الدروس المستفادة من قصة أصحاب السبت بقلم الشيخ عبد الحميد امين امام وخطيب مسجد الهلالي بابن جرير رحمه الله

إعلان الرئيسية

الصفحة الرئيسية الدروس المستفادة من قصة أصحاب السبت بقلم الشيخ عبد الحميد امين امام وخطيب مسجد الهلالي بابن جرير رحمه الله

الدروس المستفادة من قصة أصحاب السبت بقلم الشيخ عبد الحميد امين امام وخطيب مسجد الهلالي بابن جرير رحمه الله

الشيخ عبد الحميد أمين إمام مسجد الهلالي رحمه الله - Home | Facebookالحمد لله الواحد الأحد الفرد الصمد الذي لم يلد ولم يولد .نحمده ونستهديه ونؤمن به ونتوكل عليه نثني عليه الخير كله نشكره ولا نكفره ونستهديه ونستغفره ونصلي ونسلم على سينا محمد المبعوث رحمة للعالمين الرحمة المهداة والنعمة المسداة صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن والاه .
وبعد موضوع اليوم " الدروس المستفادة من قصة أصحاب السبت "|
عباد الله إن من يقرأ قصة أصحاب السب وما عوقبوا به ويستعرضها على واقع الأمة الإسلامية ليصاب بالذهول كيف ربنا لم يمهل اليهود بأن عاقبهم قردة وخنازير وانزل عليهم عقابا آخر من السماء على حيلة ارتكبوها وهو الاصطياد يوم السبت الذي أمروا أن لايصطادوا فيه وهذه الأمة جمعت كل موبقات الأمم وربنا ما زال يمهلها أم هو عفو أو استدراج أم ماذا.
إن من تأمل هذه القصة يدرك مدى خطورة الذنوب على الفرد والمجتمع والأسرة ومن تغافل عن العبرة منها فهو إما جاهل سنن الله في الكون وإما متجاهل لايأبه بعواقب الذنوب ومنغصاتها . من ثم تدرك ثمرة النصيحة لأن المجتمع كالسفينة الواحدة رب طيش ما من فرد واحد أو فردين يسببان الهلاك للكل وعليه فلنتأمل تصوير الحبيب المصطفى لهذا بقوله :روى البخاري عن النُّعْمَانَ بْنَ بَشِيرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَثَلُ الْقَائِمِ عَلَى حُدُودِ اللَّهِ وَالْوَاقِعِ فِيهَا كَمَثَلِ قَوْمٍ اسْتَهَمُوا عَلَى سَفِينَةٍ فَأَصَابَ بَعْضُهُمْ أَعْلَاهَا وَبَعْضُهُمْ أَسْفَلَهَا فَكَانَ الَّذِينَ فِي أَسْفَلِهَا إِذَا اسْتَقَوْا مِنْ الْمَاءِ مَرُّوا عَلَى مَنْ فَوْقَهُمْ فَقَالُوا لَوْ أَنَّا خَرَقْنَا فِي نَصِيبِنَا خَرْقًا وَلَمْ نُؤْذِ مَنْ فَوْقَنَا فَإِنْ يَتْرُكُوهُمْ وَمَا أَرَادُوا هَلَكُوا جَمِيعًا وَإِنْ أَخَذُوا عَلَى أَيْدِيهِمْ نَجَوْا وَنَجَوْا جَمِيعًا>
إنه متى يمنع النَّاسُ الْفَاسِقَ عَنْ الْفِسْقِ ينجون مِنْ عَذَابِ اللَّهِ تَعَالَى ، وَإِنْ تَرَكُوهُ عَلَى فِعْلِ الْمَعْصِيَةِ وَلَمْ يُقِيمُوا عَلَيْهِ الْحَدَّ ، حَلَّ بِهِمْ الْعَذَابُ وَهَلَكُوا بِشُؤْمِهِ . وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ تَعَالَى : { وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً } أَيْ بَلْ تُصِيبُكُمْ عَامَّةً بِسَبَبِ مُدَاهَنَتِكُمْ .*غير أنه من غرائب الدنيا أن ترى الدعاة إلى الفاحشة يذهلهم دعاة الإصلاح فيسعون بكل قوة وحزم ليطفئوا مسعاهم ويخمدوا نورهم ولا يرقأ لهم جفن ولا تغمض لهم عين حتى يرون الجريمة تكتسح الأسر والمجتمعات وتسير سير النار في الهشيم ويرى لها إقبال وغوغاء .
إن سكوت أهل الحل والعقد عن الإصلاح وإخلادهم إلى الأرض سئامة أو إسكاتهم عن قول الحق بقوة قانون إطلاق الحريات ليوقع الكل في سراديب لامنتهى لغورها وسيكتوي الكل بنار الفتنة ثمنا لسكوت أو إسكات صوت الحق .أما ثمن الساكت عن الحق مداهنة أو حبا فيفصح عنه ما صح عن أبي هريرة الآتي : قال ابن كثير : وقد ورد في الحديث المسند من طرق يشد بعضها بعضًا، عن أبي هريرة، وغيره: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من سُئِل عن علم فكتمه، ألجم يوم القيامة بلجام من نار". والذي في الصحيح عن أبي هريرة أنه قال: لولا آية في كتاب الله ما حدثتُ أحدًا شيئًا: { إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى من بعد ما بيناه للناس في الكتاب أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللعنون } الآية..وقال القرطبي : أخبر الله تعالى أن
<<20175>>
الذي يكتم ما أنزل من البينات والهدى ملعون. قال أَبو على الدقاق: ((الساكت عن الحق شيطان أَخرس والمتكلم بالباطل شيطان ناطق))
في كتاب القول البين الأظهر للراجحي :إن المداهن الطالب رضا الخلق أخبث حالًا من الزاني والسارق وشارب الخمر :وقد قال الشيخ المجدد، شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب -رحمه الله- في أناس يجلسون في المسجد على مصاحفهم يقرءون ويبكون، ولكنهم إذا رأوا المعروف لم يأمروا به، وإذا رأوا المنكر لم ينهوا عنه، قال: "إنهم من العمي البكم".ويشهد لهذا ما جاء عن بعض السلف : أن الساكت عن الحق شيطان أخرس، والمتكلم بالباطل شيطان ناطق.إن سلامة الجميع في دور العلماء المصلحين الذين لايهمم سوى تحقيق المصلحة لايبتغون بذالك مناصرة هيئة أو جهة وإنما همهم الإصلاح وبث الأخلاق ورفع صوت الحق فوق أصوات الباطل التي تموج موجا وتكاد تجرف سفينة الحياة التي بدأ توازنها يتمايل وأحس ربانها بأحقية الخطر المحدق والغرق المتوقع .فإلى متى أمتنا تبقى تتجاهل هذه الأخطار المنتظرة والقلاقل المتوقعة والفتن المقبلة .وبعد هذه المتقدمة فلنتعمق في منطوق ومفهوم القصة.
يقول ربنا جل وعلا في سورة الأعراف: في ||قصة أصحاب السبت||{ وَاسْأَلْهُمْ عَنْ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعاً وَيَوْمَ لا يَسْبِتُونَ لا تَأْتِيهِمْ كَذَلِكَ نَبْلُوهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ * وَإِذْ قَالَتْ أُمَّةٌ مِنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْماً اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَاباً شَدِيداً قَالُوا مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ * فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ أَنْجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنْ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ * فَلَمَّا عَتَوْا عَنْ مَا نُهُوا عَنْهُ قُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ } [الأعراف:163-166]. قال سعود الشريم في خطبته يوم الجمعة في السجد الحرام في قصة أصحاب السبت ما يلي :
يقول ربنا جل وعلا في سورة الأعراف: { وَاسْأَلْهُمْ عَنْ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ...الخ
: إن حاصل معنى آيات الأعراف هذه هو أن اليهود المعارضين لرسالة محمد صلى الله عليه وسلم، زعموا أن بني إسرائيل لم يكن فيهم عصيان ولا معاندة لما أمروا به، ولذا أمر الله نبيه صلى الله عليه وسلم أن يسألهم على جهة التوبيخ لهم عن هذه القرية، وهي على المشهور من أقوال المفسرين، قرية أيلة على شاطئ بحر القلزم بين مدين و الطور ، هذه القرية أهلها من اليهود، وكانوا يعتدون في يوم السبت، ويخالفون شرع الله حيث أنه نهاهم عن الصيد فيه، وكان الله سبحانه قد ابتلاهم في أمر الحيتان، بأن تغيب عنهم سائر الأيام، فإذا كان يوم السبت جاءتهم في الماء شرعاً ، مقبلة إليهم مصطفة، فإذا كان ليلة الأحد غابت برمتها، ففتنهم ذلك وأضر بهم، فتطرقوا إلى المعصية بأن حفروا حفراً يخرج إليهم ماء البحر على أخدود، فإذا جاءت الحيتان يوم السبت فكانت في الحفرة، ألقوا فيها حجارة فمنعوا الحيتان من الخروج إلى البحر، فإذا كان الأحد أخذوها حتى كثر صيد الحوت ومشي به في الأسواق، وأعلن الفسقة بصيده، فنهضت فرقة منهم، ونهت عن ذلك، وجاهرت بالنهي واعتزلت، وفرقة أخرى لم تنه ولم تعص، بل قالوا للناهين { لِمَ تَعِظُونَ قَوْماً
<<20176>>
اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَاباً شَدِيداً } [الأعراف:164] فلما لم يستجب العاصون؛ أخذهم الله بعذاب بئيس بما كانوا يفسقون، فنص سبحانه على نجاة الناهين، وسكت عن الساكتين، فهم لا يستحقون مدحاً فيمدحوا، ولا ارتكبوا عظيماً فيذموا.
والآن : فإلى الدروس المستفاد من قصة أصحاب السبت
1-> تقرير الوحي والنبوة لرسول الله محمد صلى الله عليه وسلم إذ مثل هذا القصص الذي يذكر لبني إسرائيل لن يتم إلا عن طريق الوحي ، وإلا فكيف علمه وذكر به اليهود أصحابه وأهله ، وقد مضى عليه زمن طويل .2->> إذا أنعم الله على أمة نعمة ثم اعرضت عن شكرها تعرضت للبلاء أولاً ثم العذاب ثانياً .3-> جدوى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فقد نجى الله تعالى الناهي عن المنكر وأهلك الذين باشروه ولم ينتهوا منه دون غرهم .
4- إطلاق لفظ السوء على المعصية مؤذن بأن المعصية مهما كانت صغيرة تحدث السوء في نفس فاعلها .اهـ الجزائري..5- >إبطال الحيل الممنوعة المؤدية لتعطيل شرع اللّه، وهدم مبادئه، وتجاوز أحكامه، ومخالفة أوامره.
6- القول بسدّ الذرائع، أي تحريم كل وسيلة تؤدي إلى الممنوع أو المحظور شرعا، فما أدى إلى الحرام فهو حرام...7-> إيجاب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، واعتزال أهل الفساد ومجانبتهم، وأن من جالسهم، كان مثلهم.
8- دل قوله: كَذلِكَ نَبْلُوهُمْ على أن من أطاع اللّه تعالى، خفف اللّه عنه أحوال الدنيا والآخرة، ومن عصاه ابتلاه بأنواع البلاء والمحن. وهذا يعني أن المعاصي سبب النقمة.اهـ الزحيلي 9->د واحتج أهل السنة بالآية على أنه تعالى لا يجب عليه رعاية الصلاح والأصلح، لا في الدين ولا في الدنيا لأنه تعالى علم أن تكثير الحيتان يوم السبت، ربما يحملهم على المعصية والكفر، فلو وجب عليه رعاية الصلاح والأصلح، لوجب أن لا يكثر هذه الحيتان في ذلك اليوم، صونا لهم عن ذلك الكفر والمعصية.
10- الفرقة التي عصت أوامر اللّه، وتمادت في معصية اللّه، كانت هالكة، والفرقة التي أنكرت العصيان ووعظت العصاة، كانت ناجية. وأما الفرقة الساكتة فكانت على الراجح من الناجين، لإنكارها بالقلب، ويأسها من الإصلاح.
10- قد لا يأتي العذاب الشديد فجأة، وإنما بالتدريج، فقد عاقب اللّه بني إسرائيل أولا بتنكيل البابليين، ثم النصارى بهم، وسلبوا ملكهم. ومن ألوان عذاب الدنيا: المسخ قردة وخنازير بسبب التمادي في العصيان، ثم يأتي عذاب الآخرة.اهـ الزحيلي
11>>ـ الاعتبار بأحوال الأمم الماضية\\
