الطريق الذي وضعه الله تعالى سعي قديم عبثي إفسادي وهو نتاج للمعتقد المدون في التوراة المحرفة مأخوذ عن كفار الرمان الأقدمين الذي يقول: إن صراعاً بين الإنسان والإله منذ القدم وإن الإله قهر الإنسان لأنه حاز العلم وأن الإنسان استطاع أن يسرق شعلة المعرفة من الإله وبذلك أصبح كإلاله عارفاً الخير والشر. ولن يستطيعوا أن يخلقوا نوعاً جديداً فهو مستحيل لأنه ليس من اختصاص البشر بل محاولة الاستغناء بالذكر عن الأنثى والأنثى عن الذكر لن يكون . ( فمن أظلم ممن افترى على الله كذباً ليضل الناس بغير علم إن الله لا يهدي القوم الظالمين) [الأنعام: ٍ144] ولن يخلقوا نوعاً جديداً من النباتات ولا الفاكهة، فقد حاول بعض الباحثين في علم النباتات الخلط بين جينات البطاطس والطماطم فأخرجوا ثمرة سامة. إنه العبث والفساد. قال تعالى : ( أأنتم تخلقونه أم نحن الخالقون ) [الواقعة:59]( أأنتم تزرعونه أم نحن الزارعون) [الواقعة:64] إن العبث بخلق الإنسان جريمة كبرى لن تبوء إلا بالفشل والخسران. والعلم عند الله.المفتي: مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقي
حكم الاستنساخ البشري
((أولاً: عن جواز أصل العملية أو عدمه شرعاً لو تم تخليق إنسان بهذه الطريقة؟ وبأية شروط لو كانت؟))
ج1/ الظاهر إباحة إنتاج الكائن الحي بهذه الطريقة أو غيرها مما يرجع إلى استخدام نواميس الكون التي أودعها الله تعالى فيه والتي يكون في استكشافها المزيد من معرفة آيات الله تعالى وعظيم قدرته ودقة صنعته، استزادة في تثبيت الحجة وتنبيهاً عل صدق الدعوة، كما قال عزّ من قال : (سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق أو لم يكف بربك أنه على كل شيء شهيد).
ولا يحرم من ذلك إلا ما كان عن طريق الزنى، ويلحق به على الأحوط وجوباً تلقيح بويضة المرأة بحيمن الرجل الأجنبي تلقيحاً صناعياً خارج الرحم، بحيث ينتسب الكائن الحي لأبوين أجنبيين ليس بينهما سبب محلل للنكاح.
أمّا ما عدا ذلك فلا يحرم في نفسه، إلا أن يقارن أمراً محرماً كالنظر لما يحرم النظرإليه، ولمس ما يحرم لمسه، فيحرم ذلك الأمر.
وقد سبق أن وَرَدنا استفتاء حول هذا الموضوع من بعض الاخوة الذين يعيشون في بريطانيا، عند قيام الضجة الإعلامية العالمية حوله بين مؤيد ومعارض، وقد أُشير فيه لبعض الأمور التي سبقت كمحاذير يتوهم منها التحريم وهي:
1 ـ إنتاج الكائن الحي خارج نطاق الأسرة:
ولم يتضح الوجه في التحريم من أجل ذلك، حيث لا دليل في الشريعة على حصر مسار الإنسان في انتاجه بسلوكه الطرق الطبيعية المألوفة، بل رقي الإنسان إنما هو باستحداث الطرق الأُخرى واستخدام نواميس الكون المودعة فيه التي يطلعه الله عليها بالبحث والاجتهاد، والاستزاده في طرق المعرفة، كما لادليل على حصر انتاج الانسان وفي ضمن نطاق الأسرة، ولا سيما بعد خلق الإنسان الأول من طين، ثم خلق نبي الله عيسى (عليه السلام) من غير أب، وخلق ناقة صالح وفصيلها على نحو ذلك كما تضمنته الروايات.
2 ـ إن هذه العملية تسبب مشاكل أخلاقية كبيرة، إذ من الممكن أن يستخدمها المجرمون للهروب من العدالة.
وهذا كسابقه لا يقتضي التحريم، فإن الإجرام وإن كان محرماً إلا أن فعل ما قد يستغله المجرم ليس محرماً، وما أكثر ما يقوم العالم اليوم بإنتاج وسائل يستخدمها المجرمون وتنفعهم هذه العملية، ولم يحطر ببال أحد تحريمها.
وربما كان انتفاع المجرمين بمثل عملية التجميل أكثر من انتفاعهم بهذه العملية، فهل تحرم عملية التجميل لذلك؟!
وفي الحقيقة أن ترتب النتائج الحسنة أو السيئة على مستجدات الحضارة المعاصرة تابع للمجتمع الذي نعيش فيه ويستغلها، فإذا كان مجتمعاً مادياً حيوانياً كانت النتائج إجرامية مريعة، كما نلمسه اليوم في نتائج كثير من هذه المستجدات في المجتمعات المتحضرة المعاصرة.
3 ـ إن نجاح هذه العملية قد تسبقه تجارب فاشلة تفسد فيها البويضة قبل أن تنتج الكائن الحي المطلوب.
فإن كان المراد بذلك أن إنتاج الكائن الحي لما كان معرضاً للفشل كان محرماً لأنه يستتبع قتل البويضة المهيأة لها وهو محرم كإسقاط الجنين.
فالجواب: إن المحرم عملية قتل الكائن الحي المحترم الدم، أو قتل البويضة الملقحة التي هي في الطريق إلى الحياة، وذلك بمثل تعمدالإسقاط، وليس المحرم على المكلف عملية إنتاج كائن حي يموت قبل إن يستكمل شروط الحياة من دون أن يكون له يد في موته.
فيجوز للإنسان أن يتصل بزوجته جنسياً إذا كانت مهيأة للحمل، وإن كان الحمل معرضاً للسقوط نتيجة عدم استكمال شروط الحياة له، بسبب قصور الحيمن أو البويضة، أو عدم تهيؤ الظرف المناسب لاستكمال الجنين نموه وكسبه للحياة.
وعلى كل حال لا نرى مانعاً من العملية المذكورة، إلا أن تتوقف على محرم كالنظر لما يحرم النظر إليه ولمس ما يحرم لمسه وغير ذلك
حكم الإستنساخ من الناحية الشرعية في غير الإنسان :
الإستنساخ من النّاحية العلميّة النظريّة و التطبيقيّة لا نجد له معارضا شرعيّا في أيّ نصّ من نصوص الشريعة الإسلاميّة ما دام ذلك يتعلّق بمصلحة الإنسان ذاته أو بمصلحة غيره ، و بما يحقّق المصلحة العامّة و الخاصّة لكلّ البشر ، و بما لا يغيّر من خلق الله سبحانه و تعالى في منهج سير الحياة طبقا للنواميس الطبيعيّة التي أرادها الله سبحانه لتحقيق الخير للبشرية جمعاء..
و لاستمرار الخلافة البشرية في عمارة هذا الكون إلى أن يشاء الله ؛ و ذلك لأنّ كلّ ما في هذا الكون المخلوق إنّما هو مسخّر لخدمة الإنسان.
وقد خلقه الله تعالى لهذا الغرض ، و يدلّ على ذلك قول الله تبارك و تعالى :
﴿ و سخّر لكم ما في السماوات و ما في الأرض جميعا منه ﴾
الجاثية: 13.
و آيات كثيرة تتحدث عن تسخير هذا الكون للإنسان .
و ما دام الإنسان يعمل فيما استُخلف فيه في حدود هذا الاستخلاف الشرعيّ ، و يتصرّف فيما ملك فيه في حدود هذا الإذن الذي ورد في قوله تعالى :
﴿ هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعا منه ﴾
سورة البقرة : 29.
فإنّ عمله مشروع و تصرّفه صحيح بشرط أن يحافظ على الأمانة التي كُلّف بحملها .
و على ذلك ، فلا قيد على حريّة العلماء و الباحثين في مجال الهندسة الوراثية و الاستنساخ في النبات و الحيوان بما فيه مصلحة البشرية ، و بما لا يؤثر بالسلب على التوازن المنشود الذي خلقه الله تعالى ، و أراد للحياة به أن تستقيم بمنهج سليم ليحيا عليها ، و يعيش كلّ خلق الله أجمعين و برحمته و عطفه آمنين.
و في جميع الأحوال لا بدّ أن تُراعى قواعد الرأفة و الرحمة بالحيوان ، و قواعد الحكمة في هذه التجارِب لصالح البشريّة .
الاستنساخ البشريّ وأحكامه الطبيّة و العمليّة في الشريعة الإسلاميّة : د. نصر فريد..ص 8-10.
لقد خلق الله تعالى الانسان في أحسن تقويم، و كرّمه غاية التكريم ..زيّنه بالعقل ، و شرّفه بالتكليف ، و جعله خليفة في الأرض ..
علّمه ما لم يكن يعلم ، و أمره بالبحث و النظر ..
و الإسلام لا يضع قيدا على البحث العلمي ..و لكنّ الإسلام كذلك لا يترك الباب مفتوحا بدون ضوابط أمام دخول تطبيقات نتائج البحث العلمي على الساحة العامة بغير أن تمرّ على مصفاة الشريعة : فتمرّر المباح ، و تحجز الحرام.
فلا يسمح بتطبيق شيء لمجرد أنه قابل للتنفيذ : بل لا بد أن يكون علما نافعا جالبا لمصالح العباد ، دارئا لمفاسدهم ، و لا بد أن يحفظ هذا العلم كرامة الإنسان ، و مكانته و الغاية التي خلقه الله من أجلها ..فلا يُتَّخذ مجالا للتجريب ، و لا يعتدي على ذاتية الفرد و تميّزه .
.................................................. .........................................
فما هو الاستنساخ ؟
الاستنساخ: عبارة عن أخذ خليّة جسديّة من كائن حيٍّ تحتوي على كافة المعلومات الوراثيّة وزرعها في بويضة مفرّغة من مورثاتها، ليأتي الجنين مطابقاً تماماً في كلّ شيء للأصل،( وهو الكائن الأوّل الذي اُخذت منه الخليّة). وبالتعبير العلمي: إنّ هذا الكائن الجديد قد تمّ تغيير حامضه النووي في البويضة بعد انتزاع الحامض النووي من
الكائن الأصلي وزراعته (في طريقة مختبريّة) في البويضة التي أنتجت الكائن الجديد.
وأصل الفكرة بدأت في ألمانيا في العقد الثالث من القرن العشرين ; يوم قرّر الحزب النازي بقيادة هتلر خلق عرق متميّز، لكنّ التقنية المتوفرة آنذاك خذلته.
