الحمد لله الواهب المنن المسدي النعم كثير الجود والكرم نحمده حمدا يليق بجلاله وعظمته سبحانه ماأعظم خيره وأكثر نعمه ونصلي ونسلم على من بعثه الله بشيرا ونذيرا وسراجا منيرا صلى الله عليه وسلم تسليما كثيرا .وبعد :
إن الحديث عن دار السلام مشوق دارنا الأولى التي كانت مسكن أبينا الأول تحدث عنها القرآن بشتى أنواع الأسماء ووصفها بأعظم الصفات فقد جمعت كل معاني القيم والاستقرار النفسي والسعادة الطيبة الخالية من الأكدار والمنغصات فقد دعا إلى لحنين إليها ابن القيم في قصيدته الميمية فيقول :
فحي على جنات عدن فإنها...منازلك الأولى وفيها المخيم .
*ولكننا سبي العدو فهل ترى ... نعود إلى أوطاننا ونسلم
وصم يومك الأدنى لعلك في غد*تفوز بعيد الفطر والناس صوم
وقال:
يا خاطب الحور الحسان وطالبا * لو صالهن بجنة الحيوان*
* لو كنت تدري من خطبت* طلبت السعي منك لها على الأجفان
ثم قال: ...
ولقد روينا أن برقا ساطعا ** يبد فيسأل عنه من بجنان
فيقال هذا ضوء ثغر ضاحك ** في الجنة العليا كما تريان
و- كان العبد الصالح عبد العزيز بن أبي روّاد رحمه الله يُفرش له فراشه لينام عليه بالليل ، فكان يضع يده على الفراش فيتحسسه ثم يقول : ما ألينك !! ولكن فراش الجنة ألين منك!! ثم يقوم إلى صلاته .
من هنا زهد سيد الخلق أصحابه في الفاني وهز أشواقهم إلى دار السلام التي فيها ما يقصر عنه العقل روى البخاريأ عن َنَسٌ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ
أُهْدِيَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جُبَّةُ سُنْدُسٍ وَكَانَ يَنْهَى عَنْ الْحَرِيرِ فَعَجِبَ النَّاسُ مِنْهَا فَقَالَ وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَمَنَادِيلُ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ فِي الْجَنَّةِ أَحْسَنُ مِنْ هَذَا>...بل عد جيل النبوة الفوز الحقيقي هو الشهادة التي تنال بها درجات عالية في دار المقامة .روى البخاري عن أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ
لَمَّا طُعِنَ حَرَامُ بْنُ مِلْحَانَ وَكَانَ خَالَهُ يَوْمَ بِئْرِ مَعُونَةَ قَالَ بِالدَّمِ هَكَذَا فَنَضَحَهُ عَلَى وَجْهِهِ وَرَأْسِهِ ثُمَّ قَالَ فُزْتُ وَرَبِّ الْكَعْبَةِ> وروى البخاري أيضا : عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ عَمَّهُ غَابَ عَنْ بَدْرٍ فَقَالَ غِبْتُ عَنْ أَوَّلِ قِتَالِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَئِنْ أَشْهَدَنِي اللَّهُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيَرَيَنَّ اللَّهُ مَا أُجِدُّ فَلَقِيَ يَوْمَ أُحُدٍ فَهُزِمَ النَّاسُ فَقَالَ اللَّهُمَّ إِنِّي أَعْتَذِرُ إِلَيْكَ مِمَّا صَنَعَ هَؤُلَاءِ يَعْنِي الْمُسْلِمِينَ وَأَبْرَأُ إِلَيْكَ مِمَّا جَاءَ بِهِ الْمُشْرِكُونَ فَتَقَدَّمَ بِسَيْفِهِ فَلَقِيَ سَعْدَ بْنَ مُعَاذٍ فَقَالَ أَيْنَ يَا سَعْدُ إِنِّي أَجِدُ رِيحَ الْجَنَّةِ دُونَ أُحُدٍ فَمَضَى فَقُتِلَ فَمَا عُرِفَ حَتَّى عَرَفَتْهُ أُخْتُهُ بِشَامَةٍ أَوْ بِبَنَانِهِ وَبِهِ بِضْعٌ وَثَمَانُونَ مِنْ طَعْنَةٍ وَضَرْبَةٍ وَرَمْيَةٍ بِسَهْمٍ >....وهذا عمير ابن الحمام أزهده ذكر الجنة عن الانتظار حتى يأكل بعض الثمرات وجدن بيده في غزوة بدر روى مسلم عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ... قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قُومُوا إِلَى جَنَّةٍ عَرْضُهَا
<2205>
السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ قَالَ يَقُولُ عُمَيْرُ بْنُ الْحُمَامِ الْأَنْصَارِيُّ يَا رَسُولَ اللَّهِ جَنَّةٌ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ قَالَ نَعَمْ قَالَ بَخٍ بَخٍ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا يَحْمِلُكَ عَلَى قَوْلِكَ بَخٍ بَخٍ قَالَ لَا وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِلَّا رَجَاءَةَ أَنْ أَكُونَ مِنْ أَهْلِهَا قَالَ فَإِنَّكَ مِنْ أَهْلِهَا فَأَخْرَجَ تَمَرَاتٍ مِنْ قَرَنِهِ فَجَعَلَ يَأْكُلُ مِنْهُنَّ ثُمَّ قَالَ لَئِنْ أَنَا حَيِيتُ حَتَّى آكُلَ تَمَرَاتِي هَذِهِ إِنَّهَا لَحَيَاةٌ طَوِيلَةٌ قَالَ فَرَمَى بِمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ التَّمْرِ ثُمَّ قَاتَلَهُمْ حَتَّى قُتِلَ>..ومن أجل أن نكون كالجيل الأول تهزنا الأشواق إلى دارنا الأولى فلنفتش على الأعمال التي تؤهلنا لأن نكون من سكانها وإذا أعوزك البحث وتثاقل بك الخمول فهاهي بعض الأعمال إسمعها بإذنك وليوعها قلبك ولتبادر فور سماعها للعمل بها فإن وقت السفر مجهول والوقت محدود والنفس معدود فلنستمتع بذكر هذه الأعمال التي هي مفاتيح لدار النعيم :
1>>ـ الحج وصلة الرحم روى البخاري : عَنْ أَبِي أَيُّوبَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ
أَنَّ رَجُلًا قَالَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخْبِرْنِي بِعَمَلٍ يُدْخِلُنِي الْجَنَّةَ قَالَ مَا لَهُ مَا لَهُ وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرَبٌ مَا لَهُ تَعْبُدُ اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا وَتُقِيمُ الصَّلَاةَ وَتُؤْتِي الزَّكَاةَ وَتَصِلُ الرَّحِمَ> في الفتح : قَوْله : ( قَالَ مَا لَهُ مَا لَهُ ، فَقَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَرَب مَا لَهُ )كَذَا فِي هَذِهِ الرِّوَايَة لَمْ يَذْكُر فَاعِل قَالَ مَا لَهُ مَا لَهُ ، وَفِي رِوَايَة بَهْز الْمُعَلَّقَة هُنَا الْمَوْصُولَة فِي كِتَاب الْأَدَب " قَالَ الْقَوْم مَا لَهُ مَا لَهُ " قَالَ اِبْن بَطَّال : هُوَ اِسْتِفْهَام وَالتَّكْرَار لِلتَّأْكِيدِ . وَقَوْله " أَرَب " بِفَتْحِ الْهَمْزَة وَالرَّاء مُنَوَّنًا أَيْ حَاجَة ، وَهُوَ مُبْتَدَأ وَخَبَره مَحْذُوف ، اِسْتَفْهَمَ أَوَّلًا ثُمَّ رَجَعَ إِلَى نَفْسه فَقَالَ " لَهُ أَرَب " اِنْتَهَى ، وَهَذَا بِنَاء عَلَى أَنَّ فَاعِل قَالَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ لِمَا بَيَّنَّاهُ ، بَلْ الْمُسْتَفْهِم الصَّحَابَة وَالْمُجِيب النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . وَمَا زَائِدَة كَأَنَّهُ قَالَ : لَهُ حَاجَة مَا . وَقَالَ اِبْن الْجَوْزِيّ : الْمَعْنَى لَهُ حَاجَة مُهِمَّة مُفِيدَة جَاءَتْ بِهِ لِأَنَّهُ قَدْ عَلِمَ بِالسُّؤَالِ أَنَّ لَهُ حَاجَة . و روى الترمذي وغيره عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ قَالَ
كُنْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَفَرٍ فَأَصْبَحْتُ يَوْمًا قَرِيبًا مِنْهُ وَنَحْنُ نَسِيرُ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَخْبِرْنِي بِعَمَلٍ يُدْخِلُنِي الْجَنَّةَ وَيُبَاعِدُنِي عَنْ النَّارِ قَالَ لَقَدْ سَأَلْتَنِي عَنْ عَظِيمٍ وَإِنَّهُ لَيَسِيرٌ عَلَى مَنْ يَسَّرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ تَعْبُدُ اللَّهَ وَلَا تُشْرِكْ بِهِ شَيْئًا وَتُقِيمُ الصَّلَاةَ وَتُؤْتِي الزَّكَاةَ وَتَصُومُ رَمَضَانَ وَتَحُجُّ الْبَيْتَ ثُمَّ قَالَ أَلَا أَدُلُّكَ عَلَى أَبْوَابِ الْخَيْرِ الصَّوْمُ جُنَّةٌ وَالصَّدَقَةُ تُطْفِئُ الْخَطِيئَةَ كَمَا يُطْفِئُ الْمَاءُ النَّارَ وَصَلَاةُ الرَّجُلِ مِنْ جَوْفِ اللَّيْلِ قَالَ ثُمَّ تَلَا{ تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنْ الْمَضَاجِعِ حَتَّى بَلَغَ يَعْمَلُونَ }
ثُمَّ قَالَ أَلَا أُخْبِرُكَ بِرَأْسِ الْأَمْرِ كُلِّهِ وَعَمُودِهِ وَذِرْوَةِ سَنَامِهِ قُلْتُ بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ رَأْسُ الْأَمْرِ الْإِسْلَامُ وَعَمُودُهُ الصَّلَاةُ وَذِرْوَةُ سَنَامِهِ الْجِهَادُ ثُمَّ قَالَ أَلَا أُخْبِرُكَ بِمَلَاكِ ذَلِكَ كُلِّهِ قُلْتُ بَلَى يَا نَبِيَّ اللَّهِ فَأَخَذَ بِلِسَانِهِ قَالَ كُفَّ عَلَيْكَ هَذَا فَقُلْتُ يَا نَبِيَّ اللَّهِ وَإِنَّا لَمُؤَاخَذُونَ بِمَا نَتَكَلَّمُ بِهِ فَقَالَ ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ يَا مُعَاذُ وَهَلْ يَكُبُّ النَّاسَ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ أَوْ عَلَى مَنَاخِرِهِمْ إِلَّا حَصَائِدُ أَلْسِنَتِهِمْ >قَالَ أَبُو عِيسَى هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ
2>>ـ طاعة الله ورسوله e :قال تبارك وتعالى :{ومن يطع الله ورسوله يدخله جنات تجري من تحتها الأنهار ، ومن يتولى يعذبه عذابا أليما } [ سورة الفتح : 17]
<2206>
وفي صحيح البخاري عن أبي هريرة أن رسول الله eقال : (كل أمتي يدخلون الجنة إلا من أبى ) قالوا يا رسول الله ومن يأبى ؟ قال ( من أطاعني دخل الجنة ومن عصاني فقد أبى ) [ فتح الباري بشرح صحيح البخاري 13 /249
3>>ـ حُسن الخلق وترك المراء و الكذب قال {ص} (عَنْ أَبِي أُمَامَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَا زَعِيمٌ بِبَيْتٍ فِي رَبَضِ الْجَنَّةِ لِمَنْ تَرَكَ الْمِرَاءَ وَإِنْ كَانَ مُحِقًّا وَبِبَيْتٍ فِي وَسَطِ الْجَنَّةِ لِمَنْ تَرَكَ الْكَذِبَ وَإِنْ كَانَ مَازِحًا وَبِبَيْتٍ فِي أَعْلَى الْجَنَّةِ لِمَنْ حَسَّنَ خُلُقَهُ) [ رواه أبو داود والضياء ، صحيح الجامع1464 )
وقال { ص } : عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ أَكْثَرِ مَا يُدْخِلُ النَّاسَ الْجَنَّةَ فَقَالَ تَقْوَى اللَّهِ وَحُسْنُ الْخُلُقِ وَسُئِلَ عَنْ أَكْثَرِ مَا يُدْخِلُ النَّاسَ النَّارَ فَقَالَ الْفَمُ وَالْفَرْجُ قَالَ أَبُو عِيسَى الترمذي هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ غَرِيب] وحسن الخلق يدخل فيه أشياء كثيرة لخصتها عائشة _ رضي الله عنها عندما سُئلت عن خلق النبي e فقالت : ( كان خلقه القرآن ) [رواه مسلم وأحمد وغيرهما ] ومن أفضل الكتب التي تحدثت عن شمائل النبي صلى الله عليه وسام وأخلاقه كتاب مختصر الشمائل المحمدية ) للإمام الترمذي رحمه الله اختصار وتحقيق الشيخ محمد ناصر الدين الألباني .