إن مما أوضحه الله في هذه الآيات ما تنطوي عليه طبائع يهود من خبث ومكر وتنكر للرسالة السماوية، يتلونون تلون الحرباء؛ مما جلب لهم المقت من ربهم، فأوقع بهم شر العقوبات: { قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذَلِكَ مَثُوبَةً عِنْدَ اللَّهِ مَنْ لَعَنَهُ اللَّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمْ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ أُوْلَئِكَ شَرٌّ مَكَاناً وَأَضَلُّ عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ } [المائدة:60].لقد كان لليهود شأن في بادئ الأمر، وقد أثنى الله عليهم بقوله: { وَلَقَدْ نَجَّيْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ الْعَذَابِ الْمُهِينِ * مِنْ فِرْعَوْنَ إِنَّهُ كَانَ عَالِياً مِنْ الْمُسْرِفِينَ * وَلَقَدْ اخْتَرْنَاهُمْ عَلَى عِلْمٍ عَلَى الْعَالَمِينَ } [الدخان:30-32].
<<20177>>
لكن التحول الذي حدث فيهم كان جذرياً، حتى أصبح لا يعرف من شمائلهم، أنهم يقودون إلى تقوى أو يعرفون بمهادنة، وإن الله جل شأنه يختبر بالرفعة والوضاعة، وبالزلزلة والتمكين، وبالخوف والأمن، وبالضحك والبكاء: { وَأَنَّ إِلَى رَبِّكَ الْمُنْتَهَى * وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَى * وَأَنَّهُ هُوَ أَمَاتَ وَأَحْيَا } [النجم:42-44].
ولأجل ذا -عباد الله- جاء التحذير الصارخ من أن نسلك مسالكهم، بل جاء الأمر الصريح بمخالفة اليهود والنصارى في غير ما حديث. .فعاقبهم الله بجعلهم قردة وخنازير
" أيها الناس إن من كمال الإيمان وقوته حياة القلب ومن علامة حياته انفعاله مع مجريات الأحدات وتقلب الأوقات كما كان عليه سيد الخلق فلقد روى مسلم عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهَا قَالَتْ مَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُسْتَجْمِعًا ضَاحِكًا حَتَّى أَرَى مِنْهُ لَهَوَاتِهِ إِنَّمَا كَانَ يَتَبَسَّمُ قَالَتْ وَكَانَ إِذَا رَأَى غَيْمًا أَوْ رِيحًا عُرِفَ ذَلِكَ فِي وَجْهِهِ فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَى النَّاسَ إِذَا رَأَوْا الْغَيْمَ فَرِحُوا رَجَاءَ أَنْ يَكُونَ فِيهِ الْمَطَرُ وَأَرَاكَ إِذَا رَأَيْتَهُ عَرَفْتُ فِي وَجْهِكَ الْكَرَاهِيَةَ قَالَتْ فَقَالَ يَا عَائِشَةُ مَا يُؤَمِّنُنِي أَنْ يَكُونَ فِيهِ عَذَابٌ قَدْ عُذِّبَ قَوْمٌ بِالرِّيحِ وَقَدْ رَأَى قَوْمٌ الْعَذَابَ فَقَالُوا{ هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا }..وهذا إنما يحصل لمن كان يرى ربه ويرقبه ونقل عن الفضيل بن عياض (ت 187 هـ) أنه قال: (( إني لأعصي الله فأعرف ذلك في خلق خادمي ودابتي )). ـ أبو الدرداء واعتباره بالتحولات . أيها الناس إن أخذ العبرة من التقلبات والأحداث دليل على حياة القلب ونضجه مصادقا لقول الله:((إن في ذلك لعبرة لأولي الألباب))ومن هنا كان السلف من أكثر الناس حساسية بالتغيرات حتى قال بعضهم< إنى لأعرف شؤم المعصية في خلقي زوجتي ودابتي > وقد جاء عن عمر أنه أقسم أن لا يساكن أهل المدينة إن هي عادت الزلزلة التي أصبتهم وهذا رسولنا الكريم كان يتفاعل مع الكون حتى كان يدخل ويخرج في اليوم الغائم يخشى أن يكون فيه عذاب فلا يطمئن حتى ينجلي الغيم عن السماء وقد اعتزل الصحابي الكريم أبو الدرداء يبكي يوم فتح الله على المسلمين بلاد الروم فقيل ألا تضحك في هذا اليوم الذي نصر الله فيه الإسلام والمسلمين فقال إني أبكي من حال هؤلاء وكيف تغير حالهم من عز إلى ذل ومن منعة وغلبة إلى شتات وأخشى أن يتغير حال المسلمين فيصيبهم ما أصاب هؤلاء لكن المسلمين اليوم ماتت والعياذ بالله أحساسيهم رغم ما ينزل بهم من ضربات موجعة ويحل بهم من بلاء من سياسات معكوسة وأمور ملتبسة وحروب طاحنة وهيمنة ظالمة وذل مقيت من أذل الناس عند الله كانت بلادهم بالأمس محتلة عسكريا وهاهي اليوم محتلة سياسيا ليس لهم رأي يذكر ولا كلمة تسمع يستنجدون بعدو لدود حكم وجلاد مكبلة أياديهم بالقيودات الخارجية... وكان أبو الدرداء :
يتعوذ بالله من النفاق بعد التشهد فلما سئل عن ذلك قال:((دعنا عنك فو الله إن الرجل ليقلب عن دينه في الساعة الواحدة فينخلع منه))
ففي مسند الإمام أحمد عن جبير بن نفيير قال:
((لما فتحت قبرص فرق بين أهلها فبكى بعضهم إلى بعض فرأيت أبا الدرداء جالسا وحده يبكي فقلت:يا أبا الدرداء ما يبكيك في يوم أعز الله فيه الإسلام وأهله
<<20178>>
فقال:ويحك يا جبير ما أهون الخلق على الله عز وجل إذا أضاعوا أمره بينما هي أمة شاهرة ظاهرة لهم الملك تركوا أمر الله فصاروا إلى ما ترى))ولقد ضاعت الأندلس من المسلمين بسبب ذنوبهم فبيعث ملوكهم في أسواق الرقيق وهم يبكون وينوحون كما قال الشاعر أبو البقاء الرندي: الذي عاش سقوط الأندلس في أيدي الاسبان وحزن لذلك حزنا شديدا تجلى ذلك في شعره حيث قال:
على ديار من الإسلام خالية******قد أقفرت ولها بالكفر عمران
حيث المساجد قد صارت كنائس ما *****فيهن إلا نواقس وصلبان
حتى المحاريب تبكي وهي جامدة*****حتى المنابر ترثى وهي عيدان
يا من لذلة قوم بعد عزتهم ***** أحال حالهم جور وطغيان
ولو رأيت بكاهم عند بيعهم**** لهالك الأمر واستهوتك أحزان
لمثل هذا يذوب القلب من كمد ****إن كان في القلب إسلام وإيمان
وتقول أم أحد ملوك الأندلس وهو أبو عبد الله آخر ملوك الطوائف تخاطب صاحب الملك المضاع
إبك مثل النساء ملكا مضاعا ******لم تحافظ عليه مثل الرجال
ولقد حدث لمسلمي فلسطين ما يشبه ما حدث لأهل الأندلس من تسلط اليهود عليهم والتنكيل بهم وطردهم من ديارهم وتحويل مساجدهم إلى مراقص ليلية ومستشفيات للمعذورين فكل مرة قصف وقتل واعتقال وكل ذلك يقع لإخوانهم والأمة عاجزة عن انقادهم بل تراقب أمن اليهود وتتعاون معهم بل ما تزال بيوتهم تهدم كل أما مذبحة صبرا وشاتيل ومذبحة جنين فيعجز القلم عن كتابتها ولهذاشبه الشاعر فلسطين بالأندلس حيث قال:
يا أخت أندلس صبرا وتضحية***** وطول صبر على الأرزاء والنوب
ذهبت في لجة الأيام ضائعة***** ضياع أندلس من قبل في الحقب
وطوحت ببنيك الصيد نازلة **** بمثلها أمة الإسلام لم تصب
كما ضاعت (الفلبين) فتحولت إلى دولة كافرة وكذلك (سنغفورة) كانت مسلمة كما كانت الأندلس فضاعت كما ضاعت {تيمور الشرقية}بإندونيسيا فتحولت إلى نصرانية وها هي السودان يحاك لها في الجنوب كما يحاك للمغرب في الصحراء الغربية كما ضاعت (سويسرا)فقد حكمهما المسلمون ثلاثون عاما ثم تخلوا عنها
ويعتبر بما يلي :
*فيما مضى كنت بالأعياد مسرورا ** فجاءك العيد في أغماتمأسورا*
ترى بناتك في الأطمارجائعـــــة**يغزلن للناس لايملكن قمطيــــرا *
برزن نحوك للتسليم خاشعـــــــــة**أبصارهن حسيراتمكاسيـــــرا*
*يطأن في الطين والأقدامحافيـــــة**كأنها لم تطأمسكاوكافـــــــــورا*
إنها نهايات يأسى لها القلبالذي يعي سنن الله في المترفين.....العنوان اصله قصيدة للمتنبي ولكن القصيدة التيأردت أن أتمثل شوقا وحزنا على ما حل بإخواننا في سوريا هي قصيدةالمعتمد بنعبادكانملكا من ملوك الطوائف بالأندلس يعيش على البدخ والترف ولم يحدث للنعمة شكرا فكانتنهايته السجن والفقر كما قال أخونا علال نوريم في الكتاب المذكور.فقد اتفق أن أطلتبناته من القصر فرأين بنات قومه
{20179}
يحملن القلل لنقل الماء ويطأن في الوحل فطلبن منأبيهن أن يفعلن ذلك فأجابهن لكن داخل القصر فأمر بالمسك والكافور فصب جانب القصر ثمصب عليه أطيب الطيب ثم جيء لهن بقلل من ذهب فكن يحملنها ويطأن بأرجلهن في المسكوالكافور لافي الوحل غير أن هذا الترف لم يدم كما هي سنة الله في كل جبارفانقض عليه يوسف بن تاشفينت فأسره .وصادر أمواله وأذهب ملكهوأزال دولته وحمله إلى اغمات جنوب مراكش أسيرا ذليلا مكبلا مقيدا أما بناته فلحقهنمن الفقر مالم يكن في الحسبان بل أصبحن خادمات البيوت يغزلن ليعشن فلما جئن لزيارتهوهو في سجنه انشد ابياتا حزينة قال فيها ما سبق ..فباي حالعدتعلى إخوانناياعيد
12>>ـ أهمية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر\\
ومن الدروس المستقاة -عباد الله- أنه ينبغي على أهل العلم، وذوي الإصلاح أن يقوموا بواجب النصح والوعظ في إنكار المنكرات على الوجوه التي جاءت بها الشريعة الإسلامية، بالحكمة والموعظة الحسنة، والمجادلة بالتي هي أحسن، ولا يمنع من التمادي في الوعظ والنهج والإصرار عليه، عدم القبول من المخالف؛ لأنه فرض فرضه الله قبل أو لم يقبل، ولأن هذا هو الذي يحفظ للأمة كيانها بأمر الله.
وبذلك تكون المعذرة إلى الله ، ويكون الخروج من التبعية وسوء المغبة، وبمثل أولاء يدفع الله البلايا عن البشر: { وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ } [هود:117] ولم يقل وأهلها صالحون، فإن مجرد الصلاح ليس كفيلاً بالنجاة من العقوبة الإلهية الرادعة ، ولأجل ذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم: { ويل للعرب من شر قد اقترب، فتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج مثل هذه، وحلق بإصبعه الإبهام والتي تليها، قالت زينب بنت جحش : يا رسول الله! أنهلك وفينا الصالحون، قال: نعم.إذا كثر الخبث } رواه البخاري و مسلم .
13>>ـ التحذير من التهوين في شأن الإصلاح"\
.إن من الدروس المستفادة من الآيات عباد الله! أن التهوين من شأن الإصلاح أو التخذيل أو الإرجاف فيه، ليس من سمات الأمة المسلمة الحقة، وأن مقولة بعضهم: دع الناس وشأنهم، فربهم رقيب عليهم، ليس من السنة في شيء، إنما هو في الواقع إقعاد بكل صراط يوعد فيه ويصد عن سبيل الله من آمن، وحينئذٍ لا بد من معرفة العاقبة لمن كان ديدنه ذلك: { وَإِذْ قَالَتْ أُمَّةٌ مِنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْماً اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَاباً شَدِيداً } [الأعراف:164].
ومن هنا عباد الله جاء حذر ابن عباس رضي الله تعالى عنهما من أن يكون ومن معه من الفرقة الثالثة، روى ابن جرير بسنده عن عكرمة قال: دخلت على ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ والمصحف في حجره وهو يبكي، فقلت: ما يبكيك يا ابن عباس جعلني الله فداءك؟ فقال: هؤلاء الورقات، وإذا هو في سورة الأعراف، فقال: ويلك، تعرف القرية التي كانت حاضرة البحر؟ فقلت: تلك أيلة، فقال ابن عباس: لا أسمع الفرقة الثالثة ذكرت، نخاف أن نكون مثلهم، نرى فلا ننكر، فقلت: أما تسمع الله يقول: فَلَمَّا عَتَوْاْ عَن مَّا نُهُواْ عَنْهُ [الأعراف:166]. فسرّي عنه وكساني حلةً.
14>>ـ سد الذرائع والحيل المفضية إلى الحرام"\\

