كوليج آزرو وصناعة النخب الأمازيغية العسكرية والسياسية

إعلان الرئيسية

الصفحة الرئيسية كوليج آزرو وصناعة النخب الأمازيغية العسكرية والسياسية

كوليج آزرو وصناعة النخب الأمازيغية العسكرية والسياسية

«الثانوية البربرية»، التي أصبحت اليوم تحمل اسم ثانوية طارق بن زياد، تجسد المختبر الأول للسياسة الاستعمارية في مجال التعليم بالمغرب، التي كانت تنبني من جهة على حفاظ الحماية على نفس التراتبية التلقيدية للمجتمع المغربي، يقول جوزيف شايبي بيرت، المنظر الأساسي للتعليم الاستعماري بالمغرب: «يجب التمييز بين التعليم الموجه لأبناء الشعب، وذلك الموجه لأبناء الأرستقراطية، تعليم أبناء الشعب ينبغي أن يكون علميا، أي يعلم القراءة والكتابة والحساب لممارسة حرفة معينة، أما أبناء الأرستقراطية فيلزم أن يتلقوا تكوينا فكريا وأخلاقيا يؤهل النخب التقليدية للاستمرار في أداء الوظائف الكبرى للمخزن الحديث».

لم يكن الهدف من إنشاء «كوليج آزرو» عام 1927 سوى إعادة إنتاج نفس نخب الأعيان الأمازيغ بالأطلس المتوسط، والتغلغل الاستعماري في المناطق الجبلية.. كان أبناء الأعيان يلجون كوليج آزرو بسهولة، وكان يفرض عليهم التقيد بالزي الأمازيغي لإبقائهم مرتبطين بأصولهم وواقعهم المعيشي، ولم يكن ذلك سوى تمهيد لإصدار الظهير البربري في ماي 1930.

لقد أصبح «كوليج آزرو» مشتلا لصناعة النخب الأمازيغية، حيث أنتج العديد من الرموز التي ستحتل وظائف جد حساسة في الدولة المغربية غداة الاستقلال، خاصة في مجال الجيش، فمنها تخرج المحجوبي أحرضان، الذي تحمل حقيبة وزير الدفاع، ومحمد أوفقير والجنرال ادريس بوكرين ذو الأصول الريفية، ومنها تخرج العديد من الضباط الذين قادوا المحاولتين الانقلابيتين ضد الملك الحسن الثاني، بالإضافة إلى محمد شفيق الذي عين عام 1970 كاتبا للدولة مكلفا بالتعليم الثانوي والتقني والعالي وتكوين الأطر، وسيتم تعيينه مكلفا بمهمة في الديوان الملكي ويصبح في ما بعد مديرا للمعهد المولوي بالرباط.

الملاحظ في النخب «الأمازيغية» التي أنجبها «كوليج آزرو» أنها ستغدو أكبر حليف لنظام المخزن، وعليها سيعتمد الملك الراحل سواء في تأسيس القوات المسلحة الملكية أو في مواجهة الحركة الوطنية بطرفيها الاستقلالي والاتحادي، مثل المحجوبي أحرضان الذي عين عاملا على مدينة الرباط ووزيرا للفلاحة ووزير دولة ووزير دولة مكلفا بالبريد والمواصلات، ومحمد شفيق والانقلابي محمد أوفقير والعديد من الجنرالات النافذين.

لقد كانت الإدارة الاستعمارية تستهدف من خلال تجربة «المدارس البربرية»، ومنها «كوليج آزرو»، خلق أنتلجانسيا مرتبطة بأصولها الأمازيغية متشبعة بالثقافة الفرنسية بعيدة عن روح الحركة الوطنية، لكن حدث العكس، فمقابل بعض النخب المدجنة التي انخرطت في الجيش الفرنسي وساهمت في قمع التظاهرات الوطنية ضد المعمر، فإن الإقامة العامة ستفاجأ بتوقيع بعض قدماء تلاميذ ثانوية «آزرو البربرية» على وثيقة الاستقلال، وفي مقدمتهم عبد الحميد الزموري الذي كان يرأس جمعية قدماء تلاميذ الثانوية، وإعلان تلاميذها لإضراب يوم 5 فبراير 1944، حيث عمدت الإدارة الاستعمارية إلى احتلال المؤسسة وعسكرتها وتأديب الأهالي عبر غلق المؤسسة لمدة سنة، بالإضافة إلى نفي بعض الطلبة وطرد بعضهم من وظائفهم، وهكذا أضحت «المدرسة البربرية» بآزرو معقلا للفكر الوطني الذي وأد العنصرية القبلية الفرنسية بالمغرب في مهدها.
يؤكد الباحث السوسيولوجي محمد بنهلال أن العديد من خريجي كوليج آزرو اشتغلوا قيادا وباشوات في خدمة المستعمر، لكن العديد منهم سيصبحون نخبا داعمة للمخزن في بداية الاستقلال، حيث إن 23 عسكريا من خريجي هذه الإعدادية عينوا عمالا في مناطق مختلفة غداة الاستقلال، ومن أصل 320 قائدا سنة 1960 كان هناك  250 منهم من خريجي إعدادية آزرو، إضافة إلى احتلال آخرين لمناصب حساسة في الدولة.

التصنيفات:
تعديل المشاركة
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

لست ربوت

Back to top button