عندما تسأل أصدقاء عائلة عبد الرحيم بوعبيد عن السيدة التي ساندته في الظل طيلة مساره السياسي، فإن المعلومات بالكاد تكون يسيرة. ليس لأنه سرق منها الأضواء ولكن لأن نجاة بوزيد كانت تفضل أن تترك لزوجها مهمة تمثيل الأسرة الصغيرة سياسيا، حتى لو كانت علاقاتها مع كثير من المتعاطفين مع زوجها وطيدة.
تعود علاقة عبد الرحيم بوعبيد بزوجته نجاة بوزيد إلى فترة مبكرة من نضاله السياسي، الذي جعل اسمه يعتبر مؤسسا لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، وقبله الاتحاد الوطني للقوات الشعبية عند الانشقاق الشهير.
برع عبد الرحيم بوعبيد في إحاطة نفسه بهالة جعلت الجميع، حتى المقربين منه، يعرفون فيه بوعبيد السياسي أكثر من بوعبيد الإنسان. حتى أن كثيرين ممن قاسموه مواقفه السياسية خلال الخمسينات، قبل أزمات اليسار واختطاف المهدي بن بركة والتحولات الأخرى، لم يكونوا يعرفون أي شيء عن حياته الخاصة.
نجاة بوزيد من مواليد مدينة الفقيه بنصالح خلال بداية أربعينات القرن الماضي. درست بمراكش، لكنها فور وصولها للمرحلة الثانوية انتقلت إلى الرباط لتدرس الباكلوريا في ثانوية «لالة عائشة». انتقال السيدة نجاة إلى الرباط جاء بحكم عمل والدها الذي عين في الرباط، فكان عليها أن ترافق أسرتها إلى تجربة الأب الجديدة. والدها الذي كان موظفا بوزارة الصحة كان كثير التنقلات، لذلك كان المسار الدراسي لنجاة بوزيد غنيا، خصوصا أنها درست بداخلية تلك المؤسسات التعليمية سواء في الرباط أو مراكش. لأن العائلة كانت تستقر في مناطق لا تتوفر على مؤسسات بالمستويات التي كانت تتابع بها نجاة دراستها. وهكذا عاشت تجربة الدراسة والانضباط داخل «الداخليات» وكان عليها أن ترحل لتمضي نهاية الأسبوع والعطل مع أسرتها التي استقرت في سيدي رحال، أو في الرباط. كانت نجاة شابة في أسرة كثيرة الأفراد، داخل بيت يضم عشرة إخوة بالإضافة إلى الوالد والوالدة، وهذا الأمر جعل من توفير مصاريف دراستها وإخوتها مهمة صعبة لرب الأسرة.
قصة لقاء نجاة بعبد الرحيم بوعبيد تعود إلى سنة 1958، وبالضبط في ماي، حيث كان عبد الرحيم موجودا داخل بيت زوج أختها، وكان صديقا له. هذا الصديق هو عبد الرحمن بن نبي، الذي كانت تربطه بأسرة السيدة نجاة علاقة وطيدة، إذ بعد مدة على تعيينه سفيرا للمغرب في لبنان، عين والد نجاة بوزيد سكرتيرا بالسفارة، وهو ما جعل الأسرة ترحل إلى لبنان بحكم عمل الوالد. لكن قبل أن تنتقل أسرتها إلى مقر العمل الجديد للوالد في بيروت، كان عبد الرحيم بوعبيد قد بادر إلى إقامة حفل الخطوبة، على أن يعقدا قرانهما لاحقا.
لم تمض إلا مدة قصيرة على الخطوبة حتى خرج عبد الرحيم بوعبيد من الحكومة وقتها، ليلتحق بخطيبته وعائلتها في لبنان ويعقدا قرانهما هناك بحضور أفراد من العائلتين. بعد أيام قليلة على الزفاف في بيروت، قرر عبد الرحيم بوعبيد أن يصطحب زوجته إلى إيطاليا ليقضيا شهر العسل، وهناك التقيا المهدي المنجرة الذي كان يقضي في الفترة نفسها شهر العسل رفقة زوجته.
