
نعيد اليوم النبش ليس في الأسباب التي دفعت هذا الإنسان إلى الإقدام على أفعال من هذا القبيل ، فالقصة معروفة بالنظر إلى الكم الهائل على مستوى محرك البحث "Google " الذي ستجدونه مليئا بالتفاصيل ومعالجة كبريات الصحف التي تناولته.
نعيد اليوم في ما يشبه إعادة "تفكيك" للمفارقات العجيبة التي تحدث أحيانا في زمن ومكان محددين، فتصبح أفعال الفرد محسوبة على الجماعة ! أراد من أراد وكره من كره ...أو" عار الجماعة" المطلية ببعاره رغما عنها.
بحثت في تاريخ الرحامنة بعيد قرون، "التمظهرات" والتحولات التي طرأت على هذه القبيلة ، بين ظهور مفهوم "الفرد القوي" إلى مجيء الاستعمار، ونهاية هذه الأزمنة، وبداية ظهور المؤسسات إلى الراهن. ولم يرتبط في الوقائع والخيال العام بهذه الربوع إقدام سياسي على حرق نفسه لاعتبارات شخصية أو لتأبين الصراع بشكل غير مألوف، واستدرار عطف الجماعة أو ما تتناوله اليوم العلوم الاجتماعية في تقييمها لدوافع حرق الذات وقتل النفس خارج أحكام القضاء.
مر من هنا صراع الأفراد ..والتدافع المسنود بالإستقواء ثارة ونصرة جهة لصالح جهة في إطار لم يلغي الحكمة التي تدافع بواسطتها الجميع، حتى لحظات "الإنكسار الجماعي" التي عانت منها الساكنة هنا وهناك، لم يكن رد الفعل سلبي اتجاه المجال كالأرض" المغتصبة أو المسروقة أو ما شابه. تعامل الجميع بأنفة القبيلة و"ديمقراطية" الصراع، وانتهت كل التواريخ في سجلات الكتب يكتبها الدارسون إلى اليوم ..كذكرى للذاكرين .
الخميس الأسود بالرحامنة وحريق البرلماني يومها عد في السياق العام سلوكا غير مناسب ولا ضروري، والذين لاموا الرجل عل إيداء نفسه كان السؤال الذي يحركهم بشكل غير معبر عنه "ضمني " ..ماذا ترك هذا الذي يمثل (الأمة الرحمانية) لغيره من الذين استضعفوا لعقود من الزمن على هذه الأراضي؟ تم لماذا يحدث هذا مع إمكانية الترافع على ملف التعويضات التي كانت في حدود 8 مليارات داخل أروقة الحكومة ومكاتبها لرفعها أو لشيء من هذا القبيل، وأن لا شيء بعيد المنال بالنسبة لممثل للساكنة بأعظم مؤسسة دستورية بالبلاد.
نعيد هذه الذكرى لاستخلاص العبر فيما يقصد بالفعل السياسي والفاعلين السياسيين ؟ قدرتهم ؟ إمكانياتهم ؟ أدوارهم ؟
في الواقع ، يعد دور رجل السياسة مهم جدا في الحياة العامة للمجتمع، وهو من يترجم آهات الناس وظروف وشروط حياتهم، ورغبتهم في مزيد من التقدم والازدهار، ومن خلاله طبعا يتم إنتاج التشريعات وصون الحقوق والحريات، والدفع بعجلة إخراج مؤسسات إلى حيز الوجود ،وإعطاء الدستور فاعلية لمضامينه، والعمل على توفير الجو ليصبح ديمقراطيا تعدديا واعدا، وإرساء دولة المؤسسات والشرعية التي تبقى ثابتة كالجبل أمام كل الرياح وصون المكاسب والدستور..رجل السياسة هو الأمل في بناء أي أمة إلى حدود اليوم . علينا أن تذكر أنه قبل يومين ودع العالم "جاك شيراك " ،وعلينا استحضار مسيرة نصف قرن من "همة" مستشار إلى رئيس بلدية باريس، إلى مناصب كبرى.. إلى 12 عاما رئيسا للجمهورية الفرنسية، شهدت على يدي هذا الزعيم بالفعل تحولات كبرى لا يمكن أن يساهم فيها إلا سياسي محنك تلبسه القيم الأولى لما بعد عصور الاستنارة والتنوير.
