
رجال في الميدان من تارودانت.. ادريس لكريني إبن الشاوية وصاحب القلب الكبير والمثقف اللامع الذي أهدى كل حبه وغيرته الوطنية لملهمته مدينة تارودانت..
وانت تقترب من الرجل يخيل إليك أنك أمام علم من اعلام النضال الثقافي في عهد جمال عبد الناصر أو صدام حسين او كل النشامى الكبار الذي بصموا بنضالهم وعبقريتهم التاريخ العربي مابعد خمسينيات القرن الماضي.
إدريس رغم أنه تربى كموظف بين أحضان وزارة الداخلية مرورا بكل وزرائها المثيرين للجدل لكن أفكاره القومية والتقدمية لم تنل منها سنوات طوال قضاها كموظف متصرف عايش كل ظروف التعليمات والتنقيلات والأوامر الصارمة في فضاءات لاتسمع فيها ولاترى إلا فنونا متعددة وقاموسا من لغة واحدة هي الصرامة وتنفيذ التعليمات.
لكن الرجل ورغم هذه الهالة التي كانت وزارة الداخلية وقتها تعطيها لنفسها وللرأي العام كان صعب المراس وعصي عن التطويع وهو الذي تربى في مشاهد من حياته الاولى بمدينة الدار البيضاء التي كانت تنبت بين أدرع خريجيها وتورث أبناءها شجاعة ناذرة ورجولة كبيرة وعزة النفس وفضائل الاخلاق وكرامة وشهامة الرجال الاوفياء للوطن ولمبادئ الإنسانية التي ترفض المساومة او الخدلان.
بهذه الصفات وكل اللغات إنصهر الأخ ادريس في نسيج الأصالة الرودانية وانغمس في ثراتها وحياتها الهادئة وكون أسرته، لكنه ظل مع ذلك يحمل معه كل معاني الإنسانية والوقار والكرم والوقوف الرجولي والثقافة التقدمية الواسعة مع إحترام كامل لكل التيارات والأفكار الأخرى، كان رجلا مقنعا بحججه القانونية الدامغة والثقافة الواسعة وعلاقاته العامة، وكان يعيش بفلسفة ناذرة في محيطه الروداني الجديد وكان من قوامها وشعارها" ولك الساعة التي انت فيها ولاتنسى نصيبك من الدنيا وأحسن كما أحسن الله إليك" صدق الله العظيم.
قبل سنة أحيل الأخ ادريس على المعاش بعد سنوات من الجهد والصبر والمعاناة ، لكن وللأسف وفي آخر حياته العملية أصيب كبقية عدد من زملائه بنكسة وظلم كبير حسب قوله، لم يستحضر تطبيق حذافير القانون ودمقراطية الإنسان للإنسان، فتفاجأ بقرار مجحف بإفراغ السكن الذي كان يستغله رغم ان هناك أشخاص آخرون احيلوا على المعاش ولم يستهدفهم القرار وهو ماحز في نفسه.
وفي هذا الإطار كتب الموظف السابق بعمالة تارودانت الاخ ادريس لكريني تظلما يقطر بالحزن والأسف على ما اعتبره قرارات مشوبة بالظلم والمحسوبية بعد حكم يقضي بإفراغه من السكن مع إستثناءات البعض الأخر وهذا ماكتبه وقتها :
على إثر الدعوى الإستعجالية التي قامت بها السلطات الإقليمية بمعية المجلس الإقليمي ضد بعض المتقاعدين دون غيرهم والذين يقطنون بمساكن لاهي إدارية ولا وظيفية لأنها غير مسجلة بسجل ممتلكات الإقليم والمجلس الإقليمي ، وأصدرت المحكمة على بعض المدعى عليهم حكما يقضي بالإفراغ مع النفاد المعجل بينما تم استثناء متقاعدين آخرين لأسباب يعوزها العارفون ببواطن الأمور إلى تنازل المدعيين عن الدعوى أو عدم تمكين محامي الإقليم ورئيس المجلس الإقليمي من تسلم قرار تقاعدهم وهذا ما يعتبر حيفا ونهجا لسياسة الكيل بمكيالين وما يحز في نفسي هو أنني تقدمت بطلب استعطافي للسلطات الإقليمية وللمجلس الإقليمي التمس فيه منحي مهلة ولكني لم أتلق أي استجابة من قبلهما إذ لم يراعيان الظروف الدينية الإجتماعية وبالتالي أستغرب لماذا لم تشمل الدعوى كل المستغلين لهذه السكنيات والذين تقاعدوا منذ سنين خلت وهذا ما يثير تساؤلات كثيرة أي أن في الأمر شبهة وريبة ومن باب التذكير, فقد سبق للمجلس الإقليمي في دورة استثنائية أن ناقش هذه النازلة التي أدرجت في جدول الأعمال وتم التصويت بالأغلبية لتسوية هذه الوضعية عبر عملية تسليم العقار المبنية عليه السكنيات السالفة الذكر الأملاك المخزنية بغية مباشرة عملية التفويت على غرار ما قامت به وزارة الفلاحة ووزارة التجهيز مع متقاعديهم بنفس المدينة ونفس الحي .وختاما أؤكد أنني سأكاتب وزير الداخلية ووزير المالية ووزير العدل في الموضوع.
هذا ماكتبه الاخ ادريس ومع ذلك تستمر الحياة بحلوها ومرها ويعيش الاخ النبيل ذو الاخلاق العالية والوطنية الصادقة حاليا في هناء رغم كل متاعب الحياة.
نهنئ الاخ ادريس بحيويته ونشاطه وثقافتة وكرمه وأنافته ومبادئه المثلى، ونتمنى له حياة السعادة رفقة أبناءه وأسرته الصغيرة والكبيرة وأصدقائه، وهو الذي قدم الشيء الكثير للوطن عملا وأفكارا وإبداعات ومقالات وتدوينات تغمر كلها بسيل من الأفكار النيرة والرأي السديد والمبادئ الغير القابلة للمساومة.
أخي ادريس رمضان مبارك ودامت لك الأفراح والمسرات,
لست ربوت