ثمّ جاءت نقطة التحوّل عام (1960 م) يوم استطاع العلماء استنساخ النباتات. وفي عام (1993 م) تمكّن علماء أميركيون من استنساخ توأم من بويضة، لكنّ كلّ واحد من التوأم هذا لم ينمُ إلاّ لحدود (38) خليّة فقط
قبل أن يموت الجنينان الصغيران.
وفي عام (1995 م) تمكّن العلماء اليابانيون في دمج خليّة جنينيّة مع خليّة جسديّة عن طريق تيّار كهربائي ليحصلوا لأوّل مرّة في تاريخ الإنسان على نسل لم يتم بالمعاشرة الجنسيّة (أي عن طريق تلقيح البويضة بالحيوانات المنوية ) وقبل عامين من العام (1997) تمكّن الأميركيون في ولاية تكساس من استنساخ (40) عجلاً عن طريق دمج خليّة جنينيّة وبويضة، وهذا الاُسلوب أقلّ أهميّة من الاُسلوب الياباني، أو اُسلوب البروفسور(بات ويلموث) في أدنيرة الذي أنتج (النعجة دولي) مع خبراء من معهد روزلين في مدينة أدنيرة البريطانيّة.
حيث كان ذلك في السابع والعشرين من شهر شباط لعام 1997 م حيث نشرت مجلة -(Nature) أي الطبيعة- ذات المستوى العلمي الرفيع تقريرا علميا لفريق بحث سكوتلندي يعلن عن ولادة أول كائن حي من الثديات (الحيوانات اللبونة) بالإستنساخ كما أن المجلة خصصت غلافها لصورة هذا الكائن الذي هو نعجة اسكتلندية أطلق عليها الفريق العلمي اسم (دوللي) -وسيمر الحديث عنها بالتفصيل إن شاء الله-
وما إن التقطت وسائل الإعلام هذا النبأ العلمي حتى اهتز العالم بأكمله تقريبا ، آلاف المصورين والصحف والمجلات الإعلامية والعلمية والإذاعات المرئية والمسموعة كلها سابقت للحديث عن دوللي ، رؤساء دول وحكومات عديدة طلبوا من لجانهم العلمية تقارير مستعجلة عن هذا الحدث .
عدد كبير من الباحثين المرموقين عالميا في فروع البيولوجيا (علم الأحياء) ،عقدوا مؤتمرات صحفية أوتحدثوا لوسائل الإعلام عن وجهات نظرهم في الإستنساخ حاضرا ومستقبلا ، وعوضا عن أن يعالج الإعلام حاضر الحدث كتجربة وظاهرة, ، ركز بشدة على إمكان استنساخ الإنسان وما رافق ذلك من تصورات وفرضيات ، وضع بعضها مصير البشرية على كف بيولوجيا الإستنساخ من باحثين وأدوت وطرائق ،ولقداستثار هذا الرعب الخفي هلعا حقيقيا كامنا دفع ببرلمان النرويج مثلا أن يقترع (دون طويل انتظار ) على قانون يحرم الإستنساخ البشري وكذلك (استنساخ الكائنات الحية الراقية ) بأغلبية (88)صوت مقابل (صوتين)
فقط عارضا هذا القانون ، كما إن البرلمان الأوربي في مدينة ستراسبورغ (ويضم أعضاء منتخبين يمثلون دول الإتحاد الأوربي الخمس عشرة) طلب إلى دوله سن قوانين تحريم الإستنساخ البشري0
فما هي حقيقة الأمر ؟ هل إن استنساخ دوللي يمثل فعلا ثورة علمية كبرى ستترك آثارا عميقة في تطور البشرية ، أم أن الفكر البشري أصبح سطحيا إلى درجة تهزه فيها وسائل الإعلام المعاصر بحيث تجعله يفقد توازنه ولو إلى حين- ؟
استنساخ النعجة دوللي
لقد كانت النعجة دوللي أول كائن حي ثدي أو( حتى فقاري )تم استنساخه بدءا من نواة خلية ضرعية (يعتقد) أنها خلية متمايزة (أي تقوم بوظيفة معينة إفرازية –هنا- بسبب تراكم بروتينات التمايز فيها كونها موجودة في طور النمو أي خرجت من الدورة الخلوية .
إن الفريق الاسكتلندي استنسخ في العام الذي سبق عام استنساخ دوللي (1996م) ولكن الاستنساخ كان عن طريق نواة أخذت من خلايا القرص الجنيني لمرحلة الأريمة (مباشرة قبل وصول الجنين إلى الرحم ،ويكون عمره في هذه المرحلة ستة أيام ) بعد زرعها في الزجاج وتكوين خط خلوي ثابت من هذه الخلايا الجنينية كلية القدرة أو كلية الإمكان فاستنسخ نعجتين هما ( موراغ و ميغان ) وهذه التجربة هي التي هيأت لاستنساخ دوللي في العام التالي .
في الحقيقة نستطيع القول بأنه إذا ما تأكدت صحة تجربة دوللي فسيصبح بالإمكان إلغاء دور الذكر في هذا النمط من التوالد اللاجنسي ، ومع أن الاستنساخ يقتصرحاليا ووفقا لهذه التقنية على الإناث (لأن الخلية أتت من ضرع نعجة في الثلث الثالث من الحمل ) فإن فريق معهد روزلين لا يشك بأنه بلإمكان استنساخ ذكور من خلايا أخذت من ذكر بالغ ، ولكن لا يمكن بأي حال من الأحوال ، الاستغناء عن الأنثى ، ذلك أنها تزود الخلية البيضية والرحم للحمل ، ولكن يحتمل الاستغناء عن مرحلة الاغتراس المؤقت في بوق مغلق النهايتين بسبب التقدم السريع الذي تحققه تقنية زرع الأجنة في الزجاج . وبديهي أن زرع الخلايا الجسدية للبالغ يتيح استنساخ عشرات آلاف الأفراد ، علما بأن تفاوت تراكيز المواد البسيطة التي تدخل في تركيب وسط الزرع ، قد يكون له دور ما في التأثير (تنشيطا أو تثبيطا ) على الحالة الفيزيائية الكيميائية ( بما في ذلك البنية الفراغية ثلاثية البعد للجزيئات الكبريتية والبروتينات والحموض النووية خاصة ، كما ويجب الأخذ بعين الاعتبار تأثير اختلاف بعض أنواع المواد من وسط زرع إلى وسط آخر )
يمكن البرهان في جمل جينية معينة على أن اختلاف تركيز الغلوكوز يتحكم في المصير التمايزي للخلية ، بحيث تعطي نمطين خلويين متبايني الوظيفة .
ومهما يكن من أمر فإن ولادة دوللي وقبلها موراغ وميغان تعد حدثا علميا ذا أهمية كبيرة ومع أن نسبة نجاح تجارب عام 1997م كانت متدنية أيضا
- أربع نعاج من أصل 385 تجربة اندماج لخلايا من القرص الجنيني لجنين عمره تسعة أيام النسبة المئوية تساوي 0.9
ونعجتان من أصل 172 تجربة اندماج لخلايا الأرومة الليفية من جنين عمره 26 يوم النسبة المئوية 1.6 ودوللي من أصل 277 تجربة اندماج خلايا ضرعية النسبة المئوية تساوي 0.36 -
فإن الانعكاسات العلمية والاقتصادية (إذا ما أمكن تكرار تجربة دوللي بمخابر أخرى) ستكون بعيدة المدى .
حكم الاستنساخ من الناحية الشرعية :
إن قضية الاستنساخ قضية كبيرة، وعمل علمي مبهر، أنهى الاعتقاد الذي كان موجوداً بأنه لا يمكن أن تحمل الأنثى إلا بتخصيب بيضتها بحيوان منوي من الذكر، فقد أصبح الآن من السهل الاستغناء عن الحيوان المنوي عند الذكر، وتقوم بعمله نواة من خلية غير حيوان منوي توضع في البييضة بدلاً من النواة المنزوعة منها، سواء أكانت هذه الخلية من أنثى أخرى غير الأنثى صاحبة البييضة، أم الأنثى نفسها صاحبة البييضة، أو كانت النواة التي ستوضع في البييضة من خلية من خلايا ذكر ليست حيواناً منوياً. وسماه العلماء استنساخاً، لأن المولود سيكون طبق للأصل الذي أخذت من خليته (النواة التي زرعت في البييضة بدلاً من نواتها المنزوعة)، فإذا كانت النواة الموضوعة أخذت من أنثى فسيكون المولود أنثى طبقاً للأنثى صاحبة النواة المستجلبة بكل صفاتها الوراثية، وإذا كانت النواة التي زرعت أخذت من ذكر فسيكون المولود ذكراً طبقاً للذكر صاحب النواة المستجلبة أيضاً بكل صفاته الوراثية. وهناك صورة أخرى للاستنساخ البشري لم يستغن العلماء فيها عن دور الحيوان المنوي كما في ولادة النعجة دوللي ، بل هي محاولة لولادة أكثر من مولود يشتركان أو يشتركون في نفس الصفات الوراثية كالتوائم، ذلك عن طريق تخصيب البييضة بالحيوان المنوي في طبق خارج الرحم،
فيتبين مما ذكرناه أن الاستنساخ يمكن أن يتخذ أربع صور، ونحدد الصور الأربع مرة ثانية فيما يأتي: الصورة الأولى: أن تكون النواة الموضوعة بدلاً من النواة المنزوعة من بييضة الأنثى هي نواة من خلية أنثى غيرها. الصورة الثانية: أن تكون النواة الموضوعة هي نواة من خلية الأنثى نفسها.
الصورة الثالثة: أن تكون النواة الموضوعة هي نواة من خلية ذكر.
الصورة الرابعة: يتم في المعمل تخصيب البييضة بالحيوان المنوي.
ونبين الحكم الشرعي في هذه الصور الأربع، بحسب ما يغلب علىالظن، وهو رأي قابل للصواب والخطأ،وذلك كما قال الشافعي رضي الله عنه( رأيي صواب يحتمل الخطأ ورأي غيري خطأ يحتمل الصواب) ، وكما قال أبو حنيفة رضي الله عنه)علمنا هذا رأي، وهو أحسن ما قدرنا عليه، فمن أتانا بخير منه قبلناه).