وعلينا هنا بالتوقف قدر الإمكان للقول إلى أنه لا يمكن لمجتمع أن يتطور إلا بالسياسة والسياسيين .لأن ما يسمى le système هو مجموع المؤسسات التي تدير بلدا. بالنهاية هي مؤسسات سياسية ..حكومة برلمان وزراء مسؤولون وبالطبع الموظفون السامون ومؤسسات عمومية وما إلى ذلك.
خذ أي بلد فهو رهين بما يضعه السياسيون أمام أعينهم من أهداف لفائدة مجتمعهم عليهم تحقيقها، ما تنتجه اللجان والأغلبية والمعارضة والمرافعات والمشاورات والعلاقات داخل الحكومة والنقاش الأعلى والبروتوكولات والقوانين..لنخرج بنتيجة أن شيراك لم يكن "Ange ملكا" إنما ساهم بقدر كبير في تقدم بلاده، وإرساء جذور الجمهورية الخامسة، ومرور فرنسا إلى الوضع الحالي بدون أزمات مع جزء منها على فترات..68 ..ووداع الرجل كان لإخلاصه، لصداقاته وعلاقاته الإنسانية الطيبة، ومواقفه، وما أنتجته عبقريته على مستوى الحياة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية الفرنسية..وعلاقاتها بالجوار الأوروبي والإفريقي والكوني..عليكم أن تفهموا أن السياسيون هم كل شيء حتى ولو أصبنا ب"رهاب" هذا المتن .
عندما نعود إلى برلماني الرحامنة الذي سبق وأضرم النار بجسده بتاريخ 15 يونيو من العام 2017. فنحن أمام مهزلة نوعية في تاريخ علم السياسة بكل فتراتها .
وعليه نعود اليوم إلى طبيعة اختيار السياسيين ؟ هل جميعهم يتفهمون أدوارهم المجتمعية ؟ قدرتهم على صنع التأثير ؟ إمكانياتهم ؟ وسائلهم؟
فكرسي برلماني لا يعدو بالنهاية وصفة "استقوائية " على الضعفاء من أجل تحصين المكتسبات والاغتناء، والبقاء في البنى الفوقية سيدا، أو الصعود من البنية التحتية إلى أعلى والهروب من ساكنة القاعدة .
لا، الكرسي أكان برلمانيا أو كرسي جماعة أو مقاطعة أو جهة هو نتيجة" لطهرانية" سياسية مارسها سياسي بفعل أمواله أو بحب الناس إليه . وبين الفريقين هناك مسافة :
- مسافة أن يكون سياسي قد فاز بكرسي لأن الناس طلبوه إليه بحكم ما راكمه بينهم من أوجه العطاء وغزارة علمه وتاريخ أسرته وقوته وجرأته وشجاعته، لعلكم تذكرون لقاء مبارك بمتولي الشعرواي حينما قال له أن الكرسي يطلب المرء إليه ولا يطلبه ! لأن هناك فرقا كبيرا بين المعنيين..وقص عليه من أمر النمرود وإبراهيم الخليل.
- تم هناك من راهن بأمواله وجيوشه وزبانيته ليفوز بكرسي من أجل مصلحة شخصية أكثر منها مصالح عامة !
بالنتيجة ، ليس مهما أن تصبح قويا على رؤوس عباد مستضعفين وضعوا ثقتهم فيك من أجل الحضور اليومي بينهم وتغيب أبدا لا تحضر.. من أجل الترافع عنهم في قضايا الصحة والتعليم والأزمات والمحن والدواء، فالمجتمعات الإنسانية تطورت بهذه الصفات ب"التضامن "، أما أن يتخيل الفرد بكونه فاز بكرسي ورحل عن من وضعوه رهن إشارة تلك المكانة يعد ذكاءا فإنه مخطيء. هو خروج عن أدبيات الفعل السياسي والحكامة والأخلاق والقيم، والضمير الإنساني ..والمواطنة الحقة، والمضمون ووجاهة أن يكون الفرد ضمن قومه من وجهة نظر "تعاقدية تشاركية" وليس علاقة عبد وسيد.
