من ذاكرة حكاية عنوانها "حكاية الأرنب والصياد من بيت العداء محمد التاقي". محمد التاقي من عائلة "ولد بيهي" بدوار شايب عينو ببكرير.. بقلم التابي عبد الكريم

إعلان الرئيسية

الصفحة الرئيسية من ذاكرة حكاية عنوانها "حكاية الأرنب والصياد من بيت العداء محمد التاقي". محمد التاقي من عائلة "ولد بيهي" بدوار شايب عينو ببكرير.. بقلم التابي عبد الكريم

من ذاكرة حكاية عنوانها "حكاية الأرنب والصياد من بيت العداء محمد التاقي". محمد التاقي من عائلة "ولد بيهي" بدوار شايب عينو ببكرير.. بقلم التابي عبد الكريم


ربما تحتوي الصورة على: ‏‏‏٣‏ أشخاص‏، ‏‏نشاطات في أماكن مفتوحة‏‏‏أحيانا تباغثنا بعض الحوادث التي قد تغير حياتنا جذريا بشكل إيجابي، وأحيانا أخرى تنزل بنا أسفل سافلين. أحيانا قد يكون لنا فيها بعض النصيب العاقل، وأحيانا تدبر لنا بفعل فاعل أو فواعل، وتنزل على رؤوسنا كالصواعق، وتكون سببا في تغيير مسار حياتنا إلى حيث لم نكن نتوقع.