الصورة الأولى: أن تكون النواة الموضوعة في بييضة الأنثى من خلية أنثى أخرى ولا نرى إباحتها، بل هي حرام للأدلة الآتية: الدليل الأول: القياس ، من المعلوم أن القياس هو أحد مصادر التشريع في الإسلام، وهو المصدر الرابع في الترتيب بعد القرآن، والسنة، والإجماع. ومعنى القياس : إثبات مثل حكم معلوم في معلوم آخر لاشتراكهما في علة الحكم عند المثبت ، والقياس يؤدي إلى تحريم الصورة الأولى من صور الاستنساخ، وهي الاستنساخ عن طريق أخذ نواة من خلية أنثى لتوضع في بييضة أنثى بعد نزع نواتها ثم الزرع النهائي في الرحم. ولتوضيح القياس هنا، أنه من المعلوم أن الاستمتاع الجنسي بين أفراد النوع الواحد لا يجوز شرعاً. فقد حرمت الشريعة الاستمتاع الجنسي بين الأنثى والأنثى، وهو ما يعرف بالسحاق، وحرمت الاستمتاع الجنسي بين الذكر والذكر وهو ما يعرف باللواط. فبالقياس على هذا نقول: لا يجوز الإنجاب عن طريق نواة من خلية أنثى موضوعة في بييضة أنثى غيرها، لأنه إذا كان مجرد الاستمتاع الجنسي بين أفراد النوع الواحد حراماً، فإن الإنجاب بين أفراد النوع الواحد يكون حراماً من باب أولى. ومما يوضح ذلك ويؤكده أن من المعروف أن الاستمتاع الجنسي بين الرجل ومحارمه حرام شرعاً، كأمه، وخالته، وعمته، وبنته، فهل من المتصور أن يكون الإنجاب حلالاً من إحدى المحارم؟! إن الإنجاب بالتأكيد يأخذ حكم الأولولية في التحريم. الدليل الثاني: سد الذرائع وهي قاعدة أصولية معروفة في علم أصول الفقه الإسلامي، ومعناها منع الوسائل التي يمكن أن يتوصل بها إلى أمر محرم في غالب الأحوال، وإن كانت نفس الوسائل حلالاً، والأخذ بمبدأ ( سد الذرائع ) ثابت في المذاهب الفقهية، وإن لم يصرح به، وقد أكثر منه الإمامان: مالك ، وأحمد ، وكان دونهما في الأخذ به الإمامان: أبو حنيفة والشافعي، ولكنهما لم يرفضاه جملة، ولم يعتبراه أصلاً قائماً بذاته في الاستدلال، ومنع الضرر في الشريعة يؤدي إلى القول بعدم إباحة الاستنساخ البشري بين أنثى وأنثى، وذلك لأن هذه الطريقة ستؤدي إلى ولادة بنت ليس لها أب فتنشأ نشأة الطفل الذي لا يعرف له والداً، وهذا ضرر نفسي لها،
في كثير من الحالات متألمين نفسياً، والأطفال اللقطاء يكونون في حالة نفسية سوية في الغالب،
والضرر ممنوع كما بينا. ومن المشاهد أن الأطفال الذين يولدون يتامى، أو ييتمون في صغرهم يكونون
حتى إذا كبروا وجاء وقت علموا فيه أن الأسرة التي كانت تؤويهم وتنسبهم إليها ليست أسرتهم الحقيقية، وأنه
لا يوجد للواحد منهم أب معروف أو أم معروفة، تعرضوا للهزات النفسية العنيفة التي تؤدي بهم إلى ارتكاب
جرائم في المجتمع. فالأسباب التي تؤدي إلى الاضطرابات النفسية للأطفال متعددة، منها أسباب عضوية، ومنها أسباب نفسية، ومن أهم هذه الأسباب تعرض الطفل للحياة مع أحد الوالدين فقط، سواء أكان ذلك نتيجة للانفصال بين الوالدين، أم الهجرة، أم الوفاة. فكذلك هذه البنت المولودة بهذه الطريقة في الاستنساخ غالباً ستتعرض للألم النفسي لأنها ليس لها والد ولا عم، ولا جد من جهة الأب، بل هي عند بلوغها سن الزواج لن تكون في الغالب مفضلة عند الكثيرين من الشباب الراغبين في الزواج فما الذي يدفع شاباً للزواج من فتاة ليس لها أب ولا عم، ويكون أولاده منها ليس لهم جد من ناحية الأب، وفي نفس الوقت يوجد كثيرات غيرها ممن ينتمين إلى عائلات فيها الأفراد الكثيرون ذكوراً وإناثاً، فقد يؤدي ذلك هذا إلى عنوستها.
الدليل الرابع( حديث ) (دع ما يريبك إلى ما لا يريبك) والاستدلال بهذا الحديث مبني على أن العلماء لم يعطونا ببحوثهم وتجاربهم الكلمة الأخيرة للاطمئنان على سلامة المولود بطريقة الاستنساخ، وخلوه من أي تشوه شكلي أو سلوكي، فمن المحتمل أن يجيء المولود وهو يحمل عيباً أو أن يكون قصير العمر نظراً لسن الخلية التي أخذت منها النواة المستجلبة، أو أن هذه الطريقة في الإنجاب ستعطينا مولوداً غير طبيعي السلوك، وهذا مما يجب أن ننأى عنه، وأن لا نجعل البشر مجالاً لحقول التجارب غير مأمونة الجوانب. هذه الأدلة الأربعة التي نرى أنها تؤدي إلى عدم القول بإباحة الاستنساخ البشري بوسيلة أخذ نواة من خلية أنثى لتوضع في بييضة أنثى أخرى، بدلاً من النواة التي نزعت منها.
حكم الصورة الثانية أما الصورة الثانية، وهي الإنجاب عن طريق أخذ نواة من خلية امرأة لتوضع في بييضة هذه المرأة ذاتها فحكمها الفقهي نفس حكم الصورة الأولى، وهو القول بعدم الإباحة. والأدلة على هذا الحكم هي نفس أدلة الحكم في الصورة الأولى عدا دليل القياس.
حكم الصورة الثالثة الصورة الثالثة من الاستنساخ البشري هي أن يكون الإنجاب عن طريق أخذ نواة من خلية ذكر لتوضع في بييضة امرأة، بدلاً من النواة التي نزعت من هذه البييضة، والحكم هنا فيه تفصيل لأنه إما أن تكون النواة المستجلبة مأخوذة من رجل أو من غير الإنسان من ذكور الحيوانات، والرجل إما أن يكون زوجاً لهذه المرأة أو غير زوج لها فإذا كانت النواة من غير الإنسان من ذكور الحيوانات فلاشك في تحريم هذا العمل
لأن هذا عبث وتشويه لخلق الله عز وجل
فلو قدر لهذا العمل العبثي أن ينتج عنه مولود - وهو مجرد احتمال - فإنه بكل تأكيد سيكون مخلوقاً آخر، له صفات أخرى غير الصفات الإنسانية، يشهد لهذا ويؤكده ما يحدث عندما يتم التلقيح بين الحمار والفرس، فإن الفرس إذا حملت من الحمار لم يكن الناتج حصاناً أو فرساً، أو حماراً، وإنما يكون مخلوقاً آخر، له صورة وطبيعة أخرى تختلف عن صورة وطبيعة الخيل والحمير، وهذا المخلوق الآخر هو البغل، وشاءت قدرة الله عز وجل أن تكون البغال عقيمة لا تصلح للإنجاب،
فلا يجوز تعريض الإنسان لمثل هذا العبث الذي من المحتمل أن ينتج عنه مخلوق له طباع تختلف عن طباع الإنسان. وأما إذا كانت النواة المستجلبة مأخوذة من رجل وكما بينا إما أن يكون زوجاً لهذه المرأة أو ليس زوجاً لها. فإذا كان غير زوج لها فلا تشكيك أيضاً في تحريم هذا العمل، وهو في معنى الزنا، والزنا من المحرمات المقطوع بها في صريح آيات القرآن الكريم، وأحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإجماع الأمة، وهو يؤدي إلى اختلاط الأنساب المحرم شرعاً. وقلنا إنه في معنى الزنا، لأنه ليس زنا حسياً فجريمة الزنا لم تتوفرأركانها لأنه لا توجد مباشرة بين رجل وامرأة، لكنه يؤدي إلى ما يؤدي إليه الزنا من اختلاط الأنساب الذي منعه الشارع، بل منع الشرع أن ينسب الإنسان إلى غير أبيه، فحرم التبني بقوله تعالى: {وما جعل أدعياءكم أبناءكم ذلكم قولكم بأفواهكم والله يقول الحق وهو يهدي السبيل. ادعوهم لآبائهم هو أقسط عند الله فإن لم تعلموا آباءهم فإخوانكم في الدين ومواليكم}]الأحزاب : 4،5[ وهذا الحكم واضح فلا يجوز الإنجاب بين رجل وامرأة إلا إذا كان بينهما عقد زواج مستوف لأركانه وشروطه التي بينتها أدلة الشرع، فالأسرة هي الطريق الوحيد للنسل وما عدا هذا يمنعه الإسلام ويجرمه، وهو أمر واضح ولا يحتاج إلى كثير من إعمال الفكر والاجتهاد وإنما الذي يحتاج إلى إعمال الفكر والاجتهاد هو ما إذا كانت النواة التي وضعت في بييضة المرأة قد استجلبت من زوجها.
ويقول الدكتور محمد رأفت عثمان يجب أن نتوقف فلا نفتي بالجواز ولا بالحرمة فيما لو كانت النواة التي يراد وضعها في بييضة المرأة هي نواة من خلية أخذت من زوجها الذي لا يزال حياً، والتوقف ليس غريباً في مجال بيان الأحكام الشرعية من علماء الفقه الإسلامي عليها فالمصادر الشرعية تنقل لنا في مواضع متعددة توقف العلماء في بيان الحكم الشرعي في القضية المطروحة، ولا يعاب هذا على العالم الذي توقف في هذه القضية، بل هذه محمودة تدل على جواز الهجوم على الفتوى دون استناد قوي لدليل شرعي وغلبة ظن
- على الأقل - بصحة ما يفتي به الفقيه. والتوقف يحدث عندما يجد الفقيه أن القضية المطروحة لإبداء الرأي فيها، تتعارض فيها الأدلة - بحسب الظاهر - ولم يستطع الفقيه أن يجمع بين هذه الأدلة المتعارضة ظاهرياً، أو يرجح بعضها على الآخر، أو لم يتضح له دليل في القضية المطروحة يستند إليه في بيان الحكم الشرعي، لأن الأحكام الشرعية لابد لها من الاستناد إلى مصدر من مصادر التشريع في الإسلام.
