"بارسا غوارديولا أم لويس إنريكي؟ عفوا للثنائي المميز، لكنها بارسا ميسي في كل الأوقات"، يصف جورجي فالدانو، فيلسوف أميركا اللاتينية وأحد أبطال مونديال المكسيك 86، حقبة تفوق النادي الكتالوني بأنها تقترن أكثر بمواطنه ليونيل ميسي.
النجم الكبير الذي نقل الفن من مسارح برشلونة إلى ملعبها "كامب نو"، ونجح في جعل "البلاوغرانا" الأيقونة الأبرز في كرة القرن الـ21، بينما يذهب السير أليكس فيرغسون إلى أبعد من ذلك؛ إذ يؤكد أن كريستيانو رونالدو هو اللاعب الأبرز في جيله، وأنه يتفوق على الجميع في ما يخص ناحية التطور.
إنها أقوى فترات الصراع بين النجمين الكبيرين، كل يوم تصريح عن ميسي بأنه الأفضل، ليرد شخص آخر ويشير إلى أحقية كريستيانو، وهكذا الأمر في مختلف وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي.
ولم تتوقف القصة عند هذا الحد، بل وصلت إلى ما هو أعمق بكثير؛ إلى الهوس الذي يطل بجنونه وتناقضاته ليحكم معظم الآراء الكروية في الآونة الأخيرة.
التعامل الجماهيري والإعلامي مع ميسي ورونالدو بالسلب أو الإيجاب هو بمثابة الظاهرة الأشهر في عالم اللعبة |
في أوروبا لا جديد أيضا، الكل بلا استثناء نسي أو تناسى البطة القبيحة التي صارت بجعة جميلة؛ إيدير مسجل هدف الانتصار أمام الديكة في قلب باريس، وركز فقط على قوة شخصية رونالدو ومشاعره الفياضة خارج الخطوط. هذا الأمر لا يقلل من إنجاز كريستيانو، لأنه كان سيتلقى كافة الطعنات في حال عدم فوز بلاده، بعبارات على شاكلة: رونالدو تهرب من النهائي، وكريستيانو أضاع ضربة جزاء في المجموعات، وخلافه.
التعامل الجماهيري/الإعلامي مع ميسي ورونالدو بالسلب أو الإيجاب هو بمثابة الظاهرة الأشهر في عالم اللعبة، ليتم اختزال تفاصيل عديدة تخص مدربين، ولاعبين، وجماهير، وظروف، وإصابات، وتوفيق، وحتى ركلات الجزاء، في هذا الثنائي فقط، وأسباب هذه الظاهرة تتعلق بعوامل عدة.
بالعودة إلى سنوات ما قبل ميسي ورونالدو، كانت السطوة التشجيعية لمنتخبات مثل ألمانيا، والبرازيل، وهولندا، وإيطاليا، وحتى الأرجنتين كمنتخب شعبيته تراجعت بعض الشيء بعد اعتزال دييغو أرماندو مارادونا، ظلت الغلبة لهذه الفرق حتى ظهور الموهوب القادم من روزاريو، وانطلاق صاروخ ماديرا الرهيب.
حصل الإسبان في الفترة الماضية على بطولات عديدة، المنتخب لا النجم الأوحد، بل "أوركسترا" جماعية قائمة على أساس "التيكي تاكا"، بينما خطف الألمان مونديال 2014 بفضل مزيج عبقري بين الكرة الهجومية والمرتدات القاتلة السريعة في نظام واحد، كلهم أبطال ومن الصعب أن تنسب نجاحهم أو فشلهم للاعب واحد، بينما تغيرت معالم البوصلة تماما هذا العام، والسر في المعادلة الثنائية الجديدة.
يتسع العالم الافتراضي لملايين المشجعين، أطفال التاريخ الذين وصفهم راوي وبطل رائعة "نادي القتال" بأنهم بلا هدف ولا مكان، لقد تمت تربيتهم أمام الشاشات ليؤمن كل منهم بأنه يوما ما سيتحول إلى مليونير وبطل للسينما أو نجم كرة قدم، هم "أبطال روك في القصة الهوليودية"، لكنهم لم يصبحوا كذلك، ليتحول كل فرد فيهم إلى مسار قلبه، ويتجه بعضهم بكل تأكيد إلى الساحرة المستديرة، ليتعلق أحدهم بأسطورته والآخر بالبطل الذي ينقل البهجة إلى قلوب المشجعين بعد كل مباراة.
الجانب النفسي ليس التفسير الوحيد بكل تأكيد، يدخل أيضا الصراع التاريخي بين برشلونة وريال مدريد، الثنائي الأشهر على الإطلاق في كرة القدم في السنوات الفائتة، ليتحول التنافس بين العملاقين من الناحية السياسية والأيدولوجية قديما إلى كل ما يتعلق بكرة القدم في النسخة الحديثة، وبكل تأكيد ميسي ورونالدو خير سفيرين لأباطرة الليغا الإسبانية، ليتضاعف الاهتمام وتزيد النزعة الفردية عندما يمثل كل نجم منتخب بلاده، وتصبح النغمة السائدة: منتخب ميسي أم منتخب رونالدو!
حتى طبيعة وشكل المنتخبات في الفترة الحالية تختلف عن الأبطال السابقين؛ فدي ماريا في الأرجنتين راض جدا بفكرة اللاعب المزاجي المهاري، وهيغواين تتملكه لعنة التهديف في النهائيات، بينما تجد الكون أغويرو مستسلما بشدة أمام خصومه.
المقارنة مختلفة كثيرا على الصعيد التكتيكي مع البرتغال، الفريق المميز في تنفيذ خطط مدربه، الذي يميل أكثر إلى غلق ملعبه والتركيز فقط على المرتدات والكرات الثابتة.
لن ينتهي أبدا الصراع بين الثنائي، بل سيستمر بشدة خلال القادم، فكل مشجع يُشهر أسلحته ويجهز حججه، قبل اقتراب الترشيحات الأخيرة، فجمهور "ليو" أكدوا منذ نهاية الموسم الماضي أن الكرة الذهبية للأرجنتيني بعد تألقه في ثنائية برشلونة، لكن أنصار كريستيانو سحبوا البساط هذا الصيف، مع إيمانهم الشديد بأن الشامبيونز واليورو عوامل كافية لحسم كل شيء. الاختلافات عديدة ومتشابكة، والاتفاق الوحيد أننا نعيش بإرادتنا أو رغما عنها في كوكب "ميسي ورونالدو".
لست ربوت