جيش التحرير… تاريخ مجهول وأسئلة معلقة بقلم عبدالله الكوزي

إعلان الرئيسية

الصفحة الرئيسية جيش التحرير… تاريخ مجهول وأسئلة معلقة بقلم عبدالله الكوزي

جيش التحرير… تاريخ مجهول وأسئلة معلقة بقلم عبدالله الكوزي

تصفية جيش التحرير كان وفق مخطط وضع ملامحه والي أمن فرنسي
ما زال جزء كبير من تاريخ جيش التحرير المغربي مجهولا، وما زالت الأسئلة عالقة في ظل شح البحوث المنجزة في هذا الصدد، واختلاف الروايات الواردة في مذكرات بعض القادة والزعماء الذين شاركوا في هذه الملحمة . كيف تأسس هذا الجيش؟ لماذا انزعج السياسيون الوطنيون من العمليات المسلحة؟ لماذا دعمته الحكومة ثم قامت بتفكيكه؟ من قتل قائده عباس المساعدي؟ ما هو الدور الذي لعبه المحجوبي أحرضان وعبد الكريم الخطيب في حل جيش التحرير؟
في موضوع جيش التحرير، نعثر على مناطق رمادية كثيرة، بين الوطنية وخدمة الوطن ومحاربة المحتل وتحرير الثغور التي يشملها الاستقلال، وبين الخيانة والتخوين والتقاتل والاحتراب الداخلي خيط بسيط. جيش التحرير المغربي هو مجموعة عسكرية لتحرير المغرب من الاحتلال الأجنبي.
في عام 1956، بدأت وحدات من الجيش التطوعي المغربي تتسلل إلى سيدي إيفني وغيرها من الجيوب الإسبانية في المملكة المغربية، فضلا عن الصحراء المغربية. في البداية، لاقت قوات التحرير مساندة مهمة من الحكومة المغربية، التي كانت حديثة عهد بالاستقلال.
وفي الأقاليم الجنوبية المغربية، تجمع الجيش والقبائل الصحراوية على طول الطريق، وأدت إلى تمرد واسع النطاق. وفي أوائل 1958، أحدث الملك محمد الخامس تنظيم جيش التحرير القتالي في الصحراء ووصفه بـ “جيش التحرير الصحراوي المغربي”.
 وفي سنة 1958 تعرضت الثورة في الصحراء المغربية إلى هجوم من القوات الفرنسية الإسبانية المُشتركة، ثم وقع محمد الخامس اتفاقا مع إسبانيا، حيث أعادت هذه الأخيرة إقليم طرفاية إلى المغرب.
في هذه الأثناء تم استيعاب جزء من جيش التحرير في القوات المسلحة المغربية، والجزء الآخر ظل يُكافح من أجل استقلال الجنوب المغربي، غير أن تطور الأحداث سيسير في اتجاه الصدام والتخلص من جيش التحرير. ففي 22 يونيو سنة 1957  تم اختطاف عباس المساعدي أحد قادة جيش التحرير الوطني بالشمال، وسيتم العثور على جثته بعد ذلك، وفي نهاية غشت من السنة ذاتها تم حل جيش التحرير للشمال، والتحاق عناصره بالقوات المسلحة الملكية، وفي شهري يناير وفبراير يقوم جيش التحرير للجنوب بعمليات مختلفة بطرفاية وبالحدود الجزائرية الموريتانية، لكن ما هي خلفيات الاعتقالات واسعة النطاق للاتحاديين وأعضاء جيش التحرير بتهمة محاولة اغتيال ولي العهد؟ وهل لها علاقة بحل جيش التحرير الجنوب؟
أقرّ المقاوم محمد بن حمو، في شرحه لتفاصيل حل جيش التحرير، أنه عندما اجتمع قادة هذا الجيش مع ولي العهد، في منزل أحرضان، كان عدد أفراد جيش التحرير لا يتجاوز 3000 فرد، غير أنه عندما تم تشكيله في الصحراء وصل عدد جنوده إلى 12 ألف فرد، مع احتساب جيش التحرير بالمغرب الشرقي الذي كان يضم 4000 جندي تقريبا.
وكان هذا الجيش، الذي يقوده محمد الفكيكي بوراس، يساند بقوة وحماس كبيرين الثورة الجزائرية. أما جيش التحرير في الجنوب فكان يقوده محمد بن حمو المسفيوي، وكانت قيادته على المستوى السياسي تتكون من  محمد بنسعيد أيت يدر وعمر المسفيوي، وكاتب القيادة العليا هو محمد باهي.
وانعقد الاجتماع في بيت المحجوبي أحرضان، لأنه كان حينها عاملا على الرباط، كما كان على علاقة وثيقة بقادة جيش التحرير، بحكم أن غالبيتهم كانت تتحدر من منطقة زمور الخاضعة لتراب نفوذه عاملا. ووقع الاجتماع في بيته بحضور ولي العهد وإدريس المحمدي، وزير الداخلية. آنذاك، كان الملك الراحل محمد الخامس يقول باستمرار: “إنني لا أريد مشاكل مع جيش التحرير”، لكن كان هناك مخطط يحاك في السر ضد جيش التحرير وأعضائه، إلى أن تم حله ببويزكارن يوم 3 مارس 1959.
مؤامرة تصفية المقاومين وأعضاء جيش التحرير
يذهب المقاوم محمد بن حمو القيادي السابق إلى القول، إن تصفية المقاومين وأعضاء جيش التحرير ورموز المقاومة، كانت وفق مخطط محبوك وضع ملامحه “أندري لوي دي بوا” الذي كان واليا للأمن في باريس، وقد وضع هذا المسؤول الفرنسي مخططا لتصفية جيش التحرير وتصفية المقاومين، خاصة أن الظروف السياسية بالبلاد، كانت تغلي آنذاك، إذ وقع الانشقاق داخل حزب الاستقلال بقيادة بنبركة والفقيه البصري وتكوين الجامعات المتحدة لحزب الاستقلال.
لقد كان هناك مخطط مدروس مفاده أن أي شخص يتبنى ويحمل أفكارا ثورية يجب أن يزاح من الطريق.
وقد لعب أحرضان والخطيب دورا كبيرا في هذه العملية، حيث استغل أحرضان موقعه عاملا واستغل أيضا علاقاته بأعضاء جيشا التحرير المنتمين إلى قبائل زمور وزيان.
واستغل الخطيب علاقته بجيش التحرير وعلاقته بالقصر أيضا لحبك مؤامرة “اغتيال ولي العهد”، ليتم الهجوم على أعضاء المقاومة وجيش التحرير، وبعدها يتم جمع عناصر هذا الجيش في منزل أحرضان لإقناعهم بوضع السلاح، وهي مؤامرة خلقت مشاكل متعددة للمغرب، فلو استمر جيش التحرير في مهامه، لتم استرجاع الأقاليم الشرقية من الصحراء والتي ضاعت في خضم الصراع على الزعامة، وهي مناطق كانت فرنسا تتعامل معها بطريقة خاصة ولم تحسبها في أي يوم من الأيام على الجزائر، وهي منطقة غنية بالنفط والغاز.

التصنيفات:
تعديل المشاركة
Back to top button