و رأي التوقف في المسألة التي نتكلم فيها، وهي ما إذا كانت النواة التي يراد وضعها في بييضة المرأة هي نواة من خلية من خلايا زوج هذه المرأة الذي لا زال حياً، فلا نفتي بإباحة طريقة الإنجاب اللاجنسي بين الزوجين،( رأي محمود) ولا نقول بتحريمها ، ولا نفتي الآن بالقول بإباحتها وذلك لأنه لايعلم الحال التي سيكون عليها المولود، هل سيكون إنسان طبيعي الخلقة والسلوك والتفاعل الصحي مع من حوله وما حوله أم لا. قد تكون هذه الطريقة مؤدية إلى وجود إنسان ليس سوياً في أية ناحية من النواحي المهمة في حياة الإنسان، فنكون بذلك قد تسببنا في إيجاد إنسان لن يكون هو نفسه سعيداً في حياته، ولن يسعد الآخرون بوجوده، فلنتربص ماذا ستسفر عنه بحوث العلماء وتجاربهم، فهم ماضون فيها، لن يثنيهم عن هدفهم في الاستنساخ البشري كوابح من دين أو أخلاق، أو قانون، فالذي يريد منهم أن يستمر في إجراء تجاربه وأبحاثه في معمله يستطيع ذلك بعيداً عن عيون الناس، ودون أن يشعر به أحد منهم، لكن ديننا الإسلامي يمنعنا من الأعمال غير مأمونة الجوانب، التي يمكن أن تنتج شراً، في إيجاد إنسان ليس سوي الفطرة، والخلقة، والسلوك، والتصرف المحمود حيال ما يحيط به، فلنراقب ما ينتج من أبحاثهم وتجاربهم - التي لا نوافق عليها أصلاً، لكنهم يمارسونها - فإذا كانت تجاربهم وأبحاثهم في مجال الاستنساخ في عالم الإنسان قد أنتجت إنساناً لا تشوبه شائبة في خلقته أو طبيعته، أو سلوكه، ولن يضار - نتيجة لذلك - في حياته بأي نوع من الأضرار، سواء أكانت أضرار عضوية أم نفسية، ولن يسبب ذلك أي ضرر لغيره ففي هذه الحال يمكن أن يكون محل نظر في البحث عن الحكم الشرعي في هذا العمل. ويطرح د. محمد عثمان إذا ما أثبتت تجارب علماء الغرب أن الطفل المولود بطريقة الاستنساخ لا تشوبه شائبة ما، فيتصوره حكماً قابلاً للمناقشة من العلماء في كافة التخصصات العلمية التي يمكن أن يكون لها صلة بهذا الموضوع.
إن الزوج الذي لا يستطيع الإنجاب بالطريق الطبيعي هل له أن يتبع طريقة الإنجاب اللاجنسي، بأخذ نواة من إحدى خلاياه هو شخصياً، لتوضع في بييضة زوجته بدلاً من النواة التي نزعت من هذه البييضة، يبدو أن هذا الزوج له الحق في هذه الطريقة، ولكنه لم يفتي بذلك، بل يتوقف عند هذا الرأي ويرى أن يعرض مثل هذا السؤال للمناقشة من قبل علماء متخصصين في علوم الطب، والبيولوجيا، والاجتماع، وعلم النفس، والقانون، والفقه الإسلامي، ولقد ذكرت علم الفقه الإسلامي في آخر العلوم التي ذكرها ليبين أن الفقهاء عليهم أن يعرفوا أولاً ما يقوله العلماء الكاشفون لإيجابيات أو سلبيات هذا التطور العلمي المذهل، ولا يجوز أن يتسرع الفقيه في إظهار ما يراه بحسب اجتهاده من أحكام شرعية إلا بعد تصور وفهم واضح جلي لا لبس فيه لحقيقة القضية التي يراد التعرف على الحكم الشرعي فيها، فالذي يبين من جوانب عند متخصص قد لا يبين عند متخصص آخر، وعالم الإنسان لابد من الاحتياط الشديد في مجاله، وهذا ما حدا الكثيرين من العلماء والمفكرين على أن يطالبوا بتحريم الاستنساخ في عالم الإنسان، ومطالبة الدول بوضع القوانين التي تجرم هذا النوع من الأبحاث، فقد حذر القاضي مايكل كيربي من أضرار أبحاث الجينات على حقوق الإنسان والتنوع البشري، وطالب جميع الدول بأن تضع من التشريعات القومية ما يحرم الاستنساخ البشري تماماً تمهيداً للتوصل إلى معاهدة دولية ملزمة في هذا الصدد، وبين أنه بدون التزام أخلاقي وقانون حازم سيتاح للعلماء التلاعب بالخريطة الجينية للسلالات البشرية، والقضاء على التنوع البشري الحالي. وأوضح في بعض ندواته حول الإستنساخ أن الاضطهاد والإهمال كانا أخطر أعداء البشرية قبل خمسين عاماً، أما الآن فتهدد الإنسان أبحاثه العلمية بشأن الجينات الناقلة للصفات الوراثية.
حكم الصورة الرابعة الصورة الرابعة كما سبق بيانها هي إكثار من أجنة تتشابه تشابهاً كاملاً كالتوأم السيامي، وأرى أن نتريث بل نتوقف في الحكم، فأرى أنه لابد من الرجوع إلى أساتذة الاجتماع والطب والقانون وغيرهم حتى نتأكد في النهاية أن الوليد لن يكون معرضاً للتشويه التكويني والسلوكي ولن يسبب مشاكل اجتماعية نتيجة وجود أفراد تتشابه في الشكل تشابهاً تاماً، ,أثر ذلك في مجال الجرائم، بل وفي مجال الأحوال الشخصية. أما في مجال النبات والحيوان فالمجال فيه فسيح رحب، فكل ما يؤدي إلى مصلحة الإنسان في هذا المجال مباح، مادام بعيداً عن تغيير لخلق الله لمجرد العبث لا بقصد تحقيق المنافع للإنسان، وذلك لأن كل ما في الكون خلق مسخراً لمصلحة الإنسان، كما نطقت بهذا آيات الكتاب الكريم، قال تعالى:{هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعاً}]البقرة:29[،وقال عز وجل:{وسخر لكم ما في السموات وما في الأرض جميعاً منه}]الجاثية:12 [وأما التجارب العبثية فلا نقول بإباحتها شرعاً، كالتجارب التي تجري بالفعل الآن في الغرب لجعل الرجل يحمل بدلاً من المرأة، وهو الامتداد التجريبي لما يحدث الآن في تجارب الاستنساخ البشري . أما التجارب العلمية التي يقصد بها تحقيق مصلحة الإنسان وزيادة نفعه فلا تكون ممنوعة،
مادامت مضبوطة بالضوابط الشرعية العامة. والإنسان من قديم أجرى تلقيحاً بين نوعين من الحيوان هما: الخيل والحمير فنتج عن هذا نوع حيواني آخر هو البغال، ومع هذا لم ينكره الشرع ، بل كانت البغال نوعاً من أنواع الحيوانات التي بين الله عز وجل أنها من نعم الله علينا، قال تبارك وتعالى:{ والخيل والبغال والحمير لتركبوها وزينة ويخلق ما لا تعلمون}]النحل :8[ ، وعالم الحيوان لا تحكمه القواعد الأخلاقية التي تحكمنا نحن البشر في العلاقات الجنسية، فلا توجد جريمة الزنا في عالم الحيوان، ولا يحرم اختلاط الأنساب فيه ولا توجد قيود ولا ضوابط في تزويج ذكور الحيوانات بإناثها، كالضوابط التي تحكم الإنسان في الزواج، كتحريم الزواج من بعض النساء، كالأمهات، فالتجارب في هذا المجال فيها سعة ليست موجودة في عالم الإنسان، فمجال التجارب في عالم الحيوان واسع رحب، ومجال النبات أوسع كذلك من الحيوان، ففي عالم الحيوان مثلاً يمكن أن تحقن البقرة الحلوب بهرمون البرولاكتين وهو المسئول عن إنتاج اللبن في الأبقار، وهو يشبه إلى حد كبير هرمون النمو، وبهذا يمكن أن تتضاعف كميات الألبان التي تجود بها الأبقار . وقد أعلن باحثون أمريكيون عن ولادة زوج من العجول المتطابقة جينياً يمكنها توفير الدواء للإنسان من خلال ألبانها، وقال الدكتور جيمس روبل والدكتور ستيفن ستيك في مؤتمر في مدينة بوسطن الأمريكية أن زوج لعجول أطلق عليه( جورج ) و( شارلي) نتج عن تجربة عملية للمزج بين الهندسة الوراثية والاستنساخ، وأن الأبقار الناتجة عن هذه التجارب ستدر ألباناً غنية بالبروتينات التي يمكن أن تسهم في علاج كثير من الأمراض. وأشار العالمان إلى أن استنساخ البقر عملية أكثر أهمية من استنساخ النعجة ( دوللي) نظراً إلى كميات الألبان الغزيرة المتوافرة في الأبقار .
ويأمل العلماء في أن تتطور عمليات استنساخ الأبقار في المستقبل لتصبح إناث الأبقار بمثابة مصانع حية، لإنتاج الدواء .
الخاتمة :
إن التطور العلمي أمر بالغ الأهمية ، وهو مفيد إذا كان محققا خيرا أو نفعا للإنسان ، وضار أو ممنوع إذا كان مؤديا لشر أو ضرر بالإنسان ، لأن المعرفة العلمية يجب أن لا تكون على حساب الإنسان ، لأن الإنسان أكرم مخلوقات الله ، وأهم جدا من المعرفة العلمية ، حتى ولو أمكن استنساخ طفل معافى سليم من الأمراض ، أو تقديم ما يحتاج إنسان لقلب أو كبد أو كلية من إنسان مستنسخ عنه.
وعلى ضوء هذا البحث يمكن الحكم على الأستنساخ من خلال المبادئ التالية :
1- نحن نقدر العلم والعلماء ، ولا نقف في مواجهة إنجازات المختبرات والتجارب العلمية ،ولكن بشرط توجيه العلم نحو خير الإنسان ومصلحته ، وتحقيق التنمية والتطور، والرفاه ، والسلام ، والأمان للعالم كله ، ولا نتعجل بالقول بالمنع أو التحريم خلافا لما يتصور بعض المهاجمين للعلماء بأنهم لا يعرفون سوى مقدمات الصلاة وغيرها من العبادات .
ولسنا أيضا نبادر إلى التكذيب وإنكار معطيات الاستنساخ كما تورطت بعض الهيئات الدينية في الإفتاء في السعودية ، لأن ذلك ممكن في النبات والحيوان والإنسان ، كما تدل التجارب العلمية التي جوبهت بمعارضة شديدة منذ السبعينات في هذا القرن ،من قبل مختلف الأوساط الاجتماعية والفكرية والدينية .