4>>ـ بر الوالدين روى البخاري : عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ
قُلْتُ يَا نَبِيَّ اللَّهِ أَيُّ الْأَعْمَالِ أَقْرَبُ إِلَى الْجَنَّةِ قَالَ الصَّلَاةُ عَلَى مَوَاقِيتِهَا قُلْتُ وَمَاذَا يَا نَبِيَّ اللَّهِ قَالَ بِرُّ الْوَالِدَيْنِ قُلْتُ وَمَاذَا يَا نَبِيَّ اللَّهِ قَالَ الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ
5>>ـ الجهاد روى مسلم عَنْ أَبِي زُرْعَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَضَمَّنَ اللَّهُ لِمَنْ خَرَجَ فِي سَبِيلِهِ لَا يُخْرِجُهُ إِلَّا جِهَادًا فِي سَبِيلِي وَإِيمَانًا بِي وَتَصْدِيقًا بِرُسُلِي فَهُوَ عَلَيَّ ضَامِنٌ أَنْ أُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ أَوْ أَرْجِعَهُ إِلَى مَسْكَنِهِ الَّذِي خَرَجَ مِنْهُ نَائِلًا مَا نَالَ مِنْ أَجْرٍ أَوْ غَنِيمَةٍ وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ مَا مِنْ كَلْمٍ يُكْلَمُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ إِلَّا جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَهَيْئَتِهِ حِينَ كُلِمَ لَوْنُهُ لَوْنُ دَمٍ وَرِيحُهُ مِسْكٌ وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَوْلَا أَنْ يَشُقَّ عَلَى الْمُسْلِمِينَ مَا قَعَدْتُ خِلَافَ سَرِيَّةٍ تَغْزُو فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَبَدًا وَلَكِنْ لَا أَجِدُ سَعَةً فَأَحْمِلَهُمْ وَلَا يَجِدُونَ سَعَةً وَيَشُقُّ عَلَيْهِمْ أَنْ يَتَخَلَّفُوا عَنِّي وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَوَدِدْتُ أَنِّي أَغْزُو فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَأُقْتَلُ ثُمَّ أَغْزُو فَأُقْتَلُ ثُمَّ أَغْزُو فَأُقْتَلُ
6>ـ طلب الجنة كل يوم روى الترمذي عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ سَأَلَ اللَّهَ الْجَنَّةَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ قَالَتْ الْجَنَّةُ اللَّهُمَّ أَدْخِلْهُ الْجَنَّةَ وَمَنْ اسْتَجَارَ مِنْ النَّارِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ قَالَتْ النَّارُ اللَّهُمَّ أَجِرْهُ مِنْ النَّارِ> في تحفة الأحوذي قَوْلُهُ : ( مَنْ سَأَلَ اللَّهَ الْجَنَّةَ )بِأَنْ قَالَ : اللَّهُمَّ إِنِّي أَسَالِكُ الْجَنَّةَ ، أَوْ قَالَ اللَّهُمَّ أَدْخِلْنِي الْجَنَّةَ.... ( قَالَتْ الْجَنَّةُ )\بِبَيَانِ الْحَالِ أَوْ بِلِسَانِ الْقَالِ لِقُدْرَتِهِ تَعَالَى عَلَى إِنْطَاقِ الْجَمَادَاتِ وَهُوَ الظَّاهِرُ ...( اللَّهُمَّ أَدْخِلْهُ الْجَنَّةَ ) أَيْ دُخُولًا أَوَّلِيًّا أَوْ لُحُوقًا آخِرِيًّا
. وَحَدِيثُ أَنَسٍ هَذَا أَخْرَجَهُ أَيْضًا النَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ وَابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ وَالْحَاكِمُ وَقَالَ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ .
<2207>
7>ـ المحافظة على صلاة الصبح والعصر 0.روى البخاري عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي مُوسَى عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ صَلَّى الْبَرْدَيْنِ دَخَلَ الْجَنَّةَ
> في الفتح يَعْنِي الْعَصْر وَالْفَجْر : سُمِّيَتَا بَرْدَيْنِ لِأَنَّهُمَا تُصَلَّيَانِ فِي بَرْدَيْ النَّهَارِ وَهُمَا طَرَفَاهُ حِين يَطِيبُ الْهَوَاءُ وَتَذْهَبُ سُورَةُ الْحَرِّ ،
وَقَالَ الْبَزَّار فِي تَوْجِيه اِخْتِصَاص هَاتَيْنِ الصَّلَاتَيْنِ بِدُخُولِ الْجَنَّة دُون غَيْرهمَا مِنْ الصَّلَوَات مَا مُحَصِّلُهُ : إِنَّ مَنْ مَوْصُولَةٌ لَا شَرْطِيَّة ، وَالْمُرَاد الَّذِينَ صَلَّوْهُمَا أَوَّل مَا فُرِضَتْ الصَّلَاة ثُمَّ مَاتُوا قَبْل فَرْضِ الصَّلَوَات الْخَمْس ، لِأَنَّهَا فُرِضَتْ أَوَّلًا رَكْعَتَيْنِ بِالْغَدَاةِ وَرَكْعَتَيْنِ بِالْعَشِيِّ ، ثُمَّ فُرِضَتْ الصَّلَوَات الْخَمْس ، فَهُوَ خَبَرٌ عَنْ نَاس مَخْصُوصِينَ لَا عُمُوم فِيهِ .قُلْت : وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ مِنْ التَّكَلُّف ، وَالْأَوْجَهُ أَنَّ " مَنْ " فِي الْحَدِيث شَرْطِيَّة . وَقَوْله " دَخَلَ " جَوَاب الشَّرْط ، وَعَدَلَ عَنْ الْأَصْل وَهُوَ فِعْلُ الْمُضَارِع كَأَنْ يَقُول يَدْخُل الْجَنَّة إِرَادَةً لِلتَّأْكِيدِ فِي وُقُوعه بِجَعْلِ مَا سَيَقَعُ كَالْوَاقِعِ .اهـ
8>> الْإِقْرَار بالتوحيد والنطق بهذه الجلة العظيمة لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ـ عن أبي ذر ذَرٍّ حَدَّثَهُ قَالَ أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ نَائِمٌ عَلَيْهِ ثَوْبٌ أَبْيَضُ ثُمَّ أَتَيْتُهُ فَإِذَا هُوَ نَائِمٌ ثُمَّ أَتَيْتُهُ وَقَدْ اسْتَيْقَظَ فَجَلَسْتُ إِلَيْهِ فَقَالَ مَا مِنْ عَبْدٍ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ثُمَّ مَاتَ عَلَى ذَلِكَ إِلَّا دَخَلَ الْجَنَّةَ قُلْتُ وَإِنْ زَنَى وَإِنْ سَرَقَ قَالَ وَإِنْ زَنَى وَإِنْ سَرَقَ قُلْتُ وَإِنْ زَنَى وَإِنْ سَرَقَ قَالَ وَإِنْ زَنَى وَإِنْ سَرَقَ ثَلَاثًا ثُمَّ قَالَ فِي الرَّابِعَةِ عَلَى رَغْمِ أَنْفِ أَبِي ذَرٍّ قَالَ فَخَرَجَ أَبُو ذَرٍّ وَهُوَ يَقُولُ وَإِنْ رَغِمَ أَنْفُ أَبِي ذَرٍّ> قال النووي : قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( وَإِنْ زَنَى وَإِنْ سَرَقَ )فَهُوَ حُجَّة لِمَذْهَبِ أَهْل السَّنَة أَنَّ أَصْحَاب الْكَبَائِر لَا يُقْطَع لَهُمْ بِالنَّارِ ، وَأَنَّهُمْ إِنْ دَخَلُوهَا أُخْرِجُوا مِنْهَا وَخُتِمَ لَهُمْ بِالْخُلُودِ فِي الْجَنَّة اهـ
في الفتح : وَيَحْتَمِل أَنْ يَكُون الْمُرَاد بِقَوْلِهِ " دَخَلَ الْجَنَّة " أَيْ صَارَ إِلَيْهَا إِمَّا اِبْتِدَاء مِنْ أَوَّل الْحَال وَإِمَّا بَعْد أَنْ يَقَع مَا يَقَع مِنْ الْعَذَاب ، نَسْأَل اللَّه الْعَفْو وَالْعَافِيَة . وَفِي هَذَا الْحَدِيث " مَنْ قَالَ لَا إِلَه إِلَّا اللَّه نَفَعَتْهُ يَوْمًا مِنْ الدَّهْر ، أَصَابَهُ قَبْل ذَلِكَ مَا أَصَابَهُ " .. وَفِي الْحَدِيث أَنَّ أَصْحَاب الْكَبَائِر لَا يُخَلَّدُونَ فِي النَّار ، وَأَنَّ الْكَبَائِر لَا تَسْلُب اِسْم الْإِيمَان ، وَأَنَّ غَيْر الْمُوَحِّدِينَ لَا يَدْخُلُونَ الْجَنَّة . وَالْحِكْمَة فِي الِاقْتِصَار عَلَى الزِّنَا وَالسَّرِقَة الْإِشَارَة إِلَى جِنْس حَقّ اللَّه تَعَالَى وَحَقّ الْعِبَاد ،
في شعب الإيمان للبيهقي : عن زيد بن وهب ، عن أبي ذر ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : « أتاني جبريل فأخبرني أن من مات من أمتي لا يشرك بالله شيئا دخل الجنة » . قال : قلت : يا رسول الله ، وإن زنى وإن سرق ؟ قال : « وإن زنى ، وإن سرق » وقد يكون دخوله الجنة بعد الاقتصاص ، والاقتصاص قد يكون بالتعذيب على ما طرح عليه من سيئات خصمه وحبط من أجر حسناته فيبقى مرتهنا بسيئاته ، وسيئات خصمه ، وقد يثيب الله تعالى المظلوم ويعفو عن الظالم إن صح الخبر الوارد به ،اهـ
9>>ـ الخصال الآتية .1ـ إطعام المساكين 2ـ عياة المرضى 3ـ الصوم 4 ـاتباع الجنائز . روى مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ أَصْبَحَ مِنْكُمْ الْيَوْمَ صَائِمًا قَالَ أَبُو بَكْرٍ أَنَا قَالَ فَمَنْ تَبِعَ مِنْكُمْ الْيَوْمَ جَنَازَةً قَالَ أَبُو بَكْرٍ أَنَا قَالَ فَمَنْ أَطْعَمَ مِنْكُمْ الْيَوْمَ مِسْكِينًا قَالَ أَبُو بَكْرٍ أَنَا قَالَ فَمَنْ عَادَ مِنْكُمْ الْيَوْمَ مَرِيضًا قَالَ
<2208>
أَبُو بَكْرٍ أَنَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا اجْتَمَعْنَ فِي امْرِئٍ إِلَّا دَخَلَ الْجَنَّةَ> قال النووي : قَالَ الْقَاضِي : مَعْنَاهُ دَخَلَ الْجَنَّة بِلَا مُحَاسَبَةٍ وَلَا مُجَازَاة عَلَى قَبِيح الْأَعْمَال ، وَإِلَّا فَمُجَرَّد الْإِيمَان يَقْتَضِي دُخُول الْجَنَّة بِفَضْلِ اللَّه تَعَالَى .
10>>ـ الزهد في الدنيا وفيما عند الناس .روى ابن ماجه عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ قَالَ أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلٌ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ دُلَّنِي عَلَى عَمَلٍ إِذَا أَنَا عَمِلْتُهُ أَحَبَّنِي اللَّهُ وَأَحَبَّنِي النَّاسُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ازْهَدْ فِي الدُّنْيَا يُحِبَّكَ اللَّهُ وَازْهَدْ فِيمَا فِي أَيْدِي النَّاسِ يُحِبُّوكَ > صححه العلامة الألباني في صحيح الجامع .
11>>ـ إحصاء أسماء الله الحسنى "روى البخاري . عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنَّ لِلَّهِ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ اسْمًا مِائَةً إِلَّا وَاحِدًا مَنْ أَحْصَاهَا دَخَلَ الْجَنَّةَ> في الفتح : وَقَالَ اِبْن بَطَّال الْإِحْصَاء يَقَع بِالْقَوْلِ وَيَقَع بِالْعَمَلِ فَاَلَّذِي بِالْعَمَلِ أَنَّ لِلَّهِ أَسْمَاء يَخْتَصّ بِهَا كَالْأَحَدِ وَالْمُتَعَال وَالْقَدِير وَنَحْوهَا ، فَيَجِب الْإِقْرَار بِهَا وَالْخُضُوع عِنْدهَا ، وَلَهُ أَسْمَاء يُسْتَحَبّ الِاقْتِدَاء بِهَا فِي مَعَانِيهَا : كَالرَّحِيمِ وَالْكَرِيم وَالْعَفُوّ وَنَحْوهَا ، فَيُسْتَحَبّ لِلْعَبْدِ أَنْ يَتَحَلَّى بِمَعَانِيهَا لِيُؤَدِّيَ حَقّ الْعَمَل بِهَا فَبِهَذَا يَحْصُل الْإِحْصَاء الْعَمَلِيّ ، وَأَمَّا الْإِحْصَاء الْقَوْلِيّ فَيَحْصُل بِجَمْعِهَا وَحِفْظهَا وَالسُّؤَال بِهَا وَلَوْ شَارَكَ الْمُؤْمِن غَيْره فِي الْعَدّ وَالْحِفْظ ، فَإِنَّ الْمُؤْمِن يَمْتَاز عَنْهُ بِالْإِيمَانِ وَالْعَمَل بِهَا ..وقال النووي : وَاتَّفَقَ الْعُلَمَاء عَلَى أَنَّ هَذَا الْحَدِيث لَيْسَ فِيهِ حَصْر لِأَسْمَائِهِ سُبْحَانه وَتَعَالَى ، فَلَيْسَ مَعْنَاهُ : أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ أَسْمَاء غَيْر هَذِهِ التِّسْعَة وَالتِّسْعِينَ ، وَإِنَّمَا مَقْصُود الْحَدِيث أَنَّ هَذِهِ التِّسْعَة وَالتِّسْعِينَ مَنْ أَحْصَاهَا دَخَلَ الْجَنَّة ، فَالْمُرَاد الْإِخْبَار عَنْ دُخُول الْجَنَّة بِإِحْصَائِهَا لَا الْإِخْبَار بِحَصْرِ الْأَسْمَاء ، وَلِهَذَا جَاءَ فِي الْحَدِيث الْآخَر : " أَسْأَلك بِكُلِّ اِسْم سَمَّيْت بِهِ نَفْسك أَوْ اِسْتَأْثَرْت بِهِ فِي عِلْم الْغَيْب عِنْدك " ، وَقَدْ ذَكَرَ الْحَافِظ أَبُو بَكْر بْن الْعَرَبِيّ الْمَالِكِيّ عَنْ بَعْضهمْ أَنَّهُ قَالَ : لِلَّهِ تَعَالَى أَلْف اِسْم ، قَالَ اِبْن الْعَرَبِيّ : وَهَذَا قَلِيل فِيهَا . وَاَللَّه أَعْلَم . وَأَمَّا تَعْيِين هَذِهِ الْأَسْمَاء فَقَدْ جَاءَ فِي التِّرْمِذِيّ وَغَيْره فِي بَعْض أَسْمَائِهِ خِلَاف ، وَقِيلَ : إِنَّهَا مُخْفِيَة التَّعْيِين كَالِاسْمِ الْأَعْظَم ، وَلَيْلَة الْقَدْر وَنَظَائِرهَا .وَأَمَّا قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( مَنْ أَحْصَاهَا دَخَلَ الْجَنَّة )فَاخْتَلَفُوا فِي الْمُرَاد بِإِحْصَائِهَا ، فَقَالَ الْبُخَارِيّ وَغَيْره مِنْ الْمُحَقِّقِينَ : مَعْنَاهُ : حَفِظَهَا ، وَهَذَا هُوَ الْأَظْهَر ؛ لِأَنَّهُ جَاءَ مُفَسَّرًا فِي الرِّوَايَة الْأُخْرَى ( مَنْ حَفِظَهَا ) وَقِيلَ : أَحْصَاهَا : عَدَّهَا فِي الدُّعَاء بِهَا ، وَقِيلَ : أَطَاقَهَا أَيْ : أَحْسَن الْمُرَاعَاة لَهَا ، وَالْمُحَافَظَة عَلَى مَا تَقْتَضِيه ، وَصَدَّقَ بِمَعَانِيهَا ، وَقِيلَ : مَعْنَاهُ : الْعَمَل بِهَا وَالطَّاعَة بِكُلِّ اِسْمهَا ، وَالْإِيمَان بِهَا لَا يَقْتَضِي عَمَلًا ، وَقَالَ بَعْضهمْ : الْمُرَاد حِفْظ الْقُرْآن وَتِلَاوَته كُلّه ، لِأَنَّهُ مُسْتَوْفٍ لَهَا ، وَهُوَ ضَعِيف وَالصَّحِيح الْأَوَّل .