أعتقد أنه غير مجدي أن يفوز فرد لا يشعر أنه ينتمي بالقطع إلى جماعة محلية بمنزلة اجتماعية ذات مضامين بالنسبة إليه لا يدخل في مشاركتها مع باقي الفاعلين ! على اعتبار أنه "جمال " اشترى الأصوات في "سوق البشرية" بما يملك ومن تم لا يحاسبه أحد عن رحيله وغيابه وظهوره إلا حينما يريد أو حينما تقترب السنة 2021، هو ذا يعد خداع كبير.
برلماني الرحامنة هذا الذي كان قد أضرم النار في جسده ترك للساكنة درسا "قيميا" ، وهو أن هناك فصلا بين الأسئلة الشفوية التي حاسب فيها وزير الصحة الحسين الوردي يوم الثلاثاء13/06/2017، وتابعته الساكنة من زاوية الإعجاب في سابقة من نوعها لبرلماني جاء محملا بمواضيع مجاله إلى البرلمان للترافع. إلا أن يوم الخميس، أي بعد يومين حرق أعضاءه، لأن الأمر تعلق "بملكوته" الخاص . هنا حالة "اسكيزوفرينية "؟ وزعت بين ما كان تابتا في قلبه اتجاه قضاياه، وما زحزح عن قلبه اتجاه قضايا العباد التي وقف فيها قائما هناك من أجل الاستهلاك الإعلامي لا غير.
أرجو أن تكون مساهماته على مستوى 17 دارا للطالب، بدجاجها وبيضها، ومساهماته في مجالات أخرى رياضية وثقافية وفنية وفلاحية، وتشغيل وما شابه لا تنفي عنه أن البرلمان مؤسسة لرفع قضايا الناس إلى الحكومة من أجل "المساندة النقدية" لجهود باقي المتدخلين الذين بالضرورة يحتاجون إلى دعمه ..وهم رؤساء الجماعات والعمال وغيرهم ، فهذا يسند ذاك من أجل مصلحة العباد التي هي الأولى في كل المقامات، وجر ما أمكن من المكتسبات للإقليم.
أعتقد أن التعامل ب"أيادي بيضاء" مع الجو العام الرحماني بشكل مناسباتي مقصود بحكم فضاعة الحاجة إلى تلك الأيادي لفقر المحيط ، لحماية المصلحة الخاصة ومباركتها، يحول السياسي إلى صاحب مزرعة والبقية ...، وهو أسلوب لا يتقاطع مع كرامة الإنسان المصونة بين سماء الأديان وأرض الدنيا، وأعتقد أن فعلة الخميس الأسود مست كبرياء الرحامنة إلى اليوم حتى ولو لم يعبروا عن ذلك، ولا يمكن أن يطفئها إلا سياسيون يتمتعون بقدر كاف من الحصافة الأخلاقية التبريرية ..فما حدث وما يحدث من اختباء البرلمانيين إلى حين لحظة الدخول إلى "المزرعة " مرة أخرى وتثمين (البشر) صادم .
ولن يكون يومهم الأخير كوداع شيراك، علينا أخذ العبرة فإننا ميتون غدا ..سيكون وداعا يوازي نفس الاحتقار الذي نمارسه من خلال الفهم القبلي لقضايا الناس على أنها "بلادة" اتجاه برلماني يتمتع بالحصانة لتحصين نفسه وأرزاقه وعليه فعل ذلك في قرارة نفسه، وإحراق نفسه في فديتها. ولو على أرض لا تصله بصلة إلا وقيعة وصمة العار ..
لا أقول عليكم باختيار الأجود غدا في الانتخابات لأنه بات مطلبا أساسيا تمليه مصلحة البلاد، والتعديل الحكومي الساري المفعول حاليا، وخروج الكثير من" النخب السياسية" المتعلمة لفائدة تيكنوقراط ذوو خبرة يضع كل الذين يصوتون غدا في مسؤولية أن ما لا يتغير قاعديا سيتغير رأسيا، لأن الدولة فطنت إلى كل شيء لا يتموضع بشكل جيد في أسفل هرم الحاجيات الإنسانية لدى المغاربة عليها بتعديله إلى الأفضل، إنما يبقى علينا سؤال من علينا اختياره غدا بهذا الإقليم ليمثلنا في كل مكان يوجد به كرسي ! حتى لو كان تواجده رمزيا إنما :
"النظرة في البركي وكعلا يجري".
