( هذه ليست شهادة، ولكنها كباقي ما سلفها ــ والتي هَمَّتْ مسؤولين في نقابات أخرى (عبد الله نجباح عن الكدش) وعبد اللطيف أمين عن الفدش وادريس المغلشي عن الجامعة الوطنية لموظفي التعليم ) ــ هي جزء من ذاكرة ولدت على مشارف نهاية تسعينيات القرن الماضي، ولازالت اليوم حية تمشي يعرفها الناس).
قبل عشر سنوات خلت، لم يكن أحد من المتتبعين للشأن النقابي بمنطقة الرحامنة، يراهن على أن تحتل الجامعة الحرة للتعليم التابعة للاتحاد العام للشغالين بالمغرب، المركزية النقابية المرتبطة بحزب الاستقلال، المرتبة الأولى وتكتسح انتخابات اللجن الثنائية وبفارق كبير من الأصوات عن بقية النقابات الأخرى كما كانت عليه الحال بعد انتخابات 2015 التي فازت فيها الجامعة الحرة ب 376 صوتا متقدمة ب 139 صوتا على أقرب المنافسين الكونفدرالية الديمقراطية للشغل التي أحرزت 137 صوتا. وقبل اثنتين وعشرين سنة خلت، لم يكن أحد من المتتبعين، يتصور أن الجامعة الحرة للتعليم بإمكانها في يوم من الأيام، أن تحظى بثقة قطاع واسع من رجال التعليم ونسائه في البوادي والحضر الذين غدوا يشكلون قاعدة مهمة ما فتئت تتوسع وتتمدد كلما توالت الأيام والسنون.
وإن كان الفضل في ذلك يعود طبعا لنوعية العمل ومنهجية الاشتغال وطبيعة الخطاب التي يساهم فيها فريق العمل للنقابة، فإنه في جزء كبير منه يعود إلى الأستاذ عبد الحكيم سلامة الذي يُجْمِعُ على دوره الرئيسي كثير من رجال التعليم ونسائه الممارسين داخل الأقسام وفي مقرات الإدارات التربوية وهيئة الإشراف التربوي وفي أقسام المديرية، كونه يتمتع بشخصية تتوفر فيها مواصفات القيادة، وفي مقدمتها الاحترام والتواضع والاستقامة والنزاهة في تدبير المشاكل والبحث عن الحلول بالحوار الهادئ المنتج بما يضمن تكافؤ الفرص بين كل الجسم التعليمي دون اعتبار لخلفيته السياسية أوالنقابية أو غيرها وهذا ما يشهد عليه من كان يجالسه أثناء اجتماعات اللجن الإقليمية، إضافة إلى الحضور الدائم في التواصل مع الشغيلة والإنصات إلى مشاكلها بخطاب بسيط يستجيب للحاجيات دون إعطاء وعود لا تتحقق.
لم ينتظر السي عبد الحكيم حتى يصبح مسؤولا نقابيا، ليظهر التواضع والهدوء والنزاهة والاستقامة والانضباط للقيام بالواجب، ولم تكن تلك الخصال الحميدة نتيجة سلوك متصنع، بل أنها امتداد لما كان عليه خلال مساره المهني كأستاذ للتعليم الابتدائي، بدأه بعد تخرجه من مركز تكوين المعلمين بسطات واشتغاله بمجموعة تادلة الشرقية سنة 1982/ 1983، وتابعه بمجموعة مدارس النواجي، ليحط بعدها الرحال بمدرسة إفريقيا للبنين (الحسن بوعياد حاليا)، حيث جاورني في المؤسسة لسبع سنوات، كان فيها السي عبد الحكيم نموذجا للأستاذ المنضبط لضميره المهني في أداء الواجب سلوكا وكفاءة وجدا ومثابرة.
وعلى الرغم من وجود عدد من الطيف السياسي والنقابي في المؤسسة (حركة شعبية ـ اتحاد اشتراكي ـ طليعة ـ منظمة العمل)، فقد اندمج السي عبد الحكيم في هذا النسيج بسلاسة، لكون علاقات الصداقة والمشترك الدراسي ورفقة "البلدة"، كانت سابقة على ما عداها ومرفوعة فوق كل اعتبار نقابي أو خلفية سياسية.