12>ـ المحافظة على سيد الاستغفار . عَنْ شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ سَيِّدُ الِاسْتِغْفَارِ اللَّهُمَّ أَنْتَ رَبِّي لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ خَلَقْتَنِي وَأَنَا عَبْدُكَ وَأَنَا عَلَى عَهْدِكَ وَوَعْدِكَ مَا اسْتَطَعْتُ أَبُوءُ لَكَ بِنِعْمَتِكَ عَلَيَّ وَأَبُوءُ لَكَ بِذَنْبِي فَاغْفِرْ لِي فَإِنَّهُ لَا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا أَنْتَ أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا صَنَعْتُ إِذَا قَالَ حِينَ يُمْسِي فَمَاتَ دَخَلَ الْجَنَّةَ أَوْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَإِذَا قَالَ حِينَ يُصْبِحُ فَمَاتَ مِنْ يَوْمِهِ مِثْلَهُ
<2209>
في الفتح : قَوْله ( سَيِّد الِاسْتِغْفَار )قَالَ الطِّيبِيُّ : لَمَّا كَانَ هَذَا الدُّعَاء جَامِعًا لِمَعَانِي التَّوْبَة كُلّهَا اُسْتُعِيرَ لَهُ اِسْم السَّيِّد ، وَهُوَ فِي الْأَصْل الرَّئِيس الَّذِي يُقْصَد فِي الْحَوَائِج ، وَيُرْجَع إِلَيْهِ فِي الْأُمُور . قَوْله ( فَاغْفِرْ لِي إِنَّهُ لَا يَغْفِر الذُّنُوب إِلَّا أَنْتَ )
يُؤْخَذ مِنْهُ أَنَّ مَنْ اِعْتَرَفَ بِذَنْبِهِ غُفِرَ لَهُ ، وَقَدْ وَقَعَ صَرِيحًا فِي حَدِيث الْإِفْك الطَّوِيل وَفِيهِ " الْعَبْد إِذَا اِعْتَرَفَ بِذَنْبِهِ وَتَابَ تَابَ اللَّه عَلَيْهِ "قَالَ اِبْن أَبِي جَمْرَة : جَمَعَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذَا الْحَدِيث مِنْ بَدِيع الْمَعَانِي وَحُسْن الْأَلْفَاظ مَا يَحِقّ لَهُ أَنَّهُ يُسَمَّى سَيِّد الِاسْتِغْفَار ، فَفِيهِ الْإِقْرَار لِلَّهِ وَحْده بِالْإِلَهِيَّةِ وَالْعُبُودِيَّة ، وَالِاعْتِرَاف بِأَنَّهُ الْخَالِق ، وَالْإِقْرَار بِالْعَهْدِ الَّذِي أَخَذَهُ عَلَيْهِ ، وَالرَّجَاء بِمَا وَعَدَهُ بِهِ ، وَالِاسْتِعَاذَة مِنْ شَرّ مَا جَنَى الْعَبْد عَلَى نَفْسه ، وَإِضَافَة النَّعْمَاء إِلَى مُوجِدهَا ، وَإِضَافَة الذَّنْب إِلَى نَفْسه ، وَرَغْبَته فِي الْمَغْفِرَة ، وَاعْتِرَافه بِأَنَّهُ لَا يَقْدِر أَحَد عَلَى ذَلِكَ إِلَّا هُوَ ، وَفِي كُلّ ذَلِكَ الْإِشَارَة إِلَى الْجَمْع بَيْن الشَّرِيعَة وَالْحَقِيقَة ، فَإِنَّ تَكَالِيف الشَّرِيعَة لَا تَحْصُل إِلَّا إِذَا كَانَ فِي ذَلِكَ عَوْن مِنْ اللَّه تَعَالَى . وَهَذَا الْقَدَر الَّذِي يُكَنَّى عَنْهُ بِالْحَقِيقَةِ . فَلَوْ اِتَّفَقَ أَنَّ الْعَبْد خَالَفَ حَتَّى يَجْرِي عَلَيْهِ مَا قُدِّرَ عَلَيْهِ وَقَامَتْ الْحُجَّة عَلَيْهِ بِبَيَانِ الْمُخَالَفَة لَمْ يَبْقَ إِلَّا أَحَد أَمْرَيْنِ : إِمَّا الْعُقُوبَة بِمُقْتَضَى الْعَدْل أَوْ الْعَفْو بِمُقْتَضَى الْفَضْل ، اِنْتَهَى مُلَخَّصًا . أَيْضًا : مِنْ شُرُوط الِاسْتِغْفَار صِحَّة النِّيَّة ، وَالتَّوَجُّه وَالْأَدَب ، فَلَوْ أَنَّ أَحَدًا حَصَّلَ الشُّرُوط وَاسْتَغْفَرَ بِغَيْرِ هَذَا اللَّفْظ الْوَارِد وَاسْتَغْفَرَ آخَر بِهَذَا اللَّفْظ الْوَارِد لَكِنْ أَخَلَّ بِالشُّرُوطِ هَلْ يَسْتَوِيَانِ ؟ فَالْجَوَاب أَنَّ الَّذِي يَظْهَر أَنَّ اللَّفْظ الْمَذْكُور إِنَّمَا يَكُون سَيِّد الِاسْتِغْفَار إِذَا جَمَعَ الشُّرُوط الْمَذْكُورَة ، وَاَللَّه أَعْلَم .اهـ
13>>ذكر دعاء السوق وهو من الأعمال التي تدخل إلى الجنة .روى الترمذي عن سالم بن عبد الله بن عمر ، عن أبيه ، عن عمر رضي الله عنه ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : مَنْ دَخَلَ السُّوقَ فَقَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَهُوَ حَيٌّ لَا يَمُوتُ بِيَدِهِ الْخَيْرُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ كَتَبَ اللَّهُ لَهُ أَلْفَ أَلْفِ حَسَنَةٍ وَمَحَا عَنْهُ أَلْفَ أَلْفِ سَيِّئَةٍ وَرَفَعَ لَهُ أَلْفَ أَلْفِ دَرَجَةٍ> قد تحصل على مليون حسنة في اقل من دقيقة ولا تستطيع أن تتحصل على مليون درهم إلا بعناء شديد ودهر طويل في الدنيا .ففضل الله عظيم يعطي على الحسنة الواحد سبعمائة حسنة .روى مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ يُضَاعَفُ الْحَسَنَةُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا إِلَى سَبْعمِائَة ضِعْفٍ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إِلَّا الصَّوْمَ فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ يَدَعُ شَهْوَتَهُ وَطَعَامَهُ مِنْ أَجْلِي لِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ فَرْحَةٌ عِنْدَ فِطْرِهِ وَفَرْحَةٌ عِنْدَ لِقَاءِ رَبِّهِ وَلَخُلُوفُ فِيهِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ....في تحفة الأحوذي :قوله ( مَنْ دَخَلَ السُّوقَ )
قَالَ الطِّيبِيُّ : خَصَّهُ بِالذِّكْرِ لِأَنَّهُ مَكَانُ الْغَفْلَةِ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَالِاشْتِغَالِ بِالتِّجَارَةِ فَهُوَ مَوْضِعُ سَلْطَنَةِ الشَّيْطَانِ وَمَجْمَعُ جُنُودِهِ فَالذَّاكِرُ هُنَاكَ يُحَارِبُ الشَّيْطَانَ وَيَهْزِمُ جُنُودَهُ فَهُوَ خَلِيقٌ بِمَا ذُكِرَ مِنْ الثَّوَابِ اِنْتَهَى .قَوْلُهُ : ( هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ )
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ فِي التَّرْغِيبِ بَعْدَ ذِكْرِ هَذَا الْحَدِيثِ وَكَلَامِ التِّرْمِذِيِّ هَذَا مَا لَفْظُهُ إِسْنَادُهُ مُتَّصِلٌ حَسَنٌ وَرُوَاتُهُ ثِقَاتٌ أَثَبَاتٌ ، وَفِي أَزْهَرَ بْنِ سِنَانٍ خِلَافٌ ، وَقَالَ اِبْنُ عَدِيٍّ أَرْجُو أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِهِ . وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ فِي رِوَايَةٍ : لَهُ مَكَانٌ وَرَفَعَ لَهُ أَلْفَ أَلْفِ دَرَجَةٍ وَبَنَى لَهُ
<2210>
بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ ، وَرَوَاهُ بِهَذَا اللَّفْظِ اِبْنُ مَاجَهْ وَابْنُ أَبِي الدُّنْيَا وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ كُلُّهُمْ مِنْ رِوَايَةِ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ قَهْرَمَانُ آلِ الزُّبَيْرِ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ ، وَرَوَاهُ الْحَاكِمُ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا أَيْضًا وَقَالَ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ ، كَذَا قَالَ وَفِي إِسْنَادِهِ مَسْرُوقُ بْنُ الْمَرْزُبَانِ يَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِ اِنْتَهَى .
قُلْت : قَدْ ذَكَرَ فِي آخِرِ كِتَابِهِ مَسْرُوقَ بْنَ الْمَرْزُبَانِ وَقَالَ قَالَ أَبُو حَاتِمٍ لَيْسَ بِالْقَوِيِّ وَوَثَّقَهُ غَيْرُهُ وَذَكَرَ أَيْضًا أَزْهَرَ بْنَ سِنَانٍ وَقَالَ قَالَ اِبْنُ مَعِينٍ لَيْسَ بِشَيْءٍ وَقَالَ اِبْنُ عَدِيٍّ لَيْسَتْ أَحَادِيثُهُ بِالْمُنْكَرَةِ جِدًّا أَرْجُو أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِهِ اِنْتَهَى . وَقَالَ الشَّوْكَانِيُّ فِي تُحْفَةِ الذَّاكِرِينَ وَالْحَدِيثُ أَقَلُّ أَحْوَالِهِ أَنْ يَكُونَ حَسَنًا وَإِنْ كَانَ فِي ذِكْرِ الْعَدَدِ عَلَى هَذِهِ الصِّفَةِ نَكَارَةٌ .اهـ في جلسات رمضانية للعثيمين :
الأعمال الصالحة هي في الحقيقة سلف، دراهم تقدمها لتأخذها مضاعفة: ( الحسنة بعشر أمثالها، إلى سبعمائة ضعف، إلى أضعاف كثيرة ) الإنسان العاقل يشعر بأن الأمور العادية يمكن أن تكون عبادات، الأكل والشرب نحن نتناوله على أنه شهية لنفوسنا من طبيعتنا، لكن الموفق يمكن أن يجعل هذا الأكل والشرب عبادة، مثلاً: في السحور، كلنا نجلس على مائدة السحور، نعم، هل نشعر ونحن نأكل السحور بأن النبي عليه الصلاة والسلام يقول: ( تسحروا فإن في السحور بركة ) ؟! إلا من شاء الله وهم قليل.إذاًَ: إذا جلست على السحور تذكر: أولاً: أمر النبي عليه الصلاة والسلام في قوله: (تسحروا)...ثانياً: سنته، أنه هو نفسه صلى الله عليه وسلم كان يتسحَّر، فكأنه أمامك يتسحر وأنت تقتدي به.ثالثاً: رجاء بركة هذا السحور؛ لأن النبي عليه الصلاة والسلام يقول: (فإن في السحور بركة).هذه الأمور الثلاثة، ما ندري هل نحن نشعر بها عند التناول للسحور أو لا؟! أو نأكل السحور بنية دنيَّة؛ من أجل أن نستعين به على الصوم، أكثر الناس هكذا يبيتون في السحور، لأجل يتقوَّون على الصوم، ولهذا إذا كان في أيام الصيف الشديد الحرارة، الطويل النهار، ملأ بطنه من الماء حتى يكون كالقربة، من أجل ألا يعطش.لكن الإنسان الموفق يلاحظ الأمور الثلاثة التي ذكرناها، وهذا يأتي بالتبعية.في الإفطار نتناول الإفطار؛ لأن الطبيعة تقتضي ذلك وتطلبه، فنأكله تمتعاً وتلذذاً؛ لكن هل نحن نشعر بأن الرسول عليه الصلاة والسلام يقول: ( إذا أفطر أحدكم فليفطر على رُطَب، فإن لم يجد فعلى تمر، فإن يجد فعلى ماء ) هل نشعر بهذا؟! وأننا نفطر امتثالاً لأمر الرسول عليه الصلاة والسلام؟! أو نشعر بأننا نفطر ونبادر بالفطور رجاء الخير؛ لأن النبي عليه الصلاة والسلام يقول: ( لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر )؟ احرص أن تكون مائدة الإفطار عندك وقت الأذان، من أجل أن تبادر، فلا يؤذن وأنت بعيد عن الأكل، إن أذن وأنت بعيد عن الأكل ربما يفوتك الخير، بادر بالأكل: ( لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر ).وفي الأثر أن الله تعالى يقول: ( أحب عبادي إليَّ أعجلهم فطراً ) .إذاً: انظر! العبادات عند الغافل عادات، والعادات عند العاقل عبادات.كلنا يلبس الثياب عند الصلاة، وعند الخروج إلى السوق، هل نحن نشعر بلباسنا عند الصلاة أننا ممتثلون قول الله عزَّ وجلَّ: { يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ } [الأعراف:31] عندنا مثلاً ومن عاداتنا أننا نغطي الرأس بالزينة، يعني: الواحد منا يلبس غترة وشماغاً،
<2211>
فهل إذا أراد أن يصلي يحرص على لباس الغترة والشماغ وجميع اللباس وإلاَّ لا؟! نعم؛ لأن الله يقول: { خُذُوا زِينَتَكُمْ } [الأعراف:31] ؛ لكن لو كنا في بلد اعتادوا ألا يلبسوا اللباس فوق الرأس، صار كشف الرأس عندهم لا نقص فيه، ولا ينقص الصلاة شيئاً؛ لماذا؟ لأن الزينة لا تتناوله.فالزينة في كل موضع بحسبه، إي نعم.
جاء في جريدة منبر الفكر , لنأخذ مضاعفة الحسنة إلى سبعمائة ضعف
340740+700=2862216) حسنة : ( أي ) مليارين وثمانمائة وستة عسر ألف حسنة..في كتاب علوم القرآن لأحمد عادل : جمع الحجاج القراء والحفاظ فقال : أخبروني عن القرآن كله : كم من حرف فيه , فحسبوا ما جمعوا على أنه( 340740) حرف.
