حوار هام أجره الموقع اليوم 24 مع المفكر المغربي حسن أوريد، لأهميته في الظرف الراهن زمن كورونا نعيد نشره تعميما للفائدة..
اتخذت الدولة جملة من الإجراءات لمجابهة فيروس “كورونا” المستجد. ما تقييمك لها؟
بداية، لا بد من الإشادة بما أقدمت عليه السلطات من إجراءات احترازية وسابقة، لأن الأمور كانت ستستفحل لو لم تُتخذ القرارات في ظرفية سابقة. والحال اليوم، حينما نرى وضع المغرب مقارنة مع دولة جارة، لها من الإمكانات أكبر مما هي متاحة للمغرب، وهي إسبانيا، فوضعنا أفضل بكثير من وضعها. إذن، لا بد هنا من أن نشيد بهذه الإجراءات الاستباقية. وفي الوقت عينه، لا بد من الإشادة بردود فعل المجتمع المدني وعموم القوى الحية والشعب عموما، الذي تفاعل مع الإجراءات المتخذة، نظر إلى وعيه بالخطورة المحدقة ببلدنا، كما يتوجب الإشادة بانخراط القطاع الخاص ومبادرته للمساهمة، هذا شيء إيجابي. نحن طبعا في بداية أزمة عالمية وينبغي الحفاظ على الكثير من الحذر واليقظة
يلاحظ ارتفاع منسوب الثقة بشكل غير مسبوق في مؤسسات الدولة. في اعتقادك، هل هي بوادر مرحلة سياسية جديدة؟
هذه مرحلة جديدة عالميا، وليس فقط وطنيا، الكثير من الأسس التي انبنى عليها العالم في علاقاته البينية ستتغير، ولن أضيف الكثير من التحاليل العميقة، منها مقال صدر قبل أيام قليلة لهراري وآخر لجاك أطالي، وهي مقالات رصينة. العالم سيتغير، وطبعا، كل ذلك سينعكس لا محالة على المغرب. الآني هو تدبير الأزمة الحالية، ثم التخفيف من أضرارها المحتملة، لأن هناك أضرارا اقتصادية واجتماعية سيعرفها العالم والمغرب ليس في منأى عما يحصل، لذلك يطرح عليه الاستعداد لما بعد الأزمة لأن الكثير من الأشياء سوف تتغير. كما لا يخامرني أدنى شك أن الكثير من العلاقات الناظمة في العلاقات العامة ستتغير، هذا أكيد.
هل يمكن القول إنه جرى تأجيل الخلافات أو إعادة ترتيب التناقضات في العلاقة مع السلطة؟
ينبغي أن نميز بين أمرين: الأمر الأول وهو الوضعية الحالية التي تستلزم تعاطيا معينا لأنه ليس هناك أي تمييز في الخطر، ذلك لأن الخطر لا يميز شخصا في السلطة أو في غير السلطة أو غني أو فقير، الخطر حقيقي وداهم، وهناك غريزة البقاء وهي أمر طبيعي في الإنسان في نهاية المطاف. ثم هناك الدولة، والتي من المفترض أن تكون التعبير عن العقد الاجتماعي. في هذا السياق، ينبغي أن نميز بين الدولة والسلطة، وأنا هنا أعتبر أن كل ما صدر من طرف فعاليات المجتمع المدني هو تعبير عن إيمانهم بالدولة، باعتبارها الحاضنة للعقد الاجتماعي. هل ينفي هذا الوضع التناقضات؟ الجواب لا. ثم إن التناقضات التي توجد في كل المجتمعات، والتي هي دينامية المجتمعات، سوف تتغير. كيف ذلك؟ لا أدري، لكن التناقضات التي كانت ضابطة للمجتمع تغيرت. الآن، هناك فكرة رائجة ووعي منتشر حول أهمية الدولة، أعتقد أن هذا الكلام كان يقال فيما قبل ولم يكن يُعار له أهمية، كانت الفكرة السائدة هي أن الدولة مسهّلة أو شركة أو مقاولة من نوع خاص. في نظري الدولة ليست مقاولة ولا يمكن أن نجري قواعد المقاولات عليها، ولا أن نختزلها في وظيفة وسيطة أو مسهلة، الدولة هي الضامنة للمرافق العامة، هي الحضن الذي يأوي إليه المجتمع، وهذا الأمر إذا ترسخ، فهو مكسب كبير في اعتقادي.
ما الراجح برأيك. هل يمكن للوضع الحالي أن يؤدي إلى إعادة الثقة وبناء علاقة جديدة بين المواطنين والسلطة، أو، ربما، قد يؤدي إلى انزياح سلطوي آخر؟
هذا الأمر سابق لأوانه. الذي يهم الآن، هو أن تضطلع الدولة بكل مكوناتها بالحفاظ على الأمن والطمأنينة، وهي لن تستطيع أن تقوم بذلك إذا لم يكن هناك انخراط مسؤول وواع من لدن كل مكونات المجتمع، وهو الأمر الحاصل حاليا. هناك وعي، وهناك تفهم، بل هناك انخراط، وهذا هو المهم الآن. أثناء وقوع الأزمات أعتقد أنه ينبغي أن نعود للكتب الكلاسيكية التي تشرح الأمور المعقدة، فبالنسبة إلى الدور الأساسي في العقد الاجتماعي هو الأمن، ثم بعد الأمن يأتي ما يُسمى الوئام المدني، أي لحمة المجتمع، ثم ثالثا الرفاه، هذه هي الأدبيات المشهورة لـ”هوبز”. طبعا، لا أحد يجادل في الوظيفة الأهم بالنسبة إلى الدولة، وهي الأمن والطمأنينة وضمان تماسك المجتمع.
لست ربوت