العمود الصحفي : بحث عن أنواعه ، كتابته ، خصائصه

إعلان الرئيسية

الصفحة الرئيسية العمود الصحفي : بحث عن أنواعه ، كتابته ، خصائصه

العمود الصحفي : بحث عن أنواعه ، كتابته ، خصائصه

تعريف العمود الصحفي


العمود الصحفي هو عبارة عن انطباع وحديث شخصي يومي أو أسبوعي لكاتب يوقع باسمه . ولفظ العمود مستعار من التسمية الإنجليزية column التي تفيد نوعا من الكتابة التي ترد شكلا على هيئة عمود من الأعمدة التي تتألف منها صفحات الجرائد .
والعمود الصحفي يمثل فكرة أو رأيا للكاتب حول واقعة أو ظاهرة اجتماعية ، أو سياسية أو ثقافية . ذلك أن الغاية الأساسية من هذا الفن المقالي هي ربط القارئ بالكاتب و الصحيفة أو الجريدة .

متى ظهر العمود الصحفي في الصحافة العربية ؟


يرى الباحثون أن العمود الصحفي حديث العهد نسبيا ، ويرجحون ظهوره في أوائل القرن العشرين بمصر ، فقد جاء هذا الفن الصحفي استجابة للتجاوب بين الصحافة وطبقات الشعب المصري بعد ثورة 1919 . وكان مرآة تعكس الحياة الاجتماعية لمختلف طبقات الشعب ، مسلطا الضوء على كافة القضايا ( السياسية و الاجتماعية و الاقتصادية …. ) التي تشغل بالهم وأفكارهم بأسلوب يلامس عواطفهم .
وهو على رأي عميد الأدب طه حسين ، يحقق الصلة بين ” الشعب وحياته الواقعة العامة ” ، وهذه الحياة الواقعة ” شعبية أو تريد أن تكون شعبية لا يستأثر بها فريق من الناس دون فريق ” . 

أنواع العمود الصحفي


يتوزع العمود الصحفي إلى صنفين :

1 – الافتتاحية

الإفتتاحية تكون عبارة عن رأي مؤطر وموجز . وهذا النوع شائع جدا في الصحافة العربية و يحتل مساحة و مكانة كبيرة فيها ؛ وهو يميل إلى جنس المقال الإخباري حيث يتناول قضايا و موضوعات سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية ضمن رأي موجز ونظرة تحليلية مركزة لكن يحيط بجميع التفاصيل المتعلقة بموضوع المقال ، ويستدعي هذا النوع التمرس بالكتابة الصحفية ، وامتلاك رؤية واسعة لواقع الحدث .
مثال :
عنوان المقال الافتتاحي : في الإعلام والمحنة ( بجريدة الصباح الجديد العراقية للكاتب إسماعيل زاير  ) .
من يتابع حركة شبكة الإعلام العراقي اليوم ، يجد أنها تختلف كثيرا عن السابق ، ولسنا نريد هنا المقارنة بين أشخاص تولوا العمل في هذه الشبكة ، فلكل أسلوبه وخطته في العمل ، بل ورؤيته له ، و إنما نريد تأشير أمر غاية في الأهمية ، يتمثل بالتفاعل مع الأحداث والتعامل مع التحولات التي باتت سريعة ومتلاحقة ، وبما يجعل أجهزة الإعلام والوكالات أمام واحد من أمرين لا خيار ثالث معهما ، النجاح أو الفشل ، سيما وأن واقع العراق يختلف عن غيره في أي من بلدان العالم .
ثمة في العراق اليوم أحزاب وكتل سياسية متنافرة ، وثمة فيه أيضا أحزاب وحركات دينية إذا نظرت اليها من الخارج ، تجد أنها تنطلق من منطلق واحد ، لكنك إذا تفحصت توجهاتها من الداخل ، لا تجدها متنافرة وحسب ، وإنما تبلغ في بعض الحالات ، حد العدائية .
…………. إلى آخر المقال .