2 - إن الاستنساخ بالصورة التي قرأناها وشرحها المختصون، ينافي ظاهرة الازدواج، أو سنة الزوجية في هذا الكون الذي نعيش فيه.فالناس خلقهم الله أزواجاً من ذكر وأنثى، وكذلك الحيوانات والطيور والزواحف والحشرات، بل كذلك النباتات كلها.بل كشف لنا العلم الحديث أن الازدواج قائم في عالم الجمادات، كما نرى في الكهرباء ظاهرة الموجب والسالب، بل إن الذرة – وهي وحدة البناء الكوني كله – تقوم على إلكترون وبروتون، أي شحنة كهربائية موجبة، وأخرى سالبة، ثم النواة ، والقرآن الكريم يشير إلى هذه الظاهرة حين يقول{وخلقناكم أزاوجا } ]النبأ:8 [ {وأنه خلق الزوجين الذكر والأنثى من نطفة إذاتمنى}]النجم:45/46[، ويقول {ومن كل شيء خلقنا زوجين لعلكم تذكرون }]الذاريات:49[، ولكن الاستنساخ يقوم على الاستغناء عن أحد الجنسين، والاكتفاء بجنس واحد، حتى قالت إحدى النساء الأميركيات: سيكون هذا الكوكب بعد ذلك للنساء وحدهن .وهذا ضد الفطرة التي فطر الله الناس عليها، فالإنسان بفطرته يحتاج إلى الجنس الآخر، ليس لمجرد النسل، بل ليكمل كل منهما الآخر، وإذا كان كل من الرجل والمرأة في حاجة إلى صاحبه ليسكن إليه، وتقوم بينهما المودة والرحمة، فإن ذريتهما أشد ما تكون حاجة إليهما، أي إلى جو الأسرة، إلى الأمومة الحانية، وإلى الأبوة الراعية إلى تعلم الفضائل من الأسرة، فضائل المعاشرة بالمعروف، والتفاهم والتناصح والتباذل، والتعاون على البر.وقد علم الناس أن أطول الطفولات عمراً هي الطفولة البشرية التي تمتد لسنوات، يكون الطفل فيها في حاجة إلى أبويه وإلى أسرته مادياً وأدبياً، ولا تتم تربية الطفل تربية هوية مكتملة إلا في ظل أبوين يحبانه ويحنوان عليه، وينفقان الغالي والرخيص حتى يكتمل نموه، وهما في غاية السعادة بما يبذلان لأولادهما، دون منّ ولا أذى.والاستنساخ لا يحقق سكن كل من الزوجين إلى الآخر، كما لا يحقق الأسرة التي يحتاج الطفل البشري إلى العيش في ظلالها وحماها، واكتمال نموه تحت رعايتها.
وأخيرا فإني أحب القول بأن الإسلام لم يقف في يوم من الأيام في طريق العلم والبحث واكتشاف المجهول بل لاتوجد آيه قرآنيه تدعو إلى الاستزادة من شي مثلما تدعو إلى الإستزادة من العلم حيث يقول الله تعالى {وقل ربي زدني علما } ]طه : 114[ ولكن العلم شأن كل شيء في هذه الحياة ، سلاح ذو حدين يستعمل في النافع فنحصل منه على الخير ويستعمل في الضار فنحصل منه على الشر والطائفة الرائيلية تريد باستخدام تقنية الاستنساخ أن تبعد الناس عن عبادة الله وتنطلق بهم إلى فكرة الإلحاد لتخدم بذالك مصالحهم ومصالح الشياطين في آن واحد ، وهذه الأفكار لن يتأثر بها إلا ذوو القلوب الإيمانية الضعيفة والعقول المتخلفة التي لا تفقة من الدين إلا اسمه ، أما المسلم المتمسك بعقيدته ، سواء كان في العالم الشرقي أم في العالم الغربي ، فالقرآن دحض وسيدحض كل دعاوي الشرك والإلحاد إلى يوم الدين .
أرجو من الله تعالى أن أكون قد وفقت في عرض هذه القضية عرضا حسنا لأن هذا البحث يحتاج إلى مزيد من الدراسات المتعمقة وذلك لسعة هذا الميدان وتشعب أبحاثه وأنا على يقين بأن عملي هذا هو قطرة في بحر فباب الاستنساخ هو باب جديد من أبواب العلم الحديث مازال في بداياته الأولى والمستقبل أمامه بكل أبعاده ونحن لا نعلم إلى ما سيؤول إليه حاله مستقبلا أسأل الله أن يثبت المؤمنين على دينهم وأن يجعلنا من أتباع دينه ، الداعين بدعوة نبيه صلى الله عليه وسلم الفائزين يوم القيامة برحمته ورضوانه ، إنه سميع قريب مجيب .
قال حميد أمين هذا الموضوع اختصرته من عدة مقالات من عدة منتديات ومن خطب الشيخ محمد حسان أيضا
فما هو الاستنساخ ؟
الاستنساخ: عبارة عن أخذ خليّة جسديّة من كائن حيٍّ تحتوي على كافة المعلومات الوراثيّة وزرعها في بويضة مفرّغة من مورثاتها، ليأتي الجنين مطابقاً تماماً في كلّ شيء للأصل،( وهو الكائن الأوّل الذي اُخذت منه الخليّة). وبالتعبير العلمي: إنّ هذا الكائن الجديد قد تمّ تغيير حامضه النووي في البويضة بعد انتزاع الحامض النووي من
الكائن الأصلي وزراعته (في طريقة مختبريّة) في البويضة التي أنتجت الكائن الجديد.
وأصل الفكرة بدأت في ألمانيا في العقد الثالث من القرن العشرين ; يوم قرّر الحزب النازي بقيادة هتلر خلق عرق متميّز، لكنّ التقنية المتوفرة آنذاك خذلته.
ثمّ جاءت نقطة التحوّل عام (1960 م) يوم استطاع العلماء استنساخ النباتات. وفي عام (1993 م) تمكّن علماء أميركيون من استنساخ توأم من بويضة، لكنّ كلّ واحد من التوأم هذا لم ينمُ إلاّ لحدود (38) خليّة فقط
قبل أن يموت الجنينان الصغيران.
وفي عام (1995 م) تمكّن العلماء اليابانيون في دمج خليّة جنينيّة مع خليّة جسديّة عن طريق تيّار كهربائي ليحصلوا لأوّل مرّة في تاريخ الإنسان على نسل لم يتم بالمعاشرة الجنسيّة (أي عن طريق تلقيح البويضة بالحيوانات المنوية ) وقبل عامين من العام (1997) تمكّن الأميركيون في ولاية تكساس من استنساخ (40) عجلاً عن طريق دمج خليّة جنينيّة وبويضة، وهذا الاُسلوب أقلّ أهميّة من الاُسلوب الياباني، أو اُسلوب البروفسور(بات ويلموث) في أدنيرة الذي أنتج (النعجة دولي) مع خبراء من معهد روزلين في مدينة أدنيرة البريطانيّة.
حيث كان ذلك في السابع والعشرين من شهر شباط لعام 1997 م حيث نشرت مجلة -(Nature) أي الطبيعة- ذات المستوى العلمي الرفيع تقريرا علميا لفريق بحث سكوتلندي يعلن عن ولادة أول كائن حي من الثديات (الحيوانات اللبونة) بالإستنساخ كما أن المجلة خصصت غلافها لصورة هذا الكائن الذي هو نعجة اسكتلندية أطلق عليها الفريق العلمي اسم (دوللي) -وسيمر الحديث عنها بالتفصيل إن شاء الله-
وما إن التقطت وسائل الإعلام هذا النبأ العلمي حتى اهتز العالم بأكمله تقريبا ، آلاف المصورين والصحف والمجلات الإعلامية والعلمية والإذاعات المرئية والمسموعة كلها سابقت للحديث عن دوللي ، رؤساء دول وحكومات عديدة طلبوا من لجانهم العلمية تقارير مستعجلة عن هذا الحدث .
عدد كبير من الباحثين المرموقين عالميا في فروع البيولوجيا (علم الأحياء) ،عقدوا مؤتمرات صحفية أوتحدثوا لوسائل الإعلام عن وجهات نظرهم في الإستنساخ حاضرا ومستقبلا ، وعوضا عن أن يعالج الإعلام حاضر الحدث كتجربة وظاهرة, ، ركز بشدة على إمكان استنساخ الإنسان وما رافق ذلك من تصورات وفرضيات ، وضع بعضها مصير البشرية على كف بيولوجيا الإستنساخ من باحثين وأدوت وطرائق ،ولقداستثار هذا الرعب الخفي هلعا حقيقيا كامنا دفع ببرلمان النرويج مثلا أن يقترع (دون طويل انتظار ) على قانون يحرم الإستنساخ البشري وكذلك (استنساخ الكائنات الحية الراقية ) بأغلبية (88)صوت مقابل (صوتين)
فقط عارضا هذا القانون ، كما إن البرلمان الأوربي في مدينة ستراسبورغ (ويضم أعضاء منتخبين يمثلون دول الإتحاد الأوربي الخمس عشرة) طلب إلى دوله سن قوانين تحريم الإستنساخ البشري0
فما هي حقيقة الأمر ؟ هل إن استنساخ دوللي يمثل فعلا ثورة علمية كبرى ستترك آثارا عميقة في تطور البشرية ، أم أن الفكر البشري أصبح سطحيا إلى درجة تهزه فيها وسائل الإعلام المعاصر بحيث تجعله يفقد توازنه ولو إلى حين- ؟
استنساخ النعجة دوللي
لقد كانت النعجة دوللي أول كائن حي ثدي أو( حتى فقاري )تم استنساخه بدءا من نواة خلية ضرعية (يعتقد) أنها خلية متمايزة (أي تقوم بوظيفة معينة إفرازية –هنا- بسبب تراكم بروتينات التمايز فيها كونها موجودة في طور النمو أي خرجت من الدورة الخلوية .
إن الفريق الاسكتلندي استنسخ في العام الذي سبق عام استنساخ دوللي (1996م) ولكن الاستنساخ كان عن طريق نواة أخذت من خلايا القرص الجنيني لمرحلة الأريمة (مباشرة قبل وصول الجنين إلى الرحم ،ويكون عمره في هذه المرحلة ستة أيام ) بعد زرعها في الزجاج وتكوين خط خلوي ثابت من هذه الخلايا الجنينية كلية القدرة أو كلية الإمكان فاستنسخ نعجتين هما ( موراغ و ميغان ) وهذه التجربة هي التي هيأت لاستنساخ دوللي في العام التالي .