نعيد اليوم في ما يشبه إعادة "تفكيك" للمفارقات العجيبة التي تحدث أحيانا في زمن ومكان محددين، فتصبح أفعال الفرد محسوبة على الجماعة ! أراد من أراد وكره من كره ...أو" عار الجماعة" المطلية ببعاره رغما عنها.
بحثت في تاريخ الرحامنة بعيد قرون، "التمظهرات" والتحولات التي طرأت على هذه القبيلة ، بين ظهور مفهوم "الفرد القوي" إلى مجيء الاستعمار، ونهاية هذه الأزمنة، وبداية ظهور المؤسسات إلى الراهن. ولم يرتبط في الوقائع والخيال العام بهذه الربوع إقدام سياسي على حرق نفسه لاعتبارات شخصية أو لتأبين الصراع بشكل غير مألوف، واستدرار عطف الجماعة أو ما تتناوله اليوم العلوم الاجتماعية في تقييمها لدوافع حرق الذات وقتل النفس خارج أحكام القضاء.
مر من هنا صراع الأفراد ..والتدافع المسنود بالإستقواء ثارة ونصرة جهة لصالح جهة في إطار لم يلغي الحكمة التي تدافع بواسطتها الجميع، حتى لحظات "الإنكسار الجماعي" التي عانت منها الساكنة هنا وهناك، لم يكن رد الفعل سلبي اتجاه المجال كالأرض" المغتصبة أو المسروقة أو ما شابه. تعامل الجميع بأنفة القبيلة و"ديمقراطية" الصراع، وانتهت كل التواريخ في سجلات الكتب يكتبها الدارسون إلى اليوم ..كذكرى للذاكرين .
الخميس الأسود بالرحامنة وحريق البرلماني يومها عد في السياق العام سلوكا غير مناسب ولا ضروري، والذين لاموا الرجل عل إيداء نفسه كان السؤال الذي يحركهم بشكل غير معبر عنه "ضمني " ..ماذا ترك هذا الذي يمثل (الأمة الرحمانية) لغيره من الذين استضعفوا لعقود من الزمن على هذه الأراضي؟ تم لماذا يحدث هذا مع إمكانية الترافع على ملف التعويضات التي كانت في حدود 8 مليارات داخل أروقة الحكومة ومكاتبها لرفعها أو لشيء من هذا القبيل، وأن لا شيء بعيد المنال بالنسبة لممثل للساكنة بأعظم مؤسسة دستورية بالبلاد.
نعيد هذه الذكرى لاستخلاص العبر فيما يقصد بالفعل السياسي والفاعلين السياسيين ؟ قدرتهم ؟ إمكانياتهم ؟ أدوارهم ؟
في الواقع ، يعد دور رجل السياسة مهم جدا في الحياة العامة للمجتمع، وهو من يترجم آهات الناس وظروف وشروط حياتهم، ورغبتهم في مزيد من التقدم والازدهار، ومن خلاله طبعا يتم إنتاج التشريعات وصون الحقوق والحريات، والدفع بعجلة إخراج مؤسسات إلى حيز الوجود ،وإعطاء الدستور فاعلية لمضامينه، والعمل على توفير الجو ليصبح ديمقراطيا تعدديا واعدا، وإرساء دولة المؤسسات والشرعية التي تبقى ثابتة كالجبل أمام كل الرياح وصون المكاسب والدستور..رجل السياسة هو الأمل في بناء أي أمة إلى حدود اليوم . علينا أن تذكر أنه قبل يومين ودع العالم "جاك شيراك " ،وعلينا استحضار مسيرة نصف قرن من "همة" مستشار إلى رئيس بلدية باريس، إلى مناصب كبرى.. إلى 12 عاما رئيسا للجمهورية الفرنسية، شهدت على يدي هذا الزعيم بالفعل تحولات كبرى لا يمكن أن يساهم فيها إلا سياسي محنك تلبسه القيم الأولى لما بعد عصور الاستنارة والتنوير.