المثير أن زوجة عبد الرحيم بوعبيد لم تشتغل إلا بعد زواجها من الزعيم الاتحادي. وفتحت روضا للأطفال، وكانت تعتبره دارا للإحسان أكثر منه روض أطفال، لأن أكثر من نصف عدد التلاميذ كانوا يدرسون مجانا لأن أولياء أمورهم لم يكونوا قادرين على دفع الأجرة الشهرية للسيدة نجاة.
لم يكن عبد الرحيم بوعبيد قادرا على تحمل مصاريف العائلة وحده، لذلك بادرت زوجته إلى الاشتغال، وأمام العجز الذي كانت تعاني منه نجاة نظرا لأن أولياء الأمور كانوا عاجزين عن الدفع تماما، وجدت نفسها سنة 1978 مضطرة لإغلاق الروض نهائيا، بعد ثماني سنوات متواصلة من التدريس في ظروف صعبة.
هذا وزعمت بعض المصادر الصحفية التي تحدثت إليها «الأخبار»، أن السيدة نجاة كانت تهم بكتابة مذكرات غير مسبوقة ترتبط بعلاقتها بواحد من أكثر السياسيين المغاربة إثارة للجدل بحكم علاقته المتوترة مع الملك الحسن الثاني والماضي السياسي الذي جمع الرجلين معا، منذ السنوات الأولى لحصول المغرب على الاستقلال. لكن هذا الكلام راج منذ مدة طويلة بدا من خلالها أن نجاة ظلت معنية بالوقوف خلف عبد الرحيم بوعبيد، خصوصا في الأزمات السياسية التي مر بها، وأبرزها أزمة البيان التاريخي الذي أصدره الحزب بخصوص موقفه من الاستفتاء، وهو ما جعل بوعبيد يعيش تجربة السجن بعد أن كان مرتبطا لديه بالمقاومة، ليجد نفسه، بعد أن تقلب في المسؤوليات داخل الدولة ومثل حزبه في البرلمان، داخل تجربة سجن غير مسبوقة.
عاشت نجاة بوزيد مع عبد الرحيم بوعبيد أطوار اعتقاله من بيته في تلك الأمسية، بعد أقل من 24 ساعة إلى إصدار البلاغ الذي كان بوعبيد متخوفا بشأنه، وقد أسر لزوجته يومها أن البلاغ من شأنه أن يثير حساسيات كثيرة، وتوقع ألا يعجب موقفه تصور الملك الحسن الثاني وقتها.
لم تكن أحاسيس عبد الرحيم بوعبيد نابعة من فراغ، فحتى زوجته نجاة بوزيد توقعت أن يجر عليه البيان كثيرا من المتاعب. لكنها لم تتحدث لأحد عن كواليس الترقب الذي دخل فيه عبد الرحيم بوعبيد قبل اعتقاله الشهير والتذمر الكبير الذي خلفته الواقعة في أوساط السياسيين والبرلمانيين المغاربة، خصوصا وأن أغلبهم لم يكونوا قادرين على التفكير حتى في التعبير عن رفضهم لاعتقال عبد الرحيم بوعبيد. كان عليها أن تنتظر إلى ما بعد وفاته، وبالضبط سنة 1994، لتتحدث عن الأمر لأحد المنابر الإعلامية المتعاطفة مع الحزب وقتها، وتقول إن عبد الرحيم لم يتناول عشاءه يومها وقلت شهيته طيلة تلك الأيام، إلى أن سمعت الأسرة طرقا عنيفا على الباب في تلك الليلة التي تلت صدور البيان، ليخرج بوعبيد حافيا للقاء رجال كانوا واقفين أمام البيت لينتشلوه بعنف رغم محاولات كثيرة لوقفهم ومطالبتهم بالإدلاء بوثائقهم المهنية قبل مباشرة الاعتقال.
خرج منها بوعبيد سالما، وعاش بعدها سنوات قبل رحيله سنة 1992، ليترك نجاة بوزيد لتكمل مسارا بدآه معا قبل عقود خلت.
