في مشهدٍ سياسي نادرٍ، لم يشهد له العالم مثيلاً، يخوض الانتخابات أحد المرشحين الأربعة والعشرين لرئاسة تونس، اليوم الأحد 15 أيلول (سبتمبر)، وهو نبيل القروي، المسجون منذ 23 أغسطس (آب) 2019، فيما تراجع الآخر (سليم الرياحي) الذي قرر الترشح وهو في المنفى بفرنسا منذ غادر البلاد آخر مرّةٍ في تشرين الثاني (نوفمبر) 2018، وتلاحق الرجلين تهمٌ تتعلق بالفساد المالي وغسل الأموال.
وعشية دخول البلاد مرحلة "الصمت الانتخابي" أمس السبت، انسحب الرياحي ومحسن مرزوق، بشكل تكتيكي من السباق إلى قصر قرطاج، لصالح مرشح ثالث هو المرشح المستقل عبد الكريم الزبيدي. ودعيا إلى التصويت له.
ومع اقتراب موعد ثاني انتخاباتٍ رئاسيةٍ بطريقةٍ ديمقراطيةٍ في تاريخ البلاد، أُثيرت مخاوفٌ جديّةٌ في الأوساط الحقوقية والقانونية، من إمكانية فوز القروي بالرئاسة، والسيناريوهات المحتملة التي يمكن أن ترافق هذا الاحتمال، وما قد يسببه من مأزقٍ دستوري، في ظلّ الأحكام القضائية المتخذة في حقّه.
ووفق معلوماتٍ نشرتها وكالة الأناضول التركية، الخميس الماضي، فإنّ خمسة مرشحين هم الأقرب إلى قصر قرطاج يتصدرهم نبيل القروي، القابع في السجن بتهم الفساد وتبييض الأموال، وقيس سعيّد المرشح المستقل، إلى جانب مرشح حركة النهضة عبد الفتاح مورو، ووزير الدفاع عبد الكريم الزبيدي، المرشح المستقل المدعوم من حركة نداء تونس وحزب آفاق تونس، بجانب رئيس الحكومة الحالي يوسف الشاهد.
وتمنح نتائج استطلاعات رأي أجرتها مؤسّساتٌ خاصّةٌ، المرشّح نبيل القروي مراتب متقدّمة في نتائج الانتخابات.
وأضاف درويش في تصريحه لـ "حفريات"، أنّ التكهنات السياسية تذهب جميعها إلى تصنيف القروي ضمن الشخصيات التي ستحقق نتائج إيجابية في الدور الأول من الانتخابات الرئاسية، فيما يبقى المشهد غامضاً، ومفتوحاً على كلّ الاحتمالات حول هوية رئيس تونس القادم، وهو ما يميز انتخابات 2019 عن رئاسيات 2014، التي انحصرت منذ البداية بين الرئيس السابق المنصف المرزوقي، والرئيس الراحل الباجي قايد السبسي.
وقال البرينصي إنّه من السابق لأوانه الحديث عن فوز أحد ملاحق قضائياً، وأنّه علينا أن نثق في حسن اختيار الناخبين، معتبراً أنّ ما يحدث في تونس، سابقةً أحدثت جدلاً كبيراً محلياً وإقليمياً، رغم ما قد ينجرّ عنها من فراغٍ قانوني لا تتحمله هيئة الانتخابات.
بعثة الاتّحاد الأوروبي لمراقبة الانتخابات الرئاسية في تونس دخلت هي الأخرى على الخط، ودعت السّلطات التونسية لاحترام "مبدأ تكافؤ الفرص" من خلال تمكين نبيل القروي، المرشح البارز الموقوف بتهمة تبييض أموال، من القيام بحملته الانتخابية.
ودعا عددٌ من المختصين في القانون الدستوري إلى ضرورة الاستعداد لهذا الاحتمال، وعدم ترك الأمور للصدفة، حتّى لا يتحوّل "العرس الانتخابي"، كما يتفق التونسيون على تسميته، إلى أزمةٍ دستوريةٍ، قد تهدّد استقرار البلاد.
من جانبه، لفت الخبير في القانون الدستوري، عثمان بالحاج علي، في تصريحه لـ"حفريات"، إلى أنّ احتمال فوز نبيل القروي، سيخلق فراغاً دستورياً، ولن يحل إلاّ بالاجتهاد الخاص الذي سيقدّمه السياسيون الممثلون للمشهد التونسي، مرجّحاً إمكانية توظيف القضاء من أجل إصدار أحكامٍ نهائية، قد تسلب المرشح حقوقه السياسية والمدنية؛ لأنّ الأحكام الصادرة في حقّا أولّية، ولا تمنعه من ممارسة حقوقه السياسية.
