شهر رمضان فضّل الله -تعالى- شهر رمضان على سائر الشهور، فرمضان شهر القرب من الرحمن، والعتق من النيران، وفيه نزل القرآن الكريم على نبي الرحمة محمّدٍ صلّى الله عليه وسلّم، كما وصفه الله تعالى بقوله: (أَيَّامًا مَّعْدُودَاتٍ فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ)،[١] فرمضان ضيفٌ عزيزٌ تمضي أيامه مُسرعةً، والفائز من أحسن استقباله، فقد كان النبي -صلّى الله عليه وسلّم- يستبشر ويُهنئ أصحابه لقدومه، ففيه تُفتح أبواب الجنة وتُغلق أبواب جهنم وتُصفّد الشياطين، وقضى الله -تعالى- أن يضم هذا الشهر بين لياله المباركة ليلة القدر، وهي خير الليالي على الإطلاق؛ لأنّ فيها عتقٌ من النيران، ويتفاوت الناس في استعدادهم لهذا الشهر الفضيل، فمنهم من لا يُبالي أدخل الشهر أم لا، ويمضي الشهر كسائر أيامه، فلا يكترث للصلاة والتوبة، فيعدّ مُفرطٌ وخاسرٌ ولا يجني من تقصيره إلّا الندم، ومن الناس من يتهلّل لقدوم الشهر، فيُقبل على الطاعات بشوقٍ كبيرٍ، ويُعدّ نفسه للتعرّض لنفحاته وبركاته بنيةٍ صادقةٍ وقلبٍ سليمٍ لا يُخالطه الحقد والحسد، مع استشعار أنّ هذا الشهر هبة الله -تعالى- المستوجبة للشكر من عباده، فالله -تعالى- غنيٌ عن عباده، وهم الفقراء إليه العاكفين على أعتابه لنيل رحمته.[٢] أفضل العبادات في رمضان رمضان شهرٌ تطيب فيه القلوب، ومع أول ليلةٍ من لياليه تعمّ السكينة في كلّ مكانٍ، يقول النبي صلّى الله عليه وسلّم: (إذا كانَ أوَّلُ ليلةٍ من شَهْرِ رمضانَ: صُفِّدَتِ الشَّياطينُ ومرَدةُ الجنِّ، وغُلِّقَت أبوابُ النَّارِ فلم يُفتَحْ منها بابٌ، وفُتِّحَت أبوابُ الجنَّةِ فلم يُغلَقْ منها بابٌ، ويُنادي مُنادٍ يا باغيَ الخيرِ أقبِلْ، ويا باغيَ الشَّرِّ أقصِرْ وللَّهِ عُتقاءُ منَ النَّارِ، وذلكَ كلُّ لَيلةٍ)،[٣] وفي هذا النداء فرصةٌ للتائبين الطامعين برضا الله -تعالى- والتلذّذ بمناجاته، فقد كان ابن عمر -رضي الله عنهما- إذا دخل شهر الصيام أقبل على مسجد رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- فلا يزال قائماً فيه يُصلي حتى يطلع الفجر، كما كان لا يُفطر إلّا مع اليتامى والمساكين، وكان للسلف الصالح في شهر رمضان عنايةٌ كبيرةٌ بالقرآن الكريم، فيُقبلون عليه تلاوةً وتدبراً وحفظاً، فهذا مالك بن أنس -رضي الله عنه- كان كثير الذهاب إلى مجالس العلم، فإذا دخل رمضان فرّ من مجالس العلم إلى كتاب الله،[٤] ومن الأعمال الصالحة التي يجدر بالمسلمين الحرص عليها في شهر رمضان:[٥] الصيام: حيث أضاف الله -تعالى- الصيام لنفسه، ولم يُطلع عباده على أجره، كما للصائم فرحتان؛ فرحةٌ عند فطره، وفرحةٌ عند لقاء الله تعالى، ولا ينحصر الصيام بالامتناع عن الطعام والشراب كما هو حال أغلب الناس، فالصيام يشمل على صيام جميع الجوارح عن المحرّمات، فعليه أن يحفظ بصره، وسمعه، ولسانه، وسائر جوارحه عن كلّ ما يُغضب الله تعالى. قيام الليل: يُحسن بالمؤمنين التزوّد من قيام الليل في رمضان، فقد حرص النبي -صلّى الله عليه وسلّم- عليه، وكذلك صحابته من بعده. الصدقة: فقد عُرف النبي -صلّى الله عليه وسلّم- بالجود والكرم، فكان كالريح المُرسلة، وكان أجود ما يكون في رمضان، وللصدقة صورٌ كثيرةٌ؛ منها: إطعام الطعام، وتفطير الصائمين خاصةً الفقراء والإخوة الصالحين؛ لقول النبي صلّى الله عليه وسلّم: (من فطَّر صائماً كان له مثلُ أجره، غير أنه لا ينقصُ من أجر الصائمِ شيئًا).