{20180}
عباد الله: ومن الدروس أن الشارع الحكيم جاء بسد الذرائع المفضية إلى ما حرم الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، وأن شيئاً من أنواع الحيل الموصلة إلى ما حرم الله، لا يجوز ألبتة، وأياً كانت هذه الحيل في العبادات، أو المعاملات، أو الأحوال الشخصية، أو نحوها، فإنه لا يجوز فعلها للوصول إلى المحرم من طرف خفي، .و روى أبو عبد الله بن بطة بسند جيد أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: { لا ترتكبوا ما ارتكب اليهود، فتستحلوا محارم الله بأدنى الحيل }.وثبت في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: { قاتل الله اليهود، حرمت عليهم الشحوم، فجملوها فباعوها } وغير ذلك كثير وكثير، وما الأمثلة المطروحة إلا شعبة في واد، ونزة من نبع، القصد من ورائها تنبيه الغافلين وإنذار المتغافلين، والتأكيد الجازم على خطورة شيوع الحيل المحرمة، وما تودي به من كدر في الصفو، وعطب في النية والمقصد، وهي وإن تقالهّا ثلة من الناس، فإن هذا لا يهون من شأنها،
إن القليل بالقليل يكثر كما الصفاء بالقذاء يكدر.اهـ الشريم
15>>ـ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ضمانة لعدم نزول العقوبات
الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هو ضمانة دون نزول العقوبات الإلهية التي تصيب المجتمعات في العاجل أو الآجل، وقد قص الله علينا قصص بني إسرائيل حين نهاهم أن يعتدوا في السبت: { وَإِذْ قَالَتْ أُمَّةٌ مِنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْماً اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَاباً شَدِيداً قَالُوا مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُون * َفَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ أَنْجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ * فَلَمَّا عَتَوْا عَنْ مَا نُهُوا عَنْهُ قُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ } [الأعراف:164-166] إذاً أنجينا الذين ينهون عن السوء، فإذا حق العذاب على أمة من الأمم فإن الله تعالى لا ينجي إلا الذين ينهون عن السوء.فإذا كانت هناك أمة من الأمم لا يوجد فيها الذين ينهون عن السوء، لا ينجو منها أحد، ولذلك قال الله عز وجل: { فَلَوْلا كَانَ مِنَ الْقُرُونِ مِنْ قَبْلِكُمْ أُولُو بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنِ الْفَسَادِ فِي الْأَرْضِ إِلَّا قَلِيلاً مِمَّنْ أَنْجَيْنَا مِنْهُمْ وَاتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا مَا أُتْرِفُوا فِيهِ } [هود:116].
فإذا وجد في الأمة من يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر نجا إذا نزل العذاب،
ولذلك روى البخاري و مسلم في صحيحهيما أن النبي صلى الله عليه وسلم نام ثم استيقظ فزعاً، وهو يقول: { لا إله إلا الله ويل للعرب من شر قد أقترب، لقد فتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج مثل هذه، وأشار بإصبعيه السبابة والإبهام، فقالت له زينب بنت جحش -راوية الحديث- رضي الله عنها: يا رسول الله، أنهلك وفينا الصالحون؟ قال: نعم إذا كثر الخبث }.
هذا جزء من العذاب الذي توعد الله تبارك وتعالى به الأمة، حين تتخلى عن مهمتها بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ولذلك قال الإمام مالك في موطئه باب: ما جاء في عذاب العامة بعمل الخاصة، ثم نقل عن عمر بن عبد العزيز رحمه الله وأرضاه، أنه قال: [[كان يقال: إن الله تعالى لا يعذب العامة بعمل الخاصة]] يعني: إذا وجدت فئة خاصة من المترفين والأغنياء والكبار الذين يصرون على المنكرات سراً فإن الله عز وجل لا يعذب المجتمع كله بعملهم، لكن هكذا يقول عمر بن عبد العزيز : [[لكن إذا عملوا المنكر جهاراً استحقوا العقوبة كلهم]].روى أبو داود و الترمذي وقال:
{20181}
حديث حسن صحيح، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: { إن الناس إذا رأوا الظالم فلم يأخذوا على يديه أوشك أن يعمهم الله بعقاب }.إذا رأوا الظالم فلم يأخذوا على يديه.الظلم أنواع: قد يكون الظلم بالمال نهب أموال الناس أو أخذ أموال الناس بالباطل، أو الغش أو الخديعة أو السرقة أو اللصوصية على أي مستوى كانت فهذا ظلم، لكن ليس هذا فقط هو الظلم، حتى الظالم لنفسه الذي يرتكب المعصية -مثلاً- هذا ظالم، ظالم لنفسه، وظالم لغيره -أيضاً- والظلم معنىً عام واسع يدخل فيه حتى الشرك: { إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ } [لقمان:13] فالناس إذا رأوا الظالم العاصي الفاسق، فلم يأخذوا على يديه أو شك أن يعمهم الله تعالى بعقاب.
ومن أكثر الأحاديث هزاً لقلوب المؤمنين، وتخويفاً لهم، ما رواه حذيفة رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: { لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر، أو ليوشكن الله أن يبعث عليكم عذاباً من عنده }.إذاً يوشك ويقرب أن تصاب الأمة بالعذاب إذا لم تأمر بالمعروف ولم تنته عن المنكر، فصمام الأمان بالنسبة للأمة هو أن يكون فيها أولو بقية ينهون عن الفساد في الأرض، وذلك أن المجتمع كله لحمة واحدة. في الحديث المتفق عليه، عن النعمان بن بشير - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَثَلُ الْقَائِمِ عَلَى حُدُودِ اللَّهِ وَالْوَاقِعِ فِيهَا كَمَثَلِ قَوْمٍ اسْتَهَمُوا عَلَى سَفِينَةٍ فَأَصَابَ بَعْضُهُمْ أَعْلَاهَا وَبَعْضُهُمْ أَسْفَلَهَا فَكَانَ الَّذِينَ فِي أَسْفَلِهَا إِذَا اسْتَقَوْا مِنْ الْمَاءِ مَرُّوا عَلَى مَنْ فَوْقَهُمْ فَقَالُوا لَوْ أَنَّا خَرَقْنَا فِي نَصِيبِنَا خَرْقًا وَلَمْ نُؤْذِ مَنْ فَوْقَنَا فَإِنْ يَتْرُكُوهُمْ وَمَا أَرَادُوا هَلَكُوا جَمِيعًا وَإِنْ أَخَذُوا عَلَى أَيْدِيهِمْ نَجَوْا وَنَجَوْا جَمِيعًا>}.
المجتمع هو السفينة، وأصحاب الفساد سواء أكان فساداً فكرياً أم خلقياً عاماً أم خاصاً، كبيراً أم صغيراً كلهم عبارة عن مجموعة معهم معاول ومسامير، كل واحد يخرق في طرف من السفينة، والناهون عن المنكر عبارة عن القوم العقلاء الصالحين الذين يبذلون جهودهم في منع كسر هذه السفينة، أو أخذ لوح منها؛ ونتيجة هلاك السفينة وغرقها، أو نجاتها؛ مبنية على نجاح أحد الطرفين فيما يريد وفيما يحاول.
16>>ـ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ضمان للبيئة من التلوث\\
إن جراثيم الأخلاق والأفكار تنتشر في الهواء مثل ما تنتشر الجراثيم القاتلة للجسم -فمثلاً- إتاحة الفرصة لأهل الرذيلة أن يمارسوا رذيلتهم والفساد من خلال الصور، ومن خلال الأغنية، ومن خلال المجلة، ومن خلال بيت الدعارة -مثلاً- هذا يلوث البيئة العامة، ويجعل الإنسان الذي يريد الصلاح -أحياناً- قد لا يستطيع أن يكون كما يحب؛ لأن العقبات أمامه كثيرة فقد تلوثت البيئة العامة.
وكذلك نشر الشبهات التي تشكك الناس في دينهم من خلال الكتاب والمجلة والجريدة والشريط والمحاضرة والقصيدة والأمسية هي الأخرى -أيضاً- تلوث البيئة العامة، بحيث تجد أن الإنسان يبدأ يسمع شبهة هنا وشبهة هنا، وشبهة هنا، وليس صحيحاً أبداً أن الناس كلهم محصنون ضد الشهوات والشبهات، سبحان الله! الإنسان خلق كما قال الله عز وجل: { وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفاً } [النساء:28]
17>ـ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر جزء من تكافل الأمة\\
الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في الإسلام هو: جزء من التكافل الذي جعله الله تبارك وتعالى بين المؤمنين، -مثلاً- أنت لو وجدت رجلاً يشتري بضاعة فاسدة كان
{20182}
واجباً عليك أن تنبهه أن هذه البضاعة فاسدة أو غالية أو غير مناسبة له، من باب الدين النصيحة، ولو وجدت رجلاً يعرق كان واجباً عليك أن تنقذه بقدر ما تستطيع، حتى لو ترتب على ذلك أن تؤجل عبادة مفروضة قد شرعت فيها، كأن تكون شرعت في صيام تحتاج إلى الفطر لإنقاذه تفطر، فالإسلام ضمن الحقوق الكلية للإنسان، فلا يجوز أن يجلس مسلم جائع ونحن نأكل ملئ بطوننا،في مسند أحمد \.عَنِ ابْنِ عُمَرَ
عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ احْتَكَرَ طَعَامًا أَرْبَعِينَ لَيْلَةً فَقَدْ بَرِئَ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى وَبَرِئَ اللَّهُ تَعَالَى مِنْهُ وَأَيُّمَا أَهْلُ عَرْصَةٍ أَصْبَحَ فِيهِمْ امْرُؤٌ جَائِعٌ فَقَدْ بَرِئَتْ مِنْهُمْ ذِمَّةُ اللَّهِ تَعَالَى
18>ـ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من خصائص هذه الأمة\\
إخوتى الكرام: إن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هو من الخصائص والميزات التي أختص الله تعالى بها هذه الأمة من بين سائر الأمم الكافرة الضالة عن سواء السبيل، يقول الله عز وجل: { كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ } [آل عمران:110].
إذاً سبب وسر خيريتكم هو أنكم تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله، وسبب فشل وضلال غيركم، أنهم تركوا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إلى الأمر بالمنكر والنهي عن المعروف ويقول الله عز وجل: { وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ } [التوبة:71] فهذه صفة المجتمع المسلم أيها الأحبة.
أما المجتمعات الكافرة اليوم فنحن نراها وقد أصبحت في الوقت الذي تتغنى بما يسمى حرية الفرد، فإنها أصبحت تحارب جميع صور الفضيلة التي يريد الفرد أن يمارسها، في بلاد الغرب -فمثلاً- الحرية متاحة لأهل العري والعهر والفساد والرذيلة، لا أقول: متاحة بل مفروضة، ولكن حين تفكر فتاة مسلمة بأن تلبس الحجاب على رأسها ورقبتها ونحرها وهي ذاهبة إلى المدرسة تقوم الدنيا حينئذٍ، ولا تقعد.
كما حصل في فرنسا، منذ زمن ليس بالبعيد منذ نحو سنة، حين ذهبت ثلاث فتيات من المغرب إلى مدرستهن في فرنسا وقد لبسن الحجاب على الرأس فرفض مدير المدرسة إدخالهن حتى يخلعن الحجاب، وتطورت القضية حتى دُرست أعلى المستويات الرسمية وتدخلت فيها دول خارجية للوساطة عند والد هؤلاء الفتيات، لتغيير قناعتهن بالحجاب..
19>>ـ ـ صورعقوبة ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر\\
1>ـ التفرق والتناحر\\
{ قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَاباً مِنْ فَوْقِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ } [الأنعام:65] في عدد من البلاد المجاورة تجد أن أهم أسباب تفرقهم: أنهم لم يأمروا بالمعروف، ولم ينهوا عن المنكر، فترتب على ذلك شيوع الفساد، اليوم يعلن -مثلاً- عن حفل راقص في مكان كذا، وغداً يعلن عن حفل غنائي في مكان كذا، وبعده يعلنون عن عرض مسرحيٍ في مكان كذا، وهكذا أصبحت المنكرات في بلادهم منتشرة.