وعلينا هنا بالتوقف قدر الإمكان للقول إلى أنه لا يمكن لمجتمع أن يتطور إلا بالسياسة والسياسيين .لأن ما يسمى le système هو مجموع المؤسسات التي تدير بلدا. بالنهاية هي مؤسسات سياسية ..حكومة برلمان وزراء مسؤولون وبالطبع الموظفون السامون ومؤسسات عمومية وما إلى ذلك.
خذ أي بلد فهو رهين بما يضعه السياسيون أمام أعينهم من أهداف لفائدة مجتمعهم عليهم تحقيقها، ما تنتجه اللجان والأغلبية والمعارضة والمرافعات والمشاورات والعلاقات داخل الحكومة والنقاش الأعلى والبروتوكولات والقوانين..لنخرج بنتيجة أن شيراك لم يكن "Ange ملكا" إنما ساهم بقدر كبير في تقدم بلاده، وإرساء جذور الجمهورية الخامسة، ومرور فرنسا إلى الوضع الحالي بدون أزمات مع جزء منها على فترات..68 ..ووداع الرجل كان لإخلاصه، لصداقاته وعلاقاته الإنسانية الطيبة، ومواقفه، وما أنتجته عبقريته على مستوى الحياة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية الفرنسية..وعلاقاتها بالجوار الأوروبي والإفريقي والكوني..عليكم أن تفهموا أن السياسيون هم كل شيء حتى ولو أصبنا ب"رهاب" هذا المتن .
عندما نعود إلى برلماني الرحامنة الذي سبق وأضرم النار بجسده بتاريخ 15 يونيو من العام 2017. فنحن أمام مهزلة نوعية في تاريخ علم السياسة بكل فتراتها .
وعليه نعود اليوم إلى طبيعة اختيار السياسيين ؟ هل جميعهم يتفهمون أدوارهم المجتمعية ؟ قدرتهم على صنع التأثير ؟ إمكانياتهم ؟ وسائلهم؟
فكرسي برلماني لا يعدو بالنهاية وصفة "استقوائية " على الضعفاء من أجل تحصين المكتسبات والاغتناء، والبقاء في البنى الفوقية سيدا، أو الصعود من البنية التحتية إلى أعلى والهروب من ساكنة القاعدة .
لا، الكرسي أكان برلمانيا أو كرسي جماعة أو مقاطعة أو جهة هو نتيجة" لطهرانية" سياسية مارسها سياسي بفعل أمواله أو بحب الناس إليه . وبين الفريقين هناك مسافة :
- مسافة أن يكون سياسي قد فاز بكرسي لأن الناس طلبوه إليه بحكم ما راكمه بينهم من أوجه العطاء وغزارة علمه وتاريخ أسرته وقوته وجرأته وشجاعته، لعلكم تذكرون لقاء مبارك بمتولي الشعرواي حينما قال له أن الكرسي يطلب المرء إليه ولا يطلبه ! لأن هناك فرقا كبيرا بين المعنيين..وقص عليه من أمر النمرود وإبراهيم الخليل.
- تم هناك من راهن بأمواله وجيوشه وزبانيته ليفوز بكرسي من أجل مصلحة شخصية أكثر منها مصالح عامة !
بالنتيجة ، ليس مهما أن تصبح قويا على رؤوس عباد مستضعفين وضعوا ثقتهم فيك من أجل الحضور اليومي بينهم وتغيب أبدا لا تحضر.. من أجل الترافع عنهم في قضايا الصحة والتعليم والأزمات والمحن والدواء، فالمجتمعات الإنسانية تطورت بهذه الصفات ب"التضامن "، أما أن يتخيل الفرد بكونه فاز بكرسي ورحل عن من وضعوه رهن إشارة تلك المكانة يعد ذكاءا فإنه مخطيء. هو خروج عن أدبيات الفعل السياسي والحكامة والأخلاق والقيم، والضمير الإنساني ..والمواطنة الحقة، والمضمون ووجاهة أن يكون الفرد ضمن قومه من وجهة نظر "تعاقدية تشاركية" وليس علاقة عبد وسيد.