وقال بالحاج عمر إنّ الدستور التونسي مازال جديداً، ولا يمكن التفطّن إلى هناته، إلاّ عبر الممارسة، مشيراً إلى تعدّد التأويلات حول كيفية أداء اليمين الدستورية، بسبب عدم وجود فصلٍ قانوني يحسم الأمر.
وعشية دخول البلاد مرحلة "الصمت الانتخابي" أمس السبت، انسحب الرياحي ومحسن مرزوق، بشكل تكتيكي من السباق إلى قصر قرطاج، لصالح مرشح ثالث هو المرشح المستقل عبد الكريم الزبيدي. ودعيا إلى التصويت له.
ومع اقتراب موعد ثاني انتخاباتٍ رئاسيةٍ بطريقةٍ ديمقراطيةٍ في تاريخ البلاد، أُثيرت مخاوفٌ جديّةٌ في الأوساط الحقوقية والقانونية، من إمكانية فوز القروي بالرئاسة، والسيناريوهات المحتملة التي يمكن أن ترافق هذا الاحتمال، وما قد يسببه من مأزقٍ دستوري، في ظلّ الأحكام القضائية المتخذة في حقّه.
نبيل القروي رئيساً
وكان نبيل القروي صاحب القناة التلفزيونية الخاصة "نسمة"، قد دخل غمار المنافسة بعد ترأسه جمعيّةٍ خيريةٍ، مكّنته من تحقيق انتشارٍ واسعٍ، في المناطق الريفية المعزولة والمهمشة والأحياء الشعبية الفقيرة، وبين المحرومين وكبار السنّ، وأكسبته تعاطفاً كبيراً، ليتحول فجأةً أباً لفقراء البلاد، حتّى أنّه شبّه نفسه في مرحلةٍ ما بالأم تيريزا في اهتمامه بهم.
وكان نبيل القروي صاحب القناة التلفزيونية الخاصة "نسمة"، قد دخل غمار المنافسة بعد ترأسه جمعيّةٍ خيريةٍ، مكّنته من تحقيق انتشارٍ واسعٍ، في المناطق الريفية المعزولة والمهمشة والأحياء الشعبية الفقيرة، وبين المحرومين وكبار السنّ، وأكسبته تعاطفاً كبيراً، ليتحول فجأةً أباً لفقراء البلاد، حتّى أنّه شبّه نفسه في مرحلةٍ ما بالأم تيريزا في اهتمامه بهم.
ووفق معلوماتٍ نشرتها وكالة الأناضول التركية، الخميس الماضي، فإنّ خمسة مرشحين هم الأقرب إلى قصر قرطاج يتصدرهم نبيل القروي، القابع في السجن بتهم الفساد وتبييض الأموال، وقيس سعيّد المرشح المستقل، إلى جانب مرشح حركة النهضة عبد الفتاح مورو، ووزير الدفاع عبد الكريم الزبيدي، المرشح المستقل المدعوم من حركة نداء تونس وحزب آفاق تونس، بجانب رئيس الحكومة الحالي يوسف الشاهد.
وتمنح نتائج استطلاعات رأي أجرتها مؤسّساتٌ خاصّةٌ، المرشّح نبيل القروي مراتب متقدّمة في نتائج الانتخابات.
المحلل السياسي شكيب درويش: المشهد التونسي غامضٌ ومفتوحٌ على كلّ الاحتمالات ولا يمكن التكهّن بهوية الرئيس القادم
القروي ليس بالمترشح الوحيد الذي بقي بعيداً عن الحملة، فرجل الأعمال سليم الرياحي المقيم بفرنسا منذ أواخر 2018 والملاحق قضائياً في قضايا تتعلق بتبييض أموالٍ هو الآخر يدير حملته عن بعد، قبل أن ينسجب، وكان يخاطب التونسيين عبر "السكايب" من وراء البحار، ويحضر بينهم أحياناً عبر تقنية "الهولوغرام"، باعتبار وجوده خارج البلاد بسبب ملاحقته في عددٍ من القضايا.
ويبدي المحلل السياسي شكيب درويش تخوّفه من أن يعاقب الناخب التونسي، الطبقة السياسية، بأن ينتخب سجيناً محكوماً بقضايا فسادٍ مالي، رئيساً له؛ لأنّ التونسيين يعيشون حالةً من الغضب والحقد تجاه السياسيين بسبب الأزمة الاقتصادية والاجتماعية التي عصفت بهم منذ عام 2011.