{20183}
2>ـ تغيير المسار ومحاولة مسخ الأمة\\
الأمة بدأ مسارها في عدد من البلاد يتغير، فالمنافقون لم يكتفوا فقط بإشاعة المنكرات، لا،بل هم يخططون إلى سلخ الأمة عن دينها بالكلية، بحيث تتحول إلى أمة أخرى غير الأمة الإسلامية، تتحول مثلاً إلى أمة علمانية لا دين لها، تقبل أن يشيع فيها أي فكر وأي مبدأ وأي منهج، ليس لها دين، وليس لها اعتقاد تلتزم به.
3>ـ الإغراق في الشهوات\\
مثلاً: ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يوجب الوقوع في الشهوات والإغراق فيها، وهذا من شأنه أن يجعل الناس مرتبطين بالدنيا، أصحاب نفوس ضعيفة ليس عندهم جدية في الأمور.
20>ـ الإهمال في أخذ العدة\\
جانب ثانٍ: الإهمال في أخذ العدة، سواء أكانت عدة معنوية بقوة القلوب وشدتها، أم كانت عدة مادية بالاستعداد لمقاومة الأعداء، وهذه لا يمكن أن يتقنها ويجيدها إلا الناس الذين اشتغلوا بمعالي الأمور، وأعرضوا عن السفاسف، أما صرعى الشهوات فليسوا أهلاً لذلك
21>ـ مراتب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر\\
في صحيح مسلم قالصلى الله عليه وسلم : { من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان } إذاً، القضية قضية تدرج، وأول ما يحدث: التغيير بالقلب، ، ثم التغيير باللسان، ثم التغيير باليد، لكن المطلوب هو أن تغير بيدك إذا استطعت، فإذا عجزت فالجأ إلى التغيير باللسان، فإذا عجزت يكفي هنا أن تغير بقلبك،
22>ـ وسائل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر\\
أقول : كل وسيلة مباحة تؤدي للمقصود فهي داخلة في الوسائل بشرط: أن تكون مباحة فلا تأت بوسيلة محرمة من أجل النهي عن المنكر؛ لأن النجاسة لا تغسل بنجاسة مثلها،.
23>ـ من وسائل الأمر بالمعروف: التشهير بالمنكر\\
من الوسائل: قضية التشهير بالمنكر ، روى أبو داود "عَنْ عَمْرِو بْنِ الشَّرِيدِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَيُّ الْوَاجِدِ يُحِلُّ عِرْضَهُ وَعُقُوبَتَهُ >قَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ يُحِلُّ عِرْضُهُ يُغَلَّظُ لَهُ وَعُقُوبَتَهُ يُحْبَسُ لَهُ>
24>ـ من وسائل الأمر بالمعروف: المقاطعة
: الامتناع عن المكان أو المؤسسة التي يوجد فيها المنكر، أرأيتم بيوت الحرام التي تتاجر بحرب الله تعالى وحرب رسوله صلى الله عليه وسلم: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ * فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ } [البقرة:278-279] هذه البيوت من أين كبرت وشهقت وارتفعت؟إلا من جيبي وجيبك!! وهذه المجلة التي تتاجر بأعراض المسلمين ما الذي ضمن لها الاستمرار والدوام؟!.هو شراؤها من الغافلين.