في الحقيقة نستطيع القول بأنه إذا ما تأكدت صحة تجربة دوللي فسيصبح بالإمكان إلغاء دور الذكر في هذا النمط من التوالد اللاجنسي ، ومع أن الاستنساخ يقتصرحاليا ووفقا لهذه التقنية على الإناث (لأن الخلية أتت من ضرع نعجة في الثلث الثالث من الحمل ) فإن فريق معهد روزلين لا يشك بأنه بلإمكان استنساخ ذكور من خلايا أخذت من ذكر بالغ ، ولكن لا يمكن بأي حال من الأحوال ، الاستغناء عن الأنثى ، ذلك أنها تزود الخلية البيضية والرحم للحمل ، ولكن يحتمل الاستغناء عن مرحلة الاغتراس المؤقت في بوق مغلق النهايتين بسبب التقدم السريع الذي تحققه تقنية زرع الأجنة في الزجاج . وبديهي أن زرع الخلايا الجسدية للبالغ يتيح استنساخ عشرات آلاف الأفراد ، علما بأن تفاوت تراكيز المواد البسيطة التي تدخل في تركيب وسط الزرع ، قد يكون له دور ما في التأثير (تنشيطا أو تثبيطا ) على الحالة الفيزيائية الكيميائية ( بما في ذلك البنية الفراغية ثلاثية البعد للجزيئات الكبريتية والبروتينات والحموض النووية خاصة ، كما ويجب الأخذ بعين الاعتبار تأثير اختلاف بعض أنواع المواد من وسط زرع إلى وسط آخر )
يمكن البرهان في جمل جينية معينة على أن اختلاف تركيز الغلوكوز يتحكم في المصير التمايزي للخلية ، بحيث تعطي نمطين خلويين متبايني الوظيفة .
ومهما يكن من أمر فإن ولادة دوللي وقبلها موراغ وميغان تعد حدثا علميا ذا أهمية كبيرة ومع أن نسبة نجاح تجارب عام 1997م كانت متدنية أيضا
- أربع نعاج من أصل 385 تجربة اندماج لخلايا من القرص الجنيني لجنين عمره تسعة أيام النسبة المئوية تساوي 0.9
ونعجتان من أصل 172 تجربة اندماج لخلايا الأرومة الليفية من جنين عمره 26 يوم النسبة المئوية 1.6 ودوللي من أصل 277 تجربة اندماج خلايا ضرعية النسبة المئوية تساوي 0.36 -
فإن الانعكاسات العلمية والاقتصادية (إذا ما أمكن تكرار تجربة دوللي بمخابر أخرى) ستكون بعيدة المدى .
حكم الاستنساخ من الناحية الشرعية :
إن قضية الاستنساخ قضية كبيرة، وعمل علمي مبهر، أنهى الاعتقاد الذي كان موجوداً بأنه لا يمكن أن تحمل الأنثى إلا بتخصيب بيضتها بحيوان منوي من الذكر، فقد أصبح الآن من السهل الاستغناء عن الحيوان المنوي عند الذكر، وتقوم بعمله نواة من خلية غير حيوان منوي توضع في البييضة بدلاً من النواة المنزوعة منها، سواء أكانت هذه الخلية من أنثى أخرى غير الأنثى صاحبة البييضة، أم الأنثى نفسها صاحبة البييضة، أو كانت النواة التي ستوضع في البييضة من خلية من خلايا ذكر ليست حيواناً منوياً. وسماه العلماء استنساخاً، لأن المولود سيكون طبق للأصل الذي أخذت من خليته (النواة التي زرعت في البييضة بدلاً من نواتها المنزوعة)، فإذا كانت النواة الموضوعة أخذت من أنثى فسيكون المولود أنثى طبقاً للأنثى صاحبة النواة المستجلبة بكل صفاتها الوراثية، وإذا كانت النواة التي زرعت أخذت من ذكر فسيكون المولود ذكراً طبقاً للذكر صاحب النواة المستجلبة أيضاً بكل صفاته الوراثية. وهناك صورة أخرى للاستنساخ البشري لم يستغن العلماء فيها عن دور الحيوان المنوي كما في ولادة النعجة دوللي ، بل هي محاولة لولادة أكثر من مولود يشتركان أو يشتركون في نفس الصفات الوراثية كالتوائم، ذلك عن طريق تخصيب البييضة بالحيوان المنوي في طبق خارج الرحم،
فيتبين مما ذكرناه أن الاستنساخ يمكن أن يتخذ أربع صور، ونحدد الصور الأربع مرة ثانية فيما يأتي: الصورة الأولى: أن تكون النواة الموضوعة بدلاً من النواة المنزوعة من بييضة الأنثى هي نواة من خلية أنثى غيرها. الصورة الثانية: أن تكون النواة الموضوعة هي نواة من خلية الأنثى نفسها.
الصورة الثالثة: أن تكون النواة الموضوعة هي نواة من خلية ذكر.
الصورة الرابعة: يتم في المعمل تخصيب البييضة بالحيوان المنوي.
ونبين الحكم الشرعي في هذه الصور الأربع، بحسب ما يغلب علىالظن، وهو رأي قابل للصواب والخطأ،وذلك كما قال الشافعي رضي الله عنه( رأيي صواب يحتمل الخطأ ورأي غيري خطأ يحتمل الصواب) ، وكما قال أبو حنيفة رضي الله عنه)علمنا هذا رأي، وهو أحسن ما قدرنا عليه، فمن أتانا بخير منه قبلناه).
الصورة الأولى: أن تكون النواة الموضوعة في بييضة الأنثى من خلية أنثى أخرى ولا نرى إباحتها، بل هي حرام للأدلة الآتية: الدليل الأول: القياس ، من المعلوم أن القياس هو أحد مصادر التشريع في الإسلام، وهو المصدر الرابع في الترتيب بعد القرآن، والسنة، والإجماع. ومعنى القياس : إثبات مثل حكم معلوم في معلوم آخر لاشتراكهما في علة الحكم عند المثبت ، والقياس يؤدي إلى تحريم الصورة الأولى من صور الاستنساخ، وهي الاستنساخ عن طريق أخذ نواة من خلية أنثى لتوضع في بييضة أنثى بعد نزع نواتها ثم الزرع النهائي في الرحم. ولتوضيح القياس هنا، أنه من المعلوم أن الاستمتاع الجنسي بين أفراد النوع الواحد لا يجوز شرعاً. فقد حرمت الشريعة الاستمتاع الجنسي بين الأنثى والأنثى، وهو ما يعرف بالسحاق، وحرمت الاستمتاع الجنسي بين الذكر والذكر وهو ما يعرف باللواط. فبالقياس على هذا نقول: لا يجوز الإنجاب عن طريق نواة من خلية أنثى موضوعة في بييضة أنثى غيرها، لأنه إذا كان مجرد الاستمتاع الجنسي بين أفراد النوع الواحد حراماً، فإن الإنجاب بين أفراد النوع الواحد يكون حراماً من باب أولى. ومما يوضح ذلك ويؤكده أن من المعروف أن الاستمتاع الجنسي بين الرجل ومحارمه حرام شرعاً، كأمه، وخالته، وعمته، وبنته، فهل من المتصور أن يكون الإنجاب حلالاً من إحدى المحارم؟! إن الإنجاب بالتأكيد يأخذ حكم الأولولية في التحريم. الدليل الثاني: سد الذرائع وهي قاعدة أصولية معروفة في علم أصول الفقه الإسلامي، ومعناها منع الوسائل التي يمكن أن يتوصل بها إلى أمر محرم في غالب الأحوال، وإن كانت نفس الوسائل حلالاً، والأخذ بمبدأ ( سد الذرائع ) ثابت في المذاهب الفقهية، وإن لم يصرح به، وقد أكثر منه الإمامان: مالك ، وأحمد ، وكان دونهما في الأخذ به الإمامان: أبو حنيفة والشافعي، ولكنهما لم يرفضاه جملة، ولم يعتبراه أصلاً قائماً بذاته في الاستدلال، ومنع الضرر في الشريعة يؤدي إلى القول بعدم إباحة الاستنساخ البشري بين أنثى وأنثى، وذلك لأن هذه الطريقة ستؤدي إلى ولادة بنت ليس لها أب فتنشأ نشأة الطفل الذي لا يعرف له والداً، وهذا ضرر نفسي لها،
في كثير من الحالات متألمين نفسياً، والأطفال اللقطاء يكونون في حالة نفسية سوية في الغالب،
والضرر ممنوع كما بينا. ومن المشاهد أن الأطفال الذين يولدون يتامى، أو ييتمون في صغرهم يكونون
حتى إذا كبروا وجاء وقت علموا فيه أن الأسرة التي كانت تؤويهم وتنسبهم إليها ليست أسرتهم الحقيقية، وأنه
لا يوجد للواحد منهم أب معروف أو أم معروفة، تعرضوا للهزات النفسية العنيفة التي تؤدي بهم إلى ارتكاب
جرائم في المجتمع. فالأسباب التي تؤدي إلى الاضطرابات النفسية للأطفال متعددة، منها أسباب عضوية، ومنها أسباب نفسية، ومن أهم هذه الأسباب تعرض الطفل للحياة مع أحد الوالدين فقط، سواء أكان ذلك نتيجة للانفصال بين الوالدين، أم الهجرة، أم الوفاة. فكذلك هذه البنت المولودة بهذه الطريقة في الاستنساخ غالباً ستتعرض للألم النفسي لأنها ليس لها والد ولا عم، ولا جد من جهة الأب، بل هي عند بلوغها سن الزواج لن تكون في الغالب مفضلة عند الكثيرين من الشباب الراغبين في الزواج فما الذي يدفع شاباً للزواج من فتاة ليس لها أب ولا عم، ويكون أولاده منها ليس لهم جد من ناحية الأب، وفي نفس الوقت يوجد كثيرات غيرها ممن ينتمين إلى عائلات فيها الأفراد الكثيرون ذكوراً وإناثاً، فقد يؤدي ذلك هذا إلى عنوستها.
الدليل الرابع( حديث ) (دع ما يريبك إلى ما لا يريبك) والاستدلال بهذا الحديث مبني على أن العلماء لم يعطونا ببحوثهم وتجاربهم الكلمة الأخيرة للاطمئنان على سلامة المولود بطريقة الاستنساخ، وخلوه من أي تشوه شكلي أو سلوكي، فمن المحتمل أن يجيء المولود وهو يحمل عيباً أو أن يكون قصير العمر نظراً لسن الخلية التي أخذت منها النواة المستجلبة، أو أن هذه الطريقة في الإنجاب ستعطينا مولوداً غير طبيعي السلوك، وهذا مما يجب أن ننأى عنه، وأن لا نجعل البشر مجالاً لحقول التجارب غير مأمونة الجوانب. هذه الأدلة الأربعة التي نرى أنها تؤدي إلى عدم القول بإباحة الاستنساخ البشري بوسيلة أخذ نواة من خلية أنثى لتوضع في بييضة أنثى أخرى، بدلاً من النواة التي نزعت منها.