بعد تقسيم المؤسسة خلال الموسم الدراسي 2001/ 2002، سيجد السي عبد الحكيم نفسه مع الأطر التربوية التي ستشتغل بالمؤسسة التي ستسمى بمدرسة الفضيلة "المولود" الذي خرج من رحم إفريقيا للبنين. ومن هناك سيبدأ اسم السي عبد الحكيم كفاعل نقابي، يجد له مساحات في منتديات الشغيلة التعليمية وأحاديثهم.
ارتبط السي عبد الحكيم بالجامعة الحرة التعليم سنة 1998، وكان قبل ذلك عضوا بالنقابة الوطنية للتعليم ( CDT )، وعمل عضوا بأول مكتب بعد التأسيس كان على رأس كتابته العامة أحد زملائه الذي لازال يرافقه في تجربة الجامعة، زميلي السابق في المؤسسة لمدة 35 سنة الأستاذ خليفة الزركالي.
في سنة 2004، سيتم انتخابه كاتبا عاما، إلى أن تم إحداث المديرية الإقليمية للتعليم (النيابة الإقليمية حسب التسمية الجديدة) سنة 2010 والتي كان على رأسها الأستاذ موح بوداود إلى جانب طاقم صغير شكل الدعامة الأساسية التي قامت عليها النيابة الناشئة، وكان يتكون من الأستاذ محمد السدقاوي والأستاذ عياد اليمني والأستاذ مصطفى لمهذب والأساتذة الحارثي وصلاح وعبد الرحمان أرسموك وفدوى ومصطفى حاسيك ومن الأعوان عزيز وعبد الحق، حيث تم انتخاب السي عبد الحكيم كاتبا إقليميا لولايتين. بعدها وبعد أن توسعت هياكل القطاعات النقابية وشملت أغلبها باستثناء قطاع العدل، سيتم انتخابه كاتبا للاتحاد المحلي.
سيمتد تأثير الجامعة الحرة للتعليم إلى مؤسسة الأعمال الاجتماعية لرجال ونساء التعليم، التي يتكون مكتبها المسير من غالبية الأعضاء المحسوبين على الجامعة و"جنرالها" عبد الحكيم الذي سبق له في إطار النقابة التي يرأس قيادتها، أن ساهم بفعالية خلال المواسم الدراسية 2006/ 2007 في تنظيم عدد من الأيام التكوينية بمدرسة أحمد الديوري التي كان يديرها الأستاذ مولاي أحمد الهيتاك لفائدة رجال التعليم ونسائه المقبلين على اجتياز المباريات المهنية، والتي أشرف على تأطيرها نخبة من الأطر التربوية من ابن جرير ومن خارجها، وهو الأمر ذاته الذي سهرت عليه نفس النقابة لفائدة الأساتذة والأستاذات الذين واللواتي فرض عليهم وعليهن التعاقد بمقر حزب الاستقلال خلال الموسم الجاري.
وبعد أن أمضى حوالي 33 سنة ممارسا لعمله التربوي التعليمي داخل القسم بكل إخلاص ومعاناة وتفان وخاصة في تلك المؤسستين (إفريقيا للبنين والفضيلة) اللتين تعرفان منذ نشأتهما اكتظاظا دائما يصل معدله إلى 45 تلميذا في الفصل الواحد، وما يتطلبه ذلك من جهد بدني ونفسي في القيام بالواجب وما يرتبط به من مراقبة وتصحيح للفروض والكراسات وضبط داخل حجرة الدرس وخارجها، حصل على تفرغ لمهامه النقابية أربع سنوات قبل إحالته على التقاعد، والتي أعطى من خلالها مثالا إيجابيا في وضع نفسه رهن إشارة تلك المهام، مادام لازال حسابه البنكي يستقبل كل شهر أجرا يرى أنه لا يكون مستحقا إذا لم يكن يوازي ما تفرغ لأجله من مهام.
في سنة 2019، سيبلغ سن التقاعد، وسينتهي المسار المهني، وسيستمر المسار النضالي في حزب الاستقلال المرتبط تاريخيا بواحد من كوادره القديمة والمعروفة ببنكرير (شقيقه السي عبد الرحمان سلامة).
والأمر الذي لا يختلف عليه غالبية من يعرفونه، أن السي عبد الحكيم يحب بصدق ويحترم بصدق، ويتناقش بصدق، ويختلف بصدق، ويتعارك مع المختلفين من زملائه في النقابات الأخرى بود وصفاء دون غل أو ضغينة أو سهم من الخلف.
لست ربوت