ويبدي المحلل السياسي شكيب درويش تخوّفه من أن يعاقب الناخب التونسي، الطبقة السياسية، بأن ينتخب سجيناً محكوماً بقضايا فسادٍ مالي، رئيساً له؛ لأنّ التونسيين يعيشون حالةً من الغضب والحقد تجاه السياسيين بسبب الأزمة الاقتصادية والاجتماعية التي عصفت بهم منذ عام 2011.
وأضاف درويش في تصريحه لـ "حفريات"، أنّ التكهنات السياسية تذهب جميعها إلى تصنيف القروي ضمن الشخصيات التي ستحقق نتائج إيجابية في الدور الأول من الانتخابات الرئاسية، فيما يبقى المشهد غامضاً، ومفتوحاً على كلّ الاحتمالات حول هوية رئيس تونس القادم، وهو ما يميز انتخابات 2019 عن رئاسيات 2014، التي انحصرت منذ البداية بين الرئيس السابق المنصف المرزوقي، والرئيس الراحل الباجي قايد السبسي.
هيئة الانتخابات تقبل ترشح القروي
وكان نبيل القروي قد أثار الجدل منذ تعبيره عن رغبته بالمشاركة في السباق الرئاسي، حتى إنّ عدداً مهماً من السياسيين، انتقد ترشحه وعارضه بسبب ترؤسه لجمعيةٍ خيريةٍ، وهو ما يتعارض مع الدستور التونسي، فيما اقترح رئيس الحكومة يوسف الشاهد مشروع قانونٍ يمنع أصحاب المؤسسات الإعلامية والخيرية من الترشح، ووافق البرلمان على ذلك، غير أنّ الرئيس التونسي الراحل لم يصادق عليه.
ورغم استمرار اعتقاله، فقد أعلن رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات التونسية نبيل بفون في 25 آب (أغسطس) الماضي، أنّ نبيل القروي مؤسس قناة "نسمة" التلفزيونية لا يزال يعتبر مرشحاً للانتخابات الرئاسية في البلاد رغم توقيفه بتهمة تبييض الأموال.
وكان نبيل القروي قد أثار الجدل منذ تعبيره عن رغبته بالمشاركة في السباق الرئاسي، حتى إنّ عدداً مهماً من السياسيين، انتقد ترشحه وعارضه بسبب ترؤسه لجمعيةٍ خيريةٍ، وهو ما يتعارض مع الدستور التونسي، فيما اقترح رئيس الحكومة يوسف الشاهد مشروع قانونٍ يمنع أصحاب المؤسسات الإعلامية والخيرية من الترشح، ووافق البرلمان على ذلك، غير أنّ الرئيس التونسي الراحل لم يصادق عليه.
ورغم استمرار اعتقاله، فقد أعلن رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات التونسية نبيل بفون في 25 آب (أغسطس) الماضي، أنّ نبيل القروي مؤسس قناة "نسمة" التلفزيونية لا يزال يعتبر مرشحاً للانتخابات الرئاسية في البلاد رغم توقيفه بتهمة تبييض الأموال.
المختص في القانون عثمان بالحاج عمر: احتمال فوز نبيل القروي سيخلق فراغاً دستورياً ولن يحل إلاّ بالاجتهاد الخاص
وأكد بفون، أنّ نبيل القروي "يبقى مترشحاً ويبقى اسمه مدرجاً في قائمة المترشحين الأولية ثم بقائمة المترشحين النهائية" الساعين للفوز بالرئاسة، متابعاً في تصريحاتٍ لإذاعة "موزاييك" الخاصة: "ما دامت متوفرة فيه شروط الترشح ولم يتغير شيءٌ في وضعيته وفي مركزه القانوني فإنّه مترشحٌ للانتخابات الرئاسية".
من جانبه، قال عضو هيئة الانتخابات عادل البرينصي في تصريحٍ لـ "حفريات"، إنّ الهيئة ستتعامل مع كافّة المترشحين بنفس الإجراءات، بمن فيهم نبيل القروي، طالما مازال يتمتع بحقوقه المدنية والسياسية، في ظلّ غياب حكمٍ تكميلي يحرمه منها، مشدّداً على أنّ هيئته لن تتدخل في عمل القضاء، وأنّه لا يجب تحميلها ما لا تحتمل.
من جانبه، قال عضو هيئة الانتخابات عادل البرينصي في تصريحٍ لـ "حفريات"، إنّ الهيئة ستتعامل مع كافّة المترشحين بنفس الإجراءات، بمن فيهم نبيل القروي، طالما مازال يتمتع بحقوقه المدنية والسياسية، في ظلّ غياب حكمٍ تكميلي يحرمه منها، مشدّداً على أنّ هيئته لن تتدخل في عمل القضاء، وأنّه لا يجب تحميلها ما لا تحتمل.