ظهرت نجاة بوزيد في رسالة مصورة قبل أيام، خلال الحملة الانتخابية، وهو الأمر الذي استحسنه الكثيرون ممن رأوا في خروجها إعلاميا، ولو باحتشام، تذكارا جميلا عن حياة عبد الرحيم بوعبيد، لتعبر في الرسالة عن دعمها لعمر بلا فريج خلال الاستحقاقات الأخيرة.
تعود علاقة عبد الرحيم بوعبيد بزوجته نجاة بوزيد إلى فترة مبكرة من نضاله السياسي، الذي جعل اسمه يعتبر مؤسسا لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، وقبله الاتحاد الوطني للقوات الشعبية عند الانشقاق الشهير.
برع عبد الرحيم بوعبيد في إحاطة نفسه بهالة جعلت الجميع، حتى المقربين منه، يعرفون فيه بوعبيد السياسي أكثر من بوعبيد الإنسان. حتى أن كثيرين ممن قاسموه مواقفه السياسية خلال الخمسينات، قبل أزمات اليسار واختطاف المهدي بن بركة والتحولات الأخرى، لم يكونوا يعرفون أي شيء عن حياته الخاصة.
نجاة بوزيد من مواليد مدينة الفقيه بنصالح خلال بداية أربعينات القرن الماضي. درست بمراكش، لكنها فور وصولها للمرحلة الثانوية انتقلت إلى الرباط لتدرس الباكلوريا في ثانوية «لالة عائشة». انتقال السيدة نجاة إلى الرباط جاء بحكم عمل والدها الذي عين في الرباط، فكان عليها أن ترافق أسرتها إلى تجربة الأب الجديدة. والدها الذي كان موظفا بوزارة الصحة كان كثير التنقلات، لذلك كان المسار الدراسي لنجاة بوزيد غنيا، خصوصا أنها درست بداخلية تلك المؤسسات التعليمية سواء في الرباط أو مراكش. لأن العائلة كانت تستقر في مناطق لا تتوفر على مؤسسات بالمستويات التي كانت تتابع بها نجاة دراستها. وهكذا عاشت تجربة الدراسة والانضباط داخل «الداخليات» وكان عليها أن ترحل لتمضي نهاية الأسبوع والعطل مع أسرتها التي استقرت في سيدي رحال، أو في الرباط. كانت نجاة شابة في أسرة كثيرة الأفراد، داخل بيت يضم عشرة إخوة بالإضافة إلى الوالد والوالدة، وهذا الأمر جعل من توفير مصاريف دراستها وإخوتها مهمة صعبة لرب الأسرة.
قصة لقاء نجاة بعبد الرحيم بوعبيد تعود إلى سنة 1958، وبالضبط في ماي، حيث كان عبد الرحيم موجودا داخل بيت زوج أختها، وكان صديقا له. هذا الصديق هو عبد الرحمن بن نبي، الذي كانت تربطه بأسرة السيدة نجاة علاقة وطيدة، إذ بعد مدة على تعيينه سفيرا للمغرب في لبنان، عين والد نجاة بوزيد سكرتيرا بالسفارة، وهو ما جعل الأسرة ترحل إلى لبنان بحكم عمل الوالد. لكن قبل أن تنتقل أسرتها إلى مقر العمل الجديد للوالد في بيروت، كان عبد الرحيم بوعبيد قد بادر إلى إقامة حفل الخطوبة، على أن يعقدا قرانهما لاحقا.
لم تمض إلا مدة قصيرة على الخطوبة حتى خرج عبد الرحيم بوعبيد من الحكومة وقتها، ليلتحق بخطيبته وعائلتها في لبنان ويعقدا قرانهما هناك بحضور أفراد من العائلتين. بعد أيام قليلة على الزفاف في بيروت، قرر عبد الرحيم بوعبيد أن يصطحب زوجته إلى إيطاليا ليقضيا شهر العسل، وهناك التقيا المهدي المنجرة الذي كان يقضي في الفترة نفسها شهر العسل رفقة زوجته.
المثير أن زوجة عبد الرحيم بوعبيد لم تشتغل إلا بعد زواجها من الزعيم الاتحادي. وفتحت روضا للأطفال، وكانت تعتبره دارا للإحسان أكثر منه روض أطفال، لأن أكثر من نصف عدد التلاميذ كانوا يدرسون مجانا لأن أولياء أمورهم لم يكونوا قادرين على دفع الأجرة الشهرية للسيدة نجاة.