حكم الصورة الثانية أما الصورة الثانية، وهي الإنجاب عن طريق أخذ نواة من خلية امرأة لتوضع في بييضة هذه المرأة ذاتها فحكمها الفقهي نفس حكم الصورة الأولى، وهو القول بعدم الإباحة. والأدلة على هذا الحكم هي نفس أدلة الحكم في الصورة الأولى عدا دليل القياس.
حكم الصورة الثالثة الصورة الثالثة من الاستنساخ البشري هي أن يكون الإنجاب عن طريق أخذ نواة من خلية ذكر لتوضع في بييضة امرأة، بدلاً من النواة التي نزعت من هذه البييضة، والحكم هنا فيه تفصيل لأنه إما أن تكون النواة المستجلبة مأخوذة من رجل أو من غير الإنسان من ذكور الحيوانات، والرجل إما أن يكون زوجاً لهذه المرأة أو غير زوج لها فإذا كانت النواة من غير الإنسان من ذكور الحيوانات فلاشك في تحريم هذا العمل
لأن هذا عبث وتشويه لخلق الله عز وجل
فلو قدر لهذا العمل العبثي أن ينتج عنه مولود - وهو مجرد احتمال - فإنه بكل تأكيد سيكون مخلوقاً آخر، له صفات أخرى غير الصفات الإنسانية، يشهد لهذا ويؤكده ما يحدث عندما يتم التلقيح بين الحمار والفرس، فإن الفرس إذا حملت من الحمار لم يكن الناتج حصاناً أو فرساً، أو حماراً، وإنما يكون مخلوقاً آخر، له صورة وطبيعة أخرى تختلف عن صورة وطبيعة الخيل والحمير، وهذا المخلوق الآخر هو البغل، وشاءت قدرة الله عز وجل أن تكون البغال عقيمة لا تصلح للإنجاب،
فلا يجوز تعريض الإنسان لمثل هذا العبث الذي من المحتمل أن ينتج عنه مخلوق له طباع تختلف عن طباع الإنسان. وأما إذا كانت النواة المستجلبة مأخوذة من رجل وكما بينا إما أن يكون زوجاً لهذه المرأة أو ليس زوجاً لها. فإذا كان غير زوج لها فلا تشكيك أيضاً في تحريم هذا العمل، وهو في معنى الزنا، والزنا من المحرمات المقطوع بها في صريح آيات القرآن الكريم، وأحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإجماع الأمة، وهو يؤدي إلى اختلاط الأنساب المحرم شرعاً. وقلنا إنه في معنى الزنا، لأنه ليس زنا حسياً فجريمة الزنا لم تتوفرأركانها لأنه لا توجد مباشرة بين رجل وامرأة، لكنه يؤدي إلى ما يؤدي إليه الزنا من اختلاط الأنساب الذي منعه الشارع، بل منع الشرع أن ينسب الإنسان إلى غير أبيه، فحرم التبني بقوله تعالى: {وما جعل أدعياءكم أبناءكم ذلكم قولكم بأفواهكم والله يقول الحق وهو يهدي السبيل. ادعوهم لآبائهم هو أقسط عند الله فإن لم تعلموا آباءهم فإخوانكم في الدين ومواليكم}]الأحزاب : 4،5[ وهذا الحكم واضح فلا يجوز الإنجاب بين رجل وامرأة إلا إذا كان بينهما عقد زواج مستوف لأركانه وشروطه التي بينتها أدلة الشرع، فالأسرة هي الطريق الوحيد للنسل وما عدا هذا يمنعه الإسلام ويجرمه، وهو أمر واضح ولا يحتاج إلى كثير من إعمال الفكر والاجتهاد وإنما الذي يحتاج إلى إعمال الفكر والاجتهاد هو ما إذا كانت النواة التي وضعت في بييضة المرأة قد استجلبت من زوجها.
ويقول الدكتور محمد رأفت عثمان يجب أن نتوقف فلا نفتي بالجواز ولا بالحرمة فيما لو كانت النواة التي يراد وضعها في بييضة المرأة هي نواة من خلية أخذت من زوجها الذي لا يزال حياً، والتوقف ليس غريباً في مجال بيان الأحكام الشرعية من علماء الفقه الإسلامي عليها فالمصادر الشرعية تنقل لنا في مواضع متعددة توقف العلماء في بيان الحكم الشرعي في القضية المطروحة، ولا يعاب هذا على العالم الذي توقف في هذه القضية، بل هذه محمودة تدل على جواز الهجوم على الفتوى دون استناد قوي لدليل شرعي وغلبة ظن
- على الأقل - بصحة ما يفتي به الفقيه. والتوقف يحدث عندما يجد الفقيه أن القضية المطروحة لإبداء الرأي فيها، تتعارض فيها الأدلة - بحسب الظاهر - ولم يستطع الفقيه أن يجمع بين هذه الأدلة المتعارضة ظاهرياً، أو يرجح بعضها على الآخر، أو لم يتضح له دليل في القضية المطروحة يستند إليه في بيان الحكم الشرعي، لأن الأحكام الشرعية لابد لها من الاستناد إلى مصدر من مصادر التشريع في الإسلام.
و رأي التوقف في المسألة التي نتكلم فيها، وهي ما إذا كانت النواة التي يراد وضعها في بييضة المرأة هي نواة من خلية من خلايا زوج هذه المرأة الذي لا زال حياً، فلا نفتي بإباحة طريقة الإنجاب اللاجنسي بين الزوجين،( رأي محمود) ولا نقول بتحريمها ، ولا نفتي الآن بالقول بإباحتها وذلك لأنه لايعلم الحال التي سيكون عليها المولود، هل سيكون إنسان طبيعي الخلقة والسلوك والتفاعل الصحي مع من حوله وما حوله أم لا. قد تكون هذه الطريقة مؤدية إلى وجود إنسان ليس سوياً في أية ناحية من النواحي المهمة في حياة الإنسان، فنكون بذلك قد تسببنا في إيجاد إنسان لن يكون هو نفسه سعيداً في حياته، ولن يسعد الآخرون بوجوده، فلنتربص ماذا ستسفر عنه بحوث العلماء وتجاربهم، فهم ماضون فيها، لن يثنيهم عن هدفهم في الاستنساخ البشري كوابح من دين أو أخلاق، أو قانون، فالذي يريد منهم أن يستمر في إجراء تجاربه وأبحاثه في معمله يستطيع ذلك بعيداً عن عيون الناس، ودون أن يشعر به أحد منهم، لكن ديننا الإسلامي يمنعنا من الأعمال غير مأمونة الجوانب، التي يمكن أن تنتج شراً، في إيجاد إنسان ليس سوي الفطرة، والخلقة، والسلوك، والتصرف المحمود حيال ما يحيط به، فلنراقب ما ينتج من أبحاثهم وتجاربهم - التي لا نوافق عليها أصلاً، لكنهم يمارسونها - فإذا كانت تجاربهم وأبحاثهم في مجال الاستنساخ في عالم الإنسان قد أنتجت إنساناً لا تشوبه شائبة في خلقته أو طبيعته، أو سلوكه، ولن يضار - نتيجة لذلك - في حياته بأي نوع من الأضرار، سواء أكانت أضرار عضوية أم نفسية، ولن يسبب ذلك أي ضرر لغيره ففي هذه الحال يمكن أن يكون محل نظر في البحث عن الحكم الشرعي في هذا العمل. ويطرح د. محمد عثمان إذا ما أثبتت تجارب علماء الغرب أن الطفل المولود بطريقة الاستنساخ لا تشوبه شائبة ما، فيتصوره حكماً قابلاً للمناقشة من العلماء في كافة التخصصات العلمية التي يمكن أن يكون لها صلة بهذا الموضوع.
إن الزوج الذي لا يستطيع الإنجاب بالطريق الطبيعي هل له أن يتبع طريقة الإنجاب اللاجنسي، بأخذ نواة من إحدى خلاياه هو شخصياً، لتوضع في بييضة زوجته بدلاً من النواة التي نزعت من هذه البييضة، يبدو أن هذا الزوج له الحق في هذه الطريقة، ولكنه لم يفتي بذلك، بل يتوقف عند هذا الرأي ويرى أن يعرض مثل هذا السؤال للمناقشة من قبل علماء متخصصين في علوم الطب، والبيولوجيا، والاجتماع، وعلم النفس، والقانون، والفقه الإسلامي، ولقد ذكرت علم الفقه الإسلامي في آخر العلوم التي ذكرها ليبين أن الفقهاء عليهم أن يعرفوا أولاً ما يقوله العلماء الكاشفون لإيجابيات أو سلبيات هذا التطور العلمي المذهل، ولا يجوز أن يتسرع الفقيه في إظهار ما يراه بحسب اجتهاده من أحكام شرعية إلا بعد تصور وفهم واضح جلي لا لبس فيه لحقيقة القضية التي يراد التعرف على الحكم الشرعي فيها، فالذي يبين من جوانب عند متخصص قد لا يبين عند متخصص آخر، وعالم الإنسان لابد من الاحتياط الشديد في مجاله، وهذا ما حدا الكثيرين من العلماء والمفكرين على أن يطالبوا بتحريم الاستنساخ في عالم الإنسان، ومطالبة الدول بوضع القوانين التي تجرم هذا النوع من الأبحاث، فقد حذر القاضي مايكل كيربي من أضرار أبحاث الجينات على حقوق الإنسان والتنوع البشري، وطالب جميع الدول بأن تضع من التشريعات القومية ما يحرم الاستنساخ البشري تماماً تمهيداً للتوصل إلى معاهدة دولية ملزمة في هذا الصدد، وبين أنه بدون التزام أخلاقي وقانون حازم سيتاح للعلماء التلاعب بالخريطة الجينية للسلالات البشرية، والقضاء على التنوع البشري الحالي. وأوضح في بعض ندواته حول الإستنساخ أن الاضطهاد والإهمال كانا أخطر أعداء البشرية قبل خمسين عاماً، أما الآن فتهدد الإنسان أبحاثه العلمية بشأن الجينات الناقلة للصفات الوراثية.