14>ـ الوضوء المصحوب مع ذكره الخاص به .لما في صحيح الترمذي وصححه الألباني . عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ تَوَضَّأَ فَأَحْسَنَ الْوُضُوءَ ثُمَّ قَالَ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي مِنْ التَّوَّابِينَ وَاجْعَلْنِي مِنْ الْمُتَطَهِّرِينَ فُتِحَتْ لَهُ ثَمَانِيَةُ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ يَدْخُلُ مِنْ أَيِّهَا شَاءَ>اِعْلَمْ أَنَّ حَدِيثَ عُمَرَ هَذَا أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ بِدُونِ زِيَادَةِ اللَّهُمَّ اِجْعَلْنِي مِنْ التَّوَّابِينَ وَاجْعَلْنِي مِنْ الْمُتَطَهِّرِينَ ، فَهُوَ صَحِيحٌ سَالِمٌ مِنْ الْإِضْرَابِ . قَالَ الْحَافِظُ فِي التَّلْخِيصِ بَعْدَ ذِكْرِ كَلَامِ التِّرْمِذِيِّ هَذَا مَا لَفْظُهُ : لَكِنَّ رِوَايَةَ مُسْلِمٍ سَالِمَةٌ مِنْ هَذَا الِاعْتِرَاضِ ، وَالزِّيَادَةُ الَّتِي عِنْدَهُ رَوَاهَا الْبَزَّارُ وَالطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ مِنْ طَرِيقِ : ثَوْبَانَ وَلَفْظُهُ : مَنْ دَعَا بِوَضُوءٍ فَتَوَضَّأَ فَسَاعَةَ فَرَغَ مِنْ وُضُوئِهِ يَقُولُ : أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ اللَّهُمَّ اِجْعَلْنِي مِنْ التَّوَّابِينَ وَاجْعَلْنِي مِنْ الْمُتَطَهِّرِينَ الْحَدِيثَ وَرَوَاهُ اِبْنُ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ اِنْتَهَى مَا فِي التَّلْخِيصِ . ثُمَّ اِعْلَمْ أَنَّهُ لَمْ يَصِحَّ فِي هَذَا الْبَابِ غَيْرُ حَدِيثِ عُمَرَ الَّذِي رَوَاهُ مُسْلِمٌ ، وَقَدْ جَاءَ فِي هَذَا الْبَابِ أَحَادِيثُ ضِعَافٌ . مِنْهَا حَدِيثُ أَبِي سَعِيدٍ بِلَفْظِ مَنْ تَوَضَّأَ فَقَالَ سُبْحَانَك اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِك أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرَك وَأَتُوبُ إِلَيْك كَتَبَ فِي رَقٍّ ثُمَّ طُبِعَ بِطَابَعٍ فَلَمْ يُكْسَرْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ . وَاخْتُلِفَ فِي رَفْعِهِ وَوَقْفِهِ وَالْمَرْفُوعُ ضَعِيفٌ ، وَأَمَّا الْمَوْقُوفُ فَهُوَ صَحِيحٌ كَمَا حَقَّقَ ذَلِكَ الْحَافِظُ فِي التَّلْخِيصِ . ثُمَّ اِعْلَمْ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَغَيْرُهُمْ فِي كُتُبِهِمْ مِنْ الدُّعَاءِ عِنْدَ كُلِّ عُضْوٍ كَقَوْلِهِمْ يُقَالُ عِنْدَ غَسْلِ الْوَجْهِ اللَّهُمَّ بَيِّضْ وَجْهِي يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ ، وَعِنْدَ غَسْلِ الْيَدِ الْيُمْنَى اللَّهُمَّ اِعْطِنِي كِتَابِي بِيَمِينِي وَحَاسِبْنِي حِسَابًا يَسِيرًا إِلَخْ ، فَلَمْ يَثْبُتْ فِيهِ حَدِيثٌ .
قَالَ الْحَافِظُ فِي التَّلْخِيصِ : قَالَ الرَّافِعِيُّ وَرَدَ بِهَا الْأَثَرُ عَنْ الصَّالِحِينَ ، قَالَ النَّوَوِيُّ فِي الرَّوْضَةِ : هَذَا الدُّعَاءُ لَا أَصْلَ لَهُ . وَقَالَ اِبْنُ الصَّلَاحِ لَمْ يَصِحَّ فِيهِ حَدِيثٌ . قَالَ الْحَافِظُ رَوَى فِيهِ عَنْ عَلِيٍّ مِنْ طُرُقٍ ضَعِيفَةٍ جِدًّا أَوْرَدَهَا الْمُسْتَغْفِرِيُّ فِي الدَّعَوَاتِ وَابْنُ عَسَاكِرَ فِي أَمَالِيهِ اِنْتَهَى . وَقَالَ اِبْنُ الْقَيِّمِ فِي الْهَدْيِ : وَلَمْ يُحْفَظْ عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ عَلَى وُضُوئِهِ شَيْئًا غَيْرَ التَّسْمِيَةِ ، وَكُلُّ حَدِيثٍ فِي أَذْكَارِ الْوُضُوءِ الَّذِي يُقَالُ عَلَيْهِ فَكَذِبٌ مُخْتَلَقٌ لَمْ يَقُلْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَيْئًا مِنْهُ وَلَا عَلَّمَهُ لِأُمَّتِهِ وَلَا يَثْبُتُ عَنْهُ غَيْرُ التَّسْمِيَةِ فِي أَوَّلِهِ وَقَوْلُهُ : أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ
<2212>
مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ ، اللَّهُمَّ اِجْعَلْنِي مِنْ التَّوَّابِينَ وَاجْعَلْنِي مِنْ الْمُتَطَهِّرِينَ فِي آخِرِهِ اِنْتَهَى .اهـ تحفة الأحوذي
15>>ـ قيام الليل من الأعمال التي تؤهلك للجنة قال تعالى : << {{ إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (15) آخِذِينَ مَا آتَاهُمْ رَبُّهُمْ إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنِينَ (16) كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ (17) وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ >أي إن الذين اتقوا ربهم، وتجنبوا ما يعرضهم لعذاب اللّه، من التزام أوامره واجتناب نواهيه، هم يوم المعاد في بساتين فيها عيون جارية، قابلين قبول رضا لكل ما أعطاهم ربهم، راضين به، فرحين بعطائه وفضله،وقيل: الأخذ بمعنى التملك، يقال: بكم أخذت هذا؟ كأنهم اشتروها بأنفسهم وأموالهم. وعلى كل: الأخذ في هذا المقام إشارة إلى كمال قبولهم للفيوض الإلهية، لما أسلفوا من حسن العبادة، ووفور الطاعة، ولهذا عللّه بقوله:
إِنَّهُمْ كانُوا قَبْلَ ذلِكَ مُحْسِنِينَ أي، لأنهم كانوا في الدنيا محسنين في أعمالهم الصالحة، يراقبون اللّه فيها، كما قال تعالى: كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئاً بِما أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخالِيَةِ [الحاقة 69/ 24] . اهـ الزحيلي قال أَبو عثمان الهندى : ما فى القرآن أرجى آية عندى لهذه الأُمة من قوله تعالى : { وآخرون اعترفوا } إِلخ . . . قال مطرف إِنى لأَستلقى من الليل على فراشى وأَتدبر القرآن فأَعرض أَعمالى على أَعمال أَهل الجنة فأَجد أَعمالهم شديدة ، كانوا قليلا من الليل ما يهجعون ، يبيتون لربهم سجدا وقياماً ، أَمَّن هو قانت آناءَ الليل ساجداً وقائماً . فلا أَرانى منهم فأَعرض نفسى على هذه الآية { ما سلككم فى سقر } فأَرى القوم مكذبين فلا أَرانى منهم ، فأَمر بهذه الآية { وآخرون اعترفوا بذنوبهم} فأَرجو أَن أَكون منهم وأرجو أن أكون أنا وأنتم يا اخوتاه منهم،اهـ القرطبي – إباضي...وقا ل ابن كثير : قال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم: قال رجل من بني تميم لأبي: يا أبا أسامة، صفة لا أجدها فينا، ذكر الله قوما فقال: { كَانُوا قَلِيلا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ } ، ونحن والله قليلا من الليل ما نقوم. فقال له أبي: طوبى لمن رقد إذا نعس، واتقى الله إذا استيقظ
.في دروس للشيخ نبيل العوضي ما نصه :الإمام أحمد بن حنبل وقيامه الليل.، يقول ابنه عبد الله : كان يقوم كل ليلة بثلاثمائة ركعة يصلي ثلاثمائة ركعة يا عبد الله! فلما فتن وضرب وجلد ورمي في السجن في ليلة قارصة باردة شديدة البرودة، يقول عن نفسه بعد مائة وستين جلدة، يقول: دخلت أتحسس- في ظلام دامس وبرد قارس- أتحسس فوقعت يدي على ماءٍ بارد، يقول: فأخذت وتوضأت، وأخذت أصلي حتى الفجر { تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ } [السجدة:16] الليل دعاء وبكاء وتضرع، هكذا الصائمون الصادقون { تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ } [السجدة:16] قالوا: يا إمام! قلها وتخلص.
قال: لا، القرآن كلام الله.فمكث في السجن ثمانية وعشرين شهراً، لم يفطر فيها يوماً واحداً، سرد الصوم كله { وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ } [البقرة:184] نعم، الصوم ما أحلاه! وما أعظمه! بعضهم عند الاحتضار قيل له: لم تبكي؟ قال: لا أبكي إلا على ظمأ الهواجر، ومكابدة الليل، أبكي لأنني فارقت أيام حَرٍّ كنت أصومها لله عز وجل أين هي الآن؟ فقدتها ما ألذها! وما أحلاها! أحلى أيام حياته، والآخر يقول: على
<2213>
مكابدة الليل.كان الإمام أحمد يقوم قبل السجن بثلاثمائة ركعة، فلما تعب بعد السجن كان يقوم في الليلة الواحدة مائة وخمسين ركعة، وكان عمره قد تجاوز الثمانين عاماً.
كانوا يتلذذون بقيام الليل، فيا من يقبل عليهم شهر رمضان لِمَ تعدون لياليه؟ ولمَ تترقبونه؟ ولمَ تتأهبون للقائه؟ إن لم يكن لهذا، فبئس الاستعداد والترقب!! إعلم أن قيام الليل دأب الصالحين :لقوله ص) : (( عليكم بقيام الليل فإنه دأب الصالحين قبلكم وهو قرية إلى ربكم وتكفير للسيئات ومنهاة عن الإثم ومطرد ة للداء عن الجسد )) حديث صحيح رواه ابن خزيمة وغيره . قال الألباني في تمام المنة : نعم الحديث دون الجملة الأخيرة منه : " ومطردة للداء عن الجسد " حسن أو صحيح فقد أخرجه الترمذي والحاكم وغيرهما.. : قيام الليل سبب لدخول الجنة لقوله ص) :(( إن في الجنة غرفة يرى ظاهرها من باطنها وباطنها من ظاهرها قلنا :لمن هي يا رسول الله فقال : أعدها الله لمن أطعم الطعام وألآن الكلام وقام بالليل والناس نيام )) صحيح رواه أحمد وغيره
16>من الأعمال التي تدخل إلى الجنة .التسبيح التحميد.روى الترمذي عَنْ جَابِرٍ
عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ قَالَ سُبْحَانَ اللَّهِ الْعَظِيمِ وَبِحَمْدِهِ غُرِسَتْ لَهُ نَخْلَةٌ فِي الْجَنَّةِ >قَالَ أَبُو عِيسَى هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ صَحِيحٌ.. ( غُرِسَتْ لَهُ )
بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ يُقَالُ غَرَسْت الشَّجَرَةَ غَرْسًا وَغِرَاسًا إِذَا نَصَبْتهَا فِي الْأَرْضِ
( نَخْلَةٌ )أَيْ غُرِسَتْ لَهُ بِكُلِّ مَرَّةٍ نَخْلَةٌ( فِي الْجَنَّةِ )أَيْ الْمُعَدَّةِ لِقَائِلِهَا خُصَّتْ لِكَثْرَةِ مَنْفَعَتِهَا وَطِيبِ ثَمَرَتِهَا وَلِذَلِكَ ضَرَبَ اللَّهُ تَعَالَى مَثَلَ الْمُؤْمِنِ وَإِيمَانِهِ بِهَا وَثَمَرَتِهَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى : { أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً } وَهِيَ كَلِمَةُ التَّوْحِيدِ { كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ } وَهِيَ النَّخْلَةُ . قَوْلُهُ :
17>> المواظبة على الرواتب لما في سنن الترمذي وصححه الألباني : عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ ثَابَرَ عَلَى ثِنْتَيْ عَشْرَةَ رَكْعَةً مِنْ السُّنَّةِ بَنَى اللَّهُ لَهُ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ أَرْبَعِ رَكَعَاتٍ قَبْلَ الظُّهْرِ وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَهَا وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْمَغْرِبِ وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْعِشَاءِ وَرَكْعَتَيْنِ قَبْلَ الْفَجْرِ>قَوْلُهُ : ( مَنْ ثَابَرَ )أَيْ دَامَ قَالَ فِي النِّهَايَةِ الْمُثَابَرَةُ الْحِرْصُ عَلَى الْفِعْلِ وَالْقَوْلِ وَمُلَازَمَتُهُمَا.اهـ تحفة الأحوذي
17>>ـ عيادة المرضى .روى الترمذيعَنْ ثُوَيْرٍ هُوَ ابْنُ أَبِي فَاخِتَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ
أَخَذَ عَلِيٌّ بِيَدِي قَالَ انْطَلِقْ بِنَا إِلَى الْحَسَنِ نَعُودُهُ فَوَجَدْنَا عِنْدَهُ أَبَا مُوسَى فَقَالَ عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلَام أَعَائِدًا جِئْتَ يَا أَبَا مُوسَى أَمْ زَائِرًا فَقَالَ لَا بَلْ عَائِدًا فَقَالَ عَلِيٌّ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ <مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَعُودُ مُسْلِمًا غُدْوَةً إِلَّا صَلَّى عَلَيْهِ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ حَتَّى يُمْسِيَ وَإِنْ عَادَهُ عَشِيَّةً إِلَّا صَلَّى عَلَيْهِ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ حَتَّى يُصْبِحَ وَكَانَ لَهُ خَرِيفٌ فِي الْجَنَّةِ>قَالَ أَبُو عِيسَى هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ .وصححه الألباني في صحيح الجامع .قوله( وَكَانَ لَهُ )أَيْ لِلْعَائِدِ( خَرِيفٌ )أَيْ بُسْتَانٌ وَهُوَ فِي الْأَصْلِ الثَّمَرُ الْمُجْتَنَى أَوْ مَخْرُوفٌ مِنْ ثَمَرِ الْجَنَّةِ فَعِيلٌ بِمَعْنَى مَفْعُولٍ .اهـ تحفة الأحوذي ومعنى له خريف في الجنة : أي يكون له ثمر في الجنة يغترف منه عندما يدخل إلى الجنة
إن الحديث عن دار السلام مشوق دارنا الأولى التي كانت مسكن أبينا الأول تحدث عنها القرآن بشتى أنواع الأسماء ووصفها بأعظم الصفات فقد جمعت كل معاني القيم والاستقرار النفسي والسعادة الطيبة الخالية من الأكدار والمنغصات فقد دعا إلى لحنين إليها ابن القيم في قصيدته الميمية فيقول :
فحي على جنات عدن فإنها...منازلك الأولى وفيها المخيم .
