نموذج تنموي جديد للمغرب من أجل أطفالنا. بقلم ذ . المصطفى بوجرة

إعلان الرئيسية

الصفحة الرئيسية نموذج تنموي جديد للمغرب من أجل أطفالنا. بقلم ذ . المصطفى بوجرة

نموذج تنموي جديد للمغرب من أجل أطفالنا. بقلم ذ . المصطفى بوجرة

ربما تحتوي الصورة على: ‏‏‏٢‏ شخصان‏، و‏‏أشخاص يبتسمون‏، و‏‏‏‏أشخاص يجلسون‏، و‏‏جبل‏، و‏نشاطات في أماكن مفتوحة‏‏‏ و‏طبيعة‏‏‏‏‏                                                                                     هل يعتبر قرار جلالة الملك محمد السادس الأخير القاضي بتشكيل لجنة وطنية لرسم معالم النموذج التنموي الذي طال انتظاره اعتراف ضمني بفشل الأحزاب السياسية و ومعها الحكومة في إخراج هذا المشروع لحيز الوجود رغم طابعه الاستعجالي ؟؟!
لا شك أن أحزاب الأغلبية الحالية الغارقة في البوليميك الخاوي و تبادل الاتهامات و التموقع في المناصب و الاستعداد لانتخابات مازالت تفصلنا عنها حوالي ثلاثة سنوات لن تكون قادرة على رفع التحدي وما عاد لها من إهتمام سوى تنفيذ مذكرات كريستين لاكارد و المؤسسات النقدية الدولية، و كأن أرحام المغربيات عجزت عن إنجاب مسؤولين في مستوى التحدي التاريخي الذي يواجهه المغرب ، إن الطبقة السياسية المغربية للأسف تعيش في زمان غير زمان الشعب المغربي ، و تتبث في كل مرة عجزها عن تحمل مسؤولياتها إزاء الناخبين ، إنتهازية مقيتة أدخلت البلاد في وضعية انتظارية خطيرة أدت إلى تفاقم المشاكل الاقتصادية و الإجتماعية و تردي أوضاع فئات عريضة من المواطنين و فقدان الثقة في السياسة و معها مؤسسات الدولة ، و لعل هذا من أخطر التحديات التي تواجهنا جميعا فلا ديمقراطية بدون أحزاب و لا أحزاب قوية و شجاعة و فاعلة في ظل انعدام ثقة المواطنين في السياسة و إنخراطهم الفعلي فيها ، و هذا تماما ما أكد عليه الملك في خطابه بمناسبة الذكرى العشرين لجلوسه على عرش البلاد ، إنها المواطنة الفاعلة ، يجب على المغاربة و خاصة الطبقة المثقفة منهم الانخراط الفعلي في دينامية ديمقراطية حقيقة، ترغم من يريد العودة بنا في كل مرة إلى نقطة الصفر على الإنصات لإرادة المواطنين لا الرعية كما يريدون لنا أن نكون .
يشعر الواحد منا بالألم وهو يشاهد و يتابع حجم الهدر الذي يتعرض له الزمن السياسي للمغرب وضياع فرص ثمينة لتحقيق الإقلاع الإقتصادي و الإجتماعي و الثقافي في ظل عالم متحول و سريع لا يرحم المتقاعسين عن ركب التنمية ، و هذه هي في نظري الإشكالية التي ستجيب عنها اللجنة المنتظر تشكيلها، كما أرجو ومعي باقي المغاربة ذلك ، بلورة نموذج تنموي متجدد ، يأخذ بعين الإعتبار موارد البلاد المتاحة ، تقليص الفوارق بين الطبقات الإجتماعية، خلق إمكانية لاستفادة كل الفئات من الآثار الإيجابية للتنمية الإقتصادية، القدرة على المنافسة خارجيا ، الإستفادة من تجارب دول أخرى خصوصا في الميدان الإقتصادي. ... إلخ.
و في هذا الصدد لابد من التأكيد على بعض القرارات الحاسمة التي يجب أن ينصب عليها إهتمام كل رؤية إصلاحية للنموذج التنموي للمغرب ، وغيرها في نظري المتواضع سنكون قد أخطأنا الموعد مع قطار التنمية مرة اخرى.
أولا - إعطاء أولوية حقيقية لسياسات فرملة إقتصاد الريع في مختلف المجالات و على مختلف الأصعدة " سدو الروبيني على أصحاب بيضة بيضة ولا نطيح " بوقف سياسة المنح لضمان ولاء مزيف لبعض الأشباح " ، و يكون شعار المرحلة القادمة العمل و الإنتاج لخلق الثروة و توجيه ميزانيات الدولة لخدمة القطاعات الإجتماعية و البنيات التحتية الأساسية .
ثانيا- إرساء نظام ضريبي عادل و تجريم التهرب الضريبي و العمل على رقمنة كل العمليات المرتبطة بالاقتصاد الوطني خاصة منها تعاملات الشركات و التجارة الداخلية و الخارجية و تحويل الأموال للخارج ، وأهم محور في هذا الإصلاح الجبائي هو فرض ضريبة على الثروة ، و هذه النقطة الأخيرة بالضبط هي التي ستحسم فيما مدى موضوعية هذه اللجنة .
