من ذاكرة ودادية رياضية مزجت بين الكرة والثقافة الرياضية: ودادية الانبعاث الرياضي. تجربة التنقيب والانفتاح. بقلم عبد الكريم التابي

إعلان الرئيسية

الصفحة الرئيسية من ذاكرة ودادية رياضية مزجت بين الكرة والثقافة الرياضية: ودادية الانبعاث الرياضي. تجربة التنقيب والانفتاح. بقلم عبد الكريم التابي

من ذاكرة ودادية رياضية مزجت بين الكرة والثقافة الرياضية: ودادية الانبعاث الرياضي. تجربة التنقيب والانفتاح. بقلم عبد الكريم التابي


عادة تهتم كثير من الجمعيات الرياضية التي تؤسس في بعض المدن الصغيرة أو في بعض دواوير الجماعات القروية، بتنظيم دوريات في كرة القدم إما بشكل عاد في الزمن العادي، أو بشكل استثنائي في بعض الأزمنة الاستثنائية، ويأتي شهر رمضان في مقدمتها. وهي لا تخرج في الغالب الأعم عن نطاق المباريات ومخلفاتها من نتائج وتتويجات تنتهي بانتهاء الدوري.
ونادرا ما نجد جمعية رياضية، يتجاوز اهتمامها الممارسة التقنية الصرفة للكرة وغيرها من الرياضات، إلى ما يمكن تسميته بالأنشطة والبرامج الرياضية الموازية، التي تدخل في باب الثقافة الرياضية في شموليتها، والتي تلامس مجموعة من القضايا ذات الصلة بالكرة، والتي من شأنها أن تساهم في ارتقاء الوعي الرياضي الذي ليس هو بالضرورة مجرد اللعب والتنافس داخل الميدان، بل يمتد ليشمل محاور مهمة تتعلق بقوانين التحكيم والتسيير الإداري والمالي والجانب التقني والطبي، وكذا الجانب المتعلق بالجمهور الفاعل الرئيسي في المباريات والأدوار المفروض فيه أن يقوم بها من أجل الاستمتاع الجماعي بعروض الكرة فيما يشيع ثقافة الروح الرياضية والقبول بكل ما تنتج عنه المنافسة الشريفة، ويشيع ثقافة احترام كل المتدخلين الذين يؤتثون المشهد داخل الملاعب الرياضية وهم كثيرون، تنطلق أدوارهم من بوابات الولوج إلى جامعي الكرات مرورا بالفاعلين داخل المستطيل ودكاته وجنباته وانتهاء بالصحفيين والمصورين وكل من يتابع المباريات بالتعليق والنقد والتحليل.بعد مغادرة الجميع لميدان التباري.
في منتصف تسعينيات القرن الماضي، وبالضبط يوم 26/ 11 / 1996، ستشهد جماعة ابن جرير التي كانت ساعتها لم تتخلص بعد من طابعها شبه القروي الكامل، حتى وإن ارتقت إداريا إلى جماعة حضرية سنة 1992 مع قدوم السيد فؤاد عالي الهمة، ميلاد ودادية رياضية سمت نفسها "ودادية الانبعاث الرياضي".
قد يكون هذا الاسم إشارة إلى "نهوض" أو "نهضة" رياضية، قامت لتعيد للبلدة بعض الحيوية التي افتقدتها بعد دوريات الثمانينيات، ولكن بشكل مغاير ومختلف من حيث تنوع مجالات الاهتمام، وغير منغلق وذلك من جهة بالانفتاح الداخلي على المؤسسات المحلية، وبالانفتاح الخارجي على فعاليات ومؤسسات خارج البلدة، لتجسير علاقات التعاون واكتساب بعض الخبرة وإشراك الجمهور في الشأن الرياضي الكروي على وجه الخصوص من خلال العروض والندوات التي ساهمت وجوه رياضية في المشاركة فيها بإبداء الرأي فيما كان يجري ويصير من أحداث رياضية استأثرت وقتها باهتمام الجمهور الرياضي العريض عبر المغرب جميعه.
امتد نشاط ودادية الانبعاث الرياضي عبر ثلاث ولايات لمكاتبها المسيرة من 1996 إلى سنة التوقف ونهاية التجربة سنة 2006،. وقد ساهم في التأسيس وما بعده عدد من الأشخاص نذكرهم على التوالي بلا ترتيب كرونولوجي أو مهماتي داخل المكاتب المسيرة: محمد المنصوري (رئيسا) وعبد العزيز الطاهري (قدور) وعبد الرحمان مجدول وعبد العزيز لعناني وسعيد حشادي وبوبكر المعلوم وعبد الله الحطاب والعربي أسبري وعبد الرحمان كنار ومحمد لعيرم وكمال الشطبي وفريد عربان وعبد الهادي الناجي وعبد الكريم الخي وعبد الرزاق مخلص وعبد السلام الفريق وعبد الله مجدول. هذا إذا لم تسقط أسماء أخرى من باب السهو.