*ولكننا سبي العدو فهل ترى ... نعود إلى أوطاننا ونسلم
وصم يومك الأدنى لعلك في غد*تفوز بعيد الفطر والناس صوم
وقال:
يا خاطب الحور الحسان وطالبا * لو صالهن بجنة الحيوان*
* لو كنت تدري من خطبت* طلبت السعي منك لها على الأجفان
ثم قال: ...
ولقد روينا أن برقا ساطعا ** يبد فيسأل عنه من بجنان
فيقال هذا ضوء ثغر ضاحك ** في الجنة العليا كما تريان
و- كان العبد الصالح عبد العزيز بن أبي روّاد رحمه الله يُفرش له فراشه لينام عليه بالليل ، فكان يضع يده على الفراش فيتحسسه ثم يقول : ما ألينك !! ولكن فراش الجنة ألين منك!! ثم يقوم إلى صلاته .
من هنا زهد سيد الخلق أصحابه في الفاني وهز أشواقهم إلى دار السلام التي فيها ما يقصر عنه العقل روى البخاريأ عن َنَسٌ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ
أُهْدِيَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جُبَّةُ سُنْدُسٍ وَكَانَ يَنْهَى عَنْ الْحَرِيرِ فَعَجِبَ النَّاسُ مِنْهَا فَقَالَ وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَمَنَادِيلُ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ فِي الْجَنَّةِ أَحْسَنُ مِنْ هَذَا>...بل عد جيل النبوة الفوز الحقيقي هو الشهادة التي تنال بها درجات عالية في دار المقامة .روى البخاري عن أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ
لَمَّا طُعِنَ حَرَامُ بْنُ مِلْحَانَ وَكَانَ خَالَهُ يَوْمَ بِئْرِ مَعُونَةَ قَالَ بِالدَّمِ هَكَذَا فَنَضَحَهُ عَلَى وَجْهِهِ وَرَأْسِهِ ثُمَّ قَالَ فُزْتُ وَرَبِّ الْكَعْبَةِ> وروى البخاري أيضا : عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ عَمَّهُ غَابَ عَنْ بَدْرٍ فَقَالَ غِبْتُ عَنْ أَوَّلِ قِتَالِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَئِنْ أَشْهَدَنِي اللَّهُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيَرَيَنَّ اللَّهُ مَا أُجِدُّ فَلَقِيَ يَوْمَ أُحُدٍ فَهُزِمَ النَّاسُ فَقَالَ اللَّهُمَّ إِنِّي أَعْتَذِرُ إِلَيْكَ مِمَّا صَنَعَ هَؤُلَاءِ يَعْنِي الْمُسْلِمِينَ وَأَبْرَأُ إِلَيْكَ مِمَّا جَاءَ بِهِ الْمُشْرِكُونَ فَتَقَدَّمَ بِسَيْفِهِ فَلَقِيَ سَعْدَ بْنَ مُعَاذٍ فَقَالَ أَيْنَ يَا سَعْدُ إِنِّي أَجِدُ رِيحَ الْجَنَّةِ دُونَ أُحُدٍ فَمَضَى فَقُتِلَ فَمَا عُرِفَ حَتَّى عَرَفَتْهُ أُخْتُهُ بِشَامَةٍ أَوْ بِبَنَانِهِ وَبِهِ بِضْعٌ وَثَمَانُونَ مِنْ طَعْنَةٍ وَضَرْبَةٍ وَرَمْيَةٍ بِسَهْمٍ >....وهذا عمير ابن الحمام أزهده ذكر الجنة عن الانتظار حتى يأكل بعض الثمرات وجدن بيده في غزوة بدر روى مسلم عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ... قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قُومُوا إِلَى جَنَّةٍ عَرْضُهَا
<2205>
السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ قَالَ يَقُولُ عُمَيْرُ بْنُ الْحُمَامِ الْأَنْصَارِيُّ يَا رَسُولَ اللَّهِ جَنَّةٌ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ قَالَ نَعَمْ قَالَ بَخٍ بَخٍ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا يَحْمِلُكَ عَلَى قَوْلِكَ بَخٍ بَخٍ قَالَ لَا وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِلَّا رَجَاءَةَ أَنْ أَكُونَ مِنْ أَهْلِهَا قَالَ فَإِنَّكَ مِنْ أَهْلِهَا فَأَخْرَجَ تَمَرَاتٍ مِنْ قَرَنِهِ فَجَعَلَ يَأْكُلُ مِنْهُنَّ ثُمَّ قَالَ لَئِنْ أَنَا حَيِيتُ حَتَّى آكُلَ تَمَرَاتِي هَذِهِ إِنَّهَا لَحَيَاةٌ طَوِيلَةٌ قَالَ فَرَمَى بِمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ التَّمْرِ ثُمَّ قَاتَلَهُمْ حَتَّى قُتِلَ>..ومن أجل أن نكون كالجيل الأول تهزنا الأشواق إلى دارنا الأولى فلنفتش على الأعمال التي تؤهلنا لأن نكون من سكانها وإذا أعوزك البحث وتثاقل بك الخمول فهاهي بعض الأعمال إسمعها بإذنك وليوعها قلبك ولتبادر فور سماعها للعمل بها فإن وقت السفر مجهول والوقت محدود والنفس معدود فلنستمتع بذكر هذه الأعمال التي هي مفاتيح لدار النعيم :
1>>ـ الحج وصلة الرحم روى البخاري : عَنْ أَبِي أَيُّوبَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ
أَنَّ رَجُلًا قَالَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخْبِرْنِي بِعَمَلٍ يُدْخِلُنِي الْجَنَّةَ قَالَ مَا لَهُ مَا لَهُ وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرَبٌ مَا لَهُ تَعْبُدُ اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا وَتُقِيمُ الصَّلَاةَ وَتُؤْتِي الزَّكَاةَ وَتَصِلُ الرَّحِمَ> في الفتح : قَوْله : ( قَالَ مَا لَهُ مَا لَهُ ، فَقَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَرَب مَا لَهُ )كَذَا فِي هَذِهِ الرِّوَايَة لَمْ يَذْكُر فَاعِل قَالَ مَا لَهُ مَا لَهُ ، وَفِي رِوَايَة بَهْز الْمُعَلَّقَة هُنَا الْمَوْصُولَة فِي كِتَاب الْأَدَب " قَالَ الْقَوْم مَا لَهُ مَا لَهُ " قَالَ اِبْن بَطَّال : هُوَ اِسْتِفْهَام وَالتَّكْرَار لِلتَّأْكِيدِ . وَقَوْله " أَرَب " بِفَتْحِ الْهَمْزَة وَالرَّاء مُنَوَّنًا أَيْ حَاجَة ، وَهُوَ مُبْتَدَأ وَخَبَره مَحْذُوف ، اِسْتَفْهَمَ أَوَّلًا ثُمَّ رَجَعَ إِلَى نَفْسه فَقَالَ " لَهُ أَرَب " اِنْتَهَى ، وَهَذَا بِنَاء عَلَى أَنَّ فَاعِل قَالَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ لِمَا بَيَّنَّاهُ ، بَلْ الْمُسْتَفْهِم الصَّحَابَة وَالْمُجِيب النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . وَمَا زَائِدَة كَأَنَّهُ قَالَ : لَهُ حَاجَة مَا . وَقَالَ اِبْن الْجَوْزِيّ : الْمَعْنَى لَهُ حَاجَة مُهِمَّة مُفِيدَة جَاءَتْ بِهِ لِأَنَّهُ قَدْ عَلِمَ بِالسُّؤَالِ أَنَّ لَهُ حَاجَة . و روى الترمذي وغيره عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ قَالَ
كُنْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَفَرٍ فَأَصْبَحْتُ يَوْمًا قَرِيبًا مِنْهُ وَنَحْنُ نَسِيرُ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَخْبِرْنِي بِعَمَلٍ يُدْخِلُنِي الْجَنَّةَ وَيُبَاعِدُنِي عَنْ النَّارِ قَالَ لَقَدْ سَأَلْتَنِي عَنْ عَظِيمٍ وَإِنَّهُ لَيَسِيرٌ عَلَى مَنْ يَسَّرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ تَعْبُدُ اللَّهَ وَلَا تُشْرِكْ بِهِ شَيْئًا وَتُقِيمُ الصَّلَاةَ وَتُؤْتِي الزَّكَاةَ وَتَصُومُ رَمَضَانَ وَتَحُجُّ الْبَيْتَ ثُمَّ قَالَ أَلَا أَدُلُّكَ عَلَى أَبْوَابِ الْخَيْرِ الصَّوْمُ جُنَّةٌ وَالصَّدَقَةُ تُطْفِئُ الْخَطِيئَةَ كَمَا يُطْفِئُ الْمَاءُ النَّارَ وَصَلَاةُ الرَّجُلِ مِنْ جَوْفِ اللَّيْلِ قَالَ ثُمَّ تَلَا{ تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنْ الْمَضَاجِعِ حَتَّى بَلَغَ يَعْمَلُونَ }
ثُمَّ قَالَ أَلَا أُخْبِرُكَ بِرَأْسِ الْأَمْرِ كُلِّهِ وَعَمُودِهِ وَذِرْوَةِ سَنَامِهِ قُلْتُ بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ رَأْسُ الْأَمْرِ الْإِسْلَامُ وَعَمُودُهُ الصَّلَاةُ وَذِرْوَةُ سَنَامِهِ الْجِهَادُ ثُمَّ قَالَ أَلَا أُخْبِرُكَ بِمَلَاكِ ذَلِكَ كُلِّهِ قُلْتُ بَلَى يَا نَبِيَّ اللَّهِ فَأَخَذَ بِلِسَانِهِ قَالَ كُفَّ عَلَيْكَ هَذَا فَقُلْتُ يَا نَبِيَّ اللَّهِ وَإِنَّا لَمُؤَاخَذُونَ بِمَا نَتَكَلَّمُ بِهِ فَقَالَ ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ يَا مُعَاذُ وَهَلْ يَكُبُّ النَّاسَ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ أَوْ عَلَى مَنَاخِرِهِمْ إِلَّا حَصَائِدُ أَلْسِنَتِهِمْ >قَالَ أَبُو عِيسَى هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ
2>>ـ طاعة الله ورسوله e :قال تبارك وتعالى :{ومن يطع الله ورسوله يدخله جنات تجري من تحتها الأنهار ، ومن يتولى يعذبه عذابا أليما } [ سورة الفتح : 17]
<2206>
وفي صحيح البخاري عن أبي هريرة أن رسول الله eقال : (كل أمتي يدخلون الجنة إلا من أبى ) قالوا يا رسول الله ومن يأبى ؟ قال ( من أطاعني دخل الجنة ومن عصاني فقد أبى ) [ فتح الباري بشرح صحيح البخاري 13 /249
3>>ـ حُسن الخلق وترك المراء و الكذب قال {ص} (عَنْ أَبِي أُمَامَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَا زَعِيمٌ بِبَيْتٍ فِي رَبَضِ الْجَنَّةِ لِمَنْ تَرَكَ الْمِرَاءَ وَإِنْ كَانَ مُحِقًّا وَبِبَيْتٍ فِي وَسَطِ الْجَنَّةِ لِمَنْ تَرَكَ الْكَذِبَ وَإِنْ كَانَ مَازِحًا وَبِبَيْتٍ فِي أَعْلَى الْجَنَّةِ لِمَنْ حَسَّنَ خُلُقَهُ) [ رواه أبو داود والضياء ، صحيح الجامع1464 )
وقال { ص } : عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ أَكْثَرِ مَا يُدْخِلُ النَّاسَ الْجَنَّةَ فَقَالَ تَقْوَى اللَّهِ وَحُسْنُ الْخُلُقِ وَسُئِلَ عَنْ أَكْثَرِ مَا يُدْخِلُ النَّاسَ النَّارَ فَقَالَ الْفَمُ وَالْفَرْجُ قَالَ أَبُو عِيسَى الترمذي هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ غَرِيب] وحسن الخلق يدخل فيه أشياء كثيرة لخصتها عائشة _ رضي الله عنها عندما سُئلت عن خلق النبي e فقالت : ( كان خلقه القرآن ) [رواه مسلم وأحمد وغيرهما ] ومن أفضل الكتب التي تحدثت عن شمائل النبي صلى الله عليه وسام وأخلاقه كتاب مختصر الشمائل المحمدية ) للإمام الترمذي رحمه الله اختصار وتحقيق الشيخ محمد ناصر الدين الألباني .