2 – الكاريكاتور المحرر

يعد هذا النوع أكثر تمردا من الأول ، و يقوم على تسويق انفعالات الكاتب وتصوير أفكاره التي تعالج قضايا المجتمع بأسلوب يختلف بين السخرية والتداعي الحر والمفاجأة . لكن نهاية العمود تظل العلامة البارزة فيه ، إن أفلح فيها الصحفي استقام عكسيا معنى ( أو معاني ) النص المقترح للقراءة ، وإن لم يستقم ، ظهرت هشاشة العمود وانهار صرحه .
ومن هنا ندرك أهمية مقولة ” العمود الصحفي نهايته ” . ويتم إخفاء هذه النهاية عن القارئ من أجل قدح شرارة التشويق .
مثال :
مقال بعنوان : ضربني وبكى ( رشيد نيني من جريدة الأخبار المغربية ) .
عِوَض تبني مقترح إيطاليا بتوزيع المهاجرين الأفارقة على مجموع الدول الأوربية ، اقترح هؤلاء إنشاء مراكز لإيوائهم في المغرب وتونس ، طبعا المغرب رفض هذه الفكرة ، وهذا من حقه ، لأن الموضوع ينطوي على نفاق وخبث كبيرين ، خصوصا إذا عرفنا أن البلدان الست الأكثر فقرا في العالم تؤوي 51 بالمائة من اللاجئين في حين أن البلدان الست الأكثر غنى في العالم لا تؤوي سوى 5 بالمائة .
ويبقى أفضل جواب عن هذه الدراما الإنسانية التي يشاهدها العالم في نشرات الأخبار حيث تطفو جثث المهاجرين واللاجئين على مياه الشواطئ الأوربية هو ما قالته المغنية الأفريقية أنجيليك كيدجو في بلاطو برنامج ” On n’est pas couché ” على القناة الفرنسية الثانية عندما قالت لزعيم حركة ” انهضي فرنسا ” نيكولا ديبون ، الذي قال إن فرنسا ليست مسؤولة عن مآسي إفريقيا ، إن الحل لوقف زحف المهاجرين واللاجئين الأفارقة نحو فرنسا هو أن تتوقف هذه الأخيرة عن بيع الأسلحة للأنظمة الديكتاتورية بإفريقيا والتوقف عن مساندة الزعماء الأفارقة الدمويين والمستبدين مقابل تغاضيهم عن نهب فرنسا لثروات بلدانهم .
وعندما أشاهد هذا الزحف الكبير على أوربا من طرف مئات المهاجرين واللاجئين يوميا ، أقول إن آخر من يحق له أن يشتكي من هذا الاجتياح هم الأوربيون أنفسهم . 
…………… إلى آخر المقال .

سمات كاتب العمود الصحفي


إن كاتب العمود الصحفى شخص متميز باستعداده أن يعرب عن رأيه في كل المواضيع المثارة . والتصاق العمود بالأحداث الجارية مع إهمال المرجعيات ، والتوثيق بالتواريخ والأمكنة ، والإشارة الصحيحة إلى المواضيع المطروقة يجعل العمر الافتراضي للعمود الصحفي قصيرا جدا ، مقارنة مع بقية الأجناس الصحفية و أنواع المقالات الأخرى .

كيفية كتابة العمود الصحفي


يتميز تحرير العمود الصَّحفي ” بخفة الدم ” ، وهي الوسيلة التي يمكنها أن تجذب القارئ لإقناعه بعبرة يستشفها هو نفسه من خلال الأسلوب القويم ، والبناء المختزل للعمود .
وقد يبتسم القارئ أثناء قراءة العمود ، وهذا ما يعدّه لالتقاط الدرس دون كبير ممانعة . والعمود عدو الأفكار الجاهزة . وصعوبته التي تخلق كذلك سر قوته – تجعل منه جنسا صحفيا غير سهل وممتنع إلا لدى قلة تتفق ملكاتها الشعورية والفكرية والأسلوبية مع هيئته الرشيقة والنافذة في نفس الآن .
ويراعى في اختيار عنوان موضوع العمود الصحفي أن يعتمد كاتبه على الإيماء ، والغمز ، والتلميح ، وعنوان العمود الصحفي هو الوحيد الذي لا يمكن إدراك مراميه إلا بالرجوع إلى نص المقال .

ما هي خصائص العمود الصحفي ؟


1 – ينطبع بشخصية كاتبه ونظرته للأمور .
2 – يتميز بالاختزال والاقتصاد في الكلام .
3 – يميل إلى السخرية ، و بطريقة استعمال كاتبه للتورية ، والغمزات ، والإشارات الرامزة .
4 – السخرية فيه وسيلة وليس غاية .
5 – مساحة تعبيريته مرتفعة .
6 – يشتغل بشكل يقوم على تداعي و تطوير الأفكار والإدهاش و التساؤلات .
7 – ” العمود الصحفي نهايته ” ، ويكون بناء هذه النهاية عبر إتقان عنصر المفاجأة .
8 – ينأى عن الرأي المباشر والأفكار الجاهزة .

التصنيفات:
تعديل المشاركة
Back to top button