( السلفية مصطلح كبير، وعباءة تحوي تحتها الكثير والكثير من المتدثرين بها، ومن المزاحمين لمن حولهم من أجل أن تبقى على قدّهم وحدهم. لكن السلفية منذ أن أُطلق مصطلحها (ولا ندري متى كان )، ومنذ أن بان ما يعنيه ذلك المصطلح، ومنذ أن تحددت حدوده العقائدية والمرجعية والمنهجية، منذ ذلك كله ومعروف أنها منهج وليست جماعة، وتيار وليست حزبا.
غير أنه في داخل هذا المنهج وهذا التيار يستطيع الباحث أن يرى فروقا عديدة بين اتجاهات عدة. وقد تكلم الباحثون كثيرا في هذا الأمر، وقسموا هذه السلفية العامة إلى سلفيات كثيرة، فذكروا السلفية العلمية، والسلفية الحركية، والسلفية الجهادية، والسلفية المدخلية، وغيرها... وهم في هذا يفصّلون في داخل التيار السلفي الذي أصبحت له في واقعنا المعاصر سمات مظهرية ومنهجية واضحة يتميز بها عن غيره من التيارات الإسلامية الأخرى. مع التأكيد هنا على أن كل التيارات الإسلامية الموجودة على الساحة أو جلها هي من السلفية بمكان، فالإخوان والسلف والتبليغ وأنصار السنة والصوفيون والجهاديون، كل هؤلاء في الحقيقة سلفيون، لا يستطيع أحد منهم أن يحتكر العنوان السلفي لنفسه وينفيه عن الآخرين. غير أن الباحثين عندما يفصلون في التمايزات داخل التيار السلفي، فإنهم يقصدون بذلك -كما قلنا- ذلك التيار الذي أصبح مشهورا بهذه التسمية، ويدل عليه مظهره وطريقته.
وهنا أحاول تقسيم ذلك التيار السلفي تقسيما جديدا، وذلك من واقع ما شهدناه من أحداث معاصرة، بان من خلالها تمايز في المواقف والتفسيرات والتأويلات، نستطيع منها أن نحدث ذلك التقسيم، الذي بت أرى أنه هو التقسيم الأولى في حق هذا التيار الكبير وهذه الفروع والأقسام في داخله.
أولا: سلفية الصادقين والنبلاء:
هؤلاء طائفة من السلفيين، صدقوا الله فصدقهم الله، فكانوا من أخلص الناس وأنبلهم وأثبتهم. صدقوا في طلب العلم فاجتهدوا فيه، ولم يقفوا على باب واحد من أبوابه أو مصدر واحد من مصادره أو طريقة واحدة من طرقه، فكانوا أبعد الناس عن التعصب وضيق الأفق. وصدقوا في إخلاصهم وغايتهم، فتعلموا العلم لا ليباهوا به العلماء، ولا ليماروا به السفهاء، ولا ليحوزوا به المجالس، فكانوا أبعد الناس عن الرياء والدخن. وقفوا مع الحق في معركته القائمة، وقوف من يرى المعركة معركته، ولا ينظر لها على أنها معركة لتيار إسلامي آخر له عليه بعض الملاحظات والمآخذ وبينهما قدر من التنافس والتغالب، وإنما أيقنوا من البداية أنها معركة بين الحق والباطل، فكانوا من أبناء الحق وأهله. وقد كان قادة وأبناء هذه الطائفة السلفية الصادقة النبيلة في الميادين والساحات مع إخوانهم ضد الظلم والجبروت خطوة بخطوة ويدا بيد.
ثانيا: سلفية العاجزين والجبناء:
وهؤلاء طائفة أخرى من السلفيين، عرفوا الحق وأهله واستبان لهم الباطل وحزبه، غير أنهم قد قعد بهم عجزهم وجبنهم عن مسايرة أهل الحق، فتأخروا فأخرهم الله، حتى يظن الظان أنهم قد جنحوا للباطل ومالوا إليه.. هم طائفة من السلفيين فتح الله عليهم في مجال الدعوة والإرشاد، فأصبحوا علامات ونجوما، غير أنهم في أي موقف سياسي أو قرار مصيري تراهم يتأرجحون بين هنا وهناك، ويترددون ويتذبذبون، فتراهم في نهاية الأمر لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء، يشبهون في ذلك رجال الأعراف يوم القيامة، غير أنهم إذا ما أصر المصنّف على تصنيفهم، فربما كان الأقرب له أن يرميهم في سلة أهل الباطل، وكفى بعجزهم وجبنهم سببا لذلك.