وقال البرينصي إنّه من السابق لأوانه الحديث عن فوز أحد ملاحق قضائياً، وأنّه علينا أن نثق في حسن اختيار الناخبين، معتبراً أنّ ما يحدث في تونس، سابقةً أحدثت جدلاً كبيراً محلياً وإقليمياً، رغم ما قد ينجرّ عنها من فراغٍ قانوني لا تتحمله هيئة الانتخابات.
بعثة الاتّحاد الأوروبي لمراقبة الانتخابات الرئاسية في تونس دخلت هي الأخرى على الخط، ودعت السّلطات التونسية لاحترام "مبدأ تكافؤ الفرص" من خلال تمكين نبيل القروي، المرشح البارز الموقوف بتهمة تبييض أموال، من القيام بحملته الانتخابية.
أزمةٌ دستورية
وتتقاطع التأويلات وتتناقض، بسبب عدم وجود نصٍ قانوني واضحٍ يحسم مسألة الإجراءات التي سيتم اتّباعها إن تمكن نبيل القروي من الفوز برئاسة الجمهورية وهو في السجن.
ويتخوف التونسيون من وقوع فراغٍ دستوري في حال حدوث ذلك؛ لأنّ الدستور التونسي لم يتعرض إلى مثل هذه الفرضيات، وهو ما سمح بوجود العديد من التأويلات، حسبما أكده المختص في القانون والمحلل السياسي شكيب درويش، الذي أشار في تصريحه لـ "حفريات"، إلى أنّ ما يحدث في تونس، أمرٌ مستجدٌ وغير متوقّعٍ؛ إذ إنّه لم يخطر ببال المشرّعين، حين كتبوا الدستور، واكتفوا بمعالجة بعض الاستثناءات كحالات الوفاة والمرض. وانتقد درويش ترشّح القروي لرئاسيات البلاد، إلى جانب ترشيح شقيقه للانتخابات البرلمانية.
وتتقاطع التأويلات وتتناقض، بسبب عدم وجود نصٍ قانوني واضحٍ يحسم مسألة الإجراءات التي سيتم اتّباعها إن تمكن نبيل القروي من الفوز برئاسة الجمهورية وهو في السجن.
ويتخوف التونسيون من وقوع فراغٍ دستوري في حال حدوث ذلك؛ لأنّ الدستور التونسي لم يتعرض إلى مثل هذه الفرضيات، وهو ما سمح بوجود العديد من التأويلات، حسبما أكده المختص في القانون والمحلل السياسي شكيب درويش، الذي أشار في تصريحه لـ "حفريات"، إلى أنّ ما يحدث في تونس، أمرٌ مستجدٌ وغير متوقّعٍ؛ إذ إنّه لم يخطر ببال المشرّعين، حين كتبوا الدستور، واكتفوا بمعالجة بعض الاستثناءات كحالات الوفاة والمرض. وانتقد درويش ترشّح القروي لرئاسيات البلاد، إلى جانب ترشيح شقيقه للانتخابات البرلمانية.
ودعا عددٌ من المختصين في القانون الدستوري إلى ضرورة الاستعداد لهذا الاحتمال، وعدم ترك الأمور للصدفة، حتّى لا يتحوّل "العرس الانتخابي"، كما يتفق التونسيون على تسميته، إلى أزمةٍ دستوريةٍ، قد تهدّد استقرار البلاد.
من جانبه، لفت الخبير في القانون الدستوري، عثمان بالحاج علي، في تصريحه لـ"حفريات"، إلى أنّ احتمال فوز نبيل القروي، سيخلق فراغاً دستورياً، ولن يحل إلاّ بالاجتهاد الخاص الذي سيقدّمه السياسيون الممثلون للمشهد التونسي، مرجّحاً إمكانية توظيف القضاء من أجل إصدار أحكامٍ نهائية، قد تسلب المرشح حقوقه السياسية والمدنية؛ لأنّ الأحكام الصادرة في حقّا أولّية، ولا تمنعه من ممارسة حقوقه السياسية.
وقال بالحاج عمر إنّ الدستور التونسي مازال جديداً، ولا يمكن التفطّن إلى هناته، إلاّ عبر الممارسة، مشيراً إلى تعدّد التأويلات حول كيفية أداء اليمين الدستورية، بسبب عدم وجود فصلٍ قانوني يحسم الأمر.
لست ربوت