أعتقد أنه غير مجدي أن يفوز فرد لا يشعر أنه ينتمي بالقطع إلى جماعة محلية بمنزلة اجتماعية ذات مضامين بالنسبة إليه لا يدخل في مشاركتها مع باقي الفاعلين ! على اعتبار أنه "جمال " اشترى الأصوات في "سوق البشرية" بما يملك ومن تم لا يحاسبه أحد عن رحيله وغيابه وظهوره إلا حينما يريد أو حينما تقترب السنة 2021، هو ذا يعد خداع كبير.
برلماني الرحامنة هذا الذي كان قد أضرم النار في جسده ترك للساكنة درسا "قيميا" ، وهو أن هناك فصلا بين الأسئلة الشفوية التي حاسب فيها وزير الصحة الحسين الوردي يوم الثلاثاء13/06/2017، وتابعته الساكنة من زاوية الإعجاب في سابقة من نوعها لبرلماني جاء محملا بمواضيع مجاله إلى البرلمان للترافع. إلا أن يوم الخميس، أي بعد يومين حرق أعضاءه، لأن الأمر تعلق "بملكوته" الخاص . هنا حالة "اسكيزوفرينية "؟ وزعت بين ما كان تابتا في قلبه اتجاه قضاياه، وما زحزح عن قلبه اتجاه قضايا العباد التي وقف فيها قائما هناك من أجل الاستهلاك الإعلامي لا غير.
أرجو أن تكون مساهماته على مستوى 17 دارا للطالب، بدجاجها وبيضها، ومساهماته في مجالات أخرى رياضية وثقافية وفنية وفلاحية، وتشغيل وما شابه لا تنفي عنه أن البرلمان مؤسسة لرفع قضايا الناس إلى الحكومة من أجل "المساندة النقدية" لجهود باقي المتدخلين الذين بالضرورة يحتاجون إلى دعمه ..وهم رؤساء الجماعات والعمال وغيرهم ، فهذا يسند ذاك من أجل مصلحة العباد التي هي الأولى في كل المقامات، وجر ما أمكن من المكتسبات للإقليم.
أعتقد أن التعامل ب"أيادي بيضاء" مع الجو العام الرحماني بشكل مناسباتي مقصود بحكم فضاعة الحاجة إلى تلك الأيادي لفقر المحيط ، لحماية المصلحة الخاصة ومباركتها، يحول السياسي إلى صاحب مزرعة والبقية ...، وهو أسلوب لا يتقاطع مع كرامة الإنسان المصونة بين سماء الأديان وأرض الدنيا، وأعتقد أن فعلة الخميس الأسود مست كبرياء الرحامنة إلى اليوم حتى ولو لم يعبروا عن ذلك، ولا يمكن أن يطفئها إلا سياسيون يتمتعون بقدر كاف من الحصافة الأخلاقية التبريرية ..فما حدث وما يحدث من اختباء البرلمانيين إلى حين لحظة الدخول إلى "المزرعة " مرة أخرى وتثمين (البشر) صادم .
ولن يكون يومهم الأخير كوداع شيراك، علينا أخذ العبرة فإننا ميتون غدا ..سيكون وداعا يوازي نفس الاحتقار الذي نمارسه من خلال الفهم القبلي لقضايا الناس على أنها "بلادة" اتجاه برلماني يتمتع بالحصانة لتحصين نفسه وأرزاقه وعليه فعل ذلك في قرارة نفسه، وإحراق نفسه في فديتها. ولو على أرض لا تصله بصلة إلا وقيعة وصمة العار ..
لا أقول عليكم باختيار الأجود غدا في الانتخابات لأنه بات مطلبا أساسيا تمليه مصلحة البلاد، والتعديل الحكومي الساري المفعول حاليا، وخروج الكثير من" النخب السياسية" المتعلمة لفائدة تيكنوقراط ذوو خبرة يضع كل الذين يصوتون غدا في مسؤولية أن ما لا يتغير قاعديا سيتغير رأسيا، لأن الدولة فطنت إلى كل شيء لا يتموضع بشكل جيد في أسفل هرم الحاجيات الإنسانية لدى المغاربة عليها بتعديله إلى الأفضل، إنما يبقى علينا سؤال من علينا اختياره غدا بهذا الإقليم ليمثلنا في كل مكان يوجد به كرسي ! حتى لو كان تواجده رمزيا إنما :
"النظرة في البركي وكعلا يجري".
بقلم : صبري يوسف
لست ربوت