ابتدأ مجد ألعاب القوى المغربية في البروز انطلاقا من بطولة العالم بهلسينكي عاصمة فينلاندا، وذلك عام 1983، حين فاز ذلك الفتى النحيف الملولب الرأس الذي يدعى سعيد عويطة بالميدالية النحاسية في سباق ال 1500 متر. في الدورة الموالية التي أقيمت بروما، سيعود نفس الفتى ليعتلي رأس البوديوم ويحرز الميدالية الذهبية في مسافة ال 5000 متر. بعده في دورة طوكيو باليابان سيحصل المغرب على ميداليتين نحاسيتين، واحدة للعداء خالد السكاح في مسافة ال 10000 متر، والثانية لابراهيم بوطيب في مسافة ال 5000 متر.
ستأتي الدورة الرابعة التي أقيمت ب"شتوتغارت" بألمانيا والتي عرفت لدى المغاربة ورياضيي ألعاب القوى بدورة النحس والشؤم، حيث منها طاردت المغرب الإخفاقات والرصيد الفارغ من الميداليات لثلاث دورات متتالية بعد شتوتغارت وهي دورة برلين (2009) ودورة (دايغو 2011 بكوريا الجنوبية) ودورة (موسكو) 2013). ولم يكتف المغرب بالخروج من دورة شتوتغارت بصفر ميدالية فحسب، ولكنها ارتبطت بتلك الفضيحة المدوية التي سماها الإعلام العالمي ب"فضيحة التاقي"، التي اتهم فيها بتواطئه مع العداء الجزائري نور الدين المرسلي الذي سيطفو نجمه على السطح فيما بعد ويخبو في المقابل نجم عويطة حسب مشيئة التاريخ، ليكون التاقي بموجب ذلك التواطؤ الثابت أو المزعوم، أرنب سباق للجزائري على حساب العلم المغربي وعلى حساب مجد ألعاب القوى الذي انطلق مع عويطة في هلسينكي وبعدها بالألعاب الأولمبية ب"لوس أنجلوس" وما تبعها من سباقات أخرى، وذلك لقاء عمولة مالية اقترحها منادجير المرسلي المسمى بالبراهمة على محمد التاقي كما تم الترويج لذلك من قبل الإعلام والمسؤولين في الجامعة.
تناقلت وكالات الأنباء العالمية ما سمي ب" الفضيحة"، بل ألصقت بمحمد التاقي، ودخلت وسائل الإعلام الوطنية على الخط، ومنها من علق المشنقة له دون أن يعرف ما جرى، ومنها من ربط الأمر بما يجري داخل دواليب الجامعة، ومنها من حاول تبرير الإخفاق وتعليق شماعته على عنق هذا الفتى الأسمراني القادم من دوار شايب عينو بالبلدية الناشئة التي كان على رأسها عالي الهمة في سنته الأولى بعد "انتخابه" رئيسا للمجلس خلال الولاية الجماعية 1992/ 1997.
كنت ساعتها مراسلا لجريدة "أنوال" الشهيدة لسان حال منظمة العمل الديمقراطي الشعبي، فطلب مني بعض الرفاق في هيئة التحرير أن أتحرى الأمر، وأتصل بالمعني محمد التاقي، وأعرف منه ما جرى بالضبط. حملت آلة التسجيل وكان برفقتي الصديق محمد المنصوري العضو الحالي بمكتب فريق شباب ابن جرير، وانتقلنا إلى بيت السي محمد بدوار شايب عينو، ووجدنا هناك الصديق مولاي لحسن الإدريسي ووالد التاقي. قبل أن نحتسي كأس الضيافة من الشاي، ودون أن نشرع في النبش في الموضوع، كان كل شيء في البيت المترب المتواضع، يوحي أن ما شاع عن الخديعة والتواطؤ والخيانة، لا أثر لها على الأقل فيما تراه العين أمامها من مظاهر الفقر والعوز التي تؤثت المكان الذي نحن فيه.
شغلت آلة التسجيل فاسترسل السي محمد التاقي يتحدث بحسرة وكمد وشعور ب"الحكرة" لما تعرض له من إشاعات مغرضة نفى حدوثها كما نفى أن يكون دخل في مساومة بأي شكل من الأشكال مع العداء الجزائري نور الدين مورسلي ومديره الفني البراهمة، وأن كل ما تناقلته وسائل الإعلام العالمية بشيء من التحفظ وما تحدثت عنه وسائل الإعلام المحلية بلا تحفظ، لا أساس له من الصحة.
استرسلنا في الحديث الذي كان والد السي محمد يتدخل فيه بين الفينة والأخرى، ليؤكد أن ابنه الذي يعرفه حق المعرفة، لا يمكنه أن يقوم بما نسب إليه، وإذا كان تلقى أموالا، فها هي كما ترونها في هذا البيت المترب البسيط والمتواضع، وها هي في متعلقاته من هذه الأفرشة والتجهيزات التي ترونها بأم العين وتلمسونها براحة اليد.
أغلقنا ملف فضيحة "شتوتغارت" التي هي في جوهرها فضيحة لألعاب القوى والقائمين عليها بدليل أن المغرب خرج من تلك الدورة خالي الوفاض من دون ولو ميدالية برونزية بل بفضائح حقيقية كانت دورة برلين اشهرها لما تورط بعض العدائين في تعاطي المنشطات، وفتحنا المسار الخاص بالسي محمد التاقي الذي كان يؤشر على قدوم عداء واعد في مسافة ال 1500 متر التي حقق فيها إنجازات وأرقاما مهمة لا يفصلها عما حققه عويطة إلا القليل جدا من الثواني والأعشار، وذلك سواء في المغرب أو خارجه.
لم يكن التاقي يتوقع أن مساره قد انتهى بشكل رسمي، وكان لازال يرى إمكانية عودته لمضامير التباري وإمكانية عودته للمنتخب، ولهذا لم يذهب بعيدا ونحن نسأله، ولم يذهب بعيدا حينما نشرت الجريدة نص الحوار الذي اخترتُ له العنوان التالي: (حكاية الأرنب والصياد من بيت العداء محمد التاقي)، حيث فاجأني ورجاني أن أنشر استدراكا أصوب فيه بعض ما صرح به سابقا، لأنه في ظنه أن شعرة معاوية لم تقطع بعد مع الجامعة.
بمرور الوقت، تبين بالقطع أن مشوار السي محمد التاقي قد انتهى بلا رجعة، وتبخرت كل الآمال والأحلام، ودخل في عوالم التيه والضياع البعيدة عن العدو والأرقام والمينيما. كما انتهى كثير من أمثال التاقي لحسابات القائمين على الشأن الرياضي الذين لا يجدون تبريرات لفشلهم سوى التضحية بأكباش الفداء.
بقلم عبد الكريم التابي

التصنيفات:
تعديل المشاركة
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

لست ربوت

Back to top button