ثالثا- إعادة النظر في طريقة إستغلال الموارد الطبيعية للبلاد خاصة منها المعادن و الثروة السمكية و مقالع الرمال والصخور والرخام ... بجعلها مفتوحة في وجه الإستثمار فلا يعقل أن نفرض توجه ليبرالي في القطاعات دات الطابع الإجتماعي كالتعليم و الصحة .. فيما تستمر الدولة و بعض الشركات المحظوظة في احتكار موارد هامة كالفوسفاط الذي يتوفر المغرب على 75%من الاحتياطي العالمي من هذا المعدن الذي يتزايد الطلب عليه بإستمرار، ولا يساهم سوى بأقل من 2 مليار درهم في الميزانية العامة للدولة ، فيما تشير تقارير دولية إلى أن مداخيل الفوسفاط أكثر من ذلك بكثير، ما يفرض تحويل الشركة المستغلة إلى شركة مساهمة و ادراجها في البورصة للمزيد من الشفافية ، وإطلاع الرأي العام الوطني على التزاماتها المالية المتزايدة و التي ستغرقها في الديون لعقود قادمة، كما تشير إلى ذلك نفس التقارير.
رابعا- تحرير قطاعات حيوية مازالت محكومة بمنطق المأذونيات و الرخص كالنقل البري و البحري و الجوي و جعل هذه القطاعات منتجة خلاقة للثروة تساهم في توفير المزيد من فرص الشغل و تمكين المهنين من إمكانية تأسيس شركات خاضعة لدفاتر تحملات مضبوطة و ادماجهم في نظام للحماية الإجتماعية خاص بالمهن الحرة ،و إنهاء العمل بنظام الكريمات بشكل نهائي.
خامسا- النهوض بقطاعات التعليم و الصحة و السكن ... باعتبارها قاطرة لكل تنمية منشودة ، خاصة التعليم الذي يجب أن يصبح مشروع وطني غير قابل للتفويت أو المزايدة السياسوية ، هذا الإصلاح الذي يجب أن يضع العنصر البشري في صلب اهتماماته تكوينا و تأهيلا و مع تحسين أوضاعه المادية و الإجتماعية، مع تطوير البحت العلمي و التقني و التكنولوجي على مختلف المستويات التعليمية و ربط الجامعات والمدارس الوطنية بالمقاولات و الشركات ...
سادسا- إصلاح حقيقي لقطاع العدل و فرض سلطة القانون و عدم الإفلات من العقاب و ربط المسؤولية بالمحاسبة و تعتبر هذه النقاط مداخيل أساسية لكل نموذج تنموي يتميز بالنجاعة و الجاذبية للإستثمار الداخلي والخارجي لدوره في تعزيز دولة الحق والعدل والقانون وهي الركائز الأساسية التي قامت عليها البلدان الحديثة و المتقدمة ...
سابعا- القطع مع التبعية السياسية و الإقتصادية و الثقافية لبلدان دون أخرى في مقدمتها فرنسا و تنويع الشركاء و البحت عن أسواق أخرى، وتقييم سياسة المغرب الإفريقية، و إعادة بناء علاقاتنا بالاتحاد الأوربي على اساس رابح رابح ،و إنهاء هيمنتها على الترواث البحرية للمغرب. ...
ثامنا- تثمين الإنتاج الثقافي و الفني والتراث المغربي و العمل على تسويقه خارجيا و تحرير المشهد السمعي البصري في أفق تحقيق حرية حقيقية للصحافة و الإعلام بإعتبارهما السلطة الرابعة.
تاسعا- إصلاح الإدارات الترابية و إعادة النظر في اختصاصاتها و طريقة تعيين مسؤوليها لإنهاء الوضع الحالي القائم على الازدواجية القائمة بينها وبين المجالس المنتخبة و تداخل الاختصاصات و المهام.
عاشرا- إعادة النظر في نمط الاقتراع الحالي الذي ظهرت تغراته والذي لا يمكن أي حزب من الحصول على الأغلبية و بالتالي إستمرار البلقنة السياسية التي لا تفضي أبدا إلى حكومة قوية و منسجمة .
و في الأخير أقول أن الأمل في رؤية أطفالي يعيشون في وطن يتسع للجميع تحترم فيه كرامة الانسان و حقه في القول و الفعل و التصرف هو الذي يدفعني للمساهمة في التفكير الجماعي في قضايا هذا الوطن و حل مشكلاته ، و ارجوا أن يدرك الجميع أن انخراطنا الفعلي في هذا المجهود الفكري هو السبيل لتحقيق هذه الغايات و الأهداف.
ذ . المصطفى بوجرة

التصنيفات:
تعديل المشاركة
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

لست ربوت

Back to top button