4>>ـ بر الوالدين روى البخاري : عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ
قُلْتُ يَا نَبِيَّ اللَّهِ أَيُّ الْأَعْمَالِ أَقْرَبُ إِلَى الْجَنَّةِ قَالَ الصَّلَاةُ عَلَى مَوَاقِيتِهَا قُلْتُ وَمَاذَا يَا نَبِيَّ اللَّهِ قَالَ بِرُّ الْوَالِدَيْنِ قُلْتُ وَمَاذَا يَا نَبِيَّ اللَّهِ قَالَ الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ
5>>ـ الجهاد روى مسلم عَنْ أَبِي زُرْعَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَضَمَّنَ اللَّهُ لِمَنْ خَرَجَ فِي سَبِيلِهِ لَا يُخْرِجُهُ إِلَّا جِهَادًا فِي سَبِيلِي وَإِيمَانًا بِي وَتَصْدِيقًا بِرُسُلِي فَهُوَ عَلَيَّ ضَامِنٌ أَنْ أُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ أَوْ أَرْجِعَهُ إِلَى مَسْكَنِهِ الَّذِي خَرَجَ مِنْهُ نَائِلًا مَا نَالَ مِنْ أَجْرٍ أَوْ غَنِيمَةٍ وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ مَا مِنْ كَلْمٍ يُكْلَمُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ إِلَّا جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَهَيْئَتِهِ حِينَ كُلِمَ لَوْنُهُ لَوْنُ دَمٍ وَرِيحُهُ مِسْكٌ وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَوْلَا أَنْ يَشُقَّ عَلَى الْمُسْلِمِينَ مَا قَعَدْتُ خِلَافَ سَرِيَّةٍ تَغْزُو فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَبَدًا وَلَكِنْ لَا أَجِدُ سَعَةً فَأَحْمِلَهُمْ وَلَا يَجِدُونَ سَعَةً وَيَشُقُّ عَلَيْهِمْ أَنْ يَتَخَلَّفُوا عَنِّي وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَوَدِدْتُ أَنِّي أَغْزُو فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَأُقْتَلُ ثُمَّ أَغْزُو فَأُقْتَلُ ثُمَّ أَغْزُو فَأُقْتَلُ
6>ـ طلب الجنة كل يوم روى الترمذي عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ سَأَلَ اللَّهَ الْجَنَّةَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ قَالَتْ الْجَنَّةُ اللَّهُمَّ أَدْخِلْهُ الْجَنَّةَ وَمَنْ اسْتَجَارَ مِنْ النَّارِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ قَالَتْ النَّارُ اللَّهُمَّ أَجِرْهُ مِنْ النَّارِ> في تحفة الأحوذي قَوْلُهُ : ( مَنْ سَأَلَ اللَّهَ الْجَنَّةَ )بِأَنْ قَالَ : اللَّهُمَّ إِنِّي أَسَالِكُ الْجَنَّةَ ، أَوْ قَالَ اللَّهُمَّ أَدْخِلْنِي الْجَنَّةَ.... ( قَالَتْ الْجَنَّةُ )\بِبَيَانِ الْحَالِ أَوْ بِلِسَانِ الْقَالِ لِقُدْرَتِهِ تَعَالَى عَلَى إِنْطَاقِ الْجَمَادَاتِ وَهُوَ الظَّاهِرُ ...( اللَّهُمَّ أَدْخِلْهُ الْجَنَّةَ ) أَيْ دُخُولًا أَوَّلِيًّا أَوْ لُحُوقًا آخِرِيًّا
. وَحَدِيثُ أَنَسٍ هَذَا أَخْرَجَهُ أَيْضًا النَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ وَابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ وَالْحَاكِمُ وَقَالَ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ .
<2207>
7>ـ المحافظة على صلاة الصبح والعصر 0.روى البخاري عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي مُوسَى عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ صَلَّى الْبَرْدَيْنِ دَخَلَ الْجَنَّةَ
> في الفتح يَعْنِي الْعَصْر وَالْفَجْر : سُمِّيَتَا بَرْدَيْنِ لِأَنَّهُمَا تُصَلَّيَانِ فِي بَرْدَيْ النَّهَارِ وَهُمَا طَرَفَاهُ حِين يَطِيبُ الْهَوَاءُ وَتَذْهَبُ سُورَةُ الْحَرِّ ،
وَقَالَ الْبَزَّار فِي تَوْجِيه اِخْتِصَاص هَاتَيْنِ الصَّلَاتَيْنِ بِدُخُولِ الْجَنَّة دُون غَيْرهمَا مِنْ الصَّلَوَات مَا مُحَصِّلُهُ : إِنَّ مَنْ مَوْصُولَةٌ لَا شَرْطِيَّة ، وَالْمُرَاد الَّذِينَ صَلَّوْهُمَا أَوَّل مَا فُرِضَتْ الصَّلَاة ثُمَّ مَاتُوا قَبْل فَرْضِ الصَّلَوَات الْخَمْس ، لِأَنَّهَا فُرِضَتْ أَوَّلًا رَكْعَتَيْنِ بِالْغَدَاةِ وَرَكْعَتَيْنِ بِالْعَشِيِّ ، ثُمَّ فُرِضَتْ الصَّلَوَات الْخَمْس ، فَهُوَ خَبَرٌ عَنْ نَاس مَخْصُوصِينَ لَا عُمُوم فِيهِ .قُلْت : وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ مِنْ التَّكَلُّف ، وَالْأَوْجَهُ أَنَّ " مَنْ " فِي الْحَدِيث شَرْطِيَّة . وَقَوْله " دَخَلَ " جَوَاب الشَّرْط ، وَعَدَلَ عَنْ الْأَصْل وَهُوَ فِعْلُ الْمُضَارِع كَأَنْ يَقُول يَدْخُل الْجَنَّة إِرَادَةً لِلتَّأْكِيدِ فِي وُقُوعه بِجَعْلِ مَا سَيَقَعُ كَالْوَاقِعِ .اهـ
8>> الْإِقْرَار بالتوحيد والنطق بهذه الجلة العظيمة لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ـ عن أبي ذر ذَرٍّ حَدَّثَهُ قَالَ أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ نَائِمٌ عَلَيْهِ ثَوْبٌ أَبْيَضُ ثُمَّ أَتَيْتُهُ فَإِذَا هُوَ نَائِمٌ ثُمَّ أَتَيْتُهُ وَقَدْ اسْتَيْقَظَ فَجَلَسْتُ إِلَيْهِ فَقَالَ مَا مِنْ عَبْدٍ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ثُمَّ مَاتَ عَلَى ذَلِكَ إِلَّا دَخَلَ الْجَنَّةَ قُلْتُ وَإِنْ زَنَى وَإِنْ سَرَقَ قَالَ وَإِنْ زَنَى وَإِنْ سَرَقَ قُلْتُ وَإِنْ زَنَى وَإِنْ سَرَقَ قَالَ وَإِنْ زَنَى وَإِنْ سَرَقَ ثَلَاثًا ثُمَّ قَالَ فِي الرَّابِعَةِ عَلَى رَغْمِ أَنْفِ أَبِي ذَرٍّ قَالَ فَخَرَجَ أَبُو ذَرٍّ وَهُوَ يَقُولُ وَإِنْ رَغِمَ أَنْفُ أَبِي ذَرٍّ> قال النووي : قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( وَإِنْ زَنَى وَإِنْ سَرَقَ )فَهُوَ حُجَّة لِمَذْهَبِ أَهْل السَّنَة أَنَّ أَصْحَاب الْكَبَائِر لَا يُقْطَع لَهُمْ بِالنَّارِ ، وَأَنَّهُمْ إِنْ دَخَلُوهَا أُخْرِجُوا مِنْهَا وَخُتِمَ لَهُمْ بِالْخُلُودِ فِي الْجَنَّة اهـ
في الفتح : وَيَحْتَمِل أَنْ يَكُون الْمُرَاد بِقَوْلِهِ " دَخَلَ الْجَنَّة " أَيْ صَارَ إِلَيْهَا إِمَّا اِبْتِدَاء مِنْ أَوَّل الْحَال وَإِمَّا بَعْد أَنْ يَقَع مَا يَقَع مِنْ الْعَذَاب ، نَسْأَل اللَّه الْعَفْو وَالْعَافِيَة . وَفِي هَذَا الْحَدِيث " مَنْ قَالَ لَا إِلَه إِلَّا اللَّه نَفَعَتْهُ يَوْمًا مِنْ الدَّهْر ، أَصَابَهُ قَبْل ذَلِكَ مَا أَصَابَهُ " .. وَفِي الْحَدِيث أَنَّ أَصْحَاب الْكَبَائِر لَا يُخَلَّدُونَ فِي النَّار ، وَأَنَّ الْكَبَائِر لَا تَسْلُب اِسْم الْإِيمَان ، وَأَنَّ غَيْر الْمُوَحِّدِينَ لَا يَدْخُلُونَ الْجَنَّة . وَالْحِكْمَة فِي الِاقْتِصَار عَلَى الزِّنَا وَالسَّرِقَة الْإِشَارَة إِلَى جِنْس حَقّ اللَّه تَعَالَى وَحَقّ الْعِبَاد ،
في شعب الإيمان للبيهقي : عن زيد بن وهب ، عن أبي ذر ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : « أتاني جبريل فأخبرني أن من مات من أمتي لا يشرك بالله شيئا دخل الجنة » . قال : قلت : يا رسول الله ، وإن زنى وإن سرق ؟ قال : « وإن زنى ، وإن سرق » وقد يكون دخوله الجنة بعد الاقتصاص ، والاقتصاص قد يكون بالتعذيب على ما طرح عليه من سيئات خصمه وحبط من أجر حسناته فيبقى مرتهنا بسيئاته ، وسيئات خصمه ، وقد يثيب الله تعالى المظلوم ويعفو عن الظالم إن صح الخبر الوارد به ،اهـ
9>>ـ الخصال الآتية .1ـ إطعام المساكين 2ـ عياة المرضى 3ـ الصوم 4 ـاتباع الجنائز . روى مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ أَصْبَحَ مِنْكُمْ الْيَوْمَ صَائِمًا قَالَ أَبُو بَكْرٍ أَنَا قَالَ فَمَنْ تَبِعَ مِنْكُمْ الْيَوْمَ جَنَازَةً قَالَ أَبُو بَكْرٍ أَنَا قَالَ فَمَنْ أَطْعَمَ مِنْكُمْ الْيَوْمَ مِسْكِينًا قَالَ أَبُو بَكْرٍ أَنَا قَالَ فَمَنْ عَادَ مِنْكُمْ الْيَوْمَ مَرِيضًا قَالَ
<2208>
أَبُو بَكْرٍ أَنَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا اجْتَمَعْنَ فِي امْرِئٍ إِلَّا دَخَلَ الْجَنَّةَ> قال النووي : قَالَ الْقَاضِي : مَعْنَاهُ دَخَلَ الْجَنَّة بِلَا مُحَاسَبَةٍ وَلَا مُجَازَاة عَلَى قَبِيح الْأَعْمَال ، وَإِلَّا فَمُجَرَّد الْإِيمَان يَقْتَضِي دُخُول الْجَنَّة بِفَضْلِ اللَّه تَعَالَى .
10>>ـ الزهد في الدنيا وفيما عند الناس .روى ابن ماجه عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ قَالَ أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلٌ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ دُلَّنِي عَلَى عَمَلٍ إِذَا أَنَا عَمِلْتُهُ أَحَبَّنِي اللَّهُ وَأَحَبَّنِي النَّاسُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ازْهَدْ فِي الدُّنْيَا يُحِبَّكَ اللَّهُ وَازْهَدْ فِيمَا فِي أَيْدِي النَّاسِ يُحِبُّوكَ > صححه العلامة الألباني في صحيح الجامع .
11>>ـ إحصاء أسماء الله الحسنى "روى البخاري . عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنَّ لِلَّهِ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ اسْمًا مِائَةً إِلَّا وَاحِدًا مَنْ أَحْصَاهَا دَخَلَ الْجَنَّةَ> في الفتح : وَقَالَ اِبْن بَطَّال الْإِحْصَاء يَقَع بِالْقَوْلِ وَيَقَع بِالْعَمَلِ فَاَلَّذِي بِالْعَمَلِ أَنَّ لِلَّهِ أَسْمَاء يَخْتَصّ بِهَا كَالْأَحَدِ وَالْمُتَعَال وَالْقَدِير وَنَحْوهَا ، فَيَجِب الْإِقْرَار بِهَا وَالْخُضُوع عِنْدهَا ، وَلَهُ أَسْمَاء يُسْتَحَبّ الِاقْتِدَاء بِهَا فِي مَعَانِيهَا : كَالرَّحِيمِ وَالْكَرِيم وَالْعَفُوّ وَنَحْوهَا ، فَيُسْتَحَبّ لِلْعَبْدِ أَنْ يَتَحَلَّى بِمَعَانِيهَا لِيُؤَدِّيَ حَقّ الْعَمَل بِهَا فَبِهَذَا يَحْصُل الْإِحْصَاء الْعَمَلِيّ ، وَأَمَّا الْإِحْصَاء الْقَوْلِيّ فَيَحْصُل بِجَمْعِهَا وَحِفْظهَا وَالسُّؤَال بِهَا وَلَوْ شَارَكَ الْمُؤْمِن غَيْره فِي الْعَدّ وَالْحِفْظ ، فَإِنَّ الْمُؤْمِن يَمْتَاز عَنْهُ بِالْإِيمَانِ وَالْعَمَل بِهَا ..وقال النووي : وَاتَّفَقَ الْعُلَمَاء عَلَى أَنَّ هَذَا الْحَدِيث لَيْسَ فِيهِ حَصْر لِأَسْمَائِهِ سُبْحَانه وَتَعَالَى ، فَلَيْسَ مَعْنَاهُ : أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ أَسْمَاء غَيْر هَذِهِ التِّسْعَة وَالتِّسْعِينَ ، وَإِنَّمَا مَقْصُود الْحَدِيث أَنَّ هَذِهِ التِّسْعَة وَالتِّسْعِينَ مَنْ أَحْصَاهَا دَخَلَ الْجَنَّة ، فَالْمُرَاد الْإِخْبَار عَنْ دُخُول الْجَنَّة بِإِحْصَائِهَا لَا الْإِخْبَار بِحَصْرِ الْأَسْمَاء ، وَلِهَذَا جَاءَ فِي الْحَدِيث الْآخَر : " أَسْأَلك بِكُلِّ اِسْم سَمَّيْت بِهِ نَفْسك أَوْ اِسْتَأْثَرْت بِهِ فِي عِلْم الْغَيْب عِنْدك " ، وَقَدْ ذَكَرَ الْحَافِظ أَبُو بَكْر بْن الْعَرَبِيّ الْمَالِكِيّ عَنْ بَعْضهمْ أَنَّهُ قَالَ : لِلَّهِ تَعَالَى أَلْف اِسْم ، قَالَ اِبْن الْعَرَبِيّ : وَهَذَا قَلِيل فِيهَا . وَاَللَّه أَعْلَم . وَأَمَّا تَعْيِين هَذِهِ الْأَسْمَاء فَقَدْ جَاءَ فِي التِّرْمِذِيّ وَغَيْره فِي بَعْض أَسْمَائِهِ خِلَاف ، وَقِيلَ : إِنَّهَا مُخْفِيَة التَّعْيِين كَالِاسْمِ الْأَعْظَم ، وَلَيْلَة الْقَدْر وَنَظَائِرهَا .وَأَمَّا قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( مَنْ أَحْصَاهَا دَخَلَ الْجَنَّة )فَاخْتَلَفُوا فِي الْمُرَاد بِإِحْصَائِهَا ، فَقَالَ الْبُخَارِيّ وَغَيْره مِنْ الْمُحَقِّقِينَ : مَعْنَاهُ : حَفِظَهَا ، وَهَذَا هُوَ الْأَظْهَر ؛ لِأَنَّهُ جَاءَ مُفَسَّرًا فِي الرِّوَايَة الْأُخْرَى ( مَنْ حَفِظَهَا ) وَقِيلَ : أَحْصَاهَا : عَدَّهَا فِي الدُّعَاء بِهَا ، وَقِيلَ : أَطَاقَهَا أَيْ : أَحْسَن الْمُرَاعَاة لَهَا ، وَالْمُحَافَظَة عَلَى مَا تَقْتَضِيه ، وَصَدَّقَ بِمَعَانِيهَا ، وَقِيلَ : مَعْنَاهُ : الْعَمَل بِهَا وَالطَّاعَة بِكُلِّ اِسْمهَا ، وَالْإِيمَان بِهَا لَا يَقْتَضِي عَمَلًا ، وَقَالَ بَعْضهمْ : الْمُرَاد حِفْظ الْقُرْآن وَتِلَاوَته كُلّه ، لِأَنَّهُ مُسْتَوْفٍ لَهَا ، وَهُوَ ضَعِيف وَالصَّحِيح الْأَوَّل .