{20184}
25>ـ من وسائل الأمر بالمعروف: الجريدة\\
والجريدة أيضاً وسيلة منتشرة -مهما كان الأمر- وكل موظف يقرؤها، وكل إنسان يقرؤها، 10>ـ من وسائل الأمر بالمعروف: الهاتف\\
الهاتف وسيلة أيضاً ممكنة جداً أن تتصل بالهاتف لفلان أو علان وتنكر عليه، سواء كان الذي تتصل عليه هو صاحب المنكر ، أم كان شخصاً يستطيع أن يغير المنكر، إما بمكانته وجاهه كأن يكون عالماً أو وجيهاً أو مسئولاً يستطيع أن يساهم في إزالة المنكر، والهاتف وسيلة فعالة ومؤثرة،
26>ـ من وسائل الأمر بالمعروف: الكتاب\\
ومن وسائل الإنكار: الكتاب أو الكتيب الصغير، سواء تكتب كتاباً في إنكار أحد المنكرات، أو تساهم في نشره: { قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُنَاسٍ مَشْرَبَهُمْ } [البقرة:60]
27>ـ من وسائل الأمر بالمعروف: الشريط\\
بأن تروجه بقدر ما تستطيع12>ـ من وسائل الأمر بالمعروف: الكلمة\\
ومن الوسائل مثلاً الكلمة، الكلمة الهادفة سواء أكانت درساً أم محاضرة
28>>ـ شروط الإنكار باليد\
الإنكار باليد، أي تغيير المنكر أو هدمه أو إتلافه أو إحراقه، ، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: { فليغيره بيده } بل هو أول مراتب الإنكار، صرح أهل العلم بأنه يجوز الإنكار باليد بأربعة شروط:
1> السلطة القائمة بالإنكار\
الشرط الأول: -الذي أشرت إليه سابقاً- وهو فقدان السلطة القائمة بالإنكار باليد،
2> ظهور المصلحة الراجحة\
الشرط الثاني: ظهور المصلحة الراجحة في ذلك، وهو أن يكون في الإنكار باليد مصلحة ظاهرة راجحة على المفسدة، أما إذا ظهر للإنسان أن في الإنكار باليد مفسدة أكبر وأنه قد يجر إلى مفاسد أخرى مثل تضييق الخناق على الطيبين والصالحين، أو انتشار المنكر أكثر وأكثر، فإنه يكون الإنكار باليد حينئذٍ ممنوعاً.
3>ـ تعذر غيرها\
الشرط الثالث: أن يتعذر بغيره، أي: إذا استطعت أن تغير هذا المنكر باللسان فالحمد لله، فلا تلجأ إلى اليد إلا إذا تعذر الإنكار باللسان.
4>ـ مراجعة العلماء\
الشرط الرابع: -وهو مهم جداً- وهو مراجعة العلماء في ذلك، وأن يكون المرجع فيه إلى علماء أهل السنة والجماعة
29>>يستفاد أن من عقوبات الذنوب : العذاب والمسخ والهلاك لقوله تعالى عن أصحاب السبت : <* فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ أَنْجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنْ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ * فَلَمَّا عَتَوْا عَنْ مَا نُهُوا عَنْهُ قُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ } [الأعراف:163-166]. قال النبي صلى الله عليه وسلم : " كل أمتي معافى إلا المجاهرين، وإن من المجاهرة أن يعمل العبد بالليل
{20185}
عملا، ثم يصبح قد ستره ربه، فيقول: يا فلان! قد عملت البارحة كذا وكذا، وقد بات يستره ربه، ويصبح يكشف ستر الله عنه "متفق عليه .
قال أبو الدرداء : (من هوان الدنيا على الله أنه لا يُعصى إلا فيها، ولا ينال ما عنده إلا بتركها) القرطبي في تفسيره (6/415).
فللذنوب والمعاصي من الآثار القبيحة المذمومة المضرة بالقلب والبدن في الدنيا والآخرة ما لا يعلمه إلا الله فمن ذلك :
1- حرمان العلم : 2- حرمان الرزق : وفي المسند إن العبد يحرم الرزق بالذنب يصيبه . فكما أن تقوى الله مجلبة للرزق بالمثل ترك المعاصي .
3- وحشة وظلمة في القلب : 4- تعسير أموره عليه
5- حرمان الطاعة : 6- سبب لهوان العبد على ربه : قال الحسن البصري هانوا عليه فعصوه ولو عزوا عليه لعصمهم وإذا هان العبد على ربه لم يكرمه أحد .
7 - تقصر العمر وتمحق البركة : فإن البر كما يزيد في العمر فالفجور ينقصه فإذا أعرض العبد عن الله واشتغل بالمعاصي ضاعت عليه أيام حياته.
قال عبد الله بن المبارك:
رأيت الذنوب تميت القلوب * * * وقد يورث الذل إدمانها
وترك الذنوب حياة القلوب * * * وخير لنفسك عصيانها
8>ـالذل فالعاصي يذله كل أحد يذله رئيسه في العمل وزوجه وولده في الدر .
قال الحسن البصري:عن أهل المعاصي <فإنهم وإن طقطقت بهم البغال وهملجت بهم البراذين إلا أن ذل المعصية لا يفارق قلوبهم أبى الله إلا أن يذل من عصاه>
ويؤكد هذا ما رواه أبو داود قال<ص>:<إذا تبايعتم بالعينة وأخذتم أذناب البقر ورضيتم بالزرع وتركتم الجهاد سلط الله عليكم ذلا لا ينزعه حتى ترجعوا إلى دينكم >صحيح صححه الألباني
ماأصدق هذا الخبر على واقع الأمة الإسلامية فلما أخذت بهذه الأسباب أذلها الله وإذا قها أصناف ألوان العذاب احتلال من العدو الخارجي وهضم لحقوقهم وتشديد العقوبات عليهم وقتل وتشريد وسيطرة وذل داخلي يذيق بعضها بعضا أسوأ العذاب
9>ـ:حلول المصائب والنكبات والأمراض :قال تعالى <وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم>و عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ
عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَكُونُ فِي أُمَّتِي خَسْفٌ وَمَسْخٌ وَذَلِكَ فِي الْمُكَذِّبِينَ بِالْقَدَر> الترمذي صحيح الجامع
وقال<ص>:<لم تظهر الفاحشة في قوم حتى يعلنوا بها إلا فشا فيهم الطاعون والأوجاع التي لم تكن مضت في أسلافهم الذين مضوا>صحيح الجامع
والواقع يشهد بذلك فقد انتشرت الأمراض والأوبئة التي لم تكن تعرف من قبل كالإيدز والسرطان والهربس والسيلان والزهري ومرض القرحة الرخوة وورم الحبيبي والتهاب الإحليل الكلاميدى والجرب ومرض تقمل العانة ومرض المولوسكم الفيروسي المعدي بسبب الزنا


