ولد القائد عيسى بن عمر العبدي سنة 1842 بدوار أولاد محمد ,قبيلة البحاترة منطقة عبدة , في سن الخامسة التحق بالكتاب القرآني و كان ينتمي إلى أسرة غنية و نافدة اشتهرت بالحكم و الجاه و المال ، مما جعله يتقن فنون الفروسية و الرماية و فنون القنص بالصقور ، و قد ساعده على ذلك وجود مدرسة خاصة لتعليم الرماية ببلاد ” حمر” و هي المدرسة الأولى من نوعها بالمغرب حيث تألق بالفنون الحربية و الرياضية . و في سن 21 عينه أخوه محمد بن عمر خليفة له و نائبا عنه عند غيبته لمدة 15 سنة. و بعد وفاة أخيه زكاه السلطان مولاي الحسن بظهير ليتولى القيادة. و قد قال عنه الصحافي الفرنسي ” اوجين لوبان ” بعد زيارة قام بها إلى عبدة سنة 1902، أن القائد عيسى بن عمر من أكبر رؤساء المغرب و أن عائلته توارت الحكم لمدة 60 سنة و أنه سيدا و قويا. و نظرا لصلابته و قوته و علو شأنه فإن السلطان مولاي عبد العزيز قد مده بظهير ليبسُط سلطته على “دكالة،حمر،الشياضمة” لتنضاف بطبيعة الحال إلى عبدة ،بل أكثر من ذلك أعطاه ظهائر موقعة على بياض لتكون له السلطة المطلقة في التعيين و العزل لجميع القياد التابعين لنفوده. وزادت سطوته بعد تعيينه وزيرا للخارجية من طرف السلطان مولاي حفيظ. و حسب بعض المصادر فإن القائد عيسى بن عمر كان يجالس العلماء و الفقهاء مجالسة تتخللها حوارات و نقاشات و تبادل الآراء في أمور الدين و الحكم و السياسة و من بين العلماء : أبي شعيب الدكالي ، الفقيه بن زروق الجرموني ، محمد بن سليمان العبدي و غيرهم. و قد عمرت قيادته 35 سنة، و 15 سنة خليفة قائد، أي ما مجموعه 50 سنة من الحكم نسجت حولها حكايات كثيرة جسد بعضها في الأعمال السينمائية ، فهناك من يصفه برجل المتناقضات ، و هناك من يصفه بالقائد القوي الذكي ، و هناك من يصفه بالمتجبر الماكر ، فقد وصفه ناظر أحباس آسفي آنذاك ب:القائد السفاح و الحجاج بن يوسف الثقافي الثاني. أما الشيخ العلامة سيدي المختار السوسي فقد قال عنه : و لا عيب فيه إلا كثرة الفتك بأهل قبيلته فما أسهل إزهاق الأرواح عنده في إشارة إلى ثورة: ” أولاد زيد” و هذا بيت القصيد. فلولا هذه القبيلة و ثورة أهلها لما اشتهر هذا القائد كل هذه الشهرة و السبب : ” حادة الزيدية” المشهورة ب : “خربوشة” ، هذه المناضلة التي وقفت شوكة في حلق أقوى قياد زمانه فالكثير من الناس يعتقدون أنها كانت (شيخة) تغني و ترقص في الأعراس و الحفلات. و الحقيقة ليست كذلك بل كانت مناضلة و شاعرة قبيلتها، تنظم الكلام لتشعل حماس الثوار و تحريضهم ضد بطش القائد و ظلمه و جبروته و قهره لقبيلة أولاد زيد التي تنتمي إليها حادة بعد أن استحود بالقوة على أراضيهم و ماشيتهم و تضييق الخناق عليهم ، فهرب من هرب منهم و انتفض من انتفض، فخرجت حادة و التحقت بصفوف الثوار و الإجتماع بهم خلسة آناء الليل لتؤجج حماسهم بشعرها و نظمها و من بين ما قالت:
أنا عبـــــــدة لــعبــــدة و لسي عيســـى لا و زيـــدوا آولاد زيـــد راه لحال باقي بعيد نـــــوضـــة نوضـــــة حتى لبولقـشـــــــور ضــــربة ضــــربــــة حتى لباب السي قدور بغـيت السيــــــبـــــــة ما بغـــيــت حـكــام من دابا تمن ايـــــــام عليك أعيسى الثمري سير آعيسى بن عمر آوكـال الجـــــــيـفـة آقتــــال خــــوتـــــــو آمــحـلـل لـــــحـرام سير عمَر الظالــــــم مايـــروح ســالــــم عمـــــَر العـــلفــــــة ماتـــزيـد بـلا علَام راه حلفت الجمـــعة مـــعا الــــثــــلات يا عـــــــويـــســـــى فـيـــك لابـــقــــات رغم كل ما قيل و يقال عن القائد السي عيسى العبدي فإن الكل قد أجمع بأنه كان رجلا وطنيا بدليل رفضه التعامل مع المستعمر و تخليه طواعية عن الحكم حيث صودرت جميع ممتلكاته و أمواله من طرف هذا المستعر و استقر بمدينة سلا و مات فقيرا لا يملك شيئا، أما المناضلة الزيدية فقد ماتت شامخة شهيدة بعد أن دُفنت حية و بُني عليها جدار قبل أن يتحول الجدار في هذا الزمان إلى بنك ” كيشي” يشتغل 24/24 ساعة لسحب الأموال من طرف المناضلات الوزيرات و وكيلات اللوائح و البرلمانيات و رئيسات المقاطعات و هذا هو حال الدنيا لأن النضال ” فيه او فيه ” و التاريخ أصدق شاهد . مولاي احمد بلبهلول .
لست ربوت