فور تنمية
في سلسلة حوارات تقترحها جريدة فور تنمية على زوارها مع مفكرين ومثقفين وأدباء ومن أجل فهم أكثر وأعمق للتغيرات التي عرفتها المجتمعات بعد تفشي جائحة كورونا .
في هذه الحلقة السابعة من حواراتنا نستضيف الباحث في الفلسفة الدكتور محمد كوال الذي يرى أن الفلسفة لاتقدم وصفات جاهزة وأجوبة صحيحة على أسئلة حارقة ..
– الفلسفة هي فن العيش، كيف تسرق لحظات جميلةوممتعة في زمن يطغى عليه الخوف والرعب من مرض كرونا المستجد؟
-منذالوهلة الاولى نكتشف ان الفلسفة ليست هي التفكير في المجردات والابتعاد عن الواقع،بل هي تجربة حية وتامل في الوجود الفردي وفتح افاقا جديدةللنظروالتفكير تمكننا ان نحيى في تناغم مع الطبيعة ورهان الفلسفة اليوم وعلى مر العصورهو الاقبال على الحياة، ومادامت الحياة المعاصرة،لا تدع لك المجال لأن توليها ظهرك وتنسحب في زاويتك وتعطل مداركك وتغلق نوافدك، فهذا القول يسري علي،لم يسجل علي قط انني اعتبرت الفلسفة ترفا فكريا ولعبا بالكلمات وشطحات فكرية تقول كل شيء ولا تقول أي شيء،وبحكم اشتغالي بالفلسفة تدريسا وتأليفا،تلبسني وألبسها ،محبتي لها – وكيف لا وهي تعرف كمحبة للحكمة – اعطاني شحنة قوية لأتفاعل مع الحياة المعاصرة سلبا وأيجابا ، تلك الحياة التي تخترقها الامراض والاوبئة الناتجة عن جشع الرأسمالية المتوحشة وجرائمها ضد البيئة .فالجوائح والمأسي التي لحقت بالانسانية دفعت الفلاسفة والادباء واهل الفن لانتاج نصوصا واعمالا فنية تلامس ماسي الانسان وتزرع فيه الامل وتقنعه على ان يشعل شمعة في الظلام.فالفرح يمكن ان نلتمسه في بؤر المعاناة فسيزيف الذي حكمت عليه الالهة بحمل الصخرة كان يتمتع بلحظة من الراحة فور وصولة الى قمة الجبل والفرح كانفعال ايجابي هو القوة المحركة ضد القوة السالبة : الحزن فكل كائن يبذل جهدا للحفاظ على وجوده كما يقول فيلسوف الفرح سبينوزا.فانا استحضر فلسفة سبينوزا كلما ابتليت بكرب او بلاء . فالحياة ينبغي ان نحياها كما هي لا كما يقدمها لنا اعداء الحياة كخوف ورعب وعقاب مؤجل ينذر نا به كهنةالعالم الماورائي، فالتفكير السليم والجرأة والتسلح بروح العلم لاشك تقينا من الفكر الانهزامي والتواكلي.
-اذا كانت الفلسفة غايتها هي السعادة والابتهاج كما يقول سبينوزا فماذا عساها ان تقدم للانسانية في زمن الاوبئة الفتاكة؟
-هذه اسئلة جديرة بالطرح،،لا ننتظر ان تفدم لنا الفلسفة وصفات جاهزة واجوبة صحيحة على اسئلة حارقة فالفلسفة هي عبارة عن فرضيات لم يتم الحسم فيها كما يقول برتراند راسل حينما سئل عن الفرق بين العلم والفلسفة حيث قال ان العلم هو مانعلم والفلسفة هي ما لانعلم. وقد يسأل سائلماذا تبقى للفلسفةفي زمن سحب منها العلم موضوعات كانت وكأنها مسلجة باسمهاولا ينازعها فيها احد كالنظر في الطبيعة والنظر في الوجودمن حيت هو موجود كما يقول ارسطو ؟ فالانسانية تعيش ازمة والناس العمليون لا يرون جدوى من بحوث في الكليات والعلم الطبيعي المتخلص من الفلسفة هو المنقذ من هذه الازمة التي حلت بالانسانية، فالعلماء هم الذين في الصفوف الامامية خاصة علماء الفيروسات والاوبئة اما الفلسفة فعليها ان تنتظر نتائج العلوم فهي مثل بومة منيرفا لا تبدأ في الطيران الا بعد ان يرخي الليل سدولهاذن فخطاب الفلسفة تالي على خطاب العلم،،لكن هذا لا يقلل من قيمة الفلسفة كما ان هذا الفهم ناشئ عن نظرة خاطئة لنوع الفائدة الذي تسمو الفلسفة لتحقيقها فاذا كانت حياة الناس يسرها لهم العلم حيث تقلصت الامراض وازداد امل الحياة فلا يزال الكثير من الذي ينبغي تحقيقه فالناس العمليون اي الذين يؤمنون بالعلم وحده ، ينظرون الى الوجود : صديق/ عدو.خير/شر.في حين الفلسفة تنظر الى الوجود بنظرة محايدة، وبالتالي فحياة الفيلسوف حياة هادئة وحرة. انني احاول ان استلهم الفلسفة كمنهج في الحياة يقيني من الوقاية من الفكر الدوغمائي . فالفلسفه بهذا المعنى تفكر في الجوائح والامراض وتسعى لتخليص الانسانية – من الخلاص- من الالام المترتبة عنها بصرف النظر عن العقيد والمذهب والعرق…
لست ربوت