{20186}
10>>ـ:زوال النعم فإن للمعاصي أثارا عجيبة على نعم الله فهي تزيل نعمة الإيمان من القلوب قال تعالى:<واذكروا نعمةالله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا>........في موسوعة الخطب وغيرها ما يلي :
<<|{ فائدة }|>>ـ قال تعالى <وإذ قالت أمة منهم لم تعظون قوما ...الخ> نختم هذه المحاور بعالم واعظ وأمير قابل لها أو رافض فنتلوا القصص التالبة1>>بين أبي حنيقة والمنصور.لما خرج اهل الموصل على المنصور وكان قد اشترط عليهم أنهم إن خرجوا عليه تحل دماؤهم " لكن لما خرجوا عليه جمع الفقهاء وفيهم أبو حنيفة فقال : أليس يقول النبي صلى الله عليه وسلم " المؤمنون عند شروطهم "وأهل الموصل قدشرطوا ألا يخرجوا علي وقد خرجوا على عاملي وقد حلت دماؤهم .فقال رجل منهم : يدك مبسوطة عليهم وقولك مقبول فيهم فإن عفوت فأنت أهل العفو وإن عاقبت فبما يستحقون .فقال لبي حنيفة ما تقول ياشيخ ألسنا في بيت نبوة وأمان .فأجابه ابو حنيفة : إنهم شرطوا لك مالا يملكون "وهو استحلال دمائهم " وشرطت عليهم ما ليس لك لأن دم المسلم لايحل إلا إلا بأحد معان ثلاث .روى مسلم البخاري : عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَحِلُّ دَمُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ يَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَّا بِإِحْدَى ثَلَاثٍ الثَّيِّبُ الزَّانِي وَالنَّفْسُ بِالنَّفْسِ وَالتَّارِكُ لِدِينِهِ الْمُفَارِقُ لِلْجَمَاعَةِ>..قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( وَالتَّارِك لِدِينِهِ الْمُفَارِق لِلْجَمَاعَةِ )فَهُوَ عَامّ فِي كُلّ مُرْتَدّ عَنْ الْإِسْلَام بِأَيِّ رِدَّة كَانَتْ ، فَيَجِب قَتْله إِنْ لَمْ يَرْجِع إِلَى الْإِسْلَام ، قَالَ الْعُلَمَاء : وَيَتَنَاوَل أَيْضًا كُلّ خَارِج عَنْ الْجَمَاعَة بِبِدْعَةٍ أَوْ بَغْي أَوْ غَيْرهمَا ، وَكَذَا الْخَوَارِج . وَاللَّهُ أَعْلَم .
.فأمرهم المنصور بالقيام فتفرقوا فدعاه وحده .فقال ياشيخ القول ما قلت .إنصرف إلى بلادك ولا تفت الناس بما هو شين على إمامك فتبسط أيدي الخوارج اهـ صور من ابتلاء العلماء لوحيد عبد السلام بالي نقلا عن المناقب لابن الجوزي .
2>>ـ بين عبد المالك وأبي حازم . لما دخل سليمان بن عبد الملك إلى المدينة أرسل إلى أبي حازم فدخل عليه فقال له:يا أبا حازم:مالنا نركه الموت قال لأنكم خربتم آخرتكم وعمرتكم دنياكم فكرهتم أن تنتقلوا من العمران إلى الخراب .فقال سليمان يا أبا حازم:كيف القدوم على الله قال يا أمير المؤمنين أما المحسن فكالغائب يقدم على أهله وأما المسيء فكا لآبق يقدم على مولاه فبكى سليمان وقال ليت شعري مالي عند الله .قال أبو حازم اعرض نفسك على كتاب الله حيث قال:((إن الإبرار لفي نعيم وإن الفجار لفي جحيم))ثم قال سليمان يا أبا حازم أي عباد الله أكرم قال أهل البر والتقوى قال فأي الأعمال أفضل قال أداء الفرائض مع اجتناب المحارم قال فأي الكلام أسمع قال قول الحق عند من تخاف وترجو قال فأي المؤمنين أخس قال رجل أخطأ في هوى أخيه وهو ظالم فباع آخرته بدنيا غيره.قال سليمان ما تقول فيما نحن فيه قال أو تعفيني قال لا:ولكن النصيحة يلقيها إلى قال يا أمير المؤمنين إن آباءك قهروا الناس بالسيف وأخذوا هذا الملك عنوة من غير مشورة من المسلمين ولارضاء منهم حتى قتلوا قتلة عظيمة وقد ارتحلوا فلو شعرت ما قالوا وما قيل لهم فقال رجل من جلسائه:بئس ما قلت قال أبو حازم:<إن الله أخذ الميثاق على العلماء ليبينه للناس ولا