حكم الصورة الرابعة الصورة الرابعة كما سبق بيانها هي إكثار من أجنة تتشابه تشابهاً كاملاً كالتوأم السيامي، وأرى أن نتريث بل نتوقف في الحكم، فأرى أنه لابد من الرجوع إلى أساتذة الاجتماع والطب والقانون وغيرهم حتى نتأكد في النهاية أن الوليد لن يكون معرضاً للتشويه التكويني والسلوكي ولن يسبب مشاكل اجتماعية نتيجة وجود أفراد تتشابه في الشكل تشابهاً تاماً، ,أثر ذلك في مجال الجرائم، بل وفي مجال الأحوال الشخصية. أما في مجال النبات والحيوان فالمجال فيه فسيح رحب، فكل ما يؤدي إلى مصلحة الإنسان في هذا المجال مباح، مادام بعيداً عن تغيير لخلق الله لمجرد العبث لا بقصد تحقيق المنافع للإنسان، وذلك لأن كل ما في الكون خلق مسخراً لمصلحة الإنسان، كما نطقت بهذا آيات الكتاب الكريم، قال تعالى:{هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعاً}]البقرة:29[،وقال عز وجل:{وسخر لكم ما في السموات وما في الأرض جميعاً منه}]الجاثية:12 [وأما التجارب العبثية فلا نقول بإباحتها شرعاً، كالتجارب التي تجري بالفعل الآن في الغرب لجعل الرجل يحمل بدلاً من المرأة، وهو الامتداد التجريبي لما يحدث الآن في تجارب الاستنساخ البشري . أما التجارب العلمية التي يقصد بها تحقيق مصلحة الإنسان وزيادة نفعه فلا تكون ممنوعة،
مادامت مضبوطة بالضوابط الشرعية العامة. والإنسان من قديم أجرى تلقيحاً بين نوعين من الحيوان هما: الخيل والحمير فنتج عن هذا نوع حيواني آخر هو البغال، ومع هذا لم ينكره الشرع ، بل كانت البغال نوعاً من أنواع الحيوانات التي بين الله عز وجل أنها من نعم الله علينا، قال تبارك وتعالى:{ والخيل والبغال والحمير لتركبوها وزينة ويخلق ما لا تعلمون}]النحل :8[ ، وعالم الحيوان لا تحكمه القواعد الأخلاقية التي تحكمنا نحن البشر في العلاقات الجنسية، فلا توجد جريمة الزنا في عالم الحيوان، ولا يحرم اختلاط الأنساب فيه ولا توجد قيود ولا ضوابط في تزويج ذكور الحيوانات بإناثها، كالضوابط التي تحكم الإنسان في الزواج، كتحريم الزواج من بعض النساء، كالأمهات، فالتجارب في هذا المجال فيها سعة ليست موجودة في عالم الإنسان، فمجال التجارب في عالم الحيوان واسع رحب، ومجال النبات أوسع كذلك من الحيوان، ففي عالم الحيوان مثلاً يمكن أن تحقن البقرة الحلوب بهرمون البرولاكتين وهو المسئول عن إنتاج اللبن في الأبقار، وهو يشبه إلى حد كبير هرمون النمو، وبهذا يمكن أن تتضاعف كميات الألبان التي تجود بها الأبقار . وقد أعلن باحثون أمريكيون عن ولادة زوج من العجول المتطابقة جينياً يمكنها توفير الدواء للإنسان من خلال ألبانها، وقال الدكتور جيمس روبل والدكتور ستيفن ستيك في مؤتمر في مدينة بوسطن الأمريكية أن زوج لعجول أطلق عليه( جورج ) و( شارلي) نتج عن تجربة عملية للمزج بين الهندسة الوراثية والاستنساخ، وأن الأبقار الناتجة عن هذه التجارب ستدر ألباناً غنية بالبروتينات التي يمكن أن تسهم في علاج كثير من الأمراض. وأشار العالمان إلى أن استنساخ البقر عملية أكثر أهمية من استنساخ النعجة ( دوللي) نظراً إلى كميات الألبان الغزيرة المتوافرة في الأبقار .
ويأمل العلماء في أن تتطور عمليات استنساخ الأبقار في المستقبل لتصبح إناث الأبقار بمثابة مصانع حية، لإنتاج الدواء .
الخاتمة :
إن التطور العلمي أمر بالغ الأهمية ، وهو مفيد إذا كان محققا خيرا أو نفعا للإنسان ، وضار أو ممنوع إذا كان مؤديا لشر أو ضرر بالإنسان ، لأن المعرفة العلمية يجب أن لا تكون على حساب الإنسان ، لأن الإنسان أكرم مخلوقات الله ، وأهم جدا من المعرفة العلمية ، حتى ولو أمكن استنساخ طفل معافى سليم من الأمراض ، أو تقديم ما يحتاج إنسان لقلب أو كبد أو كلية من إنسان مستنسخ عنه.
وعلى ضوء هذا البحث يمكن الحكم على الأستنساخ من خلال المبادئ التالية :
1- نحن نقدر العلم والعلماء ، ولا نقف في مواجهة إنجازات المختبرات والتجارب العلمية ،ولكن بشرط توجيه العلم نحو خير الإنسان ومصلحته ، وتحقيق التنمية والتطور، والرفاه ، والسلام ، والأمان للعالم كله ، ولا نتعجل بالقول بالمنع أو التحريم خلافا لما يتصور بعض المهاجمين للعلماء بأنهم لا يعرفون سوى مقدمات الصلاة وغيرها من العبادات .
ولسنا أيضا نبادر إلى التكذيب وإنكار معطيات الاستنساخ كما تورطت بعض الهيئات الدينية في الإفتاء في السعودية ، لأن ذلك ممكن في النبات والحيوان والإنسان ، كما تدل التجارب العلمية التي جوبهت بمعارضة شديدة منذ السبعينات في هذا القرن ،من قبل مختلف الأوساط الاجتماعية والفكرية والدينية .
2 - إن الاستنساخ بالصورة التي قرأناها وشرحها المختصون، ينافي ظاهرة الازدواج، أو سنة الزوجية في هذا الكون الذي نعيش فيه.فالناس خلقهم الله أزواجاً من ذكر وأنثى، وكذلك الحيوانات والطيور والزواحف والحشرات، بل كذلك النباتات كلها.بل كشف لنا العلم الحديث أن الازدواج قائم في عالم الجمادات، كما نرى في الكهرباء ظاهرة الموجب والسالب، بل إن الذرة – وهي وحدة البناء الكوني كله – تقوم على إلكترون وبروتون، أي شحنة كهربائية موجبة، وأخرى سالبة، ثم النواة ، والقرآن الكريم يشير إلى هذه الظاهرة حين يقول{وخلقناكم أزاوجا } ]النبأ:8 [ {وأنه خلق الزوجين الذكر والأنثى من نطفة إذاتمنى}]النجم:45/46[، ويقول {ومن كل شيء خلقنا زوجين لعلكم تذكرون }]الذاريات:49[، ولكن الاستنساخ يقوم على الاستغناء عن أحد الجنسين، والاكتفاء بجنس واحد، حتى قالت إحدى النساء الأميركيات: سيكون هذا الكوكب بعد ذلك للنساء وحدهن .وهذا ضد الفطرة التي فطر الله الناس عليها، فالإنسان بفطرته يحتاج إلى الجنس الآخر، ليس لمجرد النسل، بل ليكمل كل منهما الآخر، وإذا كان كل من الرجل والمرأة في حاجة إلى صاحبه ليسكن إليه، وتقوم بينهما المودة والرحمة، فإن ذريتهما أشد ما تكون حاجة إليهما، أي إلى جو الأسرة، إلى الأمومة الحانية، وإلى الأبوة الراعية إلى تعلم الفضائل من الأسرة، فضائل المعاشرة بالمعروف، والتفاهم والتناصح والتباذل، والتعاون على البر.وقد علم الناس أن أطول الطفولات عمراً هي الطفولة البشرية التي تمتد لسنوات، يكون الطفل فيها في حاجة إلى أبويه وإلى أسرته مادياً وأدبياً، ولا تتم تربية الطفل تربية هوية مكتملة إلا في ظل أبوين يحبانه ويحنوان عليه، وينفقان الغالي والرخيص حتى يكتمل نموه، وهما في غاية السعادة بما يبذلان لأولادهما، دون منّ ولا أذى.والاستنساخ لا يحقق سكن كل من الزوجين إلى الآخر، كما لا يحقق الأسرة التي يحتاج الطفل البشري إلى العيش في ظلالها وحماها، واكتمال نموه تحت رعايتها.
وأخيرا فإني أحب القول بأن الإسلام لم يقف في يوم من الأيام في طريق العلم والبحث واكتشاف المجهول بل لاتوجد آيه قرآنيه تدعو إلى الاستزادة من شي مثلما تدعو إلى الإستزادة من العلم حيث يقول الله تعالى {وقل ربي زدني علما } ]طه : 114[ ولكن العلم شأن كل شيء في هذه الحياة ، سلاح ذو حدين يستعمل في النافع فنحصل منه على الخير ويستعمل في الضار فنحصل منه على الشر والطائفة الرائيلية تريد باستخدام تقنية الاستنساخ أن تبعد الناس عن عبادة الله وتنطلق بهم إلى فكرة الإلحاد لتخدم بذالك مصالحهم ومصالح الشياطين في آن واحد ، وهذه الأفكار لن يتأثر بها إلا ذوو القلوب الإيمانية الضعيفة والعقول المتخلفة التي لا تفقة من الدين إلا اسمه ، أما المسلم المتمسك بعقيدته ، سواء كان في العالم الشرقي أم في العالم الغربي ، فالقرآن دحض وسيدحض كل دعاوي الشرك والإلحاد إلى يوم الدين .
أرجو من الله تعالى أن أكون قد وفقت في عرض هذه القضية عرضا حسنا لأن هذا البحث يحتاج إلى مزيد من الدراسات المتعمقة وذلك لسعة هذا الميدان وتشعب أبحاثه وأنا على يقين بأن عملي هذا هو قطرة في بحر فباب الاستنساخ هو باب جديد من أبواب العلم الحديث مازال في بداياته الأولى والمستقبل أمامه بكل أبعاده ونحن لا نعلم إلى ما سيؤول إليه حاله مستقبلا أسأل الله أن يثبت المؤمنين على دينهم وأن يجعلنا من أتباع دينه ، الداعين بدعوة نبيه صلى الله عليه وسلم الفائزين يوم القيامة برحمته ورضوانه ، إنه سميع قريب مجيب .
قال حميد أمين هذا الموضوع اختصرته من عدة مقالات من عدة منتديات ومن خطب الشيخ محمد حسان أيضا
لست ربوت