ثالثا: سلفية القاصرين والجهلاء:
أما هؤلاء فهم طائفة من السلفيين، قصرت بهم عقولهم وفهومهم، فغرقوا في ظلام الجهل يتخبطون، وهم يظنون مع ذلك أنهم أعلم الناس وأفطنهم. تراهم وهم يبحثون عن كل شاردة شاذة في مسائل العلم، فيجعلونها الأصل وما عداها باطل لا سند له، أو يوقفون أنفسهم على رأي واحد ومدرسة واحدة، ولا يتركون لغيرهم الحق في أن يكون لهم رأي مخالف أو اتجاه مغاير، بل يرمونهم بكل ما يستطيعونه من اتهامات الابتداع والمروق، لمجرد أنهم لم يوافقوهم في رأيهم واتجاههم. وفي المعركة الراهنة بين الحق والباطل، لا يتركون الفرصة إلا ويملؤونها بجهلهم، فيخرجون علينا بآرائهم الجاهلة عن الفتنة واجتنابها، والحكام المتغلبين ووجوب طاعتهم وعدم الخروج عليهم مهما كان منهم، وعدم مناصحتهم في العلن.
رابعا: سلفية الخائنين والعملاء:
أما عن هؤلاء، فهم أوباش السلفية، الذين ادعوها وهي منهم براء، فهم أبناء الدنيا الذين تعلقت بها عقولهم وقلوبهم، فبحثوا عن طرقها، فوجدوا طريقا جديدا آمنا هو طريق التمسح بالدين والدعوة، وهو طريق يوصل إلى الدنيا دون أدنى تعب وجهد، ولا يعرف حقيقتهم فيه أحد، بل يثني عليهم الجاهلون منخدعين بمظهرهم ودعاواهم. دائما ما يصطفون مع الباطل الظالم تحت دعاوى زائفة مزيفة، وفي كل عصر وفي كل موقف لهم تبريرهم لمواقفهم الخادعة الكاذبة. هم الخونة والعملاء الذين تتأكد خيانتهم وعمالتهم يوما بعد يوم وموقفا بعد موقف.
غير أنه في داخل هذا المنهج وهذا التيار يستطيع الباحث أن يرى فروقا عديدة بين اتجاهات عدة. وقد تكلم الباحثون كثيرا في هذا الأمر، وقسموا هذه السلفية العامة إلى سلفيات كثيرة، فذكروا السلفية العلمية، والسلفية الحركية، والسلفية الجهادية، والسلفية المدخلية، وغيرها... وهم في هذا يفصّلون في داخل التيار السلفي الذي أصبحت له في واقعنا المعاصر سمات مظهرية ومنهجية واضحة يتميز بها عن غيره من التيارات الإسلامية الأخرى. مع التأكيد هنا على أن كل التيارات الإسلامية الموجودة على الساحة أو جلها هي من السلفية بمكان، فالإخوان والسلف والتبليغ وأنصار السنة والصوفيون والجهاديون، كل هؤلاء في الحقيقة سلفيون، لا يستطيع أحد منهم أن يحتكر العنوان السلفي لنفسه وينفيه عن الآخرين. غير أن الباحثين عندما يفصلون في التمايزات داخل التيار السلفي، فإنهم يقصدون بذلك -كما قلنا- ذلك التيار الذي أصبح مشهورا بهذه التسمية، ويدل عليه مظهره وطريقته.