{20187}
يكتمونه .>قال سليمان وكيف لنا أن نصلح هذا الفساد قال أبو حازم:أن تأخذه من حله فتضعه في حقه فقال سليمان ومن يقدر على ذلك فقال من يطلب الجنة ويخاف من النار .فقال سليمان أدع الله لي فقال أبو حازم:
((اللهم إن كان سليمان وليك فيسره لخيري الدنيا والآخرة وإن كان عدوك فخذ بناصيته إلى ما تحب وترضى))فقال سليمان أوصني قال أوصيك وأوجز:((عظم ربك ونزه ألا يراك حيث نهاك أو يفقدك حيث أمرك >
3>>ـ بين عبد المالك وطاوس .
لما حج سليمان بن عبد الملك ، ووصل إلى مكة قال: هل بقي أحدٌ من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قالوا: لا.قال: هل بقي أحدٌ من التابعين الذين أدركوا بعض الصحابة؟ قالوا: نعم.بقي طاوس ، فأرسل إليه فجاءه، فلما سلم، سلم عليه ولم يقل له: يا أمير المؤمنين! وجلس على بساطه بنعليه، وبعد ذلك قال له: ما هذا الجفاء يا طاوس ؟ قال: دخلت ولم تكنيني بإمرة المسلمين، ووضعت نعليك على طرف بساطي، ودعوتني باسمي؛ لأنه قال: السلام عليك يا سليمان ! قال: أما أني دعوتك باسمك فإن الله عز وجل خاطب أنبياءه بأسمائهم، قال: يا نوح ويا لوط ويا إبراهيم ويا موسى، يقول: فأنا لم أخطئ فدعوتك باسمك الذي سمتك أمك وأبوك به، قال: وأما أني لم أسمك بإمرة المؤمنين، فإني لا أدري أكل المؤمنين راضين عن إمارتك أو لا؟ فخشيت أن أكذب، أقول: أمير المؤمنين وهم لا يريدونك أميراً لهم، وكان رجلاً حساساً عند الكلام.قال: وأما عدم خلعي لنعلي على بساطك، فإني أصلي بين يدي ربي بنعلي خمس صلوات ولا يغضب علي.قال له: يا طاوس ما لنا نحب الدنيا ونكره الآخرة؟ قال: لأنكم خربتم آخرتكم وعمرتم دنياكم، والإنسان بطبعه لا يحب الانتقال من دار العمران إلى دار الخراب، إذا عندك كوخ مهدم وعندك فلة مبنية تريد أن تنتقل من الفلة إلى الكوخ تجلس فيه؟ لا.فالإنسان يكره الآخرة إذا كان ليس عنده فيها عمل ولا دار، أما السلف الأوُل فكانوا يحبون الآخرة ويكرهون الدنيا؛ لأنهم دمروا الدنيا وعمروا الآخرة.قال: كيف القدوم على الله يا طاوس ؟ قال: أما المؤمن فكالغائب يعود إلى أهله، وأما الفاجر فكالعبد الآبق يقبض عليه مولاه وسيده، والقدوم على الله على حالتين: إما غائب عن أهله مسافر سنين طوال ثم جاء إليهم بعد سنتين أو ثلاث أو أربع سنوات كيف ظنكم بتلك الليلة؟ لاشك أنها ليلة عيد عندهم، إذا كان بعد غيبة طويلة وأيضاً جاء ومعه أموال كثيرة ومصاريف وهدايا، ويقسم الهدايا على الناس، كل القرية والمدينة تفرح وتسعد بمجيء هذا، أبوه يفرح به وأمه وزوجته وأولاده وأقاربه يسعدون به، فهو في ليلة من الأنس والسعادة مع أهله.
وأما الفاجر فكالعبد الآبق يعني: الهارب من سيده يقبض عليه مولاه، يعني: عبد مملوك شرد من سيده وبعد فترة وجده فأمسك به، أين يمسيه تلك الليلة؟ يمسيه في الإصطبل، وهو مكان إنزال وإسكان الحيوانات كان في البيوت في الماضي نضع فيها الحمير والبقر، وإذا أخطأ أحد العبيد المماليك جعلوه يبيت في هذا المكان حتى بعض الآباء إذا أراد أن يربي ولده يربطه مع الحمار؛ لأنه لم يكن هناك فنادق ولا

{20188}
قهوة يذهب ينام فيها، ليس هناك إلا بيت أبيه فهذا قادم على الله وهو آبق فاجر يقبض عليه الله عز وجل فلا يمسيه إلا في النار.
4>ـ بين أبي مسلم الخولاني و معاوية رضي الله عنه. كان السلف الصالح من أولي الألباب يفرون من المسؤولية فرارهم من الأسد, وقد كانوا يسجنون ويجلدون على رفضهم المسؤولية, وقد كانوا يرون أن كل مرض مهما اشتد لا يفرون منه كما يفرون من القضاء, وإن عذاب الجوع والفقر يزول مهما طال الزمن وعذاب الآخرة لا يزول,دخل أبو مسلم الخولاني على معاوية فقال له معاوية إنك إن عدلت مع أهل الأرض جميعا وظلمت رجلا واحدا مال ظلمك بعدلك, ولا تحسبن الخلافة جمع المال وإغداقه على الناس, إنما الخلافة العمل بالحق والقول بالمعدلة, وأخذ الناس في ذات الله, يا معاوية إن الناس لا يبالون بكدر الأنهار إن صفا النبع وطاب, ومكان الخليفة هو النبع,اهـ خطب معاصرة "فصل في التجديد على مراحل"...5>>ـ بين أبي جعفر ومالك .لما هم أبو جعفر المنصور أن يبني البيت على ما بناه ابن الزبير على قواعد إبراهيم شاور مالكًا في ذلك؛ فقال له مالك: "أنشدك الله يا أمير المؤمنين أن لا تجعل هذا البيت ملعبة للملوك بعدك لا يشاء أحد منهم أن يغيره؛ إلا غيره فتذهب هيبته من قلوب الناس"2. فصرفه عن رأيه فيه؛ لما ذكر من أنها تصير سنة متبعة باجتهاد أو غيره؛ فلا يثبت على حال.اهـ الموافقات
6>>ـ بين أبي جعفر المنصورو ابن أبي ذئب وابن السماك .ورد في دروس للشيخ عائض القرني خرج أبو جعفر المنصور هذا الملك الجبار، ملك جبار، يقول فيه الإمام أحمد : رحم الله ابن أبي ذئب قال كلمة حق عند أبي جعفر ، و أبو جعفر أبو جعفر !كأنه يقول: من يستطيع أن يقول كلمة الحق عند هذا الجبار؟!قتل من الملوك أكثر من ثلاثين، وقتل الوزراء وقتل أعمامه الذين هم إخوان أبيه، ولذلك دخل عليه ابن أبي ذئب ، قال أبو جعفر : أسألك بالله يا ابن أبي ذئب ، أنا عادل؟ قال: اعفني يا أمير المؤمنين، أي سامحني هذه المرة، قال: لا والله، قال: أسألك بالله أنا عادل؟ قال: والذي لا إله إلا هو إنك ظالم، ثم خرج... زار أبو جعفر المنصور المدينة بعد حجة حجها، وحضر الناس لزيارته والسلام عليه، فعندما خرج على الناس قام الكل إلا ابن أبي ذئب، فقيل له: لِمَ لمْ تقم؟ فقال: إنما يقوم الناس لرب العالمين؛ وقال أبو جعفر لحاجبه: دعه، فقد قامت كل شعرة من شعر رأسي - أي هيبة منه. لما حج أبو جعفر المنصور دعاه قال نشدتك الله الست اعمل بالحق ؟ ألا تراني اعتدل قال : أما إذا ناشدتني بالله فأقول ما أراك تعدل وانك لجائر وانك لتستعمل الظلمة وتدع أهل الخير ...ودخل عليه ابن السماك الواعظ، فقال: ناولني الدواة، أي دواة الحبر، يقول أبو جعفر لـ ابن السماك : ناولني، قال: لا أناولك، إن كنت تكتب ظلماً أشترك معك في الظلم، وإن كنت تكتب حقاً فلست بخادم لك، فأراد أن يستهزئ به، فوقع ذباب على أنف أبي جعفر ، ففعل بالذباب هكذا، فاختفى ثم عاد، قال: يا ابن السماك لماذا خلق الله الذباب؟يعني: ما الفائدة من الذباب؟هل منه فائدة؟هل يحلب أو يذبح أو يؤكل أو يطبخ؟ما الفائدة من الذباب؟قال: يا أمير المؤمنين! خلق الله الذباب ليذل به أنوف الطغاة.فهو لا يقع إلا على أنف الطاغية، قالوا: فخجل أبو جعفر واحمر وجهه.