12>ـ المحافظة على سيد الاستغفار . عَنْ شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ سَيِّدُ الِاسْتِغْفَارِ اللَّهُمَّ أَنْتَ رَبِّي لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ خَلَقْتَنِي وَأَنَا عَبْدُكَ وَأَنَا عَلَى عَهْدِكَ وَوَعْدِكَ مَا اسْتَطَعْتُ أَبُوءُ لَكَ بِنِعْمَتِكَ عَلَيَّ وَأَبُوءُ لَكَ بِذَنْبِي فَاغْفِرْ لِي فَإِنَّهُ لَا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا أَنْتَ أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا صَنَعْتُ إِذَا قَالَ حِينَ يُمْسِي فَمَاتَ دَخَلَ الْجَنَّةَ أَوْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَإِذَا قَالَ حِينَ يُصْبِحُ فَمَاتَ مِنْ يَوْمِهِ مِثْلَهُ
<2209>
في الفتح : قَوْله ( سَيِّد الِاسْتِغْفَار )قَالَ الطِّيبِيُّ : لَمَّا كَانَ هَذَا الدُّعَاء جَامِعًا لِمَعَانِي التَّوْبَة كُلّهَا اُسْتُعِيرَ لَهُ اِسْم السَّيِّد ، وَهُوَ فِي الْأَصْل الرَّئِيس الَّذِي يُقْصَد فِي الْحَوَائِج ، وَيُرْجَع إِلَيْهِ فِي الْأُمُور . قَوْله ( فَاغْفِرْ لِي إِنَّهُ لَا يَغْفِر الذُّنُوب إِلَّا أَنْتَ )
يُؤْخَذ مِنْهُ أَنَّ مَنْ اِعْتَرَفَ بِذَنْبِهِ غُفِرَ لَهُ ، وَقَدْ وَقَعَ صَرِيحًا فِي حَدِيث الْإِفْك الطَّوِيل وَفِيهِ " الْعَبْد إِذَا اِعْتَرَفَ بِذَنْبِهِ وَتَابَ تَابَ اللَّه عَلَيْهِ "قَالَ اِبْن أَبِي جَمْرَة : جَمَعَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذَا الْحَدِيث مِنْ بَدِيع الْمَعَانِي وَحُسْن الْأَلْفَاظ مَا يَحِقّ لَهُ أَنَّهُ يُسَمَّى سَيِّد الِاسْتِغْفَار ، فَفِيهِ الْإِقْرَار لِلَّهِ وَحْده بِالْإِلَهِيَّةِ وَالْعُبُودِيَّة ، وَالِاعْتِرَاف بِأَنَّهُ الْخَالِق ، وَالْإِقْرَار بِالْعَهْدِ الَّذِي أَخَذَهُ عَلَيْهِ ، وَالرَّجَاء بِمَا وَعَدَهُ بِهِ ، وَالِاسْتِعَاذَة مِنْ شَرّ مَا جَنَى الْعَبْد عَلَى نَفْسه ، وَإِضَافَة النَّعْمَاء إِلَى مُوجِدهَا ، وَإِضَافَة الذَّنْب إِلَى نَفْسه ، وَرَغْبَته فِي الْمَغْفِرَة ، وَاعْتِرَافه بِأَنَّهُ لَا يَقْدِر أَحَد عَلَى ذَلِكَ إِلَّا هُوَ ، وَفِي كُلّ ذَلِكَ الْإِشَارَة إِلَى الْجَمْع بَيْن الشَّرِيعَة وَالْحَقِيقَة ، فَإِنَّ تَكَالِيف الشَّرِيعَة لَا تَحْصُل إِلَّا إِذَا كَانَ فِي ذَلِكَ عَوْن مِنْ اللَّه تَعَالَى . وَهَذَا الْقَدَر الَّذِي يُكَنَّى عَنْهُ بِالْحَقِيقَةِ . فَلَوْ اِتَّفَقَ أَنَّ الْعَبْد خَالَفَ حَتَّى يَجْرِي عَلَيْهِ مَا قُدِّرَ عَلَيْهِ وَقَامَتْ الْحُجَّة عَلَيْهِ بِبَيَانِ الْمُخَالَفَة لَمْ يَبْقَ إِلَّا أَحَد أَمْرَيْنِ : إِمَّا الْعُقُوبَة بِمُقْتَضَى الْعَدْل أَوْ الْعَفْو بِمُقْتَضَى الْفَضْل ، اِنْتَهَى مُلَخَّصًا . أَيْضًا : مِنْ شُرُوط الِاسْتِغْفَار صِحَّة النِّيَّة ، وَالتَّوَجُّه وَالْأَدَب ، فَلَوْ أَنَّ أَحَدًا حَصَّلَ الشُّرُوط وَاسْتَغْفَرَ بِغَيْرِ هَذَا اللَّفْظ الْوَارِد وَاسْتَغْفَرَ آخَر بِهَذَا اللَّفْظ الْوَارِد لَكِنْ أَخَلَّ بِالشُّرُوطِ هَلْ يَسْتَوِيَانِ ؟ فَالْجَوَاب أَنَّ الَّذِي يَظْهَر أَنَّ اللَّفْظ الْمَذْكُور إِنَّمَا يَكُون سَيِّد الِاسْتِغْفَار إِذَا جَمَعَ الشُّرُوط الْمَذْكُورَة ، وَاَللَّه أَعْلَم .اهـ
13>>ذكر دعاء السوق وهو من الأعمال التي تدخل إلى الجنة .روى الترمذي عن سالم بن عبد الله بن عمر ، عن أبيه ، عن عمر رضي الله عنه ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : مَنْ دَخَلَ السُّوقَ فَقَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَهُوَ حَيٌّ لَا يَمُوتُ بِيَدِهِ الْخَيْرُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ كَتَبَ اللَّهُ لَهُ أَلْفَ أَلْفِ حَسَنَةٍ وَمَحَا عَنْهُ أَلْفَ أَلْفِ سَيِّئَةٍ وَرَفَعَ لَهُ أَلْفَ أَلْفِ دَرَجَةٍ> قد تحصل على مليون حسنة في اقل من دقيقة ولا تستطيع أن تتحصل على مليون درهم إلا بعناء شديد ودهر طويل في الدنيا .ففضل الله عظيم يعطي على الحسنة الواحد سبعمائة حسنة .روى مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ يُضَاعَفُ الْحَسَنَةُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا إِلَى سَبْعمِائَة ضِعْفٍ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إِلَّا الصَّوْمَ فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ يَدَعُ شَهْوَتَهُ وَطَعَامَهُ مِنْ أَجْلِي لِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ فَرْحَةٌ عِنْدَ فِطْرِهِ وَفَرْحَةٌ عِنْدَ لِقَاءِ رَبِّهِ وَلَخُلُوفُ فِيهِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ....في تحفة الأحوذي :قوله ( مَنْ دَخَلَ السُّوقَ )
قَالَ الطِّيبِيُّ : خَصَّهُ بِالذِّكْرِ لِأَنَّهُ مَكَانُ الْغَفْلَةِ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَالِاشْتِغَالِ بِالتِّجَارَةِ فَهُوَ مَوْضِعُ سَلْطَنَةِ الشَّيْطَانِ وَمَجْمَعُ جُنُودِهِ فَالذَّاكِرُ هُنَاكَ يُحَارِبُ الشَّيْطَانَ وَيَهْزِمُ جُنُودَهُ فَهُوَ خَلِيقٌ بِمَا ذُكِرَ مِنْ الثَّوَابِ اِنْتَهَى .قَوْلُهُ : ( هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ )
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ فِي التَّرْغِيبِ بَعْدَ ذِكْرِ هَذَا الْحَدِيثِ وَكَلَامِ التِّرْمِذِيِّ هَذَا مَا لَفْظُهُ إِسْنَادُهُ مُتَّصِلٌ حَسَنٌ وَرُوَاتُهُ ثِقَاتٌ أَثَبَاتٌ ، وَفِي أَزْهَرَ بْنِ سِنَانٍ خِلَافٌ ، وَقَالَ اِبْنُ عَدِيٍّ أَرْجُو أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِهِ . وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ فِي رِوَايَةٍ : لَهُ مَكَانٌ وَرَفَعَ لَهُ أَلْفَ أَلْفِ دَرَجَةٍ وَبَنَى لَهُ
<2210>
بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ ، وَرَوَاهُ بِهَذَا اللَّفْظِ اِبْنُ مَاجَهْ وَابْنُ أَبِي الدُّنْيَا وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ كُلُّهُمْ مِنْ رِوَايَةِ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ قَهْرَمَانُ آلِ الزُّبَيْرِ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ ، وَرَوَاهُ الْحَاكِمُ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا أَيْضًا وَقَالَ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ ، كَذَا قَالَ وَفِي إِسْنَادِهِ مَسْرُوقُ بْنُ الْمَرْزُبَانِ يَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِ اِنْتَهَى .
قُلْت : قَدْ ذَكَرَ فِي آخِرِ كِتَابِهِ مَسْرُوقَ بْنَ الْمَرْزُبَانِ وَقَالَ قَالَ أَبُو حَاتِمٍ لَيْسَ بِالْقَوِيِّ وَوَثَّقَهُ غَيْرُهُ وَذَكَرَ أَيْضًا أَزْهَرَ بْنَ سِنَانٍ وَقَالَ قَالَ اِبْنُ مَعِينٍ لَيْسَ بِشَيْءٍ وَقَالَ اِبْنُ عَدِيٍّ لَيْسَتْ أَحَادِيثُهُ بِالْمُنْكَرَةِ جِدًّا أَرْجُو أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِهِ اِنْتَهَى . وَقَالَ الشَّوْكَانِيُّ فِي تُحْفَةِ الذَّاكِرِينَ وَالْحَدِيثُ أَقَلُّ أَحْوَالِهِ أَنْ يَكُونَ حَسَنًا وَإِنْ كَانَ فِي ذِكْرِ الْعَدَدِ عَلَى هَذِهِ الصِّفَةِ نَكَارَةٌ .اهـ في جلسات رمضانية للعثيمين :
الأعمال الصالحة هي في الحقيقة سلف، دراهم تقدمها لتأخذها مضاعفة: ( الحسنة بعشر أمثالها، إلى سبعمائة ضعف، إلى أضعاف كثيرة ) الإنسان العاقل يشعر بأن الأمور العادية يمكن أن تكون عبادات، الأكل والشرب نحن نتناوله على أنه شهية لنفوسنا من طبيعتنا، لكن الموفق يمكن أن يجعل هذا الأكل والشرب عبادة، مثلاً: في السحور، كلنا نجلس على مائدة السحور، نعم، هل نشعر ونحن نأكل السحور بأن النبي عليه الصلاة والسلام يقول: ( تسحروا فإن في السحور بركة ) ؟! إلا من شاء الله وهم قليل.إذاًَ: إذا جلست على السحور تذكر: أولاً: أمر النبي عليه الصلاة والسلام في قوله: (تسحروا)...ثانياً: سنته، أنه هو نفسه صلى الله عليه وسلم كان يتسحَّر، فكأنه أمامك يتسحر وأنت تقتدي به.ثالثاً: رجاء بركة هذا السحور؛ لأن النبي عليه الصلاة والسلام يقول: (فإن في السحور بركة).هذه الأمور الثلاثة، ما ندري هل نحن نشعر بها عند التناول للسحور أو لا؟! أو نأكل السحور بنية دنيَّة؛ من أجل أن نستعين به على الصوم، أكثر الناس هكذا يبيتون في السحور، لأجل يتقوَّون على الصوم، ولهذا إذا كان في أيام الصيف الشديد الحرارة، الطويل النهار، ملأ بطنه من الماء حتى يكون كالقربة، من أجل ألا يعطش.لكن الإنسان الموفق يلاحظ الأمور الثلاثة التي ذكرناها، وهذا يأتي بالتبعية.في الإفطار نتناول الإفطار؛ لأن الطبيعة تقتضي ذلك وتطلبه، فنأكله تمتعاً وتلذذاً؛ لكن هل نحن نشعر بأن الرسول عليه الصلاة والسلام يقول: ( إذا أفطر أحدكم فليفطر على رُطَب، فإن لم يجد فعلى تمر، فإن يجد فعلى ماء ) هل نشعر بهذا؟! وأننا نفطر امتثالاً لأمر الرسول عليه الصلاة والسلام؟! أو نشعر بأننا نفطر ونبادر بالفطور رجاء الخير؛ لأن النبي عليه الصلاة والسلام يقول: ( لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر )؟ احرص أن تكون مائدة الإفطار عندك وقت الأذان، من أجل أن تبادر، فلا يؤذن وأنت بعيد عن الأكل، إن أذن وأنت بعيد عن الأكل ربما يفوتك الخير، بادر بالأكل: ( لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر ).وفي الأثر أن الله تعالى يقول: ( أحب عبادي إليَّ أعجلهم فطراً ) .إذاً: انظر! العبادات عند الغافل عادات، والعادات عند العاقل عبادات.كلنا يلبس الثياب عند الصلاة، وعند الخروج إلى السوق، هل نحن نشعر بلباسنا عند الصلاة أننا ممتثلون قول الله عزَّ وجلَّ: { يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ } [الأعراف:31] عندنا مثلاً ومن عاداتنا أننا نغطي الرأس بالزينة، يعني: الواحد منا يلبس غترة وشماغاً،
<2211>
فهل إذا أراد أن يصلي يحرص على لباس الغترة والشماغ وجميع اللباس وإلاَّ لا؟! نعم؛ لأن الله يقول: { خُذُوا زِينَتَكُمْ } [الأعراف:31] ؛ لكن لو كنا في بلد اعتادوا ألا يلبسوا اللباس فوق الرأس، صار كشف الرأس عندهم لا نقص فيه، ولا ينقص الصلاة شيئاً؛ لماذا؟ لأن الزينة لا تتناوله.فالزينة في كل موضع بحسبه، إي نعم.
جاء في جريدة منبر الفكر , لنأخذ مضاعفة الحسنة إلى سبعمائة ضعف
340740+700=2862216) حسنة : ( أي ) مليارين وثمانمائة وستة عسر ألف حسنة..في كتاب علوم القرآن لأحمد عادل : جمع الحجاج القراء والحفاظ فقال : أخبروني عن القرآن كله : كم من حرف فيه , فحسبوا ما جمعوا على أنه( 340740) حرف.