طائفة من السلفيين، عرفوا الحق وأهله واستبان لهم الباطل وحزبه، غير أنهم قد قعد بهم عجزهم وجبنهم عن مسايرة أهل الحق، فتأخروا فأخرهم الله، حتى يظن الظان أنهم قد جنحوا للباطل ومالوا إليه.. هم طائفة من السلفيين فتح الله عليهم. |
أولا: سلفية الصادقين والنبلاء:
هؤلاء طائفة من السلفيين، صدقوا الله فصدقهم الله، فكانوا من أخلص الناس وأنبلهم وأثبتهم. صدقوا في طلب العلم فاجتهدوا فيه، ولم يقفوا على باب واحد من أبوابه أو مصدر واحد من مصادره أو طريقة واحدة من طرقه، فكانوا أبعد الناس عن التعصب وضيق الأفق. وصدقوا في إخلاصهم وغايتهم، فتعلموا العلم لا ليباهوا به العلماء، ولا ليماروا به السفهاء، ولا ليحوزوا به المجالس، فكانوا أبعد الناس عن الرياء والدخن. وقفوا مع الحق في معركته القائمة، وقوف من يرى المعركة معركته، ولا ينظر لها على أنها معركة لتيار إسلامي آخر له عليه بعض الملاحظات والمآخذ وبينهما قدر من التنافس والتغالب، وإنما أيقنوا من البداية أنها معركة بين الحق والباطل، فكانوا من أبناء الحق وأهله. وقد كان قادة وأبناء هذه الطائفة السلفية الصادقة النبيلة في الميادين والساحات مع إخوانهم ضد الظلم والجبروت خطوة بخطوة ويدا بيد.
ثانيا: سلفية العاجزين والجبناء:
وهؤلاء طائفة أخرى من السلفيين، عرفوا الحق وأهله واستبان لهم الباطل وحزبه، غير أنهم قد قعد بهم عجزهم وجبنهم عن مسايرة أهل الحق، فتأخروا فأخرهم الله، حتى يظن الظان أنهم قد جنحوا للباطل ومالوا إليه.. هم طائفة من السلفيين فتح الله عليهم في مجال الدعوة والإرشاد، فأصبحوا علامات ونجوما، غير أنهم في أي موقف سياسي أو قرار مصيري تراهم يتأرجحون بين هنا وهناك، ويترددون ويتذبذبون، فتراهم في نهاية الأمر لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء، يشبهون في ذلك رجال الأعراف يوم القيامة، غير أنهم إذا ما أصر المصنّف على تصنيفهم، فربما كان الأقرب له أن يرميهم في سلة أهل الباطل، وكفى بعجزهم وجبنهم سببا لذلك.
أوباش السلفية، الذين ادعوها وهي منهم براء، فهم أبناء الدنيا الذين تعلقت بها عقولهم وقلوبهم، فبحثوا عن طرقها، فوجدوا طريقا جديدا آمنا هو طريق التمسح بالدين والدعوة، وهو طريق يوصل إلى الدنيا دون أدنى تعب وجهد. |
أما هؤلاء فهم طائفة من السلفيين، قصرت بهم عقولهم وفهومهم، فغرقوا في ظلام الجهل يتخبطون، وهم يظنون مع ذلك أنهم أعلم الناس وأفطنهم. تراهم وهم يبحثون عن كل شاردة شاذة في مسائل العلم، فيجعلونها الأصل وما عداها باطل لا سند له، أو يوقفون أنفسهم على رأي واحد ومدرسة واحدة، ولا يتركون لغيرهم الحق في أن يكون لهم رأي مخالف أو اتجاه مغاير، بل يرمونهم بكل ما يستطيعونه من اتهامات الابتداع والمروق، لمجرد أنهم لم يوافقوهم في رأيهم واتجاههم. وفي المعركة الراهنة بين الحق والباطل، لا يتركون الفرصة إلا ويملؤونها بجهلهم، فيخرجون علينا بآرائهم الجاهلة عن الفتنة واجتنابها، والحكام المتغلبين ووجوب طاعتهم وعدم الخروج عليهم مهما كان منهم، وعدم مناصحتهم في العلن.
رابعا: سلفية الخائنين والعملاء:
أما عن هؤلاء، فهم أوباش السلفية، الذين ادعوها وهي منهم براء، فهم أبناء الدنيا الذين تعلقت بها عقولهم وقلوبهم، فبحثوا عن طرقها، فوجدوا طريقا جديدا آمنا هو طريق التمسح بالدين والدعوة، وهو طريق يوصل إلى الدنيا دون أدنى تعب وجهد، ولا يعرف حقيقتهم فيه أحد، بل يثني عليهم الجاهلون منخدعين بمظهرهم ودعاواهم. دائما ما يصطفون مع الباطل الظالم تحت دعاوى زائفة مزيفة، وفي كل عصر وفي كل موقف لهم تبريرهم لمواقفهم الخادعة الكاذبة. هم الخونة والعملاء الذين تتأكد خيانتهم وعمالتهم يوما بعد يوم وموقفا بعد موقف.
لست ربوت