{20189}
8>>ـ بين أبي جعفر المنصور وأحد الأخيار. سجن أحد الأخيار من العلماء في سجن بغداد ، وكان الذي سجنه هو الخليفة المهدي بن أبي جعفر المنصور ، وسبب السجن أن الخليفة قال له: لابد أن تخبرني أين عيسى بن زيد -وهو من نسل وأحفاد علي بن أبي طالب - و عيسى بن زيد رجل فاضل عظيم، ولكنه اتهم بأنه يريد الخلافة، فأتى الوشاة، وقالوا: هذا الرجل الصالح في بيتك.فذهبوا به إلى الخليفة، فقال له الخليفة: أخرج عيسى بن زيد .قال: والله ما كذبت في حياتي، ووالله الذي لا إله إلا هو لو كان عيسى بن يزيد بين جلدي وعظمي ولحمي ما أخرجته، أتقتل ابن بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: اضربوا عنقه.فاقتربوا بالسيف من عنقه قال: قل لي: أين هو؟ قال: والله لا أكذب أبداً، وهل جزاء الصدق إلا الجنة، اضرب عنقي.
فضرب ففصل رأسه عن جسده، (ذكر هذه القصة ابن خلكان ).اهـ عائض القرني .9>>ـ بين الحجاج وزر بن حبيش\\
أدخلوا رجلا من الصالحين قيل: إنه زر بن حبيش على الحجاج ، فقال الحجاج : أين ابنك؟ قال: أنا لم أكذب في حياتي، ولو كذبت كتمت عليك أين ابني فأنا كاذب، ابني في البيت.فجازاه الله جزاء الصدق بالصدق، ومعنى الصدق: أن تصدق في العبادة وأن تكون موافقة لسنة الرسول صلى الله عليه وسلم.
10>>ـ بين أبي جعفر المنصور وسفيان الثوري. ذكر الذهبي في سير أعلام النبلاء أن سفيان الثوري دخل الحرم وكان أبو جعفر المنصور يبحث عن سفيان الثوري ولو وجده بين النجوم ربما أرسل من يأتي به, و سفيان الثوري لم يأخذ مالاً ولا سلاحاً ولا دوراً ولا قصوراً, إنما كان إذا لقي أبا جعفر أمام الناس يأخذ بتلابيب ثيابه وينصحه, خليفة الدنيا, فأراد أن ينكبه لأنه أيضاً يتكلم في الظلم ويتكلم في المنكر, فدخل الحرم و سفيان الثوري يصلي, قال له الناس: يا سفيان أقبل أبو جعفر المنصور ليدخل الحرم، فتعلق بأستار الكعبة، فقال: والله الذي لا إله إلا هو إن شاء الله لن يدخل الحرم, قالوا: ولِمَ؟ قال: يقتله الله, فلما بلغ بئر ميمون -وأنتم تعرفون التاريخ- مات قبل ليلتين من الحرم.....ابن تيمية في معركة شقحب وهذا من القسم على الله عز وجل، وهو سؤال الله أتى بالمصحف، وبالسيف وأخذ كأساًَ من الماء فشربه أمام الناس في 17رمضان وقال للناس: "افطروا جميعاً، الفطر في هذا اليوم أفضل, والله الذي لا إله إلا هو لننتصرن" فقام تلاميذه وقواد الجيش، قالوا: قل: إن شاء الله يا أبا العباس قال: والله لننتصرن, قال: قل: إن شاء الله قال: إن شاء الله تحقيقاً لا تعليقاً, فوقعت المعركة وانتصروا بإذن الله, حتى خرج النساء والأطفال يتباكون على سقوف المنازل، قالوا: وكانوا يرون ابن تيمية يلمع بسيفه بين الصفوف، هذا هو ابن تيمية , ومن استطاع أن يأتي بمثل ابن تيمية فليأت بمثله!

أولئك آبائي فجئني بمثلهم** إذا جمعتنا يا جرير المجامع اهـ عائض القرني
11>> بين سفيان الثوري والمهدي . يقول سفيان : إني لأرى المنكر فلا أتكلم فأبول دما . أتى المهدي بسفيان الثوري لما دخل عليه سلم سفيان ولم يسلم بالخلافة وسياف المهدي قائم على راس المهدي بسيفه متكئ عليه ينتظر متى الأمر فأقبل المهدي على سفيان قال : يا سفيان تفر منا هاهنا وهاهنا تظن أن لو أردناك بسوء لم

{20190}
نقدر عليك فقد قدرنا عليك الآن أمسكناك والقينا عليك القبض أفما تخشى أن نحكم فيك بهوانه ؟ قال سفيان : إن تحكم فيّ يحكم فيك ملك قادر يفرق بين الحق والباطل ،فقال السياف : يا أمير المؤمنين ألهذا الجاهل أن يستقبلك بمثل هذا أتأذن لي أن اضرب عنقه ، المهدي كان فيه خير قال : اسكت ويلك وهل يريد هذا و أمثاله إلا أن نقتلهم فنشقى لسعادتهم يعني هو يذهب شهيدا ونحن نذهب إلى جهنم ، اكتبوا عهدا لسفيان بقضاء الكوفة و ألا يعترض عليه أحد في حكم ، سفيان اخذ الخطاب وخرج رماه في نهر دجلة وغاب عن أنظار الناس فلم يُعرف أين هو . .....
12بين الاوزاعي وعبد الله بن علي . لما فرض عبد الله بن علي هذا من دعاة بني العباس الذي وطؤوا له في أول الأمر وكان سفاكا للدماء لما فرغ من قتل بني أميه بعث إلى الاوزاعي وكان قد قتل يومئذ نيفا وسبعين من بني أميه قال الاوزاعي : دخلت عليه والناس صفان قال : ما تقول في مخرجنا وما نحن فيه ؟ فتفكرت ثم قلت لأصدقن واستبسلت للموت) ثم رويت له عن يحيى بن سعيد حديث الأعمال بالنيات وبيده قضيب ينكت به ثم قال : ما تقول في قتل أهل هذا البيت يعني بني أميه فرويت له قول النبي - صلى الله عليه وسلم - ( لا يحل دم امرئ مسلم يشهد أن لا اله إلا الله و أني رسول الله إلا بإحدى ثلاث الثيب الزاني والنفس بالنفس والتارك لدينه المفارق للجماعة ) قال : اخبرني عن الخلافة وصية لنا من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نحن آل البيت فقلت : لو كانت وصية من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما ترك علي رضى الله عنه أحدا يتقدم ، قال : فما تقول في أموال بني أمية ؟ قلت : إن كانت لهم حلالا فهي عليك حرام وان كانت عليهم حراما فهي عليك أحرم ، فأمرني فخرجت فقمت فجعلت لا أخطو خطوة إلا قلت أن رأسي يقع عندها . وهكذا كان ذلك الرجل سفاكا للدماء صعب المراس لكن الله نجى الاوزاعي بصدقه . وابن النابلسي - رحمه الله - لما أخذه جوهر هذا العبيدي هذا الكافر الباطني قال له : بلغنا أنك قلت إذا كان مع الرجل عشرة أسهم وجب عليه أن يرمي في الروم سهما وفينا تسعه ، قال - رحمه الله - : ما قلت هذا بل قلت إذا كان معه عشرة اسهم وجب أن يرميكم بتسعة وان يرمي العاشر فيكم أيضا ، قال : لماذا ؟ قال : لأنكم غيرتم الملة وقتلتم الصالحين وادعيتم نورا إلهيه ، فأمر جوهر أن يسلخ من جلده فطرح على وجهه في الأرض وشق السلاخون عرقوبيه ونفخ كما تنفخ الشاه ثم سلخ وهو يقرأ القرآن بصوت قوي ثم غشى عليه ومات - رحمه الله - كان الدارقطني إذا ذكره يبكي ويقول : كان يقول وهو يسلخ ( كان ذلك في الكتاب مسطورا ) . اهـ موسوعة الخطب والدروس.
13>>ـ بين شمس الدين القاضي ,احد السلاطين. في عهد الدولة العثمانية لما حضر بايزيد محمد أحد سلاطين العثمانيين إلى المحكمة الشرعية بين يدي الشيخ ليشهد في قضية رد الشيخ شهادة السلطان ولم يقبلها قال السلطان : ولما؟ قال : لأنك تارك لصلاة الجماعة ، فابتسم السلطان ولعل الله أراد به خيرا ثم أمر بناء مسجد أمام داره ولم يترك صلاة الجماعة بعدها . وهكذا كان أهل العلم على الحق ثابتين لا يلينون ولا يتزلزلون اهـ موسوعة الخطب والدروس

{20191}
13>>ـ بين شيخ الإسلام بن تيمية وتهديد القضاة . يقول : عرضت على السيف خمس مرات لا يقال لي ارجع عن مذهبك لكن يقال لي اسكت عن من خالفك فأقول : لا اسكت..14>>ـ بين القاضي المنذر بن سعيد البلوطي قاضي قرطبة وأميرها. لما عمل أمير المؤمنين في الأندلس قبة بالذهب والفضة وبعد ما تم الإنجاز العظيم هذا ودخل الأعيان وأخذوا مجالسهم جاء منذر بن سعيد فقال له الخليفة كمن قال لمن قبله : هل رأيت أو سمعت أحدا من الخلفاء قبلي فعل مثل هذا ؟ فبكى القاضي وأَقْبَل ودموعه تتحدر ثم قال : والله ما ظننت يا أمير المؤمنين أن الشيطان يبلغ منك هذا المبلغ أن أنزلك منازل الكفار ، قال : لما ؟ قال : قال الله عز وجل ( ولولا أن يكون الناس أمة واحدة لجعلنا لمن يكفر بالرحمن لبيوتهم سقفا من فضة و معارج عليها يظهرون ولبيوتهم أبوابا وسررا عليها يتكئون وزخرفا - يعني ذهب - وان كل ذلك لما متاع الحياة الدنيا والآخرة عند ربك للمتقين ) فنكس الخليفة رأسه ثم قال : جزاك الله عنا خيرا وعن المسلمين الذي قلته هو الحق و أمر بنقض سقف القبة . هذا من بيت المال بأي حق يوضع يرد إلى بيت المال .اهـ موسوعة الخطب
هذا وصلى الله وسلم وبارك على سيد نا محمد وعلى ىله وصحبه أجمعين \جمع حميد أمين .

التصنيفات:
تعديل المشاركة
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

لست ربوت

Back to top button