[٦] قراءة القرآن الكريم: حيث يُستحبّ الإكثار من قراءة القرآن في رمضان، فقد كان عثمان بن عفان -رضي الله عنه- يختم القرآن كلّ يومٍ مرّةٍ في شهر رمضان، ومن السلف من كان يختمه كلّ ثلاث ليالٍ، ولم تكن قراءتهم خاليةٌ من التدبّر، بل كانت تزيدهم إيماناً وخشيةً من الله تعالى. البقاء في المسجد إلى طلوع الشمس: فقد كان النبي -صلّى الله عليه وسلّم- إذا صلّى الفجر لم يُغادر المسجد إلى حين طلوع الشمس، ويجدر بالمسلم الاقتداء بالنبي، وتحصيل الأجر من الله. الاعتكاف: ويشتمل الاعتكاف على العديد من الطاعات؛ منها: تلاوة القرآن الكريم، ومناجاة الله تعالى، والاعتكاف وهو لُزوم المسجد والإقامة فيه والعبادة؛ للوصول الى رضا الله تعالى، والاعتكاف سنةٌ عن النبي صلّى الله عليه وسلّم، فقد كان يعتكف في العشر الأواخر من رمضان، وينتقل الحكم إلى الوجوب في النذر. صلة الأرحام: فقد ربط الله -تعالى- طول العمر وسعة الرزق بصلة الرحم، كما أنّها من أعظم الأخلاق التي حثّ عليها الإسلام، وحذّر من عدم القيام بها. الإكثار من ذكر الله تعالى: والذكر من أيسر العبادات المُوصلة إلى رضا الله تعالى، مع الحرص على الدعاء في الثلث الأخير من الليل، وعند الإفطار. فوائد الصيام للصيام العديد من الفوائد التي تتعلّق بالجانب الروحي والاجتماعي والصحي، أمّا على الصعيد الروحي؛ فالصوم يُعين على الصبر، ويرفع إرادة الإنسان عند امتناعه عن الطعام والشراب في نهار رمضان؛ لأنّ الإكثار من الشهوات يحول بين العبد وبين ذكر الله تعالى، ممّا يؤدي به إلى الغفلة، وتظهر الفوائد الاجتماعية في انتشار روح الرحمة بين المسلمين، فيستشعر الغني نعم الله عليه، ويتذكّر من مُنعوا عن الطعام والشراب لفقرهم وقلّة حيلتهم، فيبادر إلى شكر الله -تعالى- على نعمه ومساعدة الفقراء والمُحتاجين، كما أثبت العلم أنّ الصيام يعمل على تطهير الأمعاء، وتنظيف الجسم من الفضلات ويُخلّص الجسم من الشحوم.[٧] المراجع ↑ سورة البقرة، آية: 184. ↑ أنور القيسي (26-7-2011)، "شهر رمضان"، islamstory.com، اطّلع عليه بتاريخ 17-12-2018. بتصرّف. ↑ رواه الألباني، في صحيح الترمذي، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 682، صحيح. ↑ محمد العتيبي (3-8-2011)، "أقبلت يا رمضان"، islamstory.com، اطّلع عليه بتاريخ 17-12-2018. بتصرّف. ↑ عبد الله الصالح، "خير الأعمال في رمضان"، saaid.net، اطّلع عليه بتاريخ 17-12-2018. بتصرّف. ↑ رواه الترمذي، في سنن الترمذي، عن زيد بن خالد الجهني، الصفحة أو الرقم: 807، حسن صحيح. ↑ دار القاسم (8-10-2014)، "رمضان.. فضائله، أركانه، فوائده، سننه ومكروهاته "، ar.islamway.net، اطّلع عليه بتاريخ 18-12-2018. بتصرّف.
بواسطة:
بواسطة: