نهاية الجنرال أحمد الدليمي
في مساء يوم 25 يناير سنة 1983 بث التلفزيون المغربي خبر مصرع الجنرال أحمد الدليمي اثر حادث سير في أحد شوارع مدينة مراكش.. الرواية الرسمية تشير بأن الدليمي توفي بعد اصطدام شاحنة بالسيارة التي يقودها، وفارق الحياة للتو.. هكذا كانت نهاية الجنرال أحمد الدليمي في وسائل الإعلام الرسمية.. "حادث سير عادي على غرار ما يزهق من الأرواح في حرب الطرق، ويا آسفاه على الجنرال ونهايته الحزينة".. كان ذلك ما يدور من أحاديث بين عامة الشعب حول موت الدليمي.. إلا أن فئة أخرى تساءلت هل كان وفاة الجنرال بفعل فاعل؟ هل لقي التلميذ مصير الأستاذ وتجرع السم من نفس الكأس الذي أسقاه بيده لمحمد أوفقير ذات ليلة أغسطس؟
هل قتل الجنرال ؟
إلى هنا نفتح صفحة أخرى.. بل صفحات ومجلدات لتقفي آثار حادث سير يبدو أنه دبر في الليل.. وفي اللحظة التي ننقض فيها الرواية الرسمية ؛ تسقط علينا الأسئلة زخات : من كان في مصلحته تغييب أحمد الدليمي من المشهد المغربي؟. نقف عند هذا الإستفهام لنطرق أبواب ماضي الدليمي.. حيث يشير البعض بأنه لم يكن يحبذ يوما سيطرة الفاسين (أبناء مدينة فاس) على المناصب المهمة في البلد منذ أن كان تلميذا في المدرسة العسكرية، ولم يكن على وفاق مع زملائه التلاميذ من أهل فاس.. وعندما كبر شأن الدليمي تشكلت له عقدة وحقد اتجاه هؤلاء الفاسين، فكان يذوقوا لبعضهم الإهانات، إلى درجة جعله يأمر الجنرال بناني وهو كذلك من النخبة الفاسية، بأن يحزم بالحزام ويرقص أمامه !. وكذلك بدله الفاسين المشاعر.. حتى بدأ الدليمي يشك في نزاهتهم، الشيء الذي جعله يكلف وحدة وحدة من المخابرات لتجسس على بعض الشخصيات، فجمع معلومات في غاية السرية، حتى توصل بأن عدة وزاء ورجال أعمال من مدينة فاس قد قاموا بتهريب مبالغ ضخمة خارج البلد، آنئذ سارع الدليمي وأعلم الملك الحسن الثاني عن ما قام به أبناء فاس، وبذلك ضغط الملك على هؤلاء فأرجعوا كل المبالغ المهربة وتم عقاب الكثير منهم.. فكان واضحا بأن بقاء الدليمي على قيد الحياة يشكل خطرا على النخبة الفاسية، ومن ضمنهم وزير الداخلية والرجل الصلد في البلد إدريس البصري؛ فسارع الفاسيين إلى حبك خيوط الموت والنيل من أحمد الدليمي.. فكان المشهد كما رويناه سلفا في حادث سير.
الرواية الثانية تضع أحمد الدليمي في ثوب النرجسية ، وبأن الرجل قد نال منه هذاء العظمة؛ فخيل له بأن شخصه هو الأمر الناهي في المملكة، وبالأخص بعد نجاحاته في ملف الصحراء؛ فبدأ يتأخر عن مواعده مع الملك أو يغيب حتى، ولم يعد ذلك العسكري الطائع للأوامر، وهو يخرج عن السرب رويدا روبدا.. الأمر الذي لم يعجب المقرابين من الملك فقرروا التخلص منه.
الرواية الثالثة تعيدنا إلى الماضي وزمن الانقلابات الفاشلة، ولم يخرج الجنرال أحمد الدليمي عن ملة من سبقوه، إلا أنه لم يصل إلى التنفيذ وضبط أثناء التخطيط؛ حيث إلتقطت له المخابرات الأمريكية شريطا مصورا أثناء تواجده بمدينة واشنطن رفقة معارضين مغاربة وهم بصدد قلب الحكم في المغرب.. حملت المخابرات الأمريكية الشريط المصور إلى الملك الحسن الثاني في حذر شديد كون الدليمي يملك شبكة معلوماتية رهيبة داخل أسوار المملكة.. الشريط كان دليل قاطع بتورط أحمد الدليمي في انقلاب جديد آت قريب.. وبذلك تم التخلص من الجنرال قبل أن يبدأ في تنفيذ مخطاطاته.
(كلمة)
في مساء يوم 25 يناير سنة 1983 بث التلفزيون المغربي خبر مصرع الجنرال أحمد الدليمي اثر حادث سير في أحد شوارع مدينة مراكش.. الرواية الرسمية تشير بأن الدليمي توفي بعد اصطدام شاحنة بالسيارة التي يقودها، وفارق الحياة للتو.. هكذا كانت نهاية الجنرال أحمد الدليمي في وسائل الإعلام الرسمية.. "حادث سير عادي على غرار ما يزهق من الأرواح في حرب الطرق، ويا آسفاه على الجنرال ونهايته الحزينة".. كان ذلك ما يدور من أحاديث بين عامة الشعب حول موت الدليمي.. إلا أن فئة أخرى تساءلت هل كان وفاة الجنرال بفعل فاعل؟ هل لقي التلميذ مصير الأستاذ وتجرع السم من نفس الكأس الذي أسقاه بيده لمحمد أوفقير ذات ليلة أغسطس؟
هل قتل الجنرال ؟
إلى هنا نفتح صفحة أخرى.. بل صفحات ومجلدات لتقفي آثار حادث سير يبدو أنه دبر في الليل.. وفي اللحظة التي ننقض فيها الرواية الرسمية ؛ تسقط علينا الأسئلة زخات : من كان في مصلحته تغييب أحمد الدليمي من المشهد المغربي؟. نقف عند هذا الإستفهام لنطرق أبواب ماضي الدليمي.. حيث يشير البعض بأنه لم يكن يحبذ يوما سيطرة الفاسين (أبناء مدينة فاس) على المناصب المهمة في البلد منذ أن كان تلميذا في المدرسة العسكرية، ولم يكن على وفاق مع زملائه التلاميذ من أهل فاس.. وعندما كبر شأن الدليمي تشكلت له عقدة وحقد اتجاه هؤلاء الفاسين، فكان يذوقوا لبعضهم الإهانات، إلى درجة جعله يأمر الجنرال بناني وهو كذلك من النخبة الفاسية، بأن يحزم بالحزام ويرقص أمامه !. وكذلك بدله الفاسين المشاعر.. حتى بدأ الدليمي يشك في نزاهتهم، الشيء الذي جعله يكلف وحدة وحدة من المخابرات لتجسس على بعض الشخصيات، فجمع معلومات في غاية السرية، حتى توصل بأن عدة وزاء ورجال أعمال من مدينة فاس قد قاموا بتهريب مبالغ ضخمة خارج البلد، آنئذ سارع الدليمي وأعلم الملك الحسن الثاني عن ما قام به أبناء فاس، وبذلك ضغط الملك على هؤلاء فأرجعوا كل المبالغ المهربة وتم عقاب الكثير منهم.. فكان واضحا بأن بقاء الدليمي على قيد الحياة يشكل خطرا على النخبة الفاسية، ومن ضمنهم وزير الداخلية والرجل الصلد في البلد إدريس البصري؛ فسارع الفاسيين إلى حبك خيوط الموت والنيل من أحمد الدليمي.. فكان المشهد كما رويناه سلفا في حادث سير.
الرواية الثانية تضع أحمد الدليمي في ثوب النرجسية ، وبأن الرجل قد نال منه هذاء العظمة؛ فخيل له بأن شخصه هو الأمر الناهي في المملكة، وبالأخص بعد نجاحاته في ملف الصحراء؛ فبدأ يتأخر عن مواعده مع الملك أو يغيب حتى، ولم يعد ذلك العسكري الطائع للأوامر، وهو يخرج عن السرب رويدا روبدا.. الأمر الذي لم يعجب المقرابين من الملك فقرروا التخلص منه.
الرواية الثالثة تعيدنا إلى الماضي وزمن الانقلابات الفاشلة، ولم يخرج الجنرال أحمد الدليمي عن ملة من سبقوه، إلا أنه لم يصل إلى التنفيذ وضبط أثناء التخطيط؛ حيث إلتقطت له المخابرات الأمريكية شريطا مصورا أثناء تواجده بمدينة واشنطن رفقة معارضين مغاربة وهم بصدد قلب الحكم في المغرب.. حملت المخابرات الأمريكية الشريط المصور إلى الملك الحسن الثاني في حذر شديد كون الدليمي يملك شبكة معلوماتية رهيبة داخل أسوار المملكة.. الشريط كان دليل قاطع بتورط أحمد الدليمي في انقلاب جديد آت قريب.. وبذلك تم التخلص من الجنرال قبل أن يبدأ في تنفيذ مخطاطاته.
(كلمة)
كان أولهم محمد المذبوح برصاصة مجهولة، وفي مشهد هوليودي انتهى امحمد اعبابو، ثم تلاهم محمد أوفقير في ليلة مشهودة انصهر فيها الرجل الحديدي، فختمهم أحمد الدليمي.. هكذا تساقط الجنرالات كأوراق الخريف، وطرحت الصدور بنياشنها أرضا، في ظروف حكمها الالتباس وكثرة الإدعاءات.. فضاعت الحقيقة أو أبت التبيان وسط غابة القيل والقال.. من قتل من؟ سؤال ترك لتاريخ.
لم يكن أحمد الدليمي ليكون غير الدليمي الذي نعرفه.. رجل عسكري ترعرع في جو يفوح منه عبق الرصاص؛ وهذه الثمرة إنما من تلك الشجرة.. شجرة عساكر الرعب الذين تجرعوا من كأس القوة والجبروت حتى الثمالة؛ فانسلخوا من الإنسانية لأجل خدمة أهواءهم، أو تراهم كانوا أداة لتنفيذ، حتى تعبوا من أدوار الجلاد فأرادوا نهش لحم سيدهم ثم كان الذي كان، وانتهى بهم الحال إلى ألغاز وقضايا سينساها التاريخ اليوم أو غدا.