لم يكن عبد الرحيم بوعبيد قادرا على تحمل مصاريف العائلة وحده، لذلك بادرت زوجته إلى الاشتغال، وأمام العجز الذي كانت تعاني منه نجاة نظرا لأن أولياء الأمور كانوا عاجزين عن الدفع تماما، وجدت نفسها سنة 1978 مضطرة لإغلاق الروض نهائيا، بعد ثماني سنوات متواصلة من التدريس في ظروف صعبة.
هذا وزعمت بعض المصادر الصحفية التي تحدثت إليها «الأخبار»، أن السيدة نجاة كانت تهم بكتابة مذكرات غير مسبوقة ترتبط بعلاقتها بواحد من أكثر السياسيين المغاربة إثارة للجدل بحكم علاقته المتوترة مع الملك الحسن الثاني والماضي السياسي الذي جمع الرجلين معا، منذ السنوات الأولى لحصول المغرب على الاستقلال. لكن هذا الكلام راج منذ مدة طويلة بدا من خلالها أن نجاة ظلت معنية بالوقوف خلف عبد الرحيم بوعبيد، خصوصا في الأزمات السياسية التي مر بها، وأبرزها أزمة البيان التاريخي الذي أصدره الحزب بخصوص موقفه من الاستفتاء، وهو ما جعل بوعبيد يعيش تجربة السجن بعد أن كان مرتبطا لديه بالمقاومة، ليجد نفسه، بعد أن تقلب في المسؤوليات داخل الدولة ومثل حزبه في البرلمان، داخل تجربة سجن غير مسبوقة.
عاشت نجاة بوزيد مع عبد الرحيم بوعبيد أطوار اعتقاله من بيته في تلك الأمسية، بعد أقل من 24 ساعة إلى إصدار البلاغ الذي كان بوعبيد متخوفا بشأنه، وقد أسر لزوجته يومها أن البلاغ من شأنه أن يثير حساسيات كثيرة، وتوقع ألا يعجب موقفه تصور الملك الحسن الثاني وقتها.
لم تكن أحاسيس عبد الرحيم بوعبيد نابعة من فراغ، فحتى زوجته نجاة بوزيد توقعت أن يجر عليه البيان كثيرا من المتاعب. لكنها لم تتحدث لأحد عن كواليس الترقب الذي دخل فيه عبد الرحيم بوعبيد قبل اعتقاله الشهير والتذمر الكبير الذي خلفته الواقعة في أوساط السياسيين والبرلمانيين المغاربة، خصوصا وأن أغلبهم لم يكونوا قادرين على التفكير حتى في التعبير عن رفضهم لاعتقال عبد الرحيم بوعبيد. كان عليها أن تنتظر إلى ما بعد وفاته، وبالضبط سنة 1994، لتتحدث عن الأمر لأحد المنابر الإعلامية المتعاطفة مع الحزب وقتها، وتقول إن عبد الرحيم لم يتناول عشاءه يومها وقلت شهيته طيلة تلك الأيام، إلى أن سمعت الأسرة طرقا عنيفا على الباب في تلك الليلة التي تلت صدور البيان، ليخرج بوعبيد حافيا للقاء رجال كانوا واقفين أمام البيت لينتشلوه بعنف رغم محاولات كثيرة لوقفهم ومطالبتهم بالإدلاء بوثائقهم المهنية قبل مباشرة الاعتقال.
خرج منها بوعبيد سالما، وعاش بعدها سنوات قبل رحيله سنة 1992، ليترك نجاة بوزيد لتكمل مسارا بدآه معا قبل عقود خلت.
ظهرت نجاة بوزيد في رسالة مصورة قبل أيام، خلال الحملة الانتخابية، وهو الأمر الذي استحسنه الكثيرون ممن رأوا في خروجها إعلاميا، ولو باحتشام، تذكارا جميلا عن حياة عبد الرحيم بوعبيد، لتعبر في الرسالة عن دعمها لعمر بلا فريج خلال الاستحقاقات الأخيرة.
لست ربوت