14>ـ الوضوء المصحوب مع ذكره الخاص به .لما في صحيح الترمذي وصححه الألباني . عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ تَوَضَّأَ فَأَحْسَنَ الْوُضُوءَ ثُمَّ قَالَ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي مِنْ التَّوَّابِينَ وَاجْعَلْنِي مِنْ الْمُتَطَهِّرِينَ فُتِحَتْ لَهُ ثَمَانِيَةُ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ يَدْخُلُ مِنْ أَيِّهَا شَاءَ>اِعْلَمْ أَنَّ حَدِيثَ عُمَرَ هَذَا أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ بِدُونِ زِيَادَةِ اللَّهُمَّ اِجْعَلْنِي مِنْ التَّوَّابِينَ وَاجْعَلْنِي مِنْ الْمُتَطَهِّرِينَ ، فَهُوَ صَحِيحٌ سَالِمٌ مِنْ الْإِضْرَابِ . قَالَ الْحَافِظُ فِي التَّلْخِيصِ بَعْدَ ذِكْرِ كَلَامِ التِّرْمِذِيِّ هَذَا مَا لَفْظُهُ : لَكِنَّ رِوَايَةَ مُسْلِمٍ سَالِمَةٌ مِنْ هَذَا الِاعْتِرَاضِ ، وَالزِّيَادَةُ الَّتِي عِنْدَهُ رَوَاهَا الْبَزَّارُ وَالطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ مِنْ طَرِيقِ : ثَوْبَانَ وَلَفْظُهُ : مَنْ دَعَا بِوَضُوءٍ فَتَوَضَّأَ فَسَاعَةَ فَرَغَ مِنْ وُضُوئِهِ يَقُولُ : أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ اللَّهُمَّ اِجْعَلْنِي مِنْ التَّوَّابِينَ وَاجْعَلْنِي مِنْ الْمُتَطَهِّرِينَ الْحَدِيثَ وَرَوَاهُ اِبْنُ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ اِنْتَهَى مَا فِي التَّلْخِيصِ . ثُمَّ اِعْلَمْ أَنَّهُ لَمْ يَصِحَّ فِي هَذَا الْبَابِ غَيْرُ حَدِيثِ عُمَرَ الَّذِي رَوَاهُ مُسْلِمٌ ، وَقَدْ جَاءَ فِي هَذَا الْبَابِ أَحَادِيثُ ضِعَافٌ . مِنْهَا حَدِيثُ أَبِي سَعِيدٍ بِلَفْظِ مَنْ تَوَضَّأَ فَقَالَ سُبْحَانَك اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِك أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرَك وَأَتُوبُ إِلَيْك كَتَبَ فِي رَقٍّ ثُمَّ طُبِعَ بِطَابَعٍ فَلَمْ يُكْسَرْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ . وَاخْتُلِفَ فِي رَفْعِهِ وَوَقْفِهِ وَالْمَرْفُوعُ ضَعِيفٌ ، وَأَمَّا الْمَوْقُوفُ فَهُوَ صَحِيحٌ كَمَا حَقَّقَ ذَلِكَ الْحَافِظُ فِي التَّلْخِيصِ . ثُمَّ اِعْلَمْ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَغَيْرُهُمْ فِي كُتُبِهِمْ مِنْ الدُّعَاءِ عِنْدَ كُلِّ عُضْوٍ كَقَوْلِهِمْ يُقَالُ عِنْدَ غَسْلِ الْوَجْهِ اللَّهُمَّ بَيِّضْ وَجْهِي يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ ، وَعِنْدَ غَسْلِ الْيَدِ الْيُمْنَى اللَّهُمَّ اِعْطِنِي كِتَابِي بِيَمِينِي وَحَاسِبْنِي حِسَابًا يَسِيرًا إِلَخْ ، فَلَمْ يَثْبُتْ فِيهِ حَدِيثٌ .
قَالَ الْحَافِظُ فِي التَّلْخِيصِ : قَالَ الرَّافِعِيُّ وَرَدَ بِهَا الْأَثَرُ عَنْ الصَّالِحِينَ ، قَالَ النَّوَوِيُّ فِي الرَّوْضَةِ : هَذَا الدُّعَاءُ لَا أَصْلَ لَهُ . وَقَالَ اِبْنُ الصَّلَاحِ لَمْ يَصِحَّ فِيهِ حَدِيثٌ . قَالَ الْحَافِظُ رَوَى فِيهِ عَنْ عَلِيٍّ مِنْ طُرُقٍ ضَعِيفَةٍ جِدًّا أَوْرَدَهَا الْمُسْتَغْفِرِيُّ فِي الدَّعَوَاتِ وَابْنُ عَسَاكِرَ فِي أَمَالِيهِ اِنْتَهَى . وَقَالَ اِبْنُ الْقَيِّمِ فِي الْهَدْيِ : وَلَمْ يُحْفَظْ عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ عَلَى وُضُوئِهِ شَيْئًا غَيْرَ التَّسْمِيَةِ ، وَكُلُّ حَدِيثٍ فِي أَذْكَارِ الْوُضُوءِ الَّذِي يُقَالُ عَلَيْهِ فَكَذِبٌ مُخْتَلَقٌ لَمْ يَقُلْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَيْئًا مِنْهُ وَلَا عَلَّمَهُ لِأُمَّتِهِ وَلَا يَثْبُتُ عَنْهُ غَيْرُ التَّسْمِيَةِ فِي أَوَّلِهِ وَقَوْلُهُ : أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ
<2212>
مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ ، اللَّهُمَّ اِجْعَلْنِي مِنْ التَّوَّابِينَ وَاجْعَلْنِي مِنْ الْمُتَطَهِّرِينَ فِي آخِرِهِ اِنْتَهَى .اهـ تحفة الأحوذي
15>>ـ قيام الليل من الأعمال التي تؤهلك للجنة قال تعالى : << {{ إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (15) آخِذِينَ مَا آتَاهُمْ رَبُّهُمْ إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنِينَ (16) كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ (17) وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ >أي إن الذين اتقوا ربهم، وتجنبوا ما يعرضهم لعذاب اللّه، من التزام أوامره واجتناب نواهيه، هم يوم المعاد في بساتين فيها عيون جارية، قابلين قبول رضا لكل ما أعطاهم ربهم، راضين به، فرحين بعطائه وفضله،وقيل: الأخذ بمعنى التملك، يقال: بكم أخذت هذا؟ كأنهم اشتروها بأنفسهم وأموالهم. وعلى كل: الأخذ في هذا المقام إشارة إلى كمال قبولهم للفيوض الإلهية، لما أسلفوا من حسن العبادة، ووفور الطاعة، ولهذا عللّه بقوله:
إِنَّهُمْ كانُوا قَبْلَ ذلِكَ مُحْسِنِينَ أي، لأنهم كانوا في الدنيا محسنين في أعمالهم الصالحة، يراقبون اللّه فيها، كما قال تعالى: كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئاً بِما أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخالِيَةِ [الحاقة 69/ 24] . اهـ الزحيلي قال أَبو عثمان الهندى : ما فى القرآن أرجى آية عندى لهذه الأُمة من قوله تعالى : { وآخرون اعترفوا } إِلخ . . . قال مطرف إِنى لأَستلقى من الليل على فراشى وأَتدبر القرآن فأَعرض أَعمالى على أَعمال أَهل الجنة فأَجد أَعمالهم شديدة ، كانوا قليلا من الليل ما يهجعون ، يبيتون لربهم سجدا وقياماً ، أَمَّن هو قانت آناءَ الليل ساجداً وقائماً . فلا أَرانى منهم فأَعرض نفسى على هذه الآية { ما سلككم فى سقر } فأَرى القوم مكذبين فلا أَرانى منهم ، فأَمر بهذه الآية { وآخرون اعترفوا بذنوبهم} فأَرجو أَن أَكون منهم وأرجو أن أكون أنا وأنتم يا اخوتاه منهم،اهـ القرطبي – إباضي...وقا ل ابن كثير : قال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم: قال رجل من بني تميم لأبي: يا أبا أسامة، صفة لا أجدها فينا، ذكر الله قوما فقال: { كَانُوا قَلِيلا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ } ، ونحن والله قليلا من الليل ما نقوم. فقال له أبي: طوبى لمن رقد إذا نعس، واتقى الله إذا استيقظ
.في دروس للشيخ نبيل العوضي ما نصه :الإمام أحمد بن حنبل وقيامه الليل.، يقول ابنه عبد الله : كان يقوم كل ليلة بثلاثمائة ركعة يصلي ثلاثمائة ركعة يا عبد الله! فلما فتن وضرب وجلد ورمي في السجن في ليلة قارصة باردة شديدة البرودة، يقول عن نفسه بعد مائة وستين جلدة، يقول: دخلت أتحسس- في ظلام دامس وبرد قارس- أتحسس فوقعت يدي على ماءٍ بارد، يقول: فأخذت وتوضأت، وأخذت أصلي حتى الفجر { تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ } [السجدة:16] الليل دعاء وبكاء وتضرع، هكذا الصائمون الصادقون { تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ } [السجدة:16] قالوا: يا إمام! قلها وتخلص.
قال: لا، القرآن كلام الله.فمكث في السجن ثمانية وعشرين شهراً، لم يفطر فيها يوماً واحداً، سرد الصوم كله { وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ } [البقرة:184] نعم، الصوم ما أحلاه! وما أعظمه! بعضهم عند الاحتضار قيل له: لم تبكي؟ قال: لا أبكي إلا على ظمأ الهواجر، ومكابدة الليل، أبكي لأنني فارقت أيام حَرٍّ كنت أصومها لله عز وجل أين هي الآن؟ فقدتها ما ألذها! وما أحلاها! أحلى أيام حياته، والآخر يقول: على
<2213>
مكابدة الليل.كان الإمام أحمد يقوم قبل السجن بثلاثمائة ركعة، فلما تعب بعد السجن كان يقوم في الليلة الواحدة مائة وخمسين ركعة، وكان عمره قد تجاوز الثمانين عاماً.
كانوا يتلذذون بقيام الليل، فيا من يقبل عليهم شهر رمضان لِمَ تعدون لياليه؟ ولمَ تترقبونه؟ ولمَ تتأهبون للقائه؟ إن لم يكن لهذا، فبئس الاستعداد والترقب!! إعلم أن قيام الليل دأب الصالحين :لقوله ص) : (( عليكم بقيام الليل فإنه دأب الصالحين قبلكم وهو قرية إلى ربكم وتكفير للسيئات ومنهاة عن الإثم ومطرد ة للداء عن الجسد )) حديث صحيح رواه ابن خزيمة وغيره . قال الألباني في تمام المنة : نعم الحديث دون الجملة الأخيرة منه : " ومطردة للداء عن الجسد " حسن أو صحيح فقد أخرجه الترمذي والحاكم وغيرهما.. : قيام الليل سبب لدخول الجنة لقوله ص) :(( إن في الجنة غرفة يرى ظاهرها من باطنها وباطنها من ظاهرها قلنا :لمن هي يا رسول الله فقال : أعدها الله لمن أطعم الطعام وألآن الكلام وقام بالليل والناس نيام )) صحيح رواه أحمد وغيره
16>من الأعمال التي تدخل إلى الجنة .التسبيح التحميد.روى الترمذي عَنْ جَابِرٍ
عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ قَالَ سُبْحَانَ اللَّهِ الْعَظِيمِ وَبِحَمْدِهِ غُرِسَتْ لَهُ نَخْلَةٌ فِي الْجَنَّةِ >قَالَ أَبُو عِيسَى هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ صَحِيحٌ.. ( غُرِسَتْ لَهُ )
بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ يُقَالُ غَرَسْت الشَّجَرَةَ غَرْسًا وَغِرَاسًا إِذَا نَصَبْتهَا فِي الْأَرْضِ
( نَخْلَةٌ )أَيْ غُرِسَتْ لَهُ بِكُلِّ مَرَّةٍ نَخْلَةٌ( فِي الْجَنَّةِ )أَيْ الْمُعَدَّةِ لِقَائِلِهَا خُصَّتْ لِكَثْرَةِ مَنْفَعَتِهَا وَطِيبِ ثَمَرَتِهَا وَلِذَلِكَ ضَرَبَ اللَّهُ تَعَالَى مَثَلَ الْمُؤْمِنِ وَإِيمَانِهِ بِهَا وَثَمَرَتِهَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى : { أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً } وَهِيَ كَلِمَةُ التَّوْحِيدِ { كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ } وَهِيَ النَّخْلَةُ . قَوْلُهُ :
17>> المواظبة على الرواتب لما في سنن الترمذي وصححه الألباني : عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ ثَابَرَ عَلَى ثِنْتَيْ عَشْرَةَ رَكْعَةً مِنْ السُّنَّةِ بَنَى اللَّهُ لَهُ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ أَرْبَعِ رَكَعَاتٍ قَبْلَ الظُّهْرِ وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَهَا وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْمَغْرِبِ وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْعِشَاءِ وَرَكْعَتَيْنِ قَبْلَ الْفَجْرِ>قَوْلُهُ : ( مَنْ ثَابَرَ )أَيْ دَامَ قَالَ فِي النِّهَايَةِ الْمُثَابَرَةُ الْحِرْصُ عَلَى الْفِعْلِ وَالْقَوْلِ وَمُلَازَمَتُهُمَا.اهـ تحفة الأحوذي
17>>ـ عيادة المرضى .روى الترمذيعَنْ ثُوَيْرٍ هُوَ ابْنُ أَبِي فَاخِتَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ
أَخَذَ عَلِيٌّ بِيَدِي قَالَ انْطَلِقْ بِنَا إِلَى الْحَسَنِ نَعُودُهُ فَوَجَدْنَا عِنْدَهُ أَبَا مُوسَى فَقَالَ عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلَام أَعَائِدًا جِئْتَ يَا أَبَا مُوسَى أَمْ زَائِرًا فَقَالَ لَا بَلْ عَائِدًا فَقَالَ عَلِيٌّ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ <مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَعُودُ مُسْلِمًا غُدْوَةً إِلَّا صَلَّى عَلَيْهِ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ حَتَّى يُمْسِيَ وَإِنْ عَادَهُ عَشِيَّةً إِلَّا صَلَّى عَلَيْهِ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ حَتَّى يُصْبِحَ وَكَانَ لَهُ خَرِيفٌ فِي الْجَنَّةِ>قَالَ أَبُو عِيسَى هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ .وصححه الألباني في صحيح الجامع .قوله( وَكَانَ لَهُ )أَيْ لِلْعَائِدِ( خَرِيفٌ )أَيْ بُسْتَانٌ وَهُوَ فِي الْأَصْلِ الثَّمَرُ الْمُجْتَنَى أَوْ مَخْرُوفٌ مِنْ ثَمَرِ الْجَنَّةِ فَعِيلٌ بِمَعْنَى مَفْعُولٍ .اهـ تحفة الأحوذي ومعنى له خريف في الجنة : أي يكون له ثمر في الجنة يغترف منه عندما يدخل إلى الجنة
لست ربوت