نظمت الودادية دوريات مميزة في كرة القدم لفائدة عدد كبير من شباب البلدة، كالدوري التأسيسي الذي شارك فيه 12 فريقا، ثم الدوري الأول لكرة القدم بالرحامنة الذي عرف مشاركة واسعة بلغت 24 فريقا. كما ستنظم الودادية بعدها دوريا آخر للرحامنة شارك فيه 16 فريقا.
وفي المجال المرتبط بالثقافة الرياضية، تم تنظيم ندوة جماهيرية بدار الشباب حول "كرة القدم الوطنية: أية آفاق؟"، ساهم في تأطيرها الصحفي الرياضي أحمد صبري الذي عمل لفترة رئيسا للقسم الرياضي بجريدة "الاتحاد الاشتراكي"، واشتغل أيضا بمجال التدريب، كما أنه نظم بعض الشعر وأصدر ديوانا تحت عنوان "أهداني خوخة ومات" ومجموعة قصصية تحت عنوان " شخوص معلقة من الأرجل" وفي التأليف الرياضي، أصدر كتابا "بيتشو الجوهرة الضائعة وسط الرمال" وهو عبارة عن سيرة حياة اللاعب المغربي الموهوب مصطفى شكري الملقب ب "بيتشو" الذي يعتبر واحدا من أهم ما أنجبت مدرسة الرجاء، ومن الصدف الغريبة أنه في وقت من الأوقات غادر الرجاء ولعب بألوان الوداد، وانتهت حياته في الديار السعودية بشكل أثار كثيرا من الشكوك حول وفاته. وإلى جانب أحمد صبري، كان الصحفي المعروف بدر الدين الإدريسي رئيس جريدة "المنتخب" الرياضية المتخصصة ورئيس الجمعية المغربية للصحافة الرياضية. وعلى هامش تلك الندوة، نظمت مباراة بين شبان الودادية وشبان فريق الوداد.
في سنة 2005، وفي إطار الترويج لملف ترشيح المغرب لاستضافة كأس العالم التي أقيمت بألمانيا، ستنظم الودادية ندوة بدار الشباب تحت عنوان: " تأهيل كرة القدم الوطنية من أجل الدخول إلى الاحتراف"، وساهم في تنشيطها سعيد بنمصور رئيس جمعية ّ"صداقة ورياضة" والمرحوم عبد الله السطاتي أحد المدربين السابقين للمنتخب ومجموعة من الفرق الوطنية، والصحفي أحمد صبري، ومنصف اليازغي الباحث المتخصص في السايسة الرياضية، ونبيل الخافقي مراسل صحفي (آنذاك ) بجريدة "الصباح"، ومحمد لمغازلي عن جريدة "المنتخب"، والحكم الناجدي، والمرحوم عبد الله الزهر أحد اللاعبين القدماء لفريقي الوداد والرجاء والمنتخب خلال الستينيات. وبالموازاة مع تلك الندوة، أقيمت مباراة ودية بين شبان الودادية وشبان فريق الرجاء البيضاوي، واختتمت تلك الفعاليات الرياضية بحفل غنائي أحيته مجموعة "السهام" بمعمل الزرابي (المركب التأهيلي للصناعة التقليدية).
ومن جانب آخر، نظمت الودادية نشاطا بالحاضرة الفوسفاطية سمته "اليوم الرياضي" الذي عرف مشاركة 114 لاعبا شابا، اختير منهم 51 وقعوا لعصبة الجنوب (فئة الشبان).
دخلت الودادية في اقتراح بعض المشاريع مع بلدية ابن جرير على عهد السيد محمد العيادي، كإنشاء مضمار لألعاب القوى وإحداث مكتب مديري لشباب ابن جرير وملاعب لفرق الأحياء التي تسمى اليوم بملاعب القرب، كما تم ساعتها اقتراح خلق مدرسة لكرة القدم.
سنة 2006، ستتوقف الودادية عن أنشطتها لأسباب متعددة، وستنتهي تجربة حاولت أن تعطي بعض الإضافة للشأن الرياضي. توفقت الودادية في جوانب، ولم يحالفها الحظ في أخرى كما هو الشأن في كل التجارب. وكيفما كانت الحال، فلو لم تترك ما يذكرها الناس به، لما كانت موضوع ذاكرتنا اليوم.

التصنيفات:
تعديل المشاركة